
مركز النور للمكفوفين يحتفل بتكريم 29 خريجًا من منتسبيه ومستفيديه من مدارس الدمج والجامعات
محليات
26
برعاية وحضور سعادة السيّدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزير التنمية الاجتماعيَّة والأسرة، أقام مركز النور للمكفوفين، أحد المراكز المنضوية تحت مظلّة المؤسسة القطريَّة للعمل الاجتماعي، الحفل الختامي للعام الأكاديمي 2024–2025، بمقرّ المركز في مدينة لوسيل، حيث جرى تكريم 29 خريجًا من منتسبي المركز والمستفيدين من مدارس الدمج والجامعات.
وشهد الحفل حضور عدد من أصحاب السعادة الوزراء، وعدد من كبار الشخصيات في الدولة وممثلي الجهات الرسميّة والمجتمعيّة، إلى جانب أسر المنتسبين والمستفيدين والمهتمّين بمجال الإعاقة البصريَّة.
استُهِلّ الحفل بالنشيد الوطني وتلاوة من القرآن الكريم، ثمَّ ألقى المدير التنفيذي لمركز النور للمكفوفين، السيّد مشعل بن عبدالله النعيمي، كلمته التي أكّد فيها أنَّ الحفل يُجسّد حصاد عامٍ كامل من العمل المشترك بين المنتسبين وأسرهم وكوادر المركز، مشيرًا إلى أنَّ المركز ينتهج رؤية استراتيجيّة تهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة البصريَّة وتعزيز استقلاليّتهم من خلال بيئة تعليميَّة وتأهيليّة شاملة.
وأوضح النعيمي أنَّ البرامج التأهيليَّة في المركز شهدت تطوّرًا نوعيًّا خلال السنوات الأخيرة، عبر إدماج أدواتِ تكنولوجيّة مساعدة وتقنيات ذكيّة دعمت المنتسبين في الجوانب التعليميَّة والمهنيّة المختلفة، مشدّدًا على أنّ هذه التقنيات باتت عنصرًا مهمًّا في عمليّة التأهيل، ويتم تحديثها باستمرار بالشراكة مع مؤسسات محليَّة ودوليَّة.
وأشار أيضًا إلى أنَّ المنتسبين والمستفيدين يؤدّون دورًا فاعلًا في صياغة البرامج التي تخدم احتياجاتهم، مؤكّدًا أنَّ نجاحاتهم الأكاديميَّة والمهنيَّة تُعدّ انعكاسًا لفاعليّة هذا النهج التشاركي، ومدى التكامل بين جهود المركز ودعم أولياء الأمور.
وتضمّن برنامج الحفل كلمة للمنتسبة العنود المري، إحدى خريجات مدارس الدمج، تحدّثت فيها عن تجربتها التعليميَّة والدور المهم الذي أدّاه المركز في تمكينها وتطوير مهاراتها، وتخلّلت الفقرات أيضًا عرضًا لفيديو وثّق رحلة المنتسبين من مرحلة التأسيس إلى الدمج، إضافة إلى فقرة فنيّة لأغنية بعنوان "يا قطر أنت الحياة"، قدّمها منتسبو المركز.
وشهد الحفل أيضًا تنظيم معرضٍ مصاحب بعنوان "رحلة النور"، سلّط الضوء على مسار المنتسب منذ مرحلة التقييم، مرورًا ببرامج التأهيل والدمج، وصولًا إلى التخرّج، وتوزّع المعرض إلى ثلاثة أقسام، منها أدوات التكنولوجيا المساعدة، وركنًا للتأهيل المهني عرض أبرز المنتجات المصنوعة بأيادي المنتسبين، بالإضافة إلى لوحات فنيَّة وأعمال تعبّر عن المهارات التي اكتسبوها خلال فترة تأهيلهم.
واختُتـِم الحفل بمراسم تكريم الخريجين، تلتها صورة جماعيَّة شارك فيها المنتسبون والمستفيدون وأسرهم والضيوف، في لحظةٍ توَّجت عامًا من الإنجاز والعمل المستمر في خدمة ذوي الإعاقة البصريَّة وتمكينهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 2 أيام
- صحيفة الشرق
لماذا هذه الحملة العالمية على تركيا اليوم؟
أثيرت منذ السنوات الأخيرة حملة تحت عنوان (إبادة الأرمن) تكاد تكون عالمية ضد تركيا اليوم التي تتقدم يوماً بعد يوم بقيادة حزب العدالة والتنمية ورئيسه الأستاذ رجب طيب أردوغان، ورفاقه الأستاذ عبدالله كَل، والأستاذ أحمد داود أوغلو وغيرهما، فقد تحقق للشعب التركي خلال السنوات (12) السابقة ما يأتي - بإيجاز شديد -: - العناية بالتعليم، وبخاصة التعليم الجامعي، حيث جعلت الدراسة في جميع الجامعات الحكومية مجانية، في حين رفعت الجامعات الأوروبية والأمريكية الرسوم الدراسية بسبب الأزمة العالمية، وتسعى تركيا لتكوين 300 ألف عالم متفرغ تكون له إبداعاته، وكذلك العناية بالتعليم الديني وإعادة الاعتبار والاعتراف بالدراسات الشرعية حتى بلغت كليات الشريعة (الإلهيات) إلى مائة كلية، والعناية بتدريس القرآن الكريم في المدارس التركية.- وفي مجال الاقتصاد ارتفع معدل دخل المواطن التركي من 3500 دولار أمريكي في عام 2002، إلى 11000 دولار في عام 2014 وارتفعت نسبة الأجور 300%، وتم بناء أضخم مطار في العالم، وفوز شركة الطيران التركية كأفضل شركات الطيران في العالم لثلاث سنوات متتالية، وقد تم تسديد حجم عجز خارجي كان أكثر من 47 مليار دولار، ولم يبق على تركيا اليوم عجر بل لديها فائض، وأصبح ترتيبها الآن 16عالمياً في الاقتصاد، وكان ترتيبها 111 قبل عشر سنوات والناتج القومي 1.1 تريليون، ونسبة البطالة من 38% إلى 2%. كما أن صادراتها بلغت اليوم 153 مليار دولار، وكانت سابقاً 23.5 مليار دولار. وكذلك مما يفيد الاقتصاد والبيئة أنه تم إعادة تدوير القمامة لاستخراج الطاقة وتوليد الكهرباء، حيث استفاد من هذه الخدمة حوالي ثلث السكان، وتم زرع 2.77 مليار شجرة خلال السنوات العشر الأخيرة. وفي مجال التصنيع، فقد تم تصنيع قمر صناعي عسكري لأول مرة، وتصنيع المدرعة والدبابة التركية، وأول طيارة من دون طيار، والعمل قائم لشق قناة عالمية تسهل عمليات النقل العالمي بالسفن مع الدخل الكبير.- ومن الجانب الديني فقد أنجر الكثير فقد ذكرت بعضه، حيث تسير الدولة بالتدرج الشعبي نحو دينه وقيمه وتأريخه وهويته دون إكراه، وإنما عن قناعة ورضا تام.- وعلى مستوى السياسة، فقد تم إحلال السلام بين شطري جزيرة قبرص، ولتركيا اليوم دور كبير في الصومال بإعادة الأمن والأمان إليها، ولها دور إيجابي أيضاً في آسيا، وأوروبا. وبالنسبة للعالم العربي فقد تغيرت السياسة التركية في عهد ما قبل حزب العدالة والتنمية التي كانت داعمة لإسرائيل وللمشروع الصهيوني، إلى الدعم السياسي القوي والشعبي للقضايا العربية والإسلامية، وبخاصة القضية الفلسطينية، كما أن تركيا اليوم تقف مع اليمن، ودول الخليج وعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن السعيد، وكذلك فإن مواقفها مبدئية من سوريا، ومن الانقلاب في مصر، ومن ليبيا، وأما موقفها من العراق فهو موقف صحيح وقائم على المصالح المشتركة حيث يريد للعراق أن تكون المكونات الثلاث الكبرى مشتركة شراكة حقيقية في الحقوق والواجبات دون الإقصاء والاجتثاث لأي مكون منها، وبذلك وحده يتحقق الأمن والأمان للعراق، وأعتقد أن دعم تركيا لإقليم كوردستان قائم على المصالح المشتركة، وتبيّن أن استقرار الإقليم كان نافعاً لكل العراقيين، وبخاصة لأهل السنة الذين هاجروا ديارهم بسبب الإرهاب (داعش والحشد الشعبي).- وبالنسبة لتحقيق الأمن والأمان داخل تركيا فقد كانت تركيا في حالة حرب خطيرة ضد حزب العمال الكوردستاني، وتصرف عليها المليارات، وراح ضحيتها وبسببها عشرات الآلاف من أبناء الشعب تركاً أو كرداً، بالإضافة إلى أن المنطقة الشرقية تعيش حالة من التدمير والفوضى، والفقر والبطالة. فقد تم الصلح والسلام في هذه المنطقة، وعاد إليها الأمن والأمان وتم الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الكردي في ظل وحدة البلاد وقوتها، وانتهت هذه الحرب المدمرة بفضل الله تعالى ثم بفضل جهود الأستاذ أردوغان ورفاقه وحزبه. واليوم يشارك الشعب الكردي في بناء تركيا القوية الموحدة التي يستفيد منها الجميع، تركيا المساواة والحقوق التي لا تفرق فيها بين شخص وآخر على أساس العرق، أو الدين، أو الطائفة، لذلك لا يجوز، ولا يليق لأي حزب كوردي أن يقف ويتعاون مع الأحزاب القومية الطورانية التي ظلمت الشعب الكوردي، وحاولت صهره والقضاء علي هويته طوال سبعين عاماً.