
لبنان بين ضغط الخارج وتكلّس الداخل: فرصة أخيرة قبل الانهيار!
كتب أنطوان الأسمر في 'اللواء':
يواجه لبنان راهناً مفترقاً مصيرياً قد يكون الأكثر حراجة منذ نهاية الحرب. أنهكه الانهيار المالي وتآكل مؤسساته وتشرذمها، حتى بات محاصراً بين متغيرات إقليمية سريعة، وضغوط دولية غير مسبوقة، وأزمات داخلية لا تحتمل مزيداً من الانتظار أو التسويات الهشة. فهل هو في صدد تفويت فرصته الأخيرة للخلاص، أم أن لحظة الوعي الوطني لا تزال ممكنة، ولو في اللحظة الأخيرة؟يتّضح أن المجتمع الدولي لم يعد يرى في لبنان مجرد بلد صغير يعاني أزمة بنيوية، بل يضعه في سياق إقليمي واسع يتغير بسرعة. باتت واشنطن، ومعها شركاء غربيون أساسيون، تعتبر أن استمرار الواقع اللبناني كما هو – حيث يوجد سلاح خارج الشرعية، وفساد مزمن، ولا قدرة للدولة على فرض هيبتها –عائق مباشر أمام أي تدخل اقتصادي أو سياسي لمساعدته. لم تعد الدول المانحة مستعدة لتقديم دعم غير مشروط، ولا لمواصلة لعبة الإنكار التي يتقنها اللبنانيون، بل تريد خطوات ملموسة تبدأ من ملف سلاح حزب الله ولا تنتهي عند إصلاح الإدارة والقضاء والمالية العامة.
لا يكتفي الموقف الأميركي بتحديد سقف للمطلوب لبنانيا، بل يضع جدولاً زمنياً – حتى وإن بقي غير معلن – لتنفيذ هذه المطالب. الضغط ليس شكلياً، ولا إعلامياً، بل يأتي عبر قنوات ديبلوماسية واضحة، ورسائل سياسية معلنة، وتحذيرات ضمنية من أن لبنان قد يُرفع من جدول الاهتمام الدولي إن لم يُظهر جدية في التغيير. لن تكون بروتوكولية الزيارة المرتقبة لمورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الرئاسي الأميركي.، بل هي محمّلة بإشارات حول مستقبل العلاقة الأميركية – اللبنانية، والفرص الضائعة إذا استمر الجمود.
في الموازاة، تلوح ملامح تصعيد أمني في الجنوب، فيما أعادت تل أبيب نشر «لواء الجليل» على طول خط التماس مع لبنان، في خطوة تعكس استعداداً واضحاً لاحتمال المواجهة. باتت إسرائيل، التي راقبت عن كثب التموضع العسكري لحزب الله طوال الشهور الماضية، واستشعرت هشاشة التفاهمات التي حالت دون حرب شاملة، تتحرّك على أساس أن التهدئة قد تنهار في أي لحظة. ومع تراجع فاعلية الردع الدولي، واحتمال تآكل دور قوة اليونيفيل، يصبح الجنوب عرضة لاشتباك جديد، لا يُعرف كيف يبدأ أو أين ينتهي.
تواجه قوات اليونيفيل التي تكتسب رمزية تتجاوز بُعدها العسكري المباشر وتمثّل التزاماً دولياً واضحاً باستقرار الجنوب، تضييقاً غير مسبوق، واعتداءات ميدانية بدأت تتخذ طابعاً منظماً أو على الأقل مكرراً بشكل يثير القلق. وتتحدث التقارير الديبلوماسية عن شعور متنامٍ لدى الدول المساهمة في اليونيفيل بأنها تعمل في بيئة معادية، أو على الأقل غير مرحّبة، ما يدفع ببعضها إلى إعادة النظر في جدوى المشاركة، ويشجع دول أخرى على الدفع نحو تغيير قواعد الاشتباك، بحيث تتمكن اليونيفيل من التحرك دون موافقة مسبقة من الجيش اللبناني.
يفتح هذا التوجه، الذي يصطدم برفض حزب الله واعتباره تعدياً على السيادة، الباب على إشكالية أعمق تتعلق بتعريف السيادة نفسها. فهل هي فقط رفض أي تدخل خارجي، أم أنها تبدأ من قدرة الدولة على بسط سلطتها على كامل أراضيها، وضبط السلاح، وتطبيق القانون؟ الواقع أن لبنان يعيش نوعاً من التناقض البنيوي بين مفهوم السيادة القانونية وممارسة السيادة الفعلية، حيث تستمر قوى حزبية وغير رسمية في فرض «حدود سياسية وأمنية» ميدانية تمنع الدولة من أداء وظائفها. وهذا ما يجعل الحديث عن السيادة في كثير من الأحيان شكلياً، أو حتى ساذجاً.
يكمن التحدي الحقيقي في أن هذا الوضع بات يضعف أوراق الدولة اللبنانية في المحافل الدولية. فبعثة لبنان في الأمم المتحدة تجد نفسها عاجزة عن تبرير استمرار مهمة اليونيفيل بالشروط الحالية، في ظل انعدام الحد الأدنى من الضمانات الأمنية. ومع كل حادثة جديدة، تتزايد الضغوط لتحجيم المهمة أو سحب الجنود، مما يعني فعلياً تفكيك الحماية الدولية التي وفرتها هذه القوة، وترك الجنوب مكشوفاً أمام احتمالات إسرائيلية شتّى.
في ظل هذا المشهد، يقف لبنان أمام لحظة قرار مصيرية، لا تقل خطورة عن لحظات مفصلية في تاريخه الحديث. فإما أن ينجح في بلورة تسوية جديدة تعيد الاعتبار إلى الدولة ومؤسساتها، وتفتح الباب أمام استعادة الثقة الدولية، أو أنه سيتحول إلى ساحة متروكة لتجاذبات إقليمية، وعاجز عن فرض نفسه طرفاً فاعلاً في تحديد مستقبله.
المشكلة أن القوى السياسية ما زالت، في معظمها، تتعامل مع الوضع القائم بوصفه قابلاً للتأجيل والتدوير. لا أحد يجرؤ على المواجهة، أو يمتلك تصوراً متكاملاً لكيفية الخروج من المأزق. الجميع ينتظرون الخارج، والخارج بدأ يفقد الصبر. وفي الأثناء، تستمر التوازنات القديمة في تقييد أي محاولة فعلية للتغيير.
اللحظة قاسية، لكن وضوحها لا يحتمل الالتباس: إما أن يُعاد بناء الدولة على أسس جديدة تُبدّي المصلحة العامة، وإما أن يُترك لبنان نهباً للتآكل الداخلي والتخلي الدولي، وما يحمله ذلك من مخاطر الزوال السياسي والاقتصادي، وربما الكياني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 10 دقائق
- سيدر نيوز
حماس تنفي رفضها مقترح ويتكوف، وتربط الإفراج عن الرهائن 'باتفاق أشمل'
قدّمت حركة حماس رداً على المقترح الأمريكي الأخير لوقف إطلاق النار المؤقت في غزة، عبّرت فيه عن استعدادها لإطلاق سراح 10 من الرهائن الإسرائيليين الأحياء وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل عدد متفق عليه من المعتقلين الفلسطينيين، لكنها طالبت بإدخال تعديلات على الخطة التي أعدّها مبعوث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. وأكدت الحركة في بيانها تمسّكها بمطالبها الأساسية، وعلى رأسها: وقف دائم لإطلاق النار. انسحاب شامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة. ضمان تدفّق المساعدات الإنسانية. إلى جانب السماح بحرية الحركة من وإلى القطاع، واستئناف النشاط التجاري، وإعادة إعمار البنية التحتية بما يشمل الكهرباء والمياه والاتصالات والمستشفيات والمدارس والمخابز. كما نصّ الرد على أن الرئيس ترامب سيتولى الإعلان عن أي اتفاق يتم التوصل إليه، وأن الولايات المتحدة ومصر وقطر ستتولّى دور الضامن لاستمرار الهدنة لمدة 60 يوماً، على أن تُستأنف المفاوضات خلالها للتوصّل إلى اتفاق دائم، مع استمرار دخول المساعدات وتوقّف العمليات العسكرية. وأفاد رد حماس بأن الحركة ستقدّم معلومات حول بقية الرهائن، أحياءً وأمواتاً، في المقابل تطالب إسرائيل بتقديم بيانات كاملة عن الفلسطينيين المحتجزين لديها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وينص الاقتراح الأمريكي – الذي وافقت عليه إسرائيل وفقاً لبيان رسمي – على هدنة مدتها 60 يوماً، تشمل إطلاق سراح 28 رهينة (أحياء وأموات) في الأسبوع الأول، تليها دفعة ثانية تضم 30 رهينة إضافية في حال التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مقابل إطلاق سراح 1,236 معتقلاً فلسطينياً وتسليم رفات 180 فلسطينياً. وتعهدت الخطة بإيصال المساعدات إلى غزة عبر الأمم المتحدة والهلال الأحمر وقنوات أخرى، في حين تصرّ إسرائيل على أن الهدنة يجب أن تبقى مؤقتة مع احتفاظها بحق استئناف العمليات العسكرية. وقد صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن الحرب لن تنتهي ما لم تُجبر حماس على إلقاء السلاح والخروج من الحكم، فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن 'أمام حماس خياران: إما قبول صفقة ويتكوف أو مواجهة التدمير الشامل'. ووصف مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف ، رد حماس بأنه 'غير مقبول على الإطلاق'، وقال إن الحركة 'تعيد الأمور إلى الوراء' بدلاً من التقدم للأمام، مضيفاً أن عليها 'قبول المقترح كأساس لمحادثات غير مباشرة يمكن أن تبدأ خلال أيام'. وقال ويتكوف إنه تلقى رد حماس، وكتب في منشور على منصة إكس 'هذا أمر غير مقبول بالمرة ويعيدنا إلى الوراء، وعلى حماس قبول مقترح الإطار الذي طرحناه كأساس لمحادثات غير مباشرة والتي يمكننا البدء بها فوراً هذا الأسبوع'. حماس تتهم ويتكوف بـ'الانحياز الكامل لإسرائيل' في المقابل، قال مسؤول في حماس لوكالة رويترز، إن الحركة ردّت بإيجابية على المقترح وتسعى إلى تعديلات دون أن يوضح طبيعتها، بينما صرّح القيادي في الحركة، باسم نعيم، بأن حماس توصّلت الأسبوع الماضي إلى تفاهم مع ويتكوف حول الصيغة، لكن إسرائيل رفضت جميع البنود المتفق عليها. وقد نفى نعيم رفض الحركة لمقترح ويتكوف، وقال إن رد إسرائيل يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه. وأضاف 'نحن لم نرفض مقترح السيد ويتكوف، نحن توافقنا مع السيد ويتكوف على مقترح وأعتبره مقبولاً كمقترح للتفاوض وجاءنا برد الطرف الآخر عليه، وكان لا يتفق مع أي بند مما توافقنا عليه'. واتهم نعيم المبعوث الأمريكي بالتصرف 'بانحياز كامل للطرف الإسرائيلي'. وسبق أن رفضت إسرائيل مطالب حماس وطالبت بنزع سلاح الحركة بالكامل وتفكيك قوتها العسكرية وإنهاء إدارتها في غزة، إضافة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في القطاع البالغ عددهم 58 رهينة. وأعرب ترامب يوم الجمعة، عن اعتقاده بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وفق أحدث مقترحات مبعوثه ويتكوف، وقال البيت الأبيض، يوم الخميس، إن إسرائيل وافقت على المقترح. ويُعتقد أن حماس تجد نفسها في موقف معقّد، إذ تواجه ضغوطاً شعبية من 2.2 مليون فلسطيني يعيشون ظروفاً غير مسبوقة، إلى جانب عجزها العسكري عن التصدي للتصعيد العسكري الإسرائيلي، ما يجعلها غير قادرة على رفض المقترح بشكل صريح، وفي الوقت نفسه غير قادرة على قبوله بصيغته الحالية. وفقاً لوزارة الصحة في غزة، فقد قُتل أكثر من 54,000 شخص في غزة منذ بدء الحرب، بينهم أكثر من 4,100 منذ استئناف العمليات الإسرائيلية في 18 مارس/آذار الماضي. وقال الجيش الإسرائيلي، الذي استأنف حملته الجوية والبرية في مارس/ آذار 2025، بعد وقف لإطلاق النار استمر شهرين، إنه واصل ضرب أهداف في غزة، منها مواقع للقناصة، وقتل ما قال إنه قائد موقع لتصنيع الأسلحة تابع لحماس. وفرضت إسرائيل حصاراً على جميع الإمدادات التي تدخل القطاع بالتزامن مع بدء الحملة العسكرية في محاولة لإضعاف حماس، ووجدت نفسها تحت ضغط متزايد من المجتمع الدولي الذي صدمه الوضع الإنساني البائس الذي خلقه الحصار، واستأنفت إسرائيل إدخال المساعدات، لكنها وصفت 'بالقليلة'. وقالت منظمات إغاثة يوم السبت إن مسلحين اعترضوا عشرات من شاحنات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة المحملة بالطحين وهي في طريقها إلى مخابز غزة واستولى سكان جوعى على الطعام. وذكر برنامج الأغذية العالمي في بيان 'بعد حصار شامل لقرابة 80 يوماً، يعاني السكان من الجوع ولم يعد بإمكانهم رؤية الطعام يمر من أمامهم'. إعلام فلسطيني: مقتل 26 في غارة إسرائيلية على نقطة لتوزيع المساعدات في رفح ذكرت وسائل إعلام فلسطينية، يوم الأحد، أن إسرائيل شنت غارة على نقطة لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، ما أدى إلى مقتل 26 شخصاً على الأقل في رفح. وقال الجيش الإسرائيلي إنه 'لا علم له حالياً بوقوع إصابات