logo
التحديث الإداري في القطاع العام: ركيزة أساسية لتعزيز ثقة المواطن في القطاع الصحي

التحديث الإداري في القطاع العام: ركيزة أساسية لتعزيز ثقة المواطن في القطاع الصحي

الدستورمنذ 5 أيام
بقلم: الدكتور محمد حسن الطراونة،
عضو مجلس نقابة الأطباء
شهد الأردن حراكًا وطنيًا شاملًا نحو التحديث، بتوجيهات سديدة من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، والتي تجلت في رؤى واضحة للتحديث الاقتصادي والسياسي. إن هذه الرؤى الطموحة لا يمكن أن تكتمل أو تؤتي ثمارها المرجوة إلا بركيزة أساسية تدعمها وتقوّيها، ألا وهي التحديث الإداري في القطاع العام. وكما أكد جلالة الملك مرارًا، فإن المواطن الأردني هو محور أي عملية تحديث، ولن يلمس أثر هذا التحديث إلا إذا انعكس إيجابًا ومباشرة على جودة الخدمات الأساسية التي يتلقاها، وفي مقدمتها القطاع الصحي والتعليمي.
إن التحديث الإداري في القطاع العام، بجميع محاوره الطموحة، يسعى لبناء قطاع عام عصري وفعّال، يستند إلى الكفاءة، والحوكمة، والشفافية، وإعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة من خلال خدمات حكومية مرنة وذات جودة عالية. إن هذا التوجه ليس مقتصرًا على الجوانب الفنية والإدارية، بل يمثل تحولًا ثقافيًا مؤسسيًا يتطلب تغييرًا في أسلوب التفكير الوظيفي، ويقوم على تبسيط الإجراءات، وتوسيع التحول الرقمي، وتمكين القيادات، وربط التقييم الوظيفي بالأداء والنتائج، بدلًا من الأقدمية وحدها. إن هذا هو بالضبط ما نطمح إليه في جميع القطاعات، وعلى رأسها القطاع الصحي.
القطاع الصحي: قلب التحديث الإداري الذي يلامس حياة المواطن
لا يخفى على أحد أن القطاع الصحي يمثل شريان الحياة للمواطن، وأي تحسين في خدماته ينعكس مباشرة على جودة حياة الأفراد والأسر. إن التحديث الإداري في هذا القطاع الحيوي ليس مجرد إجراءات شكلية، بل هو تحوّل ثقافي ومؤسسي يهدف إلى تبسيط الإجراءات المعقدة، وتسريع وتيرة التحول الرقمي، وتمكين الكوادر الطبية والإدارية، وربط التقييم الوظيفي بالأداء والنتائج الملموسة بدلًا من الاعتماد على الأقدمية فقط.
كيف يمكننا تحقيق ذلك في القطاع الصحي؟
* تبسيط الإجراءات وتوحيدها: كم من الوقت والجهد يهدره المواطن في المستشفيات والمراكز الصحية بسبب الإجراءات الورقية المعقدة أو المتطلبات المتكررة؟ يجب أن تعمل خطة التحديث الإداري على رقمنة الملفات الطبية، وتوحيد قواعد البيانات، وتبسيط مسارات تلقي الخدمة بدءًا من تسجيل الدخول وحتى الحصول على العلاج والخروج، مما يقلل الانتظار ويزيد من فعالية الخدمة.
* التوسع في التحول الرقمي: لم يعد التحول الرقمي خيارًا، بل ضرورة ملحة. في القطاع الصحي، يعني ذلك تطوير أنظمة معلومات صحية متكاملة تربط المستشفيات بالمراكز الأولية وبالصيدليات، وتمكّن الأطباء من الوصول السريع والآمن إلى سجلات المرضى، وتتيح للمواطنين حجز المواعيد واستعراض نتائج الفحوصات إلكترونيًا. هذا من شأنه أن يوفر الوقت، ويقلل الأخطاء، ويحسن جودة الرعاية.
* تمكين الكفاءات الطبية والإدارية: لا يمكن لأي خطة تحديث أن تنجح دون الاستثمار في العنصر البشري. يجب أن تركز الخطة على التدريب المستمر للكوادر الطبية والإدارية في القطاع الصحي، وتعزيز مهاراتهم في استخدام التقنيات الحديثة، وتزويدهم بالأدوات اللازمة لأداء مهامهم بكفاءة. كما يجب تمكين القيادات في المستشفيات والمراكز الصحية لاتخاذ القرارات بمرونة أكبر، بما يخدم مصلحة المريض.
* ربط التقييم بالأداء والنتائج: لضمان تحسين مستمر في جودة الخدمة، يجب أن يكون التقييم الوظيفي في القطاع الصحي مرتبطًا بشكل وثيق بمؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والنتائج الملموسة. على سبيل المثال، يمكن تقييم فعالية الأطباء والممرضين بناءً على معدلات شفاء المرضى، أو رضا المرضى، أو كفاءة استخدام الموارد، وليس فقط على عدد سنوات الخدمة. هذا يخلق بيئة تنافسية صحية تشجع على التميز.
* تعزيز ثقافة الأداء والمساءلة: يجب أن تُرسخ خطة التحديث الإداري ثقافة عمل جديدة ترتكز على الأداء المتميز، والمساءلة، والشفافية. عندما يشعر كل فرد في المنظومة الصحية بمسؤوليته تجاه جودة الخدمة المقدمة، ويدرك أن أدائه سيُقيّم بناءً على ذلك، فإن ذلك سينعكس إيجابًا على كامل المنظومة.
إن إشراك المواطنين في تقييم الخدمة العامة من خلال شراكة حقيقية مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، هي نقطة جوهرية، خاصة في القطاع الصحي. فالمواطن هو المستفيد الأول من هذه الخدمات، وملاحظاته وتطلعاته يجب أن تكون البوصلة التي توجه عملية التحديث. على نقابة الأطباء، ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالصحة، والقطاع الخاص، أن تلعب دورًا فاعلًا في هذه الشراكة، لتقديم رؤى عملية ومقترحات بناءة تخدم تطوير القطاع الصحي.
إن التحديث الإداري ليس رفاهية، بل هو ضرورة ملحة لبناء دولة حديثة قادرة على تلبية تطلعات مواطنيها. في القطاع الصحي، هذا التحديث يعني رعاية أفضل، وصول أسهل، وثقة أكبر بين المواطن ومؤسساته الصحية. إن تحقيق هذه الرؤية الملكية السامية يتطلب تضافر الجهود والعمل جنبًا إلى جنب بين الحكومة وكافة الأطراف المعنية لضمان أن يلمس المواطن الأردني الأثر الإيجابي والواضح للتحديث الإداري في قطاعه الصحي، مما يعزز ثقته بمؤسسات دولته ويسهم في بناء مستقبل صحي مزدهر لأردننا الحبيب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الطراونة : اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية
الطراونة : اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية

وطنا نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • وطنا نيوز

الطراونة : اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية

وطنا اليوم:حذر رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية واستشاري الأمراض الصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة من تصاعد ملحوظ في نسب الاعتلالات التنفسية المزمنة بين النساء في الأردن مؤكدا أنها تتجاوز المعدلات العالمية. وأضاف في تصريح أن هذا التصاعد الملحوظ يأتي في ظل ارتفاع معدلات التدخين بين الإناث، واستمرار التعرض اليومي لتلوث الهواء داخل المنازل. وبين الطراونة أن النساء الأردنيات سواء كن مدخنات أو غير مدخنات، يواجهن خطرا متناميا لأمراض الرئة المزمنة، ما يتطلب استجابة صحية عاجلة ونهجا وقائيا شاملا، تأخذ بعين الاعتبار الفروقات البيولوجية والاجتماعية الخاصة بالمرأة. واعتبر أن النساء في الأردن يواجهن عوامل خطورة مزدوجة على صحة الجهاز التنفسي، تبدأ من ارتفاع معدلات التدخين بين الفتيات والنساء، مرورا بالتعرض لتلوث الهواء داخل المنازل الناتج عن الطهي بوسائل بدائية، وانتهاء بضعف التشخيص أو التأخر في الوصول إلى العلاج المناسب. ونوه إلى أن الانتشار الملحوظ لأمراض الجهاز التنفسي المزمنة لدى النساء في الأردن، وخصوصا الانسداد الرئوي المزمن والربو، يجب أن يدق ناقوس الخطر، مشيرا إلى وجود نساء غير مدخنات يعانين من أمراض رئة مزمنة بسبب بيئات منزلية غير صحية. وأكد الطراونة أن الجهاز التنفسي لدى النساء يختلف من الناحية التشريحية والوظيفية عن الرجال، مما يجعل بعض العلاجات أقل فعالية إن لم تصمم وفق هذا الاختلاف. وتابع بأن رئتا النساء أصغر حجما، وممرات الهواء لديهن تختلف في الشكل والقطر، مما يؤثر على طريقة استجابتهن للأدوية، لكن للأسف لا تزال معظم الدراسات السريرية تجرى على الرجال، ويتم تعميم نتائجها على النساء، وهذا خلل علمي يجب تصحيحه. ولفت إلى إن الربو يصيب النساء بنسبة أعلى من الرجال بعد سن 35، حيث تلعب التغيرات الهرمونية دورا مباشرا في تذبذب الحالة، خاصة خلال الحمل والدورة الشهرية، بالإضافة إلى التعرض للمواد الكيميائية في مستحضرات التجميل، إضافة إلى السمنة والتوتر النفسي، كلها عوامل تفاقم الأعراض. وشدد الطراونة على أن مرض الانسداد الرئوي المزمن لم يعد حكرا على الرجال، بل أصبح أكثر شيوعا بين النساء، بنسبة 6.7% مقارنة بـ 5.5% لدى الذكور، وغالبا ما تظهر الأعراض لدى الإناث في سن مبكرة وبشدة أكبر. وأشار إلى أن النساء يواجهن صعوبات أكبر في الإقلاع عن التدخين، ويظهرن استجابة أقل للعلاج في ظل وجود اكتئاب أو قلق مزمن. وعن توقف التنفس أثناء النوم، لفت إلى أن النساء بعد انقطاع الطمث أكثر عرضة لهذه المتلازمة، وأن الأعراض تختلف عن الرجال، مما يؤدي إلى سوء التشخيص. أما بالنسبة لسرطان الرئة، بين الطراونة أنه يشهد ارتفاعا مقلقا بين النساء، رغم أن غالبية الحالات المسجلة في الأردن تصيب غير المدخنات، موضحا أن العوامل الهرمونية وتلوث الهواء تمثلان عوامل خطورة خفية. كما شدد على أن السل الرئوي لا يزال من الأسباب المعدية الرئيسية لوفيات النساء، خاصة في الفئة العمرية 15- 44 عاما، مما يعكس الحاجة إلى تقوية برامج الفحص والرصد المجتمعي. وقال 'أن العديد من النساء يتعرضن لمواد مهيجة داخل منازلهن بسبب استخدام الحطب أو الفحم أو الغاز في بيئة غير جيدة التهوية، كما أن بيئات العمل التي تكثر فيها النساء مثل المختبرات والمصانع والقطاع الصحي، تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض تنفسية مزمنة'. واعتبر أن المخاطر اليومية التي تواجهها المرأة الأردنية في منزلها أو مكان عملها لا تقل عن ضرر التدخين المباشر، ويجب وضعها ضمن سياسات الوقاية الصحية الوطنية. وأوصى الطراونة بإطلاق حملات توعية خاصة بالنساء حول أعراض أمراض الجهاز التنفسي، و تشجيع الفحص المبكر وتحسين أدوات التشخيص المراعية للفروقات البيولوجية، و تصميم بروتوكولات علاج تأخذ في الحسبان مراحل الحياة الهرمونية لدى المرأة. ودعا أيضا إلى دمج النساء في الدراسات السريرية الخاصة بالأدوية التنفسية، و دعم برامج الإقلاع عن التدخين الموجهة للنساء والفتيات، ناهيك عن تحسين بيئة العمل والمنزل عبر التهوية والتوعية ببدائل آمنة للطهي والتدفئة، وتدريب الكوادر الطبية على التواصل الفعّال مع المريضات لكسر حاجز الوصمة أو التردد. وأكد الطراونة أنه ليس من الطبيعي أن تعاني النساء بصمت من أمراض الجهاز التنفسي، وأن تعالج وكأنهن رجال، وعلى النظام الصحي في الأردن أن يعيد النظر في كيفية فهم ورعاية النساء المصابات، وأن يضع في الحسبان أن التنفس حق وليس امتيازا.

