
ماذا يعني تفكيك إيران؟
من الأهداف المعلنة وغير السرية للهجوم الإسرائيلي على إيران هو إزالة النظام القائم والقضاء على الجمهورية التي تحكم إيران منذ 46 عاماً. وإن كان هذا الهدف إسرائيلياً معلناً، فإنه أيضاً يعتبر هدفاً استراتيجياً لا يقتصر على الإدارات الأميركية، بل تلتقي معها كل العواصم الغربية التي تعتبر هذا النظام عائقاً أمام تحقيق مخططاتها ومشاريعها في هذه المنطقة الحيوية اقتصادياً واستراتيجياً.
ولا تخفي الإدارات الأميركية العمل من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وقد دفعت بالكثير من مواقفها المعلنة والسرية من أجل تحقيقه، ولم تخلُ مواقف وتصريحات كبار المسؤولين الأميركيين من الإشارة إلى هذا الهدف بشكل مباشر أو بشكل موارب. ولعل آخر هذه المواقف ما ألمح إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل أيام عندما تحدث عن وجود خطط وتصور لما ستكون عليه طبيعة الحكم في إيران بعد القضاء على النظام القائم ومن هي الجهة التي ستحكم.
هذا القرار وهذه الخطة كشفها ترمب في سلسلة اجتماعات متوالية ومتتالية لمجلس الأمن القومي الأميركي، والتي خلصت إلى اتخاذ قرار بالتدخل في الحرب القائمة بين طهران وتل أبيب، مع احتفاظ الرئيس بقرار البدء بالتدخل في التوقيت المناسب.
لكن ماذا يعني تنفيذ مخطط التخلص والقضاء على النظام الحاكم في إيران؟
سؤال قد يبدو للبعض في غير محله انطلاقاً من رغبة لديهم في تحقيق هذا الهدف من دون التوقف أمام تداعياته أو الاهتمام بالآثار التي قد تترتب على ذلك. إلا أن قراءة موضوعية واستشرافية لمثل هذا الحدث، لا يمكنها إلا أن تتوقف عند المآلات التي ستكون عليها المنطقة برمتها وليس فقط إيران.
حروب داخلية
فإسقاط النظام الإيراني القائم والقضاء عليه، لن يكون بالسهولة التي يتوقعها الراغبون به، لأن المؤسسات التي عمل النظام على بنائها خلال العقود الأربعة الماضية من الصعب عليها الاستسلام بسهولة. وهي من أجل الحفاظ على مكتسباتها والدفاع عن مصالحها، لن تتردد في اللجوء لأي إجراء مهما كانت تداعياته. أي إنها ستعمد لاستخدام ما في يدها من قدرات عسكرية وتنظيمية للتصدي وقمع محاولات التغيير، حتى وإن أدت إلى حروب داخلية. ولا شك أن منظومة السلطة الإيرانية أو الدولة العميقة قد وضعت الخطط العملياتية لمواجهة مثل هذه الاحتمالات، وقد فوضت القوى المحلية في كل الأقاليم الإيرانية باتخاذ الإجراء المناسب للحفاظ على النظام.
وإذا ما كان السيناريو الأول المتوقع هو حروب داخلية، فإن السيناريو الثاني الذي يقوم ويرتكز على السيناريو الأول، هو ذهاب إيران نحو التقسيم والتفكيك. ولمعرفة خطورة هذا السيناريو وأبعاده، لا بد من التوقف عند مسألة مهمة وأساسية في معرفة التركيبة السكانية وخريطة توزع القوميات داخل الحدود الإيرانية، كمدخل ضروري لمعرفة وفهم ما ستكون عليه الحال في حال ذهبت الأمور نحو التقسيم.
عواصم غربية تعتبر النظام الإيراني القائم عائقاً أمام تحقيق مخططاتها ومشاريعها في هذه المنطقة الحيوية اقتصادياً واستراتيجياً (أ ف ب)
ولأن التقسيم في إيران لن يقتصر على حدود الهضبة الإيرانية، بل ستكون له تداعيات على كل خرائط المنطقة الجيوسياسية التي قامت منذ قرن مع اتفاقية سايكس– بيكو، لا بد من معرفة خريطة المستفيدين من هذا التفكيك والتقسيم ومن هم المتضررون.
وإذا ما توقفنا فقط عند خريطة توزيع القوميات الرئيسة في التركيبة الإيرانية، فإننا سنكون أمام خريطة جداً معقدة، تشمل كل المحافظات والمناطق الحدودية بين إيران والدول المجاورة لها، والتي تعتبر مناطق تداخل قومي بين إيران وهذه الدول، إذ تتوزع هذه القوميات على طرفي الحدود المشتركة. ما يجعل من العلاقة بينها وبين هذا الامتداد متداخلة بين الطموح الداخلي الخاص وبين الأبعاد الإقليمية أو المرتبطة بدول الجوار الإيراني. وهي خريطة تحتل فيها قوميات أساسية صدارة المشهد، وتملك القدرة على لعب دور محوري في مستقبل إيران والصورة التي ستكون عليها خريطة التقسيم المحتمل واستراتيجية تقليم أظافر إيران الداخلية.
ففي الشمال والشمال الغربي، هناك تمركز واضح لأبناء القومية الأذرية التركية في محافظات أذربيجان الشرقية والغربية وأرورميه وأردبيل وزنجان التي تشكل امتداداً طبيعياً لأتراك وأذريين دولة أذربيجان بقيادة إلهام علييف، وبالتالي فإن أي تفكيك لوحدة الأراضي الإيرانية يعني اقتراب علييف والقيادة الأذربيجانية من تحقيق حلم توحيد مناطق انتشار هذه القومية وإقامة دولة أذربيجان الكبرى. ولا شك أن هذا الطموح سيكون مدعوماً بوضوح من الحليف الأساس لباكو، أي إسرائيل التي تقيم علاقات استراتيجية عميقة معها، وقد ظهرت أثار ذلك في الهجوم الإسرائيلي على النظام الإيراني والتعاون العسكري والأمني الكبير بين الطرفين والذي ساعد في تسهيل مهمة الضربة الإسرائيلية في العمق الإيراني.
الحلم الأذري بإقامة دولة أذربيجان الكبرى، من المحتمل أن يولد صراعاً بينها وبين دولة تركمانستان من جهة، وبين أبناء القومية الأذرية والقومية التركمانية في إيران من جهة أخرى، بخاصة وأن مناطق انتشار التركمان في المحافظات الشمالية لإيران تعتبر مناطق تداخل مع قوميات أخرى مثل الكيلك والأذريين، وبالتالي فإن الأمور قد تذهب إلى صراع بين باكو وعشق أباد التي ترتبط أيضاً بتحالفات وعلاقات عميقة واستراتيجية مع تل أبيب.
وإذا ما كانت دولة أذربيجان تتصدر قائمة المستفيدين من هذا التفكك، فإنها تواجه معضلة قد لا تكون بسيطة مع المكون الكردي- الإيراني، لجهة التداخل في انتشار هاتين القوميتين، بخاصة بين محافظات الشمال والشمال الغربي والمحافظات الغربية لإيران التي تشمل كردستان وكرمنشاه وإيلام الكردية. وبالتالي فإن هذا التداخل قد يفجر صراعات على مساحات النفوذ وسلطة كل منهما.
تمركز لأبناء القومية الأذرية التركية في محافظات أذربيجان الشرقية والغربية (أ ف ب)
الطموحات الأذربيجانية
وإذا ما كان حيدر علييف قد ذهب إلى خيار التحالف مع إسرائيل منذ الأعوام الأولى لإعلان إقامة دولة أذربيجان على أنقاض الاتحاد السوفياتي وتفككه، باعتباره خياراً استراتيجياً يضمن له توطيد علاقاته مع واشنطن والدول الغربية، ويوفر مظلة لاستمرارية نظام سلطته وسلاسة انتقالها إلى ابنه الرئيس الحالي إلهام علييف، فإن مساراً تاريخياً وأكثر رسوخاً قام بين إسرائيل والقيادة الكردية في محافظات الشمال العراقي الكردية، منذ محاولة إعلان الدولة الكردية في مهاباد مع قاضي محمد والملا مصطفى البارزاني، وصولاً إلى التاريخ الحالي، بخاصة بعد التغيير الذي حصل في العراق والقضاء على النظام السابق وتشكيل الدولة الفيدرالية العراقية، والذي لم تعد القيادة الكردية مجبرة على إخفاء هذه العلاقة والتعاون مع تل أبيب.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى غرار الدعم الإسرائيلي للطموحات الأذربيجانية، فإن الطموحات الكردية تحظى أيضاً بدعم إسرائيلي واسع، وتقديم المساعدة لإقامة وطن قومي للأكراد في المنطقة تحت مسمى كردستان الكبرى التي تجمع كل الأقاليم الكردية في العراق وإيران وتركيا وسوريا. وفي حال انفصال أكراد إيران يصبح الحلم الكردي بهذه الدولة أقرب إلى التحقق، لأن آلية الانضمام إلى الإقليم القائم في شمال العراق ستكون سريعة.
واقتراب الحلم الكردي بدولته، سيعيد إثارة مخاوف الدولة المركزية في تركيا، التي تعارض وتعادي مثل هذا المشروع، بخاصة وأن الدخول في هذا المسار يعني عودة الموضوع الكردي السوري إلى الواجهة من جديد، والذي يعني هدم كل ما سعت له دولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمؤسسة العسكرية لبنائه على مدى عقود، لأن إمكانية انضمام مناطق انتشار الأكراد السوريين لنواة الدولة الكردية يصبح أقرب إلى الحقيقة، الأمر الذي سيتحول إلى تهديد واضح لوحدة الأراضي التركية ويفتح الطريق أمام عودة أكراد تركيا للتحرك باتجاه تحقيق حلمهم التاريخي الذي يعتبرون أنه كان ضحية للخرائط التي نتجت من الحرب العالمية الأولى وتقسيمات سايكس- بيكو.
وبعيداً من المحافظات الشمالية والشرقية والغربية لإيران والتداخل القومي بين التركمان والأذريين والأكراد، فإن محافظات الجنوب والجنوب الشرقي لإيران تدخل على خريطة الكيانات المحتملة لأي تفكيك للجغرافيا الإيرانية، فهي مناطق انتشار أبناء قومية البلوش في سيستان وبلوشستان، والتي تملك امتداداً طبيعياً داخل إقليم بلوشستان ضمن الأراضي الباكستانية والأفغانية. وهذا التداخل قد يفجر صراعات جديدة داخل هاتين الدولتين نتيجة ما قد يواجهانه من طموحات بلوشية بإقامة دولتهم الخاصة، والتي من الطبيعي أن تذهب للتفكير في ضم الأقاليم الباكستانية والأفغانية إليها.
محافظات الجنوب والجنوب الشرقي لإيران تدخل على خريطة الكيانات المحتملة لأي تفكيك للجغرافيا الإيرانية (أ ف ب)
أما في المحافظات الجنوبية والجنوبية الغربية، وفي مقدمتها إقليم خوزستان، والتي تضم أبناء القومية العربية، فهي المنطقة الأخطر والأكثر أهمية بالنسبة للنظام المركزي في طهران ولدول الجوار العربي، لما تختزنه من مصادر واحتياطات طاقة نفطية وغازية تعتبر من الأكبر في العالم. ولا شك أن هذه المحافظات شهدت على مر التاريخ الإيراني المعاصر ومنذ إعلان المملكة البهلوية، صراعات واسعة بين انفصالية وفيدرالية. إلا أن حساسية الموقع الجيوسياسي بالنسبة لدول الجوار العربي والجيواقتصادي بالنسبة للسلطة المركزية وخريطة الطاقة العالمية، لم تصل إلى أي من مطالبها.
إضافة إلى هذه التعقيدات، فإن أزمة مختلفة قد تواجه الطموحات العربية في إقامة كيان مستقل لهم في هذا الإقليم، تتعلق بالبعد العقائدي الذي قد يشكل مصدر تهديد للدول العربية المجاورة، وبالتالي فإن إقامة مثل هذا الكيان قد يكون غير مرغوب به إقليمياً. إلا أن فرضية حصوله لن تكون مستبعدة. الأمر الذي ينقل بالتالي التحدي إلى مستويات مختلفة، ترتبط بالخريطة الجيوسياسية الإقليمية ما ينعكس بصورة مباشرة على الوضع العراقي القائم، وإمكانية عودة الحديث عن تشكيل إقليم شيعي إلى الواجهة من جديد، ليضمن في حال إنشائه المناطق العربية المنفصلة عن الجسد الإيراني، تساعد عليه حالة التداخل الديموغرافي والعشائري الكبيرة بين طرفي الحدود.
الخرائط الجيوسياسية
وإذا ما كانت هذه الخرائط الجيوسياسية مرهونة بوجود مشروع أميركي بتفكيك إيران، فإن تداعياتها على العراق ستكون الأخطر، لأنه سيكون موزعاً بين إقليمين أساسيين، الأول كردي يرى الاقتراب من تحقيق حلمه التاريخي، ما يعني أمكانية أن تواجه كل من تركيا وسوريا خيار التقسيم أيضاً.
والآخر عربي في القومية وشيعي مذهبياً، ما يفتح الطريق أمام عودة المحافظات العربية السنية للمطالبة بإنشاء إقليمها الخاص، والذي لن يكون بعيد المنال حينها، ومن المحتمل أيضاً ألا يقف عند الحدود العراقية، بل يعيد إحياء مشاريع سياسية تعيد رسم جغرافيا المنطقة سياسياً.
هذه التفكيك للجغرافيا الإيرانية سيترك قلب الهضبة الإيرانية أو المحافظات المركزية ذات الغالبية القومية الفارسية، مثل جزيرة جافة، وسط دول ضعيفة وهشة في حال لم تذهب للانضمام إلى عمقها القومي، أو دول جديدة في حال استطاعت دول الجوار اقتطاع ما تريده وضمه لجغرافيتها. وستكون دولة فاقدة للمصادر الطبيعية الحيوية، قد تملك نافذة على مياه الخليج، وستكون عرضة لصراعات داخلية على السلطة.
يبقى السؤال، أمام هذه السيناريوهات غير المستبعدة في حال اتخذت الإدارة الأميركية توسيع الحرب القائمة بين طهران وتل أبيب والدخول المباشر في مسارها، هل وضعت هذه الإدارة في تصوراتها إمكانية الفشل في تحقيق استبدال سريع للنظام الإيراني القائم، وأن يكون هذا النظام الجديد قادراً على الإمساك بزمام الأمور ومنع الوصول إلى هذا السيناريو التفكيكي؟ وهل ستكون المنطقة قادرة على مواجهة تداعيات إعادة رسم الخرائط الجيوسياسية وما فيها من خسارات وتغييرات وتبدلات في موازين القوى؟ وهل ستكون المنطقة قادرة على التعامل مع التداعيات السلبية لمثل هذه السيناريوهات؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
باكستان تخشى صعود انفصاليين على الحدود إذا تزعزع استقرار إيران
قد يستغل مسلحون انفصاليون ومتشددون على الحدود الباكستانية - الإيرانية أي انهيار للسلطة في إيران، وهي مخاوف عبر عنها قائد الجيش الباكستاني في اجتماع هذا الأسبوع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وتنشط الجماعات المناهضة لإيران وباكستان على جانبي الحدود الممتدة لنحو 900 كيلومتر. وأشار المسؤولون الإسرائيليون مراراً إلى أنهم يسعون إلى زعزعة استقرار الحكومة الإيرانية أو إسقاطها مع استمرار قصف إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية. إلى جانب الخوف من امتداد الفوضى من إيران، تشعر باكستان أيضاً بالقلق من السابقة التي أرستها إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية لدولة أخرى. وكانت باكستان والهند، الخصمان المسلحان نووياً، خاضتا نزاعاً دام أربعة أيام في مايو (أيار). وعقب غداء يوم الأربعاء في البيت الأبيض مع قائد الجيش الباكستاني عاصم منير، قال ترمب "إنهم غير راضين عن كل شيء"، في إشارة إلى وجهات نظر باكستان بشأن صراع إسرائيل وإيران. وقال الجيش الباكستاني أمس الخميس إن ترمب ومنير ناقشا ملف إيران "مع تأكيد الجانبين على أهمية حل الصراع". ونددت باكستان بالهجوم الإسرائيلي على إيران ووصفته بأنه انتهاك للقانون الدولي. وقال شفقت علي خان المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية أمس الخميس "ما يحدث في إيران الشقيقة يمثل لنا قضية خطيرة للغاية... هذا يعرض الهياكل الأمنية الإقليمية بأكملها للخطر، ويؤثر علينا بشدة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ورحبت بعض الجماعات المسلحة على الحدود بالاضطرابات. وقالت جماعة "جيش العدل"، وهي جماعة متشددة إيرانية شكلتها أقليات عرقية وتنشط من باكستان، إن الصراع الإسرائيلي مع إيران "فرصة عظيمة". وقالت الجماعة في بيان في 13 يونيو (حزيران) "تمد جماعة جيش العدل يد الأخوة والصداقة إلى كل أبناء الشعب الإيراني وتدعو الجميع ولا سيما البلوش والقوات المسلحة إلى الانضمام إلى صفوف المقاومة"، وفق تعبيرها. في المقابل، تخشى إسلام اباد من سعي المسلحين الانفصاليين من أقلية البلوش لديها، ويتخذون من إيران مقراً، إلى تكثيف الهجمات. وقالت مليحة لودهي السفيرة الباكستانية السابقة لدى واشنطن "هناك خوف من أن تكون مساحات غير محكومة أرضاً خصبة للجماعات الإرهابية". ولباكستان حدود مضطربة مع أفغانستان التي تحكمها حركة "طالبان" ومع الهند. ولا ترغب باكستان في زيادة رقعة الحدود المضطربة على حدودها الطويلة مع إيران. والمنطقة الحدودية بين إيران وباكستان مأهولة بالبلوش، وهم أقلية عرقية في كلا البلدين يشتكون من التمييز وأطلقوا حركات انفصالية. وعلى الجانب الباكستاني، تسمى المنطقة إقليم بلوشستان، وفي إيران سيستان وبلوشستان. وحتى وقوع القصف الإسرائيلي على إيران، كانت طهران أقرب إلى الهند من باكستان، بل إن باكستان وإيران تبادلتا الغارات الجوية العام الماضي والاتهامات بإيواء المسلحين البلوش، لكن الهجوم على إيران غير الحسابات إذ لم تندد الهند بحملة القصف الإسرائيلي. وعبرت الصين أيضاً عن قلقها البالغ إزاء الوضع الأمني في بلوشستان إذ تعد المنطقة محور برنامج بكين لاستثمار مليارات الدولارات في البنية التحتية في باكستان، والذي يتمحور حول ميناء جوادر الجديد الذي تديره الصين. وسبق أن استهدفت جماعات مسلحة من البلوش في باكستان عاملين صينيين ومشروعات صينية. وقال سيمبال خان المحلل المقيم في إسلام اباد إن جماعات البلوش المختلفة يمكن أن تتحول إلى حركة "بلوشستان الكبرى" مع مسعى إلى إقامة دولة جديدة على مناطق البلوش في باكستان وإيران. وذكر خان "سيقاتلون جميعاً معاً إذا انفجر الوضع".


الأمناء
منذ ساعة واحدة
- الأمناء
رسمياً : البيت الأبيض يكشف موعد قرار ترامب بمهاجمة إيران
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، مساء اليوم الخميس، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتزم اتخاذ قرار بشأن مهاجمة إيران خلال الأسبوعين المقبلين، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية وتتزايد المخاوف من تصعيد شامل بين طهران والاحتلال الإسرائيلي. وفي مؤتمر صحفي، أكدت ليفيت أن ترمب لا يزال يؤمن بالحلول الدبلوماسية، ويمنحها أولوية، لكنه لن يتردد في استخدام القوة إذا تطلب الأمر. وأضافت أن الرئيس الأميركي بذل جهودًا كبيرة للتوصل إلى حل سياسي مع طهران، مشيرة إلى أن هناك "فرصة كبيرة" لإجراء مفاوضات قد تتم، أو لا تتم، خلال الفترة المقبلة. وفيما يتعلق بالملف النووي، قالت ليفيت إن إيران اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك السلاح النووي، وهو ما يمثل تهديدًا للولايات المتحدة والعالم، مؤكدة أن المجتمع الدولي يتفق مع موقف ترمب الرافض لامتلاك طهران لهذا النوع من الأسلحة. وشددت المتحدثة باسم البيت الأبيض على أن الرئيس ترمب "رئيس سلام من خلال القوة"، ولا يخشى استخدام أدوات الردع العسكري، موضحة أن الاتفاق الذي اقترحه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف على الجانب الإيراني كان "واقعيًا ومقبولًا"، كما أن الإيرانيين أبدوا اهتمامًا بالقدوم إلى واشنطن. وحول الأوضاع الميدانية، أكدت ليفيت أن الإدارة الأميركية مستعدة للدفاع عن مصالحها في أي مكان، ولا ترى في الوقت الحالي مؤشرات على تدخل عسكري صيني لدعم إيران. من جانبه، صرّح مسؤول أميركي أن ترمب سيأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحتملة على القوات والمدنيين الأميركيين في الشرق الأوسط قبل اتخاذ أي قرار نهائي بشأن الهجوم. وأشار في تصريحات صحفية إلى أن القادة العسكريين يقدمون للرئيس مشورة تأخذ في الاعتبار تداعيات أي تحرك عسكري، لافتًا إلى أن القوات الأميركية في المنطقة قامت خلال الأيام الماضية بتعزيز إجراءات الحماية والدفاع بشكل كبير.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
استهدافُ المرشد تفكيرٌ مجنون
الأسبوعَ الماضي دارَ الحديثُ وتَكرَّرَ عن عزمِ إسرائيلَ على استهدافِ المرشد الأعلى في إيران، كمَا لو كان مجردَ هدفٍ عسكري هيّنٍ آخرَ في الحرب الضَّروس بين إسرائيلَ وإيران، التي قد تلتحق بهَا الولاياتُ المتحدة لاحقاً. وقد حرصَ الرئيس الأميركي على أن يباعدَ بينه وبين التخطيطِ الإسرائيلي، معلناً أنَّ القائدَ الإيراني الأعلى على رأسِ قائمة الأهداف الإسرائيلية، وقد أصبحَ على مرمى هدفِهم. وأوضحَ ترمب أنَّه ضد مسعى إسرائيل هذا، ويعارضُه. القضيةُ أبعدُ من كونِه مجردَ هدف آخر، حيث قد يتحوَّل إلى قضيةٍ عقائديةٍ ويخلقُ ثاراتٍ عميقةً بالغة الخطورة. كانت هناك حالاتٌ امتنعَ فيها المتحاربون عن استهدافِ القياداتِ والرُّموز لاعتباراتٍ تتجاوزُ الحساباتِ العسكريةَ المباشرة. كانَ الإمبراطور الياباني هيروهيتو حاكماً ورمزاً مقدساً، وهناك وثائقُ تؤكّد أنَّه أذن لقادتِه العسكريين بدخولِ الحرب وغزوِ منشوريا وقصفِ «بيرل هاربر» التي تسبَّبت في دخولِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ الحربَ العالميةَ الثانية. مع هذَا قرَّرتِ الحكومةُ الأميركية خلال الحربِ وبتوصيةٍ من الجنرال دوغلاس مكارثر عدمَ استهدافه. وكذلك امتنعتْ عن ضمِّه للقيادات اليابانيةِ التي تمَّت محاسبتهُا بعدَ انتصار أميركا ودخولِها طوكيو. وقد حقَّق ذلكَ القرارُ المصالحةَ الأميركيةَ اليابانية وتقبُّلَ الشعبِ الياباني للأميركيين، ودام هيرهيتو إمبراطوراً ومحلَّ احترام، وامتدَّ به العمرُ نحو 45 عاماً أخرى. آيةُ الله علي خامنئي زعيمٌ روحيٌّ، وأيُّ إضرارٍ به سيتسبَّب في جروحٍ لن تندملَ مهمَا كانَ حجمُ الانتصار الإسرائيلي والأميركي على الأرض. المرشدُ الأعلى هو سلطةٌ ثابتةٌ مدى الحياة وليسَ رئيسَ جمهورية. وسيكونُ له دورٌ مهمٌّ في التَّوصل إلى سلام، كمَا فعلَ آية الله الخميني عام 1988، عندما أعلنَ من جانبه وقفَ الحربِ مع العراق التي كنَّا نظنُّ أنَّها لن تتوقَّفَ أبداً إلا بدمارٍ كاملٍ لأحدِ البلدين أو البلدين معاً. نتذكَّر أنَّه لم يجرؤ أحدٌ في النظام الإيراني آنذاك على الدعوةِ لوقف الحرب مع الجارة العراق، إلا المرشدُ الأعلى الراحل آنذاك. البعضُ ينجرفُ مع سكرةِ الحرب، وتغرُّهُ القدراتُ العسكريةُ الهائلة والانتصاراتُ المؤقتة، ويتسبَّب في خلقِ أحقادٍ قد لا تموتُ لعقودٍ وقرونٍ مقبلة، في حين يمكنُه تحقيقُ الانتصار من دون ذلك. لا شكَّ أنَّ الإسرائيليين يملكون قدراتٍ معلوماتيةً وقوةً تدميرية متفوقةً تمكّنُهم من الوصولِ إلى عمقِ إيران ومخابئِ القيادةِ الإيرانية كمَا فعلوا في لبنانَ وغزة. لكنَّ المرشدَ الأعلى في إيران لا يمكنُ أن يُقارنَ بالأمينِ العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الذي تمَّ اغتيالُه العام الماضي. الفارقُ في المعنَى كبيرٌ والخطأ فيه خطيرٌ. وحتى لو كانتِ المقاربةُ ليست دقيقةً، فإنَّ إعدامَ صدام حسين، في يوم عيد الأضحى عام 2006، مع أنَّه بعثيٌّ وليسَ بالزَّعيم الدينيّ أو القبليّ، جاء ثمنُه مكلفاً، وقد حاولَ الجنرالاتُ الأميركيون لاحقاً إصلاحَ ذاتِ البين وتحقيقَ المصالحةِ مع القوى السُّنية ولم تنجحْ. ولا تزال تعاني واشنطن نتيجةَ ذلك مع نصفِ سكَّانِ العراق. كانَ بمقدورِهم تجنُّبُ ذلك الخطأ الشَّنيعِ وتجسيرُ الهوَّة ومعالجةُ الجروح التي نجمتْ عن الحرب بعد انتصارِهم العسكريّ. الإسرائيليون يستطيعون تحقيقَ انتصاراتٍ عسكريةً مذهلة كمَا فعلوا عام 1967، والعامَ المنصرم، إنَّما هذا لا يعني أبداً كسبَ الحربِ الكبيرة. ونحن حقاً على وشكِ أن ندخلَ فصلاً جديداً ومهمّاً من التاريخ يغيّر ما عرفناه وعايشناه في نصفِ قرن مضى. وهذا يحتاج إلى استخدامِ التهديد بالقوة من دون استخدامِها أو حدودها القصوى، من أجل تحقيقِ التغيير بالتوافق بقدر ما أمكن. وهذا لصالحِ الجميع بمَا في ذلك إسرائيلُ والولايات المتحدة وإيرانُ ودول المنطقة. فالجميعُ، المنتصرون والمهزومون، لهم مصلحةٌ في تخفيضِ التَّوتر والتَّوصل إلى سلامٍ جماعي.