نتيجة نيران قوات الدفاع الإسرائيلية' في موقع توزيع المساعدات الإنسانية. وأضاف في بيان أن 'الأمر لا يزال قيد المراجعة'. وبدأت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أيضاً من إسرائيل عملها منذ فترة قصيرة في غزة. وفي حين عبر بعض الفلسطينيين عن قلقهم إزاء حياد المؤسسة وإجراءات التحقق بالمقاييس الحيوية وغيرها من عمليات التدقيق التي ذكرت إسرائيل أنها ستطبقها، قال مسؤولون إسرائيليون إن المؤسسة سمحت بإجراء تدقيق بشأن المستفيدين لاستبعاد أي شخص يثبت ارتباطه بحماس. وفي 28 مايو/ أيار، اتهمت حماس إسرائيل بقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل وإصابة 46 آخرين بالقرب من أحد مواقع توزيع المساعدات التابعة ل مؤسسة غزة الإنسانية ، وهو اتهام نفته المؤسسة. كما قال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت أعيرة نارية تحذيرية في المنطقة خارج المجمع لإعادة السيطرة عليه، بينما هرع آلاف الفلسطينيين إلى موقع توزيع المساعدات. بي بي سي تحدد موقع مقاطع فيديو قُرب نقطة توزيع المساعدات الجديدة وأجرت بي بي سي مسحاً لمنصات التواصل الاجتماعي، في محاولة للتحقق من صحة لقطات نُشرت بزعم أنها توثّق مشاهد وقعت صباح اليوم. وحتى الآن، تُظهر غالبية المقاطع التي تم رصدها مشاهد لجثث تُنقل إلى مستشفى ناصر في خان يونس، سواء على عربات تجرها الخيول أو في مؤخرة الشاحنات، دون أن تتضمن توثيقاً مباشراً للأحداث الجارية. وبحسب تقارير إعلامية محلية، فقد سُجّل إطلاق نار في موقعين مختلفين، غير أن أياً من اللقطات المتاحة لم يُظهر بوضوح الموقع الدقيق لهذين الحدثين. مع ذلك، تمكّنت 'بي بي سي للتحقق' من تحديد موقع مقطعي فيديو نُشرا مؤخراً، يُظهران طريق صلاح الدين إلى الجنوب من نقطة توزيع المساعدات الجديدة في ممر نتساريم. وتُظهر اللقطات أشخاصاً يركضون وينحنون في ظل سماع إطلاق نار كثيف في الخلفية. ويتوقف بعضهم بحثاً عن غطاء خلف الصخور والأنقاض، وسط أصوات متواصلة لانفجارات وطلقات نارية. وتواصل بي بي سي جمع وتحليل المزيد من المقاطع المصورة، في محاولة لرسم صورة أوضح لما حدث، وتحديد المكان بدقة. فيما أظهرت صوراً لاحقة من مستشفى ناصر في غزة، تجمع حشود من الفلسطينيين خلال تشييع قتلى.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 18 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
في غارة أرنون... إسرائيل تزعم استهداف عنصر من حزب الله
كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، اليوم الأحد، في منشورٍ على حسابه عبر منصة "إكس": "قامت طائرة للجيش الإسرائيلي في وقت سابق اليوم بمهاجمة والقضاء على أحد عناصر حزب الله الذي ينتمي إلى منظومة الصواريخ المضادة للدروع في منطقة أرنون جنوب لبنان". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


المنار
منذ 22 دقائق
- المنار
الاحتلال يرتكب مجزرة دموية جديدة بحق طالبي المساعدات في رفح
ارتكب الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، مجزرة دموية جديدة في قطاع غزة، استهدفت الفلسطينيين المتجمهرين للحصول على المساعدات الإنسانية، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، قرب موقع لتوزيع مساعدات أمريكية غرب مدينة رفح جنوبي القطاع. وتوجه آلاف المواطنين فجر اليوم إلى نقطة المساعدات التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي بالتنسيق مع جهات أمريكية في حي تل السلطان برفح، وسرعان ما أطلقت طائرات مسيّرة من نوع 'كوادكابتر' النار صوبهم، قبل أن يستهدفهم الاحتلال بقذائف مدفعية، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين شهيد وجريح. وأكد شهود عيان أن جنود جيش الاحتلال أطلقوا النار، بمشاركة طائرات مسيّرة من طراز 'كوادكابتر'، على جموع