
«ابني صهيوني حقيقي».. كيف يجسد يائير نتنياهو خطط التوسع وتصفية الوجود الفلسطيني؟
ما إن تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية مستقبلية لاعتراف بلاده بدولة فلسطين، إلا وسارع يائير نتنياهو نجل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بمهاجمته وسبّه، معتبرًا أن الحديث عن وجود دولة فلسطينية يهدد وجود إسرائيل.
كلمات نتنياهو الابن غازلت طموحات الأب، الذي يرتكب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي في حربه على قطاع غزة المستمرة منذ 16 شهرًا من جهة، ويطلق يد مستوطنيه المسلحين على الفلسطينيين العزل في الضفة الغربية من جهة أخرى، وقد أبدى نتنياهو الأب إعجابا بنجله قائلًا أنه: «صهيوني حقيقي.. ولديه رؤية لمستقبل إسرائيل».
في هذا السياق، تستوجب كلمات نتنياهو الابن عن خطر وجود دولة فلسطينية وحديث نتنياهو الأب عن رؤى نجله للمستقبل تحليلًا نقديًا لخطاب اليمين المتطرف المتصاعد في إسرائيل، وما الملامح الأيديولوجية والرسائل التي تحملها هكذا خطابات عتصرية متطرفة لمستقبل فلسطين والمنطقة، وفي ظل مواصلة إبادة غزة، ربط هذا الخطاب بعلاقات القوة في المنطقة؛ إذ يأتي تبجح الاحتلال بالافصاح عن هذه الرؤى استنادًا إلى الدعم الأمريكي غير المشروط الذي يشهد أوجهه مع صعود اليمين الشعبوي في الولايات المتحدة وعودة ترامب للبيت الأبيض.
«نتنياهو الابن» يسب «نية ماكرون»
بدأت القصة في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة، حيث قال في اليوم التالي للزيارة، في تدوينة عبر حسابه بمنصة «إكس»: «هذا هو موقف فرنسا- إنه واضح: نعم للسلام. نعم لأمن إسرائيل. نعم لدولة فلسطينية بدون حماس».
وأشار الرئيس الفرنسي أيضًا إلى: «مؤتمر حول حل الدولتين في يونيو المقبل، والذي قال إنه يجب أن يكون نقطة تحول».
ورغم حديث ماكرون عن حل الدولتين كان على استحياء، ورغم اصطفافه مع المطلب الإسرائيلي والأمريكي الداعي لنزع سلاح حماس، إلا أن كلماته عن «حل الدولتين» ونيّة بلاده عن «الاعتراف بفلسطين» على حد وصفه وكأنها تنتظر اعترافه، إلا أن مجرد تلويح ماكرون بكارت النية أجج غضب نتنياهو الابن، مما يُظهر أن العقلية التوسعية متوارثة جينيًا في إسرائيل.
فلم يتأخر رد يائير نتنياهو، ليسارع بشتم ماكرون: «إلى الجحيم! نعم لاستقلال كاليدونيا الجديدة! نعم لاستقلال بولينيزيا الفرنسية! نعم لاستقلال كورسيكا! نعم لاستقلال إقليم الباسك! نعم لاستقلال غويانا الفرنسية! أوقفوا الإمبريالية الفرنسية الجديدة في غرب أفريقيا!»
«لا تعايرني ولا أعايرك».. نتنياهو الابن يسخر من فرنسا الاستعمارية
ولم يكتفِ يائير بسب ماكرون على «نيته للاعتراف بفلسطين»، بل واصل ساخرًا على مبدأ «لا تعايرني ولا أعايرك.. الهم طايلني وطايلك»، مذكرًا الرئيس الفرنسي بأن فرنسا تحتل هي الأخرى أراضي أفريقية.
وواصل نتنياهو الابن في تغريدته المضادة: «أخطأ الرئيس ماكرون خطأً فادحًا بمواصلته الترويج لفكرة دولة فلسطينية في قلب بلادنا»، على حد وصفه وادعائه. وأشار يائير نتنياهو إلى وجوب تحرير العديد من المناطق الأفريقية الخاضعة للسيطرة الفرنسية.
دولة فلسطين «وهم منفصل عن الواقع»
أما صحيفة «معاريف» العبرية فتحدثت، عن «خطيئة ماكرون» وقالت في تقرير تحليلي لها: «لن نعرض وجودنا للخطر بسبب أوهام منفصلة عن الواقع لماكرون، ولن نقبل المواعظ الأخلاقية لإقامة دولة فلسطينية من شأنها أن تعرض وجود إسرائيل للخطر، من أولئك الذين يعارضون منح الاستقلال لكورسيكا وكاليدونيا الجديدة وغويانا الفرنسية وغيرها من الأراضي التي لن يعرض استقلالها فرنسا للخطر بأي شكل من الأشكال».
ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعمه لنجله الذي «شتم ماكرون»، وقد وصف نتنياهو نجله بأنه «صهيوني حقيقي.. ولديه رؤية لمستقبل إسرائيل».
في سياق آخر نقلت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية المحسوبة على اليسارـ تغريدة نتنياهو منتقدًا دعمه لنجله الذي «شتم ماكرون»، قائلًا: «أحب ابني يائير، فهو صهيوني حقيقي يهتم بمستقبل البلاد. وكأي مواطن، له الحق في إبداء رأيه الشخصي، مع أن أسلوب رده على تغريدة الرئيس ماكرون الداعية إلى إقامة دولة فلسطينية غير مقبول بالنسبة لي».
وأضاف نتنياهو أن «الرئيس ماكرون يُخطئ خطأً فادحًا بمواصلته الترويج لفكرة دولة فلسطينية في قلب بلادنا، طموحها الوحيد هو تدمير دولة إسرائيل. حتى هذه اللحظة، لم تُدِن أي شخصية في حماس أو السلطة الفلسطينية فظائع أسوأ مذبحة ارتُكبت ضد اليهود منذ الهولوكوست، مما يُشير إلى موقفهم الحقيقي تجاه الدولة اليهودية. لن نُعرّض وجودنا للخطر بسبب أوهام منفصلة عن الواقع، ولن نقبل مواعظ أخلاقية تُنادي بإقامة دولة فلسطينية تُعرّض وجود إسرائيل للخطر، من أولئك الذين يُعارضون منح الاستقلال لكورسيكا وكاليدونيا الجديدة وغويانا الفرنسية وأراضٍ أخرى، والتي لن يُعرّض استقلالها فرنسا للخطر بأي شكل من الأشكال».
الملامح الأيديولوجية لكلمات نتنياهو الابن
وفي محاولة لتحليل خطاب نتنياهو الابن، والملامح الأيديولوجية والرسائل المستقبلية التي تحملها هكذا رؤى في ظل علاقات القوة واستناد إسرائيل إلى دعم أمريكي غير مشروط للسياسات التوسعية على حساب الوجود الفلسطيني، وما إذا كانت تحمل اتجاهًا عامًا في إسرائيل يرفض الاعتراف بدولة فلسطين مقابل فرض السردية الصهيونية التوسعية على حساب أصحاب الأرض.
وقال المحلل الفلسطيني أيمن الرقب، إن الاحتلال الإسرائيلي لا يفوت فرصة لفرض الرواية الصهيونية، بل إنهم يستخدمون أساليب سيكولوجية تفرض سياسة الأمر الواقع وتشكل رأيًا عامًا عالميًا يؤيد سياساتهم.
وتابع الرقب بأن طبيعة المجتمع الإسرائيلي الذي يحركه سُلَّة من المتطرفين الذين يرفضون الآخر، ويعتبرون كل من هو غير صهيوني «جوييم» أو «أغيار» يجب التخلص منهم لإقامة «إسرائيل الكبرى».
«جوييم» كلمة عبرية تعني لغويًا «الأغيار»، وتُطلق اصطلاحًا على غير اليهود، لتعكس النزعة المتطرفة في التمييز الحاد والقاطع بين اليهود «كشعب مقدس يحلّ فيه الإله» من جهة، والشعوب الأخرى التي تقع خارج دائرة القداسة من جهة أخرى.
وعند استيلائهم على أراضي ومنازل الفلسطينيين، يستند المستوطنون المنتمون لليمين العقدي المتطرف في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى هذا التقسيم الحاد والاستعلائي، معتبرين أن الإله صنف البشر بين «يهودٍ يقفون داخل دائرة القداسة»، وآخرين «أغيار» أو «جوييم» مستباحين يقفون خارجها، وقد برز ذلك في موجات الاستيلاء على منازل الفلسطينيين ضمن مشروعهم الاستيطاني، بدعوى أن تلك الأرض المقدسة منحة من الرب لشعبه المقدس.
وتابع المحلل الفلسطيني أن إسرائيل تعزز المفاهيم التوسعية وتبرر استيلاءها على الأراضي العربية استنادًا إلى هذه المفاهيم العنصرية، بل إنها تلقنها للأجيال في المدارس التلمودية والحريدية التي تتعامل مع كل من هو غير صهيوني على أنهم «جوييم» لا يستحقون الحياة، وهو ما برز جليًا في حديث نتنياهو الابن الذي يكرّس لعنصرية علنية لا تهدد الوجود الفلسطيني فحسب، إنما تُهدد السلم الإقليمي.
الصهيونية وتوظيف النص التوراتي
وتحدث المحلل الفلسطيني عن توظيف الصهيونية للمفاهيم التوراتية لتبرير سرديات الاحتلال من منظور ديني، مستغلة الصهيونية المسيحية التي تحشد مؤخرًا لدعم إسرائيل رغم ارتكابها جرائم تطهير عرقي، مشيرًا إلى تأثير هذا التوجه على السياسات الأوروبية تجاه إسرائيل، مستندًا إلى ميل لهجة ماكرون إلى الجانب الإسرائيلي؛ إذ لم يتحدث الرئيس الفرنسي عن نزع سلاح المستوطنين الإسرائيليين أو مستقبل الضفة وغزة، مكتفيًا بالحديث عن نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية «حماس».
وشدد الرقب على خطورة الترويج عربيًا لهذه التوجهات التي لا تكتفي بتمرير السرديات الإسرائيلية وتغفل الحق في قيام الدولة الفلسطينية فحسب، بل تهدد البقاء الفلسطيني.
المال الأوروبي يغذي المشروع الصهيوني ويدعم ممارساته
في السياق، اعتبر اللواء حابس الشروف أن هذا التبجح في طرح الرؤى الرافضة للوجود الفلسطيني مستند إلى الدعم الأمريكي، الذي يشهد أوجه مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض، مؤكدًا أن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل عزز تصاعد الفكر الصهيوني الديني والتطرف اليميني في إسرائيل.
أوضح المحلل الفلسطيني أن الدعم الأمريكي لإسرائيل لم يعد مجرد تحالف سياسي، بل أصبح يستند إلى مرجعيات دينية توراتية، كما صرح السفير الأمريكي في إسرائيل بأن «الدعم ينبع من التوراة»، مما يرسّخ رؤية أن «أمريكا هي إسرائيل الكبرى».
وتابع: «يتجلى ذلك في الدعم غير المحدود من تيارات الصهيونية المسيحية التي تنتشر في أكثر من 40 دولة عبر ما يسمى بـ «السفارة المسيحية الدولية»، والتي تجمع التبرعات لتغذية المشروع الصهيوني وتدعم ممارساته الإجرامية، واستشهد اللمحلل الفلسطيني بأن عدول الرئيس الفرنسي عن تصريحاته تكشف استجابته للضغوط الصهيونية
وفي آخر تطورات المشهد، اعتبر نتنياهو أن الحديث عن «دولة فلسطينية: يعد «مكافئة للارهاب» في أشارة لحركة المقاومة الفلسطينية حماس وردا على ذلك سارع ماكرون باجراء مكالمة هاتفية رباعية شدد فيها على وجوب»نزع سلاح حماس وأبعادها من المشهد السياسي «فق بيان نشره الأخير عبر حسابه الرسمي بموقع»إكس«
واعتبر الشروف أن حديث نتنياهو الابن ليس مصادفة، إنما نتاج تنامي اليمين المتطرف في إسرائيل وانتشاره السريع في المشهد السياسي، حيث أصبح الفكر الفاشي والعنصري ركيزة أساسية في خطاب الدولة، متمثلًا في الدعوة للتخلص من كل من يعارض سياسات التوسع أو يقف في طريق «السيكيولوجيا الصهيونية».
هذه التيارات ترى في العرب «جوييم» – أي أغيار لا يستحقون الحياة على قدم المساواة، مما ينذر بتصاعد خطاب الإبادة لا مجرد الاحتلال. والدعم الأمريكي لهذا الخطاب هو ما يمنح إسرائيل جرأتها في التبجح بممارساتها.
الطريق للمواجهة
واختتم المحلل الفلسطيني منتقدًا غياب الرؤية فلسطينيًا وعربيًا، مشددا على وجوب تحسس الطريق لمواجهة هذه الرؤى التي تهدد الأمن الأقليمي مشددا على أنها لن تتوقف عن أنهاء وتصفية القضية الفلسطينية بل تنذر بما هو أخطر في المستقبل القريب منتقدا حديث البعض عن نزع سلاح المقاومة، في ظل وجود ترسانة سلاح بيد المستوطنين، مع تفشي هذا الخطاب العنصري الرافض للوجود الفلسطيني، هو ظلم فادح.
وبيّن أن لا فلسطيني يقبل برفع الراية البيضاء، فالمعركة لم تعد مجرد صراع على الأرض، بل معركة وجود وهوية مشددا على وجوب صياغة موقف عربي موحد، يتجاوز المصالح الضيقة قصيرة المدى للضغط من أجل وقف المجازر، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وفتح ملفات المحاسبة الدولية ضد قادة الكيا مختتما بأنه بدون وحدة وطنية وعربية، لن يكون بالإمكان بناء استراتيجية صمود فعالة ولن يكون مستقبل للمنطقة بأسرها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : مسقط: جولة المحادثات الإيرانية الأميركية الخامسة اختتمت في روما دون حسم
السبت 24 مايو 2025 02:00 صباحاً قال وزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي إن الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية بشأن برنامج إيران النووي اختتمت في روما بتحقيق بعض التقدم وإن لم يكن حاسما. واضاف البو سعيدي في تدوينة على منصة (إكس) "نأمل في توضيح القضايا المتبقية خلال الأيام المقبلة للتوصل إلى اتفاق مستدام" وكانت وسائل إعلام إيرانية ذكرت أن المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين استأنفوا محادثاتهم اليوم الجمعة في روما لحل نزاع مستمر منذ عقود حول طموحات طهران النووية على الرغم من تحذير الزعيم الأعلى الإيراني من أن إبرام اتفاق جديد قد يستحيل في ظل تضارب الخطوط الحمراء التي يضعها كل منهما. وأجرت الولايات المتحدة وإيران 4 جولات من التفاوض في كل من روما ومسقط، بهدف كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، ولكن لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات. وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد قال في وقت سابق اليوم إن هناك خلافات جوهرية، مع الأمريكيين لا تزال قائمة بشأن تخصيب اليورانيوم، موضحاً لقناة «الشرق» أن التخصيب بالنسبة لإيران قضية أساسية والتنازل عنه مستحيل. وقال: "تخصيب اليورانيوم إنجاز علمي كبير في مجال معقد للغاية، جرى تحقيقه بفضل العلماء الإيرانيين، ولم يتم الحصول عليه من أي دولة خارجية، بل هو إنتاج محلي خالص، ولهذا السبب فهو ذو قيمة عالية جداً للشعب الإيراني، خصوصاً وأننا تعرضنا لعقوبات الحصار طويلة الأمد بسببه، وعانى الشعب كثيراً منها، والأهم من ذلك أن عدداً من العلماء قد تم اغتيالهم، ولذلك لا يمكن التخلي عنه بأي حال من الأحوال". بالمقابل، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أمس إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تعمل على التوصل إلى اتفاق يسمح لإيران بامتلاك برنامج نووي مدني دون تخصيب اليورانيوم، مؤكداً أن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق لن يكون سهلاً. وأضاف روبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: الإدارة تقدم مخرجاً لإيران يساعدها على تحقيق الرخاء والسلام، مشيراً إلى أن الأمر لن يكون سهلاً، لكن هذه هي العملية التي ننخرط فيها الآن.

مصرس
منذ 2 ساعات
- مصرس
«ترامب» ردًا على هدايا حماس.. إرهاصات رؤية لمستقبل غزة ومزيد من العداء لنتنياهو وليس لإسرائيل
قبل يوم من استقلاله الطائرة لبدء جولته في المنطقة الخليجية، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن «امتنانه» لإفراج حركة حماس عن الأسير الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، هذا «الامتنان» كان عنوانا لتقرير نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» التي علقت على سعادة ترامب بهذه الهدية التي قدمتها حماس له. بالطبع كانت حركة حماس تعمل على تعميق الخلاف بين ترامب ونتنياهو على خلفية تعارض الرؤى فيما يتعلق بملفات الشرق الأوسط وفى مقدمتها إيران وغزة، وقبل الإفراج عن ألكسندر الإثنين قبل الماضي، كشف مسئولون من حماس عن أن هذه البادرة تهدف إلى استمالة الموقف الشخصى لترامب تجاه القضية، وهذه الاستمالة تلقاها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بتوتر أبقاه يقظا طوال ليلة سفر ترامب، وخلال جلسة محاكمة كان يحضرها فى تل أبيب، طلب نتنياهو من القاضي السماح له بالمغادرة مبكرا؛ حيث لم ينم إلا ساعة ونصف الساعة خلال الليل، على خلفية تطور الأحداث ومسألة الإفراج عن ألكسندر، وكما أورد تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، سأل القاضى نتنياهو: «ما هى درجة تركيزك؟»، فرد نتنياهو «ليست عالية»، فقرر القاضي إنهاء الجلسة.في اليوم نفسه، تم الإفراج عن ألكسندر وفى اليوم نفسه أيضا انعقدت مباحثات بين نتنياهو والمبعوث الأمريكى للشرق الأوسط ستيف ويتكوف حول غزة. ويبدو أن الخلاف السياسى كان ولا يزال متأججا بين نتنياهو وترامب. فقد توجه ويتكوف بعد اللقاء إلى ساحة اعتصام أهالى الأسرى فى تل أبيب. أخبرهم الرجل أن الرئيس الأمريكى لن يتركهم أبدا.. ولن يهدأ حتى يعيد إليهم أبناءهم.. وهو ما زاد من الاحتقان فى علاقة الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلي.◄ خلاف الرجلينوكان تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد ألقى الضوء على خلاف الرجلين وقرار ترامب عدم زيارة إسرائيل خلال جولته. ومن بدء محادثات نووية مع إيران، إلى إجراء مفاوضات مع حماس بشأن إطلاق سراح ألكسندر، دون إشراك إسرائيل، رأى مسئولون ومحللون أن ترامب بدأ بتهميش نتنياهو بشكل علني، مما أثار حالة من الذعر داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية التى اعتادت لعقود أن تُستشار من قِبل كل إدارة أمريكية.وفى مقابلة أُذيعت مؤخرا، رد السفير الأمريكى الجديد لدى إسرائيل، مايك هاكابي، على الادعاء بأن الإدارة تتجاهل مخاوف إسرائيل وقال لقناة تلفزيونية إسرائيلية إن «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالحصول على إذن من إسرائيل» للتوصل إلى وقف إطلاق النار مع الحوثيين، ومايكل أورين، السفير الإسرائيلى السابق لدى واشنطن، وصف الأمر بأنه «مقلق»، بينما قال شالوم ليبنر، مستشار سابق لنتنياهو، إن الأجواء فى القدس تشبه «حالة ذعر تام»، أما المبعوث الأمريكى السابق دنيس روس، فقال إن المخاوف الإسرائيلية من محادثات ترامب مع إيران وغيرها من التهديدات «لا تؤخذ فى الحسبان، أو إذا أُخذت، فإنها تُرفض، وأشار روس إلى أن الأصوات فى إدارة ترامب التى تدعو إلى تقليل الانخراط العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط أصبحت فى صعود، بينما ركّز ترامب على جلب استثمارات بمليارات الدولارات إلى الولايات المتحدة خلال رحلته.وأضاف روس: «ما تراه هو أن الرئيس ترامب لديه تصور لما هو فى مصلحتنا، وتلك المصلحة تأتى أولاً»، قال روس. «هو يعرّف مصالحنا الخارجية من منظور اقتصادى ومالى وتجاري، وليس من خلال سياق جيوسياسى أو أمني. وأضاف أعتقد أن ترامب يرى أنه: نحن نقدم لهم 4 مليارات دولار سنويًا كمساعدة عسكرية. أفعل ما يكفى لدعم الإسرائيليين»، ووفقا للتقرير، فإنه فى إسرائيل، تعكس حالة القلق المتزايدة تحولاً حادًا عن المزاج السائد فى نوفمبر، عندما احتفل كثيرون بفوز ترامب فى الانتخابات. وامتدح نتنياهو النتيجة واصفًا إياها ب»أعظم عودة فى التاريخ». ورأى وزراء فى حكومته اليمينية المتطرفة الضوء الأخضر للتوسع، ودعوا فورًا إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب شن حروب بلا قيود وبناء مستوطنات يهودية جديدة فى غزة.لكن المزاج بدأ يتغير حتى قبل تنصيب ترامب. ففى الكواليس، عبّر بعض حلفاء نتنياهو عن انزعاجهم من مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ويتكوف، الذى ضغط على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار مع حماس، كما بدأ آخرون يخشون أن تفضيل ترامب لإبرام الصفقات قد يمنع توجيه ضربة عسكرية لإيران أو يُفضى إلى اتفاق نووى يسمح لطهران بالاحتفاظ ببعض قدرات تخصيب اليورانيوم.◄ اقرأ أيضًا | «وول ستريت» تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على الاتحاد الأوروبي و«آبل»◄ محادثات إيرانوفى المكتب البيضاوى فى أبريل الماضى، أعلن ترامب أمام نتنياهو أن الولايات المتحدة ستجرى محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي. وبدا على رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذى طالب القادة الأمريكيين لأكثر من عقد باستخدام القوة العسكرية لتفكيك منشآت إيران النووية، الارتباك وابتعد بنظره.وقال أحد مستشارى ترامب، واصفًا تعامل ترامب مع نتنياهو بأنه «أفضل بدرجة واحدة» من لقائه المتوتر مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى قبل ثلاثة أشهر، إن أصواتًا مؤثرة فى حركة «اجعل أمريكا عظيمة مجددًا» (MAGA) سعت خلال الربيع لمنع جماعات الضغط الموالية لإسرائيل والجمهوريين المحافظين من تعيين شخصيات متشددة تجاه إيران ومتعاطفة مع نتنياهو فى مناصب أمن قومى حساسة.وكان المستشار السابق للأمن القومى مايكل والتز قد أُقيل من منصبه بعد أن تبيّن أنه شارك فى تنسيق مكثف مع نتنياهو بشأن خيارات عسكرية ضد إيران، وهو ما أغضب ترامب، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست هذا الشهر، وقال أحد مستشارى ترامب: «فى MAGA، نحن لسنا من محبى بيبى (نتنياهو)». وأضاف: «ترامب: يريد من الجميع أن يلقوا أسلحتهم، ويرى مسئولون ومحللون إسرائيليون أن صعود جناح متشكك فى إسرائيل فى واشنطن، لا سيما داخل الحزب الجمهورى الذى طالما كان مقربًا من إسرائيل، يشكل تحديًا جديدًا.فلطالما اعتمدت إسرائيل، عندما كانت تصطدم بمواقف أمريكية من قضايا مثل سياسة الاستيطان فى الضفة الغربية أو الاستراتيجية تجاه إيران، على دعم مؤيديها فى الكونجرس. ولكن حتى بعدما دعم نتنياهو وبعض أنصاره ترامب، بدأ بعض النواب الجمهوريين المتحالفين مع ترامب، مثل النائبة مارجورى تايلور جرين، يبتعدون عن إسرائيل، ما يتركها دون سند فى الكونجرس، ومن ناحية أخرى، فإنه مجرد الشعور بأن نتنياهو فقد حظوته لدى ترامب قد يضر بصورة رئيس الوزراء الإسرائيلى المخضرم، الذى بنى سمعته على قدرته على التأثير فى السياسة الأمريكية أكثر من أي من منافسيه المحليين.◄ الوضع في غزةيظهر الخلاف بشكل واضح أيضا فى غزة، حيث نقل تقرير نشرته شبكة ان بى سى الأمريكية عن مسئولين أمريكيين لم يُذكر اسمهم، أن ترامب يعارض خطة نتنياهو لشن عملية عسكرية موسعة فى قطاع غزة، وقد وصفها بشكل خاص بأنها «جهد ضائع» يعيق رؤيته لإعادة إعمار القطاع، وكشف تقرير لتايمز أوف إسرائيل العبرية، إن المبعوث الشخصى لترامب ويتكوف أخبر مؤخرًا عائلات المحتجزين فى غزة، أنه لا يتفق مع نهج إسرائيل فى الحرب على القطاع، وان «الولايات المتحدة تريد إعادة الأسرى، لكن إسرائيل غير مستعدة لإنهاء الحرب».وأضاف ويتكوف، نقلا عن مصادر حضرت الاجتماع: أن «إسرائيل تُطيل أمد الحرب، رغم أننا لا نرى إمكانية لتحقيق تقدم إضافي»، وجاءت التحركات الأمريكية فى أعقاب فترة من تجاهل الملف بالكامل لصالح التركيز على ملفات أخرى مثل المفاوضات مع إيران والاتفاق مع الحوثيين والتحضير لجولة ترامب فى منطقة الخليج.ربما لا يحب ترامب نتنياهو، لكنه لا يكره إسرائيل. بل إن ترامب قد تجاهل الأزمة فى غزة طوال الفترة الماضية، ربما لأنه اعتبر الحرب بمثابة مظلة زمنية تقوم خلالها إسرائيل بتغيير أوضاع جغرافية فى القطاع وفى الضفة ستكون فى صالحها على الأمد البعيد. وربما للسبب نفسه، يكتفى زعماء المعارضة الإسرائيلية بانتقاد نتنياهو إلى حد سبه، دون تقديم أى محاولة واحدة حتى لإسقاط حكومته فى الكنيست بسحب الثقة عنها، ورغم الخلافات السياسية الحادة داخل إسرائيل، لكن تبدو الحكومة والمعارضة بالفعل على قلب رجل واحد، يسعى دون كلل أو ملل وراء هدفه الأسمى بالسيطرة والاستيلاء على مزيد من الأراضى العربية المجاورة.◄ كاره نتنياهوأما ترامب الذى كشفت تسريبات عديدة عنه أنه لا يحب نتنياهو أو يثق فيه، مثلما نقل موقع أكسيوس عن مصادر مقربة من الرئيس الأمريكى قبيل اجتماع الرجلين فى 4 فبراير الماضي، فقد رأى بوضوح أن رؤيته للمنطقة تخالف رؤية نتنياهو.. لكن الرئيس الأمريكى لا يزال ينقصه تصور واضح أو نهائى لما ينبغى أن يكون عليه الوضع فى غزة.وبمعنى آخر، فإن ترامب، وإن كان لا يحب نتنياهو، إلا أن عدم امتلاكه لرؤية لليوم التالى أو حلاً للأزمة هو ما يحول بالفعل دون أن يتحول هذا الخلاف بين الرجلين إلى سياسات ملموسة على الأرض.فحماس، التى أهدته إطلاق سراح ألكسندر، لم تجن إلا تصريحات لترامب من قبيل: «يجب أن نتعامل مع حماس» (وهو تخلى عن استبعادها من المشهد وإقرار لجدوى الحوار السياسى معها)، وتصريحه لقناة فوكس «لا أعرف إن كان نتنياهو قادرا على توقيع صفقة تبادل» (فى مزيد من التشكيك فى نوايا نتنياهو أمام الرأى العام لاسيما المعارض عنده(، وبعد انصرافه من جولته الخليجية، عاد ترامب ليطلق تصريحات غامضة بشأن ما يرى من حلول للأزمة فى غزة.ولكن تكوين رؤية كاملة هو بالفعل ما ينقصه، وهو ما كانت إسرائيل قد استغلته سابقا كهامش حرية لها فى التصرف. لكن الآن يبدو أن البيت الأبيض قرر الشروع أخيرا فى تصميم رؤية، وإن كانت لم تتضح ملامحها بعد.ونقلت صحيفة تليجراف البريطانية عن مصادر أن ويتكوف لجأ إلى رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، للحصول منه على المشورة حول سبل إنهاء الحرب فى غزة. ووفقا للمصادر، فقد استعان ويتكوف ببلير كمستشار ضمن شبكة من الخبراء. ويأتى ذلك بعد أن عبر ترامب عن استيائه من بطء التقدم فى ملف غزة، الذى كان أحد أبرز تعهداته الانتخابية فى إنهاء الحروب.


الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
الاتحاد الأوروبى: التجارة مع أمريكا تتطلب الاحترام وليس التهديد
قال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، أمس الجمعة، إن التجارة بين التكتل والولايات المتحدة لابد أن تقوم على الاحترام المتبادل وليس التهديدات، وذلك بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه سيفرض رسومًا بنسبة 50% على صادرات التكتل. وكتب شيفتشوفيتش في منشور على موقع "إكس"، أن المفوضية الأوروبية ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لصالح الطرفين. وأضاف: "لا تزال المفوضية الأوروبية مستعدة للعمل بحسن نية التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها ولا بد أن تقوم على الاحترام المتبادل، وليس التهديدات، ونحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا". وفي وقت سابق الجمعة، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إنه لا يتطلع حاليًا للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن المحادثات مع بروكسل "تسير بشكل بطيء"، وسط تصاعد التوترات بين الجانبين في ظل المخاوف من حرب تجارية واسعة النطاق. وقال ترمب للصحفيين في البيت الأبيض بعد التوقيع على عدة أوامر تنفيذية، وتهديده برفع الرسوم على التكتل بنسبة 50%، إنه "لا توجد رسوم لأن ما سيفعلونه هو نقل شركاتهم إلى الولايات المتحدة، وإذا بنوا مصانعهم هنا فلن نفرض رسوم". وردًا على سؤال بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي خلال 9 أيام، أجاب ترمب: "لا أبحث عن اتفاق"، لافتًا إلى أنه لا يمانع في إبقاء الرسوم على التكتل دون التوصل إلى اتفاق تجاري. وأضاف: "لدينا عجز تجاري كبير معهم لقد استغلوا أشخاصًا آخرين كانوا يمثلون هذا البلد، ولن يفعلوا ذلك بعد الآن"، متعهدًا بخفض الرسوم في حال تعهدوا بنقل مصانعهم إلى الولايات المتحدة. وأشار إلى أنه سيفرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على شركتي "آبل" و"سامسونج" وغيرها من شركات تصنيع الهواتف الذكية، داعيًا لنقل مصانعهم إلى الولايات المتحدة.