
ليست رأس الهرم الديني، ماذا نعرف عن 'مشيخة العقل' لدى الدروز؟
أحد وجهاء شيوخ الدروز من المرتبة الثانية مع أعضاء جيش الثوار بقيادة جنبلاط في لبنان عام 1958
بعد الاشتباكات الدامية الأخيرة في السويداء بسوريا، حيث الكثافة السكانية الدرزية، برز اسما الزعيمين الدرزيين الشيخ يوسف جربوع، والشيخ حكمت الهجري، وكلاهما يحمل اللقب الديني شيخ العقل، إضافة إلى الشيخ سامي أبو المنى.
فماذا تعني 'مشيخة العقل'؟ ومتى نشأت؟ ولماذا؟
العقل لدى الدروز
Getty Images
النجمة الخماسية التي تمثل المبادئ الدرزية
جاء في كتاب 'مناقب الدروز في العقيدة والتاريخ' للدكتور سامي أبو شقرا نقلاً عن الشيخ عبد الغفار تقي الدين قوله: 'لقد جعل الله للوجود علة وسبباً يتنزه به عن المباشَرة لإبداع الكائنات بذاته، هذه العلة هي العقل'.
ويقول شيخ العقل السابق في لبنان، نعيم حسن، إن العقل بالنسبة للموحدين 'هو في المحل الأرفع، يقترن بالشرع الحق ويقود الإنسان بنوره'.
وأضاف في كتابه (الدليل إلى التوحيد) أن الدروز يُطلقون لقب 'العقّال' على من وَعَوا عن الله أمره ونهيه وعملوا بمراده، وآمنوا أن العقل يجب أن يتوافق مع الشرع.
ويقول سعيد أبو زكي، أستاذ التاريخ والأخلاق بالجامعة اللبنانية الأمريكية، إنه كان يطلق على المتدينين 'العُقّال' ومفردها عاقل، على عكس 'الجُهّال'.
ولا يقتصر لقب العُقال على الرجال، حيث يُطلق أيضاً على المرأة الدرزية المتدينة 'العاقلة'. وهناك 'نساء عاقلات يبرزن بالتقوى والفضيلة الدينية، فيُكرّمن ويُقصدن أحياناً للمشورة، ويطلق عليهن لقب الست'، بحسب أبو زكي الباحث في تاريخ الدروز.
وذكر أبو زكي في حديث خاص لبي بي سي أنه عند وفاة إحدى هؤلاء العاقلات، يُدفنّ بمدفن خاص، وتُنصَب عليه شواهد تذكر بعض فضائلهن، فيصبح مزاراً دينياً، ضارباً مثالاً بالست فاخرة البعيني من قرية مزرعة الشوف في القرن التاسع عشر؛ ومع ذلك فالدرزيات لا يتقلدن مناصب لا روحية ولا قانونية.
ويؤكد أبو زكي، مؤلف كتاب 'مشيخة عقل الدروز في لبنان: بحث في أصولها ومعناها وتطورها'، على أن المنصب الديني يرجع إلى 'مسلك العقل'، وهو المسلك الديني الروحي لدى الدروز، الذي يُعنى بـ'تنمية وتهذيب الطبيعة العاقلة لدى الإنسان وإيصالها إلى كمالها'.
ما الحاجة إلى مشيخة العقل؟
Getty Images
الشيخ عارف حلاوي من أهم مراجع الدروز حول العالم
ظهرت فكرة 'مشيخة العقل' خلال الحقبة العثمانية في لبنان، في القرن الثامن عشر، وكان يطلق على كل مرجعية دينية في قرية أو منطقة؛ حيث كان جبل لبنان مقسماً إلى مقاطعات بها مجموعة من القرى، وكان في كل قرية مرجعية أو أكثر.
ويقول أبو زكي، وهو أيضاً باحث في تاريخ الدروز، إن لقب 'شيخ العُقّال' بدأ يظهر في المصادر اللبنانية للدلالة على المرجعيات الدينية لدى دروز جبل لبنان. وفي القرن التاسع عشر صار يمسى 'الرئيس الروحي'.
وبعدها حدث تطور سياسي؛ حيث بدأ الدروز يفقدون الحكم في جبل لبنان بعد عام 1825، وحاول الأمير بشير الثاني الشهابي، الذي حكمت سلالته لبنان ما بين (1247-1697)، إدخال نفوذه على الرئاسة الروحية.
وبحسب أبو زكي، كان رد فعل الدروز أنهم أنشأوا 'مشيخة عقل' كمنصب له وظائف إدارية محدّدة تختص بالأوقاف والأحوال الشخصية، وحيّدوا الرئاسة الروحية، التي هي الولاية الدينية، عن اللقب.
ويقول المؤرخ اللبناني الدكتور صالح زهر الدين في كتابه (تاريخ المسلمين الموحدين الدروز)، إن 'مشيخة العقل من المناصب الكبرى الحساسة والمسؤولة في البلاد؛ حيث كان يهابها الحكام، خاصة الشهابيون؛ لأهميتها وتأثيرها ووزنها الفاعل على كل الصُعد'.
ومع ذلك، يقول أبو زكي إن لقب 'شيخ العقل' لم يشع استعماله داخلياً لدى الدروز إلا بعد عام 1861، خلال الحكم 'المُتصرّفي'، وهو نظام حكم أقرته الدولة العثمانية بعد ما يعرف بالفتنة الطائفية الكبرى بين الدروز والموارنة.
هل هو رأس الهرم الديني؟
يقول الشيخ يوسف جربوع، شيخ عقل الدروز في سوريا، في حديث خاص لبي بي سي إن مشيخة العقل هي رأس الهرم الرّوحي لطائفة الموحدين الدروز، وشيوخها هم أئمة هذه الطائفة، أو بمعنى آخر هم 'المرجعية الدينية العليا' لديهم.
في المقابل، يؤكد سعيد أبو زكي، الأكاديمي والباحث المتخصص في تاريخ الدروز، أن مشيخة العقل تأتي حالياً في المرتبة الثالثة في الهرم الديني لدى الدروز؛ فهو 'شيخ يُنتدب من قبل رجال الدين'.
وتأتي في المرتبة الثانية طبقة من الشيوخ تلبس عباءة خاصة مقلمة باللونين الأبيض والأسود، تميزها عن بقية رجال الدين، ولا يُطلق عليهم لقب بعينه، لأنه بحسب أبو زكي فإن رجال الدين الدروز لديهم 'نفور من الألقاب' بشكل عام.
Getty Images
أحد شيوخ الدروز اللبنانيين من المرتبة الثانية بالعباءة المقلمة بالأبيض والأسود، في حاصبيا بلبنان
أما رأس الهرم الديني لدى دروز لبنان، ولدى الكثير من الدروز في المنطقة حالياً، فهو الشيخ أمين الصايغ، وليس له لقب رسمي، لكنه يعد فعلياً المرجع الروحي الأعلى.
ويختار الرئيس الروحي الأعلى أو رأس الهرم الروحي هؤلاء الشيوخ من المرتبة الثانية؛ 'حيث يقدم في نواحي بلاده بعض الأعيان بآلية بسيطة غير محددة تنسجم مع تعلقهم بالزهد'.
وضرب الباحث اللبناني مثالاً كأن يدعو المرجع الأعلى إلى عقد حلقة ذكر في إحدى خلوات البلاد، وعند اكتمال الوفود، يتوجه إليهم بخطاب ديني قصير يبرز فيه فضل واحد أو أكثر من المشايخ الحاضرين، بالاستناد إلى فضيلتهم الدينية.
ويطلب هذا الإمام الأعلى من هؤلاء المُختارين لبس العباءة المقلمة، فتتحقق بذلك فكرة 'الإشهار'؛ لكن أبو زكي يقول إن إقناع هؤلاء الشيوخ بقبول العباءة غالباً ما تكون مسألة صعبة؛ لتخوفهم من الجاه الاجتماعي المرافق.
ويعد هؤلاء الشيوخ 'مرجعيات عرفية' كما يقول الباحث اللبناني، حيث يثق الناس في تجردهم الديني وحكمتهم، كما يرجع إليهم القادة السياسيون. وتتمحور وظيفتهم حول رعاية النشأة الروحية في مسلك العقل، كل في حيزه الجغرافي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود.
وفي الوقت الذي يُتوارث فيه لقب 'شيخ العقل' في عائلات محددة، إلا أن الرئاسة الروحية العليا لا تعرِف الوراثة، كما يقول أبو زكي، كما تغيب عنها الأضواء الإعلامية.
الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان
المرجع الروحي الأعلى لطائفة الموحدين الدروز الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ
شيوخ العقل في بلاد الشام
موقع جامعة القديس يوسف في بيروت
الدكتور الشيخ سامي ابو المنى، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان
بالنسبة للبنان،
يتولى منصب مشيخة العقل في الوقت الحالي الدكتور سامي أبو المنى، الذي اختِير للمنصب عام 2012، بعد إعلان من الشيخ نعيم حسن لانتخاب شيخ عقل جديد لطائفة الموحدين الدروز، خلفاً له.
وتضم مشيخة العقل في لبنان حالياً شيخ عقل واحد يتمتّع بالحقوق والامتيازات ذاتها التي يتمتّع بها رؤساء الطّوائف اللّبنانيّة الأُخرى، من غير استثناء أو تمييز، بحسب نص القانون الصادر عام 2006.
أما في السابق، فكان هناك شيخا عقل: شيخ للفئة الجنبلاطية، وشيخ للفئة اليزبكية من الدروز، لرعاية الأوقاف الدينية لعُقّال الدروز، وكهيئة إشراف على تطبيق الأحوال الشخصية عند قضاة المذهب، أي كهيئة استئناف، بحسب أبو زكي.
ويُعدّ القبول بمنصب شيخ العقل تنازلاً نهائياً من صاحب المنصب عن أي وظيفة أو مهنة أو حرفة؛ فلا يجوز قانونياً الجمع بين منصب شيخ العقل وأيّ منصب آخر من أيّ نوع كان، باستثناء المناصب الفخرية.
ويتولّى شيخ العقل رعاية شؤون طائفة الموحّدين الدّروز الرّوحيّة، وإدارة مصالحها الدينية والاجتماعية، كما يمثّلها رسمياً لدى السلطات العامة وبقية الطوائف.
وتساعده في تنفيذ مسؤوليّاته هيئة دينية استشارية تتكون من ستة شيوخ، يعينهم شيخ العقل خلال الشهر الأول من تاريخ تسلمه مهام منصبه، على ألا تربطه بأي منهم علاقة ما أو صِلة قربى حتى الدّرجة الرابعة.
ومع ذلك، يقول سعيد أبو زكي إن هذا القانون 'يعبر عن الواقع التنظيمي لمنصب شيخ العقل، لكن التنظيم الديني الحقيقي، يقع خارج مجال هذا القانون، فهو تنظيم عرفي روحي. ولا يُسمح لشيخ العقل بالتدخل بالقرارات الدينية التي هي من اختصاص مشايخ البلاد'.
Getty Images
الشيخ يوسف جربوع، شيخ عقل الطائفة الدرزية في سوريا
أما في سوريا،
فيقول الشيخ يوسف جربوع، في حديث خاص لبي بي سي إن الحاجة إلى مشيخة عقل في سوريا ظهرت بعد هجرة بعض الدروز إليها، وتحديداً إلى جبل العرب أو جبل حوران قبل نحو 300 عام.
ومع ذلك، فإن بداية وجود الدروز هناك لم تكن تستدعي وجود مرجعية أو مشيخة، نظراً لقلة عددهم، بحسب شيخ العقل الذي تحدث لبي بي سي.
ويقول الكاتب تيسير أبو حمدان في كتابه 'الدروز مسلكاً ومعتقداً' إن الحاجة إلى المرجع الروحي في جبل العرب، ظهرت عندما وجد حاكم الجبل حمدان الحمدان أنه لا بد من وجود من يتولى أمور الطائفة دينياً ويرعى شؤونها الشخصية.
وقد وقع الاختيار على الشيخ ابراهيم الهجري، 'لنبوغه وصلاحه وتقواه'، بحسب أبو حمدان، ليصبح مؤسس الرئاسة الروحية في الجبل، وتصبح بلدته (قنوات) المركز الديني للطائفة في الجبل وكان ذلك عام 1803.
وقد ظل الشيخ إبراهيم الهجري الشيخ الروحي الأوحد طيلة حياته؛ لكن بعد وفاته، اختار الدروز عائلتين أخريين هما عائلة جربوع من مدينة السويداء، وعائلة الحناوي من بلدة (سهوة بلاطة)، إلى جانب عائلة الهجري.
Getty Images
الشيخ حكمت سلمان الهجري (في المنتصف)
وقد توارثت العائلات الثلاثة المشيخة، باختيار الزعماء والحاضرين من هو أصلح من أسرة المتوفي، بإلباسه عمامة وعباءة المشيخة في يوم الوفاة أو بعدها بقليل.
وبحسب أبو زكي، فقد تمركزت مشيخة آل الهجري في قنوات والريف الشمالي والغربي للسويداء، في حين استقرت مشيخة آل حناوي في سهوة البلاط والريف الجنوبي، أما مشيخة آل جربوع فهي في مدينة السويداء والقرى المجاورة.
ويضيف أبو زكي أن دروز جبل حوران، اصطلحوا على تراتبية اجتماعية عرفية تضع مشيخة آل هجري في المقام الأول، ثم مشيخة آل جربوع في المقام الثاني، وبعدها مشيخة آل حنّاوي في المقام الثالث، وهي تراتبية معنوية لا دخل لها في الوظائف الدينية والاجتماعية والسياسية التي يتساوى فيها الثلاثة.
وتشير المصادر التاريخية في القرن التاسع عشر، إلى كون مشيخة آل هجري لها المكانة الأولى بين الثلاثة، وهو ما يفسر اللقب الرسمي الذي يستعمله الشيخ حكمت الهجري في وقتنا الحالي، باعتباره 'الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز' وهو لقب لا يستعمله شيخا العقل الآخران، بحسب الباحث اللبناني أبو زكي.
Getty Images
رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف
كما عرفت أرض
فلسطين التاريخية
، الديانة الدرزية قبل نحو 1000 عام، بحسب أبو زكي.
وقد اعترفت إسرائيل بالطائفة الدرزية كطائفة مستقلة عام 1957، فأنشِئت رئاسة روحية بنفس مفهوم شيخ العقل، برئاسة الشيخ أمين طريف، الذي جمع بين هذا المفهوم وبين كونه المرجعية الدينية العليا للدروز هناك، كما يقول الباحث اللبناني أبو زكي، وهو جد الشيخ موفّق طريف، الرئيس الروحي الحالي للدروز في إسرائيل.
Getty Images
الشيخ أمين طريف، شيخ العقل في فلسطين عام 1928
وأخيراً هناك الرئاسة الروحية لعدد قليل من الدروز في
الأردن
، في مناطق مثل الأزرق ووادي السرحان، قبل أن ينتقل بعضهم إلى عمّان والمناطق الحضرية الأخرى مع تَشكُّل الدولة.
ويقول الكاتب اللبناني فاروق غانم خدّاج، في مقال له إن معظم دروز الأردن 'جاءوا من جبل الدروز في سوريا ومن فلسطين، بحثاً عن الاستقرار في ظل ظروف سياسية متقلبة'.
ويرأس دروز الأردن حالياً الشيخ أبو أشرف عجاج مهنّا عطا، الذي تعد مشيخته مشيخة دينية واجتماعية سياسية، بحسب أبو زكي، الذي أضاف لبي بي سي أنه بحسب الموروث الشفهي المحلي، فإن جده الكبير، كان أول من استوطن الزرقاء في شمال الأردن وأسس لتوطن الدروز هناك في أواخر القرن الثامن عشر.
Getty Images
أحد العُقال الدروز في الأردن، ممن لجأوا من جبل الدروز في عام 1926
وهناك تعاون بين مشيخة عقل الدروز في الدول المختلفة، وهو 'تعاون ديني عقائدي واجتماعي' مع الحفاظ على استقلال كل منطقة بإدارة شؤونها بنفسها، على حد تعبير الشيخ يوسف جربوع، شيخ عقل سوريا.
وقال الشيخ جربوع لبي بي سي إن 'ذلك يرجع إلى كون كل مرجعية تخضع لأنظمة سياسية مختلفة في البلدان الثلاثة'، مؤكداً أن كل مرجعية لم تتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للمرجعيات الأخرى، رغم أن البرنامج العقائدي واحد.
ومن أوجه التواصل بين المؤسسات الدرزية في مختلف الدول، ما ذكره أبو زكي أنه في عام 1934، حدثت أزمة في فلسطين ضد الشيخ أمين طريف، جد الشيخ الحالي، فبادر أعيان مشايخ لبنان إلى الصلح وحل الأزمة.
وفي عام 1947، عندما حدث نزاع داخلي بين دروز جبل حوران فيما عُرف بالثورة الشعبية الثانية ضد بيت الأطرش، سافر الشيخ أمين طريف إلى دمشق لحل النزاع وحقن دماء الدروز.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 29 دقائق
- هبة بريس
لامكان لمغرب يسير بسرعتين.. هكذا أعلنها الملك
محمد منفلوطي- هبة بريس في قراءة قانونية لمضمون الخطاب الملكي لذكرى عيد العرش المجيد، نجد أنه جاء بحمولة قوية نابعة من تشخيص دقيق لواقع مغرب اليوم، مغرب استطاع تخطي العقبات والأزمات بثبات، على الرغم من توالي سنوات الجفاف، وتفاقم الأزمات الدولية. لكن وعلى الرغم من ذلك كله، ظل اقتصادنا الوطني وبفضل الرؤية الملكية السديدة محافظا على نسبة نمو هامة ومنتظمة، خلال السنوات الأخيرة. هي إشارة قوية من جلالته، إلى أنه وبالرغم من هذه المعطيات، إلا أن بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، لازالت تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية، وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية، يقول الملك. نعم هي رسالة قوية حملها خطاب العرش كما أعلنها الملك محمد السادس حفظه الله، مفادها أن لا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين. هي رسالة قوية، يجب على جميع القوى الحية التقاطها وتغليب المصلحة الفضلى الوطن على المصالح الشخصية الضيقة. وفي اعتقادي هي رسالة إلى الأحزاب السياسية لتحمل مسؤولياتها في اختيار النخب القادرة على ركب سفينة التغيير، وإحداث نقلة نوعية حقيقية لتدارك الفوراق الاجتماعية والمجالية. هي رسالة قوية من ملك البلاد للانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية، إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة، بيد أن ثمار هذا التقدم والتنمية، عليه أن يشمل كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء. خطاب العرش جاءت بحمولة سياسية واقتصادية وببعد اجتماعي غير مسبوق، آخذا بعين الاعتبار تكريس مفهوم الجهوية المتقدمة مع استحضار الخصوصيات المحلية ومبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية.


صوت العدالة
منذ 29 دقائق
- صوت العدالة
مراسيم الإنصات للخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش المجيد بجماعة اكزناية
صوت العدالة-عبد الحليم السعيدي في أجواء مهيبة يملؤها الفخر والاعتزاز، شهدت جماعة اكزناية، مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025، مراسيم الإنصات للخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى الشعب المغربي، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين. وقد جرت هذه المراسيم بحضور وازن لممثلي السلطات المحلية، في مقدمتهم السيد باشا جماعة اكزناية، وقياد المقاطعات الثلاث، وقائد سرية الدرك الملكي بالجماعة، وقائد القوات المساعدة، إلى جانب السيد رئيس الجماعة الحضرية لاكزناية، وأعوان السلطة المحلية، بالإضافة إلى نواب ومستشاري المجلس الجماعي. كما شهدت المناسبة حضورًا متميزًا لفعاليات المجتمع المدني، حيث لبّت الدعوة عدد من الجمعيات المحلية النشيطة، إلى جانب حشد من ساكنة اكزناية الذين حرصوا على متابعة الخطاب الملكي الذي يُعد محطة سنوية لتجديد روح الوطنية والارتباط المتين بين العرش والشعب. وقد عكست هذه المناسبة أجواء من الوحدة والاعتزاز بالمسيرة التنموية التي يقودها جلالة الملك، مؤكدين التزامهم الراسخ بمواصلة الانخراط في الأوراش الوطنية الكبرى التي تعرفها المملكة. ويُعد حضور مختلف المكونات الرسمية والمدنية خلال هذا الحدث الوطني تأكيدًا على أهمية التلاحم بين مؤسسات الدولة والمجتمع، وتجسيدًا لروح المواطنة والتعبئة الشاملة وراء جلالة الملك، حفظه الله.


المغرب الآن
منذ 29 دقائق
- المغرب الآن
'اليد الممدودة لا تذبل'… المغرب يجدد دعوته للجزائر ويستند إلى دعم دولي متنامٍ لمقترح الحكم الذاتي
في خطاب عيد العرش.. الملك المفدى عاهل البلاد محمد السادس حفظه الله ورعاه يجدد دعوة الجزائر إلى 'حوار صريح ومسؤول' ويشيد بالدعم الدولي المتزايد للحكم الذاتي في الصحراء في لحظة محورية من تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية، جدّد الملك محمد السادس نداءه الصريح والمباشر إلى القيادة الجزائرية، داعياً إلى تجاوز الجمود السياسي والدخول في حوار مسؤول، أخوي، وصادق، من أجل طي صفحة الخلافات وفتح آفاق جديدة للتكامل المغاربي الذي طال انتظاره. "اليد الممدودة لا تذبل"… المغرب يجدد دعوته للجزائر ويستند إلى دعم دولي متنامٍ لمقترح الحكم الذاتي في خطاب عيد العرش.. الملك المفدى عاهل البلاد محمد السادس حفظه الله ورعاه يجدد دعوة الجزائر إلى "حوار صريح ومسؤول" ويشيد بالدعم الدولي المتزايد للحكم الذاتي في الصحراء — المغرب الآن Maghreb Alan (@maghrebalaan) July 29, 2025 هذه الدعوة، التي جاءت ضمن خطاب الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، لا تُعبّر فقط عن موقف سياسي تقليدي، بل تترجم استراتيجية مغربية متكاملة تسعى إلى تثبيت السلم الإقليمي وتعزيز مناخ الثقة، في ظل تحديات جيوسياسية متسارعة. 'اليد الممدودة' ليست شعاراً دبلوماسياً بل خيار استراتيجي الخطاب الملكي أبرز مجدداً التزام المغرب بمقاربة 'اليد الممدودة'، التي تتجاوز الحسابات الظرفية الضيقة، نحو بناء فضاء مغاربي متكامل. الملك قالها بوضوح: 'بصفتي ملك المغرب، فإن موقفي واضح وثابت، وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق (…) لذلك، حرصت دوماً على مد اليد لأشقائنا في الجزائر'. في قراءة سياسية معمّقة، تتأكد هذه الرسالة كامتداد منطقي لمواقف سابقة عبر عنها العاهل المغربي منذ سنوات، من بينها دعوته الشهيرة في خطاب 6 نوفمبر 2018 لآلية سياسية مشتركة للحوار بين البلدين. غير أن الجديد اليوم، هو السياق الدولي المواتي، والإشارات المتزايدة من عواصم القرار العالمية حول ضرورة تجاوز الخلافات المغاربية لصالح تنسيق إقليمي مشترك، خصوصاً في قضايا الطاقة، الأمن، والهجرة. رهان مغربي على التوافق.. وحرص على 'لا غالب ولا مغلوب' الملك محمد السادس أكد أن المغرب لا يبحث عن نصر دبلوماسي على حساب الآخر، بل عن حل 'يحفظ ماء وجه جميع الأطراف'، وهي صيغة تدل على نضج استراتيجي كبير وتقدير دقيق لتعقيدات الملف. صيغة 'لا غالب ولا مغلوب' هي بمثابة دعوة ضمنية للجزائر للجلوس إلى طاولة الحوار دون شروط مسبقة، في أفق تسوية تضمن الكرامة والسيادة لكل الأطراف. الدعم الدولي يتوسع.. والمغرب يرسخ مكاسب قضية الصحراء من جهة أخرى، لم يغب ملف الصحراء عن الخطاب، بل شكل حجر الزاوية في قسمه الدولي. الملك عبّر عن اعتزازه بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة كحل نهائي للنزاع، مشيراً إلى مواقف 'المملكة المتحدة الصديقة' و'جمهورية البرتغال' كمثالين واضحين على التوجه الدولي الجديد نحو الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. هذا التراكم في المواقف الدولية لا يأتي من فراغ، بل يعكس جهداً ديبلوماسياً مغربياً هادئاً ومتصاعداً، جعل من المبادرة المغربية للحكم الذاتي إطاراً واقعياً وذا مصداقية لحل النزاع، كما تؤكد ذلك قرارات مجلس الأمن منذ سنوات. الرهان على الاتحاد المغاربي.. واقع مؤجل وحلم لا يموت الملك لم يُغفل الإشارة إلى ضرورة إعادة بعث الاتحاد المغاربي، الذي يبقى رهيناً بإرادة سياسية مشتركة. وهنا جاءت العبارة البليغة: 'نؤكد تمسكنا بالاتحاد المغاربي، واثقين بأنه لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر'. هذا التصريح ليس دعوة رومانسية، بل تنبيه استراتيجي بأن تعطيل البناء المغاربي يُضعف الجميع، ويفوّت على شعوب المنطقة فرصاً تنموية هائلة. خلاصة: مناشدة الملك تضع الكرة مجدداً في ملعب الجزائر مرة أخرى، يُقدّم المغرب نفسه طرفاً مسؤولاً يسعى إلى بناء مستقبل مشترك على أساس الحوار والواقعية، بينما تبقى القيادة الجزائرية حبيسة خطاب المظلومية ورفض اليد الممدودة. فهل تلتقط الجزائر هذه الإشارة النبيلة؟ وهل يُكتب لخطاب العرش هذا العام أن يكون منعرجاً تاريخياً في العلاقات المغربية الجزائرية؟ أم ستبقى اليد المغربية الممدودة تنتظر من يمدّ يده بالمثل؟