logo
"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية

"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية

العربي الجديدمنذ 11 ساعات

مساء يوم الجمعة 24 يناير/كانون الثاني 2025، انتشرت على صفحات "فيسبوك" شائعةٌ حول عودة
ماهر الأسد
، شقيق
بشار الأسد
، إلى سورية. ترافقت هذه الشائعة بعدد آخر من الأكاذيب حول دعم روسي لهذه العودة، وتنسيق مع السعودية بغرض الاستيلاء على السلطة في سورية. تبين خلال 48 ساعة، أنه لا أساس نهائياً لأي من هذه الأخبار، لكن حالة من التوتر والحذر والتحفز، كانت خُلقت وتعزّزت وتراكمت تدريجياً.
لم يمض وقت طويل حتى تحولت "الفوضى الافتراضية" على "فيسبوك"، إلى فوضى فعلية على الأرض، وقودها الناس والحجارة. بدأت الفوضى باعتداءات وقعت على حواجز ودوريات الأمن العام، موقعةً عدداً كبيراً من الضحايا تجاوز الـ100 خلال أيام قليلة، وتبعتها انتهاكات ومجازر ارتكبتها فصائل أودت بحياة 1676 ضحية مسجلة في
الساحل السوري
، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، والتي ما تزال لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس السوري أحمد الشرع تحقق فيها، ولم تعلن نتائجها حتى اللحظة، ومُدّد عملها ثلاثة أشهر إضافية.
خلال مرحلة التوتر القصوى التي عاشها الساحل السوري في الأسبوعين الأولين من مارس/آذار الماضي، انتشر على "فيسبوك" كم هائل من الفيديوهات والصوتيات والصور حول الجرائم، جزء منها ينقل تلك الجرائم فعلاً بما فيها عمليات التحريض والشحن الطائفي، وجزء آخر يعود إلى فترات زمنية سابقة، وأحياناً إلى أماكن خارج سورية، رُوّجتْ على أنها حديثة.
محاولة الربط بين الفوضى الواقعية التي جرت على الأرض السورية، والفوضى الإلكترونية على "فيسبوك"، ليس من باب "نظرية المؤامرة"، أو من باب القول إن المعركة الافتراضية تحولت إلى معركة واقعية من دون وجود أسس واقعية عديدة لتلك المعركة؛ ولكنها محاولة لقراءة دور "فيسبوك" في ما جرى.
"لا أستطيع أن أتخيل حجم البارانويا التي ستصيبنا لو بدلاً من صوت الشكوى المبتذلة التي اعتدناها [على فيسبوك]، فجأة... ملأ آذاننا صمت مريب". بهذه الجملة، يختم محمد أنديل واحدة من حلقات برنامجه "أخ كبير"، بعنوان "فيمَ تفكر؟" (نُشرت عام 2019)، ويعالج فيها دور وسائل التواصل الاجتماعي عموماً، و"فيسبوك" خصوصاً، في الثورة المصرية، وفي تطور الأوضاع اللاحقة في مصر، والتي يكشف فيها بسخرية (وجدية أيضاً)، كيفية تحول "فيسبوك" من أداة للتمرد ولتلاقي الراغبين في التغيير مع انطلاق ثورات الربيع العربي، إلى جزء من أدوات الرقابة والقمع والتأطير، إلى جزء من النظام العام الحاكم، محلياً ودولياً.
