
محسن حسن: تونس يمكنها تحقيق نمو اقتصادي اكبر لو حصّنت القطاعات التصديرية ضدّ الصدمات الخارجية وشجّعت الاستثمار
أكد أستاذ الاقتصاد والوزير الأسبق، محسن حسن، انه بإمكان تونس تحقيق نمو اقتصادي اكبر، لو انها حصّنت القطاعات التصديرية ضدّ الصدمات الخارجية وشجّعت الاستثمار، كما ان البلاد، التي أوفت بالتزاماتها المالية وتحكّمت في التضخم، أمامها فرصة للحصول على تقييم أفضل من طرف مؤسسات التقييم الدولية.
وتوقّع حسن، خلال حوار أجري بالأستوديو التلفزي لوكالة تونس افريقيا للأنباء "وات"، حول آليات دفع النمو الاقتصادي، ان يقرّر مجلس ادارة البنك المركزي التونسي، امام منحى التراجع لنسبة التضخم، التخفيض مرة اخرى في نسبة الفائدة المديرية مع الإبقاء على سياسة نقدية حذرة.
ويأتي هذا الحوار، أياما بعد إصدار المعهد الوطني للإحصاء للبيانات المتعلقة بالنمو والتي تضمنت بلوغ نسبة النمو للثلاثي الاول من سنة 2025 قرابة 6ر1 بالمائة وكذلك صدور تقرير للبنك الدولي توقع نمو الاقتصاد التونسية بنسبة 9ر1 بالمائة خلال سنة 2025.
تونس في حاجة الى تنفيذ حزمة إصلاحات
وقال حسن معلّقا على نسبة النمو، المقدّر بـ 6ر1 بالمائة، انها تؤكد صمود الاقتصاد الوطني امام الهزّات والصدمات الخارجية، خاصة وانه تلقّي عديد الصدمات منذ الأزمة الاقتصادية لسنة 2009 مرورا بالثورة والعمليات الارهابية وصولا الى الإغلاق بفعل جائحة كوفيد -19 والحرب الروسية الأوكرانية وأخيرا حرب الرسوم الجمركية.
وبيّن ان العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا النمو الإيجابي تتمثل في دور القطاع الفلاحي، الذي ساهم بنحو 59ر0 نقطة في نسبة النمو وذلك بفعل التساقطات وتحسّن وضعية السدود، الى جانب حالة الانتعاش التي سجلها قطاع البناء بعد سنوات من الركود لتبلغ مساهمته في النمو قرابة 66ر0 بالمائة.
وساهم القطاع السياحي، وفق حسن، في دفع النمو في تونس في نهاية الربع الأول للسنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. كما توقع بأن يواصل هذا القطاع مساهمته الإيجابية في صنع النمو خلال السنة الحالية عبر تقديرات باستقطاب تونس لزهاء 11 مليون سائح سنة 2025، بعد ان استقطبت قرابة 2ر10 مليون سائح العام الماضي.
ولفت الى ان بقية القطاعات الأخرى، على غرار الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والصناعات الغذائية والطاقة ساهمت بشكل ضعيف في دفع عجلة النمو الاقتصادي مما يتطلب اتخاذ حزمة اصلاحات جوهرية تدفع بتنافسية هذه القطاعات و مردوديتها و تطور قدرتها على اكتساح الاسواق الخارجية.
بالإضافة الى الجوانب المتعلقة بدفع التنافسية و المردودية ، دعا حسن، الى تنويع الشراكات والأسواق، خاصة وان الصادرات التونسية، تعاني من الارتباط الوثيق والعضوي مع السوق الأوروبية، التي تستقطب 74 بالمائة من اجمالي الصادرات، إذ يؤثر ارتفاع او هبوط النمو على مستوى هذه السوق بنسبة 1 بالمائة على السوق التونسية بنسبة 6ر0 بالمائة.
واعتبر أن التوجه الى الأسواق الواعدة في إفريقيا و دول جنوب شرق آسيا و الصين ،خيار لابد من تجسيده على أرض الواقع للحد من التبعية للفضاء الأوروبي.
وتحتاج تونس الى تنفيذ حزمة اصلاحات جوهرية و سياسات قطاعية تقوم على الذكاء الاصطناعي والرقمنة والمعرفة وتأهيل مناخ الأعمال عبر تطوير البنية التحتية الاتصالية واللوجستية والمناطق الصناعية وتبسيط الإجراءات الإدارية و رقمنة الإدارة و التحكم في الضغط الجباءي وتأهيل منظومة تمويل الاقتصاد.
وفي هذا الاطار، حثّ الخبير الحكومة على التعجيل بالمصادقة على المشروع الأفقي لتحفيز الاستثمار، والذي يشكل آلية لتجميع مختلف هياكل الاستثمار الحالية ضمن هيكل تحت اشراف رئاسة الحكومة.
وأكد أن تأهيل مناخ الأعمال سيمكن تونس من تحقيق نسبة نمو قد تصل الى 5 بالمائة في ظرف لا يتجاوز الثلاث سنوات.
وبين حسن في تعليقه على تقرير البنك الدولي حول نمو اقتصاد تونس بنسبة 9ر1 بالمائة سنة 2025 ، ان هذه التقديرات اقل من تلك الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبالغة 4ر1 بالمائة، ودون الهدف المرسوم من قبل الحكومة في قانون المالية لسنة 2025 في حدود 2ر3 بالمائة.
وشدد المتحدّث على ضرورة تطوير الاستثمار، عبر اخراجه من المستويات المتواضعة التي يحققها، اذ تناهز مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي ما بين 12 و 13 بالمائة حاليا مقابل 22% سنة 2010، فضلا عن تطوير الإنتاجية و دفع تنافسيةالقطاعات الحيوية و قدرتهم التصديرية .
توقع عودة الاحتياطي النقدي الى مستوياته العادية
وابرز حسن، في ردّه على سؤال حول أسباب تراجع احتياطي النّقد الاجنبي لدى البنك المركزي التونسي الى 99 يوم توريد، وانعكاس هذه الارقام على تقييم مرتقب من قبل وكالات التقييم السيادي، ان تونس نجحت في الايفاء بجميع التزاماتها المالية عكس ما ذهب اليه كثيرون.
ولفت الى ان وزارة المالية قامت بتسديد قرابة مليار دولار لإصدارات وأقساط أخرى تعود الى صندوق النقد الدولي منذ مطلع 2025. علما وان خدمة الدين لسنة 2025 تقارب 4ر8 مليار دينار، تم تسديد أكثر من 50 بالمائة منها.
وأوضح ان من بين اسباب تراجع احتياطي النقد الاجنبي، قيام الدولة بشراءات هامة للمواد الأساسية، في اطار تكوين المخزونات من الحبوب والسكر والقهوة، مما قلّص رصيد البلاد من العملة الاجنبية.
وتوقّع حسن، ان يعود احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي التونسي الى مستوياته العادية مدفوعا بالإيرادات المتأتية من القطاع السياحي، وانتعاش بعض القطاعات التصديرية، وكذلك، استقطاب الاستثمارات الأجنبية فضلا عن تحويلات التونسيين بالخارج، الذين يتعيّن مزيد تحفيزهم.
ولاحظ ان وكالات التقييم السيادي، ستذهب في اتجاه مزيد تحسين تصنيف تونس، خاصّة وان الاقتصاد أظهر نوعا من الصّلابة رغم الصدمات، والبلاد أوفت بالتزاماتها المالية بالإضافة إلى التحكم في العجز العمومي .
وأضاف، في تعليقه على سؤال بشان وضعية العجز التجاري وعجز القطاع الطاقي، ان وضعية العجز التجاري تبقى مخيفة، غير انه يمكن تلافيها من خلال تنفيذ حزمة اصلاحات جوهرية تأخد بعين الاعتبار التطور التكنولوجي بالإضافة الى التحكم في العجز الطاقي.
وسجلت تونس مع موفى افريل 2025، عجزا تجاريا في حدود 3ر7 مليار دينار مقابل 7ر4 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي ويساهم العجز الطاقي بأكثر 50 بالمائة من اجمالي هذا العجز.
