
القيم الإنسانية في الشورى.. (الحرية والعدالة)
إن شريعة الإسلام أقرّت الشورى الإنسانية في أبهى حُلة عرفها بنو البشر من حيث الشكل والمضمون؛ حيث جسدت الشورى في الإسلام قيم الحرية والعدالة والمساواة في المجتمع الإسلامي، ولم يقتصر ذلك على الرعايا المسلمين في الدولة الإسلامية، بل شمل غير المسلمين من أهل الذمة وغيرهم.
فقد ركز الإسلام من خلال إقراره للشورى على أهمية حرية الإنسان، وضرورة احترام كرامته، واعتبره مسؤولًا عن أفعاله أمام الله وأمام الناس، مستهدفًا بذلك حماية النفس والمال والعرض والكرامة الإنسانية بشكل متوازن.
إن من الواجب على الدولة الإسلامية أن تقيم العدل بين الناس، وتفسح المجال وتيسر السبل أمام كل إنسان يطلب حقه أن يصل إلى حقه بأيسر السبل وأسرعها، دون أن يكلفه ذلك جهدًا أو مالًا
وللحرية في النظام السياسي الإسلامي أنواع تشمل الفرد والجماعة، من أبرزها الحرية الشخصية، وهي أن يستطيع الفرد فعل ما يريد بشرط ألا يضر بالآخرين، وقد كفل الإسلام حرية الأفراد في الاعتقاد والفكر.. قال تعالى: {لا إكراه في الدِّين قد تبيَّن الرُّشد من الغيِّ فمن يكفر بالطَّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميعٌ عليمٌ} [البقرة: 256]
لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- سياسيًا محنكًا؛ فقد أعطى الحرية للمسلمين وغير المسلمين، وذلك من خلال دستور جامع لكل المواطنين، عندما أراد استيعاب اليهود كسكان للمدينة المنورة تحت رايته وحكمه، ولم يشأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتخاذ سياسة الاستئصال أو التطهير الديني ضد غير المسلمين، بل كان نهجه إعطاء هامش أوسع للحريات الدينية (الشورى، د. سامي الصلاحات، ص329).
دلت صحيفة المدينة بوضوح وجلاء على عبقرية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في صياغة موادها، وتحديد علاقات الأطراف بعضها ببعض، فقد كانت موادها مترابطة وشاملة، وتصلح لعلاج الأوضاع في المدينة آنذاك، وفيها من القواعد والمبادئ ما يحقق العدالة المطلقة، والمساواة التامة بين البشر، وأن يتمتع بنو الإنسان، على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأديانهم، بالحقوق والحريات بأنواعها (دولة الرسول من التكوين إلى التمكين، كامل الدقس، ص 420).
ولا تزال المبادئ التي تضمنها الدستور -في جملتها- معمولًا بها، والأغلب أنها ستظل كذلك في مختلف نظم الحكم المعروفة إلى اليوم، وقد وصل إليها الناس بعد قرون من تقريرها في أول وثيقة سياسية دوَّنها الرسول، صلى الله عليه وسلم (النظام السياسي لأبي فارس، ص65)؛ فقد أعلنت الصحيفة أن الحريات مصونة، كحرية العقيدة والعبادة، وحق الأمن.. إلخ.
فحرية الدين مكفولة، «للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم»، وقد أنذرت الصحيفة بمعاقبة من يخالف هذا المبدأ، أو يكسر هذه القاعدة، وقد نصت الوثيقة على تحقيق العدل ومبدأ المساواة بين الناس.
وعليها أن تمنع أي وسيلة من الوسائل التي من شأنها أن تعوق صاحب الحق عن الوصول إلى حقه.
لقد أوجب الإسلام على الحكام أن يقيموا العدل بين الناس دون النظر إلى لغاتهم أو أوطانهم، أو أحوالهم الاجتماعية، فهو يحكم بين المتخاصمين، ويحكم بالحق، ولا يهمه أن يكون المحكوم لهم أو عليهم أصدقاء أو أعداء، أغنياء أو فقراء، عمالًا أو أصحاب عمل.. قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ على ألّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى واتّقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون} [المائدة: 8]، والمعنى: لا يحملنكم بغض قوم على ظلمهم، ومقتضى هذا أنه لا يحملنكم حب قوم على محاباتهم والميل إليهم (السيرة النبوية، د. علي الصلابي، ج1 ص 275 – 276).
