
بين "غيوم سيلس ماريا" وظلّ غزّة
إيطاليا تلغراف
سمر يزبك
كاتبة وروائية وإعلامية سورية
في مهرجان كان 2025، وقفت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش صوتاً يعترض على هندسة الصمت. نطقت باسم فاطمة حسّونة، المصوّرة الصحافية الفلسطينية التي قُتلت في غزّة بصاروخ إسرائيلي، قبل وقت قصير من احتمال حضورها المهرجان، بصفتها بطلةَ فيلم وثائقي؛ 'ضع روحك على يدك وامش'، يحكي تجربتها تحت الحصار. لم يكن استدعاء الاسم فعلاً رمزياً يُضاف إلى سجلّ أخلاقي. كان انحرافاً محسوباً داخل ماكينة ناعمة الصقل، لا تتوقّف عن قول الشيء ونقيضه، طالما ظلّ قابلاً للعرض. بينوش لم تُدلِ بتصريح سياسي، زعزعت إيقاعاً مُبرمجاً على التغاضي.
فاطمة، المولودة في 1999، لم تكن تنقل الحرب فقط. كانت تعيشها وتصوّرها كمن يتلمّس معنى البقاء في التفاصيل. الصورة عندها لم تكن وسيلةً، صيغةَ حياة. قُتلت مع عائلتها بعد ساعاتٍ من ترشيح فيلمها لمسابقة 'أسيد – كان' الموازية لمهرجان كان الرسمي، وفي نفس المدينة البحرية. لا مفارقة هنا، تزامن وقائعي يعيد ترتيب السؤال: من يُسمح له بأن يكون حاضراً؟ ومن يُعاد تدويره في الاستعارة؟
ما فعلته بينوش لا يندرج تحت البطولة الكلاسيكية. لم تعارض. لم تصرخ. استثمرت لحظة الضوء لا لتُدلي برأي، أدخلت الكسر إلى العبارة. أشارت إلى فاطمة لا بوصفها قضيةً، احتمال مفقود للحضور. وهنا تكمن دقّة الفعل: إعادة توزيع المعنى من داخل البنية، لا من خارجها. وهذا لا يعني أن النظام تغيّر، أو أن 'كان' خرج من صيغته. على العكس، ما زال المهرجان يدار بآليات تُنتِج العالم بوصفه سرداً قابلاً للاستهلاك. وما زالت فلسطين، حين تُذكر، تمرّ عبر مصفاة رمزية تُجرّدها من لحمها الحي. رغم ذلك، تسرّب الاسم. لا تفصيلاً إنسانياً، بل إشارة تشقّ الصمت، كما لو أن 'غيوم سيلس ماريا' زحفت إلى قاعة العرض، لا ليصبح الاسم صوتاً فقط، بل ضوءاً ينكسر على فراغ لا يريد أحد أن يراه. وربّما، في جانب من جوانبه، لا يخلو المهرجان من رمزية رأسمالية تلمّع النظام العالمي وتحوّل المعاناة مادّةً بصريةً مصقولةً، ولو من غير قصد مباشر. في 1968، أوقف المخرج جان لوك غودار مهرجان كان احتجاجاً على تغاضيه عن انتفاضة الطلبة في باريس. لم يكن يعارض السينما، تمثيلها المفصول عن التحوّلات الحيّة. قال آنذاك: 'أنتم تتحدّثون عن حركة الكاميرا، ونحن نتحدّث عن الدم في الشوارع'. رأى في المهرجان واجهةً طبقيةً وثقافيةً مغلقةً، فاختار كسرها من الجذر.
تنتمي بينوش إلى تقليد آخر: مقاومة ناعمة، متقشّفة، لا تخاطب النظام بصفته عدوّاً، باعتباره معماراً هشّاً يمكن خلخلته من الداخل. لم تحتج إلى خطاب. اسم فاطمة كافٍ. اسم في غير موضعه المألوف، يتحوّل من تعريف إلى خلخلة. الفعل هنا ليس تعويضاً رمزياً، تشويش على هندسة المعاني. الاسم لا يُستعاد ليُبكى أو يُزيَّن به الكلام، يُعري الفجوة بين ما يُعرض وما يُقمع. في لحظة محدّدة، داخل قاعة مُكيّفة بدقّة، ارتد الصوت على واجهة الحدث وأعاد تركيب المشهد.
بينوش لم تُطالب. لم تتبنَّ خطاب الضحية. لم تضع نفسها في موقع تمثيلي نيابةً عن أحد. ما فعلته أقرب إلى الانسحاب الجزئي من نصٍّ محسوب، لصالح جملة غير منتظرة. وهذا، في سياق تُدار فيه التراجيديات موادَّ جانبيةً، فعلٌ يُربك الآلة أكثر من أي تصريح نضالي جاهز. ليست الأولى. اختارت أن تنطق باسم فاطمة في لحظة مثقلة بالإجهاد الرمزي، حيث أصبح الموقف نفسه جزءاً من إنتاج المعنى النظيف. فعلت ذلك لا لتصنع أثراً، تكشف شرخاً. وهذه ليست بطولة، وعي بموقع الصوت، ومسؤوليته حين يكون ممكناً. ما من ادّعاء هنا بتغيير شيء. في بنية بُنيت على حذف الفلسطيني أو تحويله استعارةً قابلةً للترويج، يصبح نُطق الاسم (خارج توقّعاته التداولية) تشويشاً. وهو تشويش كافٍ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 7 ساعات
- إيطاليا تلغراف
بين "غيوم سيلس ماريا" وظلّ غزّة
إيطاليا تلغراف سمر يزبك كاتبة وروائية وإعلامية سورية في مهرجان كان 2025، وقفت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش صوتاً يعترض على هندسة الصمت. نطقت باسم فاطمة حسّونة، المصوّرة الصحافية الفلسطينية التي قُتلت في غزّة بصاروخ إسرائيلي، قبل وقت قصير من احتمال حضورها المهرجان، بصفتها بطلةَ فيلم وثائقي؛ 'ضع روحك على يدك وامش'، يحكي تجربتها تحت الحصار. لم يكن استدعاء الاسم فعلاً رمزياً يُضاف إلى سجلّ أخلاقي. كان انحرافاً محسوباً داخل ماكينة ناعمة الصقل، لا تتوقّف عن قول الشيء ونقيضه، طالما ظلّ قابلاً للعرض. بينوش لم تُدلِ بتصريح سياسي، زعزعت إيقاعاً مُبرمجاً على التغاضي. فاطمة، المولودة في 1999، لم تكن تنقل الحرب فقط. كانت تعيشها وتصوّرها كمن يتلمّس معنى البقاء في التفاصيل. الصورة عندها لم تكن وسيلةً، صيغةَ حياة. قُتلت مع عائلتها بعد ساعاتٍ من ترشيح فيلمها لمسابقة 'أسيد – كان' الموازية لمهرجان كان الرسمي، وفي نفس المدينة البحرية. لا مفارقة هنا، تزامن وقائعي يعيد ترتيب السؤال: من يُسمح له بأن يكون حاضراً؟ ومن يُعاد تدويره في الاستعارة؟ ما فعلته بينوش لا يندرج تحت البطولة الكلاسيكية. لم تعارض. لم تصرخ. استثمرت لحظة الضوء لا لتُدلي برأي، أدخلت الكسر إلى العبارة. أشارت إلى فاطمة لا بوصفها قضيةً، احتمال مفقود للحضور. وهنا تكمن دقّة الفعل: إعادة توزيع المعنى من داخل البنية، لا من خارجها. وهذا لا يعني أن النظام تغيّر، أو أن 'كان' خرج من صيغته. على العكس، ما زال المهرجان يدار بآليات تُنتِج العالم بوصفه سرداً قابلاً للاستهلاك. وما زالت فلسطين، حين تُذكر، تمرّ عبر مصفاة رمزية تُجرّدها من لحمها الحي. رغم ذلك، تسرّب الاسم. لا تفصيلاً إنسانياً، بل إشارة تشقّ الصمت، كما لو أن 'غيوم سيلس ماريا' زحفت إلى قاعة العرض، لا ليصبح الاسم صوتاً فقط، بل ضوءاً ينكسر على فراغ لا يريد أحد أن يراه. وربّما، في جانب من جوانبه، لا يخلو المهرجان من رمزية رأسمالية تلمّع النظام العالمي وتحوّل المعاناة مادّةً بصريةً مصقولةً، ولو من غير قصد مباشر. في 1968، أوقف المخرج جان لوك غودار مهرجان كان احتجاجاً على تغاضيه عن انتفاضة الطلبة في باريس. لم يكن يعارض السينما، تمثيلها المفصول عن التحوّلات الحيّة. قال آنذاك: 'أنتم تتحدّثون عن حركة الكاميرا، ونحن نتحدّث عن الدم في الشوارع'. رأى في المهرجان واجهةً طبقيةً وثقافيةً مغلقةً، فاختار كسرها من الجذر. تنتمي بينوش إلى تقليد آخر: مقاومة ناعمة، متقشّفة، لا تخاطب النظام بصفته عدوّاً، باعتباره معماراً هشّاً يمكن خلخلته من الداخل. لم تحتج إلى خطاب. اسم فاطمة كافٍ. اسم في غير موضعه المألوف، يتحوّل من تعريف إلى خلخلة. الفعل هنا ليس تعويضاً رمزياً، تشويش على هندسة المعاني. الاسم لا يُستعاد ليُبكى أو يُزيَّن به الكلام، يُعري الفجوة بين ما يُعرض وما يُقمع. في لحظة محدّدة، داخل قاعة مُكيّفة بدقّة، ارتد الصوت على واجهة الحدث وأعاد تركيب المشهد. بينوش لم تُطالب. لم تتبنَّ خطاب الضحية. لم تضع نفسها في موقع تمثيلي نيابةً عن أحد. ما فعلته أقرب إلى الانسحاب الجزئي من نصٍّ محسوب، لصالح جملة غير منتظرة. وهذا، في سياق تُدار فيه التراجيديات موادَّ جانبيةً، فعلٌ يُربك الآلة أكثر من أي تصريح نضالي جاهز. ليست الأولى. اختارت أن تنطق باسم فاطمة في لحظة مثقلة بالإجهاد الرمزي، حيث أصبح الموقف نفسه جزءاً من إنتاج المعنى النظيف. فعلت ذلك لا لتصنع أثراً، تكشف شرخاً. وهذه ليست بطولة، وعي بموقع الصوت، ومسؤوليته حين يكون ممكناً. ما من ادّعاء هنا بتغيير شيء. في بنية بُنيت على حذف الفلسطيني أو تحويله استعارةً قابلةً للترويج، يصبح نُطق الاسم (خارج توقّعاته التداولية) تشويشاً. وهو تشويش كافٍ.


VGA4A
٢٠-٠٢-٢٠٢٥
- VGA4A
مايكروسوفت تخطط لاستخدام الذكاء الصناعي لاعادة احياء العابها الكلاسيكية
تطمح مايكروسوفت الى استخدام الذكاء الصناعي الجديد الذي كشفت عنه مؤخراً من اجل إعادة احياء بعض كلاسيكيات Xbox. يوم امس الأربعاء، كشف قسم الألعاب في مايكروسوفت عن برنامج Muse، وهو نظام ذكاء صناعي جديد يمكنه ان يولد جرافكس او نظام تحكم او كلاهما للألعاب الكلاسيكية. وقد اظهر الاستعراض الأول لبرنامج Muse كيف يمكنه إنشاء صور مرئية لألعاب الفيديو باستخدام بيانات يتم تدريب النظام عليها وقد شاهدنا كيف بدت لعبة Bleeding Edge التي أصدرها استوديو Ninja Theory في عام 2020. ومع ذلك، فقد ناقش الاستعراض أيضا كيف يمكن لبرنامج Muse المساعدة في الحفاظ على الألعاب الكلاسيكية في المستقبل. الثورة الكبيرة التي يمكن لبرنامج Muse إنجازها هي انه يمكنه ان يعيد بناء الألعاب الكلاسيكية الغير متوافقة مع أنظمة الألعاب الحديثة ويجعلها متوافقة بصريا وكذلك من خلال التحكم مع هذه المنصات الجديدة. وقالت فاطمة كاردار ، نائبة رئيس قسم الألعاب بالذكاء الاصطناعي ان هذا من شأنه أن يغير بشكل جذري كيفية الحفاظ على الألعاب الكلاسيكية وتجربتها في المستقبل وجعلها في متناول المزيد من اللاعبين على المنصات الحديثة. وأضافت فاطمة انه سيكون من الرائع ان نتمكن من تشغيل هذه الألعاب التي فقدناها مع الزمن ومع التقدم التكنلوجي ورؤيتها تعمل على شاشات أجهزة Xbox الحديثة. معالجة لعبة Bleeding Edge الكلاسيكية بالذكاء الصناعي حسب بيانات مسربة من الشركة مايكروسوفت في وقت سابق، فقد كونت Xbox فريق جديد منذ العام الماضي مخصص للحفاظ على الألعاب والتوافق مع الإصدارات السابقة لأجهزتها المستقبلية. ويمكن ربط وجود هذا الفريق الجديد مع طرح برنامج Muse ان لدى مايكروسوفت ربما خطة حقيقية لإعادة احياء الألعاب الكلاسيكية القديمة من جديد. وقالت سارة بوند من اكس بوكس: ' نحن نبني على تاريخنا القوي في توفير التوافق مع الإصدارات السابقة للاعبينا، ونظل ملتزمين بتقديم مكتبة مذهلة من ألعاب Xbox للأجيال القادمة من اللاعبين للاستمتاع بها '. تابعنا على مواضيع ذات صلة.. اقرأ ايضا


VGA4A
٢١-١١-٢٠٢٤
- VGA4A
لعبة "خالة فاطمة" تجربة رعب مثيرة تلفت انتباه الكثير من المؤثرين العرب
تقدم لعبة الرعب الجديدة 'خالة فاطمة' التي تأتينا من المطور العربي المستقل عبدالله الحمد تجربة مثيرة لفتت انتباه الكثير من اللاعبين والمؤثرين العرب. تكمن فكرة اللعبة في حال الالغاز وفتح الأبواب وتجنب الصدام مع الخالة فاطمة من اجل الهروب من المكان قبل فوات الأوان. تدمج اللعبة ما بين عنصر الترقب الذي يضع اللاعبين على الحافة، مع عنصر البقاء من خلال البحث عن الطريق الصحيح للخروج من بيت الموت قبل فوات الأوان. قصة لعبة خالة فاطمة سيتوجب عليك حل العديد من الالغاز وجمع الموارد والأدوات من ضمنها المفاتيح من اجل فتح الأبواب البحث عن طريق الخروج من هذا المنزل المملوء بالرعب والدماء. وقد جاء في وصف اللعبة على منصة Steam كالتالي: 'خالة فاطمة هي لعبة رعب، انت راح تلعب فيها دور واحد مخطوف من قبل خالة فاطمة وزوجها وانت لقيت طريقة تقدر تهرب بيها من البيت. خالة فاطمة وزوجها يخطفون الناس ويجبرونهم يسوون بثوث بالدارك ويب وبعدها يقتلونهم ويبيعون اعضاءهم بالسوق السوداء. انت الوحيد اللي قدرت تلاقي طريقة تهرب من البيت، لكن علشان تهرب، لازم تحل الغاز، و تجمع أغراض راح تساعدك بالطريق، وتلاقي مفاتيح تفتح لك طريق الخروج. خالة فاطمة بتلاقيها تدور في البيت، واذا شافتك، راح تطاردك. حاول تختبأ في الدواليب عشان ما تلاقيك. واكتشف الأسرار المدفونة بالبيت.' المؤثرين العرب مولعين باللعبة من خلال متابعتنا لتجربة العديد من المؤثرين للعبة، يبدو انها تحمل في طياتها تجربة مميزة ومثيرة رغم قصرها. تخيل ان تتحدث مع احد شخصيات NPCs باللغة المحلية العامية. ابرز ما لفت انتباهنا انه تم توظيف اللغة المحلية بطريقة تساعدك في الاندماج اكثر في أجواء اللعبة التي قد لا تكون معقدة لكن ان تتعامل معها بلغتك المحلة سيضفي المزيد من الاثارة علي التجربة. ابرز من قام بتجربتها كان اليوتيوبر الشهير بندريتا الذي شاركنا من خلال فيديو عبر قناته الخاصة تجربته لشكل مباشر ويمكنكم الاستمتاع في مشاهدة الفيديو وتجربة بندريتا هنا. المطور العربي المستقل عبدالله الحمد قام بتطوير اللعبة بشكل مستقل خلال فترة قصير لا تتجاوز 3 اشهر. وقد علق على تطويره للعبة بالتالي: تم تطوير لعبة خالة فاطمة كمشروع فردي من قبل شخص واحد (أنا احم احم) في غضون ثلاثة أشهر فقط. كل لحظة رعب، وكل لغز، وكل طابوقة بالبيت تم تطويرها بدقة خلال هذه الفترة القصيرة. بصفتي قيمر من يوم وانا صغير وصانع محتوى باليوتيوب، صممت خالة فاطمة لتوفير تجربة رهيبة ومثيرة من البداية إلى النهاية. أتمنى انكم تستمتعون بذي الرحلة القصيرة الرهيبة جداً. وتذكروا، Keep Charging. لا تتطلب لعبة خالة فاطمة الكثير من التقنيات من اجل تشغيلها على جهاز الحاسب الشخصي الخاص بك. يمكنك الاطلاع على المتطلبات في الجول بالأسفل. متطلبات تشغيل لعبة خالة فاطمة تابعنا على