
من لبنان إلى قطر... راي باسيل لـ«الشرق الأوسط»: القرار صعب ولا رجعة فيه
وبين الرأي والرأي الآخر، بدت باسيل ثابتة في خيارها، واثقة بخطوتها، وعازمة على فتح صفحة جديدة لا تنكر فيها ماضيها ولا تتنكر له، بل تبدأ منها لكتابة تاريخ جديد، وبينما عبّرت عن امتنانها للبنان الذي احتضنها طيلة مسيرتها، لم تُخفِ شعورها بالخذلان من واقع الإهمال وغياب الدعم، مؤكدة أن تمثيلها لقطر لا يلغي هويتها اللبنانية، بل يمنحها فرصة لمواصلة التألق من بوابة أخرى، وبمظلّة تؤمن بالرياضيين وتدعمهم كما يجب.
وأكدت باسيل في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن قرارها بتمثيل قطر كان صعباً، وقالت: «يجب أن تعرفوا أن قطر بلدي الثاني، وقد احتضنني كثيراً في ظروف سابقة، وأولها عندما تأهلت إلى أولمبياد لندن في عام 2012، حيث قدّم لي الاتحاد القطري كل التمارين مجاناً مع المدرب، ومن هنا بدأت قصتنا، هم يعرفونني منذ أن كنت صغيرة، وأخذت القرار اليوم لأنه حان الوقت أن أنتقل إلى مرحلة جديدة في حياتي، وأن يكون عندي أمل بأن تكون هناك دولة تقف معي وتدعمني في ظل غياب الدولة اللبنانية».
راي باسيل في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بعد خطوتها التي أثارت الجدل حولها (الشرق الأوسط)
وأضافت أن المشروع طويل الأمد، موضحة: «المخطط اليوم ليس فقط أن أكون لاعبة، نحن نخطط أن نخلق أكاديمية وندعم الجيل الجديد ونخلق منتخب فتيات ناشئات، وأسهم هذا الأمر أيضاً في أن يكون هناك تنسيق بين الاتحادين اللبناني والقطري، في خطوة إيجابية تدعم أيضاً منتخب لبنان للناشئين، ليكونوا لاحقاً قادرين على أن يتمرّنوا ويكون لديهم دعم خاص، نوع من البروتوكول بين الاتحادين».
وأشارت باسيل إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تخلق نمواً جديداً للعبة، وستفتح أبواباً ومجالات لرياضيين لبنانيين آخرين، وربما في رياضات أخرى أيضاً.
وأوضحت أنها تسعى إلى إعادة كتابة التاريخ الذي صنعته مع لبنان، وتحقيقه مجدداً مع قطر، مؤكدة رغبتها في التدرج نحو إحراز البطولات العربية والآسيوية والعالمية، والعودة إلى خوض المراحل التي لطالما منحتها الشغف والحافز.
وكشفت عن استحقاقاتها المقبلة باسم قطر، مشيرة إلى أن المشاركة الأولى ستكون في بطولة آسيا نهاية الشهر الحالي في كازاخستان، تليها بطولة العالم في أكتوبر (تشرين الأول) باليونان، على أن تختتم العام بالمشاركة في نهائيات كأس العالم المقررة مطلع ديسمبر (كانون الأول) في قطر.
باسيل قالت سيبقى لبنان بلدي وسأبقى لبنانية (الشرق الأوسط)
وتحدثت باسيل عن المشاعر المتضاربة التي رافقتها خلال اتخاذ القرار، فقالت: «عندما أعود بالذاكرة إلى الوراء، أشعر بحرقة في قلبي، هناك فرح وهناك حزن في الوقت نفسه، من الصعب وصف شعوري بالتحديد؛ لأن كل ما قدمته حتى يومنا هذا كان للبنان، وسيبقى لبنان بلدي وسأبقى لبنانية، لكن مع علمٍ آخر، أعتقد أن المرحلة في البداية ستكون صعبة بسبب انتقالي من لبنان إلى قطر، ولكن أكيد بوجودهم ووقوفهم إلى جانبي سيسهّلون الطريق عليّ».
وعن حجم الدعم الذي تلقته في السنوات الماضية من الاتحاد اللبناني للرماية أو الجهات الرسمية، أوضحت باسيل أنّ الاتحاد، برئاسة بيار جلخ، قدّم أقصى ما يستطيع ضمن إمكاناته، لافتة إلى أنّ تمويل الاتحادات الرياضية يعتمد أساساً على الوزارة، والوزارة تحديداً «غائبة عن السمع» ولا تملك الموارد المالية اللازمة.
وأشارت إلى أنّ هذا الغياب انعكس سلباً على الكثير من الرياضيين، وفي مقدمتهم هي نفسها، عادَّة أنّ ذلك كان واحداً من أسباب عدة دفعتها لاتخاذ قرارها الحالي.