ويرى حسن انه رغم هذه الوضعية، فان عديد القطاعات التّصديرية سجلت نموا طفيفا على غرار الفسفاط والصناعات الميكانيكية والنسيج في حين شهدت صادرات المواد الفلاحية انخفاضا، بفعل تراجع اسعار زيت الزيتون، وكذلك صادرات الطاقة.
وبالنسبة للواردات، أشار حسن الى أنها ارتفعت بنسق اكثر من الصادرات خلال نفس الفترة بسبب زيادة ورادات المواد الاستهلاكية والمواد الأولية ومواد التجهيز معتبرا ان نسق ارتفاع الأخيرين يؤشّر لعودة النشاط للقطاع الصناعي .
وتحتاج تونس، للتحكم في العجز التجاري، الى تلافي الارتباط الهيكلي مع الفضاء الاوروبي وتنويع قاعدة شركائها ومراجعة منوال القطاع الصناعي وتحسين قدرته التنافسية وتطوير القيمة المضافة للصناعات من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والرقمنة واقتصاد المعرفة بالإضافة للإصلاحات المذكورة والمتعلقة بمناخ الأعمال.
ويتطلب الحدّ من العجز الطاقي، توسيع دائرة الاستكشاف واعادة النظر في الاطار التشريعي لقطاع المحروقات ورفع نسبة مساهمة المزيج الطاقي .
ضرورة مواصلة تخفيض التضخم والإبقاء على سياسة نقدية حذرة
واشار حسن، في إجابته على سؤال يتعلق بإمكانية إقدام البنك المركزي التونسي على تخفيض نسبة الفائدة المديرية مرة اخرى، الى ان تونس تمكنت بالفعل من الحدّ من التأثيرات التضخمية، بعد ان كانت مرتفعة، من خلال السياسة النقدية التقييدية والحذرة للبنك المركزي وكذلك سياسة الصرف المرنة التي أدت الى استقرار سعر صرف الدينار بالإضافة الى تحسن نسق تزويد الأسواق .
وشدد على ضرورة مواصلة العمل على تخفيض التضخم، من خلال ابقاء البنك المركزي التونسي على سياسة حذرة، سواء على مستوى سعر صرف الدينار او نسبة الفائدة المديرية.
وتحتاج هذه الخطوة، وفق حسن، الى مساهمة الحكومة في توفير المعروض من المنتوجات الفلاحية، من خلال تشجيع الانتاج المحلي والوطني وتعصير نظم الانتاج والتوزيع ودعم القطاع الفلاحي والاستثمار في الاسواق بمختلف اصنافها الى جانب مراجعة قانون المنافسة والاسعار لسن 2015.
ولاحظ ان نسبة الفائدة ولئن تم التخفيض فيها، فهي لا تزال تشكل عائقا امام المؤسسات الاقتصادية وامام تحسن المقدرة الشرائية للمواطنين الحاصلين على قروض بنسبة فائدة متغيرة.
وخلص الخبير الاقتصادي الى التأكيد ان مجلس ادارة البنك المركزي، قد يقرر التخفيض مرة اخرى في نسبة الفائدة المديرية، لكن مع الابقاء على سياسة نقدية حذرة تستدعي التدخل كلما تغيرت المعطيات الخارجية بالأساس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


منذ يوم واحد
قالت انها اكثر تشاؤما من توقعات صندوق النقد الدولي: فيتش رايتنغ تخفض توقعات النمو في تونس الى 1% تأثرا بالرسوم الامريكية الجديدة
دافعا لوكالة فيتش رايتنغ لتخفيض توقعاتها للنمو في تونس من 1.2% إلى 1% هذا العام ومن 2.1% إلى 1.5% العام المقبل وأرجعت الوكالة هذا التعديل إلى تأثير الرسوم الأمريكية في آفاق النمو لدى شركاء تونس التجاريين الرئيسيين، جاء ذلك في دراسة بعنوان تأثير ضعف الطلب الخارجي على اقتصاد تونس في عام 2025. سيكون تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على النمو لدى شركاء تونس التجاريين الرئيسيين وخاصة منطقة الاورو أكثر وضوحا حيث قامت فيتش بخفض توقعاتها لنمو منطقة الأورو من 1.2% إلى 0.6% في عام 2025، ومن 1.4% إلى 1.2% في عام 2026. وقالت فيتش ان توقعاتها بخصوص النمو الاقتصادي في تونس هي اكثر تشاؤما من توقعات صندوق النقد الدولي. وسيظل النمو في أكبر ثلاث أسواق تصديرية لتونس، وهي فرنسا وإيطاليا وألمانيا، أقل من 1% في عامي 2025 و2026. والى جانب توقعاتها السابقة بتراجع الطلب على الصادرات التونسية من منطقة الأورو هذا العام، وخاصة زيت الزيتون، تؤكد أن هذا الانخفاض سيكون بعد الآن أكثر حدة. وأضافت أن انخفاض فاتورة توريد الطاقة سيؤثر إيجابا الحساب الجاري إذ من المتوقع أن يتقلص إلى 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي العام الحالي وأضافت أن انخفاض الديون التي تحل آجالها بالعملة الأجنبية وانتعاش السياحة في النصف الثاني من العام الحالي وتحسن سعر صرف الدينار مقابل الدولار سيعزز الاحتياطي من العملة الأجنبية وتستدرك الوكالة بان الضغط الخارجي سيشتد العام المقبل كما سيؤدي انخفاض أسعار النفط أيضًا إلى تقلص فاتورة الدعم، على الرغم من أن العجز المالي سيظل في مستوى مرتفع ، مما يُبقي نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي في اتجاه تصاعدي. تؤكد فيتش أيضا أن التأثير المباشر للرسوم الجمركية على النمو التونسي سيكون محدودا نسبيا. مؤكدة أن قيمة الصادرات التونسية إلى الولايات المتحدة بلغت 1.1 مليار دولار فقط (2.2% من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2024، وهي قيمة أقل بكثير من العديد من الأسواق الناشئة الأخرى وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت في افريل الفارط عن فرض رسوم جمركية على الواردات من تونس بنسبة 28 % ثم تم تعديلها برسوم مؤقتة بنسبة 12.3% لمدة 90 يومًا. وبينما تتفاوض السلطات التونسية حاليًا مع الولايات المتحدة لمحاولة خفض معدل الرسوم الجمركية المتبادلة، نعتقد أنها ستواجه تحديات، بسبب تعميق رئيس الجمهورية تعاونه مع الصين وإيران. وتشير الوكالة إلى انه في حال تم تطبيق الرسوم الجديدة بالكامل، ستؤثر سلبًا على صادرات المنتجات الرئيسية إلى الولايات المتحدة، مثل زيت الزيتون والتمور. من جهة أخرى تطرقت فيتش إلى تأثير انخفاض قيمة الدينار الليبي في الطلب على الصادرات التونسية مبينة أن تفعيل ليبيا لرسوم جمركية على السلع التونسية سيؤثر حتما في الصادرات هذا بالإضافة إلى تأثر الوافدين من السياح بضعف النمو في منطقة الاورو وليبيا والجزائر . ومن شأن انخفاض أسعار السلع الأساسية على القدرة الشرائية تخفيف هذه الآثار السلبية. كما سيؤثر ضعف النمو في منطقة الأورو، التي تستضيف حوالي 80% من الجالية التونسية في الخارج، على تدفقات التحويلات المالية، سيُسرّع انخفاض أسعار الطاقة من انخفاض التضخم، مما يدعم القدرة الشرائية للأسر واستهلاكها. وبناءا على ذلك قامت فيتش بتعديل توقعاتها للتضخم لعام 2025 من 5.7% إلى 5.3%. كما انه من المتوقع أن يواصل البنك المركزي التونسي تخفيف سياسته النقدية خلال الفترة المتبقية من هذا العام بمقدار 50 نقطة أساس. ومع استمرار الاعتماد على البنوك المحلية لتمويل هذا عجز الميزانية في التزايد، سيتأثر الإقراض للقطاع الخاص.


ديوان
منذ 2 أيام
- ديوان
محسن حسن: أتوقع أن تحسن وكالات الترقيم السيادي تصنيف تونس
ولفت حسن خلال حوار أجري بالأستوديو التلفزي لوكالة تونس افريقيا للأنباء "وات" الى ان وزارة المالية قامت بتسديد قرابة مليار دولار لإصدارات وأقساط أخرى تعود الى صندوق النقد الدولي منذ مطلع 2025. علما وان خدمة الدين لسنة 2025 تقارب 8.4 مليار دينار، تم تسديد أكثر من 50 بالمائة منها. وأوضح ان من بين اسباب تراجع احتياطي النقد الاجنبي، قيام الدولة بشراءات هامة للمواد الأساسية، في اطار تكوين المخزونات من الحبوب والسكر والقهوة، مما قلّص رصيد البلاد من العملة الاجنبية. وتوقّع حسن، ان يعود احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي التونسي الى مستوياته العادية مدفوعا بالإيرادات المتأتية من القطاع السياحي، وانتعاش بعض القطاعات التصديرية، وكذلك، استقطاب الاستثمارات الأجنبية فضلا عن تحويلات التونسيين بالخارج، الذين يتعيّن مزيد تحفيزهم. ولاحظ ان وكالات التقييم السيادي، ستذهب في اتجاه مزيد تحسين تصنيف تونس، خاصّة وان الاقتصاد أظهر نوعا من الصّلابة رغم الصدمات، والبلاد أوفت بالتزاماتها المالية بالإضافة إلى التحكم في العجز العمومي.


Babnet
منذ 2 أيام
- Babnet
محسن حسن: تونس يمكنها تحقيق نمو اقتصادي اكبر لو حصّنت القطاعات التصديرية ضدّ الصدمات الخارجية وشجّعت الاستثمار
أكد أستاذ الاقتصاد والوزير الأسبق، محسن حسن، انه بإمكان تونس تحقيق نمو اقتصادي اكبر، لو انها حصّنت القطاعات التصديرية ضدّ الصدمات الخارجية وشجّعت الاستثمار، كما ان البلاد، التي أوفت بالتزاماتها المالية وتحكّمت في التضخم، أمامها فرصة للحصول على تقييم أفضل من طرف مؤسسات التقييم الدولية. وتوقّع حسن، خلال حوار أجري بالأستوديو التلفزي لوكالة تونس افريقيا للأنباء "وات"، حول آليات دفع النمو الاقتصادي، ان يقرّر مجلس ادارة البنك المركزي التونسي، امام منحى التراجع لنسبة التضخم، التخفيض مرة اخرى في نسبة الفائدة المديرية مع الإبقاء على سياسة نقدية حذرة. ويأتي هذا الحوار، أياما بعد إصدار المعهد الوطني للإحصاء للبيانات المتعلقة بالنمو والتي تضمنت بلوغ نسبة النمو للثلاثي الاول من سنة 2025 قرابة 6ر1 بالمائة وكذلك صدور تقرير للبنك الدولي توقع نمو الاقتصاد التونسية بنسبة 9ر1 بالمائة خلال سنة 2025. تونس في حاجة الى تنفيذ حزمة إصلاحات وقال حسن معلّقا على نسبة النمو، المقدّر بـ 6ر1 بالمائة، انها تؤكد صمود الاقتصاد الوطني امام الهزّات والصدمات الخارجية، خاصة وانه تلقّي عديد الصدمات منذ الأزمة الاقتصادية لسنة 2009 مرورا بالثورة والعمليات الارهابية وصولا الى الإغلاق بفعل جائحة كوفيد -19 والحرب الروسية الأوكرانية وأخيرا حرب الرسوم الجمركية. وبيّن ان العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا النمو الإيجابي تتمثل في دور القطاع الفلاحي، الذي ساهم بنحو 59ر0 نقطة في نسبة النمو وذلك بفعل التساقطات وتحسّن وضعية السدود، الى جانب حالة الانتعاش التي سجلها قطاع البناء بعد سنوات من الركود لتبلغ مساهمته في النمو قرابة 66ر0 بالمائة. وساهم القطاع السياحي، وفق حسن، في دفع النمو في تونس في نهاية الربع الأول للسنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. كما توقع بأن يواصل هذا القطاع مساهمته الإيجابية في صنع النمو خلال السنة الحالية عبر تقديرات باستقطاب تونس لزهاء 11 مليون سائح سنة 2025، بعد ان استقطبت قرابة 2ر10 مليون سائح العام الماضي. ولفت الى ان بقية القطاعات الأخرى، على غرار الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والصناعات الغذائية والطاقة ساهمت بشكل ضعيف في دفع عجلة النمو الاقتصادي مما يتطلب اتخاذ حزمة اصلاحات جوهرية تدفع بتنافسية هذه القطاعات و مردوديتها و تطور قدرتها على اكتساح الاسواق الخارجية. بالإضافة الى الجوانب المتعلقة بدفع التنافسية و المردودية ، دعا حسن، الى تنويع الشراكات والأسواق، خاصة وان الصادرات التونسية، تعاني من الارتباط الوثيق والعضوي مع السوق الأوروبية، التي تستقطب 74 بالمائة من اجمالي الصادرات، إذ يؤثر ارتفاع او هبوط النمو على مستوى هذه السوق بنسبة 1 بالمائة على السوق التونسية بنسبة 6ر0 بالمائة. واعتبر أن التوجه الى الأسواق الواعدة في إفريقيا و دول جنوب شرق آسيا و الصين ،خيار لابد من تجسيده على أرض الواقع للحد من التبعية للفضاء الأوروبي. وتحتاج تونس الى تنفيذ حزمة اصلاحات جوهرية و سياسات قطاعية تقوم على الذكاء الاصطناعي والرقمنة والمعرفة وتأهيل مناخ الأعمال عبر تطوير البنية التحتية الاتصالية واللوجستية والمناطق الصناعية وتبسيط الإجراءات الإدارية و رقمنة الإدارة و التحكم في الضغط الجباءي وتأهيل منظومة تمويل الاقتصاد. وفي هذا الاطار، حثّ الخبير الحكومة على التعجيل بالمصادقة على المشروع الأفقي لتحفيز الاستثمار، والذي يشكل آلية لتجميع مختلف هياكل الاستثمار الحالية ضمن هيكل تحت اشراف رئاسة الحكومة. وأكد أن تأهيل مناخ الأعمال سيمكن تونس من تحقيق نسبة نمو قد تصل الى 5 بالمائة في ظرف لا يتجاوز الثلاث سنوات. وبين حسن في تعليقه على تقرير البنك الدولي حول نمو اقتصاد تونس بنسبة 9ر1 بالمائة سنة 2025 ، ان هذه التقديرات اقل من تلك الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبالغة 4ر1 بالمائة، ودون الهدف المرسوم من قبل الحكومة في قانون المالية لسنة 2025 في حدود 2ر3 بالمائة. وشدد المتحدّث على ضرورة تطوير الاستثمار، عبر اخراجه من المستويات المتواضعة التي يحققها، اذ تناهز مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي ما بين 12 و 13 بالمائة حاليا مقابل 22% سنة 2010، فضلا عن تطوير الإنتاجية و دفع تنافسيةالقطاعات الحيوية و قدرتهم التصديرية . توقع عودة الاحتياطي النقدي الى مستوياته العادية وابرز حسن، في ردّه على سؤال حول أسباب تراجع احتياطي النّقد الاجنبي لدى البنك المركزي التونسي الى 99 يوم توريد، وانعكاس هذه الارقام على تقييم مرتقب من قبل وكالات التقييم السيادي، ان تونس نجحت في الايفاء بجميع التزاماتها المالية عكس ما ذهب اليه كثيرون. ولفت الى ان وزارة المالية قامت بتسديد قرابة مليار دولار لإصدارات وأقساط أخرى تعود الى صندوق النقد الدولي منذ مطلع 2025. علما وان خدمة الدين لسنة 2025 تقارب 4ر8 مليار دينار، تم تسديد أكثر من 50 بالمائة منها. وأوضح ان من بين اسباب تراجع احتياطي النقد الاجنبي، قيام الدولة بشراءات هامة للمواد الأساسية، في اطار تكوين المخزونات من الحبوب والسكر والقهوة، مما قلّص رصيد البلاد من العملة الاجنبية. وتوقّع حسن، ان يعود احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي التونسي الى مستوياته العادية مدفوعا بالإيرادات المتأتية من القطاع السياحي، وانتعاش