logo
أوروبا تبحث عن استقلالها

أوروبا تبحث عن استقلالها

صحيفة الخليجمنذ يوم واحد

لم تأتِ دعوة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى «أوروبا مستقلة» من فراغ، ولا هي مجرد دعوة تعبّر عن ردّ فعل آنيّ على ما وصلت إليه العلاقات بين ضفتي الأطلسي من سوء وعدم يقين، إنما هي تعبّر عن حاجة أوروبية ملحّة للخروج من تحت مظلة أمريكية لأكثر من سبعة عقود، منذ إنشاء حلف الأطلسي عام 1949، باتت لا تشكل حماية فعلية لدول القارة مع التحولات الجيوسياسية المتسارعة في العالم.
وتلتقي دعوة فون دير لاين مع دعوة كان أطلقها سابقاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ل«استقلال أوروبي استراتيجي»، محذراً من «أن أوروبا قد تموت»، وقد أعلن المستشار الألماني فريدريتش ميرتس «التزام ألمانيا بأوروبا قوية وموحدة».
كما دعت المفوضة الأوروبية إلى «شكل جديد من السلام الأوروبي في القرن الحادي والعشرين.. شكل تصوغه وتديره أوروبا نفسها»، مؤكدة أن «نظاماً جديداً سيظهر في هذا العقد، وإذا لم نرغب في أن نكتفي بقبول ما سيترتب عليه من عواقب على أوروبا والعالم، فعلينا أن نُسهم في تشكيله». جاء ذلك خلال تسلمها جائزة شارلمان الدولية في مدينة أخن الألمانية يوم الخميس الماضي.
كلام فون دير لاين يشير إلى أن العالم يتحول، ويشهد تغييرات جذرية في العلاقات وفي مراكز القوى الاقتصادية والعسكرية، وأن النظام الدولي الأحادي الذي تقوده الولايات المتحدة منفردة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بات يترنح ويلفظ أنفاسه، وأن نظاماً دولياً تعددياً على وشك البروز، الأمر الذي يستدعي خروج أوروبا من غفوتها بالاعتماد على تحالف عبر الأطلسي لم يعد قادراً على الصمود في وجه عواصف التغيير التي تهز أركان نظام دولي لم يعد صالحاً للركون إليه.
وبما أن الظروف الدولية تتغير، فعلى أوروبا أن تتغير، وألّا تتخلف عن الركب، وإلّا فإنها ستبقى أسيرة الماضي الذي أبقاها عاجزة عن الخروج من تحت العباءة الأمريكية، وأفقدها استقلالها، وحال دون أن تأخذ دورها في تحديد مسارات الحرب والسلام والعلاقات الدولية، وفي أن يكون لها صوت مسموع وفاعل مستقل، بدلاً من أن تظل ملحقة بالسياسة الأمريكية، وهو ما أوصلها إلى هذا الحد من التبعية التي أفقدتها استقلالها، وهي الآن تحاول البحث عن هذا الاستقلال.
لم تكن أوروبا تتوقع من حليفها الأكبر (الولايات المتحدة) أن يعاملها بمثل هذا الاستهتار، ويهددها بالتخلي عن مظلته الأمنية المتمثلة بحلف الأطلسي الذي أنشئ لهذه الغاية، أو بفرض رسوم جمركية كما يفرضها على خصومه، أو يسعى لدعم الأحزاب اليمينية المتطرفة على حساب المؤسسات الأوروبية القائمة، كما لم تتوقع أن يتركها وحيدة في خضم الحرب الأوكرانية، ويعمل على التوصل إلى تسوية مع روسيا من دون أي دور لها.
لذلك، رفعت المفوضة الأوروبية صوتها للمرة الأولى بمثل هذا الوضوح، داعيةً إلى «أوروبا مستقلة»، من دون الاعتماد على نظام دولي تحّول إلى فوضى دولية، بحيث «أصبح العالم مجدداً موسوماً بالطموحات الإمبريالية والحروب الإمبريالية».
أوروبا المستقلة التي تدعو إليها فون دير لاين هي أوروبا القوية القادرة على أن تقرر مصيرها ومستقبلها بنفسها، وتلعب الدور الذي يتناسب مع حجمها وقوتها، لا الدور الذي يحدده لها غيرها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ألمانيا تجري تغييرات ضريبية لجعل السيارات الكهربائية أكثر جاذبية للشركات
ألمانيا تجري تغييرات ضريبية لجعل السيارات الكهربائية أكثر جاذبية للشركات

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

ألمانيا تجري تغييرات ضريبية لجعل السيارات الكهربائية أكثر جاذبية للشركات

تعتزم وزارة المالية الألمانية تغيير اللوائح الضريبية لجعل شراء السيارات الكهربائية أكثر جاذبية للشركات في ألمانيا. ووفقا لمسودة قانون، أُتيحت لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، في برلين يوم السبت، يجب أن تتمكن الشركات التي تشتري سيارة كهربائية جديدة للاستخدام التجاري في ألمانيا من الحصول على خصم 75% من التكاليف من ضرائبها في عام الشراء. وفي العام الذي يلي الشراء، يمكن أن تحصل على خصم 10%، وفي العامين الثاني والثالث اللاحقين 5% لكل منهما، وفي العام الرابع 3%، وفي العام الخامس 2%. ويهدف هذا التنظيم الخاص إلى التطبيق على المشتريات بين يوليو 2025 وديسمبر 2027. وأعلنت الحكومة الاتحادية الجديدة في برلين عن مشروع قانون برلماني جديد، أطلق عليه اسم "قانون برنامج الاستثمار الضريبي الفوري لتعزيز مكانة ألمانيا كمركز للأعمال"، والذي يهدف إلى تحفيز الاستثمارات الخاصة. وتم إحالة المشروع إلى إدارات أخرى، يمكنها الآن التعليق عليه. وتتطلب الخطط موافقة البرلمان الألماني بغرفتيه، البوندستاج والبوندسرات.

بريطانيا تعتزم بناء 6 مصانع أسلحة جديدة ضمن مراجعة دفاعية
بريطانيا تعتزم بناء 6 مصانع أسلحة جديدة ضمن مراجعة دفاعية

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

بريطانيا تعتزم بناء 6 مصانع أسلحة جديدة ضمن مراجعة دفاعية

أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستبني ستة مصانع جديدة على الأقل لإنتاج الأسلحة والمتفجرات، في إطار مراجعة شاملة لقدراتها الدفاعية. وسيُدرج هذا الاستثمار، الذي تبلغ قيمته 1.5 مليار جنيه إسترليني (2.0 مليار دولار)، ضمن المراجعة الدفاعية الاستراتيجية، وهي خطة عشرية للمعدات والخدمات العسكرية. ومن المتوقع نشر المراجعة الدفاعية الاستراتيجية يوم الاثنين. وأضافت وزارة الدفاع أنها تعتزم شراء ما يصل إلى 7000 سلاح بعيد المدى مصنع في بريطانيا. وقالت الوزارة إن هذه الإجراءات ستوفر حوالي 1800 فرصة عمل. وقال وزير الدفاع جون هيلي في بيان "الدروس المستفادة ... من غزو (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين غير القانوني لأوكرانيا تُظهر أن قوة الجيش لا تتحقق إلا بقدر قوة الصناعة التي تدعمه".

كايا كالاس: "الحب القاسي" لترامب في مجال الدفاع أفضل من اللاحب
كايا كالاس: "الحب القاسي" لترامب في مجال الدفاع أفضل من اللاحب

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

كايا كالاس: "الحب القاسي" لترامب في مجال الدفاع أفضل من اللاحب

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس السبت أن الدول الأوروبية تعزز إنفاقها الدفاعي بدفع من الرئيس دونالد ترامب، حيث حضت على تمتين العلاقات أكثر بين الحلفاء للتصدي للقوة الاقتصادية للصين. وجاء كلام كالاس خلال منتدى شانغريلا الدفاعي في سنغافورة وفي سياق ردها على خطاب وزير الدفاع الأمرdكي بيت هيغسيث الذي وصف إصرار ترامب على زيادة الإنفاق العسكري بأنه "حب قاس". وقالت كالاس ممازحة عندما سئلت في وقت لاحق عن خطاب هيغسيث "ومع ذلك، إنه حب، لذا فهو أفضل من اللاحب". وأكدت أن العلاقة بين بروكسل وواشنطن لم تنقطع يوما، قائلة إنها تحدثت إلى هيغسيث وتابعت "سمعتم خطابه. كان في الواقع إيجابيا جدا بشأن أوروبا، لذا يوجد هناك بالتأكيد بعض الحب". ويضغط ترامب باستمرار على دول حلف شمال الأطلسي لزيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، محذرا من أن واشنطن لن تتسامح بعد الآن مع الطفيليين. وقالت كالاس "هناك بلدان مختلفة في أوروبا، وبعضنا أدرك منذ وقت طويل أننا بحاجة إلى الاستثمار في الدفاع"، مشيرة إلى إعادة تصور النموذج الاوروبي باعتباره "مشروع سلام مدعوم بدفاع قوي". أضافت "ما أريد التأكيد عليه هو أن أمن أوروبا وأمن المحيط الهادئ مترابطان إلى حد كبير". وأعطت كالاس أوكرانيا كمثال حيث يقاتل ضدها جنود من كوريا الشمالية وتقوم الصين بتزويد عدوتها روسيا بالمعدات العسكرية. وقالت كالاس "كانت هناك بعض الرسائل القوية جدا في خطاب وزير الدفاع الأمريكي بشأن الصين"، مضيفة "أعتقد مرة أخرى أنه إذا كنت قلقا بشأن الصين، فيجب أن تقلق بشأن روسيا". وخالفت كالاس الرأي القائل بأن واشنطن تركز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما تُركز أوروبا على منطقتها الخاصة. وأضافت أنه لا يمكن مواجهة الهيمنة الاقتصادية للصين إلا بالتعاون مع "شركاء مُشابهين في التفكير مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية... وسنغافورة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store