
من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»
جوهر المفارقة أن إسرائيل، التي تسعى إلى الانخراط في المنطقة من خلال معاهدات أو تفاهمات سلام منفردة أو جماعية، والتي ترى أن السلام هو المفهوم الحاكم للأمن الإقليمي، هي ذاتها التي كانت عقيدتها الأمنية قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تقوم على بناء المناطق العازلة بينها وبين الجوار العربي. من غلاف غزة كمنطقة عازلة، إلى الترتيبات الأمنية في سيناء، إلى غور الأردن وجنوب لبنان، وطبعاً الجولان السوري. فكيف يمكن لدولة تريد أن تكون جزءاً من منطقة تعزل نفسها عنها طوعاً بجدار أمني وسياج إلكتروني؟
لفهم هذه المفارقة بوصفها معضلة للأمن الإقليمي، علينا أن ننظر في مفهوم إسرائيل للأمن قبل السابع من أكتوبر وبعده، وكيف تغيّر، وهل لهذا التحوّل علاقة بمفهوم السلام المزعوم؟ العقيدة الأمنية الإسرائيلية قبل السابع من أكتوبر كانت قائمة على «إدارة التهديد» وردع الخصوم عبر التفوق العسكري والتكنولوجي والاستخباراتي، من دون التورط في مواجهات شاملة أو إعادة احتلال، كما في حالة غزة. أدوات هذه العقيدة كانت تشمل «الحدود الذكية»: جدراناً عازلة، حواجز، القبة الحديدية، استخبارات استباقية، ومستوطنات أمنية كما في غلاف غزة، إلى جانب الردع مع بقية دول الإقليم وحركاته المسلحة.
هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر مثّل اختراقاً أمنياً واستخباراتياً غير مسبوق، اقتلع هذه العقيدة من جذورها، وكشف أن الردع لم يعد يعمل، وأن الجدران الذكية لم تكن سوى أوهام. الانهيار التام خلال ساعات شكّل صدمة وجودية لإسرائيل، إذ اختُرقت السيادة، وقُتل مئات المستوطنين، وخُطفت عائلات من قلب «غلاف غزة»، الذي كان يُفترض أنه نموذج للأمن الإسرائيلي الناجح.
هذا اليوم نقل العقل الأمني الإسرائيلي من مفهوم «إدارة التهديد» إلى تدمير البنية التحتية وغزة كاملة، بما في ذلك البيئة الحاضنة لـ«حماس» من المدنيين العزل. هذا التحول هو الذي جعل من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بالنسبة لإسرائيل وقادتها «ضرورة أمنية» لا تحتمل المعايير القانونية؛ لذلك لا يلتفتون إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولا إلى الإبادة وجرائم الحرب.
لم تعد إسرائيل ترى الردع كافياً، ولا الاكتفاء بالحدود مقبولاً، بل تبنّت عقيدة أمنية تقوم على اجتثاث التهديد بالكامل، أي أنه لا يُدار بل يُزال، وهذا يشمل ليس فقط التنظيمات المسلحة، بل أيضاً البيئات السياسية والاجتماعية والسكانية التي تنتجها.
حين تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي السابق عن «الحيوانات البشرية» في غزة، لم يكن يعبر عن رأي شخصي بقدر ما كان يجسّد جوهر العقيدة الأمنية الجديدة: كما يمثل الرأي العام السائد داخل النخب الإسرائيلية بكل أطيافها. غزة ليست مجرد «خطر حدودي» بل خطر وجودي يجب القضاء عليه بالكامل، بما يشمل تهجير سكانها. الحرب الشاملة التي شنتها إسرائيل استهدفت البنية التحتية، والمجتمع المدني، والنظام الإداري والاقتصادي، وأعادت ترسيم خريطة القطاع ديموغرافياً وجغرافياً. انتهى عصر «الردع المتبادل»، وبدأ عصر «الإبادة الأمنية».
لكن ما معنى هذا التحول في مفهوم الأمن بالنسبة لنظرة إسرائيل إلى الإقليم؟ من السذاجة أن نعتقد أن هذه العقيدة ستُطبَّق فقط على غزة. ما يحدث هو تحوّل إلى عقيدة إقليمية جديدة. نتنياهو لم يكن يهذي حين تحدث عن شرق أوسط جديد، بل كان يعبِّر عن مشروع توسعة غلاف غزة ليشمل كل حدود إسرائيل ومحيطها الإقليمي. جنوباً، تطالب إسرائيل بإنشاء منطقة أمنية داخل سيناء تُراقب بآليات مشتركة لمنع التهريب. شرقاً، ترفض أي سيادة فلسطينية على غور الأردن. شمالاً، تريد منطقة منزوعة السلاح في جنوب لبنان إلى ما بعد الليطاني، سواء عبر اتفاق أو باستخدام القوة. أما سوريا، فنتنياهو طالب بعدم وجود قوات سورية جنوب دمشق.
وبعد الحرب الأخيرة التي استمرت اثني عشر يوماً مع إيران، اتضح أن مفهوم «غلاف غزة» لم يعد يخص غزة وحدها، بل أصبح يشمل المفاعلات النووية الإيرانية ومدى الصواريخ الإيرانية، كما ظهر في مطالب نتنياهو للإدارة الأميركية. غلاف إسرائيل الأمني الجديد بات يمتد لأكثر من ألف كيلومتر.
المفارقة الصارخة هنا هي أن إسرائيل وأميركا تسعيان للاندماج الاقتصادي في المنطقة، عبر اتفاقات تطبيع، ومشاريع طاقة، وشراكات تكنولوجية، في الوقت الذي تطبق فيه إسرائيل عقيدة أمنية انفصالية وعدوانية. تريد إسرائيل أن تكون شريكاً اقتصادياً للمنطقة، لكنها أمنياً تعد نفسها جسداً غريباً عنها. إسرائيل تريد السلام مع الشعوب دون أن تتعايش أمنياً معها. وهنا تكمن مفارقة الأمن الإسرائيلي الجديد.
ما تعلمناه من نظريات الأمن في أنظمة غير متكافئة، مثل منطقتنا هو أن الأمن الإقليمي لا يتحقق إلا بتسويات سياسية تشاركية، لا بالهيمنة أو النصر المطلق. الأمن المشترك يتطلب اعترافاً متبادلاً، وقبولاً جماعياً بمصادر التهديد، وتحديداً مشتركاً لأدوات الرد عليه. أما إسرائيل، في عقيدتها الجديدة، فهي تُعرّف التهديد وحدها، وتضع معايير الرد وحدها، وتُعيد رسم خرائط المنطقة وحدها. أصبح الرد على التهديد عندها هو بناء غلاف عازل مع كل الجوار، لا احتواءه بل إبادته، كما رأينا في غزة.
السؤال الآن: كيف نستطيع حلَّ هذه المعضلة مع إسرائيل؟ فهي من جهة تسعى كلامياً إلى السلام، ومن جهة أخرى تقيم الحواجز والأسلاك الشائكة حولها، ولا تكتفي بذلك بل إنَّها تستولي على أراضٍ أخرى بالقوة، ولا تريد أن تُرجع ما احتلته إلى أهله؟
العقيدة الأمنية الإسرائيلية الجديدة لا تصنع أمناً مشتركاً، بل تُكرّس منطق الحرب الدائمة والتدخل المستمر والردع الاستباقي.
«غلاف الإقليم»، الذي يمتد من غزة شمالاً إلى لبنان، وشرقاً إلى الأردن والعراق، وجنوباً إلى سيناء والبحر الأحمر، ليس استراتيجية دفاعية، بل مشروع هندسة أمنية عنيفة يعيد تشكيل الحدود والسيادة والوجود، دون توافق إقليمي أو إطار قانوني جامع.
هذا هو جوهر الشرق الأوسط الجديد في تصور نتنياهو، وهو تصور محكوم عليه بالفشل. من هنا، على العرب أن يصرّوا على الدولة الفلسطينية المستقلة كشرط للأمن الإقليمي الحقيقي، فهذا هو البديل العقلاني والوحيد لمشروع الشرق الأوسط المزعوم الذي تطرحه إسرائيل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 28 دقائق
- صحيفة سبق
استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على غزة وخان يونس
استشهد 8 فلسطينيين، وأصيب آخرون بجروح إثر غارات شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على غزة وخان يونس. وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، اليوم، باستشهاد 6 فلسطينيين، وإصابة نحو 44 آخرين، جراء استهدافهم أثناء انتظارهم استلام المساعدات في منطقة نتساريم وسط قطاع غزة، فيما استشهد فلسطينيان في قصف إسرائيلي على بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس جنوبي قطاع غزة.


صحيفة سبق
منذ 28 دقائق
- صحيفة سبق
مؤتمر حل الدولتين.. فرصة تاريخية لإحلال السلام المستدام في الشرق الأوسط
تتجه أنظار العالم نحو مقر الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم (الاثنين) حيث يتكثف الحراك الدبلوماسي لعقد المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حل الدولتين، في مسعى دولي حاسم لصياغة التزامات ملموسة نحو السلام، ويجتمع الفاعلون الرئيسيون لإحياء حل الدولتين، باعتباره المسار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء عقود من الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا الزخم المتجدد يتزامن مع تفاقم أزمة إنسانية كارثية في غزة واضطرابات إقليمية مستمرة، مما يفرض ضرورة إيجاد إطار لدولة فلسطينية مستقلة تعيش بأمان إلى جانب إسرائيل، بهدف تحقيق استقرار دائم في منطقة الشرق الأوسط المضطربة. دفع دبلوماسي ويشهد المجتمع الدولي حراكاً متصاعداً، مؤكداً أهمية حل الدولتين كركيزة للسلام المستدام، والمؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي يعقد على مدار ثلاثة أيام برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، يهدف لبلورة التزامات عملية تكفل قيام واستمرارية الدولة الفلسطينية، وهذه الرئاسة المشتركة بين قوة غربية وعضو مجلس أمن وقوة إقليمية عربية، تشير لسعي استراتيجي لتوحيد الجبهة الدولية، مما يمنح نتائج المؤتمر ثقلاً دبلوماسياً كبيراً، وفقًا لـ"أسوشيتد برس". وتتجاوز هذه الجهود مجرد الدعم اللفظي، لتحويل المبادئ إلى خطوات قابلة للتنفيذ، فالاتحاد الأوروبي أكد التزامه الثابت بحل الدولتين، متطلعاً لتعايش سلمي ودعم السلطة الفلسطينية، وهذا الإجماع المتزايد والتحالفات الاستراتيجية تعكس فهماً مشتركاً بأن الاستقرار الإقليمي مرتبط بشكل جوهري بحل القضية الفلسطينية، مما يعزز ديناميكية جماعية تضغط على الأطراف للانخراط بجدية. وفي تحول دبلوماسي بارز، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أربعة أيام، أن فرنسا ستعترف رسمياً بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، وهذا القرار، يؤكد التزام فرنسا التاريخي، وبذلك تصبح فرنسا أول دولة من مجموعة السبع وأكبر قوة غربية تعترف بفلسطين، لتنضم لأكثر من 140 دولة قامت بذلك بالفعل. وتوقيت إعلان ماكرون، المرتبط بتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، يًعد خطوة استراتيجية لممارسة الضغط، واعتراف فرنسا، كعضو في مجموعة السبع وعضو دائم في مجلس الأمن، يحمل ثقلاً كبيراً، وقد يشير لتحول في الموجه الغربية التقليدية، مما يشجع دولاً أخرى، وهذا التحرك قد يؤدي لتأثير الدومينو بين الدول الأوروبية ويزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسياً، ويحول الاعتراف بفلسطين لأداة دبلوماسية رئيسية تزيد النفوذ الدولي لحل الدولتين، ورغم إدانة إسرائيل للقرار، أوضح ماكرون أن فرنسا تدعم دولة فلسطينية دون حماس، مؤكداً على حق إسرائيل في السلام والأمن. وبلغ الوضع الإنساني في غزة مستويات كارثية، حيث تحذر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من مجاعة وشيكة، وتسارعت الوفيات المرتبطة بسوء التغذية بشكل كبير في يوليو 2025، بـ48 وفاة، ليرتفع الإجمالي لعام 2025 إلى 59، و113 منذ 2023 (81 منهم أطفال)، والمستشفيات غارقة بالأطفال الضعفاء، وأجسادهم تتوقف بسبب نقص العلاجات والغذاء، وهذا التسارع، إلى جانب الانخفاض الكبير في توزيع المساعدات، يشير إلى أن الأزمة قد تكون تكتيكاً مقصوداً، وليست مجرد نتيجة عرضية. ولا يزال إيصال المساعدات الإنسانية يتعرض لإعاقة شديدة بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي وانهيار القانون والنظام، فقد انخفض عدد الوجبات من مطابخ الإغاثة الخيرية من أكثر من مليون وجبة يومياً في أبريل إلى 160 ألف وجبة فقط، وتؤكد منظمات دولية، كبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة واللجنة الدولية للإنقاذ، أن 100 ألف امرأة وطفل يواجهون مستويات المجاعة، وهذا الوضع يقوض بشكل أساسي أي ادعاء بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي ويعقد جهود السلام، فإذا كان التجويع يُنظر إليه كنتيجة متعمدة، فإنه يقوض الثقة ويغذي الاستياء ويجعل أي تسوية سياسية مستقبلية أكثر صعوبة بشكل كبير. توقف المفاوضات ولا تزال مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس متعثرة، وتتسم بخلافات جوهرية أحبطت أي تقدم، فبالرغم من تقييم مبدئي من مسؤول إسرائيلي بأن الاقتراح الأخير لحماس كان قابلاً للتطبيق، إلا أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استدعى فريق التفاوض إلى إسرائيل لاحقاً، ويدور الجمود الأساسي حول مطالب حماس بالانسحاب الإسرائيلي الكامل وإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن، وهو شرط ترفضه إسرائيل، مصرة على ضرورة تخلي حماس عن السلطة ونزع سلاحها. وهذه الفجوة الأيديولوجية والأمنية العميقة تعني أنه حتى لو تم التوصل إلى هدنات مؤقتة، فإن السلام المستدام يظل بعيد المنال دون تحول جوهري في الأهداف أو فرض شروط خارجية، وإن التحول السريع من وصف الاقتراح بـ"القابل للتطبيق" إلى استدعاء المفاوضين وتحذير نتنياهو، يشير إلى أن التقييم الإيجابي ربما كان يتعلق بتفاصيل تكتيكية، بينما تظل المطالب الاستراتيجية الأساسية غير قابلة للتوفيق، انسحاب المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف من قطر للتشاور بسبب ما وصفه بـ"افتقار حماس للرغبة في التوصل إلى وقف إطلاق النار"، يسلط الضوء على الصعوبة الهائلة في تحقيق اختراق، مما يترك الأزمة الإنسانية تتفاقم. تحديات كبيرة وعلى الرغم من التحديات الهائلة، يظل المجتمع الدولي متمسكاً بالرأي القائل بأن قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل يمثل الحل الأكثر واقعية للصراع المستمر منذ قرن، ومع ذلك، فإن التقدم نحو هذه الرؤية يتعرض للتقويض المستمر بفعل تصاعد التوترات على الأرض، لا سيما الزيادة في عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، حيث أصيب 100 فلسطيني في يونيو 2025، وهو أعلى رقم خلال عقدين. وتتعالى الدعوات لإسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية، مع مخاوف من أن خططاً مثل البناء في منطقة E1 قد تقطع الاتصال بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، مما يعرض قابلية الدولة الفلسطينية المستقبلية للخطر فعلياً. وتمت دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193 دولة، لحضور الاجتماع، وتوقع دبلوماسي فرنسي حضور حوالي 40 وزيراً، وتبقى الولايات المتحدة وإسرائيل الوحيدتين اللتين تقاطعان الاجتماع، وقد وزع الرؤساء المشاركون وثيقة نتائج قابلة للتبني، وقد تشهد الفعاليات إعلانات عن نيات الاعتراف بدولة فلسطينية. وحث الأمين العام أنطونيو غوتيريش المشاركين بعد الإعلان عن الاجتماع على إبقاء حل الدولتين على قيد الحياة، وأكد أن المجتمع الدولي يجب ألا يقتصر على دعم حل تعيش فيه دولتان مستقلتان، فلسطين وإسرائيل، جنباً إلى جنب بسلام، بل يجب أن يحقق الظروف اللازمة لإنجاح ذلك، فهل ستنجح هذه الجهود الدبلوماسية في إحياء الأمل في سلام دائم بالمنطقة؟


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
سفير فلسطين لدى المملكة:دور المملكة الريادي تجاه القضية الفلسطينية امتداد أصيل لمواقفها التاريخية
أكد سفير دولة فلسطين لدى المملكة مازن غنيم أن الدور الريادي للمملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية امتداد أصيل لمواقفها التاريخية منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، الذي رسخ دعم فلسطين بصفتها قضية العرب والمسلمين الأولى. وقال: "نعرب في دولة فلسطين قيادةً وشعبًا عن تقديرنا العميق وامتناننا الكبير للموقف الثابت والداعم للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- تجاه القضية الفلسطينية، الذي تجلى مجددًا في إعلان صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية حول رئاسة المملكة بالشراكة مع الجمهورية الفرنسية للمؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حل الدولتين، الذي سيعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع. وأشار إلى أن المملكة جسّدت على الدوام الركيزة الأساسية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ودعم الجهود الدولية والعربية والإسلامية الهادفة إلى إنهاء الاحتلال، وتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، وقيام دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ونوه السفير الفلسطيني بما أكده سمو وزير الخارجية حول دعم المملكة للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، الذي أُطلق في سبتمبر 2024م بالشراكة مع مملكة النرويج والاتحاد الأوروبي، وعد هذا المؤتمر الدولي المرتقب في نيويورك فرصة مهمة للدفع قدمًا نحو تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتثبيت حقوقه غير القابلة للتصرف. وبين أن وقوف المملكة إلى جانب فلسطين اليوم، كما كانت بالأمس، هو عنوان للثبات والمروءة، وتجسيد لمعاني الأخوة الصادقة، وستظل بلاده وفية لهذا الدعم الكريم حتى يتحقق للشعب الفلسطيني حريته الكاملة في دولته المستقلة.