
اليمن.. كابوس يؤرق واشنطن
ربما خبأ القدر درساً قاسياً للإدارة الأمريكية السابقة وحلفائها. فاليمن، الدولة التي استُهين بقدراتها، برزت كلاعب إقليمي فاعل، لتثبت أن المقاومة تولد قوة. سنوات الحرب والاعتداءات المتواصلة، لم تُضعف إرادة اليمنيين كما ظن البعض، بل صقلتها وحولتها إلى رقم صعب في معادلة الصراع مع قوى الطغيان.
بدأت الحقائق تتكشف تباعاً، لتفضح زيف الادعاءات الأمريكية بالقضاء على قوة اليمنيين. الاعترافات الصادرة من واشنطن نفسها أشارت إلى فشل استراتيجياتها العسكرية. فبدلاً من إخماد المقاومة، أشعلت نيرانها وعززت من حضور اليمنيين وقوتهم. وبينما كانت آلة الحرب تدور، أظهر اليمنيون تصميماً أسطورياً، لتجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم عالقين في مستنقع من الفشل الاستراتيجي.
في هذا المشهد المعقد، فرض اليمن نفسه كقوة لا يُستهان بها، ليعيد تعريف الصراعات الإقليمية، ويجعل من دعم القضية الفلسطينية نبضاً يوحد الأحرار، ويمنح التحركات اليمنية شرعية وتعاطفاً غير مسبوقين. وكما أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، فإن التصعيد الأمريكي فشل في تأمين الملاحة البحرية للعدو الإسرائيلي، ولم يضعف القدرات العسكرية اليمنية، بل ساهم في تطويرها. العدوان الأمريكي لن يؤثر على إرادة الشعب اليمني، أو معنوياته، أو توجهه الجهادي. بل على العكس، فإن الفاعلية المتكاملة للموقف اليمني، عسكرياً وشعبياً ورسمياً، هي ما يدفع العدو الأمريكي للضغط بكل ما يستطيع للتأثير عليه.
لغز القوة اليمنية يُقلق البنتاغون
في دهاليز وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، سرى قلقٌ بارد، كشف عنه تقرير لصحيفة 'سفبودنيا بريسا' الروسية. التي ذكرت أن القوة العسكرية اليمنية المتعاظمة، بقدراتها الصاروخية والمُسيّرة، لم تعد مجرد تهديد عابر للمصالح الأمريكية، بل تحولت إلى لغز استخباراتي مُحير. فوكالات الاستخبارات الغربية، بما فيها وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية والموساد الإسرائيلي والاستخبارات البريطانية، اصطدمت بجدار من السرية يُحيط بالترسانة اليمنية. عامان من العمليات الجوية المكثفة والضربات الموجّهة لم تفلح في إضعاف البنية العسكرية للقوات اليمنية.
المفاجأة الكبرى كانت قدرة اليمنيين، منذ دخولهم معركة البحر الأحمر نصرة لغزة، على إغلاق هذا الشريان الحيوي أمام السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، بضربات دقيقة وموجعة. هذا الإنجاز هزّ أركان واشنطن، التي اعترفت على لسان مسؤول رفيع في وزارة الدفاع، بأنها تفتقر إلى معلومات دقيقة عن القدرات الحقيقية لليمنيين. حسبما ذكرت الصحيفة.
وتضيف الصحيفة أن اليمنيين لم يعتمدوا على صواريخ 'قاهر-1″ و'بركان-1' فحسب، بل امتلكوا ترسانة متنوعة من الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى، بعضها مُطور من نماذج سوفييتية، والبعض الآخر، كما يؤكد اليمنيون، صُنع بأيدٍ يمنية خالصة، بما في ذلك صواريخ مجنحة وأنظمة ساحلية متطورة. لكن ما أقلق البنتاغون أكثر، لم يكن حجم الترسانة، بل التحول المنهجي للقوات اليمنية من حركة مسلحة إلى جيش نظامي، بوحدات متخصصة وقوات برية وصاروخية ذات مهام دقيقة، وتطوير مُطرد للطائرات بدون طيار، التي تنذر بتغيير قواعد الاشتباك مستقبلاً.
حرب ترامب تتحول إلى كابوس لواشنطن
في توقع مُرتبط بالصلابة اليمنية، حذرت مجلة 'ذا أتلانتك' من أن 'حرب ترامب ضد الحوثيين قد تتحول إلى فضيحة لأمريكا'، فالقوات اليمنية تخرج من كل معاركها 'أقوى'، وتستعد لإعلان 'انتصار تاريخي على الشيطان الأكبر' إذا استمر العجز الأمريكي. القصة بدأت باعتراف جنرال أمريكي مُخضرم بخطورة التهديد اليمني، واصفاً إياه بـ 'الأكثر تعقيداً وخطورة'. هذا الاعتراف نسف الرواية الأمريكية السابقة التي قللت من شأن القدرات اليمنية، مُشيراً إلى قدرة اليمنيين المذهلة على إعادة تنظيم صفوفهم واستخدام طائرات بدون طيار زهيدة الثمن لإلحاق خسائر فادحة بالبحرية الأمريكية.
كما نقلت 'نيويورك تايمز'، عن مسؤولين في البنتاغون، تأكيد 'عدم تحقيق نجاح في تدمير ترسانة الحوثيين الضخمة'. الأرقام الفلكية التي أنفقتها وزارة الدفاع الأمريكية، وتعزيز اليمنيين لمواقعهم، أظهرت حجم الإخفاق الأمريكي في تحقيق أهدافه. الحملة التي قادها ترامب باءت بفشل ذريع، وعززت قوة القوات المسلحة اليمنية وتأثيرها الإقليمي، ما عكس تقديراً خاطئاً للقدرات اليمنية وصلابتها، وأشار إلى تحول في موازين القوى في المنطقة.
دعوة وزير الخارجية الأمريكي إلى 'مواجهة الحوثيين باتحاد دولي' وتجريمهم، عكست قلقاً متزايداً من تنامي قوة اليمنيين وتأثيرهم الإقليمي، وعجز الولايات المتحدة عن التعامل معهم بمفردها.
صعوبات أمريكية في فهم الخصم
موقع 'تاسك آند بربس' العسكري الأمريكي وصف الوضع بـ 'صعب وغير مألوف'، مشيراً إلى أن حجم النيران التي تتعرض لها البحرية الأمريكية 'أمر غير مألوف'، ويستنزف قدرات القوات الأمريكية.
أما تحليل موقع 'ناشيونال إنترست' فذهب أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن 'الحوثيين وضعوا الولايات المتحدة في مأزق استراتيجي'، وأن البحرية الأمريكية 'مرهقة'، وأن اعتمادها على حاملات الطائرات باهظة الثمن 'غير ملائم تماماً لهذا العصر الجديد'، معبراً عن فشل واضح في التعاطي مع المعطيات المتغيرة.
البحرية الأمريكية أكثر هشاشة
ونشر موقع Task & Purpose تقريرًا سلط فيه الضوء على واحدة من أخطر المعضلات التي تواجه البحرية الأمريكية في الوقت الراهن، وهي الاستنزاف السريع لمخزونها الصاروخي في البحر الأحمر، في مواجهة التهديدات المستمرة التي يشكلها الجيش اليمني ضمن ما يُعرف بـ'عملية الفارس الخشن'.
وأضاف أن 'البحرية الأمريكية تخوض حاليًا أطول فترة قتال بحري متواصل منذ الحرب العالمية الثانية، حيث واجهت تهديدات القرن الحادي والعشرين بشكل مباشر، في بيئة عمليات لم تعهدها منذ أجيال، مشيراً إلى أن معظم هذه التهديدات – باستثناء الصواريخ القديمة – لم تكن البحرية الأمريكية قد واجهتها من قبل إلا في تدريبات أو مناورات، وليس بهذه الكثافة أو الاستمرارية، ما فرض على البحرية واقعًا جديدًا في ميدان القتال.
ووفقًا للتقرير، خاضت البحرية الأمريكية على مدار 15 شهرًا – من أكتوبر 2023 وحتى يناير 2025 – أطول وأعنف سلسلة مواجهات بحرية منذ الحرب العالمية الثانية. حيث أطلقت خلال هذه الفترة قرابة 400 ذخيرة صاروخية ضد أهداف حوثية، بالإضافة إلى أكثر من 160 طلقة مدفعية من العيار 5 بوصات، استُخدمت ضد طائرات مسيّرة وأهداف قريبة لا يمكن للصواريخ التصدي لها بفعالية.
التقرير أشار إلى أن هذه المواجهات كشفت عن 'حقيقة غير مريحة'، وهي أن البحرية الأمريكية أكثر هشاشة أمام الاستنزاف الطويل مما كان يُعتقد سابقًا، خصوصًا في بيئة قتال تمتاز بالكثافة والاستمرار كما هو الحال في البحر الأحمر.
ونقل الموقع عن القائد البحري المتقاعد برايان كلارك قوله: ' التكلفة كانت هائلة إلى حد ما'. وأضاف أن حجم النيران والتكتيكات غير التقليدية التي واجهتها البحرية، تمثل تحولًا جذريًا عن بيئات القتال السابقة التي اعتادت عليها القوات الأمريكية.
ولفت التقرير إلى أن هذه التجربة دفعت البحرية إلى إعادة النظر في أساليبها الدفاعية، إذ بدأت بالتحول تدريجيًا نحو استخدام المدافع البحرية والأسلحة التقليدية للتعامل مع بعض التهديدات، بعد أن تبين أن الاعتماد الكامل على الصواريخ في مثل هذه البيئات المكثفة يُشكل خطرًا استراتيجيًا على الاستدامة العملياتية.
الردع الأمريكي مفقود
وقالت صحيفة 'ناشيونال إنترست' الأمريكية: إن 'الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحوثيين في البحر الأحمر قد تفشل في تحقيق أهدافها، ما لم تُصحح الأخطاء التي أعاقت العمليات السابقة، وهو ما يبدو مشكوكًا فيه بحسب تقارير وزارة الدفاع الأمريكية'.
وأضافت الصحيفة بأنه ورغم الإنفاق الأمريكي الضخم الذي بلغ نحو 4.86 مليار دولار، وفقدان طائرات بدون طيار متطورة مثل MQ-9 Reaper في مواجهة صواريخ وطائرات مسيرة منخفضة التكلفة، لم تنجح واشنطن حتى الآن في استعادة الردع المفقود'، وفقًا لما جاء في المقال التحليلي الذي كتبه تشاد كونكل الذي قال: 'إن العمليات في البحر الأحمر تستنزف ذخائر باهظة الثمن ومحدودة الندرة، وهي ضرورية في مناطق أكثر أهمية للمصالح الأمريكية، وفي مقدمتها منطقة المحيطين الهندي والهادئ'. وبينما 'يستخدم الحوثيون طائرات مسيرة وصواريخ رخيصة الثمن لكنها فعّالة، تُخاطر الولايات المتحدة بخسارة المزيد من طائرات MQ9- Reaper المسيرة بقيمة 30 مليون دولار، مضيفاً : لقد أثبت الحوثيون قدرتهم على الصمود بشكل خاص في الحملات الجوية طويلة الأمد'.
وقالت الصحيفة: ما لم يجد البنتاغون، بقيادة الرئيس ترامب، طريقةً لحل المشكلات التي أعاقت العمليات السابقة ضدهم، وهو أمرٌ يبدو مشكوكًا فيه بالنظر إلى التقارير الأخيرة لمسؤولي الدفاع، فقد تُواجه هذه الإدارة نتائج مماثلة قد تؤدي إلى مزيد من تآكل مصداقية الولايات المتحدة إذا لم يتحقق التأثير المنشود بسرعة.' وأكد الكاتب أنه حتى 'لو نجحت هذه الحملة في إجبار الحوثيين على وقف هجماتهم على السفن الأمريكية في غضون ذلك، فقد لا تدوم'.
ويلاحَظُ من خُلاصةِ هذه الأصداء أن هناك إدراكًا واضحًا داخلَ كيان العدوّ لعدة حقائقَ مهمة، أولها أن الجُهُودَ التي تبذُلُها إدارةُ ترامب لردع اليمن لن تنجحَ في إحداثِ تأثيرٍ حقيقي على قدرات وقرار وتصاعد نشاط جبهة الإسناد اليمنية، والحقيقة الثانية هي أن مشكلةَ عدم التوازن بين المواردِ الهائلة والنتائج المتواضعة وشبهِ المعدومة ستظلُّ قائمةً في أيةِ استراتيجيةِ عدوانية ضد اليمن، بما في ذلك استراتيجيةُ 'التحالف الإقليمي الواسع'؛ بسَببِ عدمِ وجود إمْكَانية لتحقيق 'حسم سريع'.
أَمَّا الحقيقةُ الثالثةُ التي يحاولُ الصهاينةُ غَضَّ النظرِ عنها بشكل متعمد؛ فهي أن المشكلةَ لا تقتصرُ فقط على عدمِ امتلاكِ جبهةِ العدوّ الأدوات والاستراتيجيات اللازمة لردعِ اليمن؛ لأَنَّ هناكَ خطرًا متزايدًا يتعلَّقُ بهذا العجز، وهو التطورُ المُستمرُّ للقدرات العسكرية اليمنية والذي يُثبِتُ حضورَه القوي في الميدان بشكل متواصل، وبالتالي، فَــإنَّ أيةَ مقترحاتٍ لتغييرِ الاستراتيجيات لا قيمة لها؛ لأَنَّ 'الوقتَ الطويلَ' الذي يتطلبه تنفيذَ هذه المقترحات يشكِّلُ بحد ذاته فجوة هائلة في أية استراتيجية؛ بسَببِ المسار التصاعدي المُستمرّ لتطور القدرات العسكرية اليمنية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد العربي
منذ 6 ساعات
- المشهد العربي
وزير الدفاع الأمريكي يستقبل ماسك بمقر البنتاغون
استقبل وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، الأربعاء، الملياردير إيلون ماسك في مقر البنتاغون. وتعد تلك الزيارة وهي المرة الثانية المعلنة التي يزور فيها الحليف المقرب للرئيس دونالد ترامب وزارة الدفاع. وأفاد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في بيان بأن الوزير التقى مع إيلون ماسك وأعضاء آخرين من فريق الذكاء الاصطناعي لدى إكس.


نافذة على العالم
منذ 7 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : ماذا قالت وزارة الدفاع الأمريكية عن قبول الطائرة القطرية الفاخرة؟
الخميس 22 مايو 2025 12:30 صباحاً نافذة على العالم - (CNN) -- أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الأربعاء، أن وزير الدفاع بيت هيغسيث قبل استلام طائرة من طراز بوينغ 747 قدمتها قطر ليستخدمها الرئيس دونالد ترامب بعد "إجراء التعديلات الأمنية المناسبة". وقال المتحدث باسم الوزارة، شون بارنيل، في بيان: "استلم وزير الدفاع طائرة بوينغ 747 من قطر وفقا لجميع القواعد واللوائح الفيدرالية". وأضاف: "ستعمل وزارة الدفاع على ضمان مراعاة الإجراءات الأمنية المناسبة ومتطلبات المهام الوظيفية للطائرة المستخدمة لنقل رئيس الولايات المتحدة". ومع ذلك، ذكر شخص مطلع على المناقشات أن الصفقة لم تُبرم بعد، وأن المحادثات بين الفرق القانونية لا تزال جارية. ولم يتطرق بارنيل إلى ما إذا كانت الإدارة قد دفعت ثمن الطائرة، وأحال أي أسئلة إضافية حول عملية النقل إلى القوات الجوية الأمريكية. وتواصلت شبكة CNN مع سفارة قطر في واشنطن للتعليق. قد يهمك أيضاً وعندما سُئل ترامب، الأربعاء، عن التقارير التي تفيد بقبول "البنتاغون" للطائرة، قال للصحفيين إن قطر "تمنح القوات الجوية الأمريكية طائرة، حسنًا، وهذا أمر رائع". وذكر رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، لوكالة بلومبرغ، الاثنين، أن "قصة الطائرة هذه هي معاملة بين وزارتي الدفاع، تتم بشفافية وقانونية، وهي جزء من التعاون الذي لطالما قمنا به معًا لعقود". والثلاثاء، أخبر وزير القوات الجوية تروي مينك ورئيس أركان القوات الجوية ديفيد ألفين المشرعين أن هيغسيث قد وجّه القوات الجوية للبدء في التخطيط لإجراء تعديلات في الطائرة. وقال مينك: "وجّه وزير الدفاع القوات الجوية للبدء في التخطيط لتعديل الطائرة، نحن مستعدون للقيام بذلك". وذكر متحدث باسم القوات الجوية الأمريكية، لـCNN : "بناءً على توجيهات وزير الدفاع، تستعد القوات الجوية الأمريكية لمنح عقد لتعديل طائرة بوينغ 747 لنقل كبار المسؤولين جواً"، وأضاف أن "التفاصيل المتعلقة بالعقد سرية". وأثارت المناقشات الجارية حول نقل الطائرة من قطر إلى إدارة ترامب، والتي كُشف عنها علناً لأول مرة في وقت سابق من هذا الشهر، ضجة سياسية، حيث عارض الديمقراطيون وعدد من الجمهوريين المؤثرين، الذين عادةً ما يكونون من أشد مؤيدي الرئيس الأمريكي، الصفقة المحتملة لأسباب أخلاقية. وروج ترامب مراراً للطائرة كبديل محتمل لطائرة الرئاسة الأمريكية، ووصفها بأنها "هدية مجانية" من قطر. لكن CNN ذكرت نقلا عن مصادر، الاثنين، أن إدارة ترامب هي أول من تواصل مع قطر للاستفسار عن شراء طائرة بوينغ 747. وبعد تولي ترامب منصبه في يناير/ كانون الثاني، اتصلت القوات الجوية الأمريكية بشركة بوينغ، وأُبلغت أن الشركة لن تتمكن من تسليم الطائرات الجديدة التي تُصنّعها لتحل محل الطائرات الرئاسية القديمة لمدة عامين آخرين. مع ذلك، أرادت إدارة ترامب طائرة بديلة بسرعة أكبر، وكان سلاح الجو الأمريكي يبحث عن خيارات مختلفة لتحقيق ذلك. في الوقت نفسه، كلف ترامب مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بإيجاد قائمة بالطائرات المناسبة، وفقًا لما ذكره مسؤول كبير في البيت الأبيض لـCNN. وبعد تعاون سلاح الجو الأمريكي مع الشركة، زودت بوينغ مسؤولي الدفاع الأمريكيين بقائمة بعملائها الآخرين حول العالم الذين لديهم طائرات يمكن استخدامها في هذه الأثناء، وكانت قطر من بينهم، وفقًا لما ذكرته مصادر لـ CNN. وأوضح مسؤول البيت الأبيض أن البنتاغون بدأت المناقشات مع قطر بعدما علمت بدعم البيت الأبيض للفكرة، وساعد ويتكوف في تسهيل المحادثات الأولية. لكن سلاح الجو الأمريكي كان يعتقد في البداية أن أي صفقة مع القطريين ستتضمن بيع الطائرة وليس تبرعًا، وفقًا لمسؤولي الدفاع. وبعيدًا عن المسائل الأخلاقية والقانونية، فإن إعادة تجهيز وتركيب معدات الأمن والاتصالات اللازمة على طائرة مستعملة من حكومة أخرى، حتى لو كانت صديقة، مهمة صعبة. وقد يستغرق الأمر عامين، وقد يكلف أضعاف قيمة الطائرة نفسها، وفقًا لمسؤولين حاليين وسابقين لـCNN. وستحتاج وكالات الاستخبارات والأمن الأمريكية المكلفة بالإصلاح الشامل إلى تفكيك الطائرة بالكامل، وتزويدها بالمعدات اللازمة.


يمني برس
منذ 7 ساعات
- يمني برس
من بين ركام العجز العربي.. ينهضُ رجلٌ يُشبِهُ عليًّا
يمني برس – بقلم – بشير ربيع الصانع حين تنظُرُ إلى واقعِ الأُمَّــة اليوم، ترى الهزائمَ تتراكم، والمواقفَ تتهاوى، والعروشَ تتماهى مع العدوّ، وتمُرُّ من أمامك مشاهدُ الخِذلان كأنها قَدَرٌ محتوم، حتى إذَا بلغت القلوبُ الحناجر، وشارف الأملُ على الاحتضار، إذَا بشمسٍ تُشرِقُ من بين جبال اليمن، وَإذَا بصوتٍ قرآنيٍّ يشقّ الظلام، وَإذَا بقيادةٍ صادقةٍ تُعِيدُ تعريفَ الرجولة والسيادة والشرف والكرامة. ليس قولًا عابرًا، ولا حماسة لحظة، بل يقينٌ نابعٌ من الفطرة، بأن القائدَ اليمني السيّد عبدالملك بدرالدين الحوثي، هو ذلك الرجل الذي انتظرته الأُمَّــةُ منذ أربعة عشر قرنًا.. رجلٌ لم يخنع، لم يساوم، لم يخشَ جيوشَ العالم؛ لأَنَّه يخشى اللهَ وحدَه، ويثقُ بنصره، ويؤمن بوعده، قائدٌ من طراز النبوّة، وظلِال الإمامة، وصدى البطولة. في وقتٍ أصبح فيه معظمُ الزعماء عبئًا على شعوبهم، برز هذا القائد كأمةٍ وحدَه، كرمزٍ لحقبة جديدة يعاد فيها للإسلام وجهه الأصيل، بعد أن شوَّهته موائدُ التطبيع، وسرقه تجارُ السياسة. إنه القائد الذي أعاد سيرةَ علي بن أبي طالب حيَّةً بيننا، لا بالكلمات، بل بالمواقف. نصرُ غزة لا يُصنَعُ بالمؤتمرات، بل يُصنَعُ بالصواريخ. ولا يُنتزَعُ بالتغريدات، بل يُنتزع بفرض الحصار. ولا يُكتب بالتنديد، بل يُكتب بالحظر البحريّ والجويّ على الكيان المحتلّ. نعم إنه القائد الذي يخطب في الناس، فتشعر أن اللهَ يؤيده، وأن الملائكة تباركُ كلماته، وأن رعايةَ الله تمشي معه حيثما مشى. ما من موقفٍ اتخذه، إلا وأحاطته العناية الإلهية، وما من قرارٍ أعلنه، إلا ورافقه التوفيق والتسديد. سياساته ليست عبثية، وخطاباته ليست استهلاكية، بل هو يمضي كما تمضي السنن، ويواجه كما واجه الأنبياء والأوصياء، ويصبر كما صبر أولياء الله من قبل. ما نراه فيه ليس فقط قائدًا ميدانيًّا.. بل هو مشروع أُمَّـة. هو مشروع للإسلام الذي أراده الله أن يكون: إسلاما عزيزًا لا يركع، ولا يُهادن، ولا يخاف إلا الله. هو الإسلام الذي حرّر مكة، وواجه الروم، وكسر قيد كسرى، الإسلام الذي يحمل العدل للناس، لا الخضوع للظالمين. وفي زمن العار، جاء هذا القائدُ ليكتُبَ الشرفَ من جديد. وفي زمن الصمت، جاء هذا الصوتُ ليكسرَ الجدار. وفي زمن القعود، جاءت قدماه تمشيان إلى واجبِ النصرة، كأنهما تمشيان على وعدٍ إلهيٍّ لا يخيب. أيَّةُ يدٍ هذه التي تُمسك بزمام القرار اليمني؟ أيُّ قلبٍ هذا الذي يُصدر قرارات تزلزل البحر والجوّ في وجه العدوّ؟ أيّ عقلٍ هذا الذي يدير معركة أُمَّـة من أرضٍ محاصرة لكنها متوكلة؟ إنها يدٌ ممسكةٌ بالله.. لا تهتز، لا تكل، لا تفتر. لقد انتظرنا طويلًا من يعلو بالإسلام فوق المنابر السياسية الخائنة، وفوق الطاولات الملوثة، وفوق البيانات المعطوبة.. فجاء عبدُ من عباد الله، يحمل وعي القرآن، وشجاعة التاريخ، وعزة الموقف، وعمق البصيرة، ففتح لنا أبواب الرجاء. نعم، والله، ليست مداهنةً ولا مبالغة. من نظر إليه وهو يصدح بنصرة فلسطين، أدرك أنه ليس كباقي القادة. ومن شاهد صمودَه وهو يواجهُ تحالفًا عالميًّا، علم أن في هذا الرجل مَدَدًا لا ينقطع. ومن تابع تحَرّكاته، علم أن رعايةَ الله ليست بعيدة عن صنعاء. أيها المسلمون، أيها الأحرار في كُـلّ مكان، ليس الزمن هو الذي تغيّر، بل نحن الذين ابتعدنا عن رجال الزمن. واليوم، أُهدينا رجلًا، يُشْبِهُه أبطالُ التاريخ، ويقودُنا كما تُقاد الأمم العزيزة، ويذكّرُنا أن الإسلامَ لا يُقهَرُ إذَا حمله رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فطُوبى لليمن بهذا القائد. وطُوبى للأُمَّـة بهذا الأمل. وطُوبى لنا أن نشهدَ زمنًا يعودُ فيه الإسلام كما أراده الله: قويًّا، عزيزًا، مهابًا، مزلزلًا للظالمين.