
للأسرة دور محوري في تعزيز المسؤولية الرقميةمبادرة سعودية عالمية لحماية الأطفال
تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي انطلاقاً من منهجية، متصاعدة، وشاملة، وتُعدّ من أبرز التجارب العالمية في هذا المجال، وانطلقت هذه الجهود من رؤية طموحة بقيادة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان -حفظه الله-، ضمن رؤية السعودية 2030، وتركز هذه الرؤية على تحقيق التوازن بين التحول الرقمي وحماية الفئات الضعيفة، خصوصًا الأطفال.
ومن أبرز الجهود السعودية في هذا السياق، إطلاق المبادرة العالمية "حماية الطفل في الفضاء السيبراني" التي أُطلقت في أكتوبر 2024، بقيادة سموه رعاه الله، وتهدف هذه المبادرة لبناء إطار عالمي شامل لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت، وتمكين الدول من تطوير سياسات وتشريعات خاصة بالأمن السيبراني للأطفال، وتعزيز الوعي الأسري والتربوي حول الاستخدام الآمن للإنترنت.
والمحاور الرئيسة لهذه المبادرة التعاون الدولي مع هيئات عالمية مثل: اليونيسف، والاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمات دولية معنية بالأمن الرقمي، وتطوير أدوات تقنية للكشف المبكر عن المحتوى الضار أو الخطير، وإطلاق حملات توعوية جماهيرية تستهدف الأطفال، والآباء، والمعلمين.
والتركيز على الدول النامية وتقديم دعم فني وتقني وتشريعي لها، وتم إطلاق مشاريع وبرامج تنفيذية على المستوى الوطني مثل: الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، كما أطلقت مبادرات لحماية الأطفال تشمل إعداد أدلة إرشادية للأطفال وأولياء الأمور، وتنظيم حملات توعية دورية في المدارس والمنصات الرقمية، والعمل على تطوير سياسات صارمة بالتعاون مع الجهات الحكومية والتقنية.
«أطر حماية»
وانطلاقًا من المبادرة العالمية «حماية الطفل في الفضاء السيبراني» التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، طرحت بعثة المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف مشروع قرار أممي يُعزّز أهداف هذه المبادرة المهمة على المستوى الدولي، ويترجم رؤيتها إلى خطوات عملية لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي من خلال دعم التعاون الفني وبناء القدرات.
وقد قُدِّم القرار في مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ(59) من قِبل المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف السفير عبدالمحسن بن خثيلة، تحت البند العاشر الخاص بالتعاون وبناء القدرات، الذي اعتمد بإجماع المجلس، وذلك بالتعاون مع دول النواة: الكويت، والجزائر، وباكستان، وأذربيجان، وفيتنام.
وأكّد بن خثيلة في كلمته أمام المجلس أن الفضاء الرقمي أصبح جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال ويوفّر لهم فرصًا كبيرة للتعلّم والتواصل، لكنه في الوقت ذاته يفتح المجال أمام تحديات ومخاطر متزايدة تستلزم تعزيز التعاون الدولي، وبناء القدرات الوطنية، وتقديم المساعدة الفنية بما يسهم في دعم الأطر الوطنية لحماية الأطفال.
ويعكس القرار الأهداف الرئيسة لمبادرة سمو ولي العهد لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني، بما في ذلك تعزيز التعاون، وتبادل أفضل الممارسات، ورفع مستوى الوعي، وتطوير المهارات اللازمة لضمان فضاء رقمي آمن للأطفال.
كما يؤكد القرار أهمية تبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وتقديم الدعم الفني وفقًا لاحتياجات وأولويات كل دولة، بما يسهم في بناء قدرات وطنية مستدامة، ويعزز قدرة المجتمعات على مواجهة التحديات الرقمية وحماية الأطفال.
ويبرز القرار، الذي حظي بتأييد واسع واعتمد بالإجماع، حرص المملكة على تعزيز التعاون الدولي لضمان فضاء رقمي آمن وشامل لجميع الأطفال حول العالم، انطلاقًا من مكانتها الريادية ومبادراتها النوعية في حماية الطفل وأمن الفضاء السيبراني.
«اهتمام عالمي»
وحظيت مبادرة المملكة العربية السعودية لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي باهتمام عالمي واسع، حيث اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالإجماع قرارًا بناءً على هذه المبادرة، وفقًا لمصادر إعلامية.
وتهدف المبادرة، التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى تحقيق أهداف طموحة على المستوى الدولي لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني.
بهدف حماية الأطفال في الفضاء الرقمي من المخاطر والتهديدات التي قد يتعرضون لها، مثل الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، والتنمر الإلكتروني، والاحتيال، وغيرها.
وتسعى المبادرة إلى الوصول إلى أكثر من 150 مليون طفل حول العالم، وتطوير مهارات السلامة السيبرانية لأكثر من 16 مليون مستفيد، ودعم تطبيق أطر عمل للاستجابة للتهديدات السيبرانية التي يتعرض لها الأطفال في أكثر من 50 دولة حول العالم.
وانطلقت المبادرة من المملكة العربية السعودية، وتحديدًا من مبادرة «حماية الطفل في الفضاء السيبراني» التي أطلقها ولي العهد.
وحصلت المبادرة على دعم واعتراف دولي واسع، حيث اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالإجماع قرارًا يستند إلى أهداف المبادرة ويعزز التعاون الدولي في هذا المجال.
وتم تقديم القرار بالتعاون مع دول عدة.
وتهدف المبادرة إلى تعزيز التعاون وتبادل أفضل الممارسات، ورفع مستوى الوعي، وتطوير المهارات اللازمة لضمان فضاء رقمي آمن للأطفال.
وتكمن أهمية المبادرة بما يشهده العالم من استخدام متزايد من قبل الأطفال للتقنيات الحديثة، ما يجعل حماية الأطفال في الفضاء الرقمي أمرًا بالغ الأهمية.
«تحديات متزايدة»
ويواجه الأطفال تحديات ومخاطر متزايدة في الفضاء الرقمي، ما يستدعي تعزيز التعاون الدولي وبناء القدرات الوطنية.
ومن التحديات والمخاطر التي يواجهها الأطفال في الفضاء الرقمي، التنمر الإلكتروني والعنف بين الأقران، حيث يتعرض العديد من الأطفال للتنمر عبر الإنترنت، ما قد يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية ويؤدي إلى تراجع تحصيلهم الدراسي، بحسب موقع اليونيسف.
ويتعرض الأطفال لمحتوى ضار، مثل خطاب الكراهية والرسائل التي تحرض على العنف، ما قد يؤثر على معتقداتهم وقيمهم.
كما يتم الاستغلال والإساءة الجنسية للأطفال عبر الإنترنت مايشكل هذا التهديد خطرًا كبيرًا، حيث يسهل على مرتكبي الجرائم الوصول إلى الأطفال عبر الإنترنت ومشاركة المواد المسيئة، كما يتم انتهاك الخصوصية والبيانات الخاصة بهم، ويتم جمع بيانات الأطفال واستخدامها لأغراض التسويق، مما يعرض خصوصيتهم للخطر ويؤثر على نموهم.
كما أن إدمان الإنترنت والاستخدام المفرط للإنترنت يؤدي إلى إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤثر على صحتهم الجسدية والعقلية، كما أن نشر المعلومات المضللة التي يتعرض لها الأطفال لنظريات المؤامرة والمعلومات المضللة، يؤثر على وعيهم وقدرتهم على التفكير النقدي.
وهذا لايعني أن الفضاء الرقمي كله مضر للأطفال بل أنه يتيح لهم الوصول إلى المعرفة والتعليم، وكمية هائلة من المعلومات والموارد التعليمية.
وتعد حماية الأطفال في الفضاء الرقمي استثمارًا في مستقبل أكثر أمانًا وعدالة للأجيال القادمة، حيث يساهم في تمكينهم وتطوير مهاراتهم في العصر الرقمي.
«المسؤولية ضرورة»
ويرى أ. محمد الحمزة عبر «الرياض» أن المسؤولية الرقمية تجاه الأطفال ليست خيارًا بل ضرورة ملحة في ظل تزايد الاعتماد على التكنولوجيا. والمملكة تقدم نموذجًا يُحتذى به في السعي لضمان بيئة آمنة للأطفال، سواء على أرض الواقع أو في العالم الرقمي، ويتطلب هذا الجهد تكاتف الأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع ككل، مع استثمار الإمكانيات المتاحة لتحقيق مستقبل رقمي آمن يحمي حقوق الأطفال ويصون براءتهم.
وفي العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد، بما في ذلك الأطفال.
وعلى الرغم من الفوائد الجمة التي تقدمها التكنولوجيا، فإنها تحمل في طياتها مخاطر عديدة تتطلب الوعي والمسؤولية من المجتمع بأسره. والمملكة العربية السعودية، من خلال نظام حماية الطفل ولائحته التنفيذية، تعمل بجد لضمان حماية الأطفال من الإيذاء والاستغلال، بما يشمل ذلك الفضاء الرقمي.
كما أن المسؤولية الرقمية تعني الالتزام بمجموعة من المبادئ والقيم أثناء استخدام التكنولوجيا لضمان الاستخدام الآمن والمثمر، عندما يتعلق الأمر بالأطفال، تشمل المسؤولية الرقمية تأمين البيئة الرقمية من أي تهديدات قد تؤدي إلى الإيذاء أو الاستغلال. يتطلب ذلك من الأهل، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع ككل اتخاذ إجراءات لحماية الأطفال أثناء استخدامهم للإنترنت والتطبيقات الإلكترونية.
وتأتي هذه المسؤولية من وعي بأن الأطفال غالبًا ما يفتقرون إلى المهارات الكافية للتمييز بين المحتوى الآمن والمحتوى الضار. وبالتالي، فإن مسؤولية توفير الحماية تقع على عاتق الكبار، سواء من خلال التوجيه أو عبر استخدام الأدوات التقنية المناسبة مثل برامج الرقابة الأبوية.
«استغلال الأطفال»
ويرى أن نظام حماية الطفل في المملكة العربية السعودية ولائحته التنفيذية يمثلان حجر الأساس لحماية حقوق الطفل وضمان سلامته من جميع أشكال الإيذاء أو الاستغلال، سواء كان ذلك جسديًا أو نفسيًا أو رقميًا.
وتشير اللائحة إلى أن أي استخدام للتكنولوجيا قد يؤدي إلى استغلال الطفل أو تعريضه للمخاطر النفسية، الجسدية، أو الاجتماعية يُعد شكلًا من أشكال الإيذاء، يشمل ذلك الابتزاز، التحرش، أو تعريض الأطفال لمحتوى غير لائق.
وتشدد على أهمية رفع مستوى الوعي لدى الأهل والمجتمع حول المخاطر الرقمية التي تهدد الأطفال، يشمل ذلك توفير مواد تثقيفية وبرامج توعية لمساعدة الأهل في فهم كيفية حماية أطفالهم، وورد في اللائحة أن تلتزم الجهات المسؤولة بإنشاء وتطوير الأدوات والبرامج التي تسهم في ضمان بيئة رقمية آمنة للأطفال، يتضمن ذلك الرقابة على المحتوى المقدم عبر الإنترنت وضمان أن تكون التطبيقات والمواقع الإلكترونية المتاحة للأطفال مناسبة لأعمارهم، وتسهل اللائحة على الأفراد الإبلاغ عن أي حالات إيذاء أو استغلال للأطفال في الفضاء الرقمي، كما تشجع على إنشاء خطوط ساخنة وخدمات إلكترونية تتيح التبليغ بسرية وسرعة.
وتلعب الأسرة دورًا محوريًا في تعزيز المسؤولية الرقمية وحماية الأطفال؛ فمن المهم أن يكون هناك حوار مستمر حول استخدام الإنترنت وأهمية الحفاظ على الخصوصية، وتحديد أوقات محددة لاستخدام الأجهزة الرقمية ومراقبة نوعية المحتوى الذي يتعرض له الأطفال، يمكن الاعتماد على تطبيقات المراقبة الأبوية وبرامج الحماية من المحتوى الضار، وأن يكون الأهل جزءًا من تجربة أطفالهم الرقمية، عبر مشاركة الأنشطة ومراقبة الاستخدام بشكل غير مباشر.
«تعزيز الوعي»
وبالإضافة إلى دور الأسرة، تتحمل المؤسسات التعليمية مسؤولية كبيرة في تعزيز الوعي الرقمي لدى الأطفال، يمكنها تحقيق ذلك من خلال إدخال مناهج تعليمية تُعنى بالاستخدام الآمن للتكنولوجيا، تدريب المعلمين لتزويد الأطفال بالمعرفة والأدوات التي تساعدهم على التنقل بأمان في الفضاء الرقمي. تنظيم ورش عمل وندوات توعوية للأهل والأطفال.
وأما على مستوى المجتمع، فيتطلب ذلك تعاونًا بين الجهات الحكومية، والشركات التقنية، والمؤسسات غير الربحية لضمان تطبيق اللوائح التنفيذية بفعالية، ولا بد من تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الرقمية الموجهة للأطفال، وتشجيع الشركات التقنية على تطوير حلول مبتكرة لحماية الأطفال.
والمسؤولية الرقمية تجاه الأطفال ليست خيارًا بل ضرورة ملحة في ظل تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، والمملكة، من خلال اللائحة التنفيذية لنظام حماية الطفل، تقدم نموذجًا يُحتذى به في السعي لضمان بيئة آمنة للأطفال، سواء على أرض الواقع أو في العالم الرقمي، ويتطلب هذا الجهد المستمر تكاتف الأسرة، المؤسسات التعليمية، والمجتمع ككل، مع استثمار الإمكانيات المتاحة لتحقيق مستقبل رقمي آمن يحمي حقوق الأطفال ويصون براءتهم.
ويقول الدكتور عبدالله الفوزان، أستاذ علم الاجتماع وأحد المختصين في قضايا الأسرة والطفولة: في العصر الرقمي، حماية الأطفال ليست مجرد مسؤولية قانونية، بل هي واجب أخلاقي يتطلب وعيًا جماعيًا وجهودًا مستمرة لضمان أن يكون الإنترنت بيئة آمنة لتعلمهم ونموهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
الغباء الاصطناعي
في لحظة فارقة من مسيرة الإنسان عبر التاريخ، وجد نفسه أمام تحدٍ جديد لا ينبع من الطبيعة، ولا من الصراعات السياسية، بل من تلك المساحة الرمادية التي تفصل بين العقل والآلة، عصر يُعرف باسم "عصر الذكاء الاصطناعي"، لكنه في أوجه عديدة قد يتحول إلى ما يمكن تسميته "عصر الغباء الاصطناعي". وهنا تبرز مفارقة تستحق التأمل العميق، إذ نثقل على الآلة أعباء تفوق طاقتها، ونتوقع منها أداء أدوار تتجاوز ما صنعت لأجله، فالآلة قد تتفوق في التنظيم، والتكرار، وحفظ البيانات، والتعلم الآلي، لكنها تظل أسيرة منطق رقمي محدود، يفتقر إلى الرحمة، ويعجز عن إدراك الحيرة، ولا يملك إحساسًا بالخسارة. لا يمكننا الحديث عن الذكاء بمنطق الآلة فقط، دون أن نستحضر أبعاده الأخلاقية والإنسانية، فليس الذكاء مجرد قدرة على الحساب، ولا اختزالًا في الوصول إلى إجابة صحيحة. الذكاء في جوهره، هو ذلك الحسّ الذي يُدرك الفارق بين ما يُقال وما يُقصد، ويعي أن بعض الأسئلة لا تحتاج إلى ردّ، بقدر ما تحتاج إلى صمتٍ يفهم، وأن بعض القرارات لا تُؤخذ بالحساب وحده، بل تُوزَن بالقلب والبصيرة. وهنا تحديدًا تتوقف الآلة، عاجزةً عن عبور تلك المنطقة التي يسكنها الإنسان فقط. الأنظمة الذكية اليوم تُستخدم في إدارة ملفات شديدة الحساسية: التوظيف، التعليم، الأمن، العدالة، بل والعلاقات الاجتماعية. لكنها، بكل ما تملكه من قدرة حسابية، تقف عاجزة أمام لحظة إنسانية بسيطة، كتعبير وجه فيه حزنٌ دفين، أو قرار شخصي ينطوي على تضحية. حين نُحمل الآلة مسؤوليات أخلاقية، فإننا لا نغامر بوظائف الأفراد فحسب، بل نُقحم جوهر الإنسان ذاته في دائرة الخطر، فالذكاء الاصطناعي، حين يتحول من وسيلة مساعدة إلى أداة تقرير، يفرض وصايته الناعمة دون أن نشعر. هو من يُرشّح لنا ما نقرأ، ويقترح علينا من نُصادق، ويؤثر على قراراتنا اليومية بتلقائية خفية، ومع الوقت يتسلل من هامش الاستخدام إلى صميم الاختيار، حتى لا يعود دور الإنسان في كثير من الأحيان إلا تنفيذ ما توحي به الخوارزمية. والأخطر من ذلك أن هذه الوصاية لا تخضع لأي مساءلة أو محاسبة. حين ترتكب الآلة خطأً، لا يُساءل أحد، وتُغلق القضايا بمبررات تقنية مثل "خطأ في الخوارزمية" أو "خلل برمجي". تُطوى الملفات ويُدفن السؤال الحقيقي عن موقع الإنسان في هذا المشهد، وتغيب الرقابة على حدود هذه السلطة الرقمية، كما تغيب مراجعة آليات اتخاذ القرار وتقييم جدارة هذه الأنظمة في التحكم بتفاصيل حياتنا اليومية. لقد مررنا جميعا، ولو لمرة واحدة، بتجربة الغباء الاصطناعي، تسأل المساعد الرقمي عن أمرٍ مهم، فيأتيك الرد بعيدًا كل البعد عن السياق، أو تطلب مشورة إنسانية فتلقاه اقتراحا آليا يميل إلى السذاجة، ليس العيب في النظام نفسه، بل في طبيعته التي لا تُعنى بفهم التفاصيل الدقيقة، ولا تملك القدرة على استيعاب التلميحات أو التقاط نبض الروح الإنسانية. وهنا تكمن الحاجة الماسة إلى التمييز بين التقدم التكنولوجي الواعد، وبين تسليم عقولنا بلا رقابة للآلات، فالتطور أمر لا مفر منه، ويجب أن نكون جزءا منه، نسهم في تحسينه وتوجيهه لخدمة الإنسان ورفع جودة حياته. ولكن التسليم التام، دون ضوابط أو مراجعات أخلاقية، يفتح الباب أمام سوء استخدام هذه التقنيات، وربما يحولها إلى تهديد حقيقي للقيم والمبادئ الإنسانية التي نعتز بها. ما نحتاج إليه اليوم ليس مجرد زيادة في سرعة الأداء أو توسيع القدرة الحسابية، بل هو البصيرة والوعي العميق، نحن بحاجة إلى إضافة البعد الإنساني على الذكاء الاصطناعي، وتوجيه هذه التكنولوجيا لتكون عونًا للإنسان، تساعده في الحفاظ على جوهره الإنساني، لا أن تحل محله أو تنزعه منه. في منعطف دقيق من الزمن، تصبح مواجهة هذه الحقيقة أمرا ضروريا، فالتقدم ليس دومًا في اتجاه واحد، بل في بعض الأحيان يكون التقدم الحقيقي هو التوقف للحظة، والتأمل العميق في الطريق الذي نسير عليه. عمرو أبوالعطا


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
«الجيولوجية السعودية» تنظّم ورشة «الذكاء الاصطناعي»
نظّمت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمقر الهيئة في جدة، ورشة عمل متخصصة في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بعنوان: "قيادة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي"، وذلك بالتعاون مع شركة TITCO المتخصصة في الاستشارات التقنية. وتناولت الورشة محاور إستراتيجية ركّزت على دور القادة في تسريع التحول الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في علوم الأرض، وخارطة الطريق لرفع الجاهزية الرقمية، وأهمية بناء القدرات المؤسسية في العصر الرقمي. وشهدت الورشة تفاعلًا ملحوظًا من الحضور، إذ أسهمت في فتح آفاق جديدة لتبني التقنيات الحديثة في مختلف إدارات الهيئة، بما يُعزز كفاءة الأعمال الجيولوجية وتوسيع نطاق الاستكشافات والدراسات.


الشرق الأوسط
منذ 6 ساعات
- الشرق الأوسط
السعودية تجمع قادة الجيولوجيا في العالم نحو خريطة موحدة لعلوم الأرض
نظّمت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، الأربعاء، اجتماعاً افتراضياً موسعاً، جمع قيادات الهيئات ذات الصلة من مختلف دول العالم، لإطلاق مرحلة جديدة من الشراكات الاستراتيجية، التي تهدف لتطوير القدرات، وتسهيل الوصول للبيانات، وتعزيز التميز العلمي. يأتي هذا الاجتماع خطوة تنفيذية مكملة لما تم الاتفاق عليه خلال الجلسة التي عُقدت لقادة القطاع الدولي على هامش أعمال مؤتمر التعدين 2025، الذي شهد حينها حضوراً رفيعاً ومناقشات موسعة حول آفاق العمل الجيولوجي المشترك، وتحديات المرحلة المقبلة، وسبل ابتكار حلول عملية لتقاطع الجيولوجيا مع التنمية المستدامة والطاقة والبيئة. جانب من الاجتماع الافتراضي الذي جمع قيادات هيئات المسح الجيولوجي من مختلف دول العالم (الشرق الأوسط) وشهد الاجتماع إطلاق 3 مجموعات تنسيق دولية متخصصة، تعمل على تقديم المشورة الفنية وقيادة المبادرات الاستراتيجية تتمثل في «مجموعة تطوير القدرات» بقيادة هيئة علوم الأرض بجنوب أفريقيا، وبمشاركة من الهيئة السعودية، و«مجموعة الوصول إلى البيانات»، التي تقودها هيئة المسح الجيولوجي الهندية، بمشاركة من الهيئة السعودية، فيما تمثل «مجموعة إنشاء مركز التميز في الجيولوجيا» بقيادة هيئة المسح الجيولوجي الفرنسية ومشاركة الهيئة السعودية. وتهدف هذه المجموعات إلى رسم خريطة طريق موحدة لمستقبل علوم الأرض من خلال قيادة كل مبادرة استراتيجية وتحقيق أهدافها، وتطوير أطر العمل وتنفيذها بكفاءة، مع إشراك أصحاب المصلحة عالمياً، وتعزيز التعاون الدولي، مع صياغة المقترحات والمخرجات الداعمة للتنمية المستدامة. جانب من الاجتماع الافتراضي لقيادات هيئات المسح الجيولوجي (الشرق الأوسط) ويعكس الاجتماع حجم التحول النوعي في الدور الذي تقوم به السعودية، حيث لم تعد طرفاً مشاركاً في مبادرات الجيولوجيا الدولية فحسب، بل أصبحت اليوم دولة مبادرة، جامعة لقادة القطاع، وموجهة لخطط المستقبل الجيولوجي العالمي، ما يرسخ الدور السعودي في تطوير علوم الأرض وفتح آفاق جديدة للاستثمار والمعرفة عالمياً. يأتي ذلك انسجاماً مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، التي جعلت من القطاعات الجيولوجية والتعدينية ركيزة اقتصادية، ومحوراً رئيساً لجذب الاستثمارات، وتحقيق تنمية شاملة، تُبنى على العلم والمعرفة والتقنيات الحديثة.