وأضافت أنّ الإمكانات المتاحة لم تكن كافية لرفع المنتخب إلى مستوى أعلى مما هو عليه، مؤكدة أنّ الأمر لم يكن سهلاً عليها، فهو قرار اتخذته بعد 22 عاماً من مسيرتها، عادَّة أنّه ليس خطوة بسيطة، لكنه في النهاية محطة لا بد أن يصل إليها كل شخص ليبحث عن مستقبله ومصلحته.
واستطردت: «لكن لبنان مرّ بظروف صعبة جداً خلال السنوات الخمس الماضية، ولا أعتقد أن أي بلد مرّ بما نمر به ونحن نعيش ضغوطاً كبيرة على الأفراد والمؤسسات، الوضع صعب جداً، وأنا سعيت كثيراً، وطرقت أبواباً كثيرة، وجربت قبل أولمبياد باريس، لكن التجاوب كان ضعيفاً جداً؛ لأن الوضع لم يكن يسمح بتقديم مساعدات كافية لتمويل الميزانية المطلوبة، ولو كانت هناك ميزانية، لبقيت».
وأكدت أنّه من الطبيعي أن يخطو الإنسان خطوة إلى الأمام، ويفتتح مرحلة جديدة في حياته يضع فيها مستقبله نصب عينيه، وأوضحت أنّها لم تعد في العشرين من عمرها، وبعد سنوات طويلة من التضحيات، يصل المرء إلى محطة يصبح فيها التفكير بالنفس أمراً ضرورياً.
ولفتت إلى أنّ الكثير من لاعبي كرة القدم وكرة السلة يوقّعون عقوداً مع أندية خارجية ويمثلون دولاً أخرى، عادَّة أنّ هذا هو مفهوم الرياضة اليوم، الذي تغيّر كثيراً ولم يعد كما كان قبل ثلاثين أو أربعين عاماً.
باسيل أكدت تمسّكها بهويتها اللبنانية رغم قرارها (الشرق الأوسط)
وعن موقف الاتحاد اللبناني بعد إعلان الخطوة، أوضحت باسيل أنّ الاتحاد كان على علم مسبق بقرارها؛ إذ جاءت الموافقة رسمياً من جانبه بالتنسيق مع الاتحاد القطري، وأضافت أنّ تكريماً أقيم لها قبل يومين في مقر اللجنة الأولمبية الدولية؛ تقديراً لمسيرتها السابقة، بحضور الاتحاد اللبناني للرماية وأعضائه، مشيرة إلى أنّ المناسبة شكّلت فرصة للإعلان عن البروتوكول المزمع تنفيذه بين الاتحادين اللبناني والقطري، حيث جرى توضيح جميع التفاصيل بشكل رسمي وواضح.
وتطرقت باسيل إلى مسألة الانقسام داخل اللجنة الأولمبية اللبنانية، مشيرة إلى أنّ وجود لجنتين أولمبيتين في لبنان، وانقسام الاتحادات الرياضية، لا يبشّر بأي خير من وجهة نظرها، وأكدت أنها تقف مع الحق، داعية إلى ترك الكلمة الفصل للقضاء، موضحة أنّ هناك دعوى قائمة أمام محكمة «كاس» واللجنة الأولمبية الدولية، وأنه عند صدور القرار «لكل حادث حديث».
وأضافت أنّ الرياضيين يمثلون بلداً اسمه لبنان، وليس فريقاً سياسياً أو طائفة، محذّرة من أنّ استمرار هذا الانقسام دون حلّ سريع ينطوي على خطر حقيقي قد يصل إلى حد توقيف لبنان خارجياً، معربة عن أملها في أن يُحل هذا الملف في أسرع وقت ممكن.
أما فيما يخصّ من عدّوا خطوتها خذلاناً للبنان، فقد شدّدت باسيل على أنّ الرأي العام انقسم بين مؤيد ومعارض، موضحة أنّ الغالبية كانت إيجابية في ردّها، وأن معظمهم يعيشون القهر والمعاناة كلّ في مجاله.
باسيل قالت إن قطر بلدي الثاني وقد احتضنني كثيراً في ظروف سابقة (الشرق الأوسط)
وأشارت إلى أنّ هناك من وصف قرارها بالخيانة، ورأى أنها وضعت لبنان خلفها، وباعته، مؤكدة أنّ كل ذلك عارٍ من الصحة.
وبيّنت أنّ القرار اتُّخذ بعد تفكير عميق، وهو قرار حاسم لا رجعة فيه؛ لأن التنسيق القائم بين الاتحادين اللبناني والقطري يخدم مصلحة البلدين، مضيفة أنّ أي بطولة ستحرزها مستقبلاً ستُسجّل باسم لبنان وقطر معاً، فهي في النهاية ابنة لبنان، ولا يمكن لأي أحد أن يمحو تاريخها.
ووجّهت باسيل رسالة مؤثرة إلى جمهورها اللبناني، معربة عن حبّها العميق لهم وشكرها لكل لحظة وقفوا فيها إلى جانبها، سواء في أوقات الفرح أو الحزن، ودعتهم إلى عدم الزعل منها، بل إلى النظر نحو الأفق الأبعد، مشيرة إلى أنّ الفرص حين تلوح في الطريق من الجميل ألّا تُقابَل بالرفض، خاصة عندما يكون الهدف تطوير الذات.
