
تنويعات على موسيقى الشرق الأوسط القديم
لكن الواقع أن الدعوات الماضية والمتجددة بعد حرب إسرائيل في غزة ولبنان ثم على إيران، هي تنويع على موسيقى الشرق الأوسط القديم. فما تغير على مدى 100 عام من الصراعات والحروب هو الأنظمة داخل البلدان، لا حدود البلدان الصامدة منذ اتفاق سايكس بيكو خلال الحرب العالمية الأولى، على رغم الدعوات إلى كسر تلك الحدود.
المتغير الجدي الوحيد الذي حدث كان الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا في إطار الجمهورية العربية المتحدة التي بدأت عام 1958، وجرى إسقاطها عام 1961 بانقلاب عسكري في "الإقليم الشمالي". ولم يكن باتريك سيل مؤلف "الصراع على سوريا" يبالغ عندما كتب أن الجمهورية العربية المتحدة صارت "مقبرة فكرة الوحدة". وحدة لإنهاء أية وحدة.
ذلك أن شمعون بيريس افتتح موسم الدعوات بعد اتفاق أوسلو وحتى قبله إلى "الشرق الأوسط الجديد" الذي يعكس التكامل الاقتصادي بين العرب وإسرائيل، والشراكة بين "الرأسمال والعقل". وبعد الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان وحرب 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل، رأت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس "ولادة الشرق الأوسط الجديد"، قبل أن تكتشف أن ما تراه هو سراب.
المرشد الإيراني علي خامنئي تحدث عن "الشرق الأوسط الإسلامي" رداً على مشروع الشرق الأوسط الأميركي، ثم اصطدم بخسارة النفوذ و"الجسر" في سوريا، وتوسع إسرائيل في لبنان وسوريا بعد حرب غزة ولبنان والضربة الإسرائيلية الأميركية القوية لإيران.
وبحسب دانا سترول في مقال نشرته "فورين أفيرز" تحت عنوان "الطريق الضيق إلى شرق أوسط جديد"، فإن هناك الآن فرصة حقيقية لوضع الشرق الأوسط على طريق مختلف، وإذا ضاعت الفرصة فلن تعود لأجيال"، لكن ما ركز المقال عليه هو "عملية سياسية" مع إيران، ليست سوى ورقة في ملف معقد ومكتظ بالأوراق في المنطقة، ولا سيما بعد حرب إسرائيل وأميركا على إيران.
سوزان مالوني دعت إلى "مطابقات صعبة وأكثر تعقيداً من مهاجمة إيران وأذرعها"، بينها "صفقة عصر حقيقية وأفق سياسي" وإعادة بناء الضفة الغربية وغزة ولبنان، مع "تنازلات في برنامج إيران النووي وتخفيف ارتكاباتها الإقليمية". وهناك من دعا، مثل ماريا فانتامي وولي نصر إلى "ترتيب إقليمي، معاهدة دفاعية بين أميركا والسعودية، وتركيز على قضية فلسطين".
لكن من الوهم الحديث عن شرق أوسط جديد من دون العمل على رؤية شاملة لإيجاد حلول للأزمات التاريخية والصراعات الجديدة. وفي البدء لا بد من تفاهم دولي فعلي بين أميركا وروسيا والصين. فلا أميركا وحدها تستطيع حتى تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي. ولا روسيا وحدها قادرة على ما هو أكثر من الحفاظ على قاعدتين عسكريتين في حميميم وطرطوس للقول إن لها دوراً في المنطقة. ولا الصين وحدها تقدم سوى مزيد من التعاون الاقتصادي والتجاري عبر مشروع "الحزام والطريق".
ومع التفاهم الدولي، فإن الحاجة إلى حد أدنى من الواقعية الإقليمية بالنسبة إلى الطموحات والمشاريع الكبيرة. والسجل حافل إذا كانت اللعبة جدية في تطبيق الرؤية الشاملة، تسوية واقعية للقضية الكردية، وإقامة دولة فلسطينية في إطار "حل الدولتين"، وإنهاء الهيمنة الإيرانية على اليمن والعراق ولبنان، وإخراج الاحتلال الإسرائيلي من لبنان وسوريا، وانسحاب القوات التركية من سوريا والعراق وليبيا وإعادة إعمار الشرق الأوسط بكلفة تقدرها الأمم المتحدة ما بين 350-650 مليار دولار.
فضلاً عن مهمة بالغة الأهمية والحساسية هي إنهاء الصراع على سوريا، ومساعدة دمشق في إقامة نظام يعكس التنوع في المجتمع السوري. فالاستقرار في سوريا هو حجر الأساس في استقرار المنطقة، وازدهار لبنان وسوريا هو المناخ الضروري لازدهار دول عربية عدة، بعد الخطوات السريعة والمهمة لدول الخليج بقيادة السعودية على طريق الازدهار والتقدم والدخول الجدي في عصر التكنولوجيا.
ومن دون كل ذلك، فإن الشرق الأوسط الجديد يبقى شعاراً تطرحه قوى مختلفة لأهداف متناقضة. أما الشرق الأوسط القديم، فإنه يستمر في المعاناة وازدياد الأزمات ونقص التسويات، وسط محاولات التغول الإقليمي على المسرح العربي.
وما من شرق أوسط جديد من دون حضور عربي قوي ودور عربي كبير في إدارة "منتدى أمني للشرق الأوسط"، تدعو إليه داليا داسا وسنام وكيل. ومن الخطر أن يستمر الوضع الذي وصف جانباً منه الرئيس باراك أوباما بالقول، تعاملت مع رئيس وزراء إسرائيلي "ملاكم" ورئيس فلسطيني "بلا أسنان".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
رئيس وزراء لبنان: إكمال «اتفاق الطائف» وحصر السلاح بيد الدولة
جدّد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أن استعادة سلطة الدولة تعتمد على استكمال اتفاق الطائف وتصحيح سوء تطبيقه، وحصر السلاح في يد الدولة. ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية عن سلام قوله خلال جولة له في راشيا، اليوم (الأحد)، إن جوانب أساسية، مثل اللامركزية الموسعة والتنمية المتوازنة، لا تزال غير مُنفّذة، وأنه دون هذه الأمور، لا يمكن تحقيق الاستقرار في لبنان. وشدّد سلام على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً وجود تقصير منذ «اتفاق الطائف» في معالجة هذه المسألة. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية أن الحكم الجديد في سورية فرصة تاريخية لبلدينا لإعادة بناء العلاقات الأخوية التي تقوم على عدم التدخل في شؤون الآخر. وأوضح أنه من خلال حديثه مع الرئيس السوري أحمد الشرع، فإنه «متفهم لأحوالنا في لبنان وما نعاني من حساسيات وعقد المرحلة السابقة». يذكر أنه في عام 1989، توصل النواب اللبنانيون إلى اتفاق في مدينة الطائف عرف باسم «اتفاق الطائف»، وأرسى الاتفاق قواعد جديدة لتقاسم السلطة بين اللبنانيين. وكشف رئيس الحكومة اللبنانية قبل أشهر نزع السلاح من أكثر من 500 مخزن في الجنوب اللبناني، وأكد أن الوقت حان لبناء الدولة واستعادة السيادة وضمان الأمن على كافة أراضي البلاد. أخبار ذات صلة


مباشر
منذ ساعة واحدة
- مباشر
نيابة عن السيسي.. مدبولي يتوجه إلى البرازيل للمشاركة بقمة "بريكس"
القاهرة - مباشر: غادر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، صباح اليوم السبت، مطار القاهرة الدولي، متوجهًا إلى البرازيل؛ للمشاركة نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أعمال النسخة السابعة عشرة لقمة مجموعة "بريكس"، التي تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. ومن المقرر أن يشارك رئيس الوزراء في عدد من الجلسات الخاصة بالدول أعضاء مجموعة "بريكس". وتجدر الإشارة إلى أن القمة الـ 17 لتجمع "بريكس" ستعقد يومي 6 و7 يوليو الجاري تحت شعار "تعزيز تعاون دول الجنوب من أجل حوكمة شاملة ومستدامة". حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا


مباشر
منذ 2 ساعات
- مباشر
مصر والسعودية تبحثان وقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة
القاهرة - مباشر: جرى اتصال هاتفي مساء أمس السبت بين الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة المصري والأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية؛ وذلك في إطار التنسيق الدوري المستمر التي تربط بين مصر والمملكة. واستعرض عبدالعاطي الاتصالات المكثفة التي تجريها مصر مع كافة الأطراف لوقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ودار نقاش حول مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة المقرر أن تستضيفه مصر عقب التوصل لوقف إطلاق النار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية. كما تناول الوزيران الاتصالات المكثفة الجارية لتثبيت وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل واستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وبما يسهم في خفض التصعيد وتحقيق التهدئة. كما تبادل الوزيران الرؤى حول التطورات في السودان ومنطقة المشرق العربي. واتفق الوزيران على مواصلة التشاور والتنسيق بينهما بما يحقق المصالح المشتركة ودعم الأمن والاستقرار بالإقليم؛ وذلك تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين. أكد الوزيران على عمق العلاقات الثنائية الوطيدة التي تربط البلدين الشقيقين وما تشهده من تطور كبير في ظل التوجيهات الصادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ وهو ما ينعكس في التعاون المستمر بين البلدين سواء في كافة مجالات التعاون الثنائية أو على صعيد الملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين. وبحث الوزيران مستجدات الأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع الكارثية في قطاع غزة، حيث تطرق الوزيران إلى الجهود الجارية لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا