
هل يمكن تحقيق السلام بين الصين وتايوان؟
أعلن الرئيس التايواني، لاي تشينغ تي، أو ويليام لاي، في الخطاب الذي ألقاه لمناسبة مرور عام على توليه منصبه، استعداد بلاده للحوار مع الصين إذا كان هناك "ندية وكرامة"، وأنه لا يوجد فائز في الحرب، لكنه بالمقابل أكد أن بلاده ستواصل بناء دفاعاتها والاستعداد للحرب لتجنب الحرب.
وفي خطوة نادرة لم يأتِ لاي على ذكر الصين أو العلاقات عبر المضيق في خطابه، وجاءت تعليقاته حول الصين رداً على أسئلة في مؤتمر صحافي عقده بعد إلقاء الخطاب.
وبدلاً من التركيز على الصين ركز لاي على التعهدات المحلية بخفض انبعاثات الكربون، وخطط التعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تايبيه وتبلغ نسبتها 32%، والمخفضة إلى 10% لمدة 90 يوماً، إفساحاً في المجال أمام المفاوضات التجارية.
وبالفعل عقدت الجولة الأولى من المباحثات بين تايبيه وواشنطن ووصفت بالجيدة، كما ركزت على الاضطرابات السياسية الداخلية التي تشهدها البلاد. ويتناقض هذا الخطاب مع خطاب تنصيبه قبل عام، حيث ذكر الصين سبع مرات، الأمر الذي فسّره البعض على أنه مؤيد للاستقلال، وفي آذار/ مارس الماضي، وصف بكين بأنها قوة أجنبية معادية.
أمّا عن أسباب تخفيف لاي من تهجمه على الصين فترجع إلى أسباب عديدة. فربما أراد الرئيس التايواني من عدم ذكر الصين في خطابه، تجنب إعطاء بكين أي مبرر لوصفه بالمسؤول عن تصعيد التوترات مع تايوان عبر المضيق. فالصين تنظر إلى لاي على أنه انفصالي، ومحرض على الحرب، ومثير للمشاكل.
وفي الأشهر الأخيرة صعّدت بكين من هجماتها على الرئيس التايواني، إذ وصف المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان الصيني الرئيس لاي بأنه "مدمر للسلام عبر المضيق"، ويدفع تايوان نحو حافة الحرب الخطيرة.
ومن المحتمل أن تكون المفاوضات التي تجري بين واشنطن وبكين قد أثارت قلق تايبيه بشأن إمكانية طرح قضية تايوان في المحادثات الأميركية الصينية مستقبلاً، بعد تهدئة التوترات التجارية والوصول إلى اتفاق تجاري بينهما.
وأيضاً في ظل الأوضاع السياسية الداخلية والانقسام الذي تشهده البلاد وتراجع شعبية لاي، حيث أظهر استطلاع حديث للرأي، نشرته صحيفة يونايتد دايلي نيوز التايوانية، أن أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع أعربوا عن استيائهم من أداء الرئيس التايواني، كما خرج المتظاهرون خلال الأيام الماضية، في عدة مدن، معبّرين عن غضبهم إزاء ما يعتبرونه سوء إدارة وسياسات غير فعّالة من قبل السلطات التايوانية، وارتفاع منسوب التوتر بين الحزب التقدمي الديمقراطي وأحزاب المعارضة التي تسيطر على الأغلبية البرلمانية والمدعومة من الصين إذ ترى المعارضة أن الرئيس لاي يسهم في تأجيج التوترات مع الصين ويخنق المعارضة، فضلاً عن تكثيف الرقابة على المواطنيين الصينيين في تايوان باسم الأمن القومي، أراد لاي تخفيف التوترات الداخلية واستعادة شعبيته والتركيز على إصلاح الأوضاع الداخلية بدلاً من زيادة التوترات مع الصين. 23 أيار 11:04
23 أيار 10:59
ومن ناحية أخرى، ربما أثارت الاشتباكات التي وقعت بين الهند وباكستان قلق تايبيه، ولا سيما فيما يتعلق بالقدرات الكبيرة والمتطورة للأسلحة الصينية التي استخدمتها باكستان، إذ إنه بحسب التقارير، استخدمت إسلام آباد مقاتلات صينية الصنع من طراز J-10C إلى جانب صواريخ الجوــــ جو بعيدة المدى من طراز PL-15، وتمكنت الأسلحة الصينية من إسقاط ثلاث طائرات رافال فرنسية، وبالتالي، تتفوق الصناعات الصينية العسكرية على التايوانية وباتت تنافس نوعاً ما الصناعات العسكرية الغربية، وربما تتفوق مستقبلاً على الصناعات العسكرية الأميركية التي تمتلك تايبيه القسم الأكبر منها.
في ردها على دعوة لاي للحوار والسلام، أعلنت بكين استعدادها للحوار مع تايوان ولكن بشروط. وإذا كانت الصين لم تحدد علناً الشروط التي تطلبها، إلا أنها رأت أن لاي خلال فترة ولايته الأولى اتخذ إجراءات قوضت السلام والاستقرار عبر المضيق، وأضر بالرفاهية العامة للجزيرة، وبالتالي على الرئيس التايواني وحزبه التقدمي الديمقراطي التوقف عن التهجم على الصين، والسعي للاستقلال، إذ تعتبر الصين أنه لا سبيل لتحسين العلاقات عبر المضيق، إلا بوقف الأعمال الاستفزازية التي تهدف إلى الاستقلال، والاعتراف بأن كلا الجانبين ينتميان إلى صين واحدة.
وعلى صعيد أخر، يثير التعاون العسكري بين الولايات المتحدة الأميركية وتايوان قلق الصين، ولا سيما أن الرئيس ترامب طلب من تايبيه زيادة ميزانيتها العسكرية وشراء المزيد من الأسلحة الأميركية.
ومن المستبعد أن يتخلى الرئيس الأميركي عن تايوان، أو أن تكون الجزيرة محل تفاوض بين الصين وواشنطن، نظراً لأن ملف تايوان هو ورقة ضغط تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية ضد الصين. وحتى إن قبل ترامب عقد صفقات مع بكين حول تايوان، فالكونغرس الأميركي سيرفض ذلك، وسيبقى المشرعون الأميركيون يسعون إلى دعم تايوان.
من غير المتوقع أن تعقد الصين سلاماً أو حواراً مع تايوان في ظل وجود ويليام لاي الذي وصفته بكين بأنه انفصالي خطير، وفي ظل النزعة الداخلية لديه باستقلال تايوان. وأيضاً وجود الرئيس ترامب الذي يحاول بشتى الطرق تضييق الخناق على الصين، وستبقى قضية تايوان مسألة تتعلق بالأمن القومي الصيني وتشكل خطاً أحمر لبكين.
لم تكن العلاقات الصينية التايوانية دائماً متوترة، فخلال فترة حكم ما ينغ جيو، الذي ينتمي إلى حزب الكومنتانغ، وترأس تايوان من عام 2008 إلى 2016، وقعت تايوان والصين أكثر من عشرين اتفاقية بما في ذلك اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي عبر المضيق عام 2010. واستأنف الجانبان الروابط البحرية والجوية والبريدية المباشرة التي كانت محظورة لعقود، والتقى الرئيس الصيني بالرئيس التايواني ما في سنغافورة عام 2015. ولكن مع عودة الحزب التقدمي الديمقراطي إلى السلطة توترت العلاقات مجدداً بين الجانبين ومع ذلك لا تزال بكين هي الشريك التجاري الأول لتايبيه.
يشير العديد من التقارير إلى أنه في العام 2027 ستقوم الصين بالهجوم على تايوان وإعادة التوحيد. إلا أن بكين لغاية اليوم ما زالت غير مستعجلة في ضم تايوان بالقوة في ظل الأوضاع الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية والرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب.
تدرك الصين جيداً أن هجومها على تايوان سيكلفها الكثير، لذلك هي تنتظر الوقت المناسب لضم تايوان بطريقة سلمية بالدرجة الأولى، أو بالقوة، إذا قام الانفصاليون بإعلان استقلال تايوان. ومن المحتمل أن تكون إعادة التوحيد مع الجزيرة قبل العام 2049، الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
والرئيس الصيني، شي جين بينغ، لن يتوانى عن استغلال أي فرصة تعيد التوحيد السلمي مع تايوان خلال فترة رئاسته، على اعتبار أنه زعيم الأمة، ولكن في المقابل، من دون أن يؤثر ذلك على نهضة الصين العظيمة، كي لا يذكر التاريخ أنه في عهد شي خسرت الصين أن تكون القوة العظمى في العالم، بل يريد الرئيس الصيني أن يكتب التاريخ أنه القائد الذي أعاد التوحيد مع تايوان من دون إطلاق رصاصة واحدة، أو أعاد التوحيد مع تايوان من دون تكبد خسائر تؤدي إلى تدمير الصين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 4 ساعات
- الميادين
مستشار وزير الخارجية الإيراني للميادين: تخصيب اليورانيوم خط أحمر "محفور بأوردتنا"
أكّد مستشار وزير الخارجية الإيراني للشؤون الإعلامية، محمد رنجبران، اليوم السبت، أنّ "إسرائيل" أثبتت أنّها تتخذ القرار عوضاً عن إدارة الرئيس ترامب، وتوظّف كل قدراتها لإفشال المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة. وقال رنجبران خلال تصريحاتٍ للميادين إنّ "الوفد الأميركي وعقب الجولة الثالثة انتهج مواقف مغايرة عن موقفه التفاوضي وتحدّث عن تخصيب اليورانيوم كخط أحمر"، مشدداً على أنّ "طهران وواشنطن تعدان تخصيب اليورانيوم خطاً أحمر". كما لفت إلى أنّ "الخط الأحمر لدى واشنطن مرسوم على الورق، لكن خطنا الأحمر محفور بأوردتنا ولا يمكن المس به والأميركيون يدركون ذلك تماماً". اليوم 11:13 اليوم 09:23 وأشار رنجبران إلى أنّ "مواقف واشنطن عن ضرورة وقف تخصيب اليورانيوم بدأت فجأة عقب جولة المحادثات الثانية". كذلك، لفت إلى أنّ الوفد الأميركي بخلاف تصريحاته اتخذ مواقف إيجابية خلال الجولة الثالثة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة، مضيفاً أنّ "النهج الأميركي أدّى إلى احتجاج إيران الشديد لدى مسقط". وصرّح بأنّه "لا يمكن استمرار المحادثات مع تضارب المواقف وقررنا سابقاً إلغاء الجولة الرابعة، وبعد الرسائل من واشنطن لطهران جرى عقدها، لكن إيران حذّرت الجانب الآخر من تبعات هذا النهج على المحادثات". وشدد رنجبران على أنّ وزير الخارجية، عباس عراقتشي "لن يتراجع أمام ضغوط أميركا وأساليبها الإعلامية وهم يعرفون أنّه دبلوماسي مخضرم لن يضيّع طريقه"، متابعاً أنّ "هناك طريق صعب مليء بالتحديات أمام المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن". وفي سياقٍ متصل، قال رنجبران إنّ الدفاع عن المقاومة في فلسطين ولبنان ومواجهة جرائم "إسرائيل" في المنطقة على رأس جدول أعمال وزير الخارجية الإيراني. يشار إلى أنّه مساء أمس الجمعة، اختتمت الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة والتي عقدت في روما، إذ وصفها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي بأنها، "واحدة من أكثر الجولات التفاوضية مهنية وتعقيداً"، مشيراً إلى أنّ "الجانب الأميركي بات لديه الآن فهم واضح لمواقف إيران".


LBCI
منذ 5 ساعات
- LBCI
مقتل خمسة من عناصر القاعدة في ضربات نسبت إلى الولايات المتحدة جنوب اليمن
قُتل خمسة من عناصر تنظيم القاعدة بينهم قيادي محلي، في غارات نُسبت إلى الولايات المتحدة على مناطق في جنوب اليمن، بحسب ما أفاد مصدران أمنيان يمنيان وكالة فرانس برس. وقال مصدر أمني في محافظة أبين لفرانس برس: "أبلغنا سكان المنطقة بالضربة الأميركية والمعلومات المتوفرة لدينا تفيد بتصفية خمسة عناصر من القاعدة". من جهته، أفاد مصدر أمني آخر في أبين لفرانس برس بأن "الضربة الأميركية مساء الجمعة شمال خبر المراقشة قتلت خمسة بينهم قيادي محلي"، مضيفا أن أسماءهم لم تُعرف. وأكّد المصدران الأمنيان أن الضربات استهدفت تنظيم القاعدة مساء الجمعة في مناطق جبلية شرقي محافظة أبين الجنوبية.


الميادين
منذ 6 ساعات
- الميادين
ترامب يقلّص مجلس الأمن القومي ويقيل عشرات المسؤولين دفعة واحدة
قلّص الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكلٍ كبير في حجم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، حيث أقال عشرات المسؤولين، ووضع آخرين في إجازة إدارية، وأعاد غيرهم إلى وكالاتهم الأصلية، في خطوة يقول مؤيّدوه إنها تهدف إلى تكليف أعضاء في المجلس بأشخاص مناصرين لأجندة (ماغا). وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنّ العديد من الأشخاص المطلعين على عمليات الفصل، يقولون إن مجلس الأمن القومي (NSC)، الذي يديره مؤقتاً وزير الخارجية ماركو روبيو، قد احتفظ ببعض الموظفين، معظمهم من كبار المديرين، بينما ألغى عشرات الوظائف في المكتب. 🚨 #BREAKING: Marco Rubio, as National Security Advisor, has just placed over 100 National Security Council members on leaveRubio is WEEDING OUT the deep state actors who will inevitably try to undermine President TrumpRubio CONTINUES to impress. Keep going! 🔥 هذه الخطوة، التي وصفها أحد الأشخاص بأنها "تصفية"، بعد ثلاثة أسابيع من فصل الرئيس مايك والتز من منصبه كأول مستشار للأمن القومي، وهو أعلى منصب في مجلس الأمن القومي. 1 أيار 20 تشرين ثاني 2024 وكتب روبرت أوبراين، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب الأولى، مؤخّراً، مقال رأي، يدعو فيه إلى تقليص عدد أعضاء مجلس الأمن القومي إلى 60 مسؤولاً فقط. وكان المجلس، الذي لطالما عمل كمكتب تنسيق، ولكنه استُخدم أحياناً لمركزية السلطة في البيت الأبيض، يضم أكثر من 200 مسؤول خلال إدارة بايدن. بدوره، قال دينيس وايلدر، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة جورج دبليو بوش: "لا شكّ في أنّ مجلس الأمن القومي في إدارة بايدن أصبح متضخّماً، وكان يحاول تطبيق السياسة الخارجية، بتسلّط، بدلاً من القيام بدوره التقليدي المتمثّل في تنسيق تنفيذ بقية مؤسسات الأمن القومي". وأضاف: "مع ذلك، هناك خطر من أنّ مجلس الأمن القومي المُقلّص بشدة لن يمتلك القوة التنفيذية اللازمة للسيطرة على نظام الأمن القومي". وقال بعض المؤيّدين إنّ هذه الخطوة ستساعد ترامب، بعد تقليل عدد المسؤولين من الوكالات الأخرى الذين قد لا يدعمون أجندته. لكنّ آخرين شكّكوا في تأثير ذلك على السياسة الأميركية.