إذن لماذا هذا الهجوم على تركيا؟وهنا يرد السؤال: هل يُوَجّه الاتهام نحو تركيا بإبادة الأرمن في هذه السنوات الأخيرة لأجل هذه المكاسب الداخلية والإقليمية والدولية؟ أم أن هذه الحملة لأجل العيون السود للأرمن؟ أم لأجل العدالة الدولية وحقوق الإنسان وأن القائمين على هذه الحملة قد نذروا أنفسهم لأجل حماية حقوق الإنسان، وبالتالي فإن ضمائرهم تحسّ بالألم والأذى إذا لم يقفوا مع المظلومين في كل مكان؟!! وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة أود أن أبيّن حقيقة معروفة في القوانين، ومبدءاً من المبادئ المعترف بها في جميع العالم وهو أنه (لا تزر وازرة وزر أخرى). وبناء على ذلك فإن ما حدث في عام 1915م - على فرضية الصحة- قد وقع داخل فوضى الحرب العالمية الأولى، وراح ضحية هذه الحرب عشرات الملايين، وأكثر منها راحت في الحرب العالمية الثانية، فهل تحاسب هذه الدول التي تكونت بعد هاتين الحربين؟ ومن جانب آخر فإن الدولة التركية اليوم قد أنشئت عام 1925م باسم جديد، وبجغرافية جديدة، وبدستور جديد، وبفكر جديد، وو..... نحن لا نستهين بقتل أي إنسان مهما كان دينه فقال تعالى: (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة: 32] ولكن أيضاً لا يجوز اتهام أي شخص (طبيعي أو معنوي) إلاّ بالبينات والحجج الواضحات المسلم بها على أنه ارتكب تلك الجريمة فعلاً. ولذلك كانت العدالة تقتضي أن تشكل لجنة محايدة للتحقيق في هذه المسألة بمهنية وحرفية - كما دعا إلى ذلك أردوغان- تبحث في أصل التهمة، وتبحث كذلك مدى قانونية اتهام تركيا اليوم بها لو ثبتت، وتعطي لتركيا حق الدفاع عن نفسها كما هو الحال في جميع دساتير العالم ومواثيقه. ومن جانب آخر فإنه قد وقعت جرائم حقيقية بقتل الملايين وإبادة الشعوب في كثير من بلاد العالم، ومع ذلك لا تثار، فمثلاً الاتحاد السوفيتي في عهد ستالين قد ارتكبت جرائم خطيرة بحق بعض الشعوب أثناء الحرب العالمية الثانية ولم يصدر قانون من أي دولة باتهام روسيا الاتحادية بها، وكذلك حدثت في أميركا إبادة جماعية للهنود الحمر ومع ذلك لم يصدر قانون من دولة أخرى بذلك، وأن الاستعمار الفرنسي فعل في الجزائر المجازر وراح ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد. وإذا كانت هذه الدول الغربية التي أصدرت القوانين بإبادة الأرمن، وتحميل تركيا بها، من باب تأنيب الضمائر الحية!! فلماذا لم تتحرك هذه الضمائر الحية، والقلوب النظيفة ضد ما تشاهده من محاولة إبادة الشعب السوري على يدي نظام الأسد، والشعب الفلسطيني وبخاصة في غزة على أيدي الصهاينة، وكذلك ما حدث من محاولة الإبادة للشعب الكردي في حلبجة والأنفال، وما حدث في البوسنة والهرسك وإفريقيا الوسطى، وماينمار التي يبدي لها جبين الإنسانية.ومن جانب آخر فلماذا تأخر اتهام تركيا بها من 1915 إلى 2015 أي مائة سنة كاملة.ومن جهة أخرى فإن علاقة تركيا اليوم جيدة مع أرمينيا، فكان المفروض أن تقوم حكومة الأرمن بهذا الاتهام لو كان هناك مصداقية؟ إن هذه القضية مسيسة تماماً يراد بها النيل من سمعة تركيا التي تتقدم بفضل الله تعالى في جميع الجبهات، وهي قضية تثأر على مواقفها نحو أمتها الإسلامية، وقضيتها الأولى قضية فلسطين. إن المتربصين الطامعين الذي يريدون أن تبقى أمتنا الإسلامية متخلفة فاشلة تابعة مفعولاً بها لا فاعلة هم الذين يجمعون هذه الملفات لكل عمل ناجح، ويمكرون مكراً كباراً (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) [إبراهيم: 46] ويخططون بكل قواهم السياسية والإعلامية والاقتصادية لافشال أي مشروع ناجح في بلادنا حتى ولو لم يكن باسم الإسلام فقد قال تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120] أي حتى نكون تابعين لملتهم أي لثقافتهم، فلا يريدون لنا السيادة والاستقلال، ولا الوحدة والتعاون، ولا الازدهار والتقدم والتحضر، ولكن الله تعالى وعد وعداً ناجزاً بأنهم لن يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم بشرطين: التوكل والإخلاص لله تعالى، والأخذ بسنن الله تعالى التي تقتضي أن تأخذ الأمة بجميع أسباب القوة، والحذر الشديد، والعمل وفق الخطط والبرامج فقال تعالى: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى) [آل عمران: 111] وقال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 105-107]. ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أن على الدول والشعوب الإسلامية أن تقف صفاً واحداً أمام المؤامرات الدولية وأن تتعاون فيما بينها لإجهاضها، لأنها اليوم تتهم تركيا، ويمكن غداً أن تتهم دولة أخرى. 723 | 14 مايو 2015 حول الأوضاع في المنطقة...فقدنا البوصلة فهل نرجع إليها؟! تتكرر كلمة (التأريخ يعيد نفسه)، وهي كلمة لها مصداقيتها في الواقع حيث يراد بها أن الأحداث تتكرر في مآلاتها وأهدافها، وحركاتها، وليس المقصود تكرار حادثة ما بعينها، فالتأريخ مدرسة عظيمة تحمل بين طياتها سنن الله تعالى في الأمم والحضارات والجماعات، وسنن العباد والبلاد من التجارب الناجحة، أو الفاشلة على مرّ الحقب الماضية. ومن أهم الفوائد المستقاة مما سبق أن أهل الحق حينما يضعفون ويتفرقون ويتنازعون تكون النتيجة الفشل الذريع، وأن الحق الذي معهم لن يشفع لهم فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[الأنفال: 46]، وعملياً وقعت خسائر كبيرة جداً يوم أُحد، ويوم غزوة حُنين لم تُغن عنهم كثرتهم بسبب خلل في المعركتين. وفي عصرنا الحديث أذكر واقعة تخص منطقة الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية، التي كانت يهددها ما يتمثل في الخطر الشيوعي الذي عمّ المنطقة العربية في الخمسينيات وحدثت انقلابات عسكرية في مصر، وسورية، والعراق، والسودان وغيرها، وجاء الفكر القومي بقيادة جمال عبدالناصر بقوته ليضرب ما سماه بالأنظمة الرجعية، وتحولت هذه الأيدلوجيات إلى صراعات عسكرية أعدّ لها الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، إعداداً جيداً حينما تسلّم الحكم في عام 1964-1975 فأدار المعركة وفق خطة استثمر لنجاحها كل الوسائل المتاحة، وبخاصة الجانب الديني، والعواطف الإسلامية، واكتسب بذلك الإسلاميين، وبخاصة الإخوان المسلمين الذين اضطهدوا في مصر، فخرجوا أو أُخرجوا فآواهم الملك، وهم أيضاً ساندوه علمياً وفكرياً وتعليمياً، فنهضوا بهذه الجوانب، بالإضافة إلى الجانب التخطيطي والسياسي، ثم شاء الله تعالى أن تصيب جيش مصر أكبر هزيمة - خلال فترة قصيرة - في تأريخ الجيوش وهي هزيمة يونيو 1967م التي نتج عنها احتلال القدس، والضفة، وغزة، وسيناء، وجولان وغيرها، فضعف المشروع الناصري القومي وبدأت الصحوة الإسلامية، ثم توفي الرئيس جمال عبدالناصر، وحلّ محله الرئيس أنور سادات الذي غيّر سياسته تماماً، فوقف الملك فيصل معه، ودعم حرب العاشر من رمضان (أكتوبر1973م) بكل إمكاناته. وقصدي من ذلك أن الملك فيصل رحمه الله وقف مع المظلومين، وتبنى الأيدلوجية الدينية في صراعه فنجح، وخسر الطرف الآخر. وكذلك الحال في أفغانستان حيث استطاعت العقيدة الإسلامية أن تهزم الأيدلوجية الشيوعية، ولكن من خلال المؤمرات أجهضت مقاصد الجهاد في أفغانستان. ولكن الذي حدث في هذه السنوات الأخيرة هو أن الأيدلوجية قد تغيرت، حيث استطاع المعادون للثورات الشعبية ذات الطابع الإسلامي التي حدثت في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن أن يغرسوا الكراهية والخوف والريبة في نفوس بعض الحكام والأمراء ويزينوا لهم أن القضاء على نتائج هذه الثورات لمصالحهم، وأنها الخطر، ومن هنا تغيرت المعادلة وحتى الأيدلوجية من أيدلوجية مساندة للتيار الإسلامي المسيطر على هذه الثورات إلى أيدلوجية تدعم التيار العلماني حيث نجح هؤلاء في ترسيخ: أن ضرب التيار الإسلامي المعتدل في مصر وفي كل مكان هو حماية لأمن تلك الدول!، مع أن الواقع يشهد على أن ظروف دول الخليج تختلف، وباعتقاد الكثير من المحللين المنصفين: فقدت البوصلة اتجاهها، وتغير مسار السفينة، وكدنا أن نتوه لولا عناية الله تعالى بعباده. وبالنسبة لليمن قامت الثورة الشعبية العارمة ضد النظام الجاثم على صدر اليمنيين ثلاثين سنة وثبت للأمم المتحدة أن الرئيس علي صالح يملك أكثر من ستين مليار دولار جمعها من ثروات بلد يعاني معظم شعبه من فقر مدقع وبطالة كبيرة. وأثناء ذلك تدّخل مجلس التعاون الخليجي - ما عدا قطر - بمبادرة أدت إلى خلع الرئيس علي صالح ولكن مع منحه الحصانة، والقوة بيده، فتعاون مع الحوثيين، وقد غض الطرف عن كل ذلك بسبب الكراهية لجمعية الإصلاح والقبائل المؤيدة لها، فوقعت الكارثة، وتلقى الحوثيون الدعم المادي والمعنوي الكبير اللامحدود من إيران وغيرها، فتمدد الحوثيون وسيطروا على باب المندب والمناطق الإستراتيجية، واليوم يريدون الهيمنة على عدن وكل اليمن، وفعلوا ما فعلوا مما لا يجهله أحد في المنطقة. أمام هذا الوضع الخطير المهدد لأمن دول الخليج بصورة واضحة ما الذي يمكن أن تفعله دول الخليج؟ في نظرنا المدعم بالتجارب التأريخية، عليها ما يأتي: 1- عقد قمة خليجية مغلقة لدراسة الموضوع وحماية المنطقة، وإدخال اليمن في مجلس التعاون الخليجي وكذلك الأردن.2- حشد كل الطاقات المادية والمعنوية والسياسية والعسكرية للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله بأقرب فرصة دون تضييع للوقت.3- فضح مخططات أعداء اليمن والطامعين فيه.4- وضع إستراتيجية جديدة تقوم على تجاربنا السابقة، وعلى إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، يعتمد فيها على الشرعية المتمثلة بحكومة الرئيس هادي، والتيارات الإسلامية القوية المعتدلة المدعومة بالقبائل اليمنية الأصيلة، سوءا كانت من المذهب الشافعي، أو الزيدي.5- ومع الاستعداد التام يُدعى الحوثيون لإعادة الأمور إلى حالتها السابقة، وإلى التحاور البناء المحدد بزمن دون مماطلة يستفيدون منها.6- جعل الإستراتيجية معتمدة على العقيدة والشريعة الإسلامية من حيث إن خروج الحوثيين على الشرعية خروج عن الشرع ويصنفون بذلك في صفوف البغاة الخارجين عن الشرعية حيث بيّن الله تعالى حكمهم فقال تعالى: (..فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الحجرات: 9] كما فعله سيدنا عليّ رضي الله عنه مع الخوارج والبغاة في عصره، ولا أشك في أن النصر يكون حليف اليمنيين ومن يساندهم - بإذن الله تعالى - إذا أخلصوا النيّات لله تعالى، واستعدوا للتضحيات، لأن قضيتهم عادلة وحق، ولأنهم ظُلموا فالله ينصرهم (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) [الفجر: 14].7- القيام بعمل دبلوماسي نشيط لكسب الأصدقاء من المؤسسات الدولية، والدول الإسلامية، ودول العالم الذين لهم الرغبة في دعم الشرعية في اليمن. وأخيراً فإن اختيار الدوحة عاصمة للحوار لليمنيين له دلالاته الكبرى، كما أن ذلك يبشر بالخير لنجاح دولة قطر - بفضل الله تعالى، ثم بفضل قادتها وإخلاصها ومصداقيتها لدى الجميع - في الإصلاح في كثير من الملفات الشائكة.والله تعالى أسأل بتضرع أن تحل هذه المشكلة الكبيرة في اليمن وأن لا تحدث فتنة بين أهلها. آمين 544 | 26 مارس 2015 استحضار الثوابت ماتمر به أمتنا الآن يستدعي من كل الطوائف استحضار الثوابت الموحدة المشتركة بين الطائفتين ، وهي : - الإيمان بأركانه الستة من الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، حسب التفصيل والإجمال الواردين في القرآن الكريم ، فهو محل اتفاق بين المسلمين : والمسلمون جميعاً متفقون على أن القرآن الكريم هو كتاب الله المنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه : (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) وأنه رسالته الخاتمة الكاملة التي تمت بها رسالة الدين الإلهي الخالد ، وأنه المهيمن والمرجع عند الاختلاف فقال تعالى : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) . والمسلمون جميعاً يؤمنون بأن الإسلام هو الدين الخاتم الكامل فقال تعالى : ( .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) وقال تعالى : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) وقال تعالى : (.. وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ). والمسلمون جميعاً يؤمنون بأن التحاكم إلى القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم فريضة شرعية ، فقال تعالى : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) وقال تعالى : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) . وهذا محل اتفاق ، ولكن بما أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشر قد مات والتحق بالرفيق الأعلى فإن سنته الصحيحة – مع القرآن الكريم – تكون هي المرجع للمسلمين ( في ضوء علوم أصول الفقه والحديث رواية ودراية ) . - الالتزام بأركان الإسلام الخمسة ( الشهادة بتوحيد الله تعالى ، وبرسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج لمن استطاع إليه سبيلاً ) .وكذلك الالتزام بما شرعه الله تعالى من حيث المبدأ .فهذا البند هو أيضاً محل اتفاق بين المسلمين جميعاً سنة وشيعة . - أن قبلة المسلمين هي الكعبة المشرفة وأنها بيت الله الحرام ، ورمز وحدة المسلمين ، وأقدس مكان على وجه الأرض ، ويليها المسجد النبوي الشريف ، ثم المسجد الأقصى ، وأن المسلمين مسؤولون عن حماية هذه المساجد الثلاثة التي تجتمع عليها أفئدتهم في كل مكان . - أن السنة النبوية الصحيحة في نظر جميع المسلمين بيان للقرآن الكريم فقال تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) وهذا محل اتفاق بينهم جميعاً من حيث الجملة والمبدأ ( وإن كان هناك تفاصيل خاصة بالشيعة ، لكن الاتفاق على المبدأ ثابت ). - إن المسلمين جميعاً بجميع طوائفهم متفقون على محبة آل البيت عليهم السلام ، وإنهم يصلون عليهم مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تشهد الصلوات ، ويقولون جميعاً بعد الشهادة : اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد.... ) وأنهم يؤمنون بأن لهم منزلة مباركة ، وأنهم يعتبرون حمزة سيد شهداء الجنة ، وأن الإمام علياً عليه السلام نام في فراش الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة الهجرة ، وأنه أسد الله تعالى في بدر ، وخيبر وغيرهما ، وأن سيدنا الحسن وسيدنا الحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن لهما منزلة عظيمة ، وأن أمهما فاطمة الزهراء بضعة من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حباً وتقديراً فحب آل البيت جميعاً مغروس في قلوب جميع المسلمين ، وهذا محل اتفاق (والاختلاف في العصمة والوصاية والولاية وعدد الأئمة ونحو ذلك فهذا داخل في تفاصيل المذهب الشيعي) . - إن المسلمين جميعاً متفقون على حب صحابة رسول الله من حيث المبدأ فلا أحد منهم يستطيع أن ينكر دورهم الذي ذكره القرآن الكريم للمهاجرين والأنصار فقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) وقال تعالى : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) . 