logo
قطر تحتفل باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر 2025

قطر تحتفل باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر 2025

صحيفة الشرقمنذ 4 أيام
محليات
16
A+ A-
الدوحة - قنا
احتفلت دولة قطر، اليوم، باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر 2025، الذي يصادف يوم 30 يوليو من كل عام.
وقد نظمت وزارة العمل واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر احتفالا تحت شعار "الاتجار بالبشر جريمة منظمة – أوقفوا الاستغلال" بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والأمنية والقضائية والمنظمات الدولية والسلك الدبلوماسي ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها دولة قطر لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص انطلاقا من التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم كافة أشكال الامتهان لكرامة الإنسان وتعزز احترام حقوقه وحمايتها، وبالقانون الدولي ودعم جميع الجهود الوطنية والدولية لتحقيق الاستجابة الفعالة للحد من هذه الجريمة.
وأسست دولة قطر إطارا قانونيا ومؤسسيا متكاملا يدعم جهود الوقاية والحماية والملاحقة، بما يدعم خطة عمل الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، حيث أنشأت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (15) لسنة 2017 لتكون الجهة المعنية برصد ومنع ومكافحة هذه الجريمة عبر تنسيق الجهود مع مختلف الجهات المختصة الوطنية والدولية، إلى جانب تنظيم برامج تدريبية متخصصة لبناء قدرات الكوادر الوطنية وموظفي إنفاذ القانون، وتمكينهم من التعرف على أنماط الجريمة وسبل مكافحتها.
وفي كلمته الافتتاحية للاحتفال، قال السيد حمد فرج دلموك وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمالة الوافدة بوزارة العمل، "إن دولة قطر تبنت نهجا متكاملا ومتقدما لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر كان من أبرز محطاته إطلاق الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر 2024–2026 التي تقوم على أربعة محاور تشمل الوقاية، والحماية، والملاحقة القضائية، والتعاون الوطني والدولي، وتشرف على تنفيذها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر عبر تنسيق الجهود وبناء القدرات ورفع مستوى الوعي المجتمعي بما يضمن تحقيق استجابة فعالة وعادلة ومستدامة"، مبينا أن الدولة اتخذت خطوات متقدمة على المستويات التشريعية والمؤسسية والإجرائية لمكافحة الاتجار بالبشر في إطار إصلاحات شاملة وغير مسبوقة في سوق العمل، كما تبذل على الصعيد الدولي جهودا مستمرة تقوم على التعاون مع الشركاء الدوليين، حيث أبرمت اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الدول المرسلة للعمالة، وتعمل من خلال لجان مشتركة لحماية العمال وتنظيم استقدامهم.
وأوضح أنه تجسيدا لهذا الالتزام، وقعت دولة قطر مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إعلان نوايا لإنشاء مركز دولي للتدريب والبحوث في مجال مكافحة الاتجار بالبشر ليكون منصة لتعزيز القدرات وبناء الشراكات العالمية، مؤكدا إيلاء وزارة العمل أهمية بالغة لمكافحة الاتجار بالبشر والعمل الجبري وذلك التزاما بتحقيق أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024-2030، لاسيما في ظل مكانة دولة قطر كوجهة رئيسية تستقبل أعدادا كبيرة من العمالة الوافدة سنويا.
وذكر أن الوزارة تنفذ وفقا لذلك سلسلة من الإجراءات ضمن استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى التصدي لممارسات الاستغلال الحديثة، وتعزيز بيئة عمل قائمة على العدالة والامتثال للقوانين، منوها إلى أن الوزارة تعمل وفقا لأولوياتها الاستراتيجية عبر قطاع شؤون العمل على تنفيذ مجموعة من الإجراءات النوعية لمنع جريمة الاتجار بالبشر، من أبرزها ضمان وصول العمالة الوافدة إلى دولة قطر دون تحمل أية ديون مجحفة، وهو ما يعد خطوة محورية للحد من أحد أشكال العمل الجبري، ومنح العامل القدرة الكافية على العمل بحرية وكرامة، فضلا عن إصدار الدولة منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات والتدابير الوقائية لحماية وتعزيز حقوق العمال قبل وأثناء الاستقدام.
من جانبه، أكد السيد ماكس تونون مدير مكتب منظمة العمل الدولية في قطر، خلال كلمته في الاحتفال، أهمية اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر باعتباره محطة لتجديد الالتزام الدولي المشترك بمناهضة جميع أشكال الاستغلال والعمل القسري، لافتا إلى أن نحو 50 مليون شخص حول العالم لا يزالون يرزحون تحت ظروف من العمل القسري والاتجار، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ومبادئ العمل اللائق.
