
الحكاية التي لم تُروَ عن "البحر الأحمر العالمية" السعودية
في عام 1967 حين كانت السعودية تضع اللبنات الأولى لتحول اقتصادي سيغير وجه البلاد لعقود مقبلة. وبينما كانت البنية التحتية تشق طريقها في الصحارى والمناطق النائية، وُلدت شركة "البحر الأحمر لخدمات الإسكان" من فكرة بسيطة: توفير مساكن جاهزة وسريعة البناء للعمال والمشروعات النائية. لم تكن وقتها سوى شركة محلية ناشئة، لكن رؤيتها كانت تتجاوز حدود الجغرافيا.
سرعان ما توسعت أعمال الشركة لتشمل بيع وتأجير البيوت الجاهزة، قبل أن تضيف إلى محفظتها خدمات إدارة العقارات لصالح العملاء، من التسويق وحتى التفاوض. لاحقاً دخلت مضمار المقاولات، وامتدت خبرتها إلى الأعمال الكهروميكانيكية، لتتحول من مزوّد للمأوى إلى مزوّد للحلول المتكاملة.
في عام 2003، غيرت الشركة هيكلها إلى "ذات مسؤولية محدودة"، تمهيداً للمرحلة الكبرى التالية. في 2006، تحولت إلى شركة مساهمة عامة، ودشنت دخولها السوق المالية السعودية.
عند الطرح، كانت "البحر الأحمر" تملك ثلاث قواعد صناعية استراتيجية: في الجبيل في السعودية، جبل علي في الإمارات، وأكرا في غانا. لكن طموحها لم يقف عند المصانع، بل عبر القارات. ووفقاً لنشرة الإصدار، كانت الشركة تقدّم خدماتها لأكثر من 40 دولة، تمتد من أعماق آسيا إلى قلب أفريقيا، ومن مواقع البناء في أميركا الجنوبية إلى مشاريع البنية التحتية في أوروبا.
قاعدة عملائها تنوعت بين عمالقة الطاقة، وشركات التشييد الكبرى، والحكومات، والمنظمات الدولية. وبينما كانت تحرّك منتجاتها عبر الموانئ والحدود، كانت تبني لنفسها صورة نادرة: شركة سعودية المنشأ، بعلامة تجارية عالمية.
هيكل ملكية ثقيل الأسماء
حين قرّرت شركة "البحر الأحمر" أن تطرق أبواب السوق المالية السعودية في عام 2006، لم تكن مجرد شركة تحاول جمع السيولة. كانت شركة تحمل على أكتافها اسماً ثقيلاً، وحضوراً لافتاً في دوائر المال والقرار.
في ذلك الوقت، كانت مجموعة الدباغ القابضة تمتلك الحصة الكبرى من رأس مال الشركة نحو 81% وهي النسبة التي تراجعت إلى 51% عقب عملية الطرح العام، وفقاً لما جاء في نشرة الإصدار. بيع الأسهم وحده جنى للمجموعة أكثر من 522 مليون ريال. لكن المبلغ لم يكن وحده ما لفت الأنظار.
ففي الخلفية، كان عمرو بن عبدالله الدباغ –أحد أبناء المجموعة– شخصية بارزة على الساحة العامة، يشغل منصب محافظ الهيئة العامة للاستثمار، وهو الموقع الذي بقي فيه حتى عام 2012. ورغم أن ارتباطه بالشركة كان محدوداً في تلك المرحلة، فقد قاد دفة "البحر الأحمر" بشكل رسمي خلال 2021، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله حتى اليوم، بعد تجديد تعيينه من قِبل المساهمين حتى عام 2027.
لكن قائمة الأسماء اللافتة لا تقف عند هذا الحد. فقد رأس مجلس إدارة الشركة آنذاك الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، الذي كان يتمتع بحضور لافت في مجالس إدارات مؤسسات حكومية وخاصة، منها الهيئة الاستشارية للشؤون الاقتصادية التابعة للمجلس الاقتصادي الأعلى. وتولى هذا المنصب منذ 2006 إلى 2010، حين تم تعيينه مستشاراً بديوان ولي العهد. اليوم، يُعرف القصبي بصفته وزيراً للتجارة في المملكة، لكن بدايته مع "البحر الأحمر" كانت واحدة من محطات عدة جمعت بين عالم الأعمال والقطاع العام.
السنوات الذهبية (2006–2014)
عند إدراجها في السوق المالية السعودية في أواخر عام 2006، بلغت القيمة السوقية لشركة "البحر الأحمر" نحو 1.74 مليار ريال. وتم تقديمها آنذاك كشركة سعودية ذات امتداد دولي، تمتلك مصانع في السعودية والإمارات وغانا، وتعمل في مشاريع موزعة على أربع قارات تشمل آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا الجنوبية. فهل ماحدث بعد الطرح تجاوز التوقعات؟
في غضون ثلاث سنوات فقط، كانت الإيرادات قد تضاعفت، وسجلت الشركة ذروة صافي أرباحها في عام 2008، حين بلغ 214 مليون ريال. كما رفعت الشركة رأسمالها مرتين في تلك السنوات الذهبية، لتضاعف قيمته مقارنة بما كان عليه يوم الطرح، ووزعت أرباحاً نقدية منتظمة كأنها ساعة لا تعرف التباطؤ.
من 2006 وحتى 2014، كانت "البحر الأحمر" تسير في خط صاعد شبه مستقيم. لم تتذوق طعم الخسائر، ولم تغب عنها التوزيعات. بالنسبة للمستثمرين، بدت وكأنها قصة نجاح لا تعرف الانكسار. بالنسبة للإدارة، كانت تلك السنوات بمثابة عصر ذهبي، حيث المال يتدفق، والمشاريع تتكاثر، والثقة تُترجم إلى أرقام.. لكن عاصفةً كانت تلوح في الأفق.
حين بدأ الانحدار..من توزيع الأرباح إلى تآكلها
مع دخول عام 2015، بدأت "البحر الأحمر" تشعر بثقل السنوات. الإيرادات ظلت صامدة قرب مستوياتها السابقة، لكن الهامش الربحي الذي طالما ميّز نموذجها التشغيلي بدأ يتآكل بهدوء. لم تكن هناك صدمة واضحة، بل تراجع تدريجي خافت لا يفعّل جرس الإنذار لينبّه لضرورة اتخاذ خطوات دراماتيكية.
وفي 2017، اتخذت الشركة خطوة رمزية قد تكون محاولة لإعادة التموضع أو التذكير بأحلامها العالمية، غيرت اسمها التجاري إلى "شركة البحر الأحمر العالمية". لكن الاسم الجديد لم يكن كافياً لوقف الانزلاق. بنهاية ذلك العام، أعلنت الشركة عن أول خسارة صافية لها منذ إدراجها نحو 65 مليون ريال. كانت تلك لحظة فاصلة، بداية مسار تنازلي طويل.
وتتابعت الخسائر في 2018 حتى وصلت إلى 86 مليون ريال. ثم 75 مليوناً في العام الذي يليه. في 2020، قفز الرقم إلى 158 مليون ريال، قبل أن يسجل 130 مليوناً أخرى في 2021. ومع كل سنة، كانت صورة "البحر الأحمر" الربحية تتلاشى، لتحل محلها ملامح شركة مثقلة بالخسائر ومقيدة بالتكاليف.
توقفت التوزيعات النقدية التي اعتادها المساهمون، وتراجعت حقوق المساهمين، لتتحول الشركة من قصة ربح إلى أزمة مزمنة.
ومما زاد المفارقة إيلاماً أن قطاع إدارة وتطوير العقارات الذي تنتمي له الشركة، كان يشهد تحسناً ملحوظاً في تلك الفرتة محققاً أرباحاً مجمعة بلغت نحو 1.8 مليار ريال في 2017، وارتفعت إلى 2.6 مليار ريال في 2024 قبل أن يسجل القطاع أرباحاً اقتربت من 3 مليارات ريال في 2023.
يرى خالد بن جبر الزايدي، المستشار المالي، أن ما حدث لم يكن صدفة. "كان مزيجاً قاتلاً من التوسع غير المدروس، وتراجع الكفاءة التشغيلية، وسوء إدارة المخاطر، وغياب التجديد، إلى جانب ثقل إداري يصعب تجاوزه"، على حد وصفه.
أما ماجد الخالدي، المحلل المالي الأول في صحيفة الاقتصادية، فركّز على الجانب المالي البحت: "في أحد الأعوام، كانت الشركة تنفق 1.13 ريال مقابل كل ريال تحققه من المبيعات. وهذا دون احتساب التكاليف الإدارية أو التمويلية. ما يعني أن كل صفقة بيع، كانت في الواقع تزيد الخسارة".
ورغم بعض التحسن النسبي في العامين الأخيرين، مدفوعاً بعقود ضخمة أبرمتها إحدى الشركات التابعة، إلا أن الخالدي لا يرى في ذلك مؤشراً كافياً للنجاة. فبرأيه، "التحسن لا يزال مؤقتاً. ما تحتاجه الشركة وقتاً أطول للتأكد من قدرة الشركة على التحكم في هيكل التكاليف وتحقيق استدامة تشغيلية".
لم تستجب شركة "البحر الأحمر" لاستفسارات "الشرق" عبر البريد الإلكتروني، كما لم نتمكن من الحصول على استجابة عبر الهاتف.
رؤساء يتبدّلون: مقعد القيادة الذي لم يهدأ
في شركة "البحر الأحمر العالمية"، لم يكن المنصب التنفيذي الأول مستقراً يوماً. فمنذ عام 2014، بدا وكأن مقعد الرئيس التنفيذي في حالة دوران مستمرة، لا يكاد يستقر عليه أحد حتى يُترك شاغراً من جديد.
ثمانية رؤساء تنفيذيين مرّوا على الشركة خلال أحد عشر عاماً. بعضهم رحل بهدوء. آخرون تم إعفاؤهم دون مقدمات. قليل منهم تجاوز العامين، وكأن الكرسي التنفيذي تحوّل إلى محطة مؤقتة.
البداية كانت في مطلع 2014، عندما غادر دون براون سومنر منصبه. لكنه عاد لاحقاً في أكتوبر 2015، بشكل مؤقت، عقب إعفاء جوزيف جون فيتشيولا، قبل أن يتنحى مرة أخرى في فبراير 2018.
منذ تلك اللحظة، بدأت موجة تعيينات متسارعة، عبدالعزيز حسن قابل تولى المسؤولية في فبراير 2018، تلاه طارق محمد تلمساني في مايو 2019، ثم خالد فقيه في مايو 2021، الذي غادر في نوفمبر 2023 تاركاً الموقع لمروان الصايغ. لكن حتى هذا الأخير، لم يُكمل عامه الثاني، حيث أُعلن في أبريل 2025 عن إنهاء عقده، وتكليف المدير المالي، غسان سليم الأشقر، بتسيير دفة الشركة مؤقتاً.
في كل مرة، كانت البيانات الرسمية المنشورة على منصة "تداول" تكرر نفس العبارات المألوفة، "استقالة لأسباب شخصية"، أو "قرار داخلي"... كلمات توحي بالكثير، وتوضح القليل.
تعدد القادة في فترة زمنية قصيرة، لطالما كان مؤشراً مقلقاً في أي شركة. أما في "البحر الأحمر"، فقد بات عنواناً لمشهدٍ إداري متكرر.
محاولة تصحيح بخفض رأسمالي مؤلم
في صيف 2022، وجدت "البحر الأحمر العالمية" نفسها أمام مرآة الواقع، تواجه أرقاماً لا يمكن تزيينها. فبعد سنوات من النزيف، وبينما تجاوزت خسائرها المتراكمة 345 مليون ريال، اتخذت الشركة قراراً موجعاً لكنه لا مفر منه (خفض رأس المال بنحو النصف).
اجتمعت الجمعية العامة غير العادية في يوليو من ذلك العام، ووافقت على تقليص رأس المال من 600 مليون ريال إلى 302.3 مليون، عبر إلغاء نحو 30 مليون سهم. الخطوة كانت تهدف إلى إطفاء الخسائر المحاسبية الثقيلة، ومحاولة استعادة التوازن المالي. وعلى الورق، بدت العملية ناجحة، انخفضت الخسائر المتراكمة إلى 47.7 مليون ريال فقط، بما يمثل 15.8% من رأس المال الجديد.
لكن خلف تحسن الأرقام بقيت هناك أسئلة هيكلية معلقة.
"ما جرى لم يكن حلاً، بل ضرورة لتفادي التصفية القانونية"، يقول خالد بن جبر الزايدي، المستشار المالي. ويضيف: "شطب الخسائر من الميزانية قد يمنح الشركة مظهراً صحياً مؤقتاً، لكنه لا يعالج المرض الكامن التي وصفها نموذج أعمال متآكل، وتحديات تشغيلية لم تُحل".
أما ماجد الخالدي، المحلل المالي الأول في صحيفة الاقتصادية، فيرى أن الخطوة أعادت بعض الثقة لمستثمري السوق، لكنها لم تمس جوهر المعاناة، "خفض رأس المال حسن شكل الميزانية، لكن التكاليف المرتفعة وضعف نمو المبيعات استمرا بلا هوادة حتى نهاية 2023".
في نظر السوق، كانت الخطوة محاولة إسعاف، لا عملية إنقاذ. وفي عالم الأعمال، يظل الفرق بين الاثنين حاسماً.
القيمة السوقية..مرآة متقلبة لطموحات "البحر الأحمر"
منذ أن دخلت "البحر الأحمر العالمية" السوق المالية السعودية في 2006، بقيمة سوقية بلغت نحو 1.71 مليار ريال، بدت وكأنها واحدة من قصص النمو الواعدة. وبعد عامين فقط، وتحديداً في 2008، حلّقت قيمة الشركة إلى ذروتها عند 2.24 مليار ريال، مستفيدة من زخم الإيرادات وتفاؤل السوق بشركة سعودية تبيع المساكن الجاهزة عبر أربع قارات.
لكن الأسواق كما يقول المحللون، لا تُكافئ الحلم، بل تُكافئ النتائج. ومع أولى بوادر التراجع التشغيلي، بدأت القيمة السوقية في التآكل. في 2015، انخفضت إلى 1.46 مليار ريال. ثم عادت للارتفاع مؤقتاً في 2016، قبل أن تبدأ رحلتها في الانحدار الطويل.
بحلول عام 2019، كانت القيمة قد هبطت إلى 841 مليون ريال. وفي 2022، سجلت الشركة أدنى مستوياتها عند 683 مليون ريال، ما يُمثل خفوتاً واضحاً لقصة كانت توصف يوماً بأنها "عالمية الطموح".
ثم جاء عام 2024 بعقود جديدة وبصيص من الأمل، لترتفع القيمة السوقية مجدداً إلى 1.86 مليار ريال. لكن هذا التحسن لم يدم طويلاً، فبحلول أبريل 2025، كانت قد تراجعت مجدداً إلى 1.34 مليار ريال، أي أقل من قيمتها يوم الطرح قبل ما يقارب عقدين.
بالنسبة لخالد بن جبر الزايدي، المستشار المالي، هذا التذبذب ليس مفاجئاً. "ما حدث كان انعكاساً واضحاً لصراع داخلي، طموح توسعي لم يترجم إلى ربحية، وإيرادات كبيرة لم تدعمها هوامش تشغيلية مقنعة السوق يكافئ الربح، لا الحلم"، كما يقول.
في نوفمبر 2024 أبرمت الشركة التابعة لـ"البحر الأحمر" شركة التركيبات الأولية للأعمال الكهربائية المحدودة، ثلاث اتفاقيات تمويلية، تمويل بقيمة 280 مليون ريال مع البنك الأهلي السعودي، وزيادة تسهيلات مصرف الإنماء بمبلغ 30 مليون ريال إلى 230 مليون ريال، وتمويل بـ237 مليون ريال مع بنك الرياض. تزامن ذلك مع ارتفاع سهم "البحر الأحمر" إلى 80 ريالا، وهو أعلى مستوى له منذ منتصف 2015، قبل أن يفقد أكثر من نصف قيمته تدريجياً حتى إغلاق جلسة الأمس.
ويضيف ماجد الخالدي، المحلل في الاقتصادية: "حركة السهم كانت دائماً رهينة نتائج الأعمال. حين وقعت الشركة عقوداً كبيرة مؤخراً، تحسن السهم. لكن المعضلة لم تكن في العقود، بل في الكفاءة والتكاليف التي تستهلك العوائد".
القيمة السوقية، في نهاية المطاف، كانت البوصلة التي قرأت تقلبات "البحر الأحمر" بأمانة، بين لحظات صعود قصيرة، ومنعطفات هبوط طويلة.
إيرادات قياسية... وخسائر لا تتوقف
في الظاهر، بدا أن "البحر الأحمر العالمية" تخرج من عنق الزجاجة. فبعد أعوام من التراجع، قفزت إيرادات الشركة في 2023 إلى أكثر من 1.37 مليار ريال، ثم تضاعفت تقريباً في 2024 لتلامس سقف 3 مليارات ريال أعلى رقم تحققه منذ إدراجها في السوق قبل ما يقارب عقدين. مشهد يوحي بالانتعاش، لكن الحقيقة كانت أكثر تعقيداً.
رغم هذه القفزة التاريخية في الإيرادات، بقيت الشركة تنزف في العمق. صافي الدخل ظل سالباً، إذ بلغت الخسائر 48 مليون ريال في 2023، ثم ارتفعت إلى 62 مليون ريال في 2024. كانت "البحر الأحمر" تكسب المزيد من العقود، وتبيع أكثر من أي وقت مضى، لكنها لم تتمكن من تحقيق أي ربح يُذكر.
"النمو وحده لا يكفي إن لم يكن ربحياً"، يقول خالد بن جبر الزايدي، المستشار المالي، مشيراً إلى مفارقة باتت تلازم الشركة. ويضيف، "ما لم تُراجع الشركة نموذجها التشغيلي من الجذور، من تسعير المشاريع إلى بنية التكلفة، فستظل أسيرة حلقة مفرغة مبيعات ترتفع، وأرباح تختفي".
البيانات المالية تكشف عن سبب إضافي لهذا الخلل، الجزء الأكبر من الإيرادات المسجلة كان مصدره شركة تابعة غير خاضعة للسيطرة الكاملة، ما يعني أن الأرباح تُحتسب فقط على أساس الحصة المملوكة، بينما تُسجّل الإيرادات كاملة في القوائم الموحدة.
ويضيف ماجد الخالدي أن "الأعمال الرئيسية للبحر الأحمر لا تزال تسجل خسائر، وحتى الأرباح القادمة من الشركات غير المسيطرة كانت محدودة للغاية، نحو 4 ملايين ريال، مقابل خسارة بـ23 مليوناً من النشاط الرئيسي، إلى جانب نحو 13 مليون ريال من عمليات متوقفة".
بهذا المشهد، تحولت الإيرادات القياسية إلى عبء رقمي لا أكثر. مبيعات تنمو... لكن الأرباح، لا تزال مفقودة.
استمرارية على المحك: بين الأرقام الحمراء والقلق الرمادي
في ربيع 2025، لم تكن أرقام "البحر الأحمر العالمية" مجرد بيانات مالية... بل ناقوس خطر.
تضخمت الخسائر المتراكمة حتى ابتلعت تقريباً كامل رأس المال، مسجلة 294.5 مليون ريال بنهاية الربع الأول من عام 2025، أي ما يعادل 97.4% من رأس المال. وكأن ما تبقى بالكاد ينبض. أما على صعيد السيولة، فالصورة أكثر قتامة، المطلوبات المتداولة تفوق الأصول المتداولة بفارق ثقيل بلغ 149 مليون ريال. وهي فجوة تعني، بلغة المال، أن التزامات اليوم أثقل من قدرة الغد على السداد.
في هذا السياق، لم يكن مفاجئاً أن يُطلق المراجع الخارجي تحذيراً صريحاً: "عدم تيقن جوهري" يُهدد قدرة الشركة على الاستمرار. عبارة ثقيلة نادراً ما تُذكر في القوائم المالية، لكنها هنا ظهرت بلا مواربة، في ظل غياب خطة إنقاذ معلنة أو معالجة هيكلية واضحة.
لكن التحذير لم يتوقف عند الجانب التشغيلي، بل امتد إلى صلب مصداقية الإفصاح. ففي تقييمه للقوائم المالية، أبدى المراجع تحفظه الرسمي، بعدما تجاهلت الشركة تسجيل خيارات الشراء والبيع الخاصة بحصة الأقلية في شركة تابعة استحوذت عليها في أكتوبر 2023. تلك الخيارات، وإن أُلغيت لاحقاً في أبريل 2025، كان يُفترض تسجيلها وتقييمها في وقتها وفقاً للمعايير الدولية للتقرير المالي.
نهاية مفتوحة... وأسئلة مؤجلة
مع اقتراب الخسائر المتراكمة من التهام رأس المال مجدداً، تجد "البحر الأحمر العالمية" نفسها في مفترق طرق مالي حاد. القيمة السوقية تراجعت إلى نحو 1.3 مليار ريال، أقل مما كانت عليه يوم الإدراج قبل ما يقارب عقدين. الإيرادات تسجل أرقاماً قياسية، لكن الأرباح غائبة، والثقة تتآكل.
كل المؤشرات تقود إلى سؤال واحد، إلى أين تذهب هذه الشركة؟
يرى المستشار المالي خالد بن جبر الزايدي أن لحظة الحقيقة قد اقتربت. "البحر الأحمر بحاجة إلى إلى تحول تشغيلي مصحوب بخطة هيكلة شاملة، كما يقول. "الأمر يتطلب تخفيضاً جذرياً في التكاليف، وتحسين كفاءة التشغيل، وربما الدخول في شراكات ذكية تعيد ضخ دماء جديدة في نموذج الأعمال. ما بين الإيرادات الصاعدة، والخسائر التي لا تنقطع، تقف "البحر الأحمر" على تقاطع.. والطريق الذي ستسلكه، كما السوق، لا تنتظر طويلاً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
زوجة برونو فرنانديز سبب تأخر الهلال في حسم الصفقة
رغم المفاوضات الجارية والتعزيزات الكبيرة التي يخطط لها نادي الهلال المنافس في الدوري السعودي، يبدو أن انتقال لاعب مانشستر يونايتد برونو فرنانديز لا يزال معلقاً بسبب عائلته. ووفقاً لما أشار إليه الصحافي البلجيكي ساشا تافولييري، فإن عائلة النجم البرتغالي مترددة بالموافقة على الانتقال للرياض، مما أدى إلى تباطؤ المحادثات. ويأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه الهلال لتقوية صفوفه بضم مدرب إنتر ميلان سيموني إنزاغي، والمهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين، والظهير الفرنسي ثيو هرنانديز. ورغم استعداد الهلال لتقديم عرض ضخم من أجل إقناع فرنانديز بالانضمام قبل كأس العالم للأندية، فإن العائلة تعرقل الصفقة حتى الآن. يبقى الهلال يأمل في كسب توقيع فرنانديز الذي يعتبر هدفاً أساسياً للنادي، وسط سعيه لتعزيز صفوفه قبل انطلاق المنافسات الكبرى.


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
الهلال يحسم صفقة «أوسيمين»... ومساعٍ لإنهاء صفقتي ثيو وبرونو
كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة الهلال توصلت إلى اتفاق نهائي مع المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين، لاعب نادي نابولي المعار إلى غلطة سراي التركي الموسم المنصرم، وذلك للانتقال إلى صفوف الفريق لمدة 3 مواسم مقبلة، حيث من المنتظر أن يخضع اللاعب للفحوصات الطبية غداً قبل التوقيع الرسمي. أوسيمين (رويترز) وفي السياق ذاته، يواصل الهلال خطواته لإغلاق ملف الجهاز الفني، حيث علمت المصادر ذاتها توصل إدارة النادي إلى اتفاق مبدئي مع المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي، مدرب إنتر ميلان، لقيادة الفريق الأول لكرة القدم، وسط ترقّب لإتمام التوقيع الرسمي خلال الأيام القليلة المقبلة. وتسعى إدارة النادي، برئاسة فهد بن نافل، التي وجد حالياً في العاصمة الفرنسية باريس، لحسم ما تبقى من صفقات أجنبية بارزة، في مقدمتها البرتغالي برونو فيرنانديز، لاعب مانشستر يونايتد، والفرنسي ثيو هيرنانديز، ظهير ميلان، إذ يكثف المفاوض الهلالي جهوده لإنهاء هذه التعاقدات قبل انطلاق منافسات كأس العالم للأندية.


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
التعاون يُفعل خيار التجديد… الأحمد مستمر حتى 2027
فعّلت إدارة نادي التعاون بند تجديد عقد المدافع السعودي وليد الأحمد، بحسب ما كشفت عنه مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط». وبموجب التفعيل، يمتد عقد الأحمد مع الفريق حتى يونيو (حزيران) 2027، بعدما تم تفعيل خيار التجديد في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مما يُبقي اللاعب مرتبطاً بالنادي ويُنهي الشائعات حول دخوله الفترة الحرة في الوقت الحالي. وشارك الأحمد في 31 مباراة خلال الموسم المنصرم، قدّم خلالها مستويات مميزة في مركز قلب الدفاع، ونجح في تسجيل هدفين بقميص التعاون.