ورغم أن ما طرحه أنديل وغيره في ذلك التاريخ، ما يزال صحيحاً إلى هذا الحد أو ذاك، لكن المثال السوري، خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية بعد سقوط الأسد، يشير إلى أن الأدوار التي يمكن أن يلعبها "فيسبوك" أكبر وأخطر بمراحل.
نركز على "فيسبوك" ضمن المثال السوري، لأنه موقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً بين السوريين، وفقاً لموقع gs.statcounter.com؛ فإن استخدام السوريين لمنصات التواصل الاجتماعي في مارس/آذار 2025، توزع كالآتي: 83.15% "فيسبوك"، و9.87% "إنستغرام"، و4.49% "يوتيوب"، و1.72% "إكس". ومن المعلوم أن "إنستغرام" بات ملكية لشركة ميتا العملاقة نفسها التي تملك "فيسبوك"، ومن غير المستغرب تالياً أن يستخدم خوارزميات مشابهة لتلك المستخدمة في "فيسبوك"، ما يعني أن ما يزيد عن 93% من استخدام السوريين لوسائل التواصل الاجتماعي، يخضع لخوارزميات مالك واحد هو "ميتا".
تربط العديد من الدراسات الحديثة بين الخوارزميات التي يطبقها "فيسبوك" وبين ارتفاع مستوى السلبية وخطاب الكراهية والتحريض على العنف ضمن المنصة. في دراسة أجرتها جامعة كولومبيا الأميركية عام 2023، تمت معاينة مثال ميانمار، وأُثبت أن خوارزميات "فيسبوك" أسهمت في تأجيج عمليات التحريض والعنف.
تتضمن الخوارزميات مجموعة من المعايير والتفضيلات التي تعزز من ظهور منشورات معينة وتقلل من ظهور أخرى. بين المعايير المعروفة، مستوى التفاعل، خاصة عبر التعليقات. المشكلة التي يخلقها هذا المعيار، هي أنه يدفع إلى الأعلى وآلياً كل المنشورات المثيرة للجدل وذات الطابع الحاد والاستقطابي والعنيف والتحريضي أيضاً، لأن هذا النوع من المنشورات يحوز عادة تفاعلاً كبيراً. لا تقف المشكلة عند حدود منشورات "الرأي" إنْ جازت التسمية، التي تتضمن آراء عنيفة وحادة، بل تتعداها لتشمل الأخبار الزائفة التي يمكنها أن تثير القلق والرعب، خاصة في حالات الاقتتال الأهلي الداخلي، وحالات الاحتقان الطائفي والديني والقومي، ما يمكن أن ينتج جرائم حقيقية على أرض الواقع، بوصفها ردة فعل على جرائم مزيفة تم تداولها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بين الآليات الأخرى المعروفة ضمن خوارزميات "فيسبوك"، وتساهم في تعزيز الاستقطاب، الآلية المسماة "فلتر الفقاعة" (Bubble Filter). باختصار، تحبس الخوارزميات كلَّ مستخدم لـ"فيسبوك" ضمن فقاعة معينة على أساس تحليلها لمنشوراته واهتماماته وآرائه، فيعيش ضمن حلقة معزولة نسبياً مليئة بالآراء المشابهة لرأيه، ما يعزز من اعتقاده بصحة آرائه ورفضه للآراء الأخرى، بل الوصول إلى حد اعتبارها غير موجودة أساساً. هذه الآلية تسمى أيضاً غرفة الصدى (Echo Chamber)، إذ يسمع المستخدم صدى آرائه نفسها، عبر منشورات لآخرين تتطابق مع رأيه، يختارها "فيسبوك" ليظهرها أمامه على الصفحة الرئيسية.
إعلام وحريات
التحديثات الحية
الغموض الإعلامي في سورية... من يوثق المجازر؟
محاولة البحث عن كيفية تأثير الخوارزميات التي يعتمدها "فيسبوك" على طبيعة التفاعل وطبيعة المنشورات الرائجة، قد يوقع الإنسان في وهم مفاده أن الخوارزمية التي يصنعها بالأساس مهندسون بشريون، تصبح هي نفسها المتحكم المطلق الصلاحية بعد وضعها في التطبيق. المقارنة بين المثال الفلسطيني والسوري، تكفي لدحض هذا الوهم؛ حين كان الأمر متعلقاً بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين واللبنانيين، فإن "فيسبوك" كان جاهزاً لتشغيل الخوارزمية لتتحسس أي منشور يتناول الموضوع، سواء كان كتابة أم فيديو أم صورة، ويقيّمه سريعاً، وفي حال كان "مخالفاً للمعايير"، أي معادياً لإسرائيل، يُقيّد وصوله أو يُحذف، ويُعاقب صاحب الحساب ضمن سلسلة من العقوبات المتصاعدة التي قد تصل إلى إلغاء الحساب نهائياً.
في الحالة السورية، خاصة خلال فترة المجازر في الساحل السوري في شهر مارس الماضي، سمح "فيسبوك" بنشر فيديوهات تتضمن مشاهد قتل دموية وتعذيب وإذلال وخطابات طائفية وخطابات كراهية وتحريض. باختصار، فقد سمحت المنصة الزرقاء بنشر محتوى يتضمن كل أنواع المخالفات المفترضة في "معايير مجتمع فيسبوك"، وأغمضت الخوارزمية عينيها تماماً، ولم تتدخل بأي شكل من الأشكال في منع نشر خطابات الكراهية، بل بقيت الآليات الترويجية ضمن الخوارزمية فعالةً بالطريقة المعتادة نفسها؛ أي إن "فيسبوك" لم يكتف بعدم منع فيديوهات العنف الدموي في الساحل السوري مثلاً، بل سمح بترويجها وانتشارها نتيجةً للتفاعل العالي معها.
بدأت صفحات سورية كثيرة في الأسابيع الأخيرة، بإغلاق إمكانية التعليق على منشوراتها، رغم أن هذا الأمر يضر كثيراً بمدى رواج ووصول منشورات تلك الصفحات. ولكن هذا الأمر جاء تعبيراً عن أن الاستقطاب والتخوين ولغة الكراهية التي تسود في التعليقات قد وصلت إلى حدود لا تطاق، وإلى حدود يصبح فيها من يفتح منشوراته للتعليق مسؤولاً أمام ضميره وأمام أبناء بلده عن المساهمة في تأجيج الكراهية، فضلاً عن التدخلات الإسرائيلية الإلكترونية المكشوفة وغير المكشوفة، التي تنشط كثيراً في الدفع نحو تحريض السوريين بعضهم ضد بعض على أسس طائفية ودينية وقومية. بناء على ذلك كله، يمكن، من دون تردد كبير، أن نصنف "فيسبوك" بوصفه واحداً من أخطر أعداء السوريين، بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم وآرائهم السياسية والفكرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية
"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية

العربي الجديد

timeمنذ 11 ساعات

  • العربي الجديد

"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية

مساء يوم الجمعة 24 يناير/كانون الثاني 2025، انتشرت على صفحات "فيسبوك" شائعةٌ حول عودة ماهر الأسد ، شقيق بشار الأسد ، إلى سورية. ترافقت هذه الشائعة بعدد آخر من الأكاذيب حول دعم روسي لهذه العودة، وتنسيق مع السعودية بغرض الاستيلاء على السلطة في سورية. تبين خلال 48 ساعة، أنه لا أساس نهائياً لأي من هذه الأخبار، لكن حالة من التوتر والحذر والتحفز، كانت خُلقت وتعزّزت وتراكمت تدريجياً. لم يمض وقت طويل حتى تحولت "الفوضى الافتراضية" على "فيسبوك"، إلى فوضى فعلية على الأرض، وقودها الناس والحجارة. بدأت الفوضى باعتداءات وقعت على حواجز ودوريات الأمن العام، موقعةً عدداً كبيراً من الضحايا تجاوز الـ100 خلال أيام قليلة، وتبعتها انتهاكات ومجازر ارتكبتها فصائل أودت بحياة 1676 ضحية مسجلة في الساحل السوري ، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، والتي ما تزال لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس السوري أحمد الشرع تحقق فيها، ولم تعلن نتائجها حتى اللحظة، ومُدّد عملها ثلاثة أشهر إضافية. خلال مرحلة التوتر القصوى التي عاشها الساحل السوري في الأسبوعين الأولين من مارس/آذار الماضي، انتشر على "فيسبوك" كم هائل من الفيديوهات والصوتيات والصور حول الجرائم، جزء منها ينقل تلك الجرائم فعلاً بما فيها عمليات التحريض والشحن الطائفي، وجزء آخر يعود إلى فترات زمنية سابقة، وأحياناً إلى أماكن خارج سورية، رُوّجتْ على أنها حديثة. محاولة الربط بين الفوضى الواقعية التي جرت على الأرض السورية، والفوضى الإلكترونية على "فيسبوك"، ليس من باب "نظرية المؤامرة"، أو من باب القول إن المعركة الافتراضية تحولت إلى معركة واقعية من دون وجود أسس واقعية عديدة لتلك المعركة؛ ولكنها محاولة لقراءة دور "فيسبوك" في ما جرى. "لا أستطيع أن أتخيل حجم البارانويا التي ستصيبنا لو بدلاً من صوت الشكوى المبتذلة التي اعتدناها [على فيسبوك]، فجأة... ملأ آذاننا صمت مريب". بهذه الجملة، يختم محمد أنديل واحدة من حلقات برنامجه "أخ كبير"، بعنوان "فيمَ تفكر؟" (نُشرت عام 2019)، ويعالج فيها دور وسائل التواصل الاجتماعي عموماً، و"فيسبوك" خصوصاً، في الثورة المصرية، وفي تطور الأوضاع اللاحقة في مصر، والتي يكشف فيها بسخرية (وجدية أيضاً)، كيفية تحول "فيسبوك" من أداة للتمرد ولتلاقي الراغبين في التغيير مع انطلاق ثورات الربيع العربي، إلى جزء من أدوات الرقابة والقمع والتأطير، إلى جزء من النظام العام الحاكم، محلياً ودولياً. ورغم أن ما طرحه أنديل وغيره في ذلك التاريخ، ما يزال صحيحاً إلى هذا الحد أو ذاك، لكن المثال السوري، خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية بعد سقوط الأسد، يشير إلى أن الأدوار التي يمكن أن يلعبها "فيسبوك" أكبر وأخطر بمراحل. نركز على "فيسبوك" ضمن المثال السوري، لأنه موقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً بين السوريين، وفقاً لموقع فإن استخدام السوريين لمنصات التواصل الاجتماعي في مارس/آذار 2025، توزع كالآتي: 83.15% "فيسبوك"، و9.87% "إنستغرام"، و4.49% "يوتيوب"، و1.72% "إكس". ومن المعلوم أن "إنستغرام" بات ملكية لشركة ميتا العملاقة نفسها التي تملك "فيسبوك"، ومن غير المستغرب تالياً أن يستخدم خوارزميات مشابهة لتلك المستخدمة في "فيسبوك"، ما يعني أن ما يزيد عن 93% من استخدام السوريين لوسائل التواصل الاجتماعي، يخضع لخوارزميات مالك واحد هو "ميتا". تربط العديد من الدراسات الحديثة بين الخوارزميات التي يطبقها "فيسبوك" وبين ارتفاع مستوى السلبية وخطاب الكراهية والتحريض على العنف ضمن المنصة. في دراسة أجرتها جامعة كولومبيا الأميركية عام 2023، تمت معاينة مثال ميانمار، وأُثبت أن خوارزميات "فيسبوك" أسهمت في تأجيج عمليات التحريض والعنف. تتضمن الخوارزميات مجموعة من المعايير والتفضيلات التي تعزز من ظهور منشورات معينة وتقلل من ظهور أخرى. بين المعايير المعروفة، مستوى التفاعل، خاصة عبر التعليقات. المشكلة التي يخلقها هذا المعيار، هي أنه يدفع إلى الأعلى وآلياً كل المنشورات المثيرة للجدل وذات الطابع الحاد والاستقطابي والعنيف والتحريضي أيضاً، لأن هذا النوع من المنشورات يحوز عادة تفاعلاً كبيراً. لا تقف المشكلة عند حدود منشورات "الرأي" إنْ جازت التسمية، التي تتضمن آراء عنيفة وحادة، بل تتعداها لتشمل الأخبار الزائفة التي يمكنها أن تثير القلق والرعب، خاصة في حالات الاقتتال الأهلي الداخلي، وحالات الاحتقان الطائفي والديني والقومي، ما يمكن أن ينتج جرائم حقيقية على أرض الواقع، بوصفها ردة فعل على جرائم مزيفة تم تداولها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي. بين الآليات الأخرى المعروفة ضمن خوارزميات "فيسبوك"، وتساهم في تعزيز الاستقطاب، الآلية المسماة "فلتر الفقاعة" (Bubble Filter). باختصار، تحبس الخوارزميات كلَّ مستخدم لـ"فيسبوك" ضمن فقاعة معينة على أساس تحليلها لمنشوراته واهتماماته وآرائه، فيعيش ضمن حلقة معزولة نسبياً مليئة بالآراء المشابهة لرأيه، ما يعزز من اعتقاده بصحة آرائه ورفضه للآراء الأخرى، بل الوصول إلى حد اعتبارها غير موجودة أساساً. هذه الآلية تسمى أيضاً غرفة الصدى (Echo Chamber)، إذ يسمع المستخدم صدى آرائه نفسها، عبر منشورات لآخرين تتطابق مع رأيه، يختارها "فيسبوك" ليظهرها أمامه على الصفحة الرئيسية. إعلام وحريات التحديثات الحية الغموض الإعلامي في سورية... من يوثق المجازر؟ محاولة البحث عن كيفية تأثير الخوارزميات التي يعتمدها "فيسبوك" على طبيعة التفاعل وطبيعة المنشورات الرائجة، قد يوقع الإنسان في وهم مفاده أن الخوارزمية التي يصنعها بالأساس مهندسون بشريون، تصبح هي نفسها المتحكم المطلق الصلاحية بعد وضعها في التطبيق. المقارنة بين المثال الفلسطيني والسوري، تكفي لدحض هذا الوهم؛ حين كان الأمر متعلقاً بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين واللبنانيين، فإن "فيسبوك" كان جاهزاً لتشغيل الخوارزمية لتتحسس أي منشور يتناول الموضوع، سواء كان كتابة أم فيديو أم صورة، ويقيّمه سريعاً، وفي حال كان "مخالفاً للمعايير"، أي معادياً لإسرائيل، يُقيّد وصوله أو يُحذف، ويُعاقب صاحب الحساب ضمن سلسلة من العقوبات المتصاعدة التي قد تصل إلى إلغاء الحساب نهائياً. في الحالة السورية، خاصة خلال فترة المجازر في الساحل السوري في شهر مارس الماضي، سمح "فيسبوك" بنشر فيديوهات تتضمن مشاهد قتل دموية وتعذيب وإذلال وخطابات طائفية وخطابات كراهية وتحريض. باختصار، فقد سمحت المنصة الزرقاء بنشر محتوى يتضمن كل أنواع المخالفات المفترضة في "معايير مجتمع فيسبوك"، وأغمضت الخوارزمية عينيها تماماً، ولم تتدخل بأي شكل من الأشكال في منع نشر خطابات الكراهية، بل بقيت الآليات الترويجية ضمن الخوارزمية فعالةً بالطريقة المعتادة نفسها؛ أي إن "فيسبوك" لم يكتف بعدم منع فيديوهات العنف الدموي في الساحل السوري مثلاً، بل سمح بترويجها وانتشارها نتيجةً للتفاعل العالي معها. بدأت صفحات سورية كثيرة في الأسابيع الأخيرة، بإغلاق إمكانية التعليق على منشوراتها، رغم أن هذا الأمر يضر كثيراً بمدى رواج ووصول منشورات تلك الصفحات. ولكن هذا الأمر جاء تعبيراً عن أن الاستقطاب والتخوين ولغة الكراهية التي تسود في التعليقات قد وصلت إلى حدود لا تطاق، وإلى حدود يصبح فيها من يفتح منشوراته للتعليق مسؤولاً أمام ضميره وأمام أبناء بلده عن المساهمة في تأجيج الكراهية، فضلاً عن التدخلات الإسرائيلية الإلكترونية المكشوفة وغير المكشوفة، التي تنشط كثيراً في الدفع نحو تحريض السوريين بعضهم ضد بعض على أسس طائفية ودينية وقومية. بناء على ذلك كله، يمكن، من دون تردد كبير، أن نصنف "فيسبوك" بوصفه واحداً من أخطر أعداء السوريين، بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم وآرائهم السياسية والفكرية.

"أمن الدولة" المصرية تستدعي رشا قنديل للتحقيق في قضية غير معلنة
"أمن الدولة" المصرية تستدعي رشا قنديل للتحقيق في قضية غير معلنة

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

"أمن الدولة" المصرية تستدعي رشا قنديل للتحقيق في قضية غير معلنة

قرّرت نيابة أمن الدولة العليا المصرية، اليوم الخميس، استدعاء الإعلامية والمتحدثة باسم حزب "تيار الأمل" رشا قنديل لجلسة تحقيق مقررة يوم الأحد المقبل، وذلك في إطار التحقيقات التي تُجريها النيابة في القضية رقم 4169 لسنة 2025 حصر أمن دولة، وفقاً لما أكده محاميها الحقوقي خالد علي في تصريحات لـ"العربي الجديد". وأوضح علي أن موكلته تلقت خطاب استدعاء رسمي من النيابة إلى محل إقامتها، تضمن طلب حضورها إلى مقر النيابة في الموعد المحدد. وقال: "ستتواجد الدكتورة رشا قنديل في اليوم المحدد بمقر النيابة برفقة فريق الدفاع من مكتبنا". وأضاف علي أن فريق الدفاع لم يتمكن حتى الآن من معرفة تفاصيل القضية أو طبيعة الاتهامات الموجهة لموكلته، مشيراً إلى أن النيابة لم تُتِح لهم هذه المعلومات رغم محاولتهم الرسمية للاطلاع على سبب الاستدعاء. وعلّقت رشا قنديل على تلقيها خطاب النيابة بقولها: "أشرف جواب جالي في حياتي"، وذلك في تصريح صحافي لها. هجوم على رشا قنديل كانت رشا قنديل قد تعرّضت لهجوم واسع خلال الأيام الماضية عقب نشرها سلسلة من التحقيقات الصحافية عبر منصة "سطور"، تناولت صفقات تسليح الجيش المصري تحت عنوان رئيسي "الترسانة المصرية"، وتضمنت التحقيقات عناوين مثل "لمن تشتري مصر كل هذا السلاح؟"، و"مفهوم الردع"، و"سماسرة السلاح". موقف التحديثات الحية ماذا يريد ساويرس من اقتصاد الجيش المصري؟ وفي ردها على تلك الانتقادات، نشرت قنديل مقطع فيديو عبر حسابها الرسمي على "فيسبوك" أكدت فيه تمسّكها بكافة ما ورد في تحقيقاتها الصحافية، قائلة: "التحقيقات الثلاثة كانت عن الترسانة المصرية وكنت قاصدة كل كلمة فيها ولن أتراجع عنها". ووصفت الحملة الموجهة ضدها بأنها "أمنية قصيرة القامة"، منتقدة ما اعتبرته "محاولة لابتزازها عبر تصدير نحو نصف مليون شخص على كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي للهجوم عليها". ورداً على اتهامات بـ"سب الجيش"، شدّدت قنديل على أن جميع أعمالها الصحافية المنشورة على مدار 25 عاماً لا تتضمن أي إساءة للجيش، وقالت: "أنا ما شتمتش الجيش أبداً في أي تحقيق صحافي كتبته". وأشارت إلى ضرورة التمييز بين "الجيش العقائدي المحترم"، الذي ينتمي إليه والدها وجدها، وبين ما وصفته بـ"استغلال المؤسسة من قبل قيادات وسلطة سياسية منذ مذبحة ماسبيرو وحتى اليوم". وتابعت قنديل: "الجيش المصري اللي ما يستحقش إنه يبقى بيبيع جبنة وزيتون وسردين"، مؤكدةً أن نظرتها للجيش تتمثل في كونه مؤسسة وطنية تحارب على الجبهة، ومشددة: "أنا نص أهلي منه". يُذكر أن رشا قنديل تنشط إعلامياً وحقوقياً منذ الحكم على زوجها، السياسي المعارض أحمد الطنطاوي، بالسجن سنة مع الشغل، بعد إدانته في قضية "التوكيلات الشعبية" المتعلقة بطباعة أوراق تخص الانتخابات الرئاسية من دون تصريح. ومنذ ذلك الحين، تواصل قنديل الدفاع عن زوجها وتدوين المواقف المتعلقة بقضيته، وكانت قد صرحت في مؤتمر سابق بمقر حزب الكرامة: "إحنا بنطلب عدل لا عفو رئاسي، ولم نطلب ولن نطلب لا أنا ولا أحمد عفو".

رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية عن سورية: خطوة لدعم التعافي وجذب الاستثمارات
رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية عن سورية: خطوة لدعم التعافي وجذب الاستثمارات

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية عن سورية: خطوة لدعم التعافي وجذب الاستثمارات

تتطلع سورية إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 24 سنة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد (2000-2024). ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، تطالب الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، برفع تلك العقوبات، لأنها تعرقل جهود إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات. واليوم الثلاثاء، أعطت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية في محاولة لدعم تعافي الاقتصاد السوري. وأشارت المصادر وفقا لوكالة "فرانس برس" الى أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في التكتل القاري توصلوا الى اتفاق مبدئي بهذا الشأن، ومن المتوقع أن يكشف عنه وزراء خارجيتها رسميا في وقت لاحق اليوم. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس قبيل الاجتماع اليوم الثلاثاء، إنها تأمل أن يتمكن وزراء خارجية التكتل المجتمعين اليوم، في بروكسل من التوصل إلى اتفاق بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية. وذكر مسؤولون أن الوزراء يدرسون قرارا سياسيا لرفع العقوبات الاقتصادية، والإبقاء في الوقت نفسه على العقوبات المرتبطة بنظام بشار الأسد وفرض إجراءات ضد انتهاكات حقوق الإنسان. وأضافت "من الجلي أننا نريد (توافر) الوظائف وسبل المعيشة لشعب (سورية)، كي يصبح بلدا أكثر استقرار". وفرض الاتحاد الأوروبي أولى عقوباته على النظام السوري في مايو/أيار 2011، عقب اندلاع الثورة السورية، مستهدفًا شخصيات بارزة من الدائرة المقربة من بشار الأسد، متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وقد شملت العقوبات حظر السفر وتجميد الأصول المالية. كما شملت العقوبات إجراءات قطاعية طالت قلب الشبكة المالية للنظام، منها حظر استيراد النفط الخام ومشتقاته من سوريا، ومنع تصدير معدات ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري)، إضافة إلى قيود على تمويل مشاريع البنية التحتية. اقتصاد عربي التحديثات الحية إعادة إعمار سورية بـ400 مليار دولار: أميركا تستعد لاقتناص الفرص وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي قراره تعليق بعض العقوبات المرتبطة بقطاعات مثل البنوك والطاقة والنقل، مع التأكيد على مراقبة الوضع الميداني في سورية وتقييم إمكانية تعليق المزيد من العقوبات في المستقبل. دول اخرى في الطريق لرفع العقوبات عن سورية كما تتجه اليابان إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، وأكدت صحيفة الاقتصاد اليابانية السبت الماضي، أن "الحكومة سترفع العقوبات عن سورية في نهاية مايو/ أيار الجاري تماشياً مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي". وقال وزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا، السبت، إن بلاده تدرس رفع العقوبات عن سورية، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع إدارته للعقوبات المفروضة على دمشق. وأضاف تاكيشي في مؤتمر صحفي بطوكيو، أن بلاده "ستراقب عن كثب المناقشات في المجتمع الدولي وتتخذ القرار المناسب بشأن رفع العقوبات عن سورية". وأعلن البنك الدولي الجمعة، تسوية المتأخرات المالية المستحقة على سورية، والبالغة قيمتها 15.5 مليون دولار لتصبح مؤهلة للحصول على تمويلات جديدة. وذلك بعد يوم من بحث وزير المالية السوري محمد يُسر برنية، مع وفد من البنك سبل التعاون في إعادة تأهيل القطاعات ذات الأولوية في البلاد. وفي 27 أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت وزارتا المالية في السعودية وقطر سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، والتي تبلغ نحو 15 مليون دولار، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" حينها. وقبيل قرار ترامب، كانت المؤسسات المالية الدولية لا تستطيع تقديم الدعم المالي لسوريا، في ظل العقوبات المفروضة على دمشق. والثلاثاء الماضي، أعلن ترامب خلال زيارة رسمية إلى السعودية، رفع إدارته للعقوبات المفروضة على سورية، ما اعتبرته أوساط أوروبية تطورا قد يدفع نحو مراجعة أوسع للعقوبات الغربية. وعلى خلفية انتهاكات نظام الأسد ومجازره في قمع الثورة بسورية منذ 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بينها بريطانيا عقوبات على هذا البلد العربي، شملت تجميد أصول، ووقف التحويلات المالية، والحرمان من التكنولوجيا، وحظر التعامل مع نظامه. والخميس، قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتنفيذ توجيهات الرئيس ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا. وأضافت في منشور على حسابها بمنصة إكس: "نتطلع إلى تطبيق التصاريح اللازمة التي ستكون حاسمة لجلب استثمارات جديدة إلى سورية". و رجحت وزارة الخزانة أن "إجراءاتها قد تساعد في إعادة بناء الاقتصاد والقطاع المالي والبنية التحتية في سورية، ويمكن أن تضع البلاد على طريق مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر". اقتصاد عربي التحديثات الحية المستفيدون من رفع العقوبات عن سورية وأكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني السبت الماضي، أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات التي فرضت على سورية، هو خطوة مهمة في طريق التعافي الوطني وإعادة الإعمار، ويعكس جهدا دبلوماسيا عربيا صادقا أثمر نتائج ملموسة. ولفت الشيباني في كلمة بلاده أمام القمة العربية الـ34 المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد، إلى أن رفع العقوبات ليس نهاية المطاف، بل هو بداية طريق يأمل أن يكون معبدا بالتعاون الحقيقي، وتكامل الجهود العربية لتحقيق التنمية. وناقش الرئيس السوري أحمد الشرع مع وزراء ومديري هيئات أول من أمس الأحد، مشروع تعديل قانون الاستثمار، في وقت تسعى فيه البلاد للتعافي من تداعيات عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد. وأوضحت وكالة الأنباء السورية-سانا-أن اللقاء هدف "لمناقشة مشروع صياغة قانون الاستثمار وتعديلاته، بما يسهم في تعزيز بيئة الأعمال، ويواكب متطلبات المرحلة المقبلة والانفتاح الاقتصادي الواسع الذي تشهده سورية". (فرانس برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store