وأكدت باسيل تمسّكها بهويتها اللبنانية رغم قرارها، موضحة أنّها تفهّمت بعض العتب، ومتمنية ألّا يؤثر ما حدث على مسيرة غيرها من الرياضيين. ودعت إلى تفهّم من قد يسلك المسار نفسه مستقبلاً، مشددة على أنّ غياب الدعم الرسمي يدفع الرياضيين للرحيل، وأن الفرص يجب اغتنامها لبناء المستقبل وصنع تاريخ جديد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 9 دقائق
- صحيفة سبق
فريق السعودية للآيكيدو ينهي مشاركته في الألعاب العالمية تشنغدو 2025
اختتم فريق السعودية للآيكيدو، اليوم الأربعاء، مشاركته في الألعاب العالمية تشنغدو 2025، حيث حظيت الفرق السعودية المشاركة بزيارة الرئيس التنفيذي والأمين العام للجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية عبدالعزيز باعشن. وأعرب رئيس اللجنة السعودية للآيكيدو، المهندس باسم زارع، عن شكره وامتنانه للجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية والاتحاد الدولي للآيكيدو على دعمهم وإتاحة فرصة المشاركة في هذا الحدث الرياضي العالمي المميز. وأكد زارع أن المشاركة كانت أكثر من مجرد عروض رياضية، إذ جمعت بين خبرات ومهارات لاعبين من مختلف دول العالم في أجواء تسودها روح الانسجام والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن التدريب مع كبار المدربين العالميين شكّل تجربة استثنائية أثرت خبرات الفريق وأسهمت في رفع مستواه الفني والبدني.


الرياض
منذ 23 دقائق
- الرياض
نواف بن سعد رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة الهلال غير الربحية
زكّت الجمعية العمومية لمؤسسة أعضاء نادي الهلال غير الربحية التي عقدت مساء اليوم الأربعاء (عن بُعد) القائمة النهائية المرشحة لرئاسة وعضوية مجلس إدارة المؤسسة والتي ضمّت كلًّا من: 1- صاحب السمو الأمير "نواف بن سعد" رئيسًا 2- "سليمان بن ناصر الهتلان" نائب الرئيس 3- "تركي بن عبدالعزيز بن مرشود" عضوًا 4- "بدر بن سليمان المعيوف" عضوًا 5- "مشعل بن عبدالعزيز آل الشيخ" عضوًا 6- "محمد بن عبدالله النمر" عضوًا وناقشت الجمعية العمومية لمؤسسة أعضاء نادي الهلال غير الربحية عددًا من الموضوعات الأخرى المدرجة على جدول الأعمال، تمثلت في المصادقة على توصية مجلس الإدارة بتعيين مراجع الحسابات الخارجي، والمصادقة على قرار مجلس إدارة المؤسسة الصادر بتاريخ 23 مارس 2025م بإسقاط عضوية الأستاذ "عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن سعيد" ومنعه من الانتساب للمؤسسة لمدة سنتين؛ منذ تاريخ قرار المجلس، واختتمت الجمعية بإعلان تزكية القائمة المرشحة من قبل ممثل اللجنة العامة للانتخابات. ويُعد الأمير نواف بن سعد من الأسماء البارزة في تاريخ الإدارة الهلالية، حيث سبق أن ترأس النادي بين عامي 2015 و2018، ونجح خلال تلك الفترة في قيادة الفريق لتحقيق خمس بطولات كبرى، شملت لقب الدوري السعودي مرتين، وكأس خادم الحرمين الشريفين، وكأس السوبر السعودي، وكأس ولي العهد، مما رسّخ مكانته كأحد أنجح الرؤساء في مسيرة النادي.


الشرق الأوسط
منذ 39 دقائق
- الشرق الأوسط
مصادر: عودة مادو إلى النصر وهزازي للاتفاق
كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة نادي النصر توصلت إلى اتفاق مع نظيرتها في نادي الاتفاق يقضي ببيع عقد اللاعب بسام هزازي، الذي انضم للنصر في الانتقالات الشتوية الماضية، على أن يعود مجدداً لصفوف ناديه السابق بموجب عقد جديد يمتد لثلاثة مواسم. في سياق متصل، فتحت إدارة النصر خط التفاوض بشكل رسمي مع المدافع عبد الله مادو من أجل إعادته إلى صفوف الفريق، حيث أبدى اللاعب عدم ممانعته في العودة للنادي الذي نشأ فيه. ويعد مادو أحد خريجي أكاديمية النصر، وسبق له تمثيل الفريق الأول منذ عام 2013 وحتى 2024، قبل أن ينتقل إلى صفوف الاتفاق الموسم الماضي بشكل نهائي، حيث أبدى المدرب البرتغالي خورخي خيسوس رغبته بعودة اللاعب في ظل رحيل علي لاجامي للهلال، وانتهاء عقد محمد آل فتيل مع النصر.