المواطنين الذين كانوا يصطفون للحصول على المساعدات من الموقع الأمريكي الواقع غرب رفح. وأشار الشهود إلى أن عناصر يرتدون زيًا أمنيًا تابعًا للشركة الأمريكية المكلّفة بتأمين المساعدات، شاركوا إلى جانب قوات الاحتلال في إطلاق النار، ما يكشف عن تورّط مباشر للولايات المتحدة في الجريمة، ليس فقط عبر الدعم السياسي والعسكري، بل من خلال شركائها الميدانيين على الأرض. ويأتي هذا الهجوم في وقت تروّج فيه الإدارة الأمريكية لما تصفه بـ'جهود تقديم المساعدات'، إلا أن هذه المساعدات تحوّلت اليوم إلى غطاء لارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق المدنيين الجوعى. لا أستطيع وصف هذا المشهد… المعاناة مستمرة، ما بين قتلٍ بلا رحمة وتجويعٍ بلا نهاية. #غزة #مجزرة — أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) June 1, 2025 وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إنّ الجريمة الجديدة تمثّل دليلاً إضافيًا على مضيّ الاحتلال في تنفيذ خطة ممنهجة للإبادة الجماعية عبر سياسة التجويع. وأوضح، في بيان له، أن عدد الشهداء في مواقع توزيع المساعدات بلغ 39 شهيدًا وأكثر من 220 مصابًا خلال أقل من أسبوع. وأضاف البيان أن الاحتلال حوّل مواقع توزيع المساعدات من نقاط للإغاثة الإنسانية إلى مصائد للقتل الجماعي، مشددًا على أن ما يجري هو استخدام ممنهج للمساعدات كأداة حرب وابتزاز ضد المدنيين الجوعى. وأشار إلى أن الاحتلال، عبر سياسة تجويع متعمّدة تمهّد للتهجير القسري، وفق ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة، دفع نحو 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى حافة المجاعة، بعد أن أبقى المعابر مغلقة أمام المساعدات الإنسانية، وخصوصًا الغذائية، لأكثر من 90 يومًا. وبعيدًا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات عبر ما تُعرف بـ'مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية'، وهي جهة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة. ويجري توزيع المساعدات في ما تُسمى 'المناطق العازلة' جنوب غزة، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط، إذ توقفت عمليات التوزيع مرارًا بسبب تدفق أعداد هائلة من المدنيين الجياع، ما دفع القوات الإسرائيلية إلى إطلاق النار على المتجمعين، وأسفر عن وقوع قتلى وجرحى. كما أن الكميات الموزعة وُصفت بأنها شحيحة، ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات مئات الآلاف من الجياع في القطاع. حركة حماس تحمل الاحتلال والإدارة الأمريكية مسؤولية المجزرة حملت حركة المقاومة الإسلامية 'حماس' الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن المجازر المرتكبة في مواقع توزيع المساعدات، وعن استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب ضد الشعب الفلسطيني. وأدانت الحركة، في بيان، المجزرة الوحشية التي ارتكبها 'جيش الاحتلال الفاشي' باستهدافه آلاف المواطنين الذين توجهوا إلى أحد مراكز توزيع المساعدات، وفق آلية حددها الاحتلال غرب مدينة رفح، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 35 مواطنًا، وإصابة أكثر من 150 آخرين بجراح متفاوتة. وأكدت أن 'هذه المجزرة تؤكد الطبيعة الفاشية للاحتلال وأهدافه الإجرامية من وراء هذه الآلية، حيث يستخدم المراكز الخاضعة لسيطرته كمصائد لاستدراج المدنيين الجوعى، ويمارس أبشع صور القتل والإذلال بحقهم'. وأضافت الحركة: 'لقد توجه آلاف المواطنين، فجر اليوم، إلى منطقة توزيع المساعدات، استجابة لدعوة صادرة عن جيش الاحتلال، رغم ما يعانونه من حرب إبادة وتجويع غير مسبوقة، قبل أن يطلق عليهم النار بوحشية، في تأكيد صارخ على النية المبيّتة لارتكاب هذه الجريمة'. وطالبت الحركة الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن الدولي، باتخاذ قرارات عاجلة وملزمة تُجبر الاحتلال على وقف هذه الآلية الدموية، وفتح معابر قطاع غزة فورًا، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية عبر المؤسسات الأممية المعتمدة. كما دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، تدخل قطاع غزة للتحقيق في هذه الجرائم الممنهجة بحق المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عنها كمجرمي حرب. وحثّت الدول العربية والإسلامية على التحرّك العاجل لإغاثة سكان القطاع، والضغط لوقف حرب الإبادة الوحشية، وكسر الحصار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون شروط. أطباء بلا حدود: إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة للتطهير العرقي أكدت منظمة 'أطباء بلا حدود' أن 'البداية الكارثية لتوزيع المساعدات الغذائية تثبت فشل الخطة الأميركية – الإسرائيلية، وتؤكد أن إسرائيل تستخدم المساعدات كوسيلة لتهجير السكان قسرًا، ضمن ما يبدو أنه إستراتيجية للتطهير العرقي'. جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمة عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال صباح اليوم، بحق المواطنين أثناء توجههم إلى نقطة توزيع المساعدات في منطقة المواصي برفح، والتي أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 30 مواطنًا، وإصابة 150 آخرين. وأشارت المنظمة إلى أن إسرائيل تمارس منذ أكثر من 19 شهرًا سياسات تنتهك أبسط مبادئ الإنسانية في غزة، وتتبنى نهجًا خطيرًا في توزيع المساعدات عبر توجيهها إلى مناطق محددة يتم فيها حشد المدنيين عمدًا. وأوضحت أن النظام الإنساني في غزة يوشك على الانهيار بسبب القيود الإسرائيلية الصارمة، التي سمحت بدخول أعداد ضئيلة من شاحنات المساعدات، مشددة على أن استغلال المساعدات كسلاح قد يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. المرصد الأورومتوسطي: مجزرة اليوم هي الأكبر منذ فرض آلية توزيع المساعدات من جانبه، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والجاد لإجبار إسرائيل على وقف العمل بآليتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، وذلك عقب المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 220 مدنيًا صباح اليوم، نتيجة إطلاق نار مباشر قرب إحدى نقاط المساعدات المدعومة أمريكيًا جنوب رفح. وقال المرصد، في بيان صحافي، إن فريقه الميداني وثق قيام جيش الاحتلال بإطلاق النار باتجاه آلاف المدنيين الذين تجمعوا فجر الأحد 1 يونيو/حزيران 2025، في حي تل السلطان غرب رفح، قرب نقطة مساعدات أقامها الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى استشهاد نحو 30 مدنيًا – بينهم امرأتان – في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع، إلى جانب إصابة أكثر من 200 آخرين، وسط فقدان عدد غير محدد من الأشخاص، في ظل تدهور بالغ في النظام الصحي بفعل الحصار واستهداف المنظومة الطبية. وأشار المرصد إلى أن الجيش الإسرائيلي والمنظمة الأميركية الشريكة له، وجّها الفلسطينيين إلى نقطة توزيع المساعدات وطلبا منهم الانتظار حتى الساعة السادسة صباحًا للمرور عبر بوابات التفتيش، قبل أن تُفتح النيران عليهم من طائرات 'كوادكابتر' المسيّرة، وتُستكمل بقصف مدفعي مباشر، بالإضافة إلى إطلاق عناصر الشركة الأميركية قنابل الغاز على الجموع، ما أدى إلى سقوط ضحايا وحدوث تدافع كبير للفرار من الموت. وبحسب شهود عيان قابلهم فريق المرصد، فإن المنظمة الأميركية تحضر كميات محدودة من الطرود الإغاثية، وتستدعي عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مناطق التوزيع الخطرة، حيث يتعرضون لإطلاق النار والقذائف، فيما يتنازع من ينجو منهم على كمية ضئيلة من المساعدات لا تكفي إلا لأعداد محدودة جدًا.