
"الشداد".. أداة الأجداد التي طوّعت الصحراء وتحولت من وسيلة تنقل إلى أيقونة تراثية
ويُصنع "الشداد" من الخشب على شكل مقوّس يُثبّت على ظهر الجمل من الأمام والخلف، وتوضع بينهما وسادة مصنوعة غالبًا من الصوف أو القماش لتوفير التوازن والراحة للراكب خلال الرحلات الطويلة، مما جعله شاهدًا حيًا على تنقلات البدو وأسفارهم، سواء في الترحال أو التجارة أو نقل الركاب والبضائع لمسافات بعيدة وسط تضاريس متباينة.
وتتعدد استخداماته بحسب الغرض، حيث ينقسم إلى نوعين: الأول مخصص لركوب الأفراد، والثاني لحمل الأحمال الثقيلة والبضائع، وهو ما يعكس عمق العلاقة بين الإنسان والجمل كرمز للحياة الصحراوية ووسيلة نقل لا غنى عنها في تلك البيئة.
ورغم تطور وسائل النقل الحديثة، لا يزال "الشداد" حاضرًا في المشهد الثقافي والتراثي، حيث يستخدم اليوم كعنصر جمالي في المجالس ومناطق الضيافة، ويُعرض في الأسواق الشعبية والمهرجانات التراثية، كرمزٍ للأصالة والارتباط بجذور الماضي.
ويعكس هذا الابتكار الحرفي قدرة المجتمعات المحلية القديمة على توظيف خامات البيئة المتاحة في تصميم أدوات عملية، تجسد روح الابتكار والاستدامة، وتبرز ملامح الهوية الثقافية المرتبطة بالإبل كرمز للصبر، والقوة، والتأقلم مع ظروف الحياة الصحراوية.
ويظل "الشداد" أيقونة تراثية فريدة، تحمل في طياتها رسالة عميقة بأهمية حفظ الموروث الشعبي والاحتفاء برموزه، لما لها من دور في ترسيخ قيم الاعتماد على الذات، والارتباط الوثيق بالطبيعة، ونقل حكايات الأجداد للأجيال القادمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 2 أيام
- الرياض
العلا قديماً.. تناغم الإنسان والطبيعة
اتسمت الحياة الاجتماعية والاقتصادية في محافظة العُلا قديمًا بدورة موسمية فريدة تعكس انسجام الإنسان مع بيئته الطبيعية، حيث كان السكان يتنقّلون بين البلدة القديمة والمزارع المحيطة بها، في نمط معيشي يتكيّف مع فصول السنة، ويُجسد فهما عميقًا لطبيعة المكان وتحدياته، ففي فصل الشتاء، كانت الحياة تتركّز داخل البلدة القديمة التي بُنيت من الطين والحجارة، وتتميز بأزقتها الضيقة ومبانيها المتلاصقة التي وفرت الدفء والحماية من برودة الأجواء، إلى جانب احتضانها للأنشطة التجارية والأسواق والمجالس العامة، لتُشكّل بذلك قلبًا نابضًا للحياة الاجتماعية والثقافية في العُلا. وفي فصل الصيف، كان الأهالي يغادرون البلدة باتجاه المزارع الممتدة في أطراف الواحة، حيث تُوفّر كثافة النخيل والعيون المائية بيئة ملائمة للسكن والعمل الزراعي، وقد اعتمد السكان على "مساكن النخيل" التي شُيّدت بمواد طبيعية كجذوع وسعف النخل، لتكون ملاذًا موسميًا يحقق الراحة ويُعزز استدامة الإنتاج الزراعي. وتُظهر هذه الدورة السنوية انسجامًا دقيقًا بين الوظائف المناخية للمكان ومتطلبات المعيشة، إذ كانت البلدة تؤدي دورها الاجتماعي والاقتصادي في الشتاء، فيما تؤدي المزارع دورها الغذائي والبيئي في الصيف، ضمن إطار تكاملي يحافظ على توازن الحياة في الواحة عبر الأجيال. ويُعد هذا النمط المعيشي دليلًا على البراعة الفطرية لأهالي العُلا في استثمار مواردهم المحلية، وإدارتها بما يتواءم مع إيقاع الطبيعة، في تجربة حياتية لا تزال شواهدها حاضرة في تفاصيل المكان.


