logo
هل تكون الدوحة منصة حوار للتفاوض الأمريكي–الإيراني؟

هل تكون الدوحة منصة حوار للتفاوض الأمريكي–الإيراني؟

شبكة النبأ٠٣-٠٣-٢٠٢٥

ربما تطرح زيارة أمير قطر إلى طهران بهذا التوقيت، احتمالات كبيرة حول الوساطة القطرية بين واشنطن وطهران، من أجل فتح محادثات مباشرة بين إيران وترامب، ولاسيما أن طهران، ربما تنتظر لحظة المفاوضات مع الرئيس الأمريكي، أو قد تتنظر فرصة مناسبة للوساطة، أو لمن يقوم بهذا الدور. فمن الممكن...
قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، يوم الاربعاء الماضي 19 فبراير (شباط)، بزيارة رسمية إلى طهران، بهدف لقاء المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، ورئيس الجمهورية مسعود بزشكيان وبعض المسؤولين الإيرانيين الآخرين؛ لتبادل وجهات النظر بشأن العلاقة بين البلدين، ومناقشة أهم الملفات الإقليمية، ولاسيما تلك التي تتعلق بتطبيق المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، والوضع في لبنان وسوريا بعد الاسد.
وهي الملفات الأبرز التي تم مناقشتها وظهرت لوسائل الإعلام، إلا أن الاهم من ذلك، ربما لم يصل إلى الإعلام بشكل مباشر، وبقي محصورًا في دوائر صنُع القرار في قطر وإيران، وخاضع لخبرة المتخصصين في التحليل وربط الاحداث؛ الامر الذي جعل الجميع يتسائل عن زيارة أمير قطر إلى طهران في هذا التوقيت، ودلالاتها السياسية والدبلوماسية في المنطقة، ولاسيما في ظل الدور الذي تعلبه الدوحة في القضايا الإقليمية بالمنطقة، من جهة، وطبيعة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة أخرى. فضلًا عن علاقتها الدبلوماسية الجيدة مع جمهورية إيران الإسلامية.
وتأتي زيارة أمير قطر إلى طهران في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة، وسعي الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب إلى حل النزاعات الدولية، سواء في أوروبا، بين روسيا وأوكرانيا، أو في الشرق الاوسط، بين إسرائيل وفلسطين، فضلًا عن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بإيران، وسعي إدارة دونالد ترامب إلى إيجاد حل تفاوضي بين طهران وواشنطن، وجلوس الاولى على طاولة المفاوضات بشأن ملفها النووي؛ الأمر الذي اعلن عنه الرئيس الأمريكي بعد تنصيه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في ولايته الثانية، ورغبته في الوصول إلى حل تفاوضي بين الطرفين.
إذ قال في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، بشأن قبول إيران موضوع التفاوض، "أريد أن يكون لديهم (الإيرانيين) بلد عظيم وإمكانات كبيرة، الشعب مذهل، والشيء الوحيد الذي قلته عن إيران، هو أنهم لا يستطيعون امتلاك سلاح نووي". وأعرب أيضًا عن رغبته بإقامة حفل كبير في الشرق الاوسط، في حال قبلت إيران عرضه في الجلوس على طاولة المفاوضات. لذا يربط الكثير من المتخصصين والمهتمين بالموضوع، بين زيارة أمير قطر، ورغبة الرئيس الأمريكي في