logo
الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم

الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم

الزمان٠٧-٠٧-٢٠٢٥
الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم
السارد البصري الذي لا يرسم بقدر ما يكتب باللون
في تخوم الحلة، حيث تتعانق ظلال النخيل مع ضفاف الفرات، ولد جميل إبراهيم رديف الكبيسي عام 1947، وفي هذه المدينة الغافية على إرث حضاري عميق، نما وعيه الفني وتفتحت مواهبه بين دفاتر الطفولة وألوان الحلم الأولى. لم تكن الحلة بالنسبة له مدينة فحسب، بل كانت قماشة أولى ارتسمت عليها انفعالاته البكر، فحملها معه حين التحق بكلية الفنون الجميلة ليصقل موهبته علمًا، ويجعل من الريشة لسانًا ينطق بما تضيق به الكلمات.
هو أديب وفنان في آنٍ، لكنه ليس كمن جمع بين الضدين على سبيل المصادفة، بل عاش ازدواج الهوية الإبداعية كتجربة وجودية متكاملة. فالفن عنده رؤية، والأدب استبطان. وقد انعكست هذه الثنائية في منجزه الإبداعي، حيث جاءت لوحاته حاملة لالتماعات الأسئلة، فيما سطوره مكتظة بظلال الألوان.
منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، بدأت ملامح تجربته التشكيلية تفرض حضورها في المشهد الثقافي البابلي. أقام معرضه الشخصي الأول في قاعة اتحاد الأدباء عام 1997، لتتوالى بعده المعارض واحدًا تلو الآخر، في قاعات متعددة: من نقابة الفنانين، إلى نقابة المعلمين، مرورًا بجامعة الحلة الدينية ومديرية النشاط المدرسي. كل معرض منها كان بمثابة فصل جديد من فصول بوحه البصري، وهو يحاور الواقع برموزه الخاصة، ويشاكسه بألوانٍ مشبعة بالدهشة والمفارقة.
نبض داخلي
وقد تميزت أعمال الكبيسي بقدرتها على مزج الواقعي بالتعبيري، كما احتفظت بنبض داخلي يعكس نزوعًا تأمليًا لا ينفصل عن القلق الإنساني في لوحاته. كتب عنه نقاد محليون في صحف عراقية، مشيرين إلى فرادته في التقاط التفاصيل المهملة، وقدرته على تحويل العادي إلى رؤيا تحتمل أكثر من تأويل. وصفه بعضهم بأنه «فنان يسكنه الشاعر»، فيما نعته آخرون بـ»السارد البصري» الذي لا يرسم بقدر ما يكتب باللون.
أما في الحقل الأدبي، فقد صدر له عدد من المؤلفات التي تمثل امتدادًا لروحه الفنية، أبرزها: «أوراق متساقطة» (2011)، وهو عمل ذو طابع مذكراتي يحاول فيه الإمساك بفتات الذاكرة، و»رسوم تشاكس الواقع» (2013)، الذي يكشف عن رؤيته لما وراء الشكل، و»جدل الرؤيا» (2013)، حيث يتحول النص إلى مرآة قلقة للذات في علاقتها بالعالم. كما قدّم كتابًا تربويًا بعنوان «التربية الفنية أداة فاعلة في عملية التعلم» (2012)، يضع فيه خبرته في خدمة بناء ذائقة جديدة للمتعلّم العراقي، مما يشير إلى وعيه بوظيفة الفن كأداة للتغيير والتنوير. ينتمي جميل الكبيسي إلى جيلٍ ما يزال يؤمن بأن الفن موقف، والأدب مقاومة ناعمة. ولذلك نجده حريصًا على الحضور في المشهد الثقافي من خلال عضويته في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، ونقابة الفنانين، ومشاركته في معارض جمعية التشكيليين، ودار الفنون والثقافة، ليؤكد على أن الإبداع ـ مهما جار عليه الزمن ـ لا يزال قادراً على أن يكون نداء حيًا.
إن تجربة جميل الكبيسي، في جوهرها، ليست مجرّد سيرة ذاتية لفنان متعدد المواهب، بل هي رحلة داخل الوعي العراقي ذاته، حيث تتجاور الأسئلة والأحلام، ويظل الجمال نافذة مشرعة على الأمل، حتى وإن أحاط به رماد الخراب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم
الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم

الزمان

time٠٧-٠٧-٢٠٢٥

  • الزمان

الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم

الكبيسي بين ريشة تتأمل وقلم يتألم السارد البصري الذي لا يرسم بقدر ما يكتب باللون في تخوم الحلة، حيث تتعانق ظلال النخيل مع ضفاف الفرات، ولد جميل إبراهيم رديف الكبيسي عام 1947، وفي هذه المدينة الغافية على إرث حضاري عميق، نما وعيه الفني وتفتحت مواهبه بين دفاتر الطفولة وألوان الحلم الأولى. لم تكن الحلة بالنسبة له مدينة فحسب، بل كانت قماشة أولى ارتسمت عليها انفعالاته البكر، فحملها معه حين التحق بكلية الفنون الجميلة ليصقل موهبته علمًا، ويجعل من الريشة لسانًا ينطق بما تضيق به الكلمات. هو أديب وفنان في آنٍ، لكنه ليس كمن جمع بين الضدين على سبيل المصادفة، بل عاش ازدواج الهوية الإبداعية كتجربة وجودية متكاملة. فالفن عنده رؤية، والأدب استبطان. وقد انعكست هذه الثنائية في منجزه الإبداعي، حيث جاءت لوحاته حاملة لالتماعات الأسئلة، فيما سطوره مكتظة بظلال الألوان. منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، بدأت ملامح تجربته التشكيلية تفرض حضورها في المشهد الثقافي البابلي. أقام معرضه الشخصي الأول في قاعة اتحاد الأدباء عام 1997، لتتوالى بعده المعارض واحدًا تلو الآخر، في قاعات متعددة: من نقابة الفنانين، إلى نقابة المعلمين، مرورًا بجامعة الحلة الدينية ومديرية النشاط المدرسي. كل معرض منها كان بمثابة فصل جديد من فصول بوحه البصري، وهو يحاور الواقع برموزه الخاصة، ويشاكسه بألوانٍ مشبعة بالدهشة والمفارقة. نبض داخلي وقد تميزت أعمال الكبيسي بقدرتها على مزج الواقعي بالتعبيري، كما احتفظت بنبض داخلي يعكس نزوعًا تأمليًا لا ينفصل عن القلق الإنساني في لوحاته. كتب عنه نقاد محليون في صحف عراقية، مشيرين إلى فرادته في التقاط التفاصيل المهملة، وقدرته على تحويل العادي إلى رؤيا تحتمل أكثر من تأويل. وصفه بعضهم بأنه «فنان يسكنه الشاعر»، فيما نعته آخرون بـ»السارد البصري» الذي لا يرسم بقدر ما يكتب باللون. أما في الحقل الأدبي، فقد صدر له عدد من المؤلفات التي تمثل امتدادًا لروحه الفنية، أبرزها: «أوراق متساقطة» (2011)، وهو عمل ذو طابع مذكراتي يحاول فيه الإمساك بفتات الذاكرة، و»رسوم تشاكس الواقع» (2013)، الذي يكشف عن رؤيته لما وراء الشكل، و»جدل الرؤيا» (2013)، حيث يتحول النص إلى مرآة قلقة للذات في علاقتها بالعالم. كما قدّم كتابًا تربويًا بعنوان «التربية الفنية أداة فاعلة في عملية التعلم» (2012)، يضع فيه خبرته في خدمة بناء ذائقة جديدة للمتعلّم العراقي، مما يشير إلى وعيه بوظيفة الفن كأداة للتغيير والتنوير. ينتمي جميل الكبيسي إلى جيلٍ ما يزال يؤمن بأن الفن موقف، والأدب مقاومة ناعمة. ولذلك نجده حريصًا على الحضور في المشهد الثقافي من خلال عضويته في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، ونقابة الفنانين، ومشاركته في معارض جمعية التشكيليين، ودار الفنون والثقافة، ليؤكد على أن الإبداع ـ مهما جار عليه الزمن ـ لا يزال قادراً على أن يكون نداء حيًا. إن تجربة جميل الكبيسي، في جوهرها، ليست مجرّد سيرة ذاتية لفنان متعدد المواهب، بل هي رحلة داخل الوعي العراقي ذاته، حيث تتجاور الأسئلة والأحلام، ويظل الجمال نافذة مشرعة على الأمل، حتى وإن أحاط به رماد الخراب.

جائزة (كتارا) للرواية.. حضور عراقي مميز
جائزة (كتارا) للرواية.. حضور عراقي مميز

الأنباء العراقية

time٠٣-٠٧-٢٠٢٥

  • الأنباء العراقية

جائزة (كتارا) للرواية.. حضور عراقي مميز

بغداد – واع - سوسن الجزراوي شهد حفل انطلاق جائزة كتارا للرواية حضور مميز للكتاب والأدباء العراقيين المتأهلين للقائمة الطويلة لأفضل الأعمال المشاركة لجائزة كتارا للرواية العربية . وانطلقت جائزة كتارا التي تأسست عام 2014 من قبل المؤسسة العامة للحي الثقافي في دولة قطر، حاملة على عاتقها مسؤولية الاهتمام بزيادة وعي القراء الثقافي، من خلال اعتمادها مبادئ الاستقلالية والشفافية والنزاهة الكبيرة، في اختيار الأعمال المشاركة في هذا السباق المعرفي المهم . ويأتي ذلك انطلاقًا من الرغبة في ترسيخ حضور الروايات العربية المتميزة عربيًا وعالميا، وتشجيع الروائيين العرب المبدعين، للمضي قدمًا نحو آفاق أرحب للإبداع والتميز، واستقطاب أعداد كبيرة من القرّاء الذين يستهويهم هذا النوع الأدبي. وتشير أسماء المشاركين في الدورة الحالية الحادية عشرة، إلى حضور مميز للكتاب والأدباء العراقيين المتأهلين للقائمة الطويلة لأفضل الأعمال المشاركة لجائزة كتارا للرواية العربية في حقول (الروايات المنشورة ، والروايات غير المنشورة، وروايات الفتيان، والرواية التاريخية، والدراسات النقدية). ‎إذ تأهلت ثلاث روايات عراقية هي (لاقط الجواهر) لضاري الغضبان، و(التمثال) لإبراهيم سبتي، و(ظل الدائرة) لسعد محمد، أما حقل الرواية المنشورة فقد تأهلت رواية (قطيفة المساكين) لحسن النواب الصادرة عن منشورات اتحاد الأدباء. هذا وقد شهد حقل الروايات التاريخية تأهل رواية (ذاكرة بابل الجريحة) لفوزي الهنداوي، وفي حقل روايات الفتيان، تأهلت روايتان من العراق هما (أذن راز) لسالم خليل محمد و(أبو الحوت والعفريت) لعادل درويش. وتجدر الإشارة، إلى أن الرواية هي المهيمنة على المشهد الثقافي العراقي بشكل عام، وقد ساهمت الاستخلاصات الفردية لروائيين عراقيين في الداخل والخارج بتوحيد المشروع السردي العراقي وتطوير آفاقه الوطنية، ليشكل مشروعًا روائيًا أخذ مجاله الصحيح في الملتقيات والمحافل والجوائز الأدبية والعالمية.

رحيل القاص والروائي العراقي أحمد خلف
رحيل القاص والروائي العراقي أحمد خلف

وكالة الصحافة المستقلة

time٠٦-٠١-٢٠٢٥

  • وكالة الصحافة المستقلة

رحيل القاص والروائي العراقي أحمد خلف

المستقلة/-نعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق القاص والروائي القدير أحمد خلف، الذي فارق الحياة اليوم الاثنين ٦ كانون الثاني ٢٠٢٥، في بغداد تاركاً نتاجاً أدبياً كبيرا ومهمّا. ويحتل خلف مكانة بارزة ومرموقة كبيرة بين الأدباء العراقيين والعرب المعاصرين باعتباره من أبرز الساردين العراقيين القرن العشرين. ينتمي خلف إلى الجيل القصصي الستيني الذي عرف بالتفرد الريادي والتأثر بما بعد الحداثة والتي ألقت بظلال نجاحاتها على الأجيال التي تلتها من خلال التأسيس لمنظومة جمالية وإبداعية في عوالم السرد. ولد الراحل في الشنافية إحدى نواحي محافظة القادسية عام ١٩٤٣، فيما نشر عام 1966 أولى قصصه القصيرة بعنوان 'وثيقة صمت' في ملحق صحيفة الجمهورية ببغداد، وما بين عامي (1978 و1985) عمل مشرفا على الأقسام الثقافية في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ومن ثم انتقل إلى العمل في مجلة الأقلام الأدبية. أصدر خلف كتابه القصصي 'نزهة في شوارع مهجورة' عام 1974. بعده أصدر الكتب القصصية التالية 'القادم البعيد'، 'منزل العرائس'، 'صراخ في علبة'، 'خريف البلدة'، 'في ظلال المشكينو'، 'تيمور الحزين'، و'مطر في آخر الليل'. أما 'الخراب الجميل' فقد صدرت عام 1980 تبعتها الروايات التالية 'موت الأب'، 'حامل الهوى'، 'الحلم العظيم '، 'الذئاب على الأبواب'، 'محنة فينوس'، 'عصا الجنون' و'عن الأولين والآخرين'. في العام 2012 صدر له كتاب 'الرواق الطويل'، كما أصدر عن منشورات اتحاد الأدباء أعمالاً عدّة آخرها روايته 'في الطريق إليك' وطبعت له دار الشؤون الثقافية العامة أعماله القصصية الكاملة. يعدّ رحيل خلف خسارة كبيرة للأوساط الأدبية العراقية والعربية، فهو البصمة الإبداعية المتفرّدة، والصوت الثقافي البارز.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store