«مسجد بيبي خانم».. جوهرة سمرقند ومفترق طرق الثقافات بين التاريخ والترميم
يمثل مسجد بيبي خانم في مدينة سمرقند رمزًا للحضارة الإسلامية وواحدًا من أعظم صروح العمارة التي شُيدت خلال العصر التيموري، بأسقفه المتلألئة وقبابه الفيروزية، يعكس المسجد جماليات الفن الإسلامي في آسيا الوسطى، محكيًا قصة مجد سمرقند كمحطة رئيسية على طريق الحرير.
رغم مكانته التاريخية، يواجه المسجد اليوم جدلًا واسعًا حول ترميمه، حيث تتباين الآراء بين من يرى الإصلاحات ضرورية للحفاظ عليه ومن يعتبرها تشويهًا للأصالة المعمارية، وبين صفحات التاريخ وأعمال التجديد، يظل المسجد شاهدًا على ماضي المدينة العريق ومركزًا للجدل المعماري الحديث.اقرأ أيضا | أمين العليا للدعوة: لا يجوز أن يغيب عن أذهاننا أنَّ هدف الحضارة هو الإنسانمسجد بيبي خانم.. تحفة تيمورية على أرض سمرقندعندما يُذكر اسم سمرقند، تتبادر إلى الذهن صورٌ لمآذنها العالية وأسواقها النابضة بالحياة، إلا أن مسجد بيبي خانم يظل أحد أكثر معالمها شهرة وتأثيرًا، بني هذا المسجد في القرن الخامس عشر على يد تيمورلنك، القائد المغولي الذي أراد أن يُخلد اسمه عبر إنشاء صرح معماري يعكس عظمة إمبراطوريته.وبالفعل تم وضع أساس بناء هذا المسجد وذلك مباشرةً بعد عودته منتصراً من إحدى غزواته في الهند، فكانت غنائم هذه الحملة العسكرية التي حملت على ظهور 95 فيلاً، المموّل الرئيس في بناء هذا الصرح الإسلامي الكبير، كما شارك الأسرى في عمليات البناء التي استمرت من سنة 1399 إلى 1404.تاريخ البناء ورؤية تيمورلنكبدأ تشييد المسجد عام 1399، عقب حملة تيمورلنك العسكرية في الهند، حيث جلب معه كنوزًا وخبراء في فنون البناء، أراد القائد المغولي أن يكون المسجد الأكبر في العالم الإسلامي حينها، مستعينًا بأفضل الحرفيين والمعماريين من مختلف أرجاء إمبراطوريته، وأهدها هدية لزوجته بيبي خانوم، المعروفة في التاريخ باسم سراي ملك خانم، فقد كان هذا المسجد أكبر مسجد في آسيا الوسطى، واكتمل البناء عام 1403، ليصبح تحفة معمارية فريدة بمقاييس ذلك العصر.ومنذ ذلك الوقت صار هذا المسجد من أشهر معالم سمرقند وأوزبكستان على الإطلاق، بحيث صار يلقب ب"جوهرة سمرقند".اقرأ أيضا | مسجد التوبة الأثري.. حكاية نفق غامض وصرح معماري يقاوم الزمنالتصميم المعماري للمسجديتميز المسجد بمزيج من الفن التيموري والفن الإسلامي، حيث تمتد مساحته على طول 167 مترًا وعرض 109 أمتار، مدخله الضخم يبلغ ارتفاعه 35 مترًا، تعلوه زخارف من الخط العربي والبلاط المزخرف، يزين المسجد قبة فيروزية ضخمة بارتفاع 40 مترًا، كانت تُعد الأكبر في العالم الإسلامي عند بنائها، كما يحيط بالمسجد سور ضخم، وتتوسطه ساحة داخلية تحوي محرابًا ومئذنتين شاهقتين.كانت طموحات تيمورلنك في أن يبني أكبر مسجدٍ في التاريخ، لذلك أدت الخطط المعمارية الطموحة إلى أن يكون هيكل المسجد ثقيلاً جداً، بحيث لا يتحمل وزنه، وبالفعل شهد المسجد عدّة انهيارات قبل اكتمال بنائه.أهمية المسجد في الحضارة الإسلاميةكان مسجد بيبي خانم مركزًا دينيًا وعلميًا، حيث احتضن حلقات دراسية لعلماء الدين والشعراء والفلاسفة، لم يكن مجرد مكان للصلاة، بل كان منصة تجمع بين مختلف الثقافات والتقاليد الإسلامية، موقعه على طريق الحرير جعله محطة رئيسية للقوافل التجارية، ما أضفى عليه أهمية اقتصادية ودينية كبرى.التدهور والترميم.. بين الضرورة والتشويهعلى مر القرون، تعرض المسجد لأضرار بالغة بسبب الزلازل والإهمال، ما أدى إلى انهيار أجزاء كبيرة منه، بما في ذلك قبابه الشهيرة، وفي العصر الحديث، بدأت جهود الترميم، لكنها أثارت جدلًا واسعًا، إذ يرى بعض الباحثين أن إعادة الإعمار لم تحافظ على العناصر الأصلية للمسجد، بل استُخدمت مواد حديثة أدت إلى طمس هويته التاريخية.الجدل حول أعمال الترميمفي السنوات الأخيرة، انتقدت منظمة اليونسكو بعض أعمال التجديد، معتبرة أنها لا تحافظ على المعايير الأصيلة للتراث العالمي، بينما تؤكد السلطات الأوزبكية أن الترميم ضروري لجذب السياحة والحفاظ على المسجد للأجيال القادمة، يرى المعارضون أن ذلك قد يؤدي إلى فقدان أصالته وتحويله إلى نموذج حديث بعيد عن روح تيمورلنك الأصلية.مسجد بيبي خانم اليوم.. بين الماضي والحاضراقرأ أيضا | أزهر أسيوط تنظم مؤتمر بعنوان «الحضارة الإنسانية في التراث العربي والإسلامي»اليوم، يستمر مسجد بيبي خانم في كونه أحد أبرز معالم سمرقند السياحية، حيث يجذب آلاف الزوار سنويًا، ومع ذلك، يبقى النقاش مستمرًا حول مستقبل هذا الصرح التاريخي: هل يجب الحفاظ عليه بترميمات حديثة، أم يُترك ليحكي قصة تاريخه دون تغييرات جذرية؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- مصرس
المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا سيدى الشيخ أمين!?
وامتدادا لعزيمة خير!توجهت للحاجة ام احمد ؛فهى جارة قديمة وتسأل علىوفى اول زيارة التقيها بعد زمن طويل قيل لى من أحفادها:انها كما ترى منذ شهور أضحت فاقدة الذاكرة إلا بعض ما تراه او تتذكره!فقلت : سبحان اللهكم فى الكبر من عبر !!!؟ثم قالت:ياحامد فين الحلاوة؛فسعدت لما قالت بعد ان ظلت تقبلنىوهى تقول ( ازيك يا ابا)فى جو غير طبيعى ؛ انها وقد شرفت على التسعين عامباتت تعيش لحظات خاصة ،بشاشة خاصة؛ولما لا وهى ابنة ولى منذاولياء الله الكبار؛وصابرة بعد فقد الزوج والولدين فى حادثة ؛حتى كنت اعجب لملبسها الفاتح المفرح كالاصفر والأخضر والأبيض ، وهى دون النسوة فى لباس السواد وقت الفاجعة فتقول لى :وصية أبى لى والذى قال لاتحزنى ولاتجزعى لامر الله وتقبلى باحتساب وصبر ورضا فذاك يا بنيتى من الإيمان؛ فالأمر بقدروقضاء الله لا مرد له؛ونعم نصيحة الأب المربى !كان المغرب قد اقترب،وبعد اداء الفريضة عزمت شراء ما يقاوم الناموس بمسجد السيدة زينب– رضى الله عنها-وحال السؤال !قالوا: لدى الشيخ أمين !أين؟انه فى المقرأة الأسبوعيةأتى بعد ان فرغ من ورده؛وقال : اهلاً سعادة المستشار فأنا أعرفك من قديم ثم دنا وقال:هذه منى للهفأبيت إلا سداد ثمنها فقال:لن يكون فالأمر ليس برغبتك او رغبتىوانطلق يشرح وانا اسمع واجتهدت ان أتمالك الدموع فالرجل من طراز الصالحين بامتياز؛نعم انه يشغل وظيفة قيادية رفيعة ؛وانتصر فى العمل بقضاء الهى خاص له،بل نال القرب والأنس والحب بعد ان نجح فى اختبارات التمكين بعد وفاة الزوجة وبلوغ اعلى السلم الوظيفى،ومفتاح المسجد،والتزام القرآن الكريم وذكر الله فى كوكبة المقرأةلتكتمل البشرى مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم،إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده))لذا لم اعجب حين أوقف على ليلة القدر ؛ ونال الانس والبشرى !او حين استجاب له الملك العدل وهو يناديه مستغيثاً الإنصاف من ظلم العبادفيستجيب له بكرامة وعزة؛انه من سلالة الصالحين؛ابكانى واقتسم معى عزيمة الخير؛ولما لا وقد بات الفرح بالخيرمسئولية ودعوة للمزيدفشكرا سيدى الشيخ امين !؟