الوصول إلى حل تفاوضي بين الطرفين بشأن برنامج إيران النووي، بهدف الوصول إلى نقاط أو قناعة مشتركة، تلبي قناعة الطرفين المتخاصمين، أو في الاستماع إلى وجهات نظر القيادة الإيرانية –على أقل التقدير– ومعرفة مزاجها السياسي والدبلوماسي، بشأن موضوع التفاوض والوساطة القطرية ابتداءً. ولاسيما أن القيادة الإيرانية بحاجة كبيرة إلى هذا التفاوض في الوقت الراهن؛ لأن ذلك سيساعدها بالتأكيد على إنعاش الاقتصاد الإيراني القابع تحت ضغط العقوبات الأمريكية، ويسهم في وقف الانهيار الذي تتعرض له العملة الإيرانية مقابل الدولار الأمريكي.
وبهذا الاتجاه، تحَّدث المرشد إلى أمير قطر: بأن "طهران تتوقع المزيد من السياسة العدائية الأمريكية في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، وأنه لا يوجد فرق بين رؤساء الولايات المتحدة". إذ وصف المرشد الإيراني تدخلات ترامب بشأن الوضع في المنطقة، بأنه كمن يصب المزيد من الماء البارد على أي انفراج محتمل.
من جانب آخر، أشاد المرشد الإيراني بالدور القطري في المنطقة، معتبرًا أن "قطر تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاستقرار الإقليمي". وكذلك أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: أن "العلاقات القطرية – الإيرانية تشهد تطورًا مستمرًا في مختلف المجالات"، مشيرًا إلى أن إيران تعتبر قطر "شريكًا إستراتيجيًا" في قضايا المنطقة. كما شدد على ضرورة تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار والنقل، بما يخدم مصلحة البلدين.
وتحمل زيارة أمير قطر إلى طهران الكثير من الابعاد الإستراتيجية للمنطقة في الوقت الراهن، ولاسيما في ظل التطورات المتسارعة في غزة ولبنان وسوريا. فالتطورات الأخيرة في غزة، وتصاعد المواجهات بين حركة حماس والكيان الصهيوني، تجعل من قطر طرفًا فاعلًا في إدارة الأزمة، نظرًا لدورها البارز في دعم حقوق الفلسطينيين والتوسط في محادثات وقف إطلاق النار. فضلًا عن الأزمة المتفاقمة وتصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل؛ تجعل من التقارب القطري – الإيراني، عاملًا مؤثرًا في المشهد السياسي. ولاسيما أن إيران وقطر تؤثران بطريقتين مختلفتين في لبنان؛ مما يجعل هذه الزيارة فرصة لتعزيز التنسيق وتجنب مزيد من التصعيد.
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي نفى الوساطة القطرية بين واشنطن وطهران، وقال: "إنه لا يوجد ما يشير إلى أن الدوحة تسعى إلى العمل كوسيط أو تحمل أي رسالة دبلوماسية من واشنطن". إلا أن الدوحة لها ما يؤهلها لهذا الدور، ولاسيما أنها تقوم بالوساطة بين حماس وإسرائيل حليفة الولايات المتحدة، إذ يسعى الجانبان إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار هش في غزة. كما ساعدت في السابق، في التوسط في الانسحاب الأمريكي من أفغانستان مع طالبان. كذلك كانت وسيطًا رئيسًا للولايات المتحدة في النزاعات الإقليمية السابقة، بما في ذلك تبادل الأسرى بين إيران والولايات المتحدة في عام 2023. وبدا أن صانع القرار الأعلى في إيران، يركز على اتفاق التبادل الذي انتهى في عام 2023، الذي أفرجت طهران بموجبه عن السجناء الأمريكيين كما هو متفق عليه، لكن الولايات المتحدة منعت قطر من صرف 6 مليارات دولار من أموال الدولة الإيرانية التي صادرتها واشنطن.
فضلًا عن ذلك، فقد اعلنت وزارة الخارجية القطرية في وقت سابق من الشهر الجاري: "أن الدوحة مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة في التفاوض مع الجمهورية الإسلامية". وقد اشار الشيخ تميم لذلك –ولو بشكل غير مباشر– في تصريح عقب اجتماعه مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بقوله: إن "قطر تدعم أي جهد من شأنه تقريب وجهات النظر ويؤدي إلى حلول عادلة ومتوازنة ويضمن حقوق الشعوب ويعزز التنمية والازدهار في المنطقة". إذ يعد الأمير القطري، الذي يحافظ على علاقات وثيقة مع طهران وواشنطن، أهم رئيس دولة يزور البلاد منذ أن أشعلت حركة حماس المدعومة من إيران صراعًا إقليميًا استمر 15 شهرًا بين إسرائيل وإيران وحلفائها. وكان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد أعرب العام الماضي عن أمله في أن يؤدي اتفاق تبادل السجناء الذي أبرم في عام 2023 بين إيران والولايات المتحدة بوساطة الدوحة، إلى محادثات أوسع بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.
بالمجمل، ربما تطرح زيارة أمير قطر إلى طهران بهذا التوقيت، احتمالات كبيرة حول الوساطة القطرية بين واشنطن وطهران، من أجل فتح محادثات مباشرة بين إيران وترامب، ولاسيما أن طهران، ربما تنتظر لحظة المفاوضات مع الرئيس الأمريكي، أو قد تتنظر فرصة مناسبة للوساطة، أو لمن يقوم بهذا الدور. فمن الممكن جدًا أن تسعى طهران إلى نسج مسار المفاوضات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولجأت إلى وساطة الدوحة، التي لعبت هذا الدور في العديد من ملفات المنطقة – كما ذُكرت أعلاه.
في وقت وقع ترامب مذكرة تطبيق سياسات الضغط الأقصى، فضلًا عن توقيع عقوبات على أطراف مرتبطة بقطاع النفط؛ لذا تخشى القيادة الإيرانية، العودة لبيع نحو 300 ألف برميل يوميًا كما اعتادت في ولاية ترامب الأولى بدلًا من نحو مليون و700 ألف برميل خلال ولاية جو بايدن. لهذا تبدو زيارة أمير قطر إلى طهران لها دلالات واضحة وذات صلة بهذا الموضوع، حتى وأن لم تُعلن بشكل مباشر. وقد تكشف الايام المقبلة عن هذا الدور بشكل واضح، ولاسيما في حال تمَّكنت قطر والجهود الدولية والإقليمية من تنفيذ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة بنجاح.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب عرض مقاطع فيديو تتعلق بمزاعم إبادة بحق مزارعين بيض في جنوب أفريقيا خلال اجتماعه مع رامافوزا
ترامب عرض مقاطع فيديو تتعلق بمزاعم إبادة بحق مزارعين بيض في جنوب أفريقيا خلال اجتماعه مع رامافوزا

النشرة

timeمنذ 26 دقائق

  • النشرة

ترامب عرض مقاطع فيديو تتعلق بمزاعم إبادة بحق مزارعين بيض في جنوب أفريقيا خلال اجتماعه مع رامافوزا

أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال استقباله رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، إلى "أنني سأبحث مع رئيس جنوب أفريقيا قضايا عدة بينها قمة مجموعة العشرين التي ستستضيفها جنوب أفريقيا"، وقال: "كثيرون يشعرون بالقلق تجاه جنوب إفريقيا وسنبحث ذلك اليوم". وطلب ترامب من موظفيه في البيت الأبيض عرض مقاطع فيديو تتعلق بمزاعم إبادة جماعية في جنوب أفريقيا خلال اجتماعه مع رامافوزا، وقال: "سنبحث مسألة الاستيلاء على أراضي البيض في جنوب إفريقيا ولا أعرف ماذا أريد من رامافوزا أن يفعل بشأن وضع المزارعين البيض". وأضاف "هناك الآلاف من الفلاحين البيض من جنوب أفريقيا يرغبون في القدوم إلى الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن "إيجاد حل لمسألة البيض في جنوب أفريقيا سيجعل علاقاتنا جيدة وعدم حلها سيعني نهاية جنوب أفريقيا". إلى ذلك، ذكر ترامب "أننا تمكنا من التوصل لحل الصراع بين الهند وباكستان عبر التجارة"، كما أوضح "أننا نعمل على التوصل لحل للنزاع بين روسيا وأوكرانيا ونحقق تقدما كبيرا بهذا الشأن". هذا، وشدد ترامب على "أنني لا أتوقع من جنوب أفريقيا أي شيء بشأن القضية المرفوعة ضد إسرائيل"، في إشارة إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بشأن ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

ترامب في الخليج 2025: إعادة التموضع الأميركي في زمن التعدّدية الدولية
ترامب في الخليج 2025: إعادة التموضع الأميركي في زمن التعدّدية الدولية

النهار

timeمنذ 40 دقائق

  • النهار

ترامب في الخليج 2025: إعادة التموضع الأميركي في زمن التعدّدية الدولية

في 13 أيار/ مايو 2025، حطّت طائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أرض المملكة العربية السعودية، في أول جولة خارجية له بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، ليعيد إلى الأذهان مشهد زيارته الشهيرة عام 2017، التي مهّدت آنذاك لتحالفات اقتصادية وأمنية عميقة. إلا أن الزيارة الجديدة، بكل ما حملته من رسائل وقرارات مفاجئة، شكّلت محطة أكثر خطورة وتعقيداً، في منطقة تتأرجح بين رياح الحرب والتحوّل. لم تكن زيارة ترامب للخليج مجرد محطة بروتوكولية. فالرجل، الذي يعود إلى البيت الأبيض بزخم قاعدة شعبية يمينية وإرادة لإعادة صياغة الدور الأميركي في العالم، أراد أن تكون الرياض منصة لإعلان تحولات جوهرية في سياسات واشنطن تجاه قضايا المنطقة، بدءاً من سوريا إلى إيران، مروراً بالعلاقة المعقدة مع الصين. رافقت ترامب في زيارته نخبة من كبار مسؤولي إدارته: وزير الخارجية ماركو روبيو، وزير الدفاع بيت هيغسيث، وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك. وانضم إليهم عشرات من كبار التنفيذيين الأميركيين لحضور منتدى الأعمال السعودي–الأميركي، أبرزهم إيلون ماسك، آندي جاسي، ورؤساء شركات مثل بوينغ، غوغل، بلاك روك، وأوبر. كانت الرسالة واضحة: أميركا عادت إلى الخليج بشروط جديدة، وعينها مفتوحة على كل من بكين وطهران. خلال جولته الخليجية في أيار/مايو 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة جلبت استثمارات بلغت 10 تريليونات دولار، ما يعكس حجم الانفتاح الاقتصادي الكبير بين واشنطن ودول الخليج. في السعودية، أعلن البيت الأبيض أن المملكة ستستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، في إطار اتفاقيات تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين. وفي قطر، وقّع ترامب اتفاقيات بقيمة إجمالية تجاوزت 243.5 مليار دولار، تشمل صفقة تاريخية لشراء طائرات بوينغ ومحركات جنرال إلكتريك، بالإضافة إلى تعزيز التبادل الاقتصادي بين البلدين بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار. أما الإمارات، فقد شهدت توقيع صفقات وتفاهمات استثمارية بقيمة تزيد عن 200 مليار دولار خلال زيارة ترامب وأثناء لقائه بالرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد. تتوزع هذه الاستثمارات على قطاعات الطيران والطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية، ما يعكس رغبة واشنطن في ترسيخ حضورها الاقتصادي في المنطقة. وتُفهم هذه التحركات ضمن مسعى أميركي لموازنة النفوذ الصيني المتصاعد، خصوصاً مع توسّع مشاريع "الحزام والطريق" في البنى التحتية الحيوية وقطاع الاتصالات والتجارة. رفع العقوبات عن سوريا: المفاجأة الكبرى في خطاب صادم للعديد من المراقبين، أعلن ترامب من الرياض قراراً تاريخياً: رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، بعد عقود من العزلة والعقوبات. وبدت المفاجأة مضاعفة، ليس فقط بسبب التوقيت، بل لأن القرار جاء دون ذكر الشروط التقليدية التي كانت واشنطن تطرحها، لا حديث عن حقوق الإنسان، ولا عن العدالة الانتقالية، بل تركيز على "إبعاد الجهاديين الأجانب" و"ضمان حق أميركا في مكافحة الإرهاب"، وأخيراً، فتح باب التفاوض مع إسرائيل. لم يكن هذا القرار معزولًا عن سياق أوسع. فقد جاءت الخطوة بعد اتصالات مكثفة بين واشنطن وكل من أنقرة والدوحة والرياض، التي قدمت دعماً سياسياً لحكومة أحمد الشرع الجديدة في دمشق، التي حلت محل نظام بشار الأسد بعد سلسلة من التفاهمات الإقليمية والدولية. وظهر أن رفع العقوبات جزء من تسوية أكبر تهدف إلى دمج سوريا في منظومة إقليمية جديدة، بقيادة سنية، تمتد من الخليج إلى الأردن فسوريا وتركيا. إيران... عدوّ دائم؟ رغم تغيّر اللهجة الأميركية تجاه سوريا، بقيت إيران في موقع الخصم. فقد حرص ترامب على تأكيد رفضه لأي تساهل في الملف النووي، داعياً إلى جبهة موحدة "لمنع طهران من استغلال الثغرات الإقليمية". وكان لافتاً أن النقاشات مع السعودية وقطر والإمارات تطرقت إلى صياغة مفهوم جديد لـ"الردع الخليجي"، بمشاركة أمنية أميركية أكثر وضوحاً. إن كانت إيران خصماً مباشِراً، فإن الصين تُمثّل، من منظور واشنطن، تحدياً استراتيجياً طويل الأمد. حاول ترامب طمأنة شركائه الخليجيين بأن التعاون مع أميركا لا يعني القطيعة مع الصين، لكنه لم يُخفِ انزعاجه من تنامي النفوذ الصيني في قطاعات حساسة كالتكنولوجيا والطاقة. ورغم ذلك، لم تغب الصين عن طاولة النقاش. فقد شددت أطراف خليجية على ضرورة الحفاظ على علاقة متوازنة مع بكين، بوصفها شريكاً اقتصادياً لا يمكن تجاهله، خصوصاً في سياق خطط التنويع الاقتصادي التي تقودها دول مثل السعودية والإمارات. تباينات في الرؤى: فلسطين وإسرائيل شهدت لقاءات ترامب تباينات واضحة في مقاربة القضية الفلسطينية، حيث لم تحظَ هذه القضية، التي تعد محورية في الخطاب العربي، بالاهتمام المتوقع. وتركزت المداولات على الوضع الإنساني في غزة والمفاوضات الجارية في الدوحة لوقف إطلاق النار. وتعكس هذه المقاربة البراغماتية استياءً في بعض الأوساط الخليجية، التي ترى أن الولايات المتحدة بدأت تتعامل مع فلسطين كورقة تفاوضية ضمن استراتيجياتها الأوسع، لا كملف مستقل يتطلب معالجة عادلة ومستدامة. هل نحن أمام لحظة مفصلية؟ بكل المقاييس، شكّلت زيارة ترامب للمنطقة محطة سياسية محورية، أعادت تأكيد أهمية الشراكة الأميركية–الخليجية، وطرحت نموذجاً جديداً من التحالفات يقوم على المصالح الاقتصادية والتفاهمات الإقليمية وفقاً للمتغيرات العالمية. ومع ذلك، تبقى هذه اللحظة محاطة بتحديات كبرى تتطلب إدارة متوازنة ورؤية استراتيجية بعيدة المدى. تباين المواقف من إيران والصين قد يؤدّي إلى صدامات خفيّة بين واشنطن وبعض الشركاء الخليجيين، في وقت تستمر فيه العلاقات الخليجية الصينية، التي قد تسلك مسارات أكثر دقة وخصوصية. أما إعادة تأهيل سوريا، التي رغم رمزيتها، فقد تفتح أبواباً جديدة للصراع ما لم تُدَرْ بحذر. زيارة الرئيس الأميركي ترامب للخليج في أيار/ مايو 2025 شكلت لحظة سياسية مهمة في إعادة تشكيل العلاقات بين واشنطن والمنطقة. ورغم ما تحقق من إنجازات اقتصادية واستراتيجية، فإن تباين الرؤى حول قضايا جوهرية مثل التطبيع، الملف النووي الإيراني، والعلاقة مع الصين، يؤكد أن الطريق أمام هذه الشراكات لا يزال معقداً ومفتوحاً على أكثر من سيناريو. سبقت الزيارة تحولات عميقة في مقاربة الإدارة الأميركية للمنطقة، بما في ذلك تصعيد التدخل المباشر سياسياً وميدانياً، والتركيز على تثبيت المصالح الاقتصادية، بغض النظر عن تطلعات شعوب المنطقة وحقوقها. أما الصين، فقد برزت كقوة مؤثرة تقدّم نموذجاً مختلفاً للعلاقات الدولية، يرتكز على المصالح المتبادلة والاحترام، بعيداً عن التدخلات السياسية المباشرة. وتُظهر الصين قدرتها على إحداث توازن جديد في المنطقة من خلال مبادرات اقتصادية ضخمة مثل "الحزام والطريق"، ودعم مشاريع التنمية والبنية التحتية، ما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون في بيئة أقل توتراً. تقع المنطقة اليوم في مفترق مصالح وتوازنات معقدة، حيث يتداخل فيها النفوذ الأميركي والإقليمي مع صعود قوى جديدة مثل الصين، ما يشكل تحدّياً وفرصة في آن واحد. في هذا السياق، تواجه الدول العربية تحدياً جوهرياً يتمثل في كيفية تعزيز دورها كشريك فاعل في صياغة مستقبل منطقتها ضمن عالم متعدد الأقطاب، بما يضمن استقلالية القرار والسيادة السياسية، ويخدم مصالح شعوبها ويعزز مكانتها الإقليمية والدولية.

رفع العقوبات عن سوريا: فرصة لبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز
رفع العقوبات عن سوريا: فرصة لبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز

تيار اورغ

timeمنذ ساعة واحدة

  • تيار اورغ

رفع العقوبات عن سوريا: فرصة لبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز

الأخبار: ماهر سلامة- ثمة فرصة استثنائية أمام لبنان لإحداث نقلة نوعية في قطاع الكهرباء، عبر استجرار 250 ميغاواط من الكهرباء الأردنية، واستيراد الغاز المصري إلى معملي دير عمار والزهراني لإنتاج 900 ميغاواط، ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة التغذية نحو 10 ساعات كهرباء ويقلّص كلفة الإنتاج إلى النصف تقريباً. هذه الفرصة تأتي بسبب رفع العقوبات عن سوريا، إذ سبق للبنان أن أبرم اتفاقيات مع الأردن ومصر لكنه اصطدم بالعقوبات. يومها كان التمويل من البنك الدولي الذي طلب أن يستحصل لبنان على استثناء من العقوبات الأميركية على سوريا، كون الكهرباء والغاز سيمرّان عبرها إلى لبنان. كانت الولايات المتحدة الأميركية تفرض عقوبات على سوريا بموجب ما سمّي «قانون قيصر» وهذا الأمر منع استخدام هذه الأراضي، سواء لاستجرار الكهرباء أو الغاز، أو حتى العمليات المالية إلى جانب سلّة أخرى من الممنوعات، على أي كان من دون إذن أميركي بالاستثناء. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن في زيارته إلى السعودية أخيراً، رفع العقوبات، ما يمهّد الطريق أمام انطلاق المشروع بشرط أن يتعامل لبنان مع الأمر باعتباره فرصة. وما يعزّز حظوظ هذه الفرصة أن الوضع المالي لمؤسسة كهرباء لبنان صار أفضل بعد التسعير بالدولار ورفع مستويات التسعير على المستهلك، وبالتالي لم تعد هناك ضرورة كبيرة للتمويل من البنك الدولي أو من أي جهة أخرى. لذا، يُعدّ هذا الوقت هو الأنسب للإسراع في استكمال الأعمال الفنية وتوقيع العقود النهائية، لضمان وصول الطاقة المستوردة إلى الشبكة اللبنانية في أسرع وقت ممكن وتخفيف المعاناة اليومية للمواطنين. التمويل لم يعد عائقاً بعدما رفع لبنان تسعيرة الكهرباء ودولرتها الخطة المقترحة سابقاً كانت تتوزع إلى قسمين؛ استجرار الكهرباء من الأردن، واستيراد الغاز من مصر. وكان وزير الطاقة السابق وليد فياض قد اتفق مع الأردن وسوريا على توريد 250 ميغاواط من الكهرباء، ما يضيف نحو ساعتين تغذية إضافيتين يومياً للشبكة اللبنانية. وبالنسبة إلى سعر الكيلواط ساعة المستورد من الأردن، فإنه بموجب الاتفاقية الموقَّعة اعتمد هيكل تسعير يربط سعر كل كيلوواط مسحوب من الأردن إلى لبنان، بتقلبات سعر خام برنت العالمي، فإذا انخفض سعر البرميل إلى أقل من 50 دولاراً، يُحدد ثمن الكيلوواط بـ10 سنتات، وعند ارتفاع السعر فوق 50 دولاراً وحتى 80 دولاراً، يرتفع السعر إلى 11.2 سنتاً للكيلوواط. أما إذا تجاوز سعر البرميل 80 دولاراً، فيصبح السعر المعتمد للكيلوواط 16.2. حالياً سعر برميل النفط أقل من 80 دولاراً، ما يعني أن سعر الكيلواط المستورد من الأردن يجب أن يكون 11.2 سنتاً، ما يمثّل وفراً بالنسبة إلى كلفة الإنتاج الحالية في لبنان. كما إن الاعتماد على استيراد الكهرباء من الأردن هو بالتأكيد أقل كلفة مقارنة بمولدات الأحياء التي قد تصل كلفتها إلى نحو 35 سنتاً للكيلوواط ساعة، بحسب آخر التسعيرات التي أصدرتها وزارة الطاقة. دور البنك الدولي في هذه الخطة كان دوراً تمويلياً، بحيث كانت ستتكفل البرامج التمويلية المبدئية من البنك الدولي بقيمة 300 مليون دولار، تُتبع بـ100 مليون إضافية، لتغطية كلفة الاستيراد وصيانة خطوط النقل في لبنان. لكن الوضع اختلف اليوم لناحية أن الدولة عدّلت تسعيرة الكيلواط وعادت لتجبي فواتيرها، ما قد يُسهّل القدرة على الاستيراد من أموالها الخاصة، من دون الحاجة إلى تمويل من البنك الدولي إلا لصيانة الخطوط. أما استيراد الغاز من مصر، فهو يعتمد على الخط العربي الذي يمر بسوريا والأردن وصولاً إلى شمال لبنان، لتمكين تغذية معمل دير عمار بنحو 450 ميغاواط إضافياً، إضافة إلى 450 ميغاواط من معمل دير الزهراني، وهو ما يؤمّن نحو 8 ساعات إضافية من الكهرباء. من الناحية المالية، استيراد الغاز يوفّر في كلفة الإنتاج، إذ قد يصل الوفر إلى نسبة 50% من كلفة إنتاج الطاقة عبر الفيول، وذلك يعتمد على أسعار الغاز والفيول. ففي عام 2021 كانت كلفة الإنتاج عبر الغاز نحو 7 سنتات للكيلواط ساعة، بحسب تصريح سابق للوزير وليد فياض، تُضاف إليها كلفة النقل والتوزيع والهدر بالشبكة. بينما كانت كلفة الإنتاج عبر الفيول تُراوح بين 18 و20 سنتاً للكيلواط ساعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store