logo
الجامعات والتوازن المكاني في الرياض

الجامعات والتوازن المكاني في الرياض

الرياضمنذ يوم واحد
إعادة توزيع الجامعات في مدينة كبرى مثل الرياض لم تعد فكرة تنظيرية، بل هي خطوة استراتيجية تحتاج إلى تخطيط طويل الأمد وإرادة تنفيذية. فبناء مدينة متوازنة يتطلب الاعتدال المكاني وتوزيع الخدمات، وعلى رأسها التعليم، حيث إن تهيئة بيئة تعليمية مريحة، قريبة، وفعالة، ستنعكس ليس على أداء الطلبة والأساتذة فقط، بل على نسيج المدينة الحضري والاقتصادي والنفسي أيضًا.
تشهد العاصمة الرياض توسعًا عمرانيًا غير مسبوق، يصاحبه تنامي في أعداد السكان والخدمات والمرافق، إلا أن هذا التوسع يراه الكثير غير متوازن، وخاصة في ما يتعلق بالمنشآت التعليمية الكبرى مثل الجامعات، التي تتركز معظمها في الجهة الشمالية من المدينة، مما يفرض واقعًا مروريًا خانقًا على باقي الاتجاهات، ويصنع حالة من الضغط اليومي المتكرر على شبكة الطرق. فالطلاب والطالبات القادمون من الجنوب والغرب والشرق، يقطعون مسافات طويلة يوميًا للوصول إلى مقاعد الدراسة، الأمر الذي ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية والبدنية، ويستهلك الكثير من وقتهم وجهدهم، فضلاً عن الأثر الاقتصادي والبيئي المترتب على حركة السير اليومية المكثفة.
نعم، قد تكون أسباب هذا التمركز مرتبطة بعوامل معينة أو توفر الأراضي في فترات سابقة، إلا أن الواقع الحالي بات يتطلب إعادة النظر في الخريطة التعليمية للعاصمة، بما يواكب التحول العمراني والتنمية الشاملة في رؤية المملكة 2030، حيث يصعب أن تستمر معظم الجامعات الكبرى في الجهة الشمالية بينما تتسع المدينة في كل اتجاه.
إن هذا التمركز في شمالي الرياض لم يعد مناسبًا للواقع الحضري الجديد للعاصمة، فقد تجاوزت الرياض كونها مدينة أحادية الاتجاه، وأصبحت تمتد عمرانيًا واجتماعيًا نحو الشرق والجنوب والغرب، ما يتطلب التوازن المكاني.
ولا شك أن فكرة توزيع الجامعات على جهات الرياض الأربع (الشمالية، والجنوبية، والوسط والشرقية، والغربية) ليست رفاهية تنظيمية، بل ضرورة حضرية واقتصادية. فكل جهة من جهات الرياض تستحق أن تحوي منشآت تعليمية متكاملة، تشكل نواة للبحث العلمي، ومحركًا للحراك الاقتصادي والاجتماعي، وتخفف الضغط عن بقية الجهات.
ولعل فوائد التوزيع الجغرافي للجامعات قد تتمثل في:
تخفيف الزحام المروري: فتوزيع الجامعات بحول الله سيقلل من حركة التنقل الطويل بين الأطراف، مما ينعكس إيجابًا على مستوى السيولة المرورية في المدينة.
تحفيز التنمية الاقتصادية: حيث إن وجود جامعة في كل جهة سيساهم في جذب الاستثمارات التجارية والسكنية حولها، مما يعيد تشكيل النسيج الحضري ويخلق فرصًا وظيفية.
تحسين جودة الحياة عبر تقليص وقت التنقل اليومي سيمنح الطلاب والأساتذة توازنًا نفسيًا وبدنيًا، ويعزز من إنتاجيتهم الأكاديمية والمهنية.
نشر الثقافة والمعرفة: الجامعات ليست مؤسسات تعليمية فقط، بل منصات فكرية وثقافية، توزيعها يعزز من التفاعل الثقافي في مختلف مناطق الرياض.
ويمكن القول إن هناك ما يمكن أن يكون مقترحات لحلول عملية تتركز في:
تأسيس أفرع جديدة للجامعات القائمة: يمكن للجامعات الكبرى إنشاء أفرع ذكية موزعة في الجهات المختلفة، تستوعب تخصصات محددة، مع إمكانية التنقل بين المقرات بالتقنيات التواصلية الحديثة أو التعليم المدمج.
نقل الكليات النظرية أو التخصصات الأقل احتياجًا للمختبرات: بحيث تكون في أفرع أكثر قربًا للطلاب، مما يخفف الضغط على المقرات الرئيسة.
تنظيم جداول تنقل الأساتذة: من خلال ربطهم بنظام دوام أسبوعي مرن يسمح بتوزيع المحاضرات بحسب المواقع، بما لا يرهقهم أو يثقل كاهلهم بالسفر اليومي.
تحفيز إنشاء جامعات أهلية جديدة في المناطق الطرفية: بدعم من الدولة أو بالشراكة مع القطاع الخاص، يمكن أن تملأ هذه المؤسسات الفجوة وتخلق بيئة تعليمية متكاملة.
ربط الجامعات الجديدة بوسائل النقل العام، مثل: مشروع المترو أو الحافلات الذكية، لسهولة الوصول وتشجيع الطلبة على استخدام وسائل النقل الجماعي.
ويبقى القول: إن إعادة توزيع الجامعات في مدينة كبرى مثل الرياض لم تعد فكرة تنظيرية، بل هي خطوة استراتيجية تحتاج إلى تخطيط طويل الأمد وإرادة تنفيذية. فبناء مدينة متوازنة يتطلب الاعتدال المكاني وتوزيع للخدمات، وعلى رأسها التعليم، حيث إن تهيئة بيئة تعليمية مريحة، قريبة، وفعالة، ستنعكس ليس على أداء الطلبة والأساتذة فقط، بل على نسيج المدينة الحضري والاقتصادي والنفسي أيضًا، لذلك ربما يكون الآن هو الوقت المناسب لصياغة "خريطة مكانية تعليمية جديدة" لعاصمة المستقبل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تجارب تعليم رائدة .. كيف تعمل المدارس في إندونيسيا على إعداد الطلاب للعصر الرقمي؟
تجارب تعليم رائدة .. كيف تعمل المدارس في إندونيسيا على إعداد الطلاب للعصر الرقمي؟

أرقام

timeمنذ 8 ساعات

  • أرقام

تجارب تعليم رائدة .. كيف تعمل المدارس في إندونيسيا على إعداد الطلاب للعصر الرقمي؟

تواجه إندونيسيا تحديًا حاسمًا يتمثل في تطوير نظامها التعليمي من خلال تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة للنجاح في العصر الحالي، ورغم التقدم الذي أحرزته إلا أن النظام لا يزال يواجه تحديات منها نقص المعلمين والتوزيع غير المتكافئ للمعلمين، والأساليب التقليدية التي تحد من الإبداع ومهارات التفكير النقدي. تمثل إندونيسيا رابع أكبر نظام تعليمي في العالم مع 60 مليون طالب، وأكثر من 300 ألف مدرسة، وما يزيد على 3 ملايين معلم، وبالتالي فإن إدخال التكنولوجيا في المدارس ليس اختياريًا، وبالفعل أعدت الحكومة الإطار الأكاديمي والمنهج الدراسي للمواد الجديدة وبدأت تدريب المعلمين في أنحاء البلاد. ثورة في التعليم تعد إندونيسيا مبادرة لإدخال البرمجة والذكاء الاصطناعي كمادتين اختياريتين في المدارس الابتدائية والثانوية بداية من العام الدراسي المقبل 2025-2026، فلا تقتصر فقط على إمكانية تطوير مهارات التفكير النقدي والحساب لدى الأطفال، بل تعدهم أيضًا للعصر الرقمي مع تزايد حاجة البلاد للمواهب الرقمية. مقارنة مع الصين يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في التعليم عن طريق منصات التعلم المخصصة، وأنظمة التدريس الذكية والتقييم وتقديم الملاحظات الآلية لكن تعتبر تلك الخطوة من إندونيسيا متأخرة نسبيًا، نظرًا لتبني دول منها الصين مبادرات مماثلة قائمة منذ عقود، وحققت تطورات قبل سنوات من اكتساب أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" اهتمامًا عالميًا في 2023. تحديات راهنة رغم إقرار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بجهود إندونيسيا في التحول الرقمي، إلا أنه لا تزال هناك فجوة كبيرة بين النتائج الحالية وتطلعات البلاد، في ظل تحديات كبيرة خاصة في ضمان الوصول العادل إلى الإنترنت في كافة المدارس. تحول دور المعلمين من التحديات الأخرى التي تواجه تلك الخطة هو مدى استعداد المعلمين وتفاوت المهارات التقنية بينهم وبين الطلاب، لأنه في الكثير من الحالات يشعر المعلمون أن طلابهم أكثر كفاءة في استخدام التكنولوجيا، وبالتالي لم يعد المعلمون المصدر الوحيد للمعرفة، بل أصبحوا ميسرين لعملية تعلم متطورة. كيفية التنفيذ يمكن للمدارس التي تتوافر بها بنية تحتية قائمة مثل مختبرات الوسائط المتعددة أو شبكة إنترنت موثوقة استخدام الأجهزة اللوحية والحواسب المحمولة للتعلم التفاعلي، أما المدارس التي لا تتوافر بها تلك الإمكانات فستوفر الحكومة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، فضلا عن الاعتماد على نهج تعليمي دون أجهزة رقمية من خلال ألعاب تعليمية مثل "ليجو". تجربة واقعية كانت إحدى المدارس الابتدائية الواقعة في نوسانتارا من بين أول المبادرين بتطبيق البرنامج، إذ بدأت بتقديم مفاهيم الذكاء الاصطناعي والبرمجة للطلاب دون تعيين مدرسين متخصصين، مع خطط للتطبيق بشكل أوسع نطاقًا مع بدء الفصل الدراسي الجديد، ولدعم الخطوة جهزت منشآتها بمخبر حاسوب يضم 30 جهازًا. أهداف أوضح "وينر جهاد أكبر" المسؤول بوزارة التعليم الإندونيسية أنه من خلال إتقان المهارات التقنية يتوقع من الطلاب ليس فقط مواجهة الثورة الصناعية المستمرة بل الاستعداد ليصبحوا قادة التكنولوجيا المستقبليين في إندونيسيا، من خلال تطور مهارات التفكير الحسابي، وحل المشكلات بشكل منهجي. تنضم إندونيسيا إلى عدد متزايد من الدول التي تدمج الذكاء الاصطناعي والمعرفة الرقمية في المناهج الدراسية، مع سعيها لتلبية متطلبات القوى العاملة المتطورة، لذلك لم يعد نظامها التعليمي يعتمد على الأساليب التقليدية بل بدأ الاستعداد لمستقبل ذكي.

لماذا نحتاج إلى ذكاء اصطناعي بلسان سعودي؟
لماذا نحتاج إلى ذكاء اصطناعي بلسان سعودي؟

العربية

timeمنذ 8 ساعات

  • العربية

لماذا نحتاج إلى ذكاء اصطناعي بلسان سعودي؟

في سباق عالمي محموم على امتلاك مفاتيح الذكاء الاصطناعي، باتت بعض الدول تتحرك بسرعة البرق لتطوير نماذجها الوطنية، مدركة أن هذه التقنية لم تعد مجرد أداة برمجية، بل سلاح ناعم يغيّر موازين القوى، ويحمي أو يهدّد أمنها المعرفي والاقتصادي والثقافي. وفي هذا السباق، لا ينتظر أحد من يتأخر... فالفرص تضيع، والمكانة تُحجز للأسرع والأجرأ. الاعتماد على منصات ذكاء اصطناعي أجنبية مفتوحة يضعنا أمام معادلة خطيرة: بياناتنا ومحتوياتنا الوطنية تُدار من خارج حدودنا، وتخضع لقوانين ومعايير لا نشارك في صياغتها، ولا نعرف على وجه اليقين كيف تُخزّن أو تُستخدم لاحقاً. الأسوأ من ذلك أن هذه النماذج، مهما بلغت قوتها التقنية، لا تفهم السياق السعودي بكل تفاصيله: لا في اللغة، ولا في الثقافة، ولا في الأنظمة، ما قد ينتج عنه مخرجات غير دقيقة أو غير ملائمة. على المدى البعيد، استمرار هذا الوضع يعني أننا نُعمّق تبعيتنا التقنية، ونسمح بتسرّب المعرفة الوطنية إلى خارج بيئتها، ونخاطر بأن تُبنى صورة عن المملكة بمدخلات لا نتحكم فيها. كل هذا يضعف سيادتنا الرقمية، ويؤثر على موقعنا في الاقتصاد العالمي الذي ستحكمه، خلال سنوات قليلة، خوارزميات يفهمها ويملكها من صنعها. في المقابل، فإن امتلاك نموذج ذكاء اصطناعي بلسان سعودي، يخضع لحوكمة وتنظيم وطني، يفتح أمام المملكة آفاقاً إستراتيجية لا تقدر بثمن: • في الأمن الوطني، تظل المعلومات داخل حدودنا، محمية بمعاييرنا. • في التعليم، تقدّم منصات تفاعلية تعرف لغة الطالب السعودي، وفهمه، وسياقه الثقافي. • في التجارة والأعمال، تمنح المستثمرين أدوات تحليل سوقية دقيقة تستند إلى بيانات محلية حقيقية. • في الإعلام والثقافة، تضمن أن المحتوى يعكس صورتنا وقيمنا، لا صورة من يرانا من بعيد. • في البحث العلمي، توفر بيئة ذكية تدعم الباحث المحلي بمصادر موثوقة دون اختلاطها ببيانات لا نعرف أصولها. المملكة تملك اليوم كل مقوّمات هذه الخطوة: بنية تحتية رقمية متقدمة، مراكز بيانات حديثة، كوادر تقنية مبدعة، ورؤية وطنية تجعل من الأمن السيبراني والتحّول الرقمي مرتكزين أساسيين. لكن الفارق بين أن نمتلك زمام المبادرة أو نبقى مستخدمين لتقنية غيرنا، هو قرار سياسي وتقني يبدأ اليوم... لا غداً. المقترحات العملية: 1- إطلاق برنامج وطني لتطوير GPT سعودي: • يعتمد على بيانات محلية وخليجية وعربية مختارة بعناية، مع دمج مصادر عالمية موثوقة، ويخضع لإشراف جهة وطنية لضمان الجودة والأمان. 2- إنشاء مكتبة بيانات سعودية معيارية: • تضم الأنظمة، اللوائح، الإحصاءات، الدراسات، والمحتوى الثقافي المحلي، لتدريب النموذج على فهم السياق الوطني. 3- وضع بروتوكولات استخدام للجهات الحكومية والخاصة: • تحدد الضوابط متى وكيف يستخدم الذكاء الاصطناعي، وتمنع إدخال أي بيانات مصنّفة أو حسّاسة في منصات أجنبية. 4- إقامة شراكات محلية ودولية بشروط السيادة: • التعاون مع شركات عالمية في جوانب تقنية محددة، مع ضمان ملكية المملكة للبنية والبيانات. 5- توطين القدرات التقنية: • تنفيذ برامج تدريبية متقدّمة لإعداد مهندسي بيانات وخبراء ذكاء اصطناعي محليين قادرين على تطوير وصيانة النموذج. إن بناء ذكاء اصطناعي بلسان سعودي ليس خياراً من ضمن قائمة الكماليات، بل هو ركيزة أساسية لسيادتنا الرقمية وحضورنا العالمي. وفي سباق الأمم، من يتأخر اليوم، قد يخسر فرصة القيادة في الغد القريب.

دراسة تكشف شكلاً جديداً للتجسس "عن بعد" عبر مستشعر "موجات مليمترية"
دراسة تكشف شكلاً جديداً للتجسس "عن بعد" عبر مستشعر "موجات مليمترية"

الشرق السعودية

timeمنذ 10 ساعات

  • الشرق السعودية

دراسة تكشف شكلاً جديداً للتجسس "عن بعد" عبر مستشعر "موجات مليمترية"

حذّر فريق من الباحثين في مجال علوم الحاسوب من شكل ناشئ من أساليب المراقبة يُعرف باسم Wireless-Tap (التنصت اللاسلكي)، يمكنه التقاط المحادثات "عن بُعد" من خلال الاهتزازات الدقيقة التي تصدرها سماعة الهاتف أثناء المكالمات. ووفقاً للدراسة، التي نُشرت في مؤتمر WiSec 2025 للجمعية الدولية للحوسبة ACM، بشأن الأمن والخصوصية في الشبكات اللاسلكية والمتحركة، استطاع الباحثون استخدام مستشعر رادار يعمل بـ"الموجات المليمترية" لالتقاط اهتزازات الهاتف خلال المكالمات، وتحويلها إلى نصوص مفهومة، وذلك من مسافة تصل إلى 3 أمتار تقريباً. ورغم أن دقة التقنية في نسختها الحالية لا تتجاوز 60% عند التعامل مع مفردات يصل عددها إلى 10 آلاف كلمة، إلا أن الفريق البحثي أكد أن هذه النسبة كافية لإثارة مخاوف بشأن مخاطر الخصوصية في المستقبل، إذ يمكن أن تُستغل لالتقاط كلمات رئيسية أو أجزاء من المحادثة. وتعد هذه الدراسة امتداداً لمشروع سابق نُفذ عام 2022، حيث تمكن الفريق حينها من التعرف على 10 كلمات وأرقام وحروف محددة باستخدام رادار، وبرمجيات للتعرف على الصوت بدقة وصلت إلى 83%. أسلوب مبتكر الباحث الرئيسي في الدراسة، سورياودي بساك، قال: "عندما نتحدث عبر الهاتف، نميل إلى تجاهل الاهتزازات التي تنتقل عبر سماعة الأذن وتتسبب في اهتزاز الجهاز بأكمله. إذا التقطنا هذه الاهتزازات باستخدام رادارات عن بُعد، ثم أدخلناها إلى أنظمة تعلم آلي قادرة على تفسير السياق، يمكننا تحديد ما يقال وتحويله إلى نصوص". وأضاف بساك أن "الهدف من البحث هو فهم الإمكانيات التقنية الممكنة، وتنبيه الجمهور للمخاطر المحتملة". وبالتعاون مع المشرف على البحث، الأستاذ المشارك في علوم وهندسة الحاسوب، ماهانث جودا، استخدم الفريق مستشعر رادار بالموجات المليمترية، وهي التقنية نفسها المستخدمة في السيارات ذاتية القيادة، وشبكات الجيل الخامس، في دراسة إمكانية تطوير أجهزة مدمجة صغيرة الحجم يمكن وضعها في أدوات يومية مثل الأقلام. وأكد الباحثون أن التجربة أُجريت لأغراض بحثية بحتة، تحسباً لما قد يطوره أشخاص أو جهات خبيثة في المستقبل. نموذج Whisper لتفسير البيانات الملتقطة، عدّل الفريق نموذج Whisper مفتوح المصدر، للتعرف على الكلام والمدعوم بالذكاء الاصطناعي، بهدف جعله قادراً على فهم بيانات الرادار "المشوَّشة" منخفضة الجودة. وبدلاً من إعادة تدريب النموذج بالكامل، استخدم الباحثون تقنية تُعرف باسم "التكيف منخفض الرتبة" (Low-Rank Adaptation)، التي تتيح إعادة تدريب 1% فقط من معاملات النموذج ليتكيف مع بيانات الرادار. عملياً، وضع الباحثون مستشعر الرادار على مسافة أمتار من الهاتف، لالتقاط الاهتزازات السطحية الدقيقة أثناء تشغيل الصوت عبر سماعة الهاتف، ثم تم إدخال الإشارة المستخلصة من الرادار إلى نسخة معدّلة من نموذج Whisper، ما أسفر عن نسبة دقة وصلت إلى 60%. وأشار الباحثون إلى أن هذه النسبة يمكن تحسينها من خلال تصحيحات يدوية تعتمد على السياق، مثل تعديل كلمات أو عبارات معينة عند توفر معرفة مسبقة بسياق المكالمة. وقال جودا: "النتيجة كانت نصوصاً تمثل المحادثات، مع توقع وجود بعض الأخطاء، لكن هذا يُعد تحسناً كبيراً مقارنةً بنسخة عام 2022، التي كانت تنتج بضع كلمات فقط.. وحتى التعرف الجزئي على كلمات رئيسية قد يكون مفيداً في سياقات أمنية". وشبّه الفريق البحثي قدرات النموذج بعملية قراءة الشفاه، حيث توفر الأخيرة نسبة دقة تتراوح بين 30% و40% من الكلمات المنطوقة، إلا أن القارئين يستخدمون النماذج السياقية لفهم المحادثة. وأوضح بساك: "كما يمكن لقارئي الشفاه تفسير المحادثات استناداً إلى سياق محدود، فإن مخرجات النموذج الجديد، إذا جُمعت مع معلومات سياقية، يمكن أن تسمح باستخلاص أجزاء من المكالمة الهاتفية من مسافة بضعة أمتار". وأضاف: "هدفنا كان دراسة إمكانية استخدام هذه الأدوات من قبل جهات خبيثة للتنصت على المكالمات الهاتفية عن بُعد.. نتائجنا تشير إلى أن ذلك ممكن من الناحية التقنية في ظروف معينة، ونأمل أن يسهم ذلك في رفع وعي الناس ليكونوا أكثر حذراً أثناء إجرائهم للمكالمات الحساسة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store