بعض القطاعات التصديرية، وكذلك، استقطاب الاستثمارات الأجنبية فضلا عن تحويلات التونسيين بالخارج، الذين يتعيّن مزيد تحفيزهم. ولاحظ ان وكالات التقييم السيادي، ستذهب في اتجاه مزيد تحسين تصنيف تونس، خاصّة وان الاقتصاد أظهر نوعا من الصّلابة رغم الصدمات، والبلاد أوفت بالتزاماتها المالية بالإضافة إلى التحكم في العجز العمومي . وأضاف، في تعليقه على سؤال بشان وضعية العجز التجاري وعجز القطاع الطاقي، ان وضعية العجز التجاري تبقى مخيفة، غير انه يمكن تلافيها من خلال تنفيذ حزمة اصلاحات جوهرية تأخد بعين الاعتبار التطور التكنولوجي بالإضافة الى التحكم في العجز الطاقي. وسجلت تونس مع موفى افريل 2025، عجزا تجاريا في حدود 3ر7 مليار دينار مقابل 7ر4 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي ويساهم العجز الطاقي بأكثر 50 بالمائة من اجمالي هذا العجز. ويرى حسن انه رغم هذه الوضعية، فان عديد القطاعات التّصديرية سجلت نموا طفيفا على غرار الفسفاط والصناعات الميكانيكية والنسيج في حين شهدت صادرات المواد الفلاحية انخفاضا، بفعل تراجع اسعار زيت الزيتون، وكذلك صادرات الطاقة. وبالنسبة للواردات، أشار حسن الى أنها ارتفعت بنسق اكثر من الصادرات خلال نفس الفترة بسبب زيادة ورادات المواد الاستهلاكية والمواد الأولية ومواد التجهيز معتبرا ان نسق ارتفاع الأخيرين يؤشّر لعودة النشاط للقطاع الصناعي . وتحتاج تونس، للتحكم في العجز التجاري، الى تلافي الارتباط الهيكلي مع الفضاء الاوروبي وتنويع قاعدة شركائها ومراجعة منوال القطاع الصناعي وتحسين قدرته التنافسية وتطوير القيمة المضافة للصناعات من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والرقمنة واقتصاد المعرفة بالإضافة للإصلاحات المذكورة والمتعلقة بمناخ الأعمال. ويتطلب الحدّ من العجز الطاقي، توسيع دائرة الاستكشاف واعادة النظر في الاطار التشريعي لقطاع المحروقات ورفع نسبة مساهمة المزيج الطاقي . ضرورة مواصلة تخفيض التضخم والإبقاء على سياسة نقدية حذرة واشار حسن، في إجابته على سؤال يتعلق بإمكانية إقدام البنك المركزي التونسي على تخفيض نسبة الفائدة المديرية مرة اخرى، الى ان تونس تمكنت بالفعل من الحدّ من التأثيرات التضخمية، بعد ان كانت مرتفعة، من خلال السياسة النقدية التقييدية والحذرة للبنك المركزي وكذلك سياسة الصرف المرنة التي أدت الى استقرار سعر صرف الدينار بالإضافة الى تحسن نسق تزويد الأسواق . وشدد على ضرورة مواصلة العمل على تخفيض التضخم، من خلال ابقاء البنك المركزي التونسي على سياسة حذرة، سواء على مستوى سعر صرف الدينار او نسبة الفائدة المديرية. وتحتاج هذه الخطوة، وفق حسن، الى مساهمة الحكومة في توفير المعروض من المنتوجات الفلاحية، من خلال تشجيع الانتاج المحلي والوطني وتعصير نظم الانتاج والتوزيع ودعم القطاع الفلاحي والاستثمار في الاسواق بمختلف اصنافها الى جانب مراجعة قانون المنافسة والاسعار لسن 2015. ولاحظ ان نسبة الفائدة ولئن تم التخفيض فيها، فهي لا تزال تشكل عائقا امام المؤسسات الاقتصادية وامام تحسن المقدرة الشرائية للمواطنين الحاصلين على قروض بنسبة فائدة متغيرة. وخلص الخبير الاقتصادي الى التأكيد ان مجلس ادارة البنك المركزي، قد يقرر التخفيض مرة اخرى في نسبة الفائدة المديرية، لكن مع الابقاء على سياسة نقدية حذرة تستدعي التدخل كلما تغيرت المعطيات الخارجية بالأساس.