
حكمت الهجري.. زعيم درزي يتصدر مشهد الأزمة في السويداء
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، برز اسم الشيخ حكمت الهجري بوصفه الشخصية الأولى في محافظة السويداء، باعتباره ممثلاً سياسياً وروحياً للطائفة الدرزية، رغم تعدد الأصوات والتيارات داخل الطائفة. وبدا لافتاً أن الهجري، الذي تأخر في إعلان موقف صريح من النظام السابق (بشار الأسد)، اتخذ موقفاً حاداً من الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، ليكرّس نفسه كأحد أبرز المعارضين الجدد في الجنوب السوري.
في مارس الماضي، وصف الهجري، الحكومة الجديدة، بأنها "متطرفة ومطلوبة للعدالة الدولية"، مضيفاً أنه "لا وفاق ولا توافق مع الحكومة الموجودة في دمشق"، في موقف أثار الكثير من ردود الفعل داخل الطائفة وخارجها.
سيرة الهجري
وُلد الشيخ حكمت سلمان الهجري في التاسع من يونيو 1965 في فنزويلا، حيث كان والده يعمل هناك. عاد لاحقاً إلى سوريا وأكمل تعليمه فيها، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة دمشق في عام 1990.
بعد ذلك، غادر مجدداً إلى فنزويلا لأغراض العمل، ثم عاد ليستقر في بلدته قنوات شمال شرق السويداء في عام 1998، حيث يقع مقر الرئاسة الروحية للطائفة.
في مارس 2012، تولى الشيخ حكمت الهجري منصب شيخ عقل الطائفة الأول، خلفاً لشقيقه الشيخ أحمد الهجري الذي توفي في حادث سير، بعد أكثر من عقدين في المنصب. المنصب الروحي هذا ظل حكراً على العائلة لعقود، ما أضفى على الحكم الوراثي طابعاً دينياً واجتماعياً مهماً في أوساط الدروز.
مواقف الهجري المتغيرة
منذ توليه المشيخة، شهدت مواقف الهجري تقلبات لافتة. ففي عام 2015، أصدر بياناً دعا فيه شباب السويداء إلى التسلح تحت عباءة نظام الأسد، مؤكداً أن الرئاسة الروحية ستطلب 'الدعم والسلاح من الجهات المعنية' في الحكومة السورية.
ولكن بحلول عام 2020، بدأ الهجري بتبني خطاب مختلف، داعياً إلى "خطة إنقاذ اقتصادية لكبح جماح الفاسدين"، في ظل احتجاجات شعبية شهدتها المحافظة.
ومع انهيار نظام الأسد، أعلن الهجري تأييده لما وصفه بـ"تحرير الجنوب السوري"، وأعرب عن دعمه للانتقال السياسي، لكنه رفض الإعلان الدستوري الذي أصدرته الإدارة الجديدة، واعتبره "إعلاناً ديكتاتورياً لا يمثل الشعب السوري"، مطالباً بدستور ديمقراطي تشاركي تضعه جهات وطنية من مختلف المحافظات السورية.
خلافات داخل الطائفة
رغم حضوره اللافت، لم ينجُ الهجري من الانتقادات داخل طائفته. فقد تحدثت تقارير صحفية عن محاولته تعيين شيخ عقل رابع من إحدى العائلات الكبرى لموازنته في مواجهة الشيخين يوسف جربوع، وحمود الحناوي، وهي خطوة لم تلق تأييد الزعامات التقليدية والدينية.
موقعه الديني لا يزال يمنحه ثقلاً كبيراً، باعتباره المرجعية الروحية والاجتماعية الأولى للطائفة، إلا أن هذه المكانة تعرضت لهزات، خصوصاً في ظل اتساع الهوة بين مواقفه ومواقف بعض قيادات الطائفة.
أشار الهجري، في مارس الماضي، إلى أن الطائفة الدرزية "ما تزال تنتظر العدالة الانتقالية والانتقال السلمي للسلطة"، معبراً عن رفضه لما وصفه بـ"التفرد في القرار الوطني"، ومجدداً دعوته إلى "إعلان دستوري سليم وقانوني يؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي".
وأكد الهجري، تعاونه عندما قال "أيدينا لا تزال ممدودة للتعاون"، مشدداً في الوقت نفسه على أن هذا التعاون مشروط بـ"تصحيح المسارات" واتباع "خطة واضحة" لإعادة صياغة الحياة السياسية في سوريا على أسس وطنية جامعة.
مزاعم الانفصال
خلال استقباله وفداً من مدينة جرمانا التابعة لريف دمشق، ظهر الهجري في مقطع فيديو مصور يقول للمجتمعين: "مشروعنا مشروع وطني سوري بامتياز؛ وحدة سوريا أرضاً وشعباً، ولن نناقش أفكاراً تتجاوز ذلك، ولا نسعى، لا سمح الله، إلى الانقسام أو التقسيم. نريد الحفاظ على جذورنا".
وأوضح الشيخ الهجري، أنه "لا يطالب بانفصال أو الانشقاق عن سوريا"، مؤكداً أن مطالب الدروز هي "وحدة سوريا أرضاً وشعباً، والعيش بكرامة". وقال: "كنا بمرحلة والآن بمرحلة فراغ، والأمر دقيق جداً. يجب أن نوحد الصف"، مشيراً إلى أن الحديث الذي يدار بشأن الانفصال لا أساس له.
والشيخ حكمت الهجري، أحد 3 زعامات روحية بارزة في السويداء، والآخران هما، الشيخ حمود الحناوي، والشيخ يوسف جربوع، وكلاهما عارضا طلب الهجري مشاركة الدول المؤثرة في الملف السوري للوصول إلى دولة مدنية، ورفضا أي حديث عن الانفصال.
وكان الهجري قد طالب بمشاركة الدول المؤثرة في الملف السوري للوصول إلى دولة مدنية؛ الأمر الذي تسبب في شن حملة انتقادات من السوريين الرافضين لأي نداءات تمنح فرصة للتدخل الأجنبي معتبرين أن هذه الدعوات قد تؤول إلى مطالب من أجل فتح باب التقسيم.
مواقف متباينة
الهجري ظهر مؤخراً كأحد أقطاب الصراع في أزمة السويداء الأخيرة، على خلفية تباين مواقفه تجاه الأزمة، بعد ترحيب الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، بزعامة الشيخ حكمت الهجري، بدخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع إلى مدينة السويداء، تراجع الهجري في وقت لاحق، إذ قال في بيان متلفز، إنه "بعد مفاوضات عديدة مع دمشق لم تفض إلى أي نتائج أو صدق في التعامل، تم فرض البيان الذي أصدرناه منذ قليل بتفاصيله الكاملة من دمشق وبضغط جهات خارجية من أجل حقن دماء أبنائنا".
وأضاف الهجري: "ولكن رغم قبولنا هذا البيان المُذل، قاموا بنكس العهد والوعد واستمر القصف العشوائي على المدنيين العزل. هذا اليوم هو اليوم الذي إما أن نكون فيه سوريين ونرفض الذل والإهانة، وإما أمامنا عقود من الذل والمهانة".
وتابع: "وبناء على ذلك هذه وقفة عز ونحن نتعرض لحرب إبادة شاملة"، فيما طالب بـ"التصدي لهذه الحملة البربرية بكل الوسائل المتاحة"، على حد وصفه.
وفي أعقاب إعلان التوصل لاتفاق بين قيادات درزية في السويداء وحكومة دمشق لوقف إطلاق النار، الثلاثاء، أصدرت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية التابعة للهجري عقب إعلان الاتفاق، بياناً على فيسبوك، قالت فيه إنه "لا يوجد أي اتفاق أو تفاوض" مع الحكومة السورية، مشددةً على ضرورة "الاستمرار في الدفاع المشروع، واستمرار القتال حتى تحرير كامل تراب محافظتنا".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
كمبوديا تدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار» مع تايلاند
أعلن سفير كمبوديا في الأمم المتحدة، الجمعة، أن بلاده تريد «وقفاً فورياً لإطلاق النار» مع تايلاند، بعد أن تبادلت الدولتان الجارتان ضربات دامية لليوم الثاني على التوالي. وقال السفير الكمبودي تشيا كيو عقب اجتماع مغلق لمجلس الأمن حضره ممثلو كمبوديا وتايلاند: «طلبت كمبوديا وقفاً فورياً لإطلاق النار - دون شروط - وندعو أيضاً إلى حل سلمي للخلاف»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية». وحذّرت تايلاند، الجمعة، بأن المواجهات العنيفة على طول الحدود مع كمبوديا «قد تتحول إلى حرب»، وذلك قبل اجتماع مجلس الأمن لبحث الاشتباكات التي أدت إلى إجلاء نحو 140 ألف تايلاندي. وأدى الخلاف الحدودي بين البلدين الواقعين في جنوب شرق آسيا في اليومين الأخيرين إلى مستوى عنف غير مسبوق منذ العام 2011 مع مشاركة طائرات مقاتلة ودبابات وجنود على الأرض وقصف مدفعي في مناطق مختلفة متنازع عليها. وأعلن أبيشارت سابراسيرت المسؤول العسكري التايلاندي في مقاطعتي شاتهابوري وترات أن «القانون العرفي بات ساري المفعول» في ثماني مقاطعات حدودية. وأفادت وزارة الصحة التايلاندية عن سقوط 15 قتيلاً بينهم عسكري وأكثر من أربعين جريحاً من الجانب التايلاندي. وقالت كمبوديا من جانبها إن رجلاً في السبعين قُتل وأصيب خمسة أشخاص بجروح. وحذّر رئيس الوزراء التايلاندي بالوكالة بومتام ويشاياشاي من أن الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا «قد تتحوّل إلى حرب»، موضحاً: «إذا ما شهد الوضع تصعيداً، فهو قد يتحوّل إلى حرب، حتّى لو كانت الأمور تقتصر الآن على اشتباكات». وقالت وزارة الصحة التايلاندية، الجمعة، إن أكثر من 138 ألف مدني أخلوا مناطق مشمولة بالاشتباكات تقع في شمال شرق البلاد. ويتبادل البلدان الاتهامات بشأن من بادر أوّلاً إلى إطلاق النار، مع التشديد على حقّ كلّ منهما في الدفاع عن النفس. واتّهمت بانكوك بنوم بنه باستهداف منشآت مدنية، مثل مستشفى ومحطّة وقود، ما نفته السلطات الكمبودية من جانبها. ويدور خلاف بين كمبوديا وتايلاند منذ زمن بعيد حول ترسيم الحدود بينهما التي تمتد على أكثر من 800 كيلومتر وحُددت بموجب اتفاقات أثناء الاحتلال الفرنسي للهند الصينية.


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
الخارجية السورية: لا تقدم في تنفيذ الاتفاق المبرم مع "قسد"
قال مدير إدارة الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية قتيبة إدلبي، إنه لم يتم تسجيل أي تقدم بشأن تنفيذ الاتفاق المبرم بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" المبرم في 10 مارس (آذار) الماضي. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها إدلبي الجمعة لقناة "الإخبارية السورية" حيث ذكر أن "قسد استحوذت على موارد محافظة دير الزور" (شرق). وأشار إدلبي إلى أن الولايات المتحدة في تفاهم تام مع الحكومة السورية في ملفات مختلفة. وأفاد بأن الاجتماع المرتقب بين الحكومة السورية و"قسد" في العاصمة الفرنسية باريس يأتي في إطار "المفاوضات الجارية بهدف تحقيق الاندماج الكامل". وأكد إدلبي أن الولايات المتحدة وفرنسا "تؤمنان بضرورة استكمال الخطوات التي من شأنها الحفاظ على وحدة سوريا". وأردف أن موقف المسؤولين الفرنسيين "يُظهر استعداد باريس للضغط على قسد من أجل التوصل إلى حل يريده السوريون". وفي 10 مارس (آذار) الماضي، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي اتفاقاً لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا، ورفض التقسيم. مذّاك عُقدت جلسات تفاوض عدة، لكن من دون تحقيق أي تقدّم.


