
مراقبون يكشفون أسباب إبعاد بوتن للجزائر من احتفالات عيد النصر في موسكو
في خطوة أثارت تساؤلات عميقة في الأوساط السياسية والإعلامية، غاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن احتفالات الذكرى الـ 80 لانتصار روسيا على النازية، التي جرت وقائعها بموسكو بحضور 27 زعيما من دول وازنة، بينهم قادة أفارقة وعرب، في مقدمتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفتح هذا الغياب غير المتوقع لرئيس اعتبر، قبل أقل من عام، أن 'روسيا هي ضامن استقلال الجزائر'، الباب واسعا أمام التأويلات، خصوصا في ظل ما تمثله المناسبة من رمزية كبرى في الذاكرة الروسية، وما تعنيه الدعوة للمشاركة فيها من إشارات سياسية واضحة إلى ترتيب الحلفاء والخصوم في معسكرات العالم الجديد.
وكانت الخيبة كبيرة لدى شرائح من الجزائريين الذين راهنوا على تماسك العلاقة بين موسكو والجزائر، واعتبروها شراكة استراتيجية غير قابلة للاهتزاز، سيما أن الجزائر لطالما تفاخرت بكونها الحليف الأول والأخير لروسيا في شمال إفريقيا، وهو ما ردده تبون نفسه من قلب الكرملين.
غير أن الكاميرات التي رصدت جلوس بوتين إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ، ومحاطا بقادة من القارة الإفريقية والعالم العربي، دون أي تمثيل جزائري في المنصة الشرفية، شكلت صدمة لكثير من المتابعين، خاصة بعد ظهور السيسي، الذي لم يكتف بالحضور الرمزي بل أرسل فرقة من الشرطة العسكرية المصرية لتحية الرئيس الروسي من قلب الساحة الحمراء، في عرض فهم منه أن مصر باتت تمارس نوعا من التوازن بين موسكو وواشنطن، بينما الجزائر تخسر بالتدريج أحد أهم أوراقها الجيوسياسية.
وتناولت تحليلات كثيرة هذا الغياب، حيث ذهبت بعضها إلى اتهام دولة الإمارات بالوقوف خلف فتور العلاقات الروسية الجزائرية، في سياق صراع نفوذ خفي في الساحل وإفريقيا الوسطى، لكن معطيات أقرب إلى الكواليس، حسب مصادر دبلوماسية متابعة، تؤكد أن موسكو ليست غاضبة من تبون بسبب تحالفاته الخليجية بقدر ما تنظر بقلق إلى السياسات العسكرية الجزائرية في مناطق النفوذ الروسي.
ومن بين هذه السياسات تسليم الجزائر طائرات قتالية للجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع المدعومة من شركة 'فاغنر' الروسية، ما تسبب في سقوط قتلى من المقاتلين الروس، وهو ما اعتبرته موسكو تجاوزا للخطوط الحمراء، كما أسقطت الجزائر طائرة مسيرة تابعة لفاغنر في أجواء مالي، في رسالة قوية مفادها أن الجزائر لا ترغب في حسم الصراع لصالح حلفاء روسيا، بل تعمل على إبقاء الوضع معلقا بما يخدم استراتيجياتها الخاصة، خاصة في ملف الطوارق وملف باماكو.
وتضاف إلى هذه الوقائع الحادثة المثيرة التي كشفت عنها تقارير استخباراتية، والتي تتهم أجهزة جزائرية بالضلوع في محاولة اغتيال إبراهيم تراوري، رئيس بوركينافاسو، أحد أبرز حلفاء موسكو الجدد في الساحل، والذي كان من بين الضيوف البارزين لبوتين في العرض العسكري، ما اعتبر رسالة دبلوماسية مشفرة إلى قصر المرادية، مفادها أن موسكو تعيد ترتيب أولوياتها وتحالفاتها في القارة، وتفتح الباب أمام شركاء جدد لا يربكون الحسابات الروسية ولا يتورطون في ضرب حلفائها.
وتوحي كل هذه المؤشرات بأن الجزائر، رغم ما تدعيه من ثقل إقليمي، لم تعد تحظى بالمكانة ذاتها في الأجندة الروسية، وأن الكرملين، في زمن الحروب المفتوحة والعقوبات الغربية، لم يعد يراهن على الحلفاء التقليديين بقدر ما يبحث عن شركاء ينسجمون مع توجهاته العسكرية والاقتصادية، دون حسابات مزدوجة ولا أجندات موازية، وهو ما سيدفع حسب مراقبين إلى اندثار النظام الجزائري القائم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 أيام
- هبة بريس
تُركوا بجحيم الصحراء.. منظمات حقوقية تندد بترحيل الجزائر للمهاجرين الأفارقة
هبة بريس في بلاغ شديد اللهجة، أدانت كل من المنظمة للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين في المغرب ما وصفته بـ'الطرد الجماعي الممنهج' الذي تنفذه السلطات الجزائرية ضد المهاجرين، معتبرة أن هذه السياسات تمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي وللمبادئ الإنسانية. 6000 مهاجر بلا ماء أو طعام ووفقًا لما ورد في ذات البلاغ، فإن أكثر من 6000 مهاجر جرى ترحيلهم خلال شهر أبريل 2025 نحو النيجر، وتركوا في قلب الصحراء قرب منطقة أساماكا، بلا ماء أو طعام أو أدنى حماية، في ظل درجات حرارة تجاوزت 48 درجة مئوية. ووثقت المنظمة ترحيل 31404 مهاجرين من الجزائر إلى النيجر خلال سنة 2024، ووصفت الرقم بـ'القياسي'، مشيرة إلى عملية طرد جماعية أخرى وقعت بتاريخ 19 أبريل 2025، وشملت 1414 مهاجرا، بينهم 41 امرأة و12 طفلا، تركوا لمصير مجهول في بيئة قاتلة، بينما تحدث شهود عيان عن وفيات وعنف شديد رافق عملية الترحيل. البلاغ سلط الضوء على مفارقة خطاب السلطة الجزائرية، حيث يستمر الرئيس عبد المجيد تبون في الترويج لتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين، في وقت تتصاعد فيه عمليات الطرد على أرض الواقع، مدفوعة بخطاب أمني يصف المهاجرين بالتهديد. اعتقالات تعسفية الشهادات التي جمعتها المنظمتان تكشف مشهداً أكثر قسوة: اعتقالات تعسفية في الشوارع وأماكن العمل، احتجازات جماعية في مراكز مكتظة، ونقل المهاجرين إلى ما يسمى بـ'النقطة صفر'، حيث يُجبرون على السير أكثر من 15 كيلومترا في درجات حرارة قاسية وهم مرضى أو جرحى. وقد سُجّلت حالات وفيات مأساوية، بينها وفاة طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات نتيجة الإهمال الطبي وانعدام الموارد. كما أفاد البلاغ أن مراكز الاستقبال في النيجر باتت غير قادرة على استيعاب هذا التدفق الكبير، وخاصة في مدينة أغاديز التي تضم حالياً 1900 لاجئ يعيشون في ظروف بائسة، وسط نقص فادح في الغذاء والرعاية الطبية، وتأخر إداري في معالجة طلباتهم قد يمتد إلى سبع سنوات. عمليات الطرد القسري ووفقاً للمصدر نفسه، فإن هذه السياسات لا تأتي بمعزل، بل هي جزء من تنسيق إقليمي يشمل الجزائر وتونس وليبيا، تدعمه تمويلات أوروبية تهدف إلى تصدير عبء الهجرة نحو الجنوب عبر شراكات مشبوهة مع أنظمة استبدادية، مما يجعل الاتحاد الأوروبي شريكاً في هذه الانتهاكات، بحسب تعبير المنظمتين. وفي الختام، طالبت المنظمتان المجتمع الدولي، وخاصة المنظمة الدولية للهجرة، بـوقف فوري لعمليات الطرد القسري، وفتح تحقيق دولي مستقل بشأن الانتهاكات المرتكبة من قبل السلطات الجزائرية، وصولاً إلى فرض عقوبات على المتورطين. كما دعتا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تخفيف الاكتظاظ بالمراكز النيجرية، وتسريع وتيرة العودة الطوعية، ومراجعة الاتفاقيات الأوروبية المغاربية بما يضمن احترام حقوق الإنسان وخلق مسارات هجرة شرعية وآمنة. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X


هبة بريس
منذ 3 أيام
- هبة بريس
عكس شعارات تبون المناهضة للديون.. الجزائر تقترض 3 مليارات دولار
هبة بريس في تناقض فاضح مع التصريحات المتكررة للرئيس عبد المجيد تبون، التي شدد فيها على أن الجزائر ترفض الاقتراض الخارجي، أفادت وكالة Arab News، صباح الثلاثاء 20 ماي 2025، بأن الجزائر وقّعت اتفاقًا للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من البنك الإسلامي للتنمية، سيمتد صرفه على ثلاث سنوات بهدف تمويل مشاريع تنموية. وحسب ما أورده الصحفي سلومون أكنيم في التقرير ذاته، فإن هذا التمويل موجه أساسًا لمشاريع البنية التحتية، وعلى وجه الخصوص توسيع شبكة السكك الحديدية الجزائرية، في إطار شراكة جديدة بين الجزائر والبنك الإسلامي، تُسوَّق على أنها تهدف إلى تعزيز التنافسية ودعم النمو المستدام في البلاد. غير أن توقيت هذا الاتفاق يثير الكثير من علامات الاستفهام، إذ يأتي في وقت يواصل فيه الرئيس تبون التأكيد أمام الرأي العام بأن بلاده لا تلجأ إلى الاستدانة الخارجية، بل ويرفض ما وصفه بـ'إذلال الشعب الجزائري أمام المؤسسات المالية العالمية'، ما يجعل هذه التصريحات تبدو أقرب إلى شعارات إعلامية موجهة للاستهلاك الداخلي منها إلى توجه اقتصادي حقيقي. وفيما تعتبر السلطات هذه الخطوة مؤشرا على متانة الشراكات الاستراتيجية، يرى مراقبون أن هذا القرض – حتى وإن جاء من جهة إسلامية – لا يخفي هشاشة الوضع المالي في البلاد، مع تآكل الاحتياطات وتراجع قيمة الدينار، إلى جانب تصاعد الحركات الاحتجاجية ذات الطابع الاجتماعي، مما يشير إلى أن الأزمة أعمق من مجرد خطاب مطمئن. ويبدو أن معادلة تبون الجديدة باتت كالتالي: 'الجزائر لا تقترض… إلا حين تضطر فعلاً، ودون أن تُسمي الأمر باسمه'.


الجريدة 24
منذ 4 أيام
- الجريدة 24
لجنة دعم "صنصال" تؤكد تلقيه تهديدات بالتصفية داخل السجن في الجزائر
"حان الوقت لنقول كفى.. قبل أن يفوق الأوان"، هكذا وجهت لجنة دعم "بوعالم صنصال"، الكاتب الفرنسي الجزائري نداء للسلطات الفرنسية للتدخل بحزم ضد النظام العسكري الجزائري للإفراج عنه وهو البالغ من العمر 80 سنة، والمعتقل منذ 16 نونبر 2024، لكونه أقر بحقيقة تاريخية مفادها إلحاق المستعمر الفرنسي لأراضي مغربية بالمستعمرة التي أصبحت تسمى الجزائر. وانتظم داعمو الروائي الفرنكفوني، داعين قصر الـ"إيليزي" إلى التدخل العاجل، ومطالبة السلطات الفرنسية بالحصول على جميع الضمانات اللازمة من نظيرتها الجزائرية لحماية صاحب رواية "2084"، بعدما بلغهم تلقيه لتهديدات مباشرة بالقتل داخل السجن، وفق ما أوردته صحيفة "Le Journal du Dimanche"، الفرنسية. كذلك نقل نفس المصدر عن "Noëlle Lenoir"، رئيسة لجنة دعم "بوعالم صنصال"، توجيهها رسالة إلى "عبد المجيد تبون"، لإطلاق سراحه، بعدما لم يعر اهتماما لرسالة سابقة تلقاها من ابنتي المعتقل الذي يعاني من أعراض مرض السرطان، والذي يواجه حكما بالسجن خمس سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار (حوالي 3500 أورو). وقالت المتحدثة إن الأوان قد حان للإفراج عن المعتقل المريض، قبل أن يقضي نحبه وراء أسوار السجن، مشيرة إلى أن ابنتيه وجهتا إليه رسالة يناشدان فيها "عبد المجيد تبون"، الالتفات للوضع الصحي المعتل لوالدهما، لكن الرسالة لم تجد لها صدى داخل دهاليز النظام العسكري الجزائري. ودعت لجنة دعم "بوعالم صنصال"، السلطات الفرنسية للضغط كثيرا على النظام القائم في الجزائر، للإفراج عنه قبل فوات الأوان، مشيرة في بيان لها أنه تلقى تهديدات بالتصفية داخل السجن و"النزاعات الداخلية داخل السلطة الجزائرية"، تنذر بأن تترجم هذه التهديدات على أرض الواقع. وكان العسكر اعتقل "بوعالم صنصال"، بجريرة تصريحات أدلى بها في مقابلة مع قناة "Frontières"، وقال فيها إن "النظام العسكري القائم في الجزائر.. هو من ابتدع "بوليساريو" من أجل زعزعة استقرار المملكة المغربية، لأن رموزه سعوا إلى إقامة نظام اشتراكي في جارهم الغربي، وحتى يمنعوا الشعب الجزائري من مقارنة وضعه مع ما ينعم به المغاربة من رخاء وازدهار تحت حكم النظام الملكي".