
لبنان وحماس.. هل بدأت مرحلة تفكيك ترسانة الفصائل المسلحة؟
هذه الخطوة المفاجئة فتحت الباب أمام قراءات متعددة، بعضها اعتبرها إجراءً أمنياً معزولاً، بينما ذهب البعض الآخر إلى القول إنها ربما تشكل بداية مرحلة جديدة من التعامل مع ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، لا سيما مع ما بدا أنه تنسيق غير مسبوق بين مؤسسات الدولة اللبنانية والحركة.
لكن السؤال الأعمق يبقى: هل تتجه الدولة اللبنانية فعلاً نحو فرض سيادتها الأمنية على المخيمات؟ وهل ما جرى هو مقدمة لتفكيك تدريجي لترسانة الفصائل الفلسطينية، أم مجرد تسوية مؤقتة فرضتها الحسابات الضيقة؟
ملامح تحول أمني.. فرضته الضرورة؟
الخطوة التي أقدمت عليها " حماس" لم تأتِ في فراغ، بل في سياق سياسي وأمني متقلب. فبعد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في لبنان قبل أيام، وصدور تحذير مباشر للحركة، كُلِّف مجلس الوزراء بإبلاغ "حماس" رسالة واضحة مفادها أن "لبنان لن يتحمل مغامرات عسكرية تنطلق من أراضيه".
الحركة استجابت، وأعلنت التزامها بعدم إطلاق صواريخ من الداخل اللبناني، وأكدت احترامها للسيادة اللبنانية. وبعيداً عن التصريحات، ترجمت "حماس" موقفها على الأرض بتسليم عناصرها المشتبه بهم، بعدما كان الجيش اللبناني قد أوقف اثنين من المشاركين، وتوصل من خلال التحقيقات إلى تحديد هوية 9 آخرين ينتمون للحركة.
في تصريحات لافتة أدلى بها خلال مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، شدد الخبير العسكري والاستراتيجي خليل الحلو على أن ما يحدث اليوم هو نتيجة تغيرات جوهرية في توازن القوى داخل لبنان.
وقال: "حماس كانت في السابق تستفيد من علاقة قوية ومباشرة مع حزب الله ، وهو ما منحها نوعاً من الغطاء والتسهيلات داخل المخيمات. ولكن اليوم، حزب الله لم يعد كما كان... انشغل بنفسه، وضعف تأثيره على بعض الأجهزة، وتغيرت المعادلة".
ويرى الحلو أن الدولة اللبنانية، وللمرة الأولى منذ سنوات، استطاعت أن تُوحد موقفها تجاه هذا الملف المعقد، مستفيدة من التنسيق الوثيق بين الجيش، الأمن العام، شعبة المعلومات ومديرية المخابرات.
ويتابع: "سابقاً، لم تكن حماس تتعاون بالشكل المطلوب، لا بل كانت تتجاهل أحياناً الإجراءات الرسمية. أما اليوم، فقد فهمت أن البيئة تغيرت، وأن الدولة اللبنانية جادة في ضبط الأمن، وأن المجتمع الدولي يراقب، وأن أي تصعيد قد يكلّفها الكثير داخلياً وخارجيا".
هل نزع السلاح وارد فعلاً؟
رغم أهمية الخطوة الرمزية المتمثلة في تسليم العناصر، فإن الحديث عن "نزع سلاح الفصائل" لا يزال مبكراً، وربما سابقاً لأوانه. فالمخيمات الفلسطينية، وخصوصاً مخيم " عين الحلوة"، ما زالت تضم عشرات التنظيمات والكتائب، وتخضع لتوازنات داخلية شديدة التعقيد، تتداخل فيها المرجعيات السياسية والإيديولوجية والعسكرية.
الحلو يقرّ بذلك، لكنه يصر على أن ما يحدث هو بداية مسار، لا لحظة عابرة. "صحيح أن الترسانة لا تُفكك بين ليلة وضحاها، لكن الدولة باتت تمتلك زمام المبادرة في الملف الأمني، وهذا تحول جوهري لم يكن قائماً قبل عام واحد".
وبحسب الحلو، فإن ما يميز الوضع الراهن هو أن هذه الإجراءات "تنتزع الذرائع من يد إسرائيل ، التي لطالما استخدمت إطلاق الصواريخ من الجنوب لتبرير بقائها في النقاط الحدودية الخمس المحتلة".
وبالتالي، فإن مصلحة لبنان الاستراتيجية تقتضي الاستمرار في ضبط المخيمات، لا فقط لحماية أمنه الداخلي، بل أيضاً لتحصين موقفه السياسي في مواجهة الضغوط الخارجية.
بينما تراقب الفصائل الأخرى الخطوة التي أقدمت عليها "حماس"، يبقى السؤال مطروحاً: هل تكرّ السبحة؟ وهل تفتح هذه الحادثة الباب أمام تسوية أوسع، تشمل مختلف الفصائل داخل المخيمات؟
الواقع أن ما جرى يمثل اختباراً مزدوجاً، لحماس أولاً، التي أمام فرصة لإعادة التموضع كفصيل سياسي يحترم قواعد السيادة اللبنانية، وللدولة ثانياً، التي تواجه امتحان قدرتها على فرض القانون على كامل أراضيها، من دون استثناء المخيمات.
وما بين التسوية المؤقتة والتفكيك التدريجي، يبدو أن لبنان قد دخل مرحلة جديدة في مقاربة أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في تاريخه الحديث... فهل تستمر هذه الدينامية؟ أم أن التوازنات الإقليمية ستعيد تشكيل المشهد من جديد؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 19 دقائق
- البوابة
نتنياهو: جميع أجزاء غزة ستكون في النهاية تحت السيطرة الإسرائيلية
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة له، أن جميع أجزاء قطاع غزة ستكون في النهاية تحت السيطرة الإسرائيلية، بحسب ما ذكرت قناة "سكاي نيوز" في نبأ عاجل. نتنياهو: على الأرجح أننا قضينا على محمد السنوار وأضاف نتنياهو: "على الأرجح أننا قضينا على محمد السنوار. إذا سنحت فرصة لهدنة مؤقتة من أجل استعادة الرهائن الإسرائيليين فنحن مستعدون لذلك. قضينا على القيادة العليا لحزب الله. ضرب حزب الله في لبنان أدى لإسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في سوريا. إيران مازالت تشكل تهديدا جديا لإسرائيل. سنبارك بأي اتفاق مع إيران يمنعها من تخصيب اليورانيوم ومن السلاح النووي." وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي: "مصرون على تحقيق أهداف الحرب في غزة وهزيمة حركة حماس بشكل كامل. غزة ستكون تحت السيطرة الأمنية لإسرائيل. حماس تنهب جزءا كبيرا من المساعدات وتبيعها لتمويل الحركة. سيتم توزيع المساعدات في غزة عن طريق شركات أمريكية محروسة من الجيش الإسرائيلي. مستعد لإنهاء الحرب بشرط إعادة المخطوفين وتنازل حماس عن سلاحها." وأكد أنه: "ما زال في غزة 20 رهينة أحياء على وجه التأكيد. سنقوم بتعيين رئيس جديد للشاباك."


صحيفة الخليج
منذ 34 دقائق
- صحيفة الخليج
المحكمة العليا في إسرائيل: قرار الحكومة إقالة رئيس الشاباك «مخالف للقانون»
(أ ف ب) اعتبرت المحكمة العليا في إسرائيل، الأربعاء، أن إقالة حكومة بنيامين نتنياهو لرئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار كان قراراً «مخالفاً للقانون». وأوردت المحكمة في قرارها بشأن طعون قُدمت إليها في هذه القضية، أن «قرار الحكومة وضع حداً لولاية رئيس الشين بيت (المعروف أيضاً بالشاباك) اتخذ بناء على إجراء غير ملائم ومخالف للقانون». وينهي هذا الحكم قضية قانونية وسياسية هزت إسرائيل عقب الإعلان عن إقالة بار في 21 آذار/ مارس. وأكدت المحكمة أن إعلانها «ينهي الإجراء»، في إشارة إلى استقالة بار. وقررت الحكومة الإسرائيلية إقالة رونين بار بناء على اقتراح من نتنياهو برره «بانعدام الثقة الشخصية والمهنية» بينهما، ما يمنع «الحكومة ورئيس الوزراء من ممارسة مهامهما بصورة فعالة». وعلقت المحكمة العليا في إسرائيل القرار على الفور على خلفية طعون عدة تقدمت بها المعارضة ومنظمات غير حكومية والمدعية العامة تندد بقرار «غير قانوني ويهدد الديمقراطية بشكل خطر». وأعلنت الحكومة في أواخر نيسان/ إبريل تراجعها عن قرار الإقالة الذي أثار احتجاجات واسعة، وذلك غداة تأكيد بار أنه سيترك منصبه في 15 حزيران/ يونيو. وأصدرت المحكمة العليا الأربعاء قراراً بشأن مبدأ الإقالة. وعرضت المحكمة بالتفاصيل الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة، مشيرة إلى أن الإقالة تنطوي على «مخالفات» إضافة إلى «التخلي عن مبادئ أساسية متعلقة بجهاز الأمن الداخلي». وطعنت المعارضة خصوصاً بقرار إقالة بار، معتبرة أنه بمنزلة إشارة إلى نزعة استبدادية لدى السلطات. وأجج القرار الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي في خضم الحرب على قطاع غزة، كما أثار احتجاجات ضد الحكومة. وتوترت علاقة بار بحكومة نتنياهو بعدما حمّلها المسؤولية في الهجوم الذي نفذته حركة حماس في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
القاهرة تدين إطلاق الجيش الإسرائيلي النار باتجاه دبلوماسيين في الضفة
القاهرة-أ ف ب دانت القاهرة، الأربعاء، «بأشد العبارات» إطلاق الجيش الإسرائيلي «طلقات نارية.. خلال زيارة عدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية من دول مختلفة لمدينة جنين، ومنهم السفير المصري». وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان: «تشدد جمهورية مصر العربية على رفضها المطلق لتلك الواقعة التي تعد منافية لكافة الأعراف الدبلوماسية، وتطالب الجانب الإسرائيلي بتقديم التوضيحات اللازمة حول ملابسات تلك الواقعة».