
الأمهات والأطفال: التجويع يفتك بحاضر غزة ومستقبلها
في وقت سابق من اليوم الاثنين، أوضحت وزارة الصحة في قطاع غزة أن مستشفيات القطاع، سجّلت 14حالة وفاة جديدة خلال الـ 24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية 147 حالة وفاة، بينهم 88طفلًا.
'ليس لدينا تقريبا كلمات لوصف مدى فظاعة الوضع في غزة الآن، يقتل في المتوسط صف دراسي من الأطفال يوميا'، هكذا اختزل وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي؛ النزف الفلسطيني في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر بدعم أمريكي منذ نحو عامين؛ أمام مرأى ومسمع العالم.
وفي مشهد يلخص مأساة الطفولة، في قطاع غزة المحاصر، خرج أربعة أطفال من أسرة واحدة، من منزلهم في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بحثًا عن طعام يسد رمقهم، لكنهم لم يعودوا جراء جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي. عاد 'عمر' و'أمير' أشلاءً، ولحقت بهما ابنة عمهما 'سما'، فيما الطفل الرابع 'سراج' يصارع الموت في أحد مستشفيات غزة، التي أنهكها الحصار والعدوان.
'الأطفال الأكثر معاناة'
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم الاثنين، أن 'كل الفلسطينيين في قطاع غزة جوعى، لكن الأطفال هم الأكثر معاناة'.
وقالت اليونيسف، على حسابها بمنصة (إكس):'الجميع جوعى في غزة، لكن الأطفال هم الأكثر معاناة. وحتى25 يوليو(الجاري)، أفادت التقارير بوفاة83 طفلا بسبب سوء التغذية'.
وأضافت: 'بدلا من الذهاب إلى المدرسة، يُخاطر الأولاد والبنات بحياتهم أملا في الحصول على بعض الطعام.
وأكملت: 'يجب الآن السماح بدخول كميات كافية من المساعدات'.
فيما أكدت منظمة أطباء بلا حدود تضاعف عدد المسجلين للعلاج من سوء التغذية في عيادتها بغزة أربع مرات منذ 18 مايو.
وأوضحت أن معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة بغزة تضاعف ثلاث مرات خلال الأسبوعين الماضيين.
وقالت إن ما يحدث في غزة تجويع متعمد للناس تمارسه السلطات الإسرائيلية، مطالبة إياها بالسماح بدخول إمدادات الغذاء والمساعدات إلى غزة على نطاق واسع.
وأضافت أن المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية بغزة يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة.
بدوره، قال المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى خليل الدقران، إن أطفال قطاع غزة يعانون من الجوع، وسط ظروف صحية قاسية.
وأضاف الدقران في تصريح لقناة 'الجزيرة'، أن المصابين بأمراض مزمنة في غزة يواجهون خطر الموت مع شح الغذاء والدواء.
وحذر من أن المستشفيات المتبقية بقطاع غزة مهددة بالتوقف لشح الوقود، لافتًا إلى أن الطواقم الطبية تعاني من الجوع وسوء التغذية وسط ظروف كارثية.
وتابع 'نخشى زيادة أعداد الوفيات التي تصلنا، بسبب تفاقم الجوع في قطاع غزة'، مضيفًا أن جميع سكان القطاع مهددون بالإصابة بسوء التغذية.
يأتي هذا في حين يعاني900 ألف طفل في غزة الجوع ، 70 ألفا منهم دخلوا مرحلة سوء التغذية.
وسبق أن حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين مارس يونيو، نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويستخدم الكيان الصهيوني التجويع في قطاع غزة على المدنيين الفلسطينيين كأداة لكسر إرادة المقاومة وفرض الاستسلام، على أمل تحقيق ما لم يقدر عليه عسكريا في القطاع المحاصر.
ووفقا للمادة 54من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، يُحظر 'تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب'، بما في ذلك تدمير أو إتلاف المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، مثل الأغذية والمياه ومرافق الزراعة.
وسبق أن أدانت محكمة الجنايات الدولية هذا الأسلوب في عدة قضايا، واعتبرته جريمة حرب عندما يتم تعمّده ضد المدنيين، وهو ما دفع منظمات قانونية إلى المطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة بشأن ما يجري في غزة.
ومازالت المنظمات الدولية ترصد حالة الجوع والحصار في قطاع غزة فحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بتاريخ 23 يوليو 2025، فإن أكثر من مليون طفل في غزة باتوا في مرحلة 'انعدام الأمن الغذائي الحاد'، ويواجه القطاع خطر المجاعة على نطاق واسع، فيما يعيش 88% من سكانه في مناطق خاضعة لأوامر إخلاء أو نشاط عسكري مباشر.
