
مسقط.. قِبلة السلام
د. أحمد بن علي العمري
عبر تاريخ سلطنة عُمان الضارب في جذور الزمن عُرف عنها السلام والاعتدال والتسامح والحياد مع عزة النفس والحفاظ على القيم والمبادئ، وفي عصرنا الحالي فقد خطت السلطنة بذات خطاها الواثقة وسارت بنفس دربها المستقيم وسلكت ذات منهاجها القويم.
لقد قال المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مقولته الخالدة "إننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للغير ولا نسمح لذلك الغير بالتدخل في شؤوننا الداخلية"، وهذا هو محور حديثنا وموضوعنا وقد أتت النهضة المتجددة التي يقودها بكل حكمة واقتدار ويرفع لواءها بكل حنكة وهمة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وهو القائد الحكيم الذي تخرَّج في جامعة أكسفورد العريقة في بريطانيا في العلوم السياسية، وإضافة لدراسته الأكاديمية في المجال السياسي، فقد خاض المعترك الميداني؛ حيث عمل لسنوات عدة وكيلًا لوزارة الخارجية للشؤون السياسية وبعدها لعدة سنوات أخرى أمينًا عامًا لوزارة الخارجية ولهذا جاءت النهضة المتجددة لتؤكد وترسخ وتقوي هذا التَّوجه وتحافظ عليه.
ولنتذكر معًا بعض الأحداث التي مرت خلال السنوات والعقود القليلة الماضية، فعندما قاطع الجميع جمهورية مصر العربية بسبب اتفاقية كامب ديفيد، ونقلت جامعة الدول العربية مقرها التاريخي في القاهرة إلى تونس، ظلت سلطنة عُمان على الحياد وعلى علاقتها مع مصر من مبدأ أن مصر حرة في تعاملاتها وعلاقاتها ولا أحد يجب أن يملي عليها ما تفعله، أما العلاقات الثنائية، فيجب أن تبقى وتستمر.
وعندما نشبت الحرب العراقية الإيرانية بقيت سلطنة عُمان على علاقات متوازنة مع الدولتين، وعندما غزت العراق الكويت بقيت عُمان على علاقتها وقد كان من المصادفة أنه عندما دخلت القوات المشتركة أرض الكويت تتقدمها القوات العُمانية التي كانت في الطليعة في ذات اليوم يقوم طارق عزيز وكان حينها وزير خارجية العراق بزيارة إلى السلطنة.
وعلى هذا المنوال فقد بقيت عُمان على الحياد في كل الحروب التي نشأت فلم تتدخل في الحرب الليبية ولا الصومالية ولا السودانية ولا حتى اليمنية، بينما كانت دائمًا وأبدًا وسيط خير وجسر سلام وحبل التواصل بين المنقطعين، فقد ساهمت في الإفراج عن عدد كبير من المحتجزين بكل هدوء من عدة دول.
وقد كانت مسقط ميدان التفاوض بين أمريكا وأوروبا من طرف وإيران من طرف آخر؛ ليتكلل ذلك الجهد بتوقيع الاتفاق النووي بين الجانبين في عام 2015، ليأتي بعد ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فترته الأولى ويلغيه بجرة قلم واحدة، عاش بعدها الطرفان مخاضًا عسيرًا.
وعندما اشتد الأمر وضاقت الحيل وجفت المحاولات المختلفة بأنهارها وبحورها ومحيطاتها؛ ها هي مرة أخرى تتجه لبوصلة الاعتدال، إلى مسقط؛ قبلة السلام، لتنعقد المفاوضات الأمريكية الإيرانية من جديد حول ذات الموضوع، وفي نفس المكان.
ومنذ أن صرح الرئيس الأمريكي بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المفاوضات ستنعقد يوم السبت وجميع القنوات ووسائل الإعلام الإقليمية منها والعالمية توجهت بأنظارها إلى مسقط بالتحليل والتوضيح والتأويل والتوقعات والمآلات.
لقد عقد الاجتماع يوم السبت الموافق 12 أبريل 2025، وكان اجتماعًا إيجابيًا وخطوة مُهمة نحو التوافق، وبالتالي تجنيب المنطقة ويلات الحرب التي لا يعلمها سوى رب العالمين.
حفظ الله عُمان وقائدها وشعبها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
غزة.. سماء بلا أرض
سالم البادي (أبو معن) تخيّل المشهد معي، أخي القارئ... يأتيك أمرٌ من جيش العدو عبر اتصال هاتفي أو نداء أو أي وسيلة، يأمرك بإخلاء بيتك في مهلة لا تزيد عن عشر دقائق. تخيّل: عشر دقائق فقط، ثم يُمحى بيتك عن سطح الأرض، تُطمس ذكرياتك، المكان الذي يأويك أنت وأسرتك، أشياؤك التي تحبها، كتبك... كل شيء يختفي في لمح البصر. تخيّل معي، كل هذا يمر أمام عينيك في عشر دقائق فقط—وجع وألم وأسًى وحزن ينهال عليك، وأنت مصابٌ بالدهشة والصدمة من هول الموقف. تخرج لتواجه الموت ألف مرة، أو تبقى لتلقاه مرة واحدة. كنا نقرأ عن قصص الحروب والموت في كتب التاريخ، ونشاهدها في أفلام الرعب، ونتابع قصص الجوع والتهجير والحرق والتعذيب وأبشع أنواع القتل. لكن أن نعيشها اليوم، في هذا العصر؟! هذا لم يخطر ببال أحد! وسائل الإعلام تنقل المجازر والإبادة على الهواء مباشرة! يشاهدها نحو 8 مليارات إنسان على كوكب الأرض، دون أن تتحرك مشاعرهم، دون أن تستيقظ فطرتهم لإنقاذ هذه الأرواح البريئة المحاصرة جوًا وبرًا وبحرًا، في بقعة صغيرة يعيش فيها نحو مليوني إنسان... إنه لأمرٌ يثير العجب! وكأننا أمام فيلم درامي مرعب، كتبته القوى العظمى، وأنتجته ودعمته أمريكا، ونفذه وأخرجه الاحتلال، فأبدع في الإبادة الجماعية والمجازر اليومية، مسجلًا مشاهدات مليونية، ليحصد جائزة الإجرام الدولي، بينما ملايين البشر يرون ويسمعون، لكنهم صمٌّ بكمٌ عُميٌ... لا يبصرون، ولا يعقلون. أين منظمات حقوق الإنسان؟ غاب دورها وانتهى. أين منظمات حقوق المرأة والطفل؟ انطمس ذكرها، وانطوت صفحتها. أين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية المعنية بجرائم الحرب؟ مجرد أسماء بلا أفعال، ولا سلطة تنفيذية، وأحكامها تذروها الرياح. أين هيئة الأمم المتحدة؟ كيان بلا روح... لا يسمن ولا يغني من جوع. أين منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، وتعدّ ثاني أكبر تكتل دولي؟ أين صوتها في نصرة غزة؟ الأمة الإسلامية أثبتت تفوقها في خذلان شعب غزة، تركته وحيدًا، يواجه الجوع والعطش والقتل والتهجير والتدمير والإبادة، فكان مصيرها الذل والهوان حتى إشعار آخر، فهم لا يعقلون، ولا يفقهون، وهم في سبات عميق... لعلها تفيق يومًا إذا شاءت قدرة الله لها بذلك. غزة، المدينة التي تجسد الصمود في وجه الشدائد، تشهد صراعًا مستمرًا يمزق نسيج الحياة. الحصار المستمر منذ عقود، يفرض قيودًا شديدة على كل جانب من جوانب الحياة، ليحيلها إلى سجن مفتوح. ورغم كل هذه القسوة، تظل روح الشعب الفلسطيني صامدة، يتشبث بالأمل، يحلم بمستقبل أفضل. الظروف الإنسانية في غزة مروعة، لا مثيل لها في عالمنا المعاصر. إن الحصول على الطعام، الرعاية الصحية، المياه النظيفة، والكهرباء، بات أشبه بالمستحيل. الحرب المفروضة على القطاع منذ أكثر من عامين عزلت سكانه عن العالم الخارجي، تاركةً أثرًا عميقًا في سبل عيشهم وصحتهم النفسية. وتشير الإحصائيات إلى نزوح أكثر من 100 ألف شخص، وأن عدد الشهداء تجاوز 50 ألفًا، بينما فاق عدد الجرحى 114 ألفًا، والعدد في صعود مستمر، مع استمرار آلة الحرب بتدمير كل شيء... وسط صمت دولي مخزٍ، وتخاذل غير مبرر. إن الوضع في غزة هو تذكير صارخ بالظلم المستمر. على المجتمع الدولي التحرك فورًا، رفع الحصار، وضمان حصول الفلسطينيين على حقوقهم الأساسية. إنهاء معاناة غزة ليس مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة لتحقيق السلام في المنطقة. ومن الناحية الإنسانية، الأطفال والنساء في غزة يعيشون ظروفًا قاسية لا يمكن تخيلها. الأطفال يواجهون خطر الموت بسبب القصف، كما يعانون من صدمات نفسية شديدة. النساء يتحملن أعباء مضاعفة في هذه الظروف، ويفتقدن الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. وإنقاذ غزة يتطلب إجراءات عاجلة، منها: 1. إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ومستمر، دون أي قيود أو عراقيل. 2. توفير الأمن والحماية للمدنيين، ووقف استهداف البنية التحتية المتبقية. 3. معالجة جذور الأزمة، والعمل على تحقيق سلام عادل يضمن حقوق الفلسطينيين. 4. تقديم الدعم المالي واللوجستي العاجل، لتمويل الإغاثة وإعادة الإعمار. 5. تفعيل دور المؤسسات الدولية، والضغط على الاحتلال لاحترام القانون الدولي. باختصار.. إنقاذ غزة ليس مجرد مطلب إنساني، بل واجب أخلاقي لا يقبل التأجيل. يجب أن تتضافر الجهود لإنقاذ ما تبقى من البشر والحجر والشجر، حتى لا يسجل التاريخ يومًا أن هناك شعبًا أُبيد أمام أنظار العالم. في غزة... لا أرض قابلة للعيش، لا رغيف خبز، لا هواء، لا ماء، لا دواء. يموت الناس صبرًا، يموت الأطفال جوعًا وعطشًا، تُقتل النساء والشيوخ والأطفال على الملأ... حرقًا. غزة... هذا العار على جبين التاريخ، وهذا الجرح الذي لا يلتئم. التاريخ لا يرحم، وسيسأل العالم عن غزة وشعبها، وعن خذلانه لها. الدعاء وحده لا يكفي، أنصروهم بما أوتيتم من قدرة، تضامنكم معهم يخفف عنهم وجعهم ومعاناتهم. اللهم بردًا وسلامًا على غزة وأهلها، كن لهم عونًا ونصيرًا، وارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وانصرهم، يا الله.


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
بالصور.. تعازي الشيخ محمد بن زايد إلى جلالة السلطان في وفاة والدة السيدة الجليلة
الرؤية- غرفة الأخبار استقبل صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، اليوم، سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، الذي نقل تعازي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- في وفاة والدة السيدة الجليلة.


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
جلالة السلطان يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية القمر
مسقط - العمانية تلقى حضرة صاحب الجلالة السّلطان هيثم بن طارق المعظّم /حفظه الله ورعاه/ رسالة خطية من فخامة رئيس جمهورية القمر المتحدة، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين. تسلّم الرسالة معالي السيد وزير الخارجية، خلال استقباله معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في #جمهورية_القمر_المتحدة.