وقال تعالى: {فلذلك فادعُ واستقم كما أُمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتابٍ وأُُمرت لأعدل بينكم الله ربُّنا وربُّكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجَّة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير} [الشورى: 15].
وقد علق المودودي -رحمه الله- على هذه الآية قائلًا: "يعني أنني مأمور بالإنصاف دومًا، فليس من شأني أن أتعصب لأحد أو ضد أحد، وعلاقتي بالناس كلهم سواء، وهي علاقة العدل والإنصاف، فأنا نصير من كان الحق في جانبه، وخصيم من كان الحق ضده، وليس في ديني أي امتيازات لأي فرد كائنًا من كان، وليس لأقاربي حقوق وللغرباء حقوق أخرى، ولا للأكابر عندي مميزات لا يحصل عليها الأصاغر، والشرفاء والوضعاء عندي سواء، فالحق حق للجميع، والذنب والجرم ذنب للجميع، والحرام حرام على الكل، والحلال حلال للكل، والفرض فرض على الكل، حتى أنا لست مستثنى من سلطة القانون الإلهي (الحكومة الإسلامية لأبي الأعلى المودودي، ص202).
وقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتَّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تُعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا} [النساء:135].
إن في فقه أهل الذمة عند علماء الشريعة والسياسة الشرعية ما يشير إلى أن علماءنا كانوا منصفين وعادلين لأهل الذمة؛ وكان لهم حقوق على أساس المواطنة والحرية الكاملة لهم، وليس على أساس الدين والقومية، ولم يشهد عصر إسلامي على مدار الحضارة الإسلامية أي عملية تطهير عرقي أو استئصال ديني لأي جماعة دينية أو عرقية، بل كانت الديار الإسلامية دائمًا الحاضنة الأولى لأي جماعة تريد أن تحتفظ بكينونتها الدينية والثقافية، كما كان الحال مع اليهود وهروبهم من الأندلس (إسبانيا الحالية) جراء القمع الصليبي والتطهير الديني إلى دار الإسلام، ولم تكن العنصرية يومًا من الأيام حاضرةً في دعوة الإسلام.
وقد توفرت في ظل الحكم الإسلامي دائمًا حرية العمل وحرية التعليم، وحرية التظلم ضد من يسبب لإنسان الأذى، ولو كان حاكمًا أو مسؤولًا في السلطة، وحرية السكن والإقامة.. إلخ، وذلك للمسلمين ولغير المسلمين.
كما أن حرية الفرد المسلم في إبداء رأيه والتعبير عنه مكفولة في الدولة الإسلامية، وكذلك حريته في الانتماء الفكري لأي جماعة تحت مظلة الإسلام، ما دامت هذه الجماعة تتخذ من الإسلام منهجًا فكريًا، ومن أصوله العقائدية قواعد في التفكير، فلا حرج على الفرد في هذا الانتماء، إذ إن الطبائع تختلف في الوسيلة، وتتفق في المآل والمصير، لا سيما إذا كان الطريق واحدًا، وهو طريق الإسلام.
إن دعامتَي العدل والحرية أصلان أساسيان في شريعتنا، ولا يخفى أنهما دعامتا القوة والاستقامة في جميع الممالك (الشورى فريضة إسلامية، د. علي الصلابي، ص155).
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
الوجود الأفريقي في مكة قصة عريقة عمرها قرون
برامج متفرقة قال الباحث والكاتب عبد الله بن عمر التشادي 'المكي' إن الوجود الأفريقي في مكة المكرمة ليس طارئا، بل يمتد جذوره إلى ما قبل الإسلام، مشيرا إلى أن أحد جبال مكة السبعة كان يسمى تاريخيا 'ثبير الزنج'. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
من دمشق إلى مكة.. محطات في درب الحج الشامي
من دمشق إلى مكة المكرمة ، امتد طريق الحج الشامي عبر الصحراء، تمر فيه قوافل الحجاج والتجارة منذ دخول الإسلام إلى الشام عام 14هـ -635م، وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914. شكل الطريق معبرا رئيسا للجيوش الإسلامية، ومسارا تاريخيا عريقا للحجاج الشاميين، وعُرف باسم "التبوكية"، نسبة إلى بلدة تبوك، إحدى أهم محطاته. مسار الحج الشامي يمتد طريق الحج الشامي مسافة 1307 كيلومترات، عابرا ثلاث دول، بدءا من سوريا مرورا بالأردن وانتهاء بالمملكة العربية السعودية. ينطلق درب الحجاج الشاميين من بلدة الكسوة الواقعة في ريف دمشق، ويمر بخان دنون، ثم منطقة غباغب فالصنمين والشيخ مسكين، وصولا إلى منطقة المزيريب على الحدود الأردنية، وينتهي مسار الطريق في سوريا بمدينة درعا، التي تُعد آخر محطة للحجاج في بلاد الشام. بعدها يدخل الطريق الأراضي الأردنية من بلدة المفرق (خان المفرق)، ثم القسطل والحفير ومعان، حتى يصل إلى المدورة أو ما كانت تُعرف تاريخيا بـ"سرغ"، وهي آخر محطة على الجانب الأردني، وتقع جنوب محافظة معان، قرب الحدود السعودية. وداخل السعودية يبدأ الطريق من مركز حالة عمار، وتُعرف بعلم عمودي يرتكز على قاعدة بيضاوية، ومنه يتجه الحجاج جنوبا نحو ذات حاج ثم إلى مدينة تبوك، التي تُعد من أبرز المحطات على الطريق، قبل أن يمروا بمحطة المعظم فالدار الحمراء ثم وادي الأخيضر. يستمر المسار عبر الأقيرع فجبال الطاق (أبو طاقة)، ثم المبرك المعروف أيضا بمبرك الناقة أو الشق، ويليه الحجر أو مدائن صالح، ومن هناك يمر بالعلا فالقرح (وادي القرى)، حتى يصل إلى المدينة المنورة. بعد ذلك يتجه الحجاج إلى مكة المكرمة، مرورا بالمابيات وبدر ثم جدة، التي تعتبر آخر وجهة قبل دخول مكة المكرمة، ويعبر طريق الحج الشامي أراضي سبع مدن سعودية هي: تبوك والعلا والمدينة المنورة وبدر ورابغ وجدة ومكة المكرمة. وقد شكّل هذا الطريق عبر القرون أحد أهم المسارات التي سلكها الحجاج من بلاد الشام نحو الحجاز، وظل شاهدا على تواصل حضاري وروحي وثيق بين المناطق التي يمر بها، كما كان له دور بارز في ازدهار النشاط التجاري والثقافي على امتداده. من قوافل الأمويين إلى قطار العثمانيين اكتسب طريق الحج الشامي مكانة مميزة بعد أن أصبحت دمشق عاصمة الدولة الأموية، وانطلقت منها أولى قوافل الحج الرسمية المنظمة تحت إشراف الدولة الإسلامية، لتسهيل وصول الحجاج من خارج الجزيرة العربية. اهتم الخلفاء الأمويون بإعداد الطريق وتجهيزه وحمايته، وتزويده بالمنارات والعلامات، مثل أميال الطرق التي أمر بها الخليفة عبد الملك بن مروان لتحديد المسافات وتوجيه السائرين. كما جددوا مساجد ومحطات الطريق مثل مسجد الرسول في تبوك، وحفروا البرك والآبار والصهاريج والقنوات بين دمشق ومكة. ورغم تراجع المكانة السياسية لدمشق، ظل الطريق محافظا على أهميته بفعل موقع دمشق الإستراتيجي التجاري. وتبين الشواهد الأثرية أن مدن ومحطات الطريق في ذلك الوقت شهدت عناية عمرانية وخدمية ملحوظة، خاصة في منطقة وادي القرى مثل العلا وقرح والرحبة والسقيا. في القرن 6هـ/ 12م عانى الطريق من تهديدات الصليبيين الذين هاجموا قوافل الحجاج انطلاقا من قلاعهم في الكرك والشوبك. بعدها عاد الأمان والاستقرار بعد سيطرة الأيوبيين على بلاد الشام (570–658هـ / 1174–1260م)، إذ عمل صلاح الدين الأيوبي على حماية الطريق، وحاصر وأسقط قلعة الكرك سنة 584هـ / 1188م. وكان من أبرز من خدموا طريق الحج الشامي في العصر الأيوبي الملك عيسى بن الملك العادل، أحد حكّام دمشق، وقد عُرف باهتمامه الكبير بالطريق، وتشير المصادر التاريخية إلى أنه سار بنفسه على طريق تبوك لمعاينته والوقوف على احتياجاته. أمر العادل ببناء بركة المعظم الشهيرة، إلى جانب عدد من البرك الأخرى، كما وجّه إلى مسح الطريق بين دمشق وعرفات، وسعى إلى تسوية المناطق الوعرة لتسهيل مرور القوافل والحجاج. نال الطريق اهتماما واسعا من حكام دمشق، وازدادت أعداد الحجاج، فقدّر بعض الرحالة في سنة 674هـ / 1286م عدد القافلة بستين ألف راحلة دون الخيل والبغال. ساهمت سيطرة المماليك على مصر والشام والحجاز في تسهيل التحكم بالطريق، وإقامة مشاريع خدمية، كما تظهر نقوش مملوكية كثيرة على الطريق تشير إلى أعمال ترميم واسعة. وبلغ طريق الحج الشامي ذروته في التطور والنشاط والمكانة، إذ أصبحت دمشق مركزا تجاريا وقبلة لقوافل الحجاج القادمين من أنحاء الدولة العثمانية. ولقبت دمشق حينها رسميا بـ"شام شريف"، وأصبحت مركز انطلاق القافلة العثمانية الكبرى للحج. اتخذ السلطان العثماني سليمان القانوني لقب "حامي الحرمين الشريفين"، واهتم بتأمين الطريق، فاختار دمشق نقطة تجمع الحجاج من الأناضول والشام والعراق وفارس والقوقاز وأوروبا. شهدت دمشق نهضة معمارية، وكان من أولى منشآتها التكية السليمانية التي استقبلت الحجاج في مرج السلطان، وقدمت لهم خدمات الإقامة. وكان سليمان القانوني (926–974هـ / 1520–1566م) أول من اهتم بالطريق من السلاطين العثمانيين، فأنشأ قلاعا وأرسل حاميات عسكرية لحماية الحجاج. إعلان ومع ضعف السلطة المركزية في إسطنبول ، تراجع الاهتمام بالطريق وتدهورت أوضاعه، وخُرِّبت القلاع ونقصت الحاميات، وتلاعب الباشوات بالأموال المخصصة لحمايته. مما تسبب في نهب القوافل وأثر بشكل كبير على أمن الطريق وسلامة الحجاج. وكان السلطان عبد الحميد الثاني آخر من اهتم رسميا بالطريق، إذ أرسل قافلة حج رسمية سنوية مجهزة تنطلق من دمشق، وتلتحق بها قوافل من الهند والصين وكردستان والقوقاز وفارس وأفغانستان ولبنان وفلسطين وغيرها. وأبرز إنجازاته كان خط السكة الحديدية الحجازي ، الذي امتد 1320 كيلومترا من دمشق إلى المدينة المنورة ، ونُفذ في ثماني سنوات ودُشّن في 22 رجب 1326هـ / 28 سبتمبر/أيلول 1908 م. ووصل أول قطار من محطة الحجاز في دمشق إلى محطة العنبرية في المدينة المنورة في سبعة أيام فقط، مقارنة بـ50 إلى 55 يوما كانت تستغرقها الرحلة سابقا، والتي كانت تمتد أربعة أشهر ذهابا وإيابا. آثار على الطريق يُعد طريق الحج الشامي شاهدا حيا على تطور الحضارة الإسلامية واهتمام المسلمين المتواصل بخدمة الحجاج، إذ يضم على امتداده آثارا إسلامية باقية، من أبرزها عشرات النقوش التي تعود إلى القرن الأول الهجري، وكتابات تأسيسية على منشآت الطريق من قلاع وبرك وآبار. وتشمل هذه الآثار قلعة ذات الحاج وقلعة تبوك وآثار الأخضر التي تضم مدينة إسلامية وثلاث برك وقلعة، إلى جانب آثار المعظم التي تحتوي على قلعة وبركة، وآثار البريكة المعروفة قديما بالدار الحمراء. كما توجد على الطريق آثار الحجر والعلا التي تتبعها عدد من المرافق، إضافة إلى قلعة زمرد وقلعة الصورة وآثار هدية وإسطبل عنتر والفحلتين وآثار نصيف، وقلعة الحفيرة. وتوجد هذه القلاع والبرك على جزء الطريق الواقع في المملكة العربية السعودية. ووجد على امتداد الطريق أيضا آثار سكة حديد الحجاز، التي تم تنفيذها بين عامي 1900 و1906م في عهد السلطان عبد الحميد، وتشمل محطات مبنية بالحجر وأجزاء من مسار السكة والجسور. ويُعد أمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعمارة عين تبوك في عام 17هـ من أوائل الجهود الخيرية في خدمة الحجاج. ومن الآثار الأخرى الباقية: عين تبوك وبركة المعظم بين العلا والمدينة المنورة وقلعة المدورة وقلعة القطرانة. وأكدت المسوحات الأثرية وجود منشآت متنوعة على الطريق مثل الآبار والبرك والعيون والقنوات المائية والقلاع والأبراج والجسور والمنارات إلى جانب آثار المدن والقرى التي ازدهرت قديما. وهناك أيضا النقوش الكتابية التذكارية التي نقشها الحجاج قديما على الصخور، ما جعل الطريق شاهدا حيا على النشاط الحضاري والتجاري والديني الذي استمر أكثر من 13 قرنا.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى بأول أيام العيد
واصل حجاج بيت الله الحرام أداء شعائر يوم النحر، العاشر من ذي الحجة، حيث توجهوا إلى مشعر مِنى وقاموا برمي جمرة العقبة الكبرى، بعد قضاء جزء من الليل في مُزدَلِفة أو المبيت بها حتى صباح اليوم، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وفي مشهد إيماني مَهيب، رمى الحجاج جمرة العقبة الكبرى، على أن يتواصل رمي الجمرات خلال أيام التشريق الثلاثة. وأصبح بإمكان الحجاج بعد رمي جمرة العقبة الكبرى التوجه في أي وقت إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة، وهو آخر أركان الحج. وتوافد حجاج بيت الله الحرام على مشعر منى وسط إجراءات وفرتها الجهات المعنية لتسهيل حركة الحشود وضمان سلامتهم. ومنذ فجر أول أيام عيد الأضحى، شرع أكثر من 1.6 مليون حاج في رمي 7 حصيات على كل من الجمرات الثلاث في وادي منى، الواقع في مشارف مدينة مكة المكرمة. وتحيي هذه الشعيرة ذكرى رجم نبي الله إبراهيم -عليه السلام- للشيطان في المواضع الثلاثة التي يُعتقد أنه حاول فيها ثنيته عن تنفيذ أمر الله بالتضحية بابنه إسماعيل عليه السلام، بحسب بعض الروايات. وكان الحجاج قد وقفوا -أمس الخميس- بعرفات وهو الركن الأعظم للحج، وسط درجات حرارة مرتفعة دفعت السلطات السعودية إلى دعوتهم جميعا للبقاء في الخيام خلال ساعات النهار الأشد حرا. وبعيد الغروب، توجه الحجاج إلى مشعر مزدلفة الذي يتوسط عرفات ومِنى، للاستراحة والمبيت هناك استعدادا ليوم النحر وهو يوم العيد (اليوم الجمعة) وبدؤوا جمع بعض الحصى التي يستخدمونها في رمي جمرة العقبة. وشهد موسم الحج هذا العام تنفيذ سلسلة من الإجراءات للحد من آثار الحرارة الشديدة، إلى جانب حملة واسعة ضد الحجاج غير النظاميين، مما أدى إلى تراجع كثافة الحشود. وطورت السلطات البنى التحتية وحشدت آلاف الموظفين الإضافيين، واعتمدت على ترسانة تكنولوجية متقدّمة تساعد على إدارة الحشود بشكل أفضل.