
أبرز ثلاثة علماء رياضيات عرب لا يزال العلم الحديث يذكرهم حتى اليوم
"لولا الجبر لما وجدت الرياضيات وبالتالي ما كان سيظهر علم الفيزياء الحديث".
ويؤكد الفيزيائي النظري، جيم الخليلي، أنه بدون الخوارزميات "لما توصل الإنسان إلى أجهزة الكمبيوتر، ودون القلويات لما وجدت الكيمياء".
أعد جيم الخليلي، من جامعة سري البريطانية، فيلماً وثائقياً لبي بي سي بعنوان "العلم والإسلام"، مشيراً إلى أن هناك العديد من المراجع العربية في العلوم الحديثة.
ويقول: "من القرن الثاني عشر إلى القرن السابع عشر، كان العلماء الأوروبيون يستشهدون بانتظام بكتابات سابقة لعلماء المسلمين."
ويمكن إيجاد الدليل على هذا إذا نظرت إلى الكتاب الشهير في الحساب الذي كتبه ليوناردو بيزا، والمعروف باسم فيبوناتشي. ويعتبر أول عالم رياضيات عظيم في أوروبا.
يقول الخليلي إن الاسم العربي "محمد"، كان مكتوباً على الصفحة 406 من هذا الكتاب باللغة اللاتينية. وهو يشير إلى كتابات العالم محمد بن موسى الخوارزمي، الذي عاش من 780 إلى 850.
وقدم الخوارزمي فكرة ثورية في علم الرياضيات، تستطيع من خلالها التعبير عن أي رقم بـ 10 أحرف بسيطة فقط.
وكان قد قدم من شرق بلاد فارس ولجأ إلى بغداد، ويُنسب إليه الفضل في تقديم النظام العشري والعددي إلى العالم الغربي. وغالباً ما يُشار إلى الخوازرمي بأنه "أبو الجبر".
BBC
يقول جون جوزيف، من جامعة سانت أندروز في بريطانيا، إن هناك العديد من الأفكار التي أنتجها علماء الرياضيات الأوروبيين خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، ولكن في الواقع قدم علماء الرياضيات العرب أو المسلمون أفكاراً مماثلة قبل أربعة قرون.
ويضيف "إن الرياضيات التي ندرسها اليوم أقرب لتكون من الإنجازات العربية أو الإسلامية منها إلى الإنجازات اليونانية".
لقد كان هناك العديد من علماء الرياضيات العظماء في التاريخ العربي والإسلامي. وسنتحدث عن ثلاثة من هؤلاء الأسماء بالتفصيل:
جابر بن سنان البتاني
يوضح خوان كيسادا، المدير السابق لقسم الدراسات العربية والإسلامية في جامعة مدريد والأستاذ المتقاعد، أن إحدى الخدمات العظيمة التي قدمها علماء الرياضيات العرب كانت أنهم حافظوا على العلوم اليونانية واللاتينية من خلال الترجمة. كما أنهم نقلوا الاكتشافات العلمية للهنود إلى منطقة أخرى.
وقال خوان كيسادا لبي بي سي موندو: "تكمن أهمية العالم البتاني في أنه جمع بين علم الفلك والرياضيات وجعلهما مجالاً واحداً للدراسة".
وأضاف أن البتاني طبق الصيغ الرياضية على علم الفلك. فهو على سبيل المثال، حدد بمهارة أن السنة الشمسية بها 365 يوماً، وهو إنجاز عظيم. "نحن نتحدث عن حدوث هذا في أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العاشر".
وتحدث خوان كيسادا عن أن العلماء العرب "وجدوا أن هناك أخطاء في أبحاث بطليموس، وبالتالي قاموا بتصحيح التراث اليوناني لبطليموس، من خلال دراستهم للمعلومات المستمدة من حركة الشمس."
ويعد البتاني أول من قدم مبادئ علم المثلثات.
زار الفيزيائي جيم الخليلي جامعة بادوا في إيطاليا، ووجد أحد أهم الكتب في تاريخ العلوم، كتبه نيكولاس كوبرنيكوس.
وقال الخليلي إن "هذا الكتاب ذو أهمية كبيرة. حيث زعم فيه كوبرنيكوس أن جميع الكواكب، بما في ذلك الأرض، تدور حول الشمس، وهو عكس الاعتقاد اليوناني القديم".
ويوضح أن العديد من المؤرخين يلقبون كوبرنيكوس بأنه "والد الثورة العلمية في أوروبا"، لكنه في الواقع استشهد أيضا بالبتاني في كتابه.
وشدد الخليلي على أنه كان من المهم أن يستشهد كوبرنيكوس بعالم مسلم من القرن التاسع "أعطاه الكثير من المعلومات حول ملاحظاته".
واستخدم كوبرنيكوس ملاحظات البتاني لشرح وجود الكواكب والشمس والقمر والنجوم.
ولد محمد جابر بن سنان البتاني، عام 858 بالقرب من أورفا في سوريا وتوفي عام 929 في العراق.
وهناك أيضاً العالم عالم سوري آخر هو ابن الشاطر، الذي كان متخصصاً في الفلك والرياضيات.
ويقول عنه جايمي كورديرو، أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة سالامانكا في إسبانيا، لبي بي سي موندو، إن ابن الشاطر كان عالم فلك ورياضيات ولد في دمشق حوالي عام 1304، وهو "غير معروف في الغرب لأن عمله لم يُترجم إلى اللاتينية".
ولكنه أكد على أن الباحثين في ثمانينيات القرن الماضي، اكتشفوا نموذج فلكي كوكبي أعده ابن الشاطر، وأدركوا أنه نفس النموذج الذي اقترحه العالم الإيطالي كوبرنيكوس، لكن بعد نموذج ابن الشاطر ببضعة قرون.
ابن الهيثم
كتب شيخ محمد رضا الله أنصاري، أستاذ الفيزياء في جامعة عليكرة الإسلامية في الهند، مقالاً لموقع اليونسكو يتحدث فيه عن عالم عربي من القرنين العاشر والحادي عشر كرس حياته ليس فقط للرياضيات بل وأيضاً للفيزياء والميكانيكا والفلك والفلسفة والطب.
كان يتحدث عن العالم العظيم أبو علي الحسن بن الهيثم البصري، المعروف أيضا باسم "الهازن" في الغرب أو "الهاسن" في الإسبانية.
ولد ابن الهيثم في العراق سنة 965 وتوفي في مصر سنة 1040. وهو من كبار علماء القاهرة ولقبه العلماء العرب باسم "بطليموس الثاني".
ويعتبر مؤسس المنهج العلمي الحديث، ويقول عنه رضا الله أنصاري إنه ابتكر طريقة تجريبية لاختبار فرضية أساسية. ويقول كسادا إنه قدم العديد من المساهمات في مجالات مختلفة.
وفقًا لأنصاري، تُرجم كتابه الشهير "في المناظر" إلى اللاتينية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر. يحتوي هذا الكتاب على سبعة مجلدات يقدم فيها معلومات عن خصائص الضوء توصل إليها بمساعدة التجربة والرياضيات.
يقول ريكاردو مورينو، أستاذ الرياضيات في جامعة مدريد، إن ابن الهيثم كان عالم رياضيات عظيم، "كان من أوائل علماء الرياضيات العرب الذين فهموا كيفية حل الأسئلة الكبيرة. أجاب على ثلث الأسئلة بمساعدة الأرقام. كانت هذه هي الأسئلة التي طرحها أرخميدس منذ أكثر من 1200 عام".
كما أنجز ابن الهيثم عملاً مهماً في مجال نظرية الأعداد، ركز عمله على الأعداد الكاملة والأرقام. كما بحث في أسئلة محددة حول نظرية إقليدس.
أبو كامل الحاسب
يوضح ريكاردو مورينو أنه بعد وفاة الخوارزمي، ولد أبو كامل شجاع بن أسلم بن محمد بن شجاع، المعروف أيضاً باسم "الحاسب المصري"، في مصر.
خلال حياته التي استمرت 80 عاماً، قدم مساهمات عديدة في الرياضيات، منها أبحاثه في الجبر، ورغم فقدان النسخة العربية الأصلية منها، إلا ان هناك ترجمتان لها باللاتينية والعبرية.
ويقول مورينو، إن أبو كامل شجاع "مثل سلفه البغدادي، حل المعادلات التربيعية بمساعدة الأرقام".
لا يُعرف سوى القليل جداً عن حياة أبو كامل، لكن وفقا لسيرته الذاتية المختصرة، فقد كان يلعب دوراً بارزاً في أبحاث الجبر، ويعتبر خليفة الخوارزمي في هذا المجال. "يعتبر الكامل نفسه (الخوارزمي مؤسس الجبر)".
ومع ذلك، فإن أهمية عمل أبو كامل أعظم، وتستند كتب فيبوناتشي على أعماله، كما أن اسهاماته لم تكن هامة في تطوير تطوير الجبر العربي فحسب، بل إنه من خلال فيبوناتشي أدخل الجبر إلى أوروبا أيضاً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- موقع كتابات
قصة الحضارة (204): تأثر فيثاغورس بفلسفات مصر والشرق
خاص: قراءة- سماح عادل يستأنف الكتاب الحكي عن فيثاغورس في الحضارة اليونانية. وعن توغله في علم الفلك والفلسفة. وذلك في الحلقة الرابعة بعد المائتين من قراءة 'قصة الحضارة' الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي 'ويل ديورانت' وزوجته 'أريل ديورانت'، ويتكون من أحد عشر جزء. يستأنف الكