
الهندية بانو مشتاق خاطفة البوكر الدولية عبر المرأة
من جنوب الهند، جاءت الكاتبة بانو مشتاق، لتخطف بخفة جائزة البوكر الدولية، بمجموعتها القصصية "سراج القلب"، مبعدة لائحة من الأعمال الروائية كانت ضمن القائمة القصيرة لجائزة بوكر الدولية لعام 2025، وهي: "في حساب الحجم الأول" للكاتبة الدنماركية سوليڤي بالي، "القارب الصغير" للكاتب الفرنسي فينسينت ديليكروي، "تحت عين الطائر الكبير" للكاتبة اليابانية هيرومي كاواكامي، "الكمال" للإيطالي فينتشنزو لاترونيكو، و"قبعة جلد النمر" للكاتبة الفرنسية آن سير.
أما "سراج القلب"، فهي العمل الوحيد المترجم من لغة الكانادا، والذي ينتمي إلى فن القصة القصيرة، وفي هذا الفوز إشارة مهمة لتحريك الرواية عن عرش الجوائز، وعودة سطوع نجم القصة القصيرة من جديد.
مواجهة السُلطة
رأت لجنة التحكيم أن قصص "سراج القلب" ليست مجرد عمل أدبي، بل شهادة تعكس قيماً أخلاقية وسياسية عميقة. وأوضحت قائلة: "خلال اثنتي عشرة قصة قصيرة، كُتبت عبر ثلاثة عقود، تتجرأ بانو مشتاق على الجهر بالحقيقة في مواجهة السلطة. تقدم عبر هذه القصص سيرة فتيات ونساء مسلمات على أطراف المجتمع الهندي، متخطية الحدود الطبقية والدينية، لتكشف عن أوجه القمع، الظلم، والفساد".
بانو مشتاق، وهي محامية وناشطة، مدافعة عن حقوق النساء المسلمات، وحائزة على أرفع الجوائز الأدبية في الهند، ترى "أن مهمة الكاتب هي تسجيل الظلم"، وأن "توثيقه بطريقة فنية"، هو التحدي الذي تتصدى له بعمق وألم قصص مجموعتها "سراج القلب"، التي تُمثل انطلاقتها نحو العالمية، عبر الترجمة الإنجليزية للمترجمة الهندية ديبا بهاستي، والتي أهلتها هي ومشتاق للفوز بالجائزة المرموقة. القصص الفائزة، قامت المترجمة باختيارها من بين 50 قصة، في ست مجموعات كتبتها مشتاق بداية من 1990، مما يجعلها بمثابة "أفضل" أعمالها التي ترُكز على معاناة النساء تحت وطأة النظام البطريركي المتحالف مع الطبقية والدين، لفرض تبعية المرأة.
وجوه متعددة للحقيقة
على النقيض من القارئ الغربي، لن يجد القارئ العربي نفسه غريباً عن قصص مشتاق، إذ تتقاطع في مضمونها، مع نماذج قصصية عربية، تنتمي للأدب النسوي، وتُسلط الضوء على معاناة المرأة وصداماتها، وهي تحاول انتزاع حريتها وحقوقها وسط مجتمعات تنحاز ضدها.
تتناول قصص مشتاق المجتمعات المسلمة المحافظة في الهند، حيث يُستخدم الدين كسلاح لقمع المرأة، وترسيخ الأعراف الجندرية، غياب المساواة، والحد من الاستقلال الجسدي والمالي. ترصد الكاتبة الهندية المشاعر المكبوتة من الظلم والخوف والغيرة، وأحياناً الغضب الصريح والمتكرر، إلا أن هذا التكرار يخلق صورة لا يمكن إنكارها عن حياة النساء الخانقة، حيث "يكون من المقبول أن تكون الزوجة خادمة مطيعة للزوج". ولعل الأسوأ أن الرجال غالباً ما يكونون جاهلين بمعاناة النساء، مدفوعين بقناعة اجتماعية بأن ما يحدث هو وضع طبيعي.
تدور أحداث القصة التي حملت اسم المجموعة "سراج القلب"، حول امرأة تُدعى "مهرون"، كانت ترغب في متابعة تعليمها الجامعي، لكنها أُجبرت من قبل عائلتها على الزواج من رجل يعاملها بقسوة. تجد "مهرون" نفسها في زواج غير سعيد، يُهملها زوجها ويتجاهل مشاعرها؛ ثم تصل إلى مرحلة من اليأس، وتفكر في إضرام النار في نفسها، لكنها تتراجع بعد أن يتدخل أطفالها، مما يُعيد إليها الأمل في الحياة. تستند القصة إلى تجربة شخصية للكاتبة نفسها، حين عانت من الاكتئاب بعد الولادة، وتُظهر القصة كيف يمكن للظروف الصعبة أن تؤثر في النساء، وكيف يمكن للأمل والتضامن أن يُحدثا فارقاً.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تكشف قصة "ألواح حجرية لقصر شيستا"، كيف تتحول الزوجة إلى تابعة خانعة، في إطار الزواج التقليدي. وتتجلى براعة الكاتبة في استخدامها للمفارقة الساخرة كسلاح أدبي فعّال. فبينما يتباهى "افتخار" بحبه الأبدي لزوجته "شيستا"، ويعدها ببناء "قصر شيستا" كرمز لحبه، نكتشف أن هذا الحب الرومانسي لا يمنعه من إجبارها على إنجاب الطفل السابع، أو من التفكير بالزواج بفتاة صغيرة بعد وفاتها بفترة وجيزة. هذه المفارقة تكشف زيف الخطاب العاطفي الذكوري، الذي يخفي تحته استغلالاً منهجياً لجسد المرأة. يقول الزوج، مخاطباً صديقه: "إذا ماتت والدتك، لن تحصل على هذا النوع من الحب من أي أحد. لكن إذا ماتت الزوجة، فالأمر مختلف، لأن بإمكانك الحصول على زوجة أخرى".
على رغم القسوة، تُبرز قصص مشتاق قوة الغضب الجماعي والمقاومة، مع نساء يجدن طُرقاً للتعبير عن استقلاليتهن، مثل الخضوع لعمليات طبية على رغم معارضة الأزواج، أو إلقاء الحجارة على رجل في قصة "أفاعي السوداء".
الأمل في وجه القمع
"هل تعرفون من ينال العدالة؟" استفهام جريء تطرحه بانو مشتاق عن مفهوم العدالة في مجتمع يُهمش صوت المرأة، ثم تؤكد أن العدالة لا يُمكن أن تؤخذ إلا بالقوة بالنسبة للنساء.
"النساء جزء حيوي من المجتمع، لكن المجتمع يكتم أصواتهن. أريد أن أصرخ من خلالهن"، هذا ما تقوله مشتاق عن بطلاتها، وتعترف أنها تستخدم أصواتهن لتحدي مجتمعها، "أنا ناقدة من الداخل"، وهو ما تعتبره "أخطر موقف يمكن أن يتخذه الإنسان".
واجهت مشتاق التهديدات والعنف بسبب آرائها الجريئة، لكنها استمرت في الكتابة عن الذين يُسيئون استخدام السلطة، والقادة الذين يخلطون بين الدين والسياسة، والنساء المحرومات من حقوقهن.
"كنت مجرد زوجته، أي عمالة مجانية"، تفكر إحدى بطلاتها، كأنها تتحدث باسم كل النساء اللواتي يشعرن أن "أهميتهن الوحيدة هي كونهن أمهات". تبدو موضوعات قصصها كتنويعات لنفس الفكرة. تتكرر الحبكات الرئيسة كالزوج الذي يهجر زوجته لمصلحة امرأة أصغر سناً، وهو حدث نجده في أكثر من قصة، ربما بغرض تقديم رؤية نقدية لاذعة للبنى الاجتماعية والدينية التي تُكبل المرأة في المجتمع الهندي المسلم.
تبدأ قصة "أمطار نارية"، بوصف ساخر للحياة الزوجية، تحاول "زينات" عبثاً إيجاد مصطلح عادل لوصف زوجها "مجاهد"، في إشارة إلى أزمة الهوية التي تعيشها المرأة بين التسميات الدينية المُقدسة والواقع المُهين. هذا الصراع اللغوي ليس سوى انعكاس للصراع الوجودي الأعمق، تتحول العلاقة الزوجية من شراكة إلى علاقة سيد بخادمته، وفق التفسير الذكوري للنصوص الدينية. لنقرأ: "عند التفكير في الأمر، بالنسبة لنا، أي للمسلمين، يُقال إن، باستثناء الله العلي، فإن "باتي" هو الإله على الأرض. لنفرض أن هناك موقفاً ما، يكون فيه جسد الزوج مليئاً بالقروح، مع صديد ودم يتساقط منها، يُقال إنه حتى لو استخدمت الزوجة لسانها لتنظيف هذه الجروح، لن تتمكن من سداد الدين الذي عليها تجاهه بالكامل. سواء كان مدمن خمر، أو عاشق نساء، أو يضايقها يومياً من أجل المهر، حتى لو كانت كل هذه الافتراضات صحيحة، فهو لا يزال الزوج".
تناقض بين المظاهر الخارجية والعواصف الداخلية
لا يمكننا أن نغفل أيضاً أن قصص مشتاق، تُقدم محاكاة نمطية للذائقة الغربية، في رؤيتها للمجتمعات الشرقية ككل، إلى جانب أنها تتعمد المزج ببراعة بين الحوارات الحية والتأملات الفلسفية النسوية، مما يخلق إيقاعاً سردياً متقلباً يعكس حالات البطلات اجتماعياً ونفسياً. نلاحظ هذا خاصة في المشاهد التي تنتقل فيها إحدى البطلات، من وصف مفصل لوجبة طعام إلى التفكير برؤى وجودية حول معنى الزواج. هذا الأسلوب التدفقي يضع القارئ في قلب التناقض الذي تعيشه الشخصيات بين المظاهر الخارجية المسالمة والعواصف الداخلية الثائرة.
من الناحية الفنية، وظفت الكاتبة التفاصيل الحياتية اليومية كمرايا تعكس أفكارها المحورية، مثل المشاهد الطبيعية، وصف الطرقات وأشجار المانجو، ومشهد إعداد الشاي أو رعاية الأطفال أو حتى النقاش حول ملابس الزوجة، مثل هذا الحوار، يُصبح نافذة على نظام اجتماعي كامل، ومن خلال الأسلوب الواقعي المفرط في تفاصيله يتحول إلى استعارة وجودية، مع طقوس يومية تُعيد إنتاج النظام الأبوي.
ثمة إشارات نقدية للقصص أنها إلى جانب ارتكازها على تيمة واحدة، فإنها لا تخلو من بعض الثغرات، أهمها عدم التوازن في تطوير الشخصيات الذكورية. فبينما نرى عُمقاً نفسياً واضحاً في شخصيات النساء، تظل الشخصيات الذكورية نمطية إلى حد ما، من دون أي فسحة أمل، أو إضاءة رمزية على حدوث نوع من التغير في وعي الرجل. كأن يقول أحد الأبطال، عن السبب في توقف ابنته عن الذهاب إلى المدرسة: "ليس الأمر كذلك. جعلتها تتوقف عن الدراسة لأن البنات لا يحتجن إلى تعليم كثير. شهادة المدرسة الثانوية كافية. لا حاجة لأن تتجول في ميسورو من أجل الجامعة. يمكننا تزويجها العام المقبل".
تتكرر في القصص مثل هذا النوع من الحوارات الشائعة، لكن على رغم ذلك، تُعتبر مجموعة "سراج القلب" إضافة مهمة للأدب النسوي العالمي، من حيث القدرة على كشف آليات القمع الخفية في المجتمعات البعيدة من المركزية الغربية. لعل النجاح الأكبر لهذا العمل يكمن أيضاً في أنه لا يقدم المرأة كضحية فحسب، بل ككائن واعٍ بتضحيته، قادر على الضحك والسخرية من التناقضات الاجتماعية والقانونية، حتى وإن لم يكن قادراً بعد على تغييرها جذرياً.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن لغة النص المترجمة حافظت على روح السخرية والمرارة الموجودة في الأصل، مما سمح بتجاوز الحواجز الثقافية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 19 ساعات
- Independent عربية
الصديق حاج أحمد يؤسس مشروعا سرديا للفضاء الصحراوي
برز الروائي الجزائري الصديق حاج أحمد المعروف بالزيواني عام 2013 ككاتب قادم من عمق الجنوب الجزائري، وتحديداً من مدينة أدرار الصحراوية. وقدم نفسه إلى القراء بروايته الأولى "مملكة الزيوان" مستلهماً تفاصيلها من الحياة الصحراوية التي تختلف عن الحياة في الجبال أو الساحل، ففي الجنوب تفرض الظروف المناخية والجغرافية أسلوباً معيشياً خاصاً انعكس في تصويره للبيئة بتفاصيلها، كالواحات والعادات والقصور الطينية وتغيرها مع مرور الزمن. أما في روايته الثانية "كاماراد"، فتناول الزيواني موضوع الهجرة غير الشرعية والحلم الأفريقي بعبور البحر نحو الضفة الأوروبية، عبر حكاية مامادو الذي التقى مخرجاً فرنسياً على ضفاف نهر النيجر ليقص عليه رحلته الطويلة من النيجر إلى الجزائر قبل أن تنتهي المحاولة بالفشل في المغرب. وفي روايته الثالثة "منا" التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية، عاد حاج أحمد للكتابة عن الوجه القاسي للصحراء ولعنة الجفاف التي عاناها الطوارق في جنوب الجزائر وشمال مالي. أما أحدث أعماله رواية "الطانفا"، فتروي حكاية تاجر طموح ينجح في الاستيراد من النيجر ويتزوج من موريتانية تغير مسار حياته. وما يلفت القارئ في تجربة الصديق حاج أحمد أن الثيمات والقضايا قد تختلف وتتنوع من رواية إلى أخرى إلا أنها تتقاطع كلها في الفضاء الصحراوي الأفريقي، الذي يمثل المكان الدائم لكل شخصياته الروائية، وهو الكاتب الشغوف بالصحراء، فعلى رغم رحلاته المتعددة بين أوروبا وآسيا فإنه يعود دوماً للانطلاق من أرض أفريقيا مؤسساً لمشاريعه السردية. يقول الكاتب ابن الجنوب عن رحلته مع القراءة وكيف كان يتلقى أعمالاً أدبية تنتمي إلى بيئة مختلفة عن بيئته الصحراوية، إن "الكاتب يولد على دين بيئته كما يقال، طبعاً الاغتراب القرائي، بدأ معي منذ أن دخلت المدرسة الابتدائية، وأنا في تلك القرية النائية المرمية بين رمال الصحراء، حيث كان يأتينا نص البحر ومشهد الثلج وعلو العمارات وغيرها من الصور المشفوعة بنصوص القراءة، غامضاً وأحياناً مضبباً، ولم تكن تلك الحكايات الواصلة إلينا حول زرقة البحر واتساع امتداده وبياض الثلج تكفي لتشكل صورة ذهنية حقيقية عن هذا العالم أو ذاك، إذ كانت هذه القطيعة الفيزيقية غير المقصودة ماثلة أكثر في تعابيرنا الكتابية المرتبطة أساساً بعالمنا القروي، وعدم اقتناعنا بإدراج الذهاب إلى البحر خلال العطلة الصيفية ضمن درس التعبير الكتابي الخاص بموضوع العودة إلى المدرسة. ولم نكن في البداية مدفوعين لقراءة أعمال تشبهنا بمفهوم الوعي القرائي، إنما كنا نجد أنفسنا واعين ومدركين للأشياء المقروءة أو التي يطلب منا الكتابة حولها". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "مملكة الزيوان" هي الرواية الأولى لحاج أحمد وكانت مدينة أدرار بطلتها، ويقال إن الكاتب غالباً ما يكشف عن نفسه في عمله الأول لأنه يكتبه ببراءة قبل أن يتعلم التحايل والتخييل والكذب الروائي على القراء، حول ذلك يقول "استلهمت من طفولتي وفضاءات القصر الطيني كثيراً، إذ إن النص الأول عادة يتكئ فيه الكاتب على ذاته، ولعل أهم ما في النص الأول أن يبرهن الكاتب على أنه مشروع كاتب، ويستوفي مكونات النص حتى يمكن تجنيسه ضمن جنس الرواية". في رواية "كاماراد" الصادرة عن دار فضاءات تناول حاج أحمد موضوع الهجرة غير الشرعية، وسبق كتابتها زيارة قام بها إلى النيجر عام 2014 يذكر الروائي الجزائري أن موضوع الهجرة تولد لديه من خلال مشاهداته اليومية للمهاجرين الأفارقة بولايته أدرار، وتسمرهم عند مفترق الطرقات، بحثاً عن العمل، لأجل التزود بزاد إكمال الطريق نحو الفردوس، إذ كانت ولايته بالنسبة إليهم نقطة عبور واستراحة. ويضيف "طبعاً هذا المشهد اليومي المتكرر، عمَّق هذا الوعي بضرورة الكتابة حول هذا الموضوع الراهن والمثير، فضلاً عن أن مناخات وعوالم أفريقيا جنوب الصحراء وجدتها غائبة في مدونة الرواية الجزائرية والعربية، مما حمسني أكثر لأن أحرث سردياتي في تلك المناطق المجهولة". وتابع "الزيارة كانت مفيدة جداً، فالروائي يقرأ ويسمع ويشاهد كل ما يتصل بموضوعه، ثم يحاول هدمه وإعادة بنائه وفق متخيله، ثمة نقطة أخرى في غاية الأهمية وهي أن وقوف الكاتب على فضاءات المكان يجعله متحرراً أكثر، فالصورة الملتقطة أو الزاوية المكتوب عنها تبقى وجهة نظر مصورها وكاتبها، بينما وقوف الكاتب بنفسه قد يمنحه زوايا وتفاصيل صغيرة جداً لم يلتفت إليها مصور الصور أو كاتب المقال، وإن كان على أية حال ليس فرضاً زيارة المكان، لكني أشدد على حيوية ذلك". وأكمل "المواقف التي وقفت عليها وظلت محفورة بذاكرتي عن زيارة النيجر وصحاريه، مشاهد الفقر والبؤس التي يحياها الإنسان النيجيري واقتناعه بقسمته في الحياة، إذ تجد داخل العاصمة نيامي فيللا فارهة وبجوارها أكواخ هشة وهي مفارقة عجيبة في تلك المجتمعات، كما أن بيع المواد الغذائية بالغرام حال لافتة أيضاً داخل الأسواق، وهو مشهد معدوم أو يكاد في شمال أفريقيا". روايته الثالثة "منا" تناولت أزمة الجفاف القاسية التي شهدها شمال مالي عام 1973، وعن ظروف كتابتها يقول إنه "خلال إعدادي لرسالة الماجستير بجامعة الجزائر قبل عقدين، تناولت شخصية لغوية وأدبية بالأزواد وتطلب مني الأمر زيارة تلك الصحارى، وإن كانت الزيارة بحثية غير أن حديث الشيوخ والعجائز عن أحداث جفاف 1973 كان موجعاً، مما ولد عندي تأملات اختزنتها إلى حين. كما أن الشتات الذي وقع بعد الجفاف، والهجرات نحو ليبيا وما تلاه من أزمة الأزواد الراهنة بسبب ذلك جعلني أستطعم هذه الثيمة وأكتب عنها". وعن زياراته لمالي والنيجر، يقول حاج أحمد "قصتي مع دول الساحل مردها إلى زيارتي الأولى عام 2004 عندما ذهبت في رحلة علمية لنبش وجمع ما تناثر من أدب وحياة أحد أعلام صحراء مالي، وهو الشيخ محمد بن بادي الكنتي الذي كان محور دراستي في الماجستير بجامعة الجزائر فاكتشفت فضاء جديداً مكتنزاً بالأحداث، لكن ذلك لم يكن في بالي أني سأصبح يوماً روائياً وأوظفه في تأسيس نصوصي، إنما ظل مركوناً في سراديب الذاكرة حتى جاءت الفرصة فاستدعيت ذلك مع زيارتي التي تكررت لتلك الربوع، مما جعلني أكثر وعياً بتلك الفضاءات وما تكتنزه من قضايا وثقافات وحكايا". وتابع "ثمة أشياء أخرى ذات صلة، فمنطقتنا التاريخية توات أو أدرار كانت محور طرق القوافل التجارية بين شمال أفريقيا وجنوبها، ونعم هناك بلدان أفريقية مثل كينيا وإثيوبيا ومدغشقر أتطلع لزيارتها ومحاولة اكتشافها، وإن كانت الرواية المقبلة تظل تسير في هذا المشروع، وهي رواية تاريخية حول الشيخ المغيلي وعلاقته بأفريقيا، ووضعت إشارات في رواية 'الطانفا' حتى نظهر فضل ثقافتنا الجزائرية على أفريقيا". يتخيل حاج أحمد نفسه بعد 20 عاماً كما هو الآن "بسيط"، ويتمنى أن "يظل ذلك الدرويش الزيواني يسكنني وأظل في مزرعتي، وأقرأ وأكتب... ربما بعد التقاعد إن طال العمر، سأجعل الربيع والصيف بمدينة بني صاف الساحلية، بمسكني الخاص هناك، وأعود خريفاً وشتاء إلى وكري هنا. ربما أكون نشرت 30 كتاباً، أما الكتابة فستظل إلى اللحظة الأخيرة".


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
ميكولاس تشورليونيس... فنان ليتوانيا الأعظم الذي رسم الكون قبل اكتشافه
داخل قاعة دافئة، تتوسطها مجموعة من الكراسي الدوارة، يجلس الحضور وهم يرتدون نظارات الواقع الافتراضي. بعد لحظات قليلة سيسبرون عالماً خيالياً جميلاً تملؤه كائنات غريبة ويعيش فيه المشاركون مشاهدات خيالية، لكنها واقعية جداً تواكبها موسيقى مستوحاة من الأجواء السوريالية هذه. لم تكن جلسة الواقع الافتراضي هذه سوى تجربة فنية مبتكرة، مستوحاة بالكامل من أعمال ميكولاس تشورليونيس الفنية والموسيقية، ذلك الفنان النابغة الذي تحتفل ليتوانيا طوال العام الحالي بمرور 150 سنة على ميلاده، والذي جمع بين الألوان والأصوات، بين الفن والموسيقى، فابتكر عوالم كاملة من الخيال. ليس من المبالغة القول إن قلة من الأمم تفتخر بأحد أبنائها العباقرة كما تفخر ليتوانيا بـتشورليونيس – رمز نهضتها الثقافية الحديثة، وأحد أبرز فناني أوروبا في مطلع القرن الـ20. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولد تشورليونيس عام 1875 في فارينا، التي تقع اليوم في جنوب شرقي ليتوانيا، في زمن كانت فيه البلاد ترزح تحت الحكم القيصري الروسي. وعلى رغم أن لغته الأم كانت البولندية، كما كان الحال لدى معظم سكان المدن في المقاطعات الليتوانية – البولندية، إلا أن أعماله، التي نهلت من روح الطبيعة الليتوانية، شكلت دليلاً واضحاً على هويته وانحيازه الفني والثقافي لوطنه. النهضة الليتوانية اعتبر تشورليونيس نفسه ليتوانياً بلا مواربة، فجسدت أعماله الموسيقية والتشكيلية ملامح الطبيعة المحلية، وتغنت بتفاصيلها. كما كان له دور بارز في النهضة الثقافية مطلع القرن الـ20، إذ تبنى الأغاني الشعبية الليتوانية، وأعاد تقديمها في قوالب موسيقية حديثة، ما جعل من فنه صوتاً وطنياً بامتياز. وعلى رغم عدم إلمامه باللغة الليتوانية في شبابه، فإنه حرص على تعلمها لاحقاً بمساعدة زوجته صوفيا. فتجربة تشورليونيس في التماهي ثقافياً مع البولنديين، إلى جانب ما تعرض له من تمييز كليتواني في كل من وارسو ولايبزيغ، أدتا إلى تنمية حس بالعدالة الاجتماعية لديه فيما يخص حقوق الليتوانيين. فأسس جوقة لـ"جمعية وارسو الليتوانية للمنفعة المتبادلة"، كما أصبح نائب رئيس "جمعية الفن الليتوانية" عام 1907. لعب تشورليونيس دوراً فاعلاً في تأسيس مجموعات تعنى بتعزيز الثقافة والمصالح الوطنية الليتوانية، وكان من أبرز من أسهموا في دفع الحركة الثقافية الوطنية قدماً رغم أنه لم يعش ليرى استقلال بلاده عام 1918. تمازج الموسيقى والرسومات من أبرز ما يميز تجربة تشورليونيس الفنية ظاهرة نادرة تعرف بـ"التزامن الحسي" Synaesthesia وهي ظاهرة إدراكية يؤدي فيها تحفيز مسلك حسي أو إدراكي واحد إلى تجارب لا إرادية في مسلك حسي أو إدراكي ثانٍ. بكلام آخر كان يسمع الألوان ويرى الأصوات، ما ساعده على ابتكار أعمال فنية متعددة الحواس وغنية بالطبقات وتعبر في آنٍ واحدٍ عن الموسيقى والرسم وتنبض بالحياة من كل الجهات. ويقول الباحث في مجال الفنون ديلان مكنيل في هذا الصدد، "كان واضحاً أن القصد من أعماله الفنية والموسيقية أن تعرض بصورة متزامنة للجمهور من خلال 'الحس المتزامن'". ففي عام 1909 في سانت بطرسبورغ قدم تشورليونيس مؤلفته السيمفونية "البحر" مصحوبة بعرض مجموعة من لوحاته الفنية بعنوان "سوناتا البحر". ويضيف مكنيل "يعد هذا العرض من أبرز تعبيرات 'الحس المتزامن'، حيث يدمج الفن في مجال الموسيقى والموسيقى في الفن". إنتاج غزير في وقت قصير استكشفت مؤلفات تشورليونيس الأساطير، والطبيعة، والعالم الروحاني، والكون. وتضم أعماله التشكيلية مجموعات متنوعة، من أبرزها "سوناتا"، و"الأبراج الفلكية"، و"خلق الكون" وهي واحدة من أكثر مجموعاته إدهاشاً، إذ تتألف من 13 لوحة تصور رؤيته لقصة الخلق، وتدمج عناصر أسطورية وتفسيرات صوفية خاصة به، وتحوي تشكيلات تشبه سدماً دوامة ونجوماً متوهجة تماثل بصورة غريبة صوراً من أطراف الكون التقطت بعد قرن من الزمن. كتب تشورليونيس في إحدى رسائله عن هذه المجموعة من اللوحات "أعتزم مواصلة رسمها حتى آخر أيامي... هذه صورة إبداعية لعالم مختلف عن عالمنا، وليس وفقاً للكتاب المقدس. عالم آخر - عالم خيالي". كما أبدع تشورليونيس سبع مجموعات "سوناتا" وهي رسومات فنية استوحت كل منها من حركة أو شعور محدد، تحمل عناوين مثل "سوناتا الشمس"، و"سوناتا الربيع"، و"سوناتا البحر". تظهر هذه المجموعات قدرته الفريدة على ترجمة المبادئ الموسيقية إلى أشكال بصرية. 7 أعمال ميكولاس تشورليونيس الفنية أعمال ميكولاس تشورليونيس الفنية 1/7 سوناتا رقم 6 (سوناتا النجوم). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) سوناتا رقم 6 (سوناتا النجوم). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 2/7 مقبرة البلدة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) مقبرة البلدة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 3/7 سوناتا رقم 7 (سوناتا الأهرام). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) سوناتا رقم 7 (سوناتا الأهرام). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 4/7 الشمس تعبر برج القوس من سلسلة الأبراج الفلكية (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) الشمس تعبر برج القوس من سلسلة الأبراج الفلكية (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 5/7 الصداقة (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) الصداقة (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 6/7 الجنة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) الجنة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 7/7 حكاية خرافية عن الملوك (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) وتعدان السوناتا الخامسة والسادسة (البحر والنجوم على التوالي) أسمى إنجازات تشورليونيس في سعيه لتجسيد البنية الموسيقية للفوغا والسوناتا. فهذه السلسلة، التي تصور أمواج بحر البلطيق والكثبان الرملية التي تنمو عليها أشجار الصنوبر، تمنح المشاهد انطباعاً فورياً، إذ إن الأيام السعيدة التي قضاها مع خطيبته المحبوبة على شاطئ البحر قد أضفت على السوناتا ألواناً مبهجة وإيقاعات باعثة على الانتشاء. وإضافة إلى ما أنجز من تحديث للفلكلور الليتواني، ضم الإنتاج الموسيقي لـتشورليونيس أكثر من 200 مؤلفة للبيانو ومقطوعاًت للأوركسترا أهمها، "في الغابة"، و"البحر". النهاية المبكرة كان تشورليونيس، بوصفه شخصية استثنائية، ذا تأثير قوي من حوله. تكتب شقيقته يدفيغا في مذكراتها أن صديقه المقرب فلودزيميج مورافسكي، شقيق الملحن البولندي أوغينيوش مورافسكي - دومبروفا كان يقول عنه "كنا نشعر جميعنا أن بيننا شخص غير عادي، يتميز ليس فقط بذكاء حاد، بل بقوة أخلاقية هائلة". وجاء أيضاً في مذكراتها أن أكثر ما كان يزعجه هو أن يطلب منه "شرح" محتوى إحدى لوحاته. كان يستاء ويقول: "لماذا لا يتمعنون بالنظر؟ لماذا لا يجهدون أنفسهم؟ فكل شخص يرى الأعمال الفنية ويفسرها بصورة مختلفة". منذ عام 1909، وخلال إقامته في سانت بطرسبورغ، أنهك تشورليونيس نفسه بالعمل في محاولة للخروج من وضعه المالي الصعب هو وزوجته. لكن صحته تدهورت بشدة، فغادر المدينة وانتقل إلى منتجع صحي في بولندا. لكنه، ككثير من العباقرة، لم يعمر طويلاً. ففي أبريل (نيسان) 1911، وأثناء فترة تعافيه، أصيب بالتهاب رئوي خلال إحدى نزهاته، وتوفي قبل أن يبلغ الـ36 من عمره. رغم قصر حياته، ترك تشورليونيس إرثاً غنياً من نحو 300 لوحة فنية ونحو 400 مؤلف موسيقي، وقدم مساهمة مهمة في تيارات "الرمزية" وفن "آرت نوفو"، وكان من ممثلي الحقبة المعروفة بـ"نهاية القرن" fin de siècle. ويعد من بين رواد الفن التجريدي في أوروبا.


Independent عربية
منذ 3 أيام
- Independent عربية
لينيكر يلقي خطابا مؤثرا قبل مغادرة "بي بي سي"
لخص غاري لينيكر تجربته كمقدم لبرنامج "مباراة اليوم" بكلمات مؤثرة، واصفاً إياها بأنها كانت "امتيازاً حقيقياً" و"مبهجة إلى أقصى حد"، وذلك قبل أن يتنحى نجم إنجلترا وتوتنهام هوتسبير وبرشلونة السابق عن منصبه في وقت أبكر من المتوقع، ويغادر هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على خلفية الجدل حول قضية معاداة السامية. تولى لينيكر تقديم البرنامج الرياضي الأبرز لدى (بي بي سي)، وعمل مع المؤسسة لمدة 26 عاماً. وفي بداية الحلقة، بدا أن لينيكر شارك المحللين آلان شيرر وميكا ريتشاردز في إلقاء نكتة عليه، قبل عرض أبرز لقطات اليوم الأخير من موسم الدوري الإنجليزي الممتاز (2024 - 2025). وقال لينيكر مازحاً "لم يكن من المفترض أن تنتهي الأمور بهذه الصورة"، في عبارة قابلة للتأويل بعد أسابيع مضطربة وقرار مثير للجدل بالانفصال عن هيئة الإذاعة البريطانية. وأضاف "لكن بعدما حسم سباق اللقب وتأكدت مراكز الهبوط، لم يبق لدينا سوى دوري الأبطال للحديث عنه". وخلال الحلقة، عرضت شاشة (بي بي سي) سلسلة من لقطات التكريم واللحظات البارزة، التي شارك فيها كل من آلان شيرر وميكا ريتشاردز وإيان رايت وآلان سميث وبيتر شيلتون وبول غاسكوين وآخرين، إضافة إلى أبناء غاري لينيكر، جورج وأنغوس وتوبياس وهاري. وقال قائد ليفربول الفائز باللقب، فيرجيل فان دايك "أنت أسطورة، وقد حالفني الحظ بلقائك مرات عدة". ثم أضاف مدرب مانشستر سيتي بيب غوارديولا "سوف نفتقدك، قد لا تصدق ذلك، لكننا سنفتقدك، أنا أحب هذا البرنامج، وآمل أن تمنحك الحياة تحدياً جديداً". أما إيان رايت فقال بتأثر "أتمنى لك كل التوفيق يا صديقي، لأنني أحبك"، في حين قال آلان شيرر "أياً كان ما ستختار أن تفعله أيام السبت، فحظاً موفقاً، سنشتاق إليك". في الدقائق الأخيرة من الحلقة، بدأ لينيكر يذرف الدموع عندما تلقى تحية من أندريا بوتشيلي، الذي سبق له الغناء خلال احتفالات ليستر سيتي بلقب الدوري على ملعب "كينغ باور"، ومع أنغام أغنيته الشهيرة "Time to Say Goodbye" كانت تعرض أسماء المشاركين في ختام البرنامج. وقال لينيكر في محاولة لإنهاء البرنامج للمرة الأخيرة "سأحاول، للمرة الأخيرة... إليكم جدول ترتيب الدوري الإنجليزي... لا أجد نسخة منه، يمكنكم قراءته بأنفسكم، لا يهم، ليفربول فاز بالدوري، والفرق التي تأهلت لدوري أبطال أوروبا هي أرسنال ومانشستر سيتي وتشيلسي ونيوكاسل، أما أستون فيلا ونوتينغهام فورست فسيمثلان إنجلترا في المنافسات الأوروبية الموسم المقبل". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف، "قاع الجدول... هذه أول مرة أرتجل فيها، الفرق الثلاثة الأخيرة تهبط كالعادة. أحد هذه الفرق هو ليستر، وهذا ليس بالطريقة التي كنت أود أن أنهي بها الأمور". كما قال، "آلان، ميكا، شكراً لكما، أظن أن طرقنا ستتلاقى مجدداً قريباً جداً". وتابع، "دعوني أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بالشكر إلى جميع المحللين الذين سعدت بالعمل معهم على مدى الـ25 عاماً الماضية. لقد جعلتم عملي أسهل بكثير. وشكر كبير أيضاً لأولئك الذين لا يراهم المشاهدون في منازلهم، فالجهد المبذول في إنتاج هذا البرنامج الأيقوني هو ثمرة عمل جماعي هائل". ومضى في حديثه، "من المحررين إلى فريق التحليل، من المعلقين إلى مديري الاستوديو، من المنتجين إلى مشغلي الكاميرات، من المساعدين الشخصيين إلى البدلاء، شكراً لكم جميعاً، أنتم الأفضل على الإطلاق". وذكر، "ومثل مسيرتي في كرة القدم، الجميع قام بالعمل الشاق، وأنا من نال الإشادة. لقد كان من دواعي الفخر أن أقدم برنامج مباراة اليوم على مدى ربع قرن، لقد كانت تجربة مبهجة إلى أقصى حد. وأتمنى كل التوفيق لغابي (لوغان) ومارك (تشابمان) وكيلي (كايتس) حين يجلسون على هذا الكرسي". وقال كذلك، "البرنامج في أيد أمينة، وشكري الأخير موجه إليكم أنتم، شكراً لمشاهدتكم، شكراً على كل ما قدمتموه من محبة ودعم على مر الأعوام، لقد كانت تجربة مميزة للغاية... وأعتذر لأن فريقكم كان دائماً يعرض في النهاية، حان وقت الوداع، وداعاً". وكان لينيكر قد اختار في وقت سابق هدف الموسم، إذ اختار تسديدة كاورو ميتوما في مرمى تشيلسي، بينما انقسم شيرر وريتشاردز بين نجم برايتون ومهاجم مانشستر سيتي عمر مرموش، الذي سجل هدفاً قوياً في مرمى بورنموث. وقال "أعتقد أن مرموش كان رائعاً، لكن ميتوما كان مختلفاً قليلاً". وكان من المقرر أن يغادر لينيكر برنامج "مباراة اليوم" في نهاية الموسم، مع استمراره في تقديم تغطيات مستقبلية للمؤسسة، بما في ذلك نهائيات كأس العالم للرجال في الصيف المقبل ونهائي كأس الاتحاد الإنجليزي. غير أن خروجه عُجل به بعد اندلاع جدل على خلفية مشاركته – من دون قصد – منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي يدعم فلسطين، وكان يتضمن صورة فأر، وهو رمز استخدم في دعاية معادية للسامية، بما في ذلك من قبل النازيين. وقد اعتذر لينيكر عن الواقعة قائلاً إنه "لم يكن ليشارك أبداً عن علم أي شيء يحمل طابعاً معادياً للسامية"، مضيفاً "أدرك الخطأ والأذى الذي تسببت به، وأكرر اعتذاري العميق. الابتعاد في هذه المرحلة يبدو هو التصرف المسؤول". وكانت تعليقات لينيكر السابقة على وسائل التواصل الاجتماعي قد ورطته من قبل، حين أبدى مسؤولو هيئة الإذاعة البريطانية قلقهم من أن تعليقاته الجريئة حول بعض القضايا – مثل فلسطين – تعد خرقاً لقواعد الحياد الصارمة للمؤسسة. وقد أوقفته هيئة الإذاعة البريطانية موقتاً عن تقديم برنامج "مباراة اليوم" في مارس (آذار) 2023 بعدما قارن اللغة التي استخدمتها الحكومة البريطانية عند الإعلان عن سياسة تخص طالبي اللجوء بلغة ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي.