logo
إطلاق النار على الدبلوماسيين.. هكذا تتصرف إسرائيل بلا رادع

إطلاق النار على الدبلوماسيين.. هكذا تتصرف إسرائيل بلا رادع

الجزيرةمنذ 10 ساعات

جنين- مثّل تعرّض أكثر من 32 دبلوماسيا وممثلا لسفارات أوروبية وعربية لإطلاق نار إسرائيلي متعمّد في محيط مخيم جنين شمال الضفة الغربية ، ظهر الأربعاء، "صدمة" للفلسطينيين وفي الرأي العام الدولي، كما وصفها مسؤول فلسطيني للجزيرة نت.
كان الوفد في جولة دبلوماسية لتفقد آثار العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة في مخيم جنين منذ يناير/كانون الثاني الماضي، والتي أدت إلى تهجير سكانه، وتدمير عدد كبير من منازله وبنيته التحتية.
وضم الوفد سفراء وقناصل ودبلوماسيين من 32 دولة، بينها مصر والأردن والمغرب والبرتغال والصين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وتركيا وإسبانيا وليتوانيا وبولندا وروسيا واليابان ورومانيا والمكسيك وسريلانكا وكندا والهند وتشيلي وفرنسا وبريطانيا، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، برفقة أحمد الديك مستشار وزير الخارجية الفلسطيني.
وبدأت الجولة في محافظة جنين بهدف الاطلاع على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية لسكان المدينة والمخيم، في ظل الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة عليها منذ 5 أشهر والمسماة "السور الحديدي".
ووفق الجدول المعلن، فإن الزيارة تضمنت وصول الوفد إلى محيط مخيم جنين للاطلاع على أوضاعه، وتوثيق الإجراءات العسكرية الإسرائيلية فيه، وهو ما تم التنسيق المسبق له والموافقة عليه من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بحسب وزارة الخارجية الفلسطينية.
لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي فتح النار تجاه السفراء والدبلوماسيين والسياسيين بعد فترة بسيطة من اقترابهم من إحدى البوابات الحديدية التي أقامها على المدخل الشرقي لمخيم جنين قبل شهر.
وقال الديك للجزيرة نت، إن أعضاء الوفد عاشوا "رعبا حقيقيا" و"صدمة كبيرة"، و"لأول مرة جرب هؤلاء الدبلوماسيون شعور المواطن الفلسطيني وما يعيشه بشكل يومي من تهديد لحياته".
وأكد أن إسرائيل كانت على علم مسبق "ومنذ حوالي أسبوع" ببرنامج الزيارة، وما يتخللها من فعاليات، ومن بينها الوصول إلى مخيم جنين والوقوف أمام مداخله.
وقال "بعد وصولنا بربع ساعة فوجئنا بإطلاق الرصاص الحي، لم نعلم إن كان الرصاص بهدف القتل أم لا. حاولوا إفشال البرنامج الذي أعد من فترة وأُبلغ به الجيش الإسرائيلي وتمت الموافقة عليه، فضلا عن برنامج مشابه تم قبل يومين في محافظة طولكرم".
وباسم وزارة الخارجية الفلسطينية، أدان المستشار الديك "هذا العمل غير المبرر، الذي يشكل استمرارا للعدوان الإسرائيلي على فلسطين وشعبها وكل من يحاول مساندته".
ادعاءات إسرائيلية
سريعا نشر جيش الاحتلال بيانا قال فيه "إن الوفد الدبلوماسي انحرف عن مسار الزيارة المقرر، ودخل منطقة غير مسموح بالدخول إليها". وقال إن "الجنديين اللذين أطلقا الرصاص في الهواء لم يكونا على علم بزيارة الوفد، وأنه سيتم التحقيق في الحادثة".
لكن الخارجية الفلسطينية ردت في بيان شديد اللهجة، وقالت إن "ادعاءات جيش الاحتلال غير صحيحة"، وأكدت أنها أعلنت عن الزيارة منذ 10 أيام، وأن الوفد تحرك باتجاه جنين بسيارات دبلوماسية، وأنه زار أحد مداخل جنين المغلق بسواتر ترابية وانتقل في موكب دبلوماسي إلى إحدى البوابات الحديدية على بعد 500 متر من المدخل الأول.
وقال أحمد الديك إن الوفد مكث قرابة 15 دقيقة أمام البوابة مستمعا لشرح مفصل من محافظ جنين كمال أبو الرب حول إفراغ المخيم من سكانه وتهجيرهم، وما تبع ذلك من تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية في المدينة، كل ذلك بحضور عدد من الصحفيين الذين وثقوا إطلاق النار على الهواء مباشرة بعد ربع ساعة من وصول الوفد إلى المنطقة.
رد على مواقف
بحسب الديك، فإن ما حدث "يعكس استخفاف إسرائيل بالمجتمع الدولي، وبالمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف، كما يدل على عدم احترام إسرائيل لحصانه الدبلوماسيين".
وأكد أن الحادثة تأتي بعد قراري بريطانيا وكندا فرض عقوبات على إسرائيل "لاستمرارها في إبادة شعبنا في قطاع غزة"، وعقب قرارات هذه الدول بقطع إمدادات السلاح عن إسرائيل "وهو استخفاف بمطالبة دول الاتحاد الأوروبي بوقف الإبادة والحرب على غزة".
وبيّنت مقاطع فيديو لحظات إطلاق الرصاص بشكل مباشر تجاه الوفد، في حين أظهر مقطع لسفير المملكة المغربية وهو على الهواء مباشرة، حين بدأ صوت الرصاص الكثيف، من داخل المخيم، ومحاولة هروب الموجودين للاحتماء منه.
وشكلت الحادثة صدمة كبيرة في الشارع الفلسطيني الذي اعتبر أن إسرائيل وصلت لأقصى درجات الاستهتار بدول العالم وممثليها. وقال مواطنون من جنين إن ما حدث يفسّر استمرار إسرائيل في جرائمها ومجازرها في غزة وعقوباتها في الضفة وخاصة بمخيمات الشمال؛ فهي لا تقيم اعتبارا لأية دولة مهما كان وزنها، وهذا يفسر عدم وجود رادع لأفعالها.
وبالمقابل، استنكرت الدول التي شارك ممثلوها في الزيارة الحادثة، مطالبة إسرائيل بتوضيح ما حدث، في حين استدعت بعض الدول، منها فرنسا وإيطاليا وأيرلندا والبرتغال، سفراء إسرائيل لديها.
"واقع أليم ومعقد"
ووفق محللين فإن الحادثة أثبتت عكس ما تحاول إسرائيل ترويجه لدول العالم من أنها تقوم بملاحقة من تسميهم "الإرهابيين" في المخيمات الفلسطينية، وأنها لا تنكل بالفلسطينيين في المدن والبلدات والقرى ولا تقيّد حركتهم على حواجزها العسكرية.
وخلال الزيارة وصف عدد من السفراء والدبلوماسيين الواقع الذي تعيشه جنين ومخيمها بـ"الصعب". وقال سفير الأردن لدى فلسطين عصام البدور في حديثه لوسائل إعلام محلية إن واقع مخيم جنين "أليم ومعقد"، ويجب على العدوان الإسرائيلي أن يتوقف على الفور من أجل إعطاء الفلسطينيين فرصة للعيش بصورة طبيعية كباقي العالم.
وشرح محافظ جنين كمال أبو الرب، لسفراء وممثلي 32 دولة أوروبية وعربية خلال الزيارة لمقر المحافظة في المدينة، الوضع المتردي للنازحين من المخيم، وكذلك التراجع الحاد في الاقتصاد المحلي، وتأثير العملية العسكرية الإسرائيلية على كافة مرافق الحياة في المحافظة.
وقال أبو الرب إن عدد النازحين من مخيم جنين ومحيطه وصل إلى 22 ألفا، في حين دمّر الاحتلال مئات المنازل بشكل كلي في المخيم، ووصلت الخسائر المباشرة إلى 298 مليون شيكل. في حين استشهد 40 مواطنا وأصيب 200 آخرون برصاص الاحتلال منذ بدء الحملة العسكرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دعوات أممية ودولية للتحقيق في إطلاق نار على دبلوماسيين بجنين
دعوات أممية ودولية للتحقيق في إطلاق نار على دبلوماسيين بجنين

الجزيرة

timeمنذ 39 دقائق

  • الجزيرة

دعوات أممية ودولية للتحقيق في إطلاق نار على دبلوماسيين بجنين

دعت الأمم المتحدة والعديد من الدول الغربية إسرائيل إلى التحقيق في حادثة إطلاق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار على وفد من الدبلوماسيين الأوروبيين والعرب أثناء زيارتهم أمس إلى مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء هذه التقارير التي تُفيد بأن جنودا إسرائيليين أطلقوا طلقات تحذيرية على الوفد الدبلوماسي، بمن فيهم موظفون من الأمم المتحدة. وشدد على وجوب عدم إطلاق النار على الدبلوماسيين الذين يؤدون عملهم أو مهاجمتهم، مضيفا "من الواضح أنه يجب دائما احترام سلامتهم وأنشطتهم الحيوية. وأي استخدام للقوة ضدهم أمر غير مقبول". ودعا دوجاريك السلطات الإسرائيلية إلى إجراء تحقيق شامل في الحادث، مؤكدا أنه ينبغي مشاركة النتائج مع الأمم المتحدة واتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال. وكان وفد من 35 دبلوماسيا يقوم بجولة ميدانية أمس الأربعاء في محافظة جنين للاطلاع على الأوضاع الإنسانية فيها، وتعرضوا لإطلاق نار أثناء زيارتهم إلى مخيم جنين رغم أن الزيارة كانت منسقة مع الجيش الإسرائيلي. إدانات دولية وعقب الحادثة توالت الإدانات الدولية، حيث اعتبر رئيس الوزراء الكندي أن الطلقات التحذيرية بالضفة "مرفوضة بالكامل"، واستدعت الخارجية القطرية السفير الإسرائيلي في أوتاوا لمطالبته بإجابات. كما أعلنت المكسيك أمس أنها ستطلب "توضيحات" من إسرائيل في أعقاب الحادث، وقالت وزارة الخارجية المكسيكية إنه ليس هناك ما يفيد بأن الدبلوماسيين دخلوا إلى منطقة غير مرخص لهم الدخول إليها. وأعلنت وزارة خارجية أوروغواي أنها استدعت أمس الأربعاء السفيرة الإسرائيلية في مونتيفيديو"لتوضيح الحقائق المبلغ عنها" في أعقاب إطلاق جنود الاحتلال أعيرة نارية تحذيرية باتجاه الدبلوماسيين الأجانب. كما أعلنت وزيرة الخارجية الكندية أمس أنها طلبت من المسؤولين في السفارة استدعاء السفير الإسرائيلي "لإبلاغه بمخاوف كندا الجدية" وطالبت بتحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة. بدوره قال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فاكونر إن مثل هذه الأحداث "غير مقبولة" داعيا إلى "إجراء تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين". وكذلك وصف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الحادث بأنه "غير مقبول" واستدعت سفير إسرائيل في باريس للتوضيح، كما استنكرت وزارة الخارجية الألمانية ما وصفته "بإطلاق النار غير المبرر". وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية أنها استدعت السفير الإسرائيلي في روما "للاحتجاج" و"طلب تفسيرات". من جهتها أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس علمها بالواقعة وحثت إسرائيل على التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها. وفي أنقرة، قالت وزارة الخارجية التركية إن إطلاق النار على الدبلوماسيين، وبينهم أتراك، "دليل آخر على تجاهل إسرائيل المنهجي للقانون الدولي وحقوق الإنسان". رفض عربي واستنكرت دول عربية إطلاق جنود الاحتلال النار على الوفد الدبلوماسي ودعت إلى محاسبة دولية وتوضيحات إسرائيلية، وذلك وفق مواقف رسمية صدرت عن السعودية وقطر ومصر والأردن وفلسطين، معتبرة أن ما جرى يمثل انتهاكا للقوانين والمواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية. وتأتي الواقعة في ظل تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة والسماح بوصول المساعدات إلى السكان الذين يقول خبراء الأمم المتحدة إنهم على شفا المجاعة بعد حصار إسرائيلي استمر 11 أسبوعا.

"رابطة مكافحة التشهير" من الدفاع عن اليهود إلى الدفاع عن جرائم إسرائيل
"رابطة مكافحة التشهير" من الدفاع عن اليهود إلى الدفاع عن جرائم إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

"رابطة مكافحة التشهير" من الدفاع عن اليهود إلى الدفاع عن جرائم إسرائيل

منظّمة يهودية أميركية مستقلة، تأسست عام 1913. تعرّف نفسها بأنها منظمة حقوقية مدنية هدفها "وقف التشهير باليهود وضمان العدالة والمساواة للجميع"، وباتت من أقوى جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، ولها دور بارز في توجيه الرأي العام وصياغة السياسة الوطنية، وأصبحت صوتا مؤثرا لدى الحكومة الأميركية والإعلام والمؤسسات التعليمية وأجهزة إنفاذ القانون والقطاع الخاص. تستخدم الرابطة نفوذها بقوة لدعم إسرائيل وإسكات الأصوات المناهضة لها ول جرائم الحرب و الإبادة الجماعية التي ترتكبها، وتعمل على قمع النشطاء والمنظمات المناصرة للحق الفلسطيني، من خلال المراقبة والتجسس غير القانوني والترهيب وتشويه السمعة واستخدام المال للضغط على المشرعين والتأثير في قراراتهم. وتصنف الرابطة نفسها "منظمة رائدة عالميا في مجال مناهضة الكراهية"، ولديها نحو 30 مكتبا في الولايات المتحدة الأميركية ، فضلا عن المقر الرئيسي في نيويورك ، ومكتب في إسرائيل ، ولها ممثلون في روما و موسكو ، وتدير شبكة من المنظمين وجماعات الضغط المحلية، وتتولى العديد من البرامج التدريبية والتعليمية. النشأة والتأسيس تأسست رابطة مكافحة التشهير في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة عام 1913، على يد المحامي سيغموند ليفينغستون، بدعم من منظمة بناي بريث، أقدم وأكبر منظمةِ خدمات يهودية في العالم، وكان الهدف من إنشاء الرابطة في حينها هو مكافحة "معاداة السامية". ويتصل إنشاء الرابطة بشكل مباشر بالأحداث المتعلقة بقضية ليو فرانك، الذي كان رئيسا لمنظمة بناي بريث في أتلانتا، وفي عام 1913، أُدين بقتل فتاة في الـ13 من عمرها، وعلى إثر تخفيف المحكمة حكم الإعدام الصادر بحقه، ثارت موجة غضب شعبي، انتهت بإقدام مجموعة منهم على شنقه. وقد دفعت "مظاهر التمييز والتحامل" التي أحاطت بالقضية ليفينغستون لتأسيس الرابطة، التي أراد من خلالها "وقف التشهير بالشعب اليهودي، عبر اللجوء إلى العقل والضمير، أو اللجوء إلى القانون إذا لزم الأمر"، وهو ما يضمن برأيه العدالة والمساواة للجميع. وانصبت جهود الرابطة في بداية نشأتها على التصدي للمجموعات العنصرية، ومحاربة الصور النمطية والتعبيرات المعادية للسامية، الصادرة عن وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية كالمسرح والسينما والصحافة. وراسلت الرابطة رؤساء تحرير الصحف في أنحاء الولايات المتحدة مطالبة إياهم بالامتناع عن استخدام أي عبارات مسيئة لليهود في منشوراتهم. وبعد مرور عقد على تأسيسها، كان تأثيرها قد تنامى، وفي أواخر عشرينيات القرن العشرين، مارست ضغوطا لإدانة صحيفة ديربورن إندبندنت، بعد نشرها وثيقة تزعم وجود مؤامرة يهودية وماسونية للسيطرة على العالم. واستعانت في حملتها ضد الصحيفة بالرئيس الأميركي آنذاك، وودرو ويلسون، إلى جانب شخصيات بارزة، مما أدى في نهاية المطاف إلى إغلاق الصحيفة وإجبارها على تقديم اعتذار رسمي. وحفّز اعتلاء أدولف هتلر السلطة في ألمانيا في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين ظهور جماعات فاشية في الولايات المتحدة، منها "البوند الألماني الأميركي" و"الجبهة المسيحية"، ولمواجهة التهديدات الناجمة عن انتشار هذه الجماعات، أطلقت الرابطة حملات توعية. ترسيخ الحقوق المدنية قادت رابطة مكافحة التشهير مع نهاية الحرب العالمية الثانية حملة داعمة لتشريع الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وانضمت إلى منظمات الحقوق المدنية الأخرى للمطالبة بإنهاء التمييز في السكن والتوظيف والتعليم، ودعمت كلا من قانون الحقوق المدنية الذي صدر عام 1964، وقانون حقوق التصويت الذي صدر عام 1965. وبذلت جهودا كبيرة لضمان الفصل بين الدين والدولة وحماية حقوق الأقليات الدينية في النظام التعليمي، إذ قدمت مذكرة قانونية للمحكمة العليا عام 1948 ضد مجلس التعليم، احتجت فيها على بعض "القوانين التمييزية"، مثل تطبيق نظام الحصص، الذي كان يحد من قبول الطلاب اليهود في الكليات والجامعات. مكافحة "معاداة السامية" ركزت الرابطة حتى سبعينيات القرن العشرين جهودها بشكل أساسي على متابعة نشاطات "المنظمات المتطرفة التقليدية المعادية للسامية"، وقد استعانت في مطلع الستينيات بمختصين في علم الاجتماع لإنجاز استطلاعات للرأي تقيس مستوى "المشاعر المعادية للسامية" في الولايات المتحدة. وأسفر المشروع عن مجموعة من الدراسات التي أصبحت مرجعا مهما في "معاداة السامية" في الولايات المتحدة، وأسهمت في إدانة المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965 معاداة السامية ورفضه تحميل اليهود مسؤولية قتل المسيح. وفي سبعينيات القرن العشرين، باشرت رابطة مكافحة التشهير تطوير برامج تثقيفية موجهة إلى المدارس والجامعات والشركات وقوات الشرطة بهدف توعية الناس حول الهولوكوست. ومنذ نهاية ذلك العقد تُعد الرابطة مسحا سنويا لكافة أنواع "معاداة السامية" في الدولة، بما يشمل العنف والمضايقة والتهديد، وهذا التقرير السنوي من أهم أدوات التأثير لديها، إذ تعتمده وسائل الإعلام والحكومة على نطاق واسع لتقييم "معاداة السامية". وفي نهاية الثمانينيات شاركت في الضغط على الحكومة من أجل قانون إحصاء جرائم الكراهية، الذي صدر عام 1990، والذي يوجب تحديد دافع الجريمة سواء أكان عرقيا م دينيا أم توجه الضحية الجنسي، ثم توثيقه على قاعدة بيانات فدرالية، ويسمح بمشاركة تلك البيانات مع مسؤولي إنفاذ القانون في أنحاء البلاد. تقدم رابطة مكافحة التشهير دعما قويا للاحتلال الإسرائيلي، وتتصدى للأفراد والجماعات التي تنتقد سياسات إسرائيل واحتلالها الضفة الغربية وعدوانها على قطاع غزة. وصرح موظف في الرابطة لم يكشف عن هويته في تقرير لصحيفة غارديان البريطانية نُشر في 5 يناير/كانون الثاني 2024 بأن الرابطة لديها "تحيز لإسرائيل، ولديها أجندة لقمع النشاط المؤيد للفلسطينيين". وقد باشرت الرابطة دعمها لدولة الاحتلال منذ الخمسينيات من القرن العشرين، وسخرت نفوذها في الإعلام للدفاع عن إسرائيل، وبحلول السبعينيات، بات دورها في هذا الشأن أكثر وضوحا وبروزا. وبمرور الوقت تبنت مفهوما أوسع لمعنى "معاداة السامية"، إذ أصبح يتضمن معاداة الصهيونية ، وهكذا أصبح في نظرها "معاديا للسامية" كل من يعارض المبادئ التي تأسست عليها إسرائيل وينتقد سياساتها، بما في ذلك احتلال الضفة الغربية وغزة، ونظام إسرائيل القائم على الفصل العنصري وقمع الشعب الفلسطيني. ولتحقيق هذا المسعى تحالفت مع الجماعات المناصرة لإسرائيل، لا سيما المسيحيين الإنجيليين، الذين يدعمون الاحتلال لأسباب لاهوتية، فقد بنت علاقات وثيقة معهم، وأيدت دعمهم غير المشروط لفلسطين. وفي تقرير نُشر في 30 أغسطس/آب 2002 على موقع أخبار اليهود في شمال كاليفورنيا، كتب مدير الرابطة آنذاك أبراهام فوكسمان "لا ينبغي لليهود الأميركيين الاعتذار أو الدفاع عن أنفسهم بشأن تعزيز الدعم الإنجيلي لإسرائيل … ولحسن الحظ، فإن الدعم الإنجيلي ساحق ومستمر وغير مشروط". وفي حملة منظمة ومنسقة لإسكات أي خطاب ينتقد سياسات إسرائيل في قمع الفلسطينيين، تستهدف الرابطة بشكل مستمر جماعات التضامن مع القضية الفلسطينية، وتعمل على شيطنة الناشطين والمنظمات المدافعة عن الحقوق الفلسطينية في الولايات المتحدة، وتصفهم بأنهم معادون للسامية، وتعمل على قمع نشاطاتهم وتأليب السلطات عليهم. ويشمل ذلك العرب الأميركيين والمسلمين واليهود الليبراليين والتقدميين وحركة "حياة السود مهمة"، وغيرها من الحركات المناصرة لفلسطين. وقد أبدت الرابطة استعدادا لانتهاك الحقوق المدنية، وتشويه سمعة نشطاء العدالة العرقية، وإلحاق الضرر بالحركات التقدمية من أجل تعزيز هدفها في ضمان استمرار الاحتلال الإسرائيلي وسياساته القمعية دون رادع. وفي القمة الوطنية السنوية للرابطة عام 2022، قال رئيسها التنفيذي جوناثان غرينبلات "إن جماعات التضامن مع فلسطين هي الوجه الآخر لليمين المتطرف"، ووعد بأن محاربتها ستصبح أكثر مركزية في مهمته، وتوعد بمحاسبتها من خلال القضاء واستخدام نفوذ الرابطة الدعائي لدفع صناع القرار إلى اتخاذ إجراءات ضدهم. وقال في خطابه إن الرابطة تعتبر منظمتي " الصوت اليهودي من أجل السلام" و"الطلاب من أجل العدالة في فلسطين"، إضافة إلى "مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)" جماعات متطرفة. وكان هجومه على المنظمات بسبب دعواتها المناهضة لإسرائيل والصهيونية، وصرح في الخطاب نفسه بأن "معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية"، رغم أن المنظمة طالما أكدت سابقا أن معاداة الصهيونية ليست بالضرورة معاداة للسامية. مهاجمة حركات العدالة الاجتماعية تصف رابطة مكافحة التشهير نفسها بأنها منظمة حقوق مدنية، ولكنها في حقيقة الأمر كثيرا ما تعمل على تقويض الحقوق المشروعة لمجتمعات مثل السود والمهاجرين والمسلمين والعرب والفلسطينيين. وأدى انحياز الرابطة لإسرائيل إلى اتهامها بالتخلي عن رسالتها الأصلية في مجال الحقوق المدنية، وعدم تمييزها بين النقد المشروع لإسرائيل ومعاداة السامية، ودخلت في صراع مع جماعات عربية وإسلامية ومنظمات سلام ونشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية. وفي سبيل توجهها المنحاز لإسرائيل شقت لنفسها طريقا سياسيا، يتصادم في كثير من الأحيان مع تحقيق الحقوق المدنية، وبحسب حركة الصوت اليهودي من أجل السلام، فإن الرابطة "تقدم مخاوفها بشأن الحكومة الإسرائيلية على مخاوفها بشأن حقوق الإنسان". وقد دعمت الرابطة نظام الفصل العنصري، ووصفت حزب نيلسون مانديلا بأنه "معادٍ لإسرائيل ولأميركا"، ودعمت الإبادة الجماعية في غزة، وتغافلت عن حقوق الشعب الفلسطيني، ودأبت على تعزيز ظاهرة " الإسلاموفوبيا" في الولايات المتحدة، وتشويه سمعة العرب والمجتمعات العربية، لا سيما عندما نظّموا أنفسهم وأصبحوا قوة انتخابية في أميركا. وقمعت الرابطة الحركات المناهضة للعنصرية والمهاجرين وغيرها من الحركات التي تنادي بالعدالة الاجتماعية، وكثيرا ما هاجمت القادة السود الذين لديهم تاريخ طويل في دعم المجتمعات المهمشة. وردا على تحيزها المستمر ضد منظمات العدالة الاجتماعية، أطلقت مجموعة من المنظمات الثقافية والتقدمية وجماعات العدالة الاجتماعية والحريات المدنية وغيرها في عام 2020 حملة دعت مجتمع التقدميين إلى وقف التعامل مع الرابطة، وقد وصل عدد الجهات المنضمة للحملة حتى 21 أغسطس/آب 2024 نحو 300 مجموعة ومنظمة. إعلان وذكر الموقع الرسمي للحملة أن الرابطة "لديها تاريخ ونمط مستمر في مهاجمة حركات العدالة الاجتماعية التي تقودها مجتمعات من ذوي البشرة الملونة والمثليين والمهاجرين والمسلمين والعرب وغيرهم من الفئات المهمشة، مع تحالفها (الرابطة) مع الشرطة وقادة اليمين ومرتكبي عنف الدولة". التجسس والمراقبة غير القانونية تجسست الرابطة منذ أوائل خمسينيات القرن العشرين لصالح الشرطة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، وتزايد نشاطها الاستخباراتي على مدى العقود اللاحقة. وبحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست ، نشر في أكتوبر/تشرين الأول 1993، كتب المدير الوطني السابق للرابطة، بنيامين إبستاين عام 1961 إلى مسؤول في منظمة "بناي بريث" أن الرابطة تتابع دبلوماسيين وناشطين عربا في أميركا، وتشارك معلوماتها مع حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة. وفي عام 1993 واجهت الرابطة دعوى قضائية جماعية، وتحقيقا من قِبل مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، بشأن شبكة استخبارات وطنية طورتها الرابطة على مدى عدة عقود، تضمّ "عملاء سريين" يتبادلون المعلومات بانتظام مع الشرطة ووكالات إنفاذ القانون الفدرالية. وشمل التجسس ما لا يقل عن 10 آلاف من الأميركيين، من ضمنهم أعضاء في الكونغرس وأميركيون عرب ونشطاء سياسيون ومعارضون لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وعلاوة على ذلك تجسست الرابطة على أكثر من 700 من منظمات حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والجماعات التي اعتبرتها الرابطة معادية للسامية أو معادية لإسرائيل. ووجدت شرطة سان فرانسيسكو عند تفتيش مكاتب للرابطة، وثائق تم الحصول عليها بشكل غير قانوني، مثل: مواد سرية قانونية تتعلق بنشطاء سياسيين، ونسخ مسربة من تقارير إنفاذ القانون السرية، وبطاقات بصمات الأصابع، والتاريخ الجنائي الفردي المستمد من سجلات الشرطة. وفي عام 1999، أُغلقت القضية عبر تسوية مع المحكمة الفدرالية، مُنعت بموجبها الرابطة من الوصول بطريقة غير قانونية إلى معلومات عن موظفي الدولة والمسؤولين. ورغم ذلك، واصلت نشاطها التجسسي، وقد أثبتت مذكرة داخلية للرابطة أرسلت عبر البريد الإلكتروني في مايو/أيار 2020، تعقُبها أفرادا وتسجيل ملفاتهم الشخصية، وإرسال تقييمات تهديد لهم. وجاء في المذكرة التي كشفت عن فحواها صحيفة غارديان أن الرابطة جمعت معلومات عن الناشطة تاتيانا ريبيل، التي عملت في حملة التبادل القاتل، وهي حملة ضد برنامج تدعمه الرابطة، يقوم بإرسال مسؤولين من الشرطة الأميركية للتدريب مع الجيش الإسرائيلي. مصدر غير موثوق تضررت مصداقية الرابطة بشدة بصفتها منظمة للحقوق المدنية، بسبب موقفها المنحاز لإسرائيل، لا سيما بعد العدوان الإسرائيلي الذي بدأ على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. فقد توصل محررو موسوعة ويكيبيديا في عام 2024 إلى أن رابطة مكافحة التشهير لم تعد موثوقة في المعلومات حول معاداة السامية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وصوتت الغالبية العظمى منهم لحظرها، بسبب تصرفها من موقع منظمة مناصرة لإسرائيل، وميلها إلى تصنيف ما يعتبرونه نقدا مشروعا "معاداة للسامية". وركز المحررون في تقييمهم لسلوك الرابطة، على الفترة التي أعقبت معركة طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والعدوان الإسرائيلي اللاحق على غزة، وما نجم عنه من مظاهرات الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية. وقد عدّت الرابطة المظاهرات التي تُردد هتافات وشعارات معادية للصهيونية معادية للسامية، على الرغم من أن بعض هذه الاحتجاجات قادها أو حضرها يهود تقدميون، وكثير منهم ينتقدون إسرائيل. وفي تحليل أجرته منظمة فوروارد المستقلة، التي تُعني بالقضايا التي تهم اليهود الأميركيين، يتناول تقريرا للرابطة أصدرته مطلع عام 2024، ذكرت أكثر من 3 آلاف حادثة "معادية للسامية"، وقالت فوروارد إن نسبة كبيرة من الحوادث كانت تعبيرا عن العداء تجاه إسرائيل، وليست ضمن الأشكال التقليدية لمعاداة السامية. وكان نحو ثلثي الحوادث في التقرير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول مرتبطا بالحرب في غزة، بحسب ما أفادت المنظمة، وقد شكلت الحوادث التي وقعت في الحرم الجامعي أكثر من 500 حادثة، تضمنت هتافات تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية أو تدعو إلى فلسطين حرة. وقالت صحيفة تيارات يهودية (Jewish Currents) بعد تحليل بيانات تقرير الرابطة: "إن إعادة تقييم بيانات المنظمة سطرا بسطر يلقي الضوء على العيوب في منهجيتها"، وتوصل التحليل إلى أن "البيانات تضمنت تطبيقا خاطئا لمعايير المنظمة نفسها"، وقال إن الخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية يشوّه البيانات. جماعة ضغط إسرائيلية تمارس رابطة مكافحة التشهير ضغوطا شديدة على الحكومة والمؤسسات التعليمية ووكالات إنفاذ القانون والشركات في الولايات المتحدة، من أجل تبني مفهوم يخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. وتضغط الرابطة على المدارس والحكومات الفدرالية والمحلية لقمع أنشطة المدافعين عن حقوق الفلسطينيين في الولايات المتحدة، بما في ذلك الجماعات الطلابية وحركة "حياة السود مهمة" وجماعات يهودية مثل "صوت اليهود من أجل السلام" و"إن لم يكن الآن". وانضمت المنظمة إلى دعوات الجمهوريين في الكونغرس لإنفاذ القانون لإغلاق مخيمات التضامن مع غزة في الحرم الجامعي، بحجة أن هذه المخيمات هي بؤر للكراهية المعادية للسامية، ودعت إلى تدخل الشرطة لفض الاعتصامات. ودعمت تشريعات الكونغرس والولايات الهادفة إلى قمع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، الأمر الذي يعد غير قانوني، ويتعارض مع الحق في حرية التعبير المكفولة بالدستور الأميركي. وذكرت صحيفة غارديان في تقرير نشرته في 16 مايو/أيار 2024 "أنفقت رابطة مكافحة التشهير مبالغ قياسية في السنوات الأخيرة، للضغط على مشاريع قوانين يقول المعارضون إنها تهدف إلى معاقبة الانتقادات الموجهة لإسرائيل واستهداف جماعات السلام اليهودية وحقوق الفلسطينيين". ووافق مجلس النواب في أواخر أبريل/نيسان 2024 على قانون التوعية بمعاداة السامية، الذي ضغطت رابطة مكافحة التشهير من أجله، والذي يُقنن تعريفا لمعاداة السامية من شأنه أن يحد من حرية التعبير. وقد مُنحت الرابطة سلطة مراقبة المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، فهي تُدقق في محتوى يوتيوب و غوغل ، وتعمل على تصفية المنشور على تويتر و فيسبوك و مايكروسوفت. وقد مارست ضغوطا لإصدار قرار حظر تيك توك، الذي وقّعه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عام 2024، بحجة تجاهل المنصة منشورات اعتبرتها معادية للسامية ومحرضة على الكراهية منذ استحواذ إيلون ماسك عليها، وذلك على خلفية عدم حذف المنصة جميع المنشورات المُبلّغ عنها من قبل الرابطة، لعدم توافقها مع معايير المنصة. وقد أدى الحظر إلى تضرر المنصة، وقال ماسك إن إيراداتها تراجعت في الولايات المتحدة بنسبة 60%، بسبب ضغط الرابطة على المعلنين لسحب إعلاناتهم. دعم عسكرة الشرطة أطلقت الرابطة منذ عام 2004، برنامجا لتدريب مشترك مع الشرطة والجيش الإسرائيلي، يتم من خلاله إرسال وفود من عناصر إنفاذ القانون الأميركية بشكل دوري إلى إسرائيل لتلقي تدريبات من الشرطة والجيش الإسرائيليين. وقد ذكر تقرير الرابطة السنوي لعام 2016، أن جميع إدارات شرطة المدن الكبرى في الولايات المتحدة قد أرسلت مشاركين إلى إسرائيل ومدرسة التدريب المتقدم التابعة لها في مجال مكافحة الإرهاب. وفي أعقاب مقتل المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس عام 2020، بسبب استخدام القوة المفرطة، نقلت مذكرة داخلية مسربة أن بعض كبار قادة الرابطة ناقشوا ما إذا كان برنامج التدريب قد أدى إلى تفاقم وحشية الشرطة الأميركية، ورغم ذلك اكتفت الرابطة بوقف مؤقت للبرنامج.

أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل

دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، وتمنح إسرائيل عددا من الامتيازات في الأسواق الأوروبية. وبلغ حجم التجارة بين الطرفين 46.8 مليار يورو عام 2022، مما جعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. توقيع الاتفاقية وُقعت اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، بحضور وزير خارجية إسرائيل ونظرائه في دول الاتحاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000 بعد أن صادقت عليها جميع البرلمانات الأوروبية و الكنيست الإسرائيلي. تهدف الاتفاقية إلى إرساء إطار قانوني ومؤسسي منظم لتطوير الحوار السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتنص ديباجتها على التزام الأطراف بتعزيز اندماج الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد الأوروبي، بما يعكس التوجه نحو شراكة إستراتيجية طويلة الأمد. عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران عام 2000 في لوكسمبورغ، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي، ونظرائه من دول الاتحاد، إيذانا ببدء سريان الاتفاقية رسميا. أهداف الاتفاقية إرساء إطار فعّال للحوار السياسي يتيح تطوير علاقات سياسية متينة ومستدامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. دعم النمو المتوازن للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين عبر توسيع نطاق التجارة في السلع والخدمات والتحرير المتبادل لحق تأسيس الشركات، والتدرج في تحرير أسواق المشتريات الحكومية وتسهيل حركة رؤوس الأموال وتعزيز التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة والعمل وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستقرار المالي لدى الطرفين. تشجيع التعاون الإقليمي بما يعزز التعايش السلمي وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. توسيع مجالات التعاون الثنائي في قضايا ومصالح مشتركة تخدم الطرفين. حقوق الإنسان وعلاقتها بالاتفاقية تنص الاتفاقية على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يشكلان ركيزة أساسية للاتفاق، كما تقر بإنشاء مجلس شراكة يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، مدعوما بلجنة شراكة متخصصة لضمان متابعة التنفيذ وتعزيز التعاون. الإطار السياسي للاتفاقية يهدف هذا الجانب من الاتفاقية إلى إضفاء الطابع المؤسسي والمنظم على الحوار السياسي القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتوسيعه ليشمل نطاقات جديدة للتعاون الثنائي. وقد عُقد هذا الحوار في السابق على مستوى وزراء الخارجية بشكل غير رسمي ومتكرر على مدار العام، دون أن يستند إلى إطار قانوني ملزم. غير أن الاتفاقية نصّت على تنظيم هذا الحوار ضمن لقاءات سنوية منتظمة تُعقد على مختلف المستويات، بدءا من صُنّاع القرار في أعلى المستويات الوزارية، ووصولا إلى الخبراء والمسؤولين الإداريين. الإطار التجاري لا تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فحسب، بل تنظم كذلك العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك عبر تحديد آليات تبادل السلع والخدمات بين الطرفين. وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان هناك بالفعل حجم كبير من التجارة بين الجانبين، وصل عام 1999 إلى نحو 22 مليار دولار، فمنذ عام 1975 أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الجانبين، سمحت بتبادل السلع دون فرض ضرائب جمركية مرتفعة، مما سهّل تدفّق المنتجات بين الأسواق الأوروبية والإسرائيلية. وقد حافظت اتفاقية الشراكة الجديدة على هذه المنطقة الحرة، مع إدخال تحسينات إضافية تتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، منها تقليص الروتين وخفض الرسوم. حجم التبادل التجاري بين الأطراف في 2024 بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي نحو 0.8%، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جاءت إسرائيل في المرتبة الثالثة بين شركاء الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. في المقابل، يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأبرز لإسرائيل، إذ بلغ حجم تجارة السلع بين الطرفين نحو 42.6 مليار يورو في العام ذاته، مما يُمثل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل مع العالم. بلغت قيمة الواردات الأوروبية من إسرائيل عام 2024 نحو 15.9 مليار يورو، وتوزعت على عدد من القطاعات الرئيسية، من ضمنها الآلات ومعدات النقل في الصدارة بقيمة 7 مليارات يورو، أي ما يعادل 43.9% من إجمالي الواردات، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو (18%)، إضافة للسلع المصنعة الأخرى بقيمة 1.9 مليار يورو (12.1%). أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل فقد بلغت 26.7 مليار يورو، تتكون في معظمها من الآلات ومعدات النقل التي سجلت 11.5 مليار يورو، ما يمثل 43% من إجمالي الصادرات. كما شملت الصادرات مواد كيميائية بقيمة 4.8 مليارات يورو (18%)، إضافة إلى سلع مصنعة أخرى بقيمة 3.1 مليارات يورو (11.7%). وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فقد بلغ حجم التبادل عام 2023 نحو 25.6 مليار يورو. واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 10.5 مليارات يورو، بينما بلغت صادراته إلى إسرائيل 15.1 مليار يورو في العام ذاته. مُساءلة حقوقية في 20 مايو/أيار 2025 أعلنت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيباشر مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، وذلك في ضوء ما وصفته بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة ، وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل. وأوضحت كالاس أن "أغلبية قوية" من وزراء الخارجية أيدوا هذه الخطوة، في إشارة إلى الدعم الواسع لمراجعة الاتفاقية. وأكّد دبلوماسيون أن 17 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد دعمت هذه المراجعة، التي ستركز على تقييم مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاقية. وقد جاء هذا الاقتراح بمبادرة من وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب. بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى مراجعة الاتفاقية على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات. وبعد إسبانيا وأيرلندا طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى أنه في 2002، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ردا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنين ونابلس، إلا أن المفوضية الأوروبية آنذاك لم تتخذ أي خطوات عملية لتفعيل هذا القرار أو لمحاسبة إسرائيل على تلك الانتهاكات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store