وشدد على التزام المنظمة بالعمل مع الحكومات والشركاء في القطاعين العام والخاص لمواجهة هذه الظاهرة عبر التصدي لجذورها، وضمان حماية الضحايا، ومحاسبة المسؤولين، مشيدا بالتقدم الذي أحرزته دولة قطر في هذا المجال، لا سيما من خلال إصلاحات تشريعية ومؤسسية بارزة شملت تطوير نظام الكفالة، وتعزيز آليات الشكاوى، وإطلاق خدمات حماية وإيواء الضحايا، بالإضافة إلى جهود دعم وتمكين المجموعات المجتمعية.
كما أثنى على خطة اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر للفترة 2024–2026، واصفا إياها بأنها "وثيقة شاملة تبني على الواقع المحلي وتعكس فهما عميقا للعوامل البنيوية التي قد تعرض بعض العمال للخطر".
ودعا إلى اتباع نهج يضع الضحايا في صلب الاستجابة المؤسسية ويحترم احتياجاتهم وقراراتهم، مع ضمان استمرار المساءلة ومكافحة الإفلات من العقاب، مبينا أن مكافحة الاتجار بالبشر ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي التزام مشترك يتطلب عملا متواصلا وتنسيقا فعالا بين جميع الأطراف.
وقال تونون في هذا الصدد "إن التقدم الذي أحرزته دولة قطر يمثل نموذجا لما يمكن تحقيقه من خلال الإرادة السياسية، والتعاون المؤسسي، والانفتاح على الشراكات الدولية، ومع دخولنا مرحلة جديدة من العمل في إطار الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر (2024–2026)، فإن منظمة العمل الدولية تؤكد استمرار دعمها الكامل لجهود الدولة، وتعزيز نهج قائم على الحقوق، يضع الضحايا في قلب الاستجابة، ويعزز بيئة عمل آمنة وعادلة للجميع".
بدورها، ثمنت السيدة رولا هاماتي القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في قطر، في كملتها خلال الاحتفال، جهود وزارة العمل والتزامها الراسخ بمكافحة جميع أشكال الاتجار بالبشر، لا سيما تلك التي تستهدف الفئات الهشة من العمالة، مؤكدة على إدراك وزارة العمل التحديات المرتبطة بتصنيف الضحايا، حيث يساء في بعض الحالات التعامل معهم كمذنبين بدلا من الاعتراف بهم كضحايا، حيث يترجم هذا الوعي إلى سياسات متقدمة لبناء منظومة حماية تضع كرامة الإنسان في صميم الاستجابة.
واعتبرت هذه المناسبة السنوية نداء عالميا للعمل المشترك لحماية كرامة الإنسان، مشيرة إلى قيام وزارة العمل، في إطار تعاونها مع المنظمات الدولية وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة، بتدريب العشرات من المستجيبين الأوائل من مفتشي العمل وجهات إنفاذ القانون على أساليب التعرف على ضحايا الاتجار بالبشر والعمل القسري، وآليات إحالتهم إلى الجهات المختصة ضمن مسارات تحفظ حقوقهم وتراعي احتياجاتهم، بما يمثله ذلك من تعزيز للقدرات وخطوة محورية نحو تحقيق العدالة والتصدي لجذور الاستغلال وصون الكرامة الإنسانية.
وأشارت السيدة رولا هاماتي إلى أن قدرة دولة قطر على توحيد الجهود بين الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والسفارات والمجتمع المدني والقطاع الخاص يعكس نموذجا فريدا في المنطقة، مؤكدة دعم المنظمة الدولية للهجرة لهذا النهج التشاركي، لاسيما في ظل الإنجازات الملموسة التي حققتها دولة قطر من خلال إصلاحات سوق العمل وتفعيل آليات الحماية، بما جعل هذه النجاحات تمثل قاعدة قوية لمزيد من التعاون الإقليمي، وتعزيزا للعمل المشترك في مجال حماية الحقوق ومكافحة الاستغلال.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر هذا العام في إطار الأهداف التي حددتها منظمة الأمم المتحدة، وتشمل التركيز على رفع مستوى الوعي بخطورة هذه الجريمة المنظمة، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهتها بفعالية، إلى جانب دعم وتأهيل الضحايا نفسيا واجتماعيا بما يضمن إعادة دمجهم في المجتمع، وتمكين الأفراد والمجتمعات من الإبلاغ عن أي حالات يشتبه بارتباطها بالاتجار بالبشر، بما يسهم في تعزيز منظومة الحماية والوقاية وبناء مجتمعات أكثر عدلا وأمانا.
وشهد الاحتفال تكريم عدد من الجهات لمساهماتها الفاعلة في تعزيز الجهود الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ومنها: المجلس الأعلى للقضاء، وزارة الداخلية، والنيابة العامة، ووزارتا العدل والصحة العامة، ووكالة الأنباء القطرية "قنا"، ومركز أمان، وصندوق دعم وتأمين العمال تقديرا لدوره في توعية الجاليات بمخاطر الاتجار بالبشر وسبل الحماية منه.
مساحة إعلانية

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دعم قطري مستمر للأشقاء السوريين
دعم قطري مستمر للأشقاء السوريين

صحيفة الشرق

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة الشرق

دعم قطري مستمر للأشقاء السوريين

276 انطلاقا من روابط الأخوة وواجبها الأخلاقي والإنساني، لا تدخر دولة قطر جهدا في دعم كل المسارات التي تقود إلى مساعدة الشعب السوري الشقيق في هذه المرحلة التاريخية للانتقال ببلادهم الى الاستقرار والنهضة والازدهار، حيث ظلت قطر على الدوام في مقدمة الدول الداعمة للشعب السوري الشقيق من أجل تحقيق تطلعاته، وذلك من خلال الدور الحيوي الذي ظلت تلعبه، في هذا الصدد، سياسيا وتنمويا وإنسانيا. وفي هذا السياق، جاء إعلان صندوق قطر للتنمية، البدء بالمرحلة الثانية من دعم الطاقة الكهربائية، بطاقة استيعابية تبلغ 800 ميجاواط، وذلك تنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، واستكمالا لجهود دولة قطر في دعم الأشقاء في الجمهورية العربية السورية الشقيقة في قطاع الكهرباء. وهذه المرحلة الجديدة من دعم الطاقة الكهربائية التي ستبدأ اعتبارا من يوم غد السبت، ستستمر لمدة عام كامل، في إطار التعاون بين صندوق قطر للتنمية ووزارة الطاقة السورية، وهي تسهم في تحسن تشغيل الكهرباء بنسبة 40 بالمائة يوميا لأكثر من 5 ملايين مشترك في سوريا، كما تعزز استدامة الطاقة في المناطق التجارية والخدمية والمصانع. إن هذا الدعم الجديد، الذي يرفع إجمالي مساهمات صندوق قطر للتنمية في قطاع الكهرباء في الجمهورية العربية السورية إلى أكثر من 760 مليون دولار أمريكي، يؤكد التزام دولة قطر الثابت بدعم الشعب السوري الشقيق، في كل المجالات، واهتمامها الكبير بتعزيز البنية التحتية الحيوية لضمان حياة كريمة وآمنة للمواطنين السوريين. إن دولة قطر تقف في مقدمة المساندين للاشقاء السوريين، من خلال دعمها الكامل للجمهورية العربية السورية بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية، وبما ينعكس إيجابيا على مستقبل سوريا. مساحة إعلانية

حكايات فلسطينية عالمية
حكايات فلسطينية عالمية

صحيفة الشرق

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة الشرق

حكايات فلسطينية عالمية

مقالات 219 تدخل المدن لكتب التاريخ بمواقفها النبيلة والمشينة، تماما، مثلما يدخلها العباقرة والعلماء والنوابغ بإنجازاتهم، والكثير من المجرمين والقتلة والإرهابيين بجرائمهم. وتُسطّر عموم كتب التاريخ الأحداث الكبرى والصغرى المتعلّقة بالإنسان والحياة بحيادية وموضوعية، وهنالك أحداث تفرض نفسها على كتب التاريخ رغما عن بعض المؤرخين الذين، ربما، لا يَميلون ولا يَتعاطفون مع مَن غيّروا اقتحموا التاريخ وغيروا مجراه. وغزة اليوم هي الخبر الأول والأبرز في عموم النشرات الإخبارية العالمية والمحادثات بين غالبية الدول، وكأنها عملاق اسطوري يفرض نفسه على القاصي والداني، والحاضر والمستقبل. عالميا وشعبيا هنالك الكثير من الحكايات، الحقيقية والخيالية، التي تتناقلها الشعوب، ومنها حكايات ألف ليلة وليلة، وسندريلا، وعلاء الدين والمصباح السحري، والسندباد البحري، وغيرها، وستضاف إليها، حتما، «حكايات فلسطين». والحكايات الفلسطينية كتبت بمداد دماء الشهداء، وصرخات اليتامى والثكالى، وها هي «إسرائيل»، ومنذ أكثر من 665 يوما، ما تركت سلاحا تمتلكه إلا وجربته ضد الغزّيين العزّل، وقتلت، حتى الساعة، أكثر من 60 ألف مدني، وهنالك، وفقا لمنظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، «مليون امرأة وفتاة في غزة يواجهن المجاعة». وها هي جثث الشهداء في كل مكان، وكل مَن يعيش في غزة عرضة للموت، وهكذا هم أهل غزة يُصارعون مخططات «إسرائيل» الساعية لمحوهم وقطع أي صلة لهم بالحياة عبر عمليات قتل وتجويع مدروسة تُتَرجم الحقد «الإسرائيلي» الدفين وغير المبرّر. وهكذا فنحن أمام همجية «إسرائيلية» مُتجذرة، وكراهية عميقة، وصور تزرع الأسى والألم في النفوس، وقنابل تهبط من السماء، تُدمّر الناس والبيوت، ووسط هذه الفوضى هنالك ما يقرب من مليوني شخص أعزل يهيمون في أرجاء القطاع لا يدرون إلى أين يذهبون، بحثا عن الأمان والطعام. وها هي غالبية دول العالم تُتابع بعض مجازر «إسرائيل» في غزة، والتي تهز الضمائر، حيث الموت بالجملة، والصراخ والجوع في الأرجاء، دون أن تتحرك، حقيقة، لوقف تلك المجازر. هذه الحكايات الفلسطينية الفريدة دفعت 25 دولة، بينها بريطانيا وفرنسا، يوم 21/7/2025، لمطالبة «إسرائيل» بالرفع الفوري للقيود التي تفرضها على تدفق المساعدات لغزة، وأكدت رفضها «أي إجراء لإحداث تغيير ديمغرافي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فمَن الذي غيّر المواقف الدولية غير الصمود الفلسطيني؟ أظنّ أن حكايات الصمود الغزّي التي أذهلت العالم هي السبب الذي دفع غالبية الدول والشخصيات المشهورة للاهتمام بغزة وما يقع على أهلها وأرضها من جرائم قتل وتجويع وسحق للحياة. وبالمقابل فإن الدول الغربية المترددة في دعمها لغزة، والمستمرة بدعمها «لإسرائيل»، ضربت بدساتيرها الضامنة لحقوق الانسان وكرامته عرض الحائط. إن الحكايات الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اللحظة، والتي ستحكى للبشرية في غالبية بقاع الأرض، ليست نسجا من الخيال، بل أحداث واقعية، تُثبت أن الفلسطينيين والغزّيين وقفوا في وجه واحدة من أعتى الهجمات الهمجية بعد الحرب العالمية الثانية. والحكايات الفلسطينية والغزّية مَزجت الحاضر بالماضي والمستقبل، والحياة بالموت والأمل، وذَوّبت الشبع بالجوع والسلام، وكأن غزة تُعلّم العالم أن الموت، ورغم هيبته، كونه الحقيقة المخيفة المرعبة إلا أن إيمان أهلها جعلهم لا يهابون الموت، ويتعايشون معه، ولم يتركوا، حتى، صلوات الجنائز على شهدائهم رغم الصواريخ والجوع والإرهاب. فعن أيّ شعب نتكلم، وكيف سيؤرخ المؤرخون هذه الأحداث، وكيف سيَصفون هذا الصمود النادر للرجال والنساء والأطفال والأصحاء والمرضى والحوامل، وكيف سيكتبون عن تعايشهم مع الموت والحرب، تماماً مثلما يحلمون بالحياة والسلام؟ وقريبا ستكون غزة واحدة من مصادر الابداع لشركات إنتاج الأفلام السينمائية العالمية، وسيقف العالم حينها، كما هو اليوم، احتراما لصور الصمود والصبر والثبات الغزّي. فلسطين وغزة حكايتنا المثالية التي نتباهى بها أمام العالم لأن أهلها جزء منا ونحن جزء منهم، ولأنهم عنوان للفخر والعزّ والبطولة والبسالة والقيم النبيلة الرفيعة الراقية. أما نحن فسنبقى نكتب عن بطولات غزة وتضحياتها وثباتها وآلامها، وهذا أقل الواجب الواقع علينا تجاه أهلها الأنقياء الأوفياء. مساحة إعلانية

فخ... القوة المفرطة والشعور بالتفوق
فخ... القوة المفرطة والشعور بالتفوق

صحيفة الشرق

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة الشرق

فخ... القوة المفرطة والشعور بالتفوق

399 في تاريخ العلاقات الدولية، تتكرّر ظاهرة خطيرة تُصيب بعض الدول أو القوى العظمى حين تمتلك فائضًا من القوة العسكرية أو الاقتصادية أو التقنية؛ ظاهرة تُعرف بــ 'سكر القوة' أو «وهم التفوق المطلق». حين تشعر دولة ما بأنها تتفوق على الآخرين، ينشأ لديها ميلٌ إلى الاعتقاد بأن القواعد التي تنطبق على غيرها لا تنطبق عليها، وأن القوة المفرطة قادرة على حمايتها من أي اعتراض أو مساءلة، بل وحتى من أحكام القانون الدولي. لكن القارئ لا يحتاج إلى الذهاب بعيدًا في كتب التاريخ ليجد مثالًا حيًا على مخاطر القوة المفرطة؛ يكفي أن يتابع المشهد في الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة الماضية. فبذريعة 'الدفاع عن الدروز' شنّت دولة الاحتلال إسرائيل عدوانًا جديدًا على الأراضي السورية، متجاهلةً أبسط قواعد السيادة، ومستخفةً بالقانون الدولي. وفي الوقت نفسه لم تتردد في انتهاك سيادة لبنان وخرق اتفاق وقف إطلاق النار القائم منذ سنوات، وكأن هذه الاتفاقات لا قيمة لها أمام إرادة القوة. هذا السلوك ليس حادثة عابرة، بل هو تجسيد حيّ لسياسة يترجمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بكل وضوح؛ سياسة تقوم على قناعة خطيرة بأن التفوق العسكري المطلق مضمون النتائج وأنه علاوة على ذلك يوفر حصانة من المحاسبة الدولية، وأن بإمكان إسرائيل ليس فقط إبادة الغزاويين وتجويعهم حتى الموت وتهجيرهم، بل حتى إعادة رسم الشرق الأوسط وفق رؤيتها، ولو كان ذلك عبر تجاوز حدود الدول وقواعد القانون الدولي، حيث تبرر القيادة المتغطرسة تدخلاتها وتجاوزاتها على سيادة دول اخرى، بذرائع 'أمن قومي' أو 'نظام إقليمي جديد' … المخاطر الذاتية لثقة مفرطة بالنفس حين تُصاب دولة أو قيادة بهذا الشعور، تتراكم لديها أخطاء قاتلة على المستوى الداخلي: 1. تراجع العقلانية في تشخيص مصالح الوطن أمام علو صوت القوة الفائقة والغطرسة. 2. تآكل الحس النقدي: تغيب المراجعة الذاتية وتُهمّش الأصوات التي تحذّر من المغامرة، فيسود الرأي الواحد. 3. الاستنزاف الاقتصادي: الإفراط في التسلّح والإنفاق العسكري يؤدي إلى إرهاق الاقتصاد وتراجع التنمية. 4. الانفصال عن الواقع، بين الآنيّ والاستراتيجي، وان ما يمكن تحقيقه في الأمد القريب قد لايمكن الحفاظ عليه في الأمد البعيد عندما يتغير ميزان القوة. وان التفوق ليس امراً مسلماً به على الدوام. 5. استدراج الخصوم إلى سباق تسلّح: يؤدي سلوكها المتفوق ظاهريًا إلى ردود فعل حادة من دول أخرى، فتبدأ سباقات تسلح، وتنتشر الفوضى. زرع الخوف لدى الدول الاخرى وبالتالي دفعها لاتخاذ مواقف مضادة، ربما جماعية، واعادة النظر بتسليح جيشها وتجهيزه بهدف معالجة التفوق العسكري المقابل. 6. تراكم الأعداء في الداخل: يتزايد الاحتقان الشعبي والرفض لأي مغامرة جديدة حين يرى المواطن أن رفاهيته تُضحى بها لصالح أوهام العظمة. وهْم الحصانة من العقاب القوة المفرطة لا تعني الحصانة الأبدية. حيث يؤكد التاريخ بأن الدول التي اعتمدت على شعور التفوق المطلق وانطلقت إلى المغامرات الخارجية، انتهت إلى مصير مأساوي. أبرز الأمثلة على ذلك: ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. حين صعد هتلر، هو لم يكتف بإعادة بناء الجيش الألماني بل اندفع إلى أقصى درجات التمدد العسكري على الارض معتقدا أن التفوق التكنولوجي والتنظيمي كفيلان بإخضاع أوروبا كلها، اجتاحت الجيوش النازية بولندا وفرنسا والاتحاد السوفيتي وتجاوزت القوانين والمعاهدات الدولية ….لكن هذا الشعور بالتفوق كان سرابا فقد تحول الجيش النازي إلى آلة استنزاف دمرت موارد ألمانيا واستدرجت تحالفا عالميا أطاح به في النهاية، انتهت ألمانيا بهزيمة ساحقة، بينما أكدت محاكمات نورمبرغ فيما بعد أن الجرائم لا تسقط بالتقادم كما ان القوة المفرطة مهما بلغت لن تعلو على سيادة القوانين الدولية، وان طال الزمن. العبرة للدول المعاصرة إن الإغراء الذي تمارسه القوة المفرطة على صاحب القرار لا يختلف كثيرًا عبر العصور عن أي دولة معاصرة تتصور أن تفوقها العسكري أو الاقتصادي قد يوفر لها حصانة من الاعتراض أو المساءلة، انها ببساطة تغامر باستعادتها أخطاء الماضي. قد تتمكن هذه الدولة من فرض إرادتها مؤقتًا، لكنها ستدفع لاحقًا أثمانًا باهظة: من سمعتها الدولية، مقبوليتها عالمياً وإقليمياً، من أمنها الداخلي، من تغيّر موازين القوى مستقبلا لغير صالحها، ومن اقتصادها الذي يتآكل تحت ضغط سباق الهيمنة. نحو توازن واستدامة القوة ليست مذمومة بحد ذاتها، لكن خطورتها تكمن في الغطرسة المصاحبة لها. الدولة الرشيدة هي التي: 1. توظف قوتها في حماية مصالحها دون انتهاك سيادة الآخرين. 2. تدرك أن القانون الدولي ليس قيدًا بل ضمانة لسلام مستدام. 3. تراجع سياساتها بانتظام وتستمع إلى الأصوات الناقدة. استدراك …! لايمكن الحديث بالطبع عن القوة الفائقة لدولة الاحتلال اسرائيل ولا عن غطرستها دون ربطها بالترسانة العسكرية للغرب، أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص، والرابطة العضوية بين الأطراف لازالت في اعلى مناسيبها، لكن متى قطعت سلاسل الامداد، بتغير الموقف السياسي، وهو ممكن، عندها ستحرم إسرائيل من ميزة التفوق المطلق، إذاً عليها لا تباهي بقوتها وتفوقها ….فهي ليست ذاتية انما مستوردة ! من جهة اخرى، القوة ليست ترسانة عسكرية فحسب، بل هي حصيلة ثلاثة عوامل أساسية: السلاح، المقاتل، القيادة. ويفترض ان تتمتع العناصر الثلاثة بأعلى درجات الاهلية المطلوبة لتحقيق التفوق اللازم على العدو. وبإجراء حسبة بسيطة يمكن الاستنتاج إلى ان دولة الاحتلال لا تتمتع بتفوق عسكري حقيقي على العرب، بل وهمي، ذلك لان قوة العدو لا يقابلها سوى ضعف عربي، ورغم اننا نملك السلاح التكنولوجي المتقدم كماً ونوعاً، كما يتوفر للسلاح مقاتل ماهر عزوم، فإن ما ينقصنا ويضعفنا هو غياب وحدة المؤسسة العسكرية العربية رغم وجود اتفاقية الدفاع العربي المشترك، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية …..حيث يبقى القرار العسكري معلقاً الى إشعار آخر ! غطرسة الكيان المحتل تشكل استفزازاً لا سابق له في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، والمفروض ان نعمل على عجل، نراجع، نعالج الخلل، ونصوّب المسار ….وها هي المنازلة في غزة قد منحتنا جرعة هائلة من الثقة بالنفس …فكيف لو اقترنت بسلاح متقدم، وقيادة عزومة أعدّت للأمر عدته وأحسنت التوكل على الله هنا يكمن التفوق.…

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store