logo
الموجة النسوية الثالثة كما تتجلى في 4 روايات

الموجة النسوية الثالثة كما تتجلى في 4 روايات

Independent عربية٢٧-٠٤-٢٠٢٥

اعتمدت هالة كمال في كتابها "رواية الموجة النسوية الثالثة: دراسة مقارنة" (سلسلة كتابات نقدية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة)، في تناول الروايات الأربع، الصادرة بين عامي 2005 و2012 على ما لاحظته من اشتراكها في طرح القضايا ذاتها التي نادت بها الموجة النسوية الثالثة وسعت إلى تحقيقها. وهذه الموجة تشكلت في الفترة من 1991 إلى 1995، وبدأت باعتبارها رد فعل عنيف على ما اختبرته النسوية في عام 1980 حين أعلنت وسائل الإعلام في الغرب وفاة النسوية، وأن حركة النساء في عامي 1960 و1970 حققت أهدافها، ومن ثم لم تعد هناك حاجة للنسوية وتميزت هذه الموجة.
وأهم القضايا التي طرحتها تلك الموجة هي قضية الأخذ بمفهوم الجنوسة gender باعتباره نسقاً اجتماعياً بديلاً للجنس الثنائي الذي يقسم الأفراد إلى رجال ونساء. وكذلك قضية "معايير الجمال"، لجهة الانحياز إلى حق كل سيدة في اختيار طريقتها الخاصة فيما يتعلق بجسدها ومظهرها الخارجي. وقضية "درء الخرافات حول المرأة"، من قبيل أنّ لا غنى للمرأة عن الزواج، أو أن من الأفضل لها ألا تزاحم الرجال في سوق العمل، فالزواج من وجهة نظرهن ليس بوابة عبور إلى حياة يقدمها لهن الأزواج، وينطبق ذلك على "تينا" في رواية "أوقف الساعة" 2012، و"سيليا" في رواية "بداية" 2009، و"سارة" في رواية "نون" 2007، و"ميشيل" في رواية "بنات الرياض" 2005. وهناك أيضاً قضية "الرابطة الأخواتية بين النساء"، وتعني دعم النساء لبعضهن البعض، "مع التركيز على أهمية الفرد وعدم إلغاء هويته داخل المجموع، وعدم النظر للنساء باعتبارهن ضحايا يجب أن يتحدن للدفاع عن أنفسهن، ولكن باعتبارهن قادرات على تحقيق الإنجازات" ص 14.
فردية المرأة
رواية "سحر الموجي" (نيل وفرات)
يتشابه موقف سحر الموجي في تركيزها على فردية المرأة في رواية "نون" مع موقف إلسون ميرسر في رواية "أوقف الساعة"، حيث انفصلت "لوسي" عن زوجها "آدم" في نهاية الفصل الأول من الرواية؛ لتبدأ من جديد البحث عن ذاتها. ولم تبدأ علاقة أخرى إلا عندما شارفت الرواية على الانتهاء، حيث يدفعها اعتزازها بفرديتها إلى التروي والتردد في تقديم الرفيق الجديد إلى ابنتها حتى يستطيع زيارتها في المنزل. بينما ركَّزت رجاء الصانع على معاناة الفتيات وتصوير الظلم الواقع عليهن، وجاء تحررهن من ظلم الرجال وقرارهن بالاعتماد على أنفسهن في نهاية الرواية. وفيما اعتمدت سحر الموجي الحذف الصريح والحذف الضمني للقفز على أمور مسكوت عنها وللانتقال من زمن إلى آخر، جاء إيقاع السرد سريعاً في رواية "بنات الرياض"، ومن ثم اعتمدت الكاتبة على تقنيتي التلخيص والحذف لتزيد من سرعة الإيقاع، مع مراعاة الناحية الدلالية لذلك الحذف.
ومن جانبها استخدمت أليسون ميرسر تقنية الحذف في مستهل روايتها لإسقاط عشر سنوات بين الافتتاحية المعنونة بـ "ليلة رأس السنة 1999"، والفصل الأول المعنون بـ "ربيع 2009 مقاطعة سبرينج"؛ لرصد التطورات الحياتية لشخصيات الحكاية ولتسريع وتيرة السرد وإيضاح المدة المنقضية بعد أحداث كبرى أثَّرت في مسار السرد. في حين قلَّ استخدام جولي كورتني سوليفان لتقنية الحذف واقتصر استخدامها لها في بعض العبارات مثل "في اليوم التالي"، أو "في الصباح".
الاحتدام الدرامي
رواية رجاء الصانع (دار الساقي)
ويتميز "المشهد" في رواية "نون" بتزامن الحدث والنص، حيث نرى – تقول هالة كمال - الشخصيات وهي تتحرك وتفكر وتحلم، فهو يمثل الانتقال من عمومية السرد إلى الخصوصية الدرامية. وفي رواية "بنات الرياض" نجد أن "المَشاهد" احتلت مساحة كبيرة من السرد، حتى إن هناك فصلين كاملين لا تستعين فيهما الكاتبة سوى بالحوار ولكن مع الحرص على استخدام الجمل الخبرية القصيرة واللغة السهلة، التي تتناسب مع الشكل الرسائلي للرواية. وفي رواية "أوقف الساعة" تنوعت المشاهد الحوارية بين الطول والقصر وجاءت في معظم المواقف لتبرز الاحتدام الدرامي بين الشخصيات.
وفي رواية "بداية" أساءت الساردة توظيف تقنية المشهد؛ إذ اعتمدت عليه بكثرة مع عدم الموازنة بينها وبين تقنية الملخص، مما أدى إلى بطء إيقاع السرد وخلق شعورا بالملل لدى القارئ. وعاجت الباحثة في الفصل الثالث اللغة والجندر، ولاحظت تركيز الكاتبات في الروايات الأربع على التجارب الأنثوية الخاصة بطبيعتهن الجسدية المختلفة عن الرجال ومن ذلك تجربة الحمل والأمومة. وبالنسبة إلى الألفاظ المستخدمة في وصف العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، استخدمت سحر الموجي لغة مجازية أكثر جرأة من لغة رجاء الصانع، بينما استخدمت كل من أليسون ميرسر وجولي سوليفان لغة واقعية تعنى بالتفاصيل الحسية، لنقل تلك التجربة.
تقنية المونولوغ
وفي السياق ذاته لاحظت هالة كمال، أستاذة الأدب الإنجليزي ودراسات الجندر المساعدة، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، كلية الآداب، جامعة القاهرة، أن الروائيات الأربع استفدن استفادة واضحة من إمكانيات تقنية المونولوغ فطرحنها نصياً بقصد الكشف عن العالم الداخلي والأسرار المكنونة للذات المأزومة والوقوف على مكبوتاتها ورغباتها. وسعت سحر الموجي ورجاء الصانع إلى التجديد في تقنية المونولوغ للتعبير عن الحالات الوجدانية التي يعيشها أبطال النصوص. ووظَّفت أليسون ميرسر المونولوغ المرْوي؛ لتقدم لنا ما تفعله الشخصية في العالم الخارجي وما تقوله في عالمها الداخلي من خلال ضمير الغائب.
ومن جانبها استخدمت جولي سوليفان المونولوغ الطويل في استبطان الساردة دواخل الشخصيات النسائية في الحكاية وإطلاع القارئ على ما يفكرن ويشعرن به. ولاحظت هالة كمال كذلك أن الكاتبات الأربع؛ "عمدن إلى عدم غلق حبكة النص؛ فجاءت نهايات النصوص مفتوحة، وكأنها تجعل من النص حواراً أبدياً" ص 250. وقدمت لغة الحوار المطروحة باللهجة العامية في روايتي "نون" و"بنات الرياض" النبرة الخاصة للشخصية المصرية والسعودية، والحس المميز لوعيها بالحياة عن طريق اللغة. واختلف طرح موضوع اللهجة أو الحوار بالعامية في الروايتين الأميركية والانجليزية، حيث اكتفت الكاتبتان باستخدام الكلمات العاميةslang بدلاً من استخدام اللهجات الخاصة Dialect التي ذاع استخدامها في الروايات الإنجليزية والأميركية في القرن التاسع عشر، مع المذهب الواقعي في الأدب.
النزعة الغنائية
ولاحظت هالة كمال أن رواية "بنات الرياض" حملت أكبر عدد من الاقتباسات الشعرية من دواوين الشعراء الرجال، مثل نزار قباني وفاروق جويدة، فيما اقتبست سحر الموجي من كاتبات من مختلف العصور والحقب الزمنية. وأضفت الاقتباسات الشعرية والغنائية في ثنايا النص في رواية "نون" قدراً من الغنائية، بالمقارنة مع رواية بنات الرياض" حيث وظفت رجاء الصانع هذه التقنية مع إحدى شخوص الحكاية فحسب، وهي "سديم"، بينما استخدمتها سحر الموجي لاستبطان مشاعر جميع أبطال رواية "نون"، ومن ثم جاءت الاقتباسات معبرة عن حالات وجدانية أكثر تنوعا واختلافاً. ونجد - تقول هالة كمال – أن هذا النزوع نحو الغنائية يكاد يكون مقتصراً على النصين العربيين؛ "إذ لم يرد لدى جولي سوليفان سوى استشهاد شعري واحد، وقدمت ميرسر الاقتباس الشعري خارج المتن السردي باعتباره إحدى عتبات النص" ص 186. وتفاوت طرح الكاتبات لثقافة الاستهلاك، بينما كان التركيز على الهوية الأنثوية من خلال احتفاء المرأة بجسدها ومظهرها ملمحاً نسوياً مشتركاً في النصوص موضع الدراسة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولاحظت هالة كمال أن سحر الموجي وظَّفت المنظور الأيديولوجي النسوي في اختيار الساردة "حتحور" والسماح لها بالهيمنة على بنية السرد. وظهر صوت الساردة واضحاً في روايتي "نون" و"بنات الرياض" حيث تمتعت الروايتان بـ "الوعي الذاتي" في مخاطبة القراء، بخلاف الراوية في "أوقف الساعة" و"بداية"؛ إذ بدا أسلوبهما أقرب إلى صيغة كاتب المذكرات أو اليوميات الذي يخاطب نفسه.
ما بعد العلمانية
جاءت الدراسة في أربعة فصول، أولها جاء تحت عنوان "الزمان السردي: مفارقة الأزمنة"، والثاني "المكان السردي: مفارقة المجتمعات"، والثالث "اللغة والجندر"، والرابع "مستويات المنظور الروائي". وفي المقدمة حرصت هالة كمال على توضيح أن اقتصار الدراسة على أربعة نماذج روائية، يعكس إيمانها بأنه كلما ضاقت رقعة النماذج كلما أمكن استيعاب الأبعاد والأعماق المختلفة للنصوص ووفائها حقها من الاستقصاء التحليلي. وفي الخاتمة لاحظت تشابهاً بين الأيديولوجيا السائدة لدى أفراد طبقة "صفوة المعرفة" في المجتمعات المختلفة، من حيث الموقف الساخط على الحداثة، والميل إلى تأييد الفكر التحرري اليساري للنظام الاستراكي! وكشفت الدراسة عن اهتمام الكاتبات الأربع بما عرف بـ "نسوية ما بعد العلمانية"، التي تهتم بالجانب الروحاني، الذي ظهر في رواية "نون" من خلال حضور الساردة "حتحور" وعلاقتها المتماهية مع الشخصيات.
وفي رواية "بنات الرياض" ظهر الدين الإسلامي بوصفه المنبع الروحاني الذي تستمد منه بطلات الحكاية الدعم في أزماتهن. أما في روايتي "أوقف الساعة" و"بداية"، فكانت "الرابطة الأخواتية"؛ "هي الملمح الروحاني الوحيادة العلمانية في المجتمعات الغربية، مما يجعل منها الرابط الأقدر على التوحيد بين النساء على اختلاف عقائدهن وثقافاتهن" ص 421.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأميركي ويس اندرسون يرسم بالكاميرا ويستنطق اللاوعي
الأميركي ويس اندرسون يرسم بالكاميرا ويستنطق اللاوعي

Independent عربية

timeمنذ 6 أيام

  • Independent عربية

الأميركي ويس اندرسون يرسم بالكاميرا ويستنطق اللاوعي

من فضائل سينما أويس ندرسون، صاحب ال 13 فيلماً، أنها أعادت الاعتبار للحنين على نحو خلاق من خلال الهندسة اللونية في بناء اللقطات والأزياء والموسيقى، والانحياز إلى إشباع الجانب البصري في رسم المشاعر. هنا نحن أمام مصطلح مستقى من المسرح هو "الفرجة"، لكنه يمنح هذا الفضاء دفئاً وعفوية، كأنه يستعيد طفولة غابرة، ويتطلع إلى إنشاء لغة رمزية عبر الألوان. لذا يكثر في أفلام أندرسون اللون الأحمر، لأنه يعادل الحزن الكثيف. في فيلم "الحياة المائية مع ستيف زيسو" (2004) تعكس قبعة زيسو الحمراء حزنه الشديد على فقدان صديقه ورفيقه إستيبان دو بلانتييه. وفي فيلم "العائلة الملكية تينينباوم" (2001)، نرى تشارلز (بن ستيلر) يرتدي بدلة رياضية حمراء حداداً على وفاة زوجته، وشعور الهجر الذي أحسّ به في طفولته. وفي فيلم "دارجيلنغ المحدودة" (2007)، نرى الأخوين يقودان سيارة حمراء بعد وفاة والدهما، كما لاحظ ذلك مقال نشرته منصة (Curzon) الإنجليزية، الأسبوع الماضي. وُصف فيلم "المخطط الفينيقي" بأنه كوميدي، مع أنّ هذا التعبير مخلّ ومختزل، فهو أقرب إلى السوريالية المحملة بأنفاس الماضي وعذاباته، ومن شخصياته التي عمّرت ذكريات أندرسون، شخصية "ززا كوردا" المستوحاة جزئياً من والد زوجته اللبناني الراحل، فؤاد معلوف، الذي وصفه، في تصريح لصحيفة "هوليوود ريبورتر" بأنه "شخصية كاريزمية مهيبة". من جو فيلم "المخطط الفينيقي" (ملف الفيلم) خرج أندرسون من عباءة المخرج التقليدي، وسلك الدرب الوعر للمخرج المحوِّل، الذي ما زال يلهم السينمائيين، وشركات التسويق، ودور الأزياء، والمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي. وصار الجمهور يعرف سينما أندرسون قبل أن يرى توقيعه عليها. شغف المغامرة الانشقاق الإبداعي يحركه ويغذيه قلق مستعر، وشغف في المغامرة، ما يحيلنا إلى كتاب "كيفما فكرت... فكر العكس" للإنجليزي بول آردن، الذي صدر عن دار الساقي، وترجمته رشا الأطرش. يروي المؤلف حكاية من الألعاب الأولمبية التي نظمت في المكسيك سنة 1968، حيث اعتاد أبطال القفز العالي الطيران فوق العارضة، جاعلين أجسادهم موازية لها، وسمّيت هذه التقنية "الدحرجة الغريبة". لكنّ ذلك كان على وشك أن يتغير، حيث قاربَ رياضي غير معروف العارضة المنصوبة على ارتفاع قياسي هو2,24م، بطريقة مغايرة تماماً. انطلق، وبدل أن ينحني بصدره في اتجاه العارضة، أولاها ظهره. رفع ساقيه وانقلب فوق العارضة التي وضعها خلفه. كان اسمه ديك فوسبيري، وعُرف أسلوبه في القفز بـ"قلبة فوسبيري" التي ما زالت تستخدم حتى اليوم. قفز أعلى من أي رجل، لأنه فكّر بعكس كل من سبقوه. ويس أندرسون في أفلامه جلها يفكر على نحو يعاكس المألوف، ويفجر الطاقة الرمزية في الصورة واللون والتراتبية البصرية والحركة البطيئة. إنه يرسم بالكاميرا، لذلك يتم استقباله باعتباره نبعاً من الدهشة. وكنا قد تناولنا أسلوباً سينمائياً ينتسب إلى الفضاء نفسه يجسده تشارلي كوفمان، لاسيما في فيلمه (i'm thinking of ending things)، فكلا المخرجين أندرسون وكوفمان، يركز على الطاقة الرمزية في المعاني؛ الأول لا تقول شخصياته إنها حزينة، لكنّ سياقاً رُسم لها بأناقة ودقة يؤكد أنها تعيش الحزن، بل الكَبَد. أما الثاني فيوغل أكثر في الرمزية والتجريد، ويلجأ إلى الاستنطاق النفسي للذات، من خلال قراءة اللاوعي، وتسليط الضوء على المشاعر المكبوتة التي أفاض في تجليتها فرويد. قيل إنّ أفلام أندرسون تشبه "القراءة على ضوء مصباح يدوي تحت أغطية اللحاف ليلاً"، لأنها تبعث حنيناً يتصدع أمام ثقل الحاضر، وهذه رسالة يلتقطها كوفمان محولاً الأفكار الهاجعة في القيعان المنبوذة في التجربة الشخصية، إلى حركة مجسَدة على الشاشة، حتى لو اختلط الحلم بالكابوس والراهن بالفانتازيا. إنّ الخيال في سينما بهذه الحساسية هو جنة المطرودين من جحيم الواقع. أفلام تفكر في الافكار كوفمان ينسف هراء هوليوود، ويقدم أفلاماً تفكر في الأفكار. لذلك يراها بعضهم صعبة ومعقدة وغير مفهومة. لعل المخرج لا يتوخى الإفهام بمقدار ما ينشد الدهشة الآتية، من خلال مزج الواقع والفن والخيال بالطبيعة المعقدة للحياة والبشر. أندرسون ينسف التصورات على طريقته. إنه يسعى إلى سكب شيء من الفكاهة في قلب الألم. لذا تذهب الأحكام المتسرعة إلى تصنيف بعض أفلامه بأنها "كوميدية". لعل الإضحاك في بعض الأفلام نابع من السخرية أكثر من الفكاهة، لأنّ أعماله مؤثرة عاطفياً، وتثير الكثير من الشجن، خصوصاً حينما يمتزج الحزن مع الهجر، وتفكك الأسرة، والتنافس بين الأشقاء، وفقدان البراءة. أو حين يحل الزمن الحديدي بقبضته غير الرحيمة، ويضرب كل شيء، ويهدم متاحف الخزف الرقيقة في دواخلنا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومن الصعب تصنيف أفلام أندرسون بأنها شعبية أكثر من أفلام كوفمان النخبوية والمعقدة. هذا حكم سريع ومتغطرس. السؤال: هل ما يصنعانه يصب في إطار السينما الخلاقة في جانبها الإبداعي الذي يبتكر عالماً يحترم الحواس، ويوقر الذائقة؟ في لقطة لا تنسى في فيلم (i'm thinking of ending things)، وندر أن تتكرر في السينما لصعوبة تنفيذها بصرية، ولأنها أيضاً تتحدى فكرة الزمن والحركة في الوقت ذاته، ما عبر عنه كوفمان بتاريخ النبذ والنسيان والتجاهل الذي عانى منه بطل فيلمه "جيك" الذي عاش حياته مع إحساس عميق بانعدام الثقة بالنفس وفقدان التقدير. ذهب كوفمان في آخر لقطات فيلمه ليصنع معادلاً رمزياً مجسَداً لهواجس "جيك" وتمزقاته، فأظهره (وربما هذا ما يعتقد أنه يستحقه) على هيئة رجل عجوز، يتسلم جائزة عن أدائه الدرامي، وحالماً بجائزة نوبل، فيتم تصميم مشهد مستقى من فيلم عقل جميل (A Beautiful Mind) للمخرج رون هوارد (2001). كاميرا كوفمان اخترقت عقل "جيك" وقلّبت انفصاماته وشكوكه، كأنها تقول ربما يكون "جيك" في نظر الآخرين لا شيء، لكنه في نظر نفسه كل شيء. المغامرة التي يسلكها كوفمان وأندرسون في أفلامهما تنطلق من مفهوم "كيفما فكرت... فكر العكس"، لذا يقفزان على طريقة "ديك فوسبيري" فيبهران ويكسبان الرهان.

إبراهيم الوافي نشر في الرياض يوم 15 - 05
إبراهيم الوافي نشر في الرياض يوم 15 - 05

سعورس

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • سعورس

إبراهيم الوافي نشر في الرياض يوم 15 - 05

في عالم الأدب، يبرز نوع من النصوص يحظى بانتشار واسع وقبول جماهيري لافت، سواء أكان شعراً أم رواية، ويُطلق عليه عادةً «النص الجماهيري». هذا النوع من النصوص يتميز بقدرته على الوصول إلى أكبر عدد من القراء، ويحقق غالباً مبيعات ضخمة وتفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الأدبية. غير أن هذا النجاح الجماهيري لا يكون بالضرورة دليلاً على الجودة الفنية أو القيمة الأدبية العميقة للنص، وهو ما يفتح باباً للنقاش بين جمهور القراء والنقاد حول معايير التقييم الأدبي، إذ يعتمد في العادة على عناصر تجذب القارئ العادي، كالبساطة في اللغة، وتسارع الأحداث، ووضوح الحبكة، والتركيز على المواضيع العاطفية أو الاجتماعية التي تمس حياة الناس اليومية. كما أنه غالباً ما يتجنب التعقيد الرمزي أو الفلسفي الذي قد ينفر القارئ غير المتخصص. وهذا ما يفسر إقبال الجماهير على روايات معينة تحقق انتشاراً غير مسبوق رغم بساطتها الفنية، في حين قد تُهمل أعمال أدبية ذات عمق فكري وفني لأنها تتطلب جهداً ذهنيًا أكبر لفهمها، ولعلّ أول صورة حية وواضحة لهذا النص جاءت في أوائل الألفية من خلال رواية «بنات الرياض» التي حظيت بحضور جماهيري طاغٍ حينها، والحقيقة أنه لا يمكن إنكار أن النصوص الجماهيرية تؤدي دوراً مهماً في المشهد الثقافي، فهي تساهم في نشر القراءة، وتشجع فئات واسعة من الناس على الانخراط في عالم الكتب، خصوصاً في مجتمعات تعاني من عزوف عن المطالعة. كما أنها تواكب نبض الشارع واحتياجات الجمهور، مما يمنحها نوعاً من الحيوية والارتباط بالواقع المعاش. في المقابل، يذهب بعض النقاد إلى أن الإقبال الجماهيري لا يعني بالضرورة أن النص يحمل قيمة فنية حقيقية، إذ أن المقياس الجمالي والأدبي يتطلب أموراً تتجاوز الشعبية مثل الأسلوب، الابتكار، العمق الموضوعي، والبناء الفني، ولهذا يبدو لهم أن «النص» الجماهيري يحاول كسر هذه الأعراف والقواعد الفنية المتوارثة لكل فن.

«كتاب أبوظبي» يحصي 50 علامة فارقة في الرواية العربية
«كتاب أبوظبي» يحصي 50 علامة فارقة في الرواية العربية

عكاظ

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • عكاظ

«كتاب أبوظبي» يحصي 50 علامة فارقة في الرواية العربية

تابعوا عكاظ على شهدت منصة المجتمع في معرض أبوظبي الدولي للكتاب جلسة حوارية بعنوان «خمسون علامة فارقة في رواية القرن 21 العربية»، استعرضت أبرز التحديات في اختيار أفضل الروايات العربية الحديثة، ضمن مشروع مشترك بين مركز أبوظبي للغة العربية وصحيفة «ذا ناشيونال»، يهدف إلى تسليط الضوء على أبرز التجارب الروائية العربية في القرن الحادي والعشرين. وشارك في الجلسة كل من سعيد حمدان الطنيجي، مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، والدكتور هيثم الحاج علي، أستاذ الأدب العربي الحديث والنقد، والدكتور محمد أبو الفضل بدران، الناقد والأكاديمي المعروف، فيما أدار الحوار الصحفي سعيد سعيد من صحيفة «ذا ناشيونال». وفي كلمته الافتتاحية، شدّد الطنيجي على أن الكتاب العربي يحظى بحضور متزايد في اللغات الأخرى، وأن العالم العربي يشهد اليوم اهتماماً متنامياً بالأدب والثقافة، وهو ما يجعل من إطلاق هذا المشروع من معرض أبوظبي الدولي للكتاب حدثاً استثنائياً يجمع مختلف الثقافات والأفكار، ويعكس تطلع المركز إلى تقديم خريطة نوعية للمشهد الروائي العربي الحديث. وأضاف أن تحديد أفضل الروايات العربية المعاصرة يمثل تحدياً كبيراً، في ظل غياب مرجعية نقدية واضحة تقيّم وتُبرز الأعمال الأهم، لافتاً إلى أن الجوائز، على الرغم من أهميتها، تبقى مؤشراً محدوداً في عملية الفرز بين الأعمال الروائية، وأن المشروع يتطلّب جهداً نوعياً لاستقراء الأثر الثقافي والأدبي لتلك الأعمال بعيداً عن الضجيج الإعلامي. من جهته، أوضح الدكتور محمد أبو الفضل بدران أن الرواية تمثّل اليوم أكثر الأجناس الأدبية جذباً للجمهور العربي، وأن ما يحدد أهمية الرواية في نهاية المطاف هو القارئ، باعتباره الحكم الحقيقي والنهائي على جودة العمل. وأشار إلى أن صعود المدونات والكتابات الرقمية أسهم في توسيع قاعدة القراء، وخلق اهتمام جديد بالروايات القريبة من واقع الناس وتجاربهم. كما أكد أن الشعر، على الرغم من مكانته، لم يعد يواكب نبض الشارع، ما جعل الرواية أكثر قدرة على التعبير عن التحولات الاجتماعية، مشيرا إلى أن الجوائز الأدبية ساعدت في إبراز عدد من الأصوات الجديدة وجذب الانتباه إلى إنتاجها. أخبار ذات صلة من جهته، رأى الدكتور هيثم الحاج علي أن المشروع خطوة مهمة لرصد المؤشرات الكبرى في تطور الرواية العربية، مشيدا بمبادرة مركز أبوظبي للغة العربية في هذا السياق. ولفت إلى أن الجوائز لعبت دورًا مركزيًا في تطور الرواية منذ بداياتها، مستشهدًا بتجربة نجيب محفوظ الذي كان فوزه المبكر بجائزة «قوت القلوب الدمرداشية» دافعًا مهمًا في مسيرته الأدبية. وأشار إلى أن التحول الرقمي الهائل وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي خلقا بيئة جديدة ساعدت على ولادة نوع جديد من الرواية، وذكر مثالا على ذلك رواية «بنات الرياض»، التي انطلقت من مدونة إلكترونية وحققت انتشارا لافتا. وخلص إلى أن الجوائز الأدبية اليوم ليست فقط محفزا للإنتاج، بل أداة لرصد التحولات في الذائقة الثقافية والتوجهات الجديدة في الكتابة السردية. وفي ختام الجلسة، أكد الطنيجي أن مشروع «كلمة» للترجمة، التابع لمركز أبوظبي للغة العربية، له دور كبير في تعزيز التبادل الثقافي، إذ ترجم المركز أعمالاً من أكثر من 23 لغة إلى العربية، كما بدأ في التوجه العكسي بترجمة الأعمال العربية إلى لغات العالم، بما في ذلك الروايات العربية المعاصرة. وشدّد على أن اختيار 50 رواية فارقة من القرن الحادي والعشرين مهمة بالغة التعقيد، مقارنة باختيار الكلاسيكيات التي فرضت نفسها تاريخيا، موضحاً أن المشهد الأدبي الراهن لا يزال في حاجة إلى تراكم نقدي يفرز الأعمال الأهم ويضعها في إطارها الصحيح.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store