الشرق السعودية
منذ 5 ساعات
- الشرق السعودية
أعلى محكمة بفرنسا تقضي ببطلان مذكرة لاعتقال بشار الأسد
قضت أعلى محكمة في فرنسا، الجمعة، ببطلان مذكرة اعتقال صدرت بحق بشار الأسد، بدافع أنها صدرت وهو لا يزال رئيساً لسوريا، لكنها قالت إن مذكرة جديدة قد تصدر حالياً لأنه لم يعد على رأس الدولة. وأصدر قضاة تحقيق فرنسيون المذكرة في نوفمبر 2023 بعد تحقيق أجرته باريس في هجمات بأسلحة كيماوية على مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية في أغسطس 2013، وهي هجمات أودت بحياة أكثر من ألف شخص. وأنكر نظام بشار الأسد حينها استخدام أسلحة كيماوية خلال الصراع الذي اندلع عام 2011، وفي ديسمبر 2024 أطاحت بالأسد جماعات من المعارضة التي أصبح زعيمها أحمد الشرع رئيساً لسوريا حالياً. ويبطل قرار محكمة النقض الفرنسية ما صدر عن محكمة استئناف باريس التي قضت العام الماضي بصحة مذكرة الاعتقال، وعارض ممثلون للادعاء صحة تلك المذكرة، ويقع على عاتق ممثلي الادعاء مطالبة الشرطة بتنفيذ مذكرة الاعتقال. وقالت محكمة النقض في بيان: "الأعراف الدولية لا تسمح بأي استثناء فيما يتعلق بالحصانة الشخصية لرئيس دولة أجنبية خلال كامل فترة ولايته في منصبه، حتى عند ورود اتهامات بارتكاب أفعال تنطوي على إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية". وأضافت: "مذكرة الاعتقال الصادرة في ذلك الوقت عندما كان هذا الشخص المعني رئيساً لدولة سوريا باطلة على هذا الأساس.. لكن يمكن الآن إصدار مذكرة اعتقال بتهم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية لأن هذا الشخص لم يعد في منصب رئيس الدولة". "فرصة ضائعة" في شأن ذي صلة، وصفت ماريانا بينا كبيرة المسؤولين القانونيين في مبادرة أوبن سوسيتي جاستس حكم المحكمة بأنه "فرصة ضائعة للعدالة". وساهمت المبادرة في جمع أدلة ضد الأسد. لكن بينا قالت إن موافقة محكمة النقض على نظر القضية تُشير تنامي الرغبة في الطعن على الحصانة، وأضافت أن هذا ينعكس أيضاً في "قرار اليوم الذي يفتح الباب أمام محاكمة الأسد" بعد أن غادر منصبه. وفي إجراء منفصل، أصدر مسؤولون فرنسيون في يناير مذكرة بحق الأسد لاتهامه بالتواطؤ في جرائم حرب، وخصوصاً شن هجوم متعمد على مدنيين في إطار تحقيق في قضية صلاح أبو نبور الفرنسي السوري الذي لقي مصرعه في 2017 في قصف بسوريا. وكان الأسد فرَّ إلى روسيا في ديسمبر العام الماضي عندما اجتاحت قوات من جماعات المعارضة البلاد في هجوم مباغت أنهى حكم أسرته. ورغم أن صدور مذكرات اعتقال بحق رؤساء دول في مناصبهم هي مسألة نادرة بسبب الحصانة، فإن القانون الدولي يتضمن استثناءات عند اتهامهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية، وتسمح فرنسا برفع دعاوى تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أمام محاكمها.