الاقباط اليوم
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- الاقباط اليوم
أمين كنيسة القيامة: "القدس ما زالت مهد التسامح والوحدة بين الأديان"
قال أديب جودة الحسيني،أمين مفتاح كنيسة القيامة المقدسة، حامل ختم القبر المقدس، أن مشهد توزيع الراهب ثاؤفيلس الأورشليمي القبطي، سكرتير بطريركية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس في القدس والمسؤول الإعلامي لها، إلى جانب رهبان الأراضي المقدسة، التمر على المسلمين الصائمين عند مداخل البلدة القديمة، في قلب مدينة القدس، لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل هو تجسيد حقيقي للروح المقدسية التي جمعت بين الأديان والثقافات على مر العصور، في وقت تتصاعد فيه أصوات الفرقة والانقسام في أماكن عديدة حول العالم، تقدم القدس درسًا جديدًا في الإنسانية، حيث تتلاقى القلوب قبل الأيدي، ويُعزَّز مبدأ المحبة في أبهى صوره من خلال تقديم تمرات الإفطار للصائمين. وأضاف ' الحسيني' خلال ما نشره عبر صفحته الرسمية عبر شبكة التواصل الاجتماعي" فيس بوك"، إن ما قام به هؤلاء الرهبان ليس مجرد عمل خيري، بل هو رسالة عميقة مفادها أن الدين، مهما كان، لا ينبغي أن يكون حاجزًا بين البشر، بل يجب أن يكون جسرًا يجمعهم تحت مظلة الإخاء. وفي هذه الأيام المباركة، حيث يجتمع المسلمون في صيامهم، لم يتردد الرهبان في مشاركتهم لحظات الإفطار، وكأنهم يقولون: "نحن هنا معكم، أخوتكم في الإنسانية، نشترك في هذه الأرض، ونحمل رسالة واحدة، رسالة الحب والسلام". وتابع ' الحسيني' هذا المشهد يعيد إلينا صورة القدس الحقيقية، المدينة التي لم تكن يومًا مقتصرة على أحد، بل كانت دائمًا ملتقى الأديان وموطن التسامح. فحين تتجمع قلوب المؤمنين على الخير، تصبح الفروقات مجرد ألوان جميلة في لوحة واحدة، تروي قصة مدينة لم تفقد جوهرها رغم تغير الأزمان. اختتم أديب جودة الحسيني،أمين مفتاح كنيسة القيامة المقدسة، حامل ختم القبر المقدس، إن القدس اليوم، ومن خلال هذه المبادرات، تؤكد أنها لا تزال مهد التسامح، وأن أبناءها، بمختلف أديانهم، قادرون على تجاوز الخلافات والتلاقي في أسمى معاني الإنسانية.


بوابة ماسبيرو
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- بوابة ماسبيرو
الشيخ عويضة عثمان: صلاة المرأة في بيتها أعلى أجرًا من صلاتها في المسجد
ورد سؤال للفترة الإذاعية المفتوحة "مع الصائمين" يقول: أصلي صلاة التراويح في المسجد، ولكنني كفيفة فقد اتحرك قليلًا دون أن أشعر خلال الصلاة.. ما الحكم؟ أكد الشيخ عويضة عثمان،أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن صلاة المرأة في بيتها أعلى أجرًا وأفضل لها من الصلاة في المسجد، لكن الرسول ،صلى الله عليه وسلم، قال أيضًا :" لا تمنعوا إماء الله من مساجد الله" فإذا رغبت المرأة أن تتوجه إلى المسجد للصلاة فلا شيء في ذلك.