
حرب شرسة في محيط متصدّع
تشرح الحرب الحاليّة بين إيران وإسرائيل مستوى التمايز في رؤى الإقليم. إسرائيل شهيّتها مفتوحة للحروب منذ الفرصة التي أعطيت لها من الحركات والأحزاب الآيديولوجية. تبيّن أن إسرائيل مستعدة، ولديها خطط حرب كاملة، وقامت باختراقات كبرى على مدى سنوات للقيادات الفلسطينية ولـ«حزب الله» وإيران. والمغامرة التي أعطيت لها جاءت على طبق من ذهب. إسرائيل مستعدة لشراء تلك المغامرة التي نزعت عنها الكلفة الإنسانية والحقوقية، بل أسدلت عليها رداء مشروعية الدفاع عن النفس كما تقول. كل ذلك يُعبّر عن قصور في التعامل مع المراحل والدول من قبل المغامرين.
ومع بدء عمليّة «الأسد الصاعد» تأخذ المرحلة الحربيّة قمة أوجها، فالمسألة ليست مزحة، إنها ليست عمليّة تأديبية لحزب من هنا، أو حركة هناك، وإنما حرب شاملة مفتوحة على مصراعيها، بل هي الأعنف منذ حرب إيران والعراق.
والفكرة الرئيسية أن إسرائيل استعملت مفهومين في هذه الحرب؛ الأول: أن الحرب دفاعٌ عن وجود، وبالتالي ليست المسألة سياسيّة بالمعنى التقليدي، وليست رحلة صيد، لها زمنها وطقسها، وبدايتها ونهايتها، وإنما هي حربٌ تتعلق بالوجود الإسرائيلي، وبالدفاع عن كيان الدولة، وعليه فإن هذا التسبيب لشنّ الحرب له جوانبه القوميّة والدينية والسياسية، بل إن الحرب بالنسبة لهم دفاع عن مستقبل وجودهم على المدى البعيد. الثاني: أن الحرب مسألة أمن قومي إسرائيلي مشروع وفق الأدبيات التي تطرحها، بمعنى أن إسرائيل لم تخض الحرب من أجل توبيخ أو تأديب إيران، وإنما لإزالة التهديد، وهذا المفهوم مركّزٌ عليه في المختصرات الصحافية للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وهم بذلك ينزعون العتب الأوروبي تحديداً بوصفه مثقلاً بالحديث عن الحريات وحقوق الإنسان، ومشبعاً بالحديث عن قواعد الاشتباك وأدبيات الحرب. استعمال إسرائيل مفهوم إزالة التهديد حشد معها حتى المعارضين لبعض سياساتها في الداخل والخارج.
لقد علّمتنا التجارب أن إسرائيل عنيدة، ولا تُحسن لعبة الصدف، وإنما درَست هذه الحرب على مدى عقود، وأسست لها تقنياً وتكنولوجياً واستخباراتياً. التكلفة لن تكون سهلة على الطرفين بالتأكيد، ولكن بالنسبة لإسرائيل فإن إيران اليوم «لقمة سائغة» بسبب الهشاشة التي سببتها الأحداث الأخيرة، نعم لقد أسست مرحلة ما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لما يُسمّى المناطق الرخوة؛ حيث عانت بعض الدول المحيطة بالحدث من ضعف طاقتها وفقدان حيويّتها.
رأت إسرائيل أن ترفع السلاح لإنهاء تهديدات وجودها دفعةً واحدة كما هي تصريحات المسؤولين، ولذلك فإن الدرس الحالي يتمثّل في ضرورة عدم الاستهتار بقوّة الآخر، بل في الانضباط والاستعداد لردّة الفعل العنيفة والاعتبار من التجارب القديمة.
الحيويّة السياسية في الإقليم سعت بشكل حثيث نحو إطفاء هذه الحرائق ببيانات رسميّة، لأن استمرار أمدها على «التأبيد»، كما يصرّح طرفا هذه الحرب، يعني أننا أمام حرب بشعة وغير متكافئة، ولا أفق لها. بمعنى آخر؛ الحرب صحيح أنها قادرة على تغيير الشكل والتبويب، وربما تغيير بعض الأعماق الأمنية والسياسية، غير أن الأفق المطلوب لا بد من رسمه حتى لا تكون هذه الحرب أبدية أو طويلة الأمد وبشكل عبثي. من الضروري استيعاب مواضيع التفاوض والنقاش الحيوي، نعم إسرائيل ضربت بضراوة وقوة وعن قصد وتخطيط، بينما إيران لم تستطع الخطوَ نحو الاتفاق الأساسي الذي يمنع عنها الخطر، وهذا يعني أن الانتقام سيكون هو المرجع.
الخلاصة؛ أن كل حرب لها تكاليفها، والعبرة في وزن المخاطر الناتجة عنها. الحرب جزء من تاريخ البشرية، وستظلّ كذلك، فهي من حركة التاريخ أو حتميته. الحرب لا تؤذي الطرفين فقط وإنما تؤثر على المحيط كله. من الواضح أنها حرب مفتوحة على مصراعيها، ولن تنتهي قريباً، وإنما القصد ضرورة التذكير بدروس التاريخ من حروب إسبرطة ما قبل الميلاد وإلى اليوم، وأهم هذه الدروس للطرفين كيف ستكون كل دولة بعد هذه الحرب؟!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وطنا نيوز
منذ 3 ساعات
- وطنا نيوز
المستشار الألماني: إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عنا في إيران
وطنا اليوم:قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن إسرائيل تقوم حاليا بـ'العمل القذر' نيابة عن الغرب بأكمله، وأشار إلى أنه ممتن للإجراءات الإسرائيلية ضد إيران. وفي حديث لمحطة 'زد دي إف' الألمانية على هامش قمة مجموعة السبع في كندا، قال ميرتس إن القيادة في طهران جلبت 'الموت والدمار إلى العالم من خلال الهجمات والقتل والعنف، عبر حزب الله وحماس'. واعتبر أن الهجوم الذي نفذته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 'لم يكن ليحدث أبدا دون دعم النظام في طهران'. وتابع 'لا يسعني إلا أن أُعبر عن أكبر قدر من الاحترام تجاه الجيش الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية لشجاعتهما في القيام بذلك.. لولا ذلك، ربما كنا سنشهد رعب هذا النظام لشهور وسنوات، وربما بعد ذلك مع وجود سلاح نووي بين أيدينا'. وأشار ميرتس إلى أن عودة النظام الإيراني إلى طاولة المفاوضات، يعني أنه 'لن تكون هناك حاجة إلى المزيد من التدخلات العسكرية'. وتابع 'إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن التدمير الكامل لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني قد يكون على جدول الأعمال'، وعبر عن اعتقاده بأن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع إنهاء تلك المهمة بشكل كامل 'لأنه يفتقر إلى الأسلحة الضرورية، لكن الأميركيين يمتلكونها'. وفي تصريحات أخرى لقناة 'فيلت'، قال ميرتس إن النظام الإيراني بات 'ضعيفًا للغاية' بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة، مشيرًا إلى أن 'فرص العودة إلى طاولة المفاوضات لا تزال قائمة'، وأن ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة مستعدة لتقديم الدعم الدبلوماسي إذا استؤنفت المحادثات. تأتي تصريحات ميرتس في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا خطيرًا، حيث شنت إيران موجة جديدة من الهجمات الصاروخية على إسرائيل، في حين تواصل إسرائيل قصف مواقع في طهران ومدن إيرانية أخرى، بما في ذلك منشآت نفطية ومراكز قيادة عسكرية


العرب اليوم
منذ 5 ساعات
- العرب اليوم
حرب شرسة في محيط متصدّع
تشرح الحرب الحاليّة بين إيران وإسرائيل مستوى التمايز في رؤى الإقليم. إسرائيل شهيّتها مفتوحة للحروب منذ الفرصة التي أعطيت لها من الحركات والأحزاب الآيديولوجية. تبيّن أن إسرائيل مستعدة، ولديها خطط حرب كاملة، وقامت باختراقات كبرى على مدى سنوات للقيادات الفلسطينية ولـ«حزب الله» وإيران. والمغامرة التي أعطيت لها جاءت على طبق من ذهب. إسرائيل مستعدة لشراء تلك المغامرة التي نزعت عنها الكلفة الإنسانية والحقوقية، بل أسدلت عليها رداء مشروعية الدفاع عن النفس كما تقول. كل ذلك يُعبّر عن قصور في التعامل مع المراحل والدول من قبل المغامرين. ومع بدء عمليّة «الأسد الصاعد» تأخذ المرحلة الحربيّة قمة أوجها، فالمسألة ليست مزحة، إنها ليست عمليّة تأديبية لحزب من هنا، أو حركة هناك، وإنما حرب شاملة مفتوحة على مصراعيها، بل هي الأعنف منذ حرب إيران والعراق. والفكرة الرئيسية أن إسرائيل استعملت مفهومين في هذه الحرب؛ الأول: أن الحرب دفاعٌ عن وجود، وبالتالي ليست المسألة سياسيّة بالمعنى التقليدي، وليست رحلة صيد، لها زمنها وطقسها، وبدايتها ونهايتها، وإنما هي حربٌ تتعلق بالوجود الإسرائيلي، وبالدفاع عن كيان الدولة، وعليه فإن هذا التسبيب لشنّ الحرب له جوانبه القوميّة والدينية والسياسية، بل إن الحرب بالنسبة لهم دفاع عن مستقبل وجودهم على المدى البعيد. الثاني: أن الحرب مسألة أمن قومي إسرائيلي مشروع وفق الأدبيات التي تطرحها، بمعنى أن إسرائيل لم تخض الحرب من أجل توبيخ أو تأديب إيران، وإنما لإزالة التهديد، وهذا المفهوم مركّزٌ عليه في المختصرات الصحافية للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وهم بذلك ينزعون العتب الأوروبي تحديداً بوصفه مثقلاً بالحديث عن الحريات وحقوق الإنسان، ومشبعاً بالحديث عن قواعد الاشتباك وأدبيات الحرب. استعمال إسرائيل مفهوم إزالة التهديد حشد معها حتى المعارضين لبعض سياساتها في الداخل والخارج. لقد علّمتنا التجارب أن إسرائيل عنيدة، ولا تُحسن لعبة الصدف، وإنما درَست هذه الحرب على مدى عقود، وأسست لها تقنياً وتكنولوجياً واستخباراتياً. التكلفة لن تكون سهلة على الطرفين بالتأكيد، ولكن بالنسبة لإسرائيل فإن إيران اليوم «لقمة سائغة» بسبب الهشاشة التي سببتها الأحداث الأخيرة، نعم لقد أسست مرحلة ما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لما يُسمّى المناطق الرخوة؛ حيث عانت بعض الدول المحيطة بالحدث من ضعف طاقتها وفقدان حيويّتها. رأت إسرائيل أن ترفع السلاح لإنهاء تهديدات وجودها دفعةً واحدة كما هي تصريحات المسؤولين، ولذلك فإن الدرس الحالي يتمثّل في ضرورة عدم الاستهتار بقوّة الآخر، بل في الانضباط والاستعداد لردّة الفعل العنيفة والاعتبار من التجارب القديمة. الحيويّة السياسية في الإقليم سعت بشكل حثيث نحو إطفاء هذه الحرائق ببيانات رسميّة، لأن استمرار أمدها على «التأبيد»، كما يصرّح طرفا هذه الحرب، يعني أننا أمام حرب بشعة وغير متكافئة، ولا أفق لها. بمعنى آخر؛ الحرب صحيح أنها قادرة على تغيير الشكل والتبويب، وربما تغيير بعض الأعماق الأمنية والسياسية، غير أن الأفق المطلوب لا بد من رسمه حتى لا تكون هذه الحرب أبدية أو طويلة الأمد وبشكل عبثي. من الضروري استيعاب مواضيع التفاوض والنقاش الحيوي، نعم إسرائيل ضربت بضراوة وقوة وعن قصد وتخطيط، بينما إيران لم تستطع الخطوَ نحو الاتفاق الأساسي الذي يمنع عنها الخطر، وهذا يعني أن الانتقام سيكون هو المرجع. الخلاصة؛ أن كل حرب لها تكاليفها، والعبرة في وزن المخاطر الناتجة عنها. الحرب جزء من تاريخ البشرية، وستظلّ كذلك، فهي من حركة التاريخ أو حتميته. الحرب لا تؤذي الطرفين فقط وإنما تؤثر على المحيط كله. من الواضح أنها حرب مفتوحة على مصراعيها، ولن تنتهي قريباً، وإنما القصد ضرورة التذكير بدروس التاريخ من حروب إسبرطة ما قبل الميلاد وإلى اليوم، وأهم هذه الدروس للطرفين كيف ستكون كل دولة بعد هذه الحرب؟!

سرايا الإخبارية
منذ 8 ساعات
- سرايا الإخبارية
مسؤول أمريكي: "إسرائيل" تعاني نقصًا في الصواريخ الاعتراضية الدفاعية
سرايا - كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نقلًا عن مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية، أن "إسرائيل" تعاني حاليًا من نقص حاد في الصواريخ الاعتراضية اللازمة لأنظمتها الدفاعية، مثل "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود"، وذلك في ظل التصعيد العسكري الإقليمي وتزايد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة. وأشار المصدر، بحسب التقرير المنشور مساء الثلاثاء، إلى أن المخزون الدفاعي "الإسرائيلي" يتآكل بسرعة نتيجة وتيرة الاشتباكات والتصدي للهجمات الإيرانية الأخيرة، وكذلك التحديات المستمرة على جبهات متعددة، سواء في غزة أو على الحدود الشمالية مع حزب الله في لبنان. أوضح المسؤول الأمريكي أن هذا النقص يعود إلى عدة عوامل، من أبرزها الاستهلاك الكبير للصواريخ الاعتراضية في الأسابيع الأخيرة، وتعقيد وتعطّل سلاسل التوريد الخاصة بالمكونات الإلكترونية الدقيقة، والاعتماد المفرط على الدعم الأمريكي في تمويل وتصنيع هذه الأنظمة. وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة تسعى بشكل عاجل لتسريع دعمها العسكري لتل أبيب، من خلال توفير شحنات طارئة من صواريخ "تامير" الخاصة بمنظومة القبة الحديدية، إضافة إلى إعادة تقييم أولويات الشحنات الدفاعية المقررة خلال الأشهر المقبلة. وأكدت الصحيفة أن إدارة الرئيس جو بايدن تعمل حاليًا مع الكونجرس على تمرير دعم إضافي لإسرائيل لمواجهة التحديات الأمنية الطارئة، وسط مخاوف من تصعيد أوسع في المنطقة قد لا تتمكن إسرائيل من احتوائه دون دعم صاروخي كافٍ. ويمثل هذا النقص تحولًا كبيرا في الصراع العسكري الإيراني "الإسرائيلي"، إذ يعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على قدرته على صد الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بدقة وفعالية، ما يعني أن أي ضعف في الدفاعات قد يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية أكبر في حال تصاعدت وتيرة الهجمات.