
كاوية الفحم وأباريق الغضّار.. رموز تراثية تسرد تفاصيل الحياة القديمة
ويؤكّد مختصون في التراث المادي أنّ أبسط الأدوات المنزلية تحمل بين تفاصيلها قيمةً تاريخيةً كبيرة؛ حيث توثّق مستوى التصنيع المحلي، وتعكس العلاقة الوثيقة بين الإنسان وبيئته.
ففي الزراعة التقليدية، مثَّل المنخل الخشبي أداةً جوهريةً لفصل الشوائب عن الحبوب، بفضل تصميمه المتين من الخشب وشبكته الليفية المقاومة للرطوبة وحرارة الصحاري، وظلّ مستخدمًا حتى مطلع السبعينيات في بعض القرى السعودية.
وفي ظل انفتاح منطقة الخليج على التجارة العالمية في القرن التاسع عشر، برزت "أباريق الغضّار" المطلية بالمينا، التي جمعت المتانة وجمال الزخرفة وسهولة التنظيف، وتصدّرت المجالس الشعبية لتغدو اليوم رموزًا تراثية تحكي دفء اللقاءات القديمة.
وكانت كاوية الفحم المصنوعة من حديد الزهر الحل العملي قبل الكهرباء لكيّ الأقمشة الثقيلة، إذ تُسخَّن بداخلها الجمرات لتنقل الحرارة إلى القاعدة، مما يمنح الملابس مظهرًا أنيقًا رغم ثقل الأداة، التي تُصنّف اليوم تحفة صناعية تجمع بين البساطة والدقة.
ولعبت النخلة دورًا مهمًا يتجاوز الغذاء، إذ استُخدم خوصها في صناعة السلال والحُصر التي وفّرت مصدر دخل موسميًا للأسر، ورسّخت حِرفة اجتماعية متوارثة تُجسّد عمق الترابط بين الإنسان والبيئة.
ومن ثمار القرع الجاف صُنعت "القِرعة" التي استُخدمت لحفظ الماء أو اللبن البارد، بفضل خصائصها المسامية التي تعزز التبخّر الطبيعي، وغالبًا ما كانت تُعلّق عند مداخل البيوت، لتوفّر الماء العذب للمارّة في مشهد إنساني أصيل.
وتبذل الهيئات الثقافية والمختصون جهودًا في توثيق هذه الأدوات، وترميمها، وعرضها في المتاحف والمتاجر التراثية، ضمن سياقات تعليمية تُبرز دور البيئة المحلية في تشكيل نمط الحياة، حيث يمثّل الحفاظ على هذا التراث المادي استثمارًا في الذاكرة الوطنية، تاركًا شواهد نابضة تروي بصمتها حكايات العزم والابتكار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 36 دقائق
- صحيفة سبق
وفاة والدة الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل بن تركي بن فرحان آل سعود
سيصلى عليها بعد صلاة العصر اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل بن تركي بن فرحان آل سعود واس تم النشر في: انتقلت إلى رحمة الله تعالى والدة الأمير / عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل بن تركي بن فرحان آل سعود، وسيصلى عليها ـ إن شاء الله ـ اليوم الثلاثاء، بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض. تغمدها الله بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه وأسكنها فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون. أخبار قد تعجبك No stories found.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
شاهد .. أكثر من 25 ألف سجادة في المسجد النبوي مزودة بشرائح إلكترونية لتعزيز كفاءة التشغيل
تولي الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين سجاد المسجد النبوي عناية خاصة، حيث ينتشر في أرجاء المسجد أكثر من 14,000 سجادة في الساحات، و6,150 سجادة داخل أروقته، و5,500 سجادة على السطح، ليصل العدد الإجمالي إلى 25,450 سجادة. ويتميّز السجاد المستخدم في المسجد النبوي بسماكته التي تبلغ 16 مليمترًا، وكثافة نسيجه البالغة 575 ألف عقدة في المتر المربع، إلى جانب ثبات ألوانه وجودة صناعته. كما تُزوّد كل سجادة بشريحة إلكترونية بتقنية RFID تتيح تتبع بياناتها، ومواقعها، وتاريخ تصنيعها، ومواعيد غسلها، وتنقلها داخل المسجد وساحاته، مما يسهم في تعزيز كفاءة التشغيل وتحسين جودة الخدمات المقدمة. وتُنفّذ أعمال النظافة والعناية بالسجاد بشكل يومي، حيث يُكنس ثلاث مرات يوميًا، ويُعقّم باستخدام أكثر من 1,600 لتر من مواد التعقيم، ويُعطّر بما يزيد على 200 لتر من الروائح الفاخرة، فيما يُغسل يوميًا نحو 150 سجادة لضمان أعلى معايير النظافة والجاهزية. وتأتي هذه الجهود المتكاملة ضمن حرص الهيئة على تقديم بيئة روحانية آمنة ومريحة للمصلين والزوار في المسجد النبوي الشريف.


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
"اللوري الأحمر".. مركبة سكنت الذاكرة و ارتبطت في الوجدان الشعبي بحكايات ومواقف وأهازيج
شكّلت مركبة "اللوري الأحمر" أحد الرموز التراثية التي استقرّت في الذاكرة الشعبية الخليجية والسعودية، لما أدّته من دور في تسهيل التنقّل وربط القرى بالمدن، خلال الفترة من أربعينات إلى سبعينات القرن الميلادي الماضي، في وقت كانت فيه خيارات النقل محدودة وظروف السفر شاقّة. وأوضح المؤرخ عبدالله الزهراني، أن الأهالي والحجاج اعتمدوا على "اللوري" في تنقلاتهم الطويلة التي كانت تستغرق أيامًا، وأسهمت في توفير قدر من الراحة للعائلات والأطفال، مشيرًا إلى أنها مثّلت نقلة نوعية في واقع المواصلات آنذاك. وأشار إلى أن "اللوري" لم يُستخدم لنقل الركّاب فحسب، بل أدى دورًا اقتصاديًا مهمًا في نقل السلع التموينية إلى الأسواق الشعبية والتجمعات التجارية، إذ اعتمده التجار في شحن التمور والتوابل والمواشي والأقمشة، ما جعله وسيلة رئيسة في تنشيط التجارة الريفية وتعزيز الترابط بين المناطق. واستعاد المواطن سالم العبدلي، ذكرياته مع والده الذي كان يقود "لوريًا" في قرى مركز حداد جنوب محافظة الطائف، وتحديدًا في محافظة ميسان "شفا الحجلاء"، موضحًا أن المركبة تميّزت بلونها الأحمر وبتفاصيلها الحرفية، مثل فتحة السقف والأرضيات المصنوعة من خشب العرعر، والشراع اليدوي المثبّت لحماية الركاب من تقلبات الطقس. وأضاف أن "اللوري الأحمر" حظي بمكانة اجتماعية خاصة، إذ شكّل البديل الرئيس للإبل في تنقلات الأهالي، وارتبط في الوجدان الشعبي بالحكايات والمواقف والأهازيج التي كانت تُردَّد خلال الرحلات، لافتًا إلى أن بعض سائقيه قدّموا خدماتهم مجانًا لأهالي القرى، في تجسيد لروح التعاون والتكافل المجتمعي السائدة في تلك الحقبة.