الرياض
منذ 2 أيام
- الرياض
العلا قديما.. تناغم فريد بين الإنسان والطبيعة
اتسمت الحياة الاجتماعية والاقتصادية في محافظة العُلا قديمًا بدورة موسمية فريدة تعكس انسجام الإنسان مع بيئته الطبيعية، حيث كان السكان يتنقّلون بين البلدة القديمة والمزارع المحيطة بها، في نمط معيشي يتكيّف مع فصول السنة، ويُجسد فهما عميقًا لطبيعة المكان وتحدياته. ففي فصل الشتاء، كانت الحياة تتركّز داخل البلدة القديمة التي بُنيت من الطين والحجارة، وتتميز بأزقتها الضيقة ومبانيها المتلاصقة التي وفرت الدفء والحماية من برودة الأجواء، إلى جانب احتضانها للأنشطة التجارية والأسواق والمجالس العامة، لتُشكّل بذلك قلبًا نابضًا للحياة الاجتماعية والثقافية في العُلا. أما في فصل الصيف، فكان الأهالي يغادرون البلدة باتجاه المزارع الممتدة في أطراف الواحة، حيث تُوفّر كثافة النخيل والعيون المائية بيئة ملائمة للسكن والعمل الزراعي، وقد اعتمد السكان على "مساكن النخيل" التي شُيّدت بمواد طبيعية كجذوع وسعف النخل، لتكون ملاذًا موسميًا يحقق الراحة ويُعزز استدامة الإنتاج الزراعي. وتُظهر هذه الدورة السنوية انسجامًا دقيقًا بين الوظائف المناخية للمكان ومتطلبات المعيشة، إذ كانت البلدة تؤدي دورها الاجتماعي والاقتصادي في الشتاء، فيما تؤدي المزارع دورها الغذائي والبيئي في الصيف، ضمن إطار تكاملي يحافظ على توازن الحياة في الواحة عبر الأجيال. ويُعد هذا النمط المعيشي دليلًا على البراعة الفطرية لأهالي العُلا في استثمار مواردهم المحلية، وإدارتها بما يتواءم مع إيقاع الطبيعة، في تجربة حياتية لا تزال شواهدها حاضرة في تفاصيل المكان.


صحيفة سبق
منذ 2 أيام
- صحيفة سبق
كاوية الفحم وأباريق الغضّار.. رموز تراثية تسرد تفاصيل الحياة القديمة
تُعد الأدوات التقليدية جزءًا أصيلًا من التراث المادي، ونافذةً تنفتح منها الأجيال على أنماط الحياة القديمة، وتكشف عن مهارة الإنسان في تطويع موارده الطبيعية لتلبية احتياجاته اليومية، بعيدًا عن مظاهر الترف، وقريبًا من نبض الحياة البسيطة التي عاشها الأجداد. ويؤكّد مختصون في التراث المادي أنّ أبسط الأدوات المنزلية تحمل بين تفاصيلها قيمةً تاريخيةً كبيرة؛ حيث توثّق مستوى التصنيع المحلي، وتعكس العلاقة الوثيقة بين الإنسان وبيئته. ففي الزراعة التقليدية، مثَّل المنخل الخشبي أداةً جوهريةً لفصل الشوائب عن الحبوب، بفضل تصميمه المتين من الخشب وشبكته الليفية المقاومة للرطوبة وحرارة الصحاري، وظلّ مستخدمًا حتى مطلع السبعينيات في بعض القرى السعودية. وفي ظل انفتاح منطقة الخليج على التجارة العالمية في القرن التاسع عشر، برزت "أباريق الغضّار" المطلية بالمينا، التي جمعت المتانة وجمال الزخرفة وسهولة التنظيف، وتصدّرت المجالس الشعبية لتغدو اليوم رموزًا تراثية تحكي دفء اللقاءات القديمة. وكانت كاوية الفحم المصنوعة من حديد الزهر الحل العملي قبل الكهرباء لكيّ الأقمشة الثقيلة، إذ تُسخَّن بداخلها الجمرات لتنقل الحرارة إلى القاعدة، مما يمنح الملابس مظهرًا أنيقًا رغم ثقل الأداة، التي تُصنّف اليوم تحفة صناعية تجمع بين البساطة والدقة. ولعبت النخلة دورًا مهمًا يتجاوز الغذاء، إذ استُخدم خوصها في صناعة السلال والحُصر التي وفّرت مصدر دخل موسميًا للأسر، ورسّخت حِرفة اجتماعية متوارثة تُجسّد عمق الترابط بين الإنسان والبيئة. ومن ثمار القرع الجاف صُنعت "القِرعة" التي استُخدمت لحفظ الماء أو اللبن البارد، بفضل خصائصها المسامية التي تعزز التبخّر الطبيعي، وغالبًا ما كانت تُعلّق عند مداخل البيوت، لتوفّر الماء العذب للمارّة في مشهد إنساني أصيل. وتبذل الهيئات الثقافية والمختصون جهودًا في توثيق هذه الأدوات، وترميمها، وعرضها في المتاحف والمتاجر التراثية، ضمن سياقات تعليمية تُبرز دور البيئة المحلية في تشكيل نمط الحياة، حيث يمثّل الحفاظ على هذا التراث المادي استثمارًا في الذاكرة الوطنية، تاركًا شواهد نابضة تروي بصمتها حكايات العزم والابتكار.