805 | 27 يوليو 2014 الجسد الواحد لا يؤذي بعضه بعضاً إن الجسد الواحد (اليد الواحدة، والبنيان المرصوص) لا يمكن أن يؤذي بعضه بعضاً، فلا يؤذي مسلم مسلماً ما دام تربى على هذه العقيدة الجامعة التي صهرت المؤمنين في بوتقة حب الله تعالى وبالتالي يمتنع عن كل ما يؤذي أخاه في الدين وبالأخص في المجالات الآتية: أ) يمتنع عن إيذاء أخيه مهما كان الأمر تحقيقاً للأخوة الحقة، وتنفيذاً للنهي الوارد فيه، حيث يقول الله تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً). فقد حرم الله تعالى على المسلم أن يؤذي أخاه في نفسه وعرضه وكرامته وماله، وأهله، وكل ما يخصه، فشعار المسلم الحقيقي هو (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) بل إن لسانه صامت وصائم إلاّ عن قول الخير حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت) وقد بين الله تعالى بأن كل ما يقوله الإنسان يكتب له أو عليه فقال تعالى: (ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد) وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) يقول الإمام النووي: (واعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلاّ كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام، أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء). ويدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم بسندهما عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، ينزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب) ويقول أيضاً: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم) وعن معاذ قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني عن النار؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلاّ حصائد ألسنتهم). وتقوم العلاقات بين المسلمين على الحقوق المتقابلة، فليس في الإسلام شخص له حق دون أن يكون عليه واجب، ولا آخر يكون عليه واجبات، وليس له حقوق، فهذا هو المجتمع الإسلامي المتوازن الذي يتحمل كل واحد ما عليه مهما كان صغيراً أو كبيراً، فقيراً أو غنياً، حاكماً أو محكوماً، راعياً، أو رعية، فلا يكون بمنأى عن هذا المنهج المتوازن، وهذا التوازن لا يوجد في المجتمعات الأخرى، فالمجتمع الرأسمالي قائم على الحقوق، والمجتمع الاشتراكي يقوم على الواجبات، أما المجتمع الإسلامي فهو مجتمع الحقوق والواجبات، وإن كل مسلم يجب أن يؤدي واجبه قبل أن يطالب بحقه، فكل مؤمن مطالب ـ بفتح اللام ـ في حين أن الإنسان في المجتمعات الأخرى يطالب بحقه أولاً، ثم يؤدي واجبه ثانياً، ولذلك تكثر فيها النزاعات في حين أن النزاع قليل في المجتمعات الإسلامية الملتزمة بشرع الله تعالى.وبناءً على ذلك فلا يقوم المجتمع الإسلامي على الإيثار المجرد والتطوع، وإنما الإيثار زيادة خاصة بالمجتمعات الإسلامية لتقوية المجتمع وتماسكه حيث يقول الله تعالى: (والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون). فأساس المجتمع الإسلامي هو الحقوق المتقابلة وإما الإيثار فزيادة فضل وتمايز. ويترتب على ذلك وجود التنافس في الخير، والتسارع نحو الأفضل، والتسابق نحو مزيد من الكسب والبناء والحضارة والتقدم، حيث يتميز من خلال ذلك الصالح منت الطالح، والقوي من الضعيف، والحسن من الشين، وهكذا. إضافة إلى أن ذلك يؤدي إلى عدم استغلال أحد لآخر فيجب أن يأخذ كل واحد حقه ما دام قد أدى ما عليه من واجب. 691 | 26 يوليو 2014 الولاء بين المؤمنين بيّن الله تعالى أن عدم تفعيل الولاء والنصرة بين المؤمنين يؤدي إلى فتنة كبيرة ؛ لأن أهل الكفر والشرك والإلحاد أمة واحدة ، وهم ولاء بعضهم لبعض أمام المسلمين ، فقال تعالى : (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) .وهذا الولاء والحب والنصرة للمؤمنين على ميزانين : أ – ميزان الحرب ، فيجب على المؤمن نصرة المسلمين ، ومقاطعة المعتدين ، والغلظة عليهم ، والبراءة منهم ، وعدم إظهار المودة والمحبة لهم ، وهذا ما بينه القرآن الكريم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) .ب – ميزان السلم ، حيث يجب على المؤمن البر والإحسان ، ويجوز له التعايش ، والتعامل مع الآخر كما حدد هذه العلاقة قوله تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ، ومن المعلوم أن هاتين الآيتين من سورة الممتحنة التي تبدأ بالبراءة من أعداء الله تعالى ، مما يفهم منها بوضوح أن البراءة والمقاطعة تخص الأعداء المعتدين فقط . ولذلك فلا تعارض بين الولاء لله وللمؤمنين والبراء من الأعداء والمعتدين مع الإحسان والبر إلى غير المعتدين ، ولا مع المودة الشخصية " الحب على أساس العلاقات الشخصية " وليس على أساس الكفر .وقد دلت النصوص الشرعية على أن أسس العلاقات بين المسلمين تقوم على أخوة قائمة على الدين مقدمة على جميع الوشائج ، دون أن تلغيها ، ولكنها تتقدم عليها بحيث إذا تعارضت الأخوة الإيمانية مع وشائج القربى من الأبوة والبنوة والقرابة الأخرى ولم يمكن الجمع بينهما) فإن الأخوة الإيمانية هي التي يجب أن تتقدم ، وعلى هذا تكاثرت الآيات والأحاديث الكثيرة ، وإجماع المسلمين ، وتربية رسول الله للجيل الأول ، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون ، والصحابة الكرام (رضوان الله عليهم أجمعين) . وهذه الأخوة الإيمانية التي تصهر المسلمين في بوتقة واحدة وليست مجرد شعار يرفع ، أو خطبة تقال وإنما لا بدّ أن تكون واقعاً مجسداً تترتب عليه الآثار الآتية :1. الجسد الواحد ، واليد الواحدة : يريد الإسلام من المسلم أن يكون مع أخيه كالجسد الواحد وكالبنيان الواحد يشد بعضه بعضاً ، بل كاليد الواحدة . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ويقول أيضاً: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ، (وشبك بين أصابعه) . 817 | 25 يوليو 2014 تحقيق الأخوة الإيمانية دلت النصوص الشرعية على أن أسس العلاقات بين المسلمين تقوم على أخوة قائمة على الدين مقدمة على جميع الوشائج ، دون أن تلغيها ، ولكنها تتقدم عليها بحيث إذا تعارضت الأخوة الإيمانية مع وشائج القربى من الأبوة والبنوة والقرابة الأخرى ولم يمكن الجمع بينهما؛ فإن الأخوة الإيمانية هي التي يجب أن تتقدم ، وعلى هذا تكاثرت الآيات والأحاديث الكثيرة ، وإجماع المسلمين ، وتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم للجيل الأول ، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون ، والصحابة الكرام (رضوان الله عليهم أجمعين) . وهذه الأخوة الإيمانية التي تصهر المسلمين في بوتقة واحدة وليست مجرد شعار يرفع ، أو خطبة تقال وإنما لا بدّ أن تكون واقعاً مجسداً تترتب عليها الآثار الآتية :1. الجسد الواحد ، واليد الواحدة : يريد الإسلام من المسلم أن يكون مع أخيه كالجسد الواحد وكالبنيان الواحد يشد بعضه بعضاً ، بل كاليد الواحدة . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ويقول أيضاً: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ، (وشبك بين أصابعه) .2. غير متكبرين ، بل أذلاء بعضهم أمام بعض : من المعروف أن الذل منبوذ في الإسلام ، وأن العز هو المنشود ، ولكن الله تعالى أمر بالذل وأثنى عليه في موضعين فقط ، وهما الذل للوالدين (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ...) والذل للمؤمنين فقال تعالى : ( يا أيها الذين من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين....) فقد رتب الله تعالى على حب هذا القوم المختارين من الله لله تعالى ، وحب الله تعالى لهم : أن يكونوا أذلة على المؤمنين وأعزة على الكافرين ، وأن المراد بالذل هنا ذل اليسر واللين ، فالمؤمن ذلول للمؤمن ، غير عصي عليه ، ولا صعب ، فهو لين لأخيه المؤمن من غير مذلة ولا مهانة ، إنما هو ذل كل واحد للآخر ، وليس من طرف واحد ، فهو كما يقول سلمان الفارسي : (إنما مثل المؤمن للمؤمن كاليدين توضئ إحداهما الأخرى) فهي الأخوة التي ترفع الحواجز ، وتزيل التكلف ، وتخلط النفس بالنفس ، فلا يبقى فيها ما يستعصي ، وما يحتجز دون الآخر ، فقد أزيلت الحساسية بين المؤمنين ، لأن المؤمن مهما كان كبيراً وغنياً وحاكماً فهو متواضع غاية التواضع مع أخيه الآخر مهما كان منصبه ، وحالته الاجتماعية . وكيف تبقى الحساسية بين المؤمنين وقد أصبحوا بنعمته إخواناً يحبون الله ، وهو يحبهم ، وأصبحوا كالجسد الواحد ، واليد الواحدة ، والبنيان الواحد ، وهل في تواضع الأجزاء والأعضاء لبعضها ذل ومهانة ؟! ثم إن هذا الذل للمؤمنين أو العزة على غيرهم ليس من باب اتباع الهوى والشهوات ، بل هو الطاعة والسمع لموجبات العقيدة ، ومقتضيات الأخوة الإيجابية .3. صفاً واحد ، وليسوا صفوفاً ، راية واحدة وليست رايات مختلفة : لم يرض رب العالمين بأن يصف المسلمين جميعاً بالصفوف ، وإنما وصفهم بالصف الواحد فقال تعالى : (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بينان مرصوص). 8614 | 24 يوليو 2014 جهود وتضحيات إن الوحدة الإسلامية لن تتحقق دون حقوق وواجبات ، وجهود وتضحيات . إن مما لاشك فيه أننا إذا أردنا أن ننجح في إقامة علاقة متوازنة محترمة مع غير المسلمين والحوار معهم ، فلا بدّ أن نقوي ونؤصل العلاقة بين المسلمين بعضهم مع بعض على مختلف مذاهبهم وطوائفهم التقليدية ، وعلى مختلف الجماعات الفكرية الحالية من الإخوان والسلفية ، والتبليغ ونحوها . فإذا لم نجتمع نحن المسلمين على مجموعة من الثوابت ولم يتسامح ، أو يعذر بعضنا البعض في المتغيرات الاجتهادية المختلف فيها فحينئذٍ لا يكون لنا وزن وقوة في الحديث مع الآخر، والحوار معه ، وهذا ما يتشدق به ممثلو الكنائس والأديان الأخرى ، حيث يحاولون توزيع الإسلام وتقسيمه حسب المذاهب والطوائف والجماعات ،بل والأشخاص فيقولون : الإسلام السني والإسلام الشيعي ، والإسلام الأصولي والإسلام التقليدي ، والإسلام الحداثي والإسلامي الديمقراطي ، والإسلام الإخواني ، و الإسلام السلفي ، والإسلام التبليغي وهكذا . فقد بين الله تعالى أن غير المسلمين يواجهون المسلمين كتلة واحدة ،وملة واحدة ، ولذلك يجب أن يواجهوهم كذلك صفاً واحداً بولاء واحد ، فقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) وهذه حقيقة تكررت في التاريخ القديم والمعاصر ، فقد اتفق اليهود ـ وهم أهل الكتاب ـ مع المشركين الجاهليين الوثنيين في غزوة الأحزاب للقضاء على الرسول صلى الله عليه وسلم ودولته الفتية ، حتى شهدوا أن هؤلاء الوثنيين أهدى من المسلمين ، حتى يزيلوا الحواجز الفكرية بين الغزاة ، حيث سجل الله تعالى هذه الشهادة الزور فقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ) . وفي التاريخ الحديث تنازل الفاتيكان عن أهم عقيدة ظل النصارى يؤمنون بها طوال القرون الماضية ، وهي أن اليهود هم الذين قتلوا المسيح عليه السلام ، حيث برأ اليهود في عام 1965 من دم المسيح تميهداً للوحدة ، وتعاونت الشعوب المسيحية مع اليهود في حربها ضد الغرب والمسلمين ، بل ظهرت المسيحية المتصهينة التي هي أخطر من الصهاينة أنفسهم في حربهم ضد الاسلام والمسلمين . فالوحدة بين المسلمين فريضة شرعية من أهم الفرائض ، وضرورة عقلية وواقعية يفرضها واقعنا القائم على العولمة السياسية والعملقة الاقتصادية والحقيقة نحن المسلمين أمام أن نكون أمة وسطاً قادرة على حماية نفسها ودينها وسيادتها وثرواتها ، وحينئذ ليس أمامنا إلاّ طريق الوحدة بأي ثمن كان ، وبأية طريقة مناسبة ، فقد نبدأ بالتعاون الفعال الجاد للوصول إلى الوحدة الاندماجية ، وإلاّ فيكون مصيرنا ( ألا نكون ) حقاً وفعلاً وأثراً ، والله المستعان . 398 | 23 يوليو 2014 لنكن صرحاء حكماء عدم الصراحة مشكلة يجب أن نعترف بها لنعالجها فتلك مشكلة كبرى تقف سداً منيعاً للتقارب الحقيقي ، وحاجزاً حصيناً ، يجب أن نعترف بها ، للعلاج وليس للإثارة ، يذكر فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه : مبادئ في الحوار والتقريب بين المذاهب الإسلامية : (ومن مبادئ الحوار الإسلامي الإسلامي أن يصارح بعضنا بعضا بالمشاكل القائمة، والمسائل المعلقة، والعوائق المانعة، ومحاولة التغلب عليها بالحكمة والتدرج والتعاون المفروض شرعا بين المسلمين بعضهم وبعض. فليس من الحكمة أن نخفي كل شيء، أو نسكت عنه، أو نؤجله وندعه معلقا دون أن نجرؤ على إثارته أو الكلام فيه؛ فهذا لا يحل مشكلة، ولا يقدم علاجا، أو يقرب بين الفريقين خطوة واحدة) وبناءً على ذلك فيجب علينا أن نبرز بين العلماء أصول الخلاف ومسائله المهمة بين أهل العلم ويتم التحاور الجاد للعلاج المناسب ، وليس للإفحام والإلزام . ومن هنا فالخلاف بين السنة والشيعة ليس في الفروع الفقهية التي يعدّ الخلاف فيها من الخلاف المشروع والتنوع والثراء ، ولا في القضايا السياسية العامة مثل قضية فلسطين – ما عدا قضية سورية المختلف فيها – وإنما الخلاف في الأصول وفي المواقف الأساسية من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ، والخلافة والإمامة والوصاية والعصمة ، فمثلاً إن الإيمان بالإمامة ركن من أركان الدين لدى الشيعة ، وليس ركناً ولا شرطاً عند أهل السنة والإباضية والزيدية ، وبناءً على ذلك فهل الذي يؤمن بها يكون كافراً مثلاً ؟. فهذه الأمور يجب أن نضع لها حدوداً وخطوطاً بالحكمة والحوار بالتي هي أحسن حتى لا تؤدي إلى إثارة الفتنة . يجب علينا – نحن العلماء – أن نكون صرحاء حكماء لأنه بدون الصراحة لا تحل المشكلة ، وبدون الحكمة لا يكون العلاج صحيحاً وناجعاً ، بل إن إخفاء الحقائق يضر بالتقارب ولا يخدم القضية بشيء ، كما أن التسرع والتعجل وعدم الحكمة في العلاج سيكون ضرره أكثر من نفعه . إن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد شددت في نطاق التكفير ، ولم تسمح بإطلاق كلمة الكفر إلاّ لمن أنكر شيئاً من الثوابت القطعيات التي علمت من الدين بالضرورة ، وإلاّ باء الكفر على من أطلقه ، وذلك لأن إطلاق الكفر على الأفراد والجماعات يعتبر من أخطر أدوات التدمير لبنيان التقارب بين المسلمين وفرقهم ومن أشدها فتكاً بالوحدة الإسلامية المنشودة ، وأكثرها أثراً في إبقاء الأمة ممزقة مفرقة مهمشة مشغولاً بعضها ببعض . ومن الجانب العلمي والعملي فإن الحكم بالتكفير لأهل القبلة يجب أن يخضع لتحقيق القضاة الذين يبحثون عن الأدلة ، وليس من عمل الدعاة الذين من المفروض أن يبحثوا عما يجمع الأمة ولم شملها لا أن يفرقها أو يمزقها ، ولذلك تصدى الأستاذ حسن الهضيبي ( المرشد الأسبق للإخوان ) لشباب جماعة التكفير والهجرة - وهم مع الأستاذ كانوا في السجن - فكتب كتابه الشهير ( نحن دعاة لا قضاة ) .ويجب علينا التعاون في الأمور المتفق عليها ، والتسامح فيما اختلف فيه : حيث صاغ الشيخ محمد رشيد هذه القاعدة الذهبية بلفظ ( نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) .ولا يجوز أن يمنع الخلاف الإنصاف وهذه القاعدة دلت عليها آيات كثيرة منها قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ولذلك يجب على كل جماعة أن تذكر أيضاً محاسن الجماعة الأخرى وإيجابياتها . كما يجب عدم النقل عن الآخر إلاّ ببيّنة : حيث لا يجوز النقل عن الآخر إلاّ ببينة ومن مصادرهم المعتمدة لدى جمهورهم ، وذلك لأن معظم المشاكل تأتي من نقل رأي أو مذهب من غير مصادره المعتمدة .ومن المهم ترويض النفس وتدريبها على قبول الرأي الآخر: وهذا من أهم الوسائل التي تمنع الفتن والشرور ، وتجعل الإنسان لا يثور ولا يُثار . 466 | 22 يوليو 2014 الإشكالية في فقه التنزيل إذا اعتبرنا أن تنزيل النص على واقعة مستجدة هو اجتهاد وعمل المجتهد ، وليس هو النص نفسه فحينئذٍ تتسع دائرة القبول ، وميدان المتغيرات ، وذلك لأن قيم الوحي هي قيم معيارية لضبط المسيرة وتأطيرها ، وهي أدلة وموازين ، ولكنها ليست برامجَ وخططاً في مجالات الحياة العادية ، ومن هنا تصبح البرامج والخطط والتدابير الإدارية اجتهادات يمكن مناقشتها ، والاختلاف فيها ، ولا تعتبر ديناً لا يمكن مناقشته ونقده وتغييره ، بل يدخل فيما ذكره الفقهاء من تغيير الفتاوى بتغير الزمان والمكان . غير أن أهم إشكالية هي في الخلط بين النص نفسه ، وبين تنزيله على واقع لم يرد في النص ، وبين القيمة ، والبرنامج ، وبين المعيار والاجتهاد ، وبين الدليل المعصوم ، والاجتهاد القابل للخطأ ، وبين المطلق والنسبي ، والمجرد والمجسد . تنزيل التفرق المذموم والخلاف المشروع ( تحرير محل النزاع ) :إذا نظرنا إلى أمتنا الإسلامية من حيث التفرق المذموم ، والخلاف المشروع فنراها كالآتي : - إن الخلاف الفقهي السائد بين جميع المذاهب الفقهية مندرج – من حيث المبدأ العام – في الخلاف المشروع ما دام في إطار عدم المخالفة للنصوص قطعية الدلالة والثبوت ، ولما عُلم من الدين بالضرورة ، فالحمد لله يسير الحراك الفقهي بشكل طيب دون أي إثارة للفتنة ، فالفقهاء من جميع المذاهب الفقهية يذكرون الأحكام فيعللون ، ويقارنون ويرجحون في إطار الأدلة المعتمدة كل حسب أصوله الفقهية والمؤيدات والمرجحات الفقهية .- إن الحركات السياسية الإسلامية ( وكذلك الأحزاب الإسلامية ) على الرغم من اختلاف برامجها ليس الخلاف فيها من التفرق المذموم – من حيث المبدأ العام – فالإخوان والسلف والتبليغ والجماعة الإٍسلامية في الهند وباكستان وبنغلاديش وغيرها ، وكذلك الأحزاب والحركات المنبثقة في دائرة البرامج السابقة في العالم الإسلامي يعد الخلاف بينها في دائرة البرامج وليس في دائرة التكفير والتفسيق ، ولذلك نرى السلف والإخوان والجماعة الإسلامية بمصر متفقين ، بل متحدين أمام خطر العلمانيين وفلول النظام السابق ، وأمام تطبيق الشريعة والدستور الذي يحمي هوية الأمة . 875 | 21 يوليو 2014 فقه الثوابت والمتغيرات علاقة فقه الثوابت والمتغيرات بتوحيد الأمة: تظهر علاقة فقه الثوابت والمتغيرات بتوحيد الجماعات والمذاهب والأحزاب الإسلامية من خلال ما يأتي: أولاً: أن تلك الثوابت القواطع بمثابة المبادئ المشتركة والمنهاج السليم، والشرعية المتفق عليها عند جميع الطوائف الإسلامية والجماعات الإسلامية، وبمنزلة الدين المشترك، وأن من لم يعترف بهذه الثوابت فهي خارجة عن الإسلام مارقة في الضلالة، وليس حديثنا مع هؤلاء الذين لا تجمعهم تلك الثوابت والقواطع، وإنما حديثنا مع من يلتزم بهذه الثوابت القاطعات في الإسلام ولكنه يختلف في الفروع والوسائل ونحوها، يقول ابن تيمية: (فالأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء ليس لأحد خروج عنه، ومن دخل فيها كان من أهل الإسلام المحض... وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء...، والتنوع قد يكون في الوجوب تارة، وفي الاستحباب تارة أخرى..، فالمذاهب والطرايق والسياسات للعلماء والمشايخ والأمراء إذا قصدوا بها وجه الله تعالى دون الأهواء ليكونوا مستمسكين بالملة والدين الجامع... واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم من الكتاب والسنة بحسب الإمكان بعد الاجتهاد التام ـ هي لهم من بعض الوجوه بمنزلة الشرع والمناهج للأنبياء، وهم مثابون...). فعلى ضوء ذلك تجتمع الأمة الإسلامية على هذه الثوابت،و تتعاون فيما بينها فتتعارف، وتتحد، وتجعلها قاعدة لانطلاقتها، وصخرة صلبة لتكوين علاقاتها عليها، فهي القاعدة المشتركة المتفق عليها، والمعترف بها، فإذا كانت أوروبا الغربية اتحدت على قاعدة السوق المشتركة والمصالح الاقتصادية المشتركة، وخطت كل هذه الخطوات من أجلها، أو ما تكفي كل هذه الثوابت المشتركة مع المصالح المشتركة لتجميع الأمة الإسلامية وتدفعهم نحو الوحدة العملية؟ثانياً: من خلال فقه الثوابت والمتغيرات يتم اعتراف كل جماعة بالأخرى وكل طائفة بالثانية ما دامت الثوابت مشتركة، وما دامت المتغيرات مقبولة ومشروعة بل مطلوبة، وبالتالي يكون من الطبيعي أن يعذر بعضهم بعضاً،أو يسعى بالحوار والجدال الأحسن الوصول إلى الأحوط والأفضل، فأعظم المشاكل بين المسلمين أن بعضهم لا يعترف بالآخر، فإذا وجدت التوعية بفقه الثوابت والتغيرات لاعترف بعضهم ببعض، كما أن هناك عدم المعرفة بالحقائق الموجودة لدى المذهب أو الجماعة الأخرى، وإنما وصلت معلومات مغلوطة أو قديمة، أو غير دقيقة، أو تخص فئة منهم، أو أشخاصاً معينين لا يجوز تعميم آرائهم ورؤاهم على جماعة بعينها، أو مذهب بعينه.ثالثاً: أنه من خلال فقه الثوابت والمتغيرات يعلم أن الخلافات الكثيرة ما دامت في نطاق المتغيرات مقبولة شرعاً. وأخيراً فإن معرفة الثوابت المشتركة بين الجماعات والطوائف الإسلامية سوف تقرب فيما بينها، وتؤدي إلى التعاون البناء فيما بينها ورفض العداء والتوتر فيما بينها. وقد بيّن الشيخ القرضاوي أهمية التعاون في المتفق عليه وضرورة تركيز البحوث عليها، وإقامة الدروس لها، وإدارة الجدل فيها، وبناء الخصام على من خالفه، ثم يقول: (وأنا لا أكره البحث في المسائل الخلافية بحثاً علمياً مقارناً..ولكن الذي أكرهه أن يصبح البحث في المسائل الخلافية أكبر همنا ومبلغ علمنا وأن نضخمها حتى تأكل أوقاتنا وجهودنا وطاقاتنا..وأن يكون ذلك على حساب الاشتغال بالقضايا الأساسية). ثم ذكر بعض الأمثلة حيث ألف أحدهم رسالة سماها: (نهي الصحبة عن النزول على الركبة) وهو أمر يتعلق بهيئة الصلاة..وأحدهم: (الواحة في جلسة الاستراحة). 2840 | 20 يوليو 2014 خلاف مشروع وتفرق مذموم مشكلة الأمة في تضييع الأمور المتفق عليها من جميع مذاهبها ومدارسها وفي تعطيل الشريعة وانهيار الأخلاق وتجميد الفكر وأمانة الحقوق، فهي ليست فيمن يؤول آيات الصفات.. وإن مذهب السلف أرجح وأسلم ـ بل في الذي ينكر الذات والصفات جميعاً من عبيد الفكر المستورد من الغرب أو الشرق، وليست فيمن يؤول آية الاستواء على العرش بل فيمن يجحد العرش ورب العرش معاً.ومن هنا كان الواجب على دعاة الإسلام الواعين أن ينبهوا على التركيز على مواطن الاتفاق قبل كل شيء، فإن هذا التعاون فريضة شرعية يوجبها الدين، وضرورة واقعية يحتمها الواقع الذي تمر به الأمة.وأعتقد أن ما نتفق عليه ليس بالشيء الهين ولا القليل، إنه يحتاج منا إلى جهود لا تتوقف، وعمل لا يكل، وإرادة لا تعرف الوهن يحتاج منا إلى عقول ذكية وعزائم قوية وأنفس أبية وطاقات بناءة.. حرام على الجهات الإسلامية أن تعترك فيما بينها على الجزئيات وتدع تلك الثغرات الهائلة دون أن تسدها بكتائب المؤمنين الصادقين. وحقاً فإن الثوابت لهذا الدين كثيرة وهي مشتركة بين جميع الجماعات والمذاهب الإسلامية، في مجال أصول العقيدة، والقيم والأخلاق، وفي أصول المعاملات والفروع، وفي عالم السياسة، وفي التحديات التي تواجه الأمة، مثل تحدي الإلحاد والكفر والعلمانية، وتحدي الغزو الثقافي والفكري، وتحدي التغريب والتمييع، وتحدي الاستكبار العالمي، والحروب الصليبية الجديدة، وتحدي الهجمات الصهيونية على المسلمين واحتلالها لفلسطين ودرتها القدس الشريف، والهجمات الوثنية في كشمير، والهجمات الصليبية والإلحادية في الشيشان وفلبين؟ فما أحوجنا إلى التوحد والتعاون والتكامل، وتوزيع الأدوار، والقبول بالبعض، والاجتماع على ما يجمعنا من الثوابت والمواقف السياسية، وعدم إثارة الاختلافات، وبالأخص في هذا العصر الذي تكالبت علينا الأعداء وتداعت كما تداعت الأكلة على قصعتها.فهل نستوعب الدرس؟ ونحسّ بخطورة الموقف؟ ونترك حظوظ النفس؟ وندع الحزبية الضيقة إلى ساحة الإسلام الواسعة، إلى منهج السلف في التيسير في الأحكام، والتبشير في الدعوة، وفي تحمل البعض، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن؟ هذا ما أرجوه وأسأل الله تعالى أن يجمع هذه الأمة على كل ما يحقق عزتها وكرامتها وتقدمها وازدهارها. 332 | 19 يوليو 2014 الالتفاف حول الثوابت جاءت نصوص الشريعة مركزة في نصوصها القطعية على الأسس والأركان التي يبنى عليها هذا الدين، وتوضيح العقيدة الصحيحة، والقيم والأخلاق الراقية، وأسس المعاملات والتعامل مع الناس جميعاً تاركة التفاصيل في معظم الأشياء للأدلة الظنية، أو للاجتهادات الإنسانية في ظل المبادئ العامة والقواعد الكلية. وبذلك جمعت الشريعة بين الثوابت التي لا تقبل التغير (أي بمثابة الهيكل العظمي للإنسان)، والمتغيرات التي تشبه أحوال الإنسان العادية القابلة للتغير وبذلك انسجمت الشريعة التي أرسلها للإنسان مع الإنسان الذي نزلت عليه: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير). فالإنسان ثابت في حقيقته وجوهره وأصل عقله وروحه ونفسه ومكوناته وضرورياته وحاجاته العامة إلى المأكل والملبس والمشرب (وإن كانت النوعيات مختلفة لكن الأصل العام لم يتغير منذ خلق الإنسان إلى يومنا هذا)، ولكن الإنسان متغير في معارفه، وفي إمكاناته للتسخير وعلومه، وفي أنواع ملابسه ومشاربه ومآكله ومساكنه فقد وصل إلى القمر ومع ذلك يظل بحاجة إلى الهداية الربانية والعقيدة التي تملأ فراغ روحه ونفسه، وإلى قيم وأخلاق ربانية تمنعه من الازدواجية والعنصرية والظلم والإعساف،وتدعوه إلى العدل والمساواة والإنصاف،وتردعه عن إذلال الإنسان وازدرائه وأكل حقوقه وأمواله. وبهذه الصفة العظيمة الجامعة بين الاستفادة من النقل والعقل، وبين الثوابت والمتغيرات يجتمع في الإنسان خير الدنيا والآخرة، ويتحقق له التآلف والمحبة والتقارب الحقيقي، لأننا حينئذٍ نتعاون ونتحد فيما أجمعنا عليه من الثوابت، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه، لأنه من المتغيرات الاجتهادية التي تقبل أكثر من رأي. فالمقصود بالثوابت هنا الأحكام الإسلامية التي ثبتت بأدلة قطعية الدلالة والثبوت أو بالإجماع الصحيح الثابت الذي مضت عليه الأمة في قرونها الثلاثة الأُوَل. وعلى ضوء ذلك فالثوابت تشمل أركان الإيمان الستة (الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى)، وأركان الإسلام الخمسة (الشهادة والصلوات الخمس، والزكاة والصوم والحج لمن استطاع إليه سبيلا)، وتشمل كذلك القيم والأخلاق الثابتة، والأحكام الأسس العامة لأحكام الأسرة في الإسلام، والأحكام والمبادئ العامة للمعاملات والجهاد، والعلاقات الدولية، والقضاء ونحو ذلك، والخلاصة أن كل حكم من أحكام الإسلام في جميع مجالات الحياة إذا ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة أو بإجماع الأمة إجماعاً صحيحاً قائماً على الدليل وليس العُرف فهو من الثوابت التي يجب الالتزام بها، وعدم التهاون في حقها، إلا ما هو من قبيل الضرورات التي تبيح المحظورات. وأما المتغيرات فالمقصود بها هنا هي الأحكام التي تثبت بدليل ظني (سواء أكانت الظنية في دلالة النص وثبوته، أم في أحدهما) أو باجتهاد قائم على القياس أو المصالح المرسلة، أو العرف، أو مقاصد الشريعة أو نحو ذلك. فنطاق المتغيرات في الفتاوى والأحكام الفقهية الظنية واسع جداً وهو يشمل كل الاجتهادات الفقهية السابقة،إضافة إلى منطقة العفو التي تقبل التغييرات بشكل واضح حسب الاجتهادات الفقهية. يقول إمام الحرمين: (إن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها). وذلك لأن الاجتهادات الفقهية السابقة لفقهائنا الكرام ـ ما دامت ليست محل إجماع ـ تقبل إعادة النظر،بل ينبغي إعادة النظر فيها وغربلتها بكل تقدير واحترام من خلال الاجتهاد الانتقائي،والترجيح فيما بينها للوصول إلى ما هو الراجح،ثم تنزيله على قضايا العصر بكل دقة ووضوح. بل يمكن إعادة النظر في فهم هذه النصوص الظنية مرة أخرى على ضوء قواعد اللغة العربية وأصول الفقه، والسياق واللحاق وحينئذٍ يمكن الوصول إلى معان جديدة وأحكام جديدة لم ينتبه إليها السابقون، أو لم يخترها الجمهور، بل ذكرها قلة قليلة من السابقين. وأما منطقة العفو فيكون الاجتهاد فيها اجتهاداً إنشائيا لابد من توافر شروط الاجتهاد وضوابط من يتصدى له. ونطاق المتغيرات يشمل ما عدا الأصول والثوابت القطعية، وفي غير أصول العقائد والعبادات، وأكثر ما يظهر في عالم المعاملات الاقتصادية والمالية والقضايا السياسية والطبية، والعلاقات الدولية ونحوها، يقول الإمام الشاطبي:(مجال الاجتهاد المعتبر هي ما ترددت بين طرفين وضح في كل منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما، والنفي في الآخر فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي ولا إلى طرف الإثبات).ويقول الغزالي: (المجتهد فيه كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي). 3974 | 18 يوليو 2014


صحيفة الشرق
منذ 6 أيام
- صحيفة الشرق
مركز النور للمكفوفين يحتفل بتكريم 29 خريجًا من منتسبيه ومستفيديه من مدارس الدمج والجامعات
محليات 26 برعاية وحضور سعادة السيّدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزير التنمية الاجتماعيَّة والأسرة، أقام مركز النور للمكفوفين، أحد المراكز المنضوية تحت مظلّة المؤسسة القطريَّة للعمل الاجتماعي، الحفل الختامي للعام الأكاديمي 2024–2025، بمقرّ المركز في مدينة لوسيل، حيث جرى تكريم 29 خريجًا من منتسبي المركز والمستفيدين من مدارس الدمج والجامعات. وشهد الحفل حضور عدد من أصحاب السعادة الوزراء، وعدد من كبار الشخصيات في الدولة وممثلي الجهات الرسميّة والمجتمعيّة، إلى جانب أسر المنتسبين والمستفيدين والمهتمّين بمجال الإعاقة البصريَّة. استُهِلّ الحفل بالنشيد الوطني وتلاوة من القرآن الكريم، ثمَّ ألقى المدير التنفيذي لمركز النور للمكفوفين، السيّد مشعل بن عبدالله النعيمي، كلمته التي أكّد فيها أنَّ الحفل يُجسّد حصاد عامٍ كامل من العمل المشترك بين المنتسبين وأسرهم وكوادر المركز، مشيرًا إلى أنَّ المركز ينتهج رؤية استراتيجيّة تهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة البصريَّة وتعزيز استقلاليّتهم من خلال بيئة تعليميَّة وتأهيليّة شاملة. وأوضح النعيمي أنَّ البرامج التأهيليَّة في المركز شهدت تطوّرًا نوعيًّا خلال السنوات الأخيرة، عبر إدماج أدواتِ تكنولوجيّة مساعدة وتقنيات ذكيّة دعمت المنتسبين في الجوانب التعليميَّة والمهنيّة المختلفة، مشدّدًا على أنّ هذه التقنيات باتت عنصرًا مهمًّا في عمليّة التأهيل، ويتم تحديثها باستمرار بالشراكة مع مؤسسات محليَّة ودوليَّة. وأشار أيضًا إلى أنَّ المنتسبين والمستفيدين يؤدّون دورًا فاعلًا في صياغة البرامج التي تخدم احتياجاتهم، مؤكّدًا أنَّ نجاحاتهم الأكاديميَّة والمهنيَّة تُعدّ انعكاسًا لفاعليّة هذا النهج التشاركي، ومدى التكامل بين جهود المركز ودعم أولياء الأمور. وتضمّن برنامج الحفل كلمة للمنتسبة العنود المري، إحدى خريجات مدارس الدمج، تحدّثت فيها عن تجربتها التعليميَّة والدور المهم الذي أدّاه المركز في تمكينها وتطوير مهاراتها، وتخلّلت الفقرات أيضًا عرضًا لفيديو وثّق رحلة المنتسبين من مرحلة التأسيس إلى الدمج، إضافة إلى فقرة فنيّة لأغنية بعنوان "يا قطر أنت الحياة"، قدّمها منتسبو المركز. وشهد الحفل أيضًا تنظيم معرضٍ مصاحب بعنوان "رحلة النور"، سلّط الضوء على مسار المنتسب منذ مرحلة التقييم، مرورًا ببرامج التأهيل والدمج، وصولًا إلى التخرّج، وتوزّع المعرض إلى ثلاثة أقسام، منها أدوات التكنولوجيا المساعدة، وركنًا للتأهيل المهني عرض أبرز المنتجات المصنوعة بأيادي المنتسبين، بالإضافة إلى لوحات فنيَّة وأعمال تعبّر عن المهارات التي اكتسبوها خلال فترة تأهيلهم. واختُتـِم الحفل بمراسم تكريم الخريجين، تلتها صورة جماعيَّة شارك فيها المنتسبون والمستفيدون وأسرهم والضيوف، في لحظةٍ توَّجت عامًا من الإنجاز والعمل المستمر في خدمة ذوي الإعاقة البصريَّة وتمكينهم.


صحيفة الشرق
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- صحيفة الشرق
إمام الحرم المكي يشارك تجربته مع أئمة قطر
محليات 278 A+ A- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التقى معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، وعضو هيئة كبار العلماء، ورئيس المجمع الفقهي الإسلامي الدولي، بالأئمة والخطباء العاملين بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بجامع الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بمنطقة اللؤلؤة، حضر اللقاء السيد محمد بن حمد الكواري وكيل وزارة الأوقاف المساعد لشؤون الدعوة والمساجد وبعض مسؤولي الوزارة. ويأتي هذا اللقاء الأخوي بين معالي الشيخ صالح بن حميد وخطباء وأئمة الوزارة ومسؤوليها في إطار تبادل الخبرات والاستفادة من التجربة الثرية لمعالي الدكتور في مجال الدعوة والخطابة والإمامة، حيث شارك معاليه تجربته الطويلة في هذا المجال مع الأئمة والخطباء. وفي كلمته الافتتاحية للقاء، رحب الشيخ معاذ القاسمي بمعالي الدكتور صالح بن حميد، قائلاً: نلتقي اليوم في وزارة الأوقاف مع وجه من وجوه العطاء، عالم جمع بين الإمامة والخطابة والتدريس والتربية والتوجيه، ضيف عزيز شرفنا في دولة قطر بهذه الزيارة الكريمة، معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، نرحب بكم معالي الشيخ في هذا اللقاء الذي يجتمع معكم فيه خطباء وأئمة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث تحرص الوزارة ممثلة في إدارة المساجد على تطوير مهارات الأئمة والخطباء بشكل مستمر من خلال الدورات واللقاءات التوجيهية لكي تؤدى رسالة المسجد عموماً والخطبة بشكل خاص على أكمل وجه، وها نحن اليوم نلتقي بمعالي الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام لكي نستفيد من توجيهاته ونصائحه، فأهلاً وسهلاً به بين إخوته وأحبته. - الأئمة.. أصحاب رسالة سامية وبعد الكلمة الافتتاحية للقاء، شكر إمام وخطيب المسجد الحرام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على إتاحة هذه الفرصة، مؤكداً على عظم المسؤولية الملقاة على عاتق الأئمة والمؤذنين والخطباء، وأنهم أصحاب رسالة سامية شرفهم الله بأن اختارهم لها وخصهم بها، فهم حفظة القرآن الكريم، وحملة الشريعة الإسلامية الغراء، وقادة المجتمع وموجهوه ومرشدوه للخير والصلاح، فهم يحملون رسالة عظيمة تتطلب منهم أن يكونوا على مستوى المسؤولية الملقاة على عواتقهم بأن يكون كل واحد منهم قدوة ونموذجاً للاستقامة في حياته الخاصة والعامة، وفي مسجده وحيه. كما نبه معاليه على عظم رسالة المسجد عموماً، والجمعة بشكل خاص، فهذا اللقاء المنبري الأسبوعي الذي فرض الله على كافة المسلمين حضوره، يستدعي من الخطيب أن يكون على مستوى المسؤولية الشرعية المناطة به، وذلك بأن يجتهد في الإعداد والتحضير لهذا اللقاء المنبري، فيوصل رسالته بشكل جيد ومختصر مفيد، فيؤدي هذه الأمانة على أحسن وجه، منبهاً إلى أن الإمام والخطيب أتيح له في هذا الزمان من الوسائل والأدوات المعينة على التعلم والتحضير الجيد للخطب والدروس، من الوسائل الإلكترونية بما فيها الذكاء الاصطناعي، ما لم يكن متاحاً في الفترات السابقة، وهذا ما يؤكد أن الإمام والخطيب بإمكانه أن يقدم دروساً وخُطَباً مختصرة ومفيدة تلبي حاجات المجتمع الإرشادية والتعليمية. وفي نهاية اللقاء شكر معاليه الوكيل المساعد لشؤون الدعوة والمساجد بوزارة الأوقاف على حرصه على حضور اللقاء، كما شكر معاليه مسؤولي الوزارة على إتاحة الفرصة المهمة للقاء الأئمة والمؤذنين والخطباء، وفي الأخير شكر معاليه أئمة وخطباء الوزارة على حرصهم على حضور اللقاء، وتفاعلهم معه، وتمنى لهم التوفيق في مسيرتهم الإرشادية والدعوية. مساحة إعلانية