logo
الطحالب البحرية: غذاء فائق الجودة أم بدعة صحية؟

الطحالب البحرية: غذاء فائق الجودة أم بدعة صحية؟

شفق نيوز٢٥-٠٤-٢٠٢٥

يروّج البعض للطحالب البحرية، وهي عشبة بحرية شائكة صالحة للأكل، على أنها سر البشرة المتوهجة، وفقدان الوزن بسهولة، وتحسين صحة الأمعاء، وقد أصبحت موضوعا شائعا بين المشاهير ومستخدمي تيك توك.
وتعجّ مواقع التواصل الاجتماعي بوصفات قهوة الطحالب البحرية، وأقنعة الوجه المنزلية، ومقاطع فيديو لتحدي الطحالب البحرية #SeaMossChallenge، وهي صيحة رائجة، حيث يبتلع المؤثرون لقمة من هلام الطحالب البحرية اللزج، والذي قد تكون رائحته كريهة.
ولكن، هل هناك أي حقيقة وراء مزاعم هذه الأطعمة فائقة الجودة، أم أنها مجرد صيحة أخرى في عالم الصحة؟
طحلب البحر، المعروف أيضًا باسم الطحلب الأيرلندي، هو نوع من الأعشاب البحرية الحمراء، وينتشر على طول السواحل الصخرية لأيرلندا وأجزاء أخرى من المحيط الأطلسي، كما ينمو في المياه الدافئة في آسيا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا.
ويحصد الناس طحلب البحر ويتناولونه منذ حوالي 14 ألف عام، مع وجود أدلة على استخدامه طبيًا في الصين منذ عام 600 قبل الميلاد، وفقًا للمجلس الدولي للإضافات الغذائية.
ويُنتج هذا النبات مادة مضافة تُسمى الكاراغينان، والتي يستخدمها مصنعو الأغذية كمكثف ومُثلّج في منتجات مثل الآيس كريم وحليب الشوكولاتة والهلام.
ومثل العديد من الأعشاب البحرية، يُعد طحلب البحر غنيا بالعناصر الغذائية، بما في ذلك الحديد والمغنيسيوم واليود والفيتامينات، والتي تُساهم في تحسين الصحة العامة، وفقًا لجمعية التغذية البريطانية.
ويتوفر طحلب البحر على نطاق واسع عبر الإنترنت في شكله الخام والمجفف، ولكن أكثر المنتجات شيوعا على مواقع التواصل الاجتماعي تشمل الحبوب والمساحيق والهلام والحلوى.
ومن المتوقع أن يتجاوز حجم سوق الطحالب البحرية العالمية 3 مليارات دولار بحلول عام 2032، مدفوعًا بالطلب المرتفع في الصين، وفقًا لبيانات من شركة بولاريس ماركت ريسيرش.
بشرة صافية؟
وفي منشورٍ حول التعامل مع الصدفية، وهي حالة التهاب جلدي مزمن، صرّحت نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان بأنها تشرب عصائر الطحالب البحرية كجزء من نظام غذائي نباتي.
ولكن ماذا يقول العلم؟
تحتوي الطحالب البحرية على فيتاميني أ وهـ، اللذين تُشير هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (إن إتش إس) إلى أهميتهما لصحة البشرة، كما تحتوي على مضادات أكسدة، مثل البوليفينول، ذات "تأثيرات مُثبتة مضادة للالتهابات"، وذلك بحسب هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا.
وتقول ليا دي سوزا توماس، وهي عالمة مؤهلة في الطب الحيوي مقيمة في المملكة المتحدة وعضوة في "موارد التغذية"، وهي قاعدة بيانات لخبراء التغذية وأخصائيي التغذية المؤهلين: "إن هناك أدلة مباشرة محدودة على أن تناول الطحالب البحرية يُحسّن حالة الجلد أو مظهره".
وصرحت لبي بي سي أن الدراسات التي تُثبت فوائد الطحالب البحرية للبشرة ركّزت على العلاجات الموضعية، مثل الكريمات والمراهم، بدلًا من تناولها.
فقدان الوزن
ثقافة الحمية الغذائية رائجة على تيك توك. ففي عام 2022 ، كشفت دراسة أجرتها جامعة فيرمونت الأمريكية عن وجود9.7 مليار فيديو يحمل هاشتاغ #فقدان_الوزن.
وروّج المستخدمون للطحالب البحرية كغذاء خارق يساعد على إنقاص الوزن، لكن المتحدثة باسم مؤسسة التغذية البريطانية، بريديغيت بينيلام، تقول إنه لا يوجد ما يشير إلى أنها تستحق أن تُصنّف ضمن الأطعمة الخارقة.
وقالت لبي بي سي: "لا نعرف سوى القليل عن أي فوائد محددة لتناول الطحالب البحرية على صحة الإنسان".
وتقول ريتشيل إيزاكس، وهي أخصائية في التغذية الطبيعية ومُسجلة في المملكة المتحدة، إن الطحالب البحرية تحتوي على نسبة عالية من الألياف التي يمكن أن تُسهم في الشعور بالشبع.
لكنها تُضيف أنه "لا توجد أدلة كافية على أنها تدعم فقدان الوزن".
مفيدة للأمعاء
وتُعد الأعشاب البحرية، بما في ذلك الطحالب البحرية، غنية بالسكريات المتعددة، وهي نوع من الكربوهيدرات البريبايوتيكية المفيدة للأمعاء.
وتقول الجمعية البريطانية للتغذية: "البريبايوتيك بمثابة سماد لميكروبات أمعائنا، إنها في الأساس غذاء يغذي بكتيريا الأمعاء النافعة".
وتشير كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد إلى أن صحة الأمعاء ترتبط بفوائد أخرى، بما في ذلك تعزيز المناعة، وتحسين صحة الدماغ، وقد تقلل حتى من خطر الإصابة بمرض السكري.
وتقر دي سوزا توماس بأن الطحالب البحرية أظهرت "بعض النتائج الواعدة" فيما يتعلق بصحة الأمعاء، لكنها صرحت لبي بي سي بأن "هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم دورها بشكل كامل".
المخاطر المحتملة
هناك بعض المخاطر المرتبطة بتناول الطحالب البحرية، والتي سلط الخبراء الضوء عليها لبي بي سي.
وتحتوي الطحالب البحرية على مستويات عالية من اليود، مما قد يُسبب مشاكل في الغدة الدرقية إذا أُفرط في تناولها.
وصرحت بينيلام، المتحدثة باسم مؤسسة التغذية البريطانية: "بأنه يجب ألا تتجاوز الكمية الموصى بها على العبوة".
وأضافت قائلة إن الطحالب البحرية، مثل الأعشاب البحرية، قادرة على امتصاص المعادن الثقيلة من الماء، وذلك حسب مكان نموها.
وتُشير الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية إلى أن تراكم المعادن في الجسم قد يُؤدي إلى آثار ضارة مع مرور الوقت.
ومع ذلك، تُؤكد دي سوزا توماس، وهي عالمة مؤهلة في الطب الحيوي مقيمة في المملكة المتحدة وعضوة في "موارد التغذية"، وهي قاعدة بيانات لخبراء التغذية وأخصائيي التغذية المؤهلين، على أن تناول الطحالب البحرية بكميات صغيرة آمن كجزء من نظام غذائي صحي.
ولكنها قد لا تُمثل الحل الصحي المُعجزة الذي يدّعيه مُستخدمو تيك توك.
وتُضيف دي سوزا توماس قائلة: "إنه من الأفضل اعتبارها مُكملًا غذائيًا، وليس بديلًا، لنظام غذائي مُتنوع غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبروتين عالي الجودة والدهون الصحية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال
دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال

الأنباء العراقية

timeمنذ 3 أيام

  • الأنباء العراقية

دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال

متابعة - واع تظهر دراسة جديدة أن استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي قد يزيد من خطر إصابتهم بالاكتئاب خلال سنوات المراهقة. فبعد سنوات من الجدل حول العلاقة بين الصحة النفسية واستخدام منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، وجدت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أن كثرة استخدام الأطفال لهذه المنصات قد تساهم فعلا في تفاقم أعراض الاكتئاب لديهم. وفي الدراسة، تابع الباحثون بيانات 11876 طفلا أمريكيا تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاما تقريبا، على مدى 3 سنوات، لمعرفة ما إذا كان الأطفال المصابون بالاكتئاب هم أكثر ميلا لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لاحقا، أو العكس. وقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين عانوا من أعراض اكتئاب في سن 9 أو 10 لم يكونوا أكثر استخداما لمواقع التواصل عند بلوغهم 13 عاما مقارنة بغيرهم، ما يضعف الفرضية السابقة القائلة إن الأطفال "غير السعداء" ينجذبون أكثر إلى هذه المنصات. لكن المفاجأة كانت أن الأطفال الذين استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف في سن 12 و13 عاما، هم من أظهروا أعلى معدلات الاكتئاب لاحقا، ما يشير إلى احتمال وجود علاقة سببية بين الاستخدام الكثيف وظهور أعراض الاكتئاب. ووفقا للدراسة، ارتفع متوسط الوقت اليومي الذي يقضيه الأطفال على مواقع التواصل من 7 دقائق فقط في سن التاسعة إلى أكثر من ساعة مع بلوغهم سن المراهقة المبكرة. ورجّح فريق البحث أن تكون أسباب هذا التأثير السلبي مرتبطة بعوامل مثل التنمر الإلكتروني وقلة النوم، واللذان ارتبطا سابقا بزيادة معدلات الاكتئاب بين المراهقين. وفي سياق متصل، أظهرت دراسات سابقة أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني بين سن 11 و12 يكونون أكثر عرضة لمحاولة الانتحار بمعدل 2.5 مرة خلال عام واحد مقارنة بغيرهم. ويقول الباحثون إن مواقع التواصل الاجتماعي، رغم آثارها المحتملة السلبية، لا تزال الوسيلة الأساسية التي يستخدمها الأطفال للتفاعل مع أقرانهم، ما يعقّد جهود تقنين استخدامها أو الحد منه. وقال الدكتور جيسون ناغاتا، أخصائي طب الأطفال وقائد فريق البحث: "بصفتي أبا لطفلين، أدرك أن مجرد قول "ابتعد عن هاتفك" لا ينجح، لكن يمكن للأهالي وضع ضوابط تساعد على تقليل الأثر النفسي السلبي، مثل تخصيص أوقات خالية من الشاشات أثناء الوجبات أو قبل النوم، وإجراء حوارات مفتوحة وغير حكمية حول الاستخدام الرقمي". من جانب اخر قال البروفيسور كريس فيرغسون، أستاذ علم النفس بجامعة ستيتسون في فلوريدا، إن "العلاقة بين استخدام مواقع التواصل والاكتئاب، وفق الدراسة، ضعيفة جدا، وحجم التأثير ضئيل للغاية وقد يكون ناتجا عن ضوضاء إحصائية". وقد أقر الباحثون بوجود بعض القيود في الدراسة، أبرزها اعتمادهم على صدق الأطفال في الإبلاغ عن عاداتهم الرقمية، إضافة إلى غياب تحليل تفصيلي لكيفية تأثير نوع الجهاز أو توقيت الاستخدام على الحالة النفسية.

منتشر على "تيك توك" و"إنستغرام".. "ترند" جديد يهدد حياة الملايين
منتشر على "تيك توك" و"إنستغرام".. "ترند" جديد يهدد حياة الملايين

شفق نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • شفق نيوز

منتشر على "تيك توك" و"إنستغرام".. "ترند" جديد يهدد حياة الملايين

شفق نيوز/ أثار "ترند" جديد منتشر على منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، قلق المختصين، محذرين من المخاطر الصحية الجسيمة التي قد تنتج عنه. ويتمثل الترند الجديد في إغلاق الفم بواسطة شريط لاصق خلال النوم لفرض التنفس عبر الأنف فقط. وقد تعددت الادعاءات حول فوائدها ما بين تحسين جودة النوم، تعزيز صحة الفم والأسنان، نحت منطقة الفك، وحتى تأخير علامات الشيخوخة. ودفعت هذه الادعاءات فريقا بحثيا متخصصا من معهد لوسون للأبحاث ومعهد أبحاث العلوم الصحية في لندن، بالتعاون مع كلية شوليتش للطب وطب الأسنان بجامعة ويسترن، إلى فحص دقيق للأدلة العلمية المتاحة، حيث تمت مراجعة 86 دراسة في هذا المجال، مع تحليل متعمق لـ 10 دراسات شملت 213 مشاركا. وكانت النتيجة صادمة: لا يوجد أي دليل علمي قوي يدعم هذه الادعاءات، بل على العكس، فقد بينت النتائج أن هذه الممارسة قد تؤدي إلى تفاقم مشاكل التنفس المرتبطة بالنوم. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور براين روتنبرغ، الباحث الرئيسي في الدراسة وأخصائي الأنف والأذن والحنجرة، أن ما يثير القلق هو ترويج هذه الممارسة من قبل مشاهير ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي دون أي سند علمي. وأضاف: "عندما بدأنا نرى هذه الظاهرة تنتشر، شعرنا بأن الأمر يستحق البحث، خاصة مع غياب الأدلة الطبية التي تدعمه". وتكمن الخطورة الرئيسية في أن إغلاق الفم أثناء النوم قد يحول دون تدفق الهواء بشكل كاف، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النفس النومي غير المشخص، وهي حالة يتوقف فيها التنفس بشكل متكرر أثناء النوم. وقد حذر الأطباء من أن هذه الممارسة قد تزيد من حدة الأعراض وتؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، بما في ذلك ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويرتبط انتشار هذه الموضة بظاهرة أوسع تعرف بـ "تحسين المظهر" (أو looksmaxxing)، حيث يسعى الأفراد إلى تحسين مظهرهم الخارجي عبر وسائل متطرفة أحيانا. وفي هذا الإطار، يتم الترويج لوضع لصق على الفم كحل سحري لمشكلة "وجه متنفس الفم"، وهي فكرة غير مثبتة علميا تزعم أن التنفس عبر الفم يؤدي إلى تغيرات غير مرغوبة في شكل الوجه. ويؤكد الخبراء على أهمية التمييز بين الموضات العابرة والتوصيات الطبية المدعومة بالأدلة العلمية. وينصحون أي شخص يعاني من مشاكل في النوم أو التنفس بمراجعة الطبيب المختص بدلا من اللجوء إلى حلول غير مدروسة قد تعرض صحتهم للخطر. وتؤكد نتائج هذه الدراسة أن صحة الجهاز التنفسي ليست مجالا للتجارب أو الموضات، وأن أي تدخل يؤثر على عملية التنفس الأساسية يجب أن يكون تحت إشراف طبي دقيق، خاصة أن عواقب الأخطاء في هذا المجال قد تكون وخيمة ولا رجعة فيها.

هل تحول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى "ترند" اجتماعي؟
هل تحول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى "ترند" اجتماعي؟

شفق نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • شفق نيوز

هل تحول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى "ترند" اجتماعي؟

"لن تشعر بالملل أبداً لو كان لديك صديق من المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ... نحن من نعيش الحياة بكاملها…نحن نحب الجدال والحديث ومشتتون…". هذه جمل من مقاطع فيديو قصيرة لاحقتني على منصة إنستغرام، تظهر أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بطريقة مرحة، والبعض منها يبدو كمحتوى علمي أكثر جدية. وفي الدوائر المحيطة بي، وجدت الكثير من البالغين الذين يطبقون على أنفسهم أعراض فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) المنتشرة في مقاطع الفيديو القصيرة. تقول لي لمياء (36 عاماً) -اسم مستعار بطلب منها- وتعيش في لندن وتعمل في مجال الإعلام، إنها وبسبب ما تعرضه وسائل التواصل الاجتماعي من أعراض، أصبحت تعتقد أنها مصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وتنتظر لمياء دورها الذي قد يأتي بعد خمس سنوات لرؤية مختص نفسي يغطيه التأمين الصحي في البلد الذي تعيش فيه. لمياء ليست وحدها من تعاني من هذه الدوامة، إذ تقول الأخصائية النفسية سحر مزهر لبي بي سي، إنها لاحظت عبر محاضراتها التي تلقيها في جامعات أردنية أن أكثر من نصف الحضور يراجعونها لاعتقادهم أنهم مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بسبب ما يعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب دراسة نشرت عبر المكتبة الوطنية للطب، التي تتبع المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة، بالاعتماد على التركيبة السكانية العالمية لعام 2020، بلغ معدل انتشار النوع المستمر من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى البالغين 2.58 في المئة، في حين بلغ معدل انتشار النوع المصحوب بأعراض 6.76 في المئة، أي ما يعادل 139.84 مليون و366.33 مليون بالغ على مستوى العالم حتى ذلك العام. تأثير السوشيال ميديا PA سارة - فضلت عدم ذكر اسمها الحقيقي - أربعينية تعمل في مجال الإعلانات والتسويق الرقمي، عرفت في مرحلة متأخرة من العمر بأنها مصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. لكن توجهها للتحقق من ذلك مع طبيب نفسي في الأردن يعود لنصيحة من صديقتها المختصة في المجال أيضاً. تقول سارة إن لديها الخبرة الكافية لتعرف مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المستخدمين، وأن ظهور النصائح والإعلانات المتعلقة بالاضطرابات والأمراض النفسية أو غيرها من الموضوعات للمستخدمين، يعود لنمط عمل هذه المنصات ومتابعتها لاهتمامات الأفراد. وتوضح أنها أصبحت تتعرض لمقاطع الفيديو القصيرة المتعلقة بفرط الحركة ونقص الانتباه، بعد مراجعتها للطبيب وبدء اهتمامها بالموضوع. وتحذر سارة، التي تعمل حالياً في قطر، من توجه كثيرين للتشخيص الذاتي، مما يعرضهم للاستغلال التجاري أو يدفعهم للاستسلام لأعراض قد لا تكون موجودة لديهم، مما يؤثر سلباً على مسار حياتهم اليومية. ويرى محمد العمري، طبيب عام ومختص في العلاج السلوكي، أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة الوعي باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بين الناس، وأزالت إلى حد ما وصمة العار التي كانت مرتبطة به، إذ كان فرط الحركة ونقص الانتباه مرتبطاً في السابق بعدم القدرة على النجاح أو عدم الالتزام. لكن العمري، الذي يعمل في عيادة مايند كلينك في عمّان، قال لبي بي سي إن لوسائل التواصل الاجتماعي أثراً سلبياً أيضاً، إذ أدى انتشار الأعراض والتشخيص الذاتي، إلى زيادة كبيرة في أعداد الأشخاص الذين يريدون الحصول على تشخيص طبي، وهو ما أدى إلى زيادة الضغط على الهيئات الطبية. ويضرب العمري مثالاً بالولايات المتحدة الأمريكية كواحدة من الدول التي تواجه "إفراطاً في التشخيص"، مما يعني احتمالية التشخيص الخاطئ أيضاً. ويضيف: "في العام الماضي، أفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن 11.4 في المئة من الأطفال الأمريكيين شُخِّصوا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهو رقم قياسي"، وهو ما جعل صحيفة نيويورك تايمز تتساءل في مقال لها: هل كنا نفكر في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بطريقة خاطئة؟ بينما تنقل صحيفة الإيكونومست البريطانية أنه يُعتقد بأن "نحو مليوني شخص في إنجلترا، أي 4 في المئة من السكان، مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وفقاً لمؤسسة نوفيلد ترست البحثية". ويشرح العمري أن التشخيص الخاطئ قد يعني الحصول على دواء لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه المعني برفع نسبة الدوبامين، وتؤدي الأدوية المنشطة في حال كان الشخص مصاباً بالقلق على سبيل المثال وليس باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إلى زيادة في نبضات القلب وزيادة التوتر وغيرها من الأعراض. ويقول أيضاً إن التشخيص يعتمد على خبرة المعالج النفسي وليس فقط على أسئلة الاختبار المخصصة للفحص التي تنشرها أحياناً وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تشترك أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مع أعراض اضطرابات أخرى "مثل القلق، والاكتئاب الحاد، أو مع أعراض بعض الأمراض الجسدية الناجمة عن نقص في فيتامين ب 12 أو ب 6، أو فيتامين د". تتحدث بعض الدراسات عن أن التعرض لمقاطع الفيديو القصيرة، خاصة للأطفال بعمر صغير، يجعل قدرتهم على التركيز أقل، وكذلك الأمر بالنسبة للبالغين، مما يعني أن البعض قد يصاب بأعراض الاضطراب لأسباب بيئية وليس جينية، بمعنى أن إصابته بالأعراض لا تعني إصابته بالاضطراب، حسب العمري. وتتفق معه في ذلك الأخصائية مزهر، التي تعتقد أن كثيراً ممن يشخصون أنفسهم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي باضطرابات نفسية مختلفة، من بينها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، "يحرمون أنفسهم من حياة صحية". وتلفت مزهر إلى أن كل فرد من حقه أن يحصل على الوقت الكافي وعبر مختصين للتحقق من حالته الصحية، مشيرة إلى أن الإجابة على أسئلة في استبيان للاستدلال على وجود الاضطراب لا تكفي وحدها. وتوضح أنه ليس من السهل تشخيص فرط الحركة ونقص الانتباه، وخاصة عند البالغين، لأن أعراضه قد تتشابه مع أعراض أمراض أخرى مثل نقص فيتامين د أو التعرض لصدمة أو توتر مستمر، مما يرفع نسبة هرمون الكورتيزول في جسم الإنسان فيشعر أنه في حالة تأهب. ويعرف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بأنه "اضطراب في النمو العصبي، عادةً ما يُشخَّص لأول مرة في مرحلة الطفولة، وغالباً ما يستمر حتى مرحلة البلوغ. لكن بعض الأشخاص لا يُشخَّصون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلا بعد بلوغهم. وتتضمن أعراضه صعوبة في الانتباه، وصعوبة في التحكم في السلوكيات الاندفاعية، وفرط النشاط"، بحسب تعريف منصة "ميدلاين بلاس" الأمريكية. ويوضح الموقع الإلكتروني للمعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية أنه "من الشائع أن يُظهر الأشخاص هذه السلوكيات أحياناً. لكن الفرق أنه بالنسبة للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، تكون هذه السلوكيات متكررة وتحدث في مواقف متعددة، مثل المدرسة، أو المنزل، أو العمل، أو مع العائلة والأصدقاء". وبموجب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، يصنف فرط النشاط ونقص الانتباه - ADHD، تحت بند الاضطرابات المتعلقة بالنمو العصبي. لكن دراسات علمية حديثة ومختصين في علم النفس توجهوا حديثاً لرفض وصف سمات شخصية مثل الاندفاعية والتشتت وعدم الانتباه بالأعراض، وفضلوا اعتبار ذلك ضمن التنوع العصبي وأن العديد من المصابين بفرط الحركة ونقص الانتباه ليسوا "ناقصين" ولا "مضطربين". يعلق العمري على ذلك قائلا: "هناك نقاش في الأوساط الطبية فيما يتعلق بما إذا كان فرط الحركة ونقص الانتباه اضطراباً أم تنوعا أو اختلافا عصبيا، أي بمعنى أنه لا يوجد فيه خلل لكن المجتمع ليس مهيئا للتعامل معه، مثل الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى بينما غالبية الأدوات مصممة لمن يستخدمون اليد اليمنى. هذه الدراسات دفعت سارة لاستكمال علاجها سلوكياً بمساعدة مختص نفسي، لكن دون الحصول على الأدوية المخصصة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. تتحدث مزهر أيضاً عن الدراسات التي ترفض اعتبار فرط الحركة ونقص الانتباه اضطراباً. وترى أيضاً أن البيئة الحالية لم تعد مفتوحة كما كان الحال في السابق، وهو ما يؤدي لوجود الأطفال غالبية الوقت داخل الشقق إضافة لتعلقهم بوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، مما يؤدي لظهور أعراض فرط الحركة ونقص الانتباه. لكن وجود الأعراض لا يعني بالضرورة الإصابة بالمرض. وتضيف "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كل الظروف المحيطة بالشخص، فلا نأخذ جزئية فقط ونقول إنه مصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه". وتتابع مزهر أن "السلوكيات مكتسبة، فمثلاً من الممكن أن يكون سلوكي انفعالي، لكن ورثته من عائلتي. تشخيص الحالة يجب أن يتم بشكل دقيق للغاية". وتروي قصة إحدى الحالات التي تعاملت معها، حيث كانت الأم تعتقد أنها ابنها مصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه، لكن تبين لاحقاً أن الأم تعاني من القلق والتوتر، وهو ما انعكس سلباً على سلوكيات طفلها. وفي مقال نشر عبر الموقع الإلكتروني لصحيفة نيويروك تايمز في ابريل/نيسان 2025، قالت الصحيفة إنه لا يوجد سبب وحيد للإصابة بفرط الحركة ونقص الانتباه، مشيرة إلى أنه ناجم عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية. وتنقل الصحيفة عن دراسات حديثة أن أدمغة المصابين قد تعمل بطريقة مختلفة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن فيها خللاً، بل هو اختلاف في نمط التفكير. وتناقش صحيفة الإيكونومست في مقالها المنشور في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أن فرط الحركة ونقص الانتباه لا يجب أن يعامل معاملة الاضطراب. وتقول وجهة النظر التي تنقلها الصحيفة إنه في الوقت الحالي، يُعامل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط على أنه شيء إما أن يكون لديك أو لا. هذا النهج الثنائي للتشخيص له نتيجتان: الأولى هي أن معاملة الجميع كما لو كانوا مرضى تملأ أنظمة الرعاية الصحية... أما النتيجة الثانية، فتتمثل في التعامل مع الاضطراب على أنه خلل وظيفي يحتاج إلى علاج. وهذا يؤدي إلى إهدار هائل للإمكانات البشرية". وتضيف الصحيفة أن "إجبار نفسك على التكيف مع الوضع الطبيعي أمر مرهق، وقد يسبب القلق والاكتئاب. ومن الأجدى والأرخص تعديل الفصول الدراسية وأماكن العمل بما يتناسب مع التنوع العصبي". لماذا يريد البعض أن يكون مصاباً بفرط الحركة ونقص الانتباه؟ ويلفت الطبيب محمد العمري إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في أن تصبح هناك هالة خاصة بالمصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إذ يوصفون بالمرح أو التميز، وأصبح البعض يميل للانتماء لمجتمعات من يحملون هذا التشخيص من أجل ملاحقة "الترند". في حين تعتقد مزهر أن البعض يرغب بأن يكون مصاباً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لتبرير بعض السلوكيات المتعلقة بعدم الانضباط. ويرى العمري أن البعض قد يسعى بين الأطباء والمختصين للحصول على تشخيص بإصابته بفرط الحركة ونقص الانتباه لأسباب متعلقة بالدراسة أو العمل، فمثلاً بعض مراجعيه كانوا من طلبة المرحلة الدراسية الثانوية في برامج دولية، في حال تبين أنهم مصابون بالاضطراب يحصلون على وقت إضافي في الامتحانات. يشير العمري إلى أنه يتبين إصابة البعض بفرط الحركة ونقص الانتباه بالفعل ويتلقون العلاجات اللازمة، لكن النسبة الأكبر من مراجعيه يتبين في نهاية المطاف أن لديهم قلق وليس اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store