الأمهات…وجه آخر للمأساة
يعد الأطفال والنساء الحوامل (الأمهات) من أكثر المتضررين من التجويع الإسرائيلي في قطاع غزة المحاصر.
وحذّرت منظمة 'يونيسف' من أنّ قرابة 71,000 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم آلاف في حالة 'هزال شديد يهدد حياتهم'، إلى جانب أكثر من 17,000 امرأة حامل ومرضع في وضع غذائي خطير.
وقالت الطبيبة الأمريكية، أمبرين سليمي، إنها تضطر إلى إجراء عمليات ولادة قيصرية مبكرة لنساء فلسطينيات في قطاع غزة يعانين من مضاعفات صحية خطيرة بسبب نقص الغذاء والدواء، وإن العديد من النساء يلدن أطفالا بأحجام صغيرة جدا بتوقيت مبكر، في ظل استمرار جريمة الإبادة والتجويع 'الإسرائيلي' بالقطاع.
وظهرت الطبيبة الأمريكية، خلال مقابلة أجرتها وكالة الأناضول، بجوار طفل حديث الولادة يعاني من سوء تغذية داخل الحضانة، وقالت إنه ولد قبل أسبوعين بعملية قيصرية.
وتعمل سليمي، التي وصلت إلى غزة قبل 3أسابيع عبر منظمة 'بيت المال'(غير حكومية مقرها الولايات المتحدة)، إلى جانب الطواقم الطبية المحلية في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوبي غزة.
وأوضحت أن هناك نقصا حادا في المعدات والإمدادات والأسرة في مستشفى ناصر وفي كافة مستشفيات القطاع، ما يُعقد رعاية المرضى، خاصة النساء الحوامل والأطفال.
وأضافت أن القسم النسائي في مستشفى ناصر يفتقر للعدد الكافي من الأسرة لاستقبال الأمهات الحوامل وحديثي الولادة، إضافة إلى مصابي الحرب وسوء التغذية، الأمر الذي يؤثر سلبا على العلاج.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، هناك 60ألف سيدة حامل معرضة للخطر جراء انعدام الرعاية الصحية والأمن الغذائي.
وحذر 'الإعلامي الحكومي'، السبت الماضي، من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100ألف طفل في القطاع جراء نفاد الحليب والمكملات الغذائية في ظل استمرار سياسة التجويع التي ترتكبها قوات العدو الإسرائيلي والتي تتزامن مع جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من 21شهرا.
قبل الانصراف؛ نتوقف أمام شهادة طفل من القطاع، خرج للبحث عن لقمة يكافح بها جوعه وجوع عائلته؛ فإذا بجنود الاحتلال يأسروه ويعذبوه مع أصدقائه؛ وهي شهادة وثقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
كان فارس مع تسعة من أصدقائه، اقتيدوا على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية من مراكز توزيع في مدينة رفح، جنوب غزة.
شهادات صادمة أدلى بها الفتية، مؤكدين تعرضهم لـ'انتهاكات جسيمة وتعذيب قاسٍ' . فيما كان جنود الاحتلال قبل اعتقالهم قد أطلقوا النار على أربعة مدنيين بينهم طفل ارتقوا شهداء، وسقط عشرات الجرحى.
يقول أحد الفتية المحررين: 'كانت أمي تقسّم الرغيف إلى نصفين، نصف للصباح ونصف للمساء. كنت أشوف دموعها كل يوم، وما أقدر أعمل شيء… قررت أخرج أجيب أكل، حتى لو بموت'. بهذه الكلمات عبر الفتى الغزاوي عن طبيعة المأساة التي يتجرعها الأطفال والأمهات مع جميع سكان القطاع، الذين يرزحون تحت وطأة عدوان إسرائيلي يستهدف كل شيء في سياق حرب همجية لم يستيقظ معها الضمير الإنساني بعد ليقول بصوت مرتفع لإسرائيل ومن يدعم جريمتها: أوقفوا إزهاق الأرواح وتدمير كل مظاهر الحياة!
وبدعم أمريكي وأوروبي، يواصل جيش العدو الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد 59,921 مدنياً فلسطينياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 145,233 آخرين، حتى اليوم، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال الآلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ET بالعربي
منذ ساعة واحدة
- ET بالعربي
محمود سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لأنغام: ستخضع لجراحة في البنكرياس
في تطورات الحالة الصحية لـ أنغام، كشف محمود سعد أنها ستخضع لعملية جراحية دقيقة لاستئصال كيس على البنكرياس، موضحًا أن الأطباء قرروا إزالة الكيس بالكامل مع جزء صغير من البنكرياس، وذلك بسبب الألم الشديد الذي تعاني منه في الفترة الأخيرة. وكتب سعد عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك": "آخر أخبار أنغام الصحية علشان نطمن جمهورها، الدكاترة في البداية شالوا جزء من الكيس اللي على البنكرياس". وأضاف:"وبعد شوية قرروا يشيلوا الكيس كله مع جزء صغير من البنكرياس، وهي بخير وهتعمل العملية دي بكرة الصبح. رجاء الدعاء لها، ربنا يشفيها ويقومها بالسلامة". وخلال بث مباشر، طمأن محمود سعد الجمهور مؤكدًا أنه تواصل مع أنغام ومع ابنها عمر الذي يطمئنه على حالتها، وأضاف: 'هي بتعاني من ألم شديد، وتعب كبير نتيجة بعض المشاكل الصحية، وإن شاء الله بعد 3 أو 4 أيام نقدر نشوف تحسن. هي مش في خطر، لكن محتاجة دعواتكم علشان الألم العنيف اللي بتمر بيه'.


الدستور
منذ 7 ساعات
- الدستور
سياسي فلسطيني لـ الدستور: المساعدات التي تدخل غزة تُنهب والإنزال قد يساهم بحل الأزمة
قال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن قطاع غزة يواجه أزمة إنسانية حقيقية تتعلق بآلية دخول المساعدات وإيصالها إلى السكان، في ظل تفشي ظواهر السطو والنهب وإعادة بيع المساعدات في الأسواق بأسعار باهظة تفوق قدرة المواطن البسيط على شرائها. وأوضح عمر في تصريحات خاصة للـ"الدستور"، أن معظم ما يدخل إلى قطاع غزة من مساعدات يتم الاستيلاء عليه قبل أن يصل إلى مستودعات المؤسسات الدولية، في ظل تعمد الاحتلال الإسرائيلي إدخالها عبر طرق مزدحمة ومكتظة بالنازحين، ما يفتح المجال أمام الفوضى وغياب السيطرة على توزيعها العادل. عمليات الإنزال قد تساهم نسبيًا في التخفيف من الأزمة الإنسانية وأشار عمر إلى أن عمليات إنزال المساعدات جوًا بواسطة 'الباراشوتات' قد تساهم نسبيًا في التخفيف من الأزمة الإنسانية وتقلل من حجم السرقات، إلا أنها لا تخلو من مشكلات، أبرزها استقواء بعض التجار والمجموعات المسلحة عليها، بل وتعرض المواطنين للاعتداء أثناء محاولتهم الحصول عليها. وأكد عمر، أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن هذه الفوضى، من خلال تغذيته لحالة الانفلات الأمني وتسليكه مجموعات فلسطينية محددة تتولى الاستيلاء على المساعدات وتوزيعها لأغراض تجارية، إلى جانب استهدافه للمجموعات التي تحاول تأمين إيصال المساعدات للمواطنين، مما يخلق بيئة خصبة للاستغلال والمتاجرة بالمعاناة. وختم عمر حديثه بالتأكيد على أن غزة بحاجة ماسة إلى إدخال آلاف الشاحنات يوميًا من المواد الأساسية، وعلى رأسها الدقيق، والأرز، وحليب الأطفال، والسكر، وحفاضات الأطفال، لضبط الأسعار وتخفيف العبء عن المواطنين، كما دعا إلى تحرك دولي عاجل لإيجاد قوة عربية محايدة تتولى إدارة شؤون القطاع وتنظيم آلية دخول وتوزيع المساعدات بما يضمن العدالة ووضع حد للفوضى والنهب. وسبق، وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، عن تسجيل 5 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية، نتيجة التجويع وسوء التغذية التي تضرب القطاع المحاصر بفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة.


وكالة شهاب
منذ 11 ساعات
- وكالة شهاب
في ذروة المجاعة في غزة.. بيانات إسرائيلية تكشف عن صادرات عربية لـ (إسرائيل) خلال يونيو 2025
خاص / شهاب بينما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت الحصار والجوع، ويواجه عشرات الآلاف منهم خطر الموت جوعًا، كشفت بيانات إسرائيلية رسمية عن استمرار تدفق الصادرات العربية، بما في ذلك المنتجات الغذائية، إلى دولة الاحتلال خلال شهر يونيو/حزيران 2025، في مفارقة صادمة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية. شهادات أممية أكّدت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية أن قطاع غزة يمر بأزمة غذائية تُعد الأشد في تاريخه، وسط تحقّق الشروط الثلاثة لتعريف "المجاعة" بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC). من جانبه، صرح برنامج الأغذية العالمي: أن نحو 500 ألف شخص في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهم على بعد خطوة من المجاعة. فيما قالت اليونيسف: إن ربع الأطفال دون الخامسة مصابون بسوء تغذية حاد، ويُسجل دخول أكثر من 100 حالة جديدة يوميًا إلى المستشفيات. وقالت منظمة أطباء بلا حدود: "الوفيات بسبب الجوع ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، والمساعدات لا تصل بسبب الحصار والقصف." رغم المجاعة في الوقت الذي تواجه فيه غزة كارثة إنسانية، أظهرت بيانات هيئة الإحصاء الإسرائيلية أن خمس دول عربية مطبّعة صدّرت لإسرائيل منتجات بقيمة 116.4 مليون دولار خلال يونيو 2025، منها 8.16 مليون دولار صادرات غذائية تحت 18 فئة مختلفة. كانت مصر في الصدارة، حيث بلغت قيمة الصادرات الغذائية من مصر إلى إسرائيل 3.8 مليون دولار، لتكون الدولة العربية الأكثر توريدًا، ثم تلاها المغرب بحيث جاءت في المرتبة الثانية بـ 2.5 مليون دولار، أما الإمارات فقد تركزت في المركز الثالث بـ 1.04 مليون دولار، في حين بلغت قيمة الصادرات من الأردن بـ 672 ألف دولار، ومن البحرين بـ 47 ألف دولار. كما سجلت البيانات تصدير الأردن 791 طنًا من الخضروات إلى إسرائيل بين شهري يونيو ويوليو، منها (695) طنًا من الطماطم، و(96.5) طنًا من الفلفل، وذلك رغم إعلان الأردن وقف التصدير رسميًا منذ أغسطس 2024، ما يثير تساؤلات حول التزام بعض الدول العربية بقراراتها المعلنة في ظل اشتداد الإبادة والمجاعة في غزة. اعتبر محللون وحقوقيون هذه الأرقام "دليلًا على تناقض فاضح بين الشعارات والمواقف السياسية من جهة، والممارسات التجارية من جهة أخرى". وأكدوا أن استمرار التبادل التجاري، خاصة في المنتجات الغذائية، "يوفّر غطاءً غير مباشر للحصار المفروض على غزة، ويقوّض أدوات الضغط العربي الممكنة." ويرى الحقوقيون أن أبسط تعبير عن التضامن هو وقف التوريد للجهة التي تفرض الحصار، لا أن تملأ أسواقها بالخضار في وقت لا يجد فيه الغزي لقمة يسد بها رمق أطفاله. صمت رسمي في المقابل، لم تُصدر غالبية الحكومات المعنية أي توضيحات بشأن هذه الأرقام، بينما عبّر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والمغرب والأردن عن غضبهم مما وصفوه بـ "عار الصادرات في زمن المجاعة". يُذكر أنه، ورغم حجم الكارثة الإنسانية التي اجتاحت قطاع غزة في يوليو/تموز 2025، حيث بلغ الجوع ذروته وتحوّل إلى مجاعة فعلية وفق معايير التصنيف الأممي، غابت الاستجابة العربية الرسمية عن المشهد الإغاثي بشكل فادح. فقد التزمت حكومات مثل مصر والأردن والإمارات، ومعها سائر الدول العربية، الصمت حيال الانهيار الغذائي الكامل الذي تعرّض له أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين. واقتصر الدور على بيانات تعاطف أو تصريحات دبلوماسية بلا أثر عملي. وتحت أعين تلك العواصم، واصل الاحتلال الإسرائيلي فرض الحصار الخانق، ومنع إدخال المساعدات الحيوية، بما في ذلك الغذاء والدواء، دون أن يُقابل ذلك بأي تحرك عربي فعال، سواء عبر الضغط السياسي، أو فتح المعابر، أو إطلاق جسور إنسانية عاجلة. هذا التخاذل الجماعي، الذي رآه مراقبون "تواطؤًا بالصمت"، كشف عن فجوة مهولة بين الخطاب الرسمي العربي وواقع التضامن الميداني، في لحظة كانت غزة بأمسّ الحاجة إلى أضعف الإيمان.