د. الطراونة : اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية
د. الطراونة : اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية

أخبارنا

timeمنذ 2 أيام

  • أخبارنا

د. الطراونة : اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية

أخبارنا : حذر رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية واستشاري الأمراض الصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة من تصاعد ملحوظ في نسب الاعتلالات التنفسية المزمنة بين النساء في الأردن مؤكدا أنها تتجاوز المعدلات العالمية. وأضاف في تصريح أن هذا التصاعد الملحوظ يأتي في ظل ارتفاع معدلات التدخين بين الإناث، واستمرار التعرض اليومي لتلوث الهواء داخل المنازل. وبين الطراونة أن النساء الأردنيات سواء كن مدخنات أو غير مدخنات، يواجهن خطرا متناميا لأمراض الرئة المزمنة، ما يتطلب استجابة صحية عاجلة ونهجا وقائيا شاملا، تأخذ بعين الاعتبار الفروقات البيولوجية والاجتماعية الخاصة بالمرأة. واعتبر أن النساء في الأردن يواجهن عوامل خطورة مزدوجة على صحة الجهاز التنفسي، تبدأ من ارتفاع معدلات التدخين بين الفتيات والنساء، مرورا بالتعرض لتلوث الهواء داخل المنازل الناتج عن الطهي بوسائل بدائية، وانتهاء بضعف التشخيص أو التأخر في الوصول إلى العلاج المناسب. ونوه إلى أن الانتشار الملحوظ لأمراض الجهاز التنفسي المزمنة لدى النساء في الأردن، وخصوصا الانسداد الرئوي المزمن والربو، يجب أن يدق ناقوس الخطر، مشيرا إلى وجود نساء غير مدخنات يعانين من أمراض رئة مزمنة بسبب بيئات منزلية غير صحية. وأكد الطراونة أن الجهاز التنفسي لدى النساء يختلف من الناحية التشريحية والوظيفية عن الرجال، مما يجعل بعض العلاجات أقل فعالية إن لم تصمم وفق هذا الاختلاف. وتابع بأن رئتا النساء أصغر حجما، وممرات الهواء لديهن تختلف في الشكل والقطر، مما يؤثر على طريقة استجابتهن للأدوية، لكن للأسف لا تزال معظم الدراسات السريرية تجرى على الرجال، ويتم تعميم نتائجها على النساء، وهذا خلل علمي يجب تصحيحه. ولفت إلى إن الربو يصيب النساء بنسبة أعلى من الرجال بعد سن 35، حيث تلعب التغيرات الهرمونية دورا مباشرا في تذبذب الحالة، خاصة خلال الحمل والدورة الشهرية، بالإضافة إلى التعرض للمواد الكيميائية في مستحضرات التجميل، إضافة إلى السمنة والتوتر النفسي، كلها عوامل تفاقم الأعراض. وشدد الطراونة على أن مرض الانسداد الرئوي المزمن لم يعد حكرا على الرجال، بل أصبح أكثر شيوعا بين النساء، بنسبة 6.7% مقارنة بـ 5.5% لدى الذكور، وغالبا ما تظهر الأعراض لدى الإناث في سن مبكرة وبشدة أكبر. وأشار إلى أن النساء يواجهن صعوبات أكبر في الإقلاع عن التدخين، ويظهرن استجابة أقل للعلاج في ظل وجود اكتئاب أو قلق مزمن. وعن توقف التنفس أثناء النوم، لفت إلى أن النساء بعد انقطاع الطمث أكثر عرضة لهذه المتلازمة، وأن الأعراض تختلف عن الرجال، مما يؤدي إلى سوء التشخيص. أما بالنسبة لسرطان الرئة، بين الطراونة أنه يشهد ارتفاعا مقلقا بين النساء، رغم أن غالبية الحالات المسجلة في الأردن تصيب غير المدخنات، موضحا أن العوامل الهرمونية وتلوث الهواء تمثلان عوامل خطورة خفية. كما شدد على أن السل الرئوي لا يزال من الأسباب المعدية الرئيسية لوفيات النساء، خاصة في الفئة العمرية 15- 44 عاما، مما يعكس الحاجة إلى تقوية برامج الفحص والرصد المجتمعي. وقال "أن العديد من النساء يتعرضن لمواد مهيجة داخل منازلهن بسبب استخدام الحطب أو الفحم أو الغاز في بيئة غير جيدة التهوية، كما أن بيئات العمل التي تكثر فيها النساء مثل المختبرات والمصانع والقطاع الصحي، تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض تنفسية مزمنة'. واعتبر أن المخاطر اليومية التي تواجهها المرأة الأردنية في منزلها أو مكان عملها لا تقل عن ضرر التدخين المباشر، ويجب وضعها ضمن سياسات الوقاية الصحية الوطنية. وأوصى الطراونة بإطلاق حملات توعية خاصة بالنساء حول أعراض أمراض الجهاز التنفسي، و تشجيع الفحص المبكر وتحسين أدوات التشخيص المراعية للفروقات البيولوجية، و تصميم بروتوكولات علاج تأخذ في الحسبان مراحل الحياة الهرمونية لدى المرأة. ودعا أيضا إلى دمج النساء في الدراسات السريرية الخاصة بالأدوية التنفسية، و دعم برامج الإقلاع عن التدخين الموجهة للنساء والفتيات، ناهيك عن تحسين بيئة العمل والمنزل عبر التهوية والتوعية ببدائل آمنة للطهي والتدفئة، وتدريب الكوادر الطبية على التواصل الفعّال مع المريضات لكسر حاجز الوصمة أو التردد. وأكد الطراونة أنه ليس من الطبيعي أن تعاني النساء بصمت من أمراض الجهاز التنفسي، وأن تعالج وكأنهن رجال، وعلى النظام الصحي في الأردن أن يعيد النظر في كيفية فهم ورعاية النساء المصابات، وأن يضع في الحسبان أن التنفس حق وليس امتيازا.

الطراونة: اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية
الطراونة: اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية

الدستور

timeمنذ 2 أيام

  • الدستور

الطراونة: اعتلالات التنفس لدى نساء الأردن تتجاوز النسب العالمية

عمان - الدستور حذر رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية واستشاري الأمراض الصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة، من تصاعد ملحوظ في نسب الاعتلالات التنفسية المزمنة بين النساء في الأردن مؤكدا أنها تتجاوز المعدلات العالمية. وأضاف في تصريح أن هذا التصاعد الملحوظ يأتي في ظل ارتفاع معدلات التدخين بين الإناث، واستمرار التعرض اليومي لتلوث الهواء داخل المنازل. وبين الطراونة أن النساء الأردنيات سواء كن مدخنات أو غير مدخنات، يواجهن خطرا متناميا لأمراض الرئة المزمنة، ما يتطلب استجابة صحية عاجلة ونهجا وقائيا شاملا، تأخذ بعين الاعتبار الفروقات البيولوجية والاجتماعية الخاصة بالمرأة. واعتبر أن النساء في الأردن يواجهن عوامل خطورة مزدوجة على صحة الجهاز التنفسي، تبدأ من ارتفاع معدلات التدخين بين الفتيات والنساء، مرورا بالتعرض لتلوث الهواء داخل المنازل الناتج عن الطهي بوسائل بدائية، وانتهاء بضعف التشخيص أو التأخر في الوصول إلى العلاج المناسب. ونوه إلى أن الانتشار الملحوظ لأمراض الجهاز التنفسي المزمنة لدى النساء في الأردن، وخصوصا الانسداد الرئوي المزمن والربو، يجب أن يدق ناقوس الخطر، مشيرا إلى وجود نساء غير مدخنات يعانين من أمراض رئة مزمنة بسبب بيئات منزلية غير صحية. وأكد الطراونة أن الجهاز التنفسي لدى النساء يختلف من الناحية التشريحية والوظيفية عن الرجال، مما يجعل بعض العلاجات أقل فعالية إن لم تصمم وفق هذا الاختلاف. وتابع بأن رئتا النساء أصغر حجما، وممرات الهواء لديهن تختلف في الشكل والقطر، مما يؤثر على طريقة استجابتهن للأدوية، لكن للأسف لا تزال معظم الدراسات السريرية تجرى على الرجال، ويتم تعميم نتائجها على النساء، وهذا خلل علمي يجب تصحيحه. ولفت إلى إن الربو يصيب النساء بنسبة أعلى من الرجال بعد سن 35، حيث تلعب التغيرات الهرمونية دورا مباشرا في تذبذب الحالة، خاصة خلال الحمل والدورة الشهرية، بالإضافة إلى التعرض للمواد الكيميائية في مستحضرات التجميل، إضافة إلى السمنة والتوتر النفسي، كلها عوامل تفاقم الأعراض. وشدد الطراونة على أن مرض الانسداد الرئوي المزمن لم يعد حكرا على الرجال، بل أصبح أكثر شيوعا بين النساء، بنسبة 6.7% مقارنة بـ 5.5% لدى الذكور، وغالبا ما تظهر الأعراض لدى الإناث في سن مبكرة وبشدة أكبر. وأشار إلى أن النساء يواجهن صعوبات أكبر في الإقلاع عن التدخين، ويظهرن استجابة أقل للعلاج في ظل وجود اكتئاب أو قلق مزمن. وعن توقف التنفس أثناء النوم، لفت إلى أن النساء بعد انقطاع الطمث أكثر عرضة لهذه المتلازمة، وأن الأعراض تختلف عن الرجال، مما يؤدي إلى سوء التشخيص. أما بالنسبة لسرطان الرئة، بين الطراونة أنه يشهد ارتفاعا مقلقا بين النساء، رغم أن غالبية الحالات المسجلة في الأردن تصيب غير المدخنات، موضحا أن العوامل الهرمونية وتلوث الهواء تمثلان عوامل خطورة خفية. كما شدد على أن السل الرئوي لا يزال من الأسباب المعدية الرئيسية لوفيات النساء، خاصة في الفئة العمرية 15- 44 عاما، مما يعكس الحاجة إلى تقوية برامج الفحص والرصد المجتمعي. وقال 'إن العديد من النساء يتعرضن لمواد مهيجة داخل منازلهن بسبب استخدام الحطب أو الفحم أو الغاز في بيئة غير جيدة التهوية، كما أن بيئات العمل التي تكثر فيها النساء مثل المختبرات والمصانع والقطاع الصحي، تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض تنفسية مزمنة'. واعتبر أن المخاطر اليومية التي تواجهها المرأة الأردنية في منزلها أو مكان عملها لا تقل عن ضرر التدخين المباشر، ويجب وضعها ضمن سياسات الوقاية الصحية الوطنية. وأوصى الطراونة بإطلاق حملات توعية خاصة بالنساء حول أعراض أمراض الجهاز التنفسي، و تشجيع الفحص المبكر وتحسين أدوات التشخيص المراعية للفروقات البيولوجية، و تصميم بروتوكولات علاج تأخذ في الحسبان مراحل الحياة الهرمونية لدى المرأة. ودعا أيضا إلى دمج النساء في الدراسات السريرية الخاصة بالأدوية التنفسية، و دعم برامج الإقلاع عن التدخين الموجهة للنساء والفتيات، ناهيك عن تحسين بيئة العمل والمنزل عبر التهوية والتوعية ببدائل آمنة للطهي والتدفئة، وتدريب الكوادر الطبية على التواصل الفعّال مع المريضات لكسر حاجز الوصمة أو التردد. وأكد الطراونة أنه ليس من الطبيعي أن تعاني النساء بصمت من أمراض الجهاز التنفسي، وأن تعالج وكأنهن رجال، وعلى النظام الصحي في الأردن أن يعيد النظر في كيفية فهم ورعاية النساء المصابات، وأن يضع في الحسبان أن التنفس حق وليس امتيازا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store