
ثمانون عاماً على هيروشيما: ناجون كوريون يروون المأساة وينتظرون اعترافاً لم يأتِ بعد
ولوحت المرأة - التي تبلغ الآن من العمر 88 عاماً - بيديها كما لو أنها تحاول إبعاد الذكرى من أمامها.
وتتذكر جونغ - سون: "كان والدي على وشك أن يغادر إلى العمل، لكنه عاد فجأة راكضاً وأخبرنا أن نُخلي المكان فوراً، ويقال إن الشوارع كانت مملوءة بالجثث، لكنني كنت مصدومة لدرجة أن كل ما أتذكره هو أنني بكيت. فقط بكيت وبكيت".
وتقول لي إن جثث الضحايا "ذابت لدرجة أن كل ما كان يُرى منها هو الأعين"، وذلك عندما غطّى انفجار يعادل قوة 15 ألف طن من مادة (تي إن تي) مدينةً يبلغ عدد سكانها 420 ألف نسمة، وما تبقّى بعد الانفجار كان جثثاً مشوّهة لدرجة لا يمكن التعرف عليها.
لقد مرّ 80 عاماً منذ أن أسقطت الولايات المتحدة قنبلة "ليتل بوي"، أول قنبلة ذرية في تاريخ البشرية، فوق هيروشيما، مما أسفر عن مقتل حوالي 70 ألف شخص على الفور، ثم عشرات الآلاف في الأشهر التالية بسبب التسمم الإشعاعي، والحروق، والجفاف.
وقد تم توثيق الدمار الذي خلّفته القنبلتان الذريتان في هيروشيما وناغازاكي، واللتان أنهتا الحرب العالمية الثانية والحكم الإمبراطوري الياباني في مساحات شاسعة من آسيا.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن نحو 20 في المئة من الضحايا المباشرين كانوا من الكوريين.
ففي ذلك الوقت، كانت كوريا مستعمرة يابانية لمدة 35 عاماً. ويُقدّر أن حوالي 140 ألف كوري كانوا يعيشون في هيروشيما عند وقوع الانفجار، كثير منهم انتقلوا إلى هناك بسبب التجنيد القسري للعمل، أو هرباً من الاستغلال الاستعماري.
أما من نجا من القنبلة النووية، إلى جانب أبنائهم وأحفادهم، فلا يزالون يعيشون في ظل ذلك اليوم، يكافحون مع التشوّهات، والألم، ومعركتهم الطويلة من أجل العدالة التي لم تُحسم حتى اليوم.
يقول شيم جين تاي، وهو ناجٍ يبلغ من العمر 83 عاماً، "لا أحد يتحمّل المسؤولية. لا الدولة التي ألقت القنبلة، ولا الدولة التي فشلت في حمايتنا. أمريكا لم تعتذر قط. اليابان تتظاهر بأنها لا تعلم. وكوريا ليست أفضل حالاً. كلهم يلقون اللوم على بعضهم البعض، ونحن تُركنا وحدنا".
ويعيش شيم الآن في هابتشون، في كوريا الجنوبية، وهي مقاطعة صغيرة أصبحت موطناً لعشرات الناجين مثل شيم ولي، حتى بات يُطلق عليها لقب "هيروشيما كوريا".
وبالنسبة للي، لم تتلاشَ صدمة ذلك اليوم، بل انغرست في جسدها على شكل أمراض، إذ تعاني اليوم من سرطان الجلد، ومرض باركنسون، والذبحة الصدرية، وهي حالة ناتجة عن ضعف تدفق الدم إلى القلب، وتظهر عادةً على شكل ألم في الصدر.
لكن ما يُثقل كاهلها أكثر، هو أن الألم لم يتوقف عندها يوماً.
فابنها هوتشانغ، الذي يُعيلها، تم تشخيصه بفشل كلوي، وهو يخضع حالياً لغسيل الكلى بانتظار عملية زرع.
ويقول هوتشانغ: "أعتقد أن السبب هو التعرض للإشعاع، لكن من يستطيع إثبات ذلك؟"، ويضيف: "من الصعب إثباته علمياً، الأمر يتطلب اختبارات جينية، وهي مرهقة ومكلفة".
وقد صرّحت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية (MOHW) لبي بي سي، بأنها جمعت بيانات جينية بين عامي 2020 و2024، وستواصل القيام بدراسات إضافية حتى عام 2029.
وقالت إنها ستنظر في "توسيع تعريف الضحايا" ليشمل الجيلين الثاني والثالث من الناجين فقط "إذا كانت النتائج تؤكد تأثرهم".
حصيلة الكوريين
ومن بين الـ140 ألف كوري الذين كانوا في هيروشيما وقت القصف، كثيرون من مقاطعة هابتشون.
وتحيط الجبال بالمقاطعة التي لا تحتوي أساساً إلا على قدر قليل من الأراضي الزراعية، فكانت الحياة هناك صعبة.
وصادر المحتلون اليابانيون حينها المحاصيل، واجتاحت موجات الجفاف الأرض، مما دفع الآلاف إلى مغادرة الريف والذهاب إلى اليابان خلال الحرب. وقد تمّ تجنيد بعضهم قسراً، فيما أغرت الوعود على غرار: "ستأكل ثلاث وجبات يومياً وتُرسل أطفالك إلى المدرسة" بعضهم الآخر.
لكن في اليابان، كان الكوريون يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، وغالباً ما كانوا يُكلَّفون بأقسى وأخطر الأعمال.
ويقول شيم إن والده كان يعمل في مصنع للذخيرة كعامل قسري، بينما كانت والدته تدقّ المسامير في صناديق الذخيرة الخشبية.
وبعد انفجار القنبلة، صُنفت هذه الأعمال الخطرة إلى مهام أكثر خطورة، وغالباً ما كانت سبباً في مقتل الكوريين الذين كانوا في هيروشيما.
ويقول شيم، مدير فرع هابتشون في رابطة ضحايا القنبلة الذرية الكوريين، في حديثه لبي بي سي: "كان على العمال الكوريين أن يقوموا بتنظيف جثث الموتى. في البداية استخدموا النقالات، لكن عدد الجثث كان كبيراً جداً. وفي النهاية، استخدموا المجارف لجمع الجثث وأحرقوها في ساحات المدارس".
ويتابع: "كان الكوريون في الغالب من يقومون بهذا العمل. معظم أعمال التنظيف بعد الحرب وصناعة الذخيرة أُنجزت بأيدينا".
وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة جيونغ جي للرعاية الاجتماعية، فإن بعض الناجين أُجبروا على إزالة الأنقاض وانتشال الجثث. وفي حين فرّ اليابانيون الذين تم إجلاؤهم إلى منازل أقاربهم، بقي الكوريون الذين لم تكن لديهم روابط محلية في المدينة، معرضين للإشعاع النووي، وبفرص محدودة جداً للحصول على الرعاية الطبية.
وقد ساهمت هذه الظروف من سوء المعاملة، والعمل الخطير، والتمييز، في ارتفاع عدد الوفيات بين الكوريين.
ووفقاً لرابطة ضحايا القنبلة الذرية الكوريين، بلغت نسبة الوفيات بين الكوريين 57.1 في المئة، مقارنةً بالمعدل العام الذي كان حوالي 33.7 في المئة.
وقد تعرّض نحو 70 ألف كوري للإشعاع الناتج عن القنبلة. وبحلول نهاية العام، كان حوالي 40 ألفاً منهم قد توفّوا.
منبوذون في وطنهم
وبعد القصف، الذي أدى إلى استسلام اليابان وتحرير كوريا لاحقاً، عاد نحو 23 ألف ناجٍ كوري إلى وطنهم. لكنهم لم يُقابَلوا بالترحيب، إذ وُصفوا بأنهم مشوّهون أو ملعونون، وتعرضوا للتمييز حتى في بلدهم.
ويشرح شيم: "كانت هابتشون تضم بالفعل مستعمرة لمرضى الجذام، ونتيجة لتلك الصورة الذهنية، ظن الناس أن الناجين من القنبلة مصابون أيضاً بأمراض جلدية".
ويضيف أن هذا الوصم جعل الناجين يلتزمون الصمت حيال معاناتهم، مشيراً إلى أن "البقاء كان أولوية قبل الكرامة".
وتقول لي إنها رأت ذلك، إذ "كان يتم التعامل مع من أصيبوا بحروق شديدة أو كانوا فقراء جداً بطريقة مروّعة. في قريتنا، كان هناك أناس أُحرقت وجوههم وظهورهم لدرجة أن عيونهم فقط كانت مرئية، وتم رفضهم في الزواج وكان الناس يتجنبونهم".
ومع الوصمة، جاء الفقر. ثم بدأت تظهر أمراض بلا تفسير واضح: أمراض جلدية، مشاكل في القلب، فشل كلوي، وسرطانات. وكانت الأعراض منتشرة في كل مكان، لكن لم يكن أحد قادراً على تفسيرها.
ومع مرور الوقت، بدأ التركيز يتحوّل إلى الجيلين الثاني والثالث.
هان جونغ سون، الناجية من الجيل الثاني، تعاني من نخر في العظام بسبب نقص تدفق الدم في الوركين، ولا تستطيع المشي دون أن تسحب نفسها. أما ابنها الأول فولد بشلل دماغي.
وتقول سون: "ابني لم يمشِ خطوة واحدة في حياته. وعاملني أهل زوجي معاملةً سيئة. قالوا لي: لقد أنجبت طفلاً معاقاً وأنتِ أيضًا معاقة، هل جئتِ لتدمّري عائلتنا؟".
"كان ذلك الوقت جحيماً حقيقياً"، على حد قولها.
وعلى مدار عقود، لم تُظهر حتى الحكومة الكورية اهتماماً بالضحايا، إذ كانت الحرب مع كوريا الشمالية، والمشاكل الاقتصادية، ذات أولوية أكبر.
واستمرّ هذا الحال حتى عام 2019، بعد أكثر من 70 عاماً على القصف، حين أصدرت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أول تحقيق خاص بها، وكان عبارة عن نتائج استطلاع يعتمد أساساً على استبيانات.
وردّاً على استفسارات بي بي سي، أوضحت الوزارة أنه قبل عام 2019، "لم يكن هناك أساس قانوني للتمويل أو التحقيقات الرسمية".
لكن دراستين منفصلتين وجدتا أن ضحايا الجيل الثاني أكثر عرضة للأمراض، إذ أظهرت دراسة أجريت عام 2005 أن ضحايا الجيل الثاني كانوا أكثر عرضة بكثير من عامّة السكان للإصابة بالاكتئاب وأمراض القلب وفقر الدم، بينما وجدت دراسة أخرى في عام 2013 أن معدل تسجيل الإعاقات بينهم، يقارب ضعفَي المعدل العام.
وفي هذا السياق، تبدو هان مذهولة من استمرار السلطات في طلب الإثبات للاعتراف بها وبابنها كضحايا لهيروشيما.
وتقول: "مرضي هو الدليل. إعاقة ابني هي الدليل. هذا الألم ينتقل عبر الأجيال، وهو ظاهر للعيان. لكنهم لا يعترفون به. فماذا علينا أن نفعل؟ نموت دون أن يُعتَرف بنا؟".
السلام بلا اعتذار
ولم يزر مسؤولون من هيروشيما هابتشون إلا الشهر الماضي، في 12 يوليو/تموز، لوضع الزهور عند النصب التذكاري.
فعلى الرغم من الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الياباني السابق يوكيو هاتوياما وشخصيات خاصة أخرى للمنطقة، إلا أن زيارة الشهر الماضي كانت أول زيارة رسمية من قبل المسؤولين اليابانيين الحاليين.
وتقول جونكو إيتشيبا، الناشطة اليابانية في السلام، التي كرّست وقتها للدفاع عن ضحايا هيروشيما من الكوريين، إن "اليابان تتحدث الآن في 2025 عن السلام. لكن السلام بدون اعتذار لا معنى له".
وتشير إلى أن المسؤولين الذين زاروا المنطقة لم يذكروا أو يعتذروا عن كيفية معاملة اليابان للشعب الكوري قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.
وعلى الرغم من أن عدة قادة يابانيين سابقين قد قدّموا اعتذاراتهم وأسفهم، إلا أن العديد من الكوريين الجنوبيين يعتبرون هذه المشاعر غير صادقة، أو غير كافية دون اعتراف رسمي.
وتشير إيتشيبا إلى أن الكتب المدرسية اليابانية لا تزال تتجاهل تاريخ احتلال كوريا، وكذلك ضحايا القنبلة الذرية، موضحة أن "هذا التجاهل لا يؤدي إلا إلى تعميق الظلم".
ويُضاف ذلك إلى ما يراه كثيرون تقصيراً في مساءلة الإرث الاستعماري الياباني.
ويقول هو جونغ-غو، مدير قسم الدعم في الصليب الأحمر، إنه "يجب معالجة هذه القضايا بينما لا يزال الناجون على قيد الحياة. وبالنسبة للجيلين الثاني والثالث، يجب جمع الأدلة والشهادات قبل فوات الأوان".
وبالنسبة لناجين مثل شيم، فإن الأمر لا يتعلق فقط بالتعويض، بل بالاعتراف.
ويقول إن "الذاكرة أهم من التعويض. أجسادنا تتذكر ما مررنا به، وفي يوم ما، لن يبقى أحد ليروي القصة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 19 ساعات
- خبرني
ثمانون عاماً على هيروشيما: ناجون كوريون يروون المأساة وينتظرون اعترافاً لم يأتِ بعد
خبرني - في تمام الساعة 08:15 صباحاً يوم 6 أغسطس/آب 1945، بينما كانت قنبلة نووية تسقط كالحجر من السماء فوق هيروشيما، كانت لي جونغ - سون في طريقها إلى المدرسة الابتدائية. ولوحت المرأة - التي تبلغ الآن من العمر 88 عاماً - بيديها كما لو أنها تحاول إبعاد الذكرى من أمامها. وتتذكر جونغ - سون: "كان والدي على وشك أن يغادر إلى العمل، لكنه عاد فجأة راكضاً وأخبرنا أن نُخلي المكان فوراً، ويقال إن الشوارع كانت مملوءة بالجثث، لكنني كنت مصدومة لدرجة أن كل ما أتذكره هو أنني بكيت. فقط بكيت وبكيت". وتقول لي إن جثث الضحايا "ذابت لدرجة أن كل ما كان يُرى منها هو الأعين"، وذلك عندما غطّى انفجار يعادل قوة 15 ألف طن من مادة (تي إن تي) مدينةً يبلغ عدد سكانها 420 ألف نسمة، وما تبقّى بعد الانفجار كان جثثاً مشوّهة لدرجة لا يمكن التعرف عليها. لقد مرّ 80 عاماً منذ أن أسقطت الولايات المتحدة قنبلة "ليتل بوي"، أول قنبلة ذرية في تاريخ البشرية، فوق هيروشيما، مما أسفر عن مقتل حوالي 70 ألف شخص على الفور، ثم عشرات الآلاف في الأشهر التالية بسبب التسمم الإشعاعي، والحروق، والجفاف. وقد تم توثيق الدمار الذي خلّفته القنبلتان الذريتان في هيروشيما وناغازاكي، واللتان أنهتا الحرب العالمية الثانية والحكم الإمبراطوري الياباني في مساحات شاسعة من آسيا. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن نحو 20 في المئة من الضحايا المباشرين كانوا من الكوريين. ففي ذلك الوقت، كانت كوريا مستعمرة يابانية لمدة 35 عاماً. ويُقدّر أن حوالي 140 ألف كوري كانوا يعيشون في هيروشيما عند وقوع الانفجار، كثير منهم انتقلوا إلى هناك بسبب التجنيد القسري للعمل، أو هرباً من الاستغلال الاستعماري. أما من نجا من القنبلة النووية، إلى جانب أبنائهم وأحفادهم، فلا يزالون يعيشون في ظل ذلك اليوم، يكافحون مع التشوّهات، والألم، ومعركتهم الطويلة من أجل العدالة التي لم تُحسم حتى اليوم. يقول شيم جين تاي، وهو ناجٍ يبلغ من العمر 83 عاماً، "لا أحد يتحمّل المسؤولية. لا الدولة التي ألقت القنبلة، ولا الدولة التي فشلت في حمايتنا. أمريكا لم تعتذر قط. اليابان تتظاهر بأنها لا تعلم. وكوريا ليست أفضل حالاً. كلهم يلقون اللوم على بعضهم البعض، ونحن تُركنا وحدنا". ويعيش شيم الآن في هابتشون، في كوريا الجنوبية، وهي مقاطعة صغيرة أصبحت موطناً لعشرات الناجين مثل شيم ولي، حتى بات يُطلق عليها لقب "هيروشيما كوريا". وبالنسبة للي، لم تتلاشَ صدمة ذلك اليوم، بل انغرست في جسدها على شكل أمراض، إذ تعاني اليوم من سرطان الجلد، ومرض باركنسون، والذبحة الصدرية، وهي حالة ناتجة عن ضعف تدفق الدم إلى القلب، وتظهر عادةً على شكل ألم في الصدر. لكن ما يُثقل كاهلها أكثر، هو أن الألم لم يتوقف عندها يوماً. فابنها هوتشانغ، الذي يُعيلها، تم تشخيصه بفشل كلوي، وهو يخضع حالياً لغسيل الكلى بانتظار عملية زرع. ويقول هوتشانغ: "أعتقد أن السبب هو التعرض للإشعاع، لكن من يستطيع إثبات ذلك؟"، ويضيف: "من الصعب إثباته علمياً، الأمر يتطلب اختبارات جينية، وهي مرهقة ومكلفة". وقد صرّحت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية (MOHW) لبي بي سي، بأنها جمعت بيانات جينية بين عامي 2020 و2024، وستواصل القيام بدراسات إضافية حتى عام 2029. وقالت إنها ستنظر في "توسيع تعريف الضحايا" ليشمل الجيلين الثاني والثالث من الناجين فقط "إذا كانت النتائج تؤكد تأثرهم". حصيلة الكوريين ومن بين الـ140 ألف كوري الذين كانوا في هيروشيما وقت القصف، كثيرون من مقاطعة هابتشون. وتحيط الجبال بالمقاطعة التي لا تحتوي أساساً إلا على قدر قليل من الأراضي الزراعية، فكانت الحياة هناك صعبة. وصادر المحتلون اليابانيون حينها المحاصيل، واجتاحت موجات الجفاف الأرض، مما دفع الآلاف إلى مغادرة الريف والذهاب إلى اليابان خلال الحرب. وقد تمّ تجنيد بعضهم قسراً، فيما أغرت الوعود على غرار: "ستأكل ثلاث وجبات يومياً وتُرسل أطفالك إلى المدرسة" بعضهم الآخر. لكن في اليابان، كان الكوريون يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، وغالباً ما كانوا يُكلَّفون بأقسى وأخطر الأعمال. ويقول شيم إن والده كان يعمل في مصنع للذخيرة كعامل قسري، بينما كانت والدته تدقّ المسامير في صناديق الذخيرة الخشبية. وبعد انفجار القنبلة، صُنفت هذه الأعمال الخطرة إلى مهام أكثر خطورة، وغالباً ما كانت سبباً في مقتل الكوريين الذين كانوا في هيروشيما. ويقول شيم، مدير فرع هابتشون في رابطة ضحايا القنبلة الذرية الكوريين، في حديثه لبي بي سي: "كان على العمال الكوريين أن يقوموا بتنظيف جثث الموتى. في البداية استخدموا النقالات، لكن عدد الجثث كان كبيراً جداً. وفي النهاية، استخدموا المجارف لجمع الجثث وأحرقوها في ساحات المدارس". ويتابع: "كان الكوريون في الغالب من يقومون بهذا العمل. معظم أعمال التنظيف بعد الحرب وصناعة الذخيرة أُنجزت بأيدينا". وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة جيونغ جي للرعاية الاجتماعية، فإن بعض الناجين أُجبروا على إزالة الأنقاض وانتشال الجثث. وفي حين فرّ اليابانيون الذين تم إجلاؤهم إلى منازل أقاربهم، بقي الكوريون الذين لم تكن لديهم روابط محلية في المدينة، معرضين للإشعاع النووي، وبفرص محدودة جداً للحصول على الرعاية الطبية. وقد ساهمت هذه الظروف من سوء المعاملة، والعمل الخطير، والتمييز، في ارتفاع عدد الوفيات بين الكوريين. ووفقاً لرابطة ضحايا القنبلة الذرية الكوريين، بلغت نسبة الوفيات بين الكوريين 57.1 في المئة، مقارنةً بالمعدل العام الذي كان حوالي 33.7 في المئة. وقد تعرّض نحو 70 ألف كوري للإشعاع الناتج عن القنبلة. وبحلول نهاية العام، كان حوالي 40 ألفاً منهم قد توفّوا. منبوذون في وطنهم وبعد القصف، الذي أدى إلى استسلام اليابان وتحرير كوريا لاحقاً، عاد نحو 23 ألف ناجٍ كوري إلى وطنهم. لكنهم لم يُقابَلوا بالترحيب، إذ وُصفوا بأنهم مشوّهون أو ملعونون، وتعرضوا للتمييز حتى في بلدهم. ويشرح شيم: "كانت هابتشون تضم بالفعل مستعمرة لمرضى الجذام، ونتيجة لتلك الصورة الذهنية، ظن الناس أن الناجين من القنبلة مصابون أيضاً بأمراض جلدية". ويضيف أن هذا الوصم جعل الناجين يلتزمون الصمت حيال معاناتهم، مشيراً إلى أن "البقاء كان أولوية قبل الكرامة". وتقول لي إنها رأت ذلك، إذ "كان يتم التعامل مع من أصيبوا بحروق شديدة أو كانوا فقراء جداً بطريقة مروّعة. في قريتنا، كان هناك أناس أُحرقت وجوههم وظهورهم لدرجة أن عيونهم فقط كانت مرئية، وتم رفضهم في الزواج وكان الناس يتجنبونهم". ومع الوصمة، جاء الفقر. ثم بدأت تظهر أمراض بلا تفسير واضح: أمراض جلدية، مشاكل في القلب، فشل كلوي، وسرطانات. وكانت الأعراض منتشرة في كل مكان، لكن لم يكن أحد قادراً على تفسيرها. ومع مرور الوقت، بدأ التركيز يتحوّل إلى الجيلين الثاني والثالث. هان جونغ سون، الناجية من الجيل الثاني، تعاني من نخر في العظام بسبب نقص تدفق الدم في الوركين، ولا تستطيع المشي دون أن تسحب نفسها. أما ابنها الأول فولد بشلل دماغي. وتقول سون: "ابني لم يمشِ خطوة واحدة في حياته. وعاملني أهل زوجي معاملةً سيئة. قالوا لي: لقد أنجبت طفلاً معاقاً وأنتِ أيضًا معاقة، هل جئتِ لتدمّري عائلتنا؟". "كان ذلك الوقت جحيماً حقيقياً"، على حد قولها. وعلى مدار عقود، لم تُظهر حتى الحكومة الكورية اهتماماً بالضحايا، إذ كانت الحرب مع كوريا الشمالية، والمشاكل الاقتصادية، ذات أولوية أكبر. واستمرّ هذا الحال حتى عام 2019، بعد أكثر من 70 عاماً على القصف، حين أصدرت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أول تحقيق خاص بها، وكان عبارة عن نتائج استطلاع يعتمد أساساً على استبيانات. وردّاً على استفسارات بي بي سي، أوضحت الوزارة أنه قبل عام 2019، "لم يكن هناك أساس قانوني للتمويل أو التحقيقات الرسمية". لكن دراستين منفصلتين وجدتا أن ضحايا الجيل الثاني أكثر عرضة للأمراض، إذ أظهرت دراسة أجريت عام 2005 أن ضحايا الجيل الثاني كانوا أكثر عرضة بكثير من عامّة السكان للإصابة بالاكتئاب وأمراض القلب وفقر الدم، بينما وجدت دراسة أخرى في عام 2013 أن معدل تسجيل الإعاقات بينهم، يقارب ضعفَي المعدل العام. وفي هذا السياق، تبدو هان مذهولة من استمرار السلطات في طلب الإثبات للاعتراف بها وبابنها كضحايا لهيروشيما. وتقول: "مرضي هو الدليل. إعاقة ابني هي الدليل. هذا الألم ينتقل عبر الأجيال، وهو ظاهر للعيان. لكنهم لا يعترفون به. فماذا علينا أن نفعل؟ نموت دون أن يُعتَرف بنا؟". السلام بلا اعتذار ولم يزر مسؤولون من هيروشيما هابتشون إلا الشهر الماضي، في 12 يوليو/تموز، لوضع الزهور عند النصب التذكاري. فعلى الرغم من الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الياباني السابق يوكيو هاتوياما وشخصيات خاصة أخرى للمنطقة، إلا أن زيارة الشهر الماضي كانت أول زيارة رسمية من قبل المسؤولين اليابانيين الحاليين. وتقول جونكو إيتشيبا، الناشطة اليابانية في السلام، التي كرّست وقتها للدفاع عن ضحايا هيروشيما من الكوريين، إن "اليابان تتحدث الآن في 2025 عن السلام. لكن السلام بدون اعتذار لا معنى له". وتشير إلى أن المسؤولين الذين زاروا المنطقة لم يذكروا أو يعتذروا عن كيفية معاملة اليابان للشعب الكوري قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من أن عدة قادة يابانيين سابقين قد قدّموا اعتذاراتهم وأسفهم، إلا أن العديد من الكوريين الجنوبيين يعتبرون هذه المشاعر غير صادقة، أو غير كافية دون اعتراف رسمي. وتشير إيتشيبا إلى أن الكتب المدرسية اليابانية لا تزال تتجاهل تاريخ احتلال كوريا، وكذلك ضحايا القنبلة الذرية، موضحة أن "هذا التجاهل لا يؤدي إلا إلى تعميق الظلم". ويُضاف ذلك إلى ما يراه كثيرون تقصيراً في مساءلة الإرث الاستعماري الياباني. ويقول هو جونغ-غو، مدير قسم الدعم في الصليب الأحمر، إنه "يجب معالجة هذه القضايا بينما لا يزال الناجون على قيد الحياة. وبالنسبة للجيلين الثاني والثالث، يجب جمع الأدلة والشهادات قبل فوات الأوان". وبالنسبة لناجين مثل شيم، فإن الأمر لا يتعلق فقط بالتعويض، بل بالاعتراف. ويقول إن "الذاكرة أهم من التعويض. أجسادنا تتذكر ما مررنا به، وفي يوم ما، لن يبقى أحد ليروي القصة".


خبرني
منذ 2 أيام
- خبرني
كيف غزت كوريا الشمالية سوق الوظائف الغربية بهويات مزوّرة؟
خبرني - يقول جين-سو إنّه استخدم على مدار سنوات مئات الهويات المزوّرة للتقدّم لوظائف عن بُعد في شركات غربية، في إطار مخطّط واسع وسري لجمع الأموال لكوريا الشمالية. وأوضح في مقابلة نادرة مع بي بي سي، أنّه كان يحقّق دخلاً لا يقل عن خمسة آلاف دولار (3750 جنيهاً إسترلينياً) شهرياً من خلال تولّي وظائف عدّة في الولايات المتحدة وأوروبا، مضيفاً أنّ بعض زملائه كانوا يجنون أكثر من ذلك. قبل انشقاقه، كان جين-سو – وهو اسم مستعار حفاظاً على هويته – واحداً من آلاف الأشخاص الذين يُعتقد أنّهم أُرسلوا إلى الصين وروسيا، أو إلى دول في أفريقيا وأماكن أخرى، للمشاركة في عملية خفية تديرها كوريا الشمالية المعروفة بسرّيتها. نادراً ما يتحدث عمّال تكنولوجيا المعلومات الكوريون الشماليون إلى وسائل الإعلام، لكن جين-سو قدّم شهادة موسّعة لبي بي سي، كاشفاً كيف تبدو الحياة اليومية لأولئك الذين يعملون ضمن هذا الاحتيال، وكيف يدار العمل. وتؤكد روايته الكثير مما ورد في تقديرات الأمم المتحدة وتقارير الأمن السيبراني. وقال إنّ 85 في المئة من دخله كان يُرسل لتمويل النظام. وتخضع كوريا الشمالية منذ سنوات لعقوبات دولية قاسية. وأضاف جين-سو: "نعرف أنّ الأمر أشبه بالسرقة، لكننا نتقبّله كأنه قدرنا، ومع ذلك فهو أفضل بكثير من البقاء داخل كوريا الشمالية". ووفق تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر في مارس/آذار 2024، فإنّ عمّال تكنولوجيا المعلومات السريين يولّدون ما بين 250 و600 مليون دولار سنوياً لصالح كوريا الشمالية. وازدهرت هذه الشبكة خلال أزمة فيروس كورونا عندما أصبح العمل عن بُعد أمراً شائعاً، ولا تزال في ازدياد منذ ذلك الحين، بحسب تحذيرات السلطات وخبراء الأمن السيبراني. معظم هؤلاء العمّال يسعون إلى راتب ثابت يرسلون جزءاً منه للنظام، لكن في بعض الحالات، سرقوا بيانات أو اخترقوا أنظمة شركاتهم وطالبوا بفدية. العام الماضي، وجّهت محكمة أمريكية لائحة اتهام بحق 14 كورياً شمالياً، زُعم أنّهم جنوا 88 مليون دولار من خلال انتحال هويات وممارسة الابتزاز ضد شركات أمريكية على مدى ست سنوات. وفي الشهر الماضي، وُجّه الاتهام لأربعة كوريين شماليين آخرين لاستخدامهم هويات مزوّرة للحصول على وظائف عن بُعد في شركة أمريكية متخصّصة في العملات المشفّرة. الحصول على الوظائف عمل جين-سو في الصين لعدة سنوات كعامل في تكنولوجيا المعلومات لصالح النظام قبل انشقاقه. وأوضح لبي بي سي أنّه وزملاءه كانوا يعملون غالباً في فرق مكوّنة من عشرة أشخاص. الوصول إلى الإنترنت محدود داخل كوريا الشمالية، لكن في الخارج يتمكّن هؤلاء العمّال من العمل بسهولة أكبر. ويحتاجون إلى إخفاء جنسيتهم، ليس فقط لأنّ ادّعاء كونهم من دول غربية يتيح لهم أجوراً أعلى، بل أيضاً بسبب العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية، خصوصاً بسبب برامجها النووية والصاروخية. ويعدّ هذا المخطّط منفصلاً عن عمليات القرصنة التي تقوم بها بيونغ يانغ لجمع الأموال. ففي وقت سابق من هذا العام، يُعتقد أنّ مجموعة لازاروس – وهي مجموعة قرصنة شهيرة يُفترض أنّها تعمل لصالح كوريا الشمالية، رغم أنّها لم تعترف بذلك – سرقت 1.5 مليار دولار من شركة العملات المشفّرة "بايبت". قضى جين-سو معظم وقته في محاولة الحصول على هويات مزوّرة للتقدّم إلى الوظائف. وكان في البداية يتظاهر بأنّه صيني، ويتواصل مع أشخاص في المجر وتركيا ودول أخرى ليطلب استخدام هوياتهم مقابل نسبة من أرباحه، وفق ما قاله لبي بي سي. وأضاف: "إذا وضعت وجهاً آسيوياً على الملف الشخصي، فلن تحصل على وظيفة أبداً". بعد ذلك، كان يستخدم تلك الهويات لاستهداف أشخاص في أوروبا الغربية للحصول على هوياتهم، ثم يتقدّم بها لوظائف في الولايات المتحدة وأوروبا. وأوضح أنّه حقّق نجاحاً كبيراً مع مواطنين بريطانيين. وقال: "بمجرد الدردشة قليلاً، كان الناس في المملكة المتحدة يسلمون هوياتهم بسهولة كبيرة". وكان عمّال تكنولوجيا المعلومات الذين يجيدون الإنجليزية أكثر، يتولّون أحياناً عملية التقديم. لكن الوظائف في مواقع العمل الحر لا تتطلّب غالباً مقابلات وجهاً لوجه، وغالباً ما تتم التفاعلات اليومية عبر منصات مثل "سلاك"، ما يجعل انتحال الهوية أمراً سهلاً. وأوضح جين-سو أنّه كان يستهدف السوق الأمريكية أساساً "لأن الرواتب أعلى في الشركات الأمريكية". وزعم أنّ عدد العمّال الكوريين الشماليين الذين يحصلون على وظائف كبير لدرجة أنّ الشركات توظّف أحياناً أكثر من شخص واحد منهم من دون علمها. وقال: "يحدث ذلك كثيراً". ويُعتقد أنّ هؤلاء العمّال يحصلون على أجورهم من خلال شبكات وسطاء في الغرب والصين. وفي الأسبوع الماضي، حُكم على امرأة أمريكية بالسجن لأكثر من ثماني سنوات لضلوعها في مساعدة عمّال كوريين شماليين في العثور على وظائف وتحويل الأموال لهم. ولا تستطيع بي بي سي التحقّق بشكل مستقل من تفاصيل شهادة جين-سو، لكن من خلال منظمة بيسكور، التي تدافع عن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، اطّلعنا على شهادة عامل آخر تدعم مزاعم جين-سو. كما تحدّثت بي بي سي إلى منشق آخر يُدعى هيون-سونغ لي، قال إنّه التقى عمّال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين أثناء سفره إلى الصين كرجل أعمال لصالح النظام، مؤكداً أنّ تجاربهم متشابهة. مشكلة متنامية تحدّثت بي بي سي إلى مديري توظيف في قطاع الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات، قالوا إنّهم رصدوا عشرات المرشحين الذين يشتبهون في كونهم عمّال تكنولوجيا معلومات من كوريا الشمالية خلال عمليات التوظيف. كان روب هينلي، المؤسس المشارك لشركة "ألي سيكيوريتي" في الولايات المتحدة، كان مؤخراً يقوم بتعيين موظفين لشغل سلسلة من الوظائف عن بُعد في شركته، ويعتقد أنّه أجرى مقابلات مع نحو 30 عاملاً كورياً شمالياً. وقال: "في البداية كان الأمر أشبه بلعبة، نحاول معرفة من الحقيقي ومن المزيّف، لكنّه أصبح مزعجاً بسرعة". في النهاية، اضطر إلى أن يطلب من المرشحين خلال المكالمات المرئية إثبات أن الوقت في مكانهم نهاراً. وقال: "كنا نتعاقد فقط مع مرشحين من الولايات المتحدة لهذه الوظائف. كان من المفترض أن يكون الضوء على الأقل مرئياً بالخارج. لكنني لم أرَ ضوء النهار مطلقاً". في مارس الماضي، شارك "دافيد موكزادو"، الشريك المؤسس لشركة "فيدوك سيكيوريتي لاب" في بولندا، مقطع فيديو لمقابلة عمل عن بُعد أجراها مع مرشح يبدو أنه كان يستخدم برنامجاً للذكاء الاصطناعي لإخفاء ملامح وجهه. وأوضح أنه بعد استشارة الخبراء، خلص إلى أن المرشح قد يكون عاملاً في مجال تكنولوجيا المعلومات من كوريا الشمالية. سبيل نادر للهرب تُرسل كوريا الشمالية عمالها إلى الخارج منذ عقود لكسب العملات الصعبة. ويعمل ما يصل إلى 100 ألف شخص في الخارج كعمّال مصانع أو مطاعم، معظمهم في الصين وروسيا. وبعد سنوات من العيش في الصين، قال جين-سو إنّ "شعور الاختناق" من ظروف العمل القمعية كان يتزايد. وأضاف: "لم يكن مسموحاً لنا بالخروج، وكان علينا البقاء في الداخل طوال الوقت. لا يمكنك ممارسة الرياضة، ولا القيام بما تريد". ومع ذلك، أشار إلى أنّ عمّال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين يتمتعون بحرية أكبر في الوصول إلى وسائل الإعلام الغربية أثناء وجودهم في الخارج. وقال: "ترى العالم الحقيقي. عندما نكون في الخارج، ندرك أنّ هناك خللاً في داخل كوريا الشمالية". لكن رغم ذلك، زعم أنّ قلّة فقط تفكّر في الهروب كما فعل هو. وقال: "هم يأخذون المال ويعودون إلى الوطن، قلة قليلة تفكر في الانشقاق". ورغم أنّهم يحتفظون بجزء صغير من أرباحهم، إلا أنّه يعدّ مبلغاً كبيراً في كوريا الشمالية. كما أنّ الانشقاق محفوف بالمخاطر وصعب للغاية. فالمراقبة في الصين تؤدي إلى القبض على معظمهم. ومن ينجحون في الهروب قد لا يرون عائلاتهم مجدداً، وقد تواجه عائلاتهم عقوبات بسبب فرارهم. ويواصل جين-سو العمل في مجال تكنولوجيا المعلومات بعد انشقاقه، ويقول إنّ المهارات التي اكتسبها أثناء عمله لصالح النظام ساعدته على التأقلم مع حياته الجديدة. ورغم أنّه يكسب الآن أقل ممّا كان يكسبه عندما كان يعمل لصالح النظام، لأنّه لم يعد يشغل وظائف متعدّدة بهويات مزوّرة، فإنّه يحتفظ بمعظم أرباحه.


جفرا نيوز
منذ 5 أيام
- جفرا نيوز
ارتفاع حصيلة القصف الروسي على كييف إلى 26 قتيلا
جفرا نيوز - ارتفعت حصيلة الضربات الروسية صباح الخميس على كييف إلى 26 قتيلا، بينهم 3 أطفال، و156 جريحا، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية الجمعة. وغداة إعلان السلطات الأوكرانية أنّ القصف أوقع 16 قتيلا، بينهم طفلان، قالت وزارة الداخلية في منشور على تلغرام إنّه "خلال ليلة أمس وصباح اليوم، انتشلت فرق الإنقاذ 10 جثث من تحت أنقاض المبنى السكني في منطقة سفياتوشينسكي، بينها جثة طفل يبلغ من العمر عامين"، مشيرة إلى أنّ القصف أوقع أيضا 159 جريحا، بينهم 16 طفلا. واستهدفت أوكرانيا مجددا ليل الخميس الجمعة بضربات روسية وقتل رجل عمره 63 عاما جراء قذيفة طالت مبنى سكنيا في بلدة فيسيليانكا في منطقة زابوريجيا (شرق)، على ما أفاد رئيس الإدارة العسكرية المحلية إيفان فيدوروف على تلغرام. وأعلنت كييف الجمعة يوم حداد إثر عمليات القصف الخميس التي كانت الأكثر دموية في العاصمة منذ بدء الهجوم الروسي في شباط 2022. وندد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بـ"مشهد جديد" من القتل تسببت به موسكو داعيا إلى "تغيير النظام" في روسيا. ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضربات بأنّها "مثيرة للاشمئزاز، مؤكدا عزمه على فرض عقوبات جديدة على روسيا. وأمهل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشرة أيام اعتبارا من الثلاثاء لوقف الحرب التي تعتبر الأعنف في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية والتي تسببت بمقتل الآلاف من الجانبين.