logo
قليل من الحكمة يصلح النكسة

قليل من الحكمة يصلح النكسة

العرب اليوم١٢-٠٢-٢٠٢٥

لعل العالم العربي بأجمعه يقف الآن على الناصية ذاتها التي وقف عندها يوم جاءت «النكسة» في عام 1967، التي لم تكن فقط من نصيب الثوار، وإنما تحمَّلها الجميع؛ محافظون وتقدميون، ومن هم في اليسار والآخرون في اليمين، وبالطبع من كانوا بين النخبة وهؤلاء الذين كانوا بين الجماهير.
«مؤتمر الخرطوم» في قمته العربية أصدر اللاءات الثلاث، ومعها قدَّم الدعم إلى المصابين في مصر وسوريا والأردن. لم تكن لا للاعتراف، والأخرى للتفاوض، والثالثة للسلام، نوعاً من التعصب الغاضب بعد لحظة انكسار مخجل، ولكنها كانت عزماً على أن النكسة لن تدوم.
بعد ذلك، سارت القصة إلى حرب الاستنزاف، وأعقبتها حرب أكتوبر (تشرين الأول) المسلحة والنفطية. وعندما نزلت على الرؤوس حرب تحرير الكويت، جرى استغلالها لمد النصر إلى فلسطين عبر مؤتمر مدريد للسلام، حتى اتفاق أوسلو الذي أعطى الفلسطينيين أول سلطة فلسطينية على أرض فلسطين في التاريخ.
الآن نواجه لحظة أخرى، صعبة ومضنية، بدأت في 7 أكتوبر 2023، ولم تنتهِ بعد؛ وأتت بجرح جديد أيقظ ما كان من نكبة عام 1948؛ ليس فقط بالهزيمة من إسرائيل، ولكنها جاءت بالولايات المتحدة لكي تقرر هجرة الفلسطينيين بنفسها؛ إن لم يكن إلى مصر والأردن، فسوف تكون إلى ألبانيا أو إندونيسيا أو دولة «أرض الصومال» التي لا يعترف بها أحد.
الغريب أن ذلك يحدث بينما توسعت دائرة السلام حول إسرائيل، وجاءت فرصة لكي تتسع أكثر مع حل الدولتين، وباتت غالبية الدول العربية ذات علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة؛ ولا يقل عن كل ذلك أهمية أن دولاً عربية كثيرة أخذت بعد «الربيع العربي» المزعوم، في عمليات إصلاح واسعة النطاق تسعى فيها للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق الاستقرار الإقليمي في الوقت نفسه.
وقعت إسرائيل في فخ السابع من أكتوبر، وتحولت إلى حالة من الوحشية المدمِّرة لقطاع غزة كله، ومعه الضفة الغربية بهجمات وغزوات يقوم بها المستوطنون، بالتواطؤ مع فصائل اليمين الإسرائيلي خارج وداخل الدولة. وخلال 15 شهراً من الحرب، باتت إقليمية ممتدة من الخليج إلى البحر المتوسط والبحر الأحمر، وما بينهما من يابس.
المدهش أنه وسط الدمار والحرائق والدخان والقتلى والجرحى والصواريخ والمُسيَّرات، لم تنقطع القدرة على البحث؛ إن لم يكن عن سبيل للسلام، فليكن عن قدر من الهدنة ووقف إطلاق النار. مؤتمر قمة السلام الذي انعقد في القاهرة كان البداية؛ وفي إعلان الدول العربية التاسع في 21 أكتوبر كان هناك مسار يخرج من الحرب ويصل إلى التسوية.
الآن، ووسط أول تبادل للأسرى بعد وقف مؤقت لإطلاق النار، جرى صبٌّ للزيت على النار: الأول جاء من «حماس» التي وقفت كاملةَ الزي العسكري، معلنةً بقاءها الذي يجعل 7 أكتوبر أول الأيام وليس آخرها. والثاني جاء من الولايات المتحدة والسيد ترمب الذي جاء الظن أن مشاركته في لقطات وقف إطلاق النار الأخيرة، سوف يعني استمراراً لمسيرة، فإذا بها عودة إلى النكبة الأولى.
الأمر على هذا النحو يصل إلى ضفاف النكسة؛ ليس فقط لفقدان الفلسطينيين مزيداً من الأرض والأحياء، وإنما لأن المبادرة الأميركية تأخذنا إلى أبواب المأساة الأولى، وتفتح الباب لتدمير مبادرات سلام مضت عليها عقود في البقاء، وتحضير الأجواء لحرب أبدية.
بعض من الحكمة بات ضرورياً في هذه المرحلة الدقيقة، ومع الأسف، فإن التعاطف الدولي مع رفض هجرة الفلسطينيين، لا يكفي لصد الزلزال الترمبي. الحكمة العربية تقتضي موقفاً عربياً من مجموعة الدول التي تريد المحافظة على التقدم والتنمية اللذين حققتهما خلال العقد الماضي، والمهددين الآن بصراع ممتد في إقليم لا يزال يعاني نتائج الربيع المكفهر والمترب.
الموقف من الطبيعي أن يعيد التأكيد على الرفض العربي للتهجير، ولكنه يضع على المائدة الدولية -والأميركية خاصة- مشروعاً عربياً للسلام، موجهاً؛ ليس فقط لقيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي، وإنما الأهم للشعب الإسرائيلي واليهود التقدميين في العالم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأمريكية
ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأمريكية

رؤيا

timeمنذ 21 ساعات

  • رؤيا

ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأمريكية

ترمب: رسوم جمركية ستفرض على شركات الهواتف التي لا تصنع في الولايات المتحدة نهاية حزيران المقبل ترمب يؤكد أنه "لا يسعى للتوصل إلى اتفاق" تجاري مع الاتحاد الأوروبي وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الجمعة، مجموعة من الأوامر التنفيذية تهدف إلى دعم قطاع الطاقة النووية في الولايات المتحدة، من بينها إلغاء بعض القيود التنظيمية المرتبطة بتقنيات لا تزال موضع نقاش واسع. وقال ترمب خلال مراسم التوقيع التي جرت في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض: "نوقع اليوم أوامر تنفيذية ضخمة ستجعل من الولايات المتحدة قوة رئيسية في هذه الصناعة". قال ترمب إن الطاقة النووية آمنة، وستقوم الولايات المتحدة بتشييد عدد من المنشآت الجديدة. كما أعلن أنه سيتم فرض رسوماً جمركية على شركات الهواتف التي لا تصنع في الولايات المتحدة بحلول نهاية يونيو المقبل. وأكد ترمب للصحافيين في البيت الأبيض ردا على سؤال حول سعيه للحصول على تنازلات من أوروبا: "لا أسعى إلى اتفاق. أعني أننا حددنا الاتفاق. إنه بنسبة 50%".

ترمب: عرضاً عسكرياً بمناسبة الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش
ترمب: عرضاً عسكرياً بمناسبة الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش

السوسنة

timeمنذ يوم واحد

  • السوسنة

ترمب: عرضاً عسكرياً بمناسبة الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش

السوسنة - أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الجمعة، تنظيم عرض عسكري ضخم في العاصمة واشنطن في 14 يونيو (حزيران) بمناسبة الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأميركي.وقال ترمب: «يشرفني أن أعلن عن استضافة عرض عسكري رائع احتفالاً بالذكرى الـ250 لتأسيس جيش الولايات المتحدة، يوم السبت 14 يونيو في واشنطن العاصمة».وأضاف: «على مدى قرنين ونصف قرن، حارب جنودنا وأصيبوا وماتوا من أجل حريتنا، والآن سنكرمهم بعرض عسكري رائع، يليق بخدمتهم وتضحياتهم. جميع الأميركيين في أنحاء البلاد مدعوون للحضور».وأعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، أنّه سيقيم في واشنطن في 14 يونيو عرضاً عسكرياً ضخماً بمناسبة مرور 250 عاماً على تأسيسه، في حدث سيتزامن أيضاً مع احتفال الرئيس دونالد ترمب بعيد ميلاده.وفي 14 يونيو المقبل، حين سيحتفل الرئيس الجمهوري بعيد ميلاده التاسع والسبعين، ستشارك عشرات الدبابات والمدرعات والمروحيات القتالية في هذا العرض العسكري النادر في العاصمة الأميركية.وقال المتحدث باسم الجيش، ستيف وارن، إنّ العرض ستشارك فيه 28 دبابة من طراز «أبرامز إم 1 إيه 1»، و28 مركبة قتالية مدرّعة من طراز برادلي، بالإضافة إلى 50 مروحية قتالية.وتقدّر التكلفة الإجمالية لهذا الاستعراض العسكري، بما في ذلك عرض ضخم بالألعاب النارية، بنحو 45 مليون دولار. وأوضح المتحدث أنّ الهدف من تنظيم هذا العرض هو «سرد قصة الجيش عبر التاريخ». وأضاف أنّ السرد «سيبدأ بحرب الاستقلال، ثم سيستعرض النزاعات الكبرى... وصولاً إلى اليوم». أقرأ أيضًا:

أسواق الأسهم الأوروبية تتراجع على وقع تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%
أسواق الأسهم الأوروبية تتراجع على وقع تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%

رؤيا

timeمنذ يوم واحد

  • رؤيا

أسواق الأسهم الأوروبية تتراجع على وقع تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%

باريس وميلانو وفرانكفورت تسجّل خسائر ثقيلة بسبب تصعيد تجاري أمريكي شهدت مؤشرات البورصات الأوروبية الكبرى تراجعاً ملحوظاً، الجمعة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي اعتباراً من حزيران 2025. وتراجعت بورصة باريس بنسبة 2.43% بحلول الساعة الثانية ظهراً، بينما انخفضت بورصة فرانكفورت بنسبة 2.03%، وسجّلت بورصة ميلانو أكبر خسارة بلغت 2.77%. ويأتي هذا التهديد في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث وصف ترمب السياسات التجارية الأوروبية بـ"غير العادلة"، مشيرًا إلى أن العجز التجاري الأمريكي مع الاتحاد تجاوز 250 مليار دولار سنويًا، معتبرا أنه "غير مقبول على الإطلاق" بحسب تعبيره، مؤكدًا أن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي "لا تحقق أي تقدم". وقال ترمب عبر منصته "تروث سوشيال" إن الاتحاد الأوروبي "تشكّل أساسًا لاستغلال الولايات المتحدة تجاريًا"، مشيرًا إلى أن التعامل معه كان "صعبًا للغاية"، بسبب ما وصفه بالحواجز التجارية القوية، وضرائب القيمة المضافة، والعقوبات غير المنطقية على الشركات، والعوائق غير النقدية، والتلاعب النقدي، والدعاوى القضائية غير العادلة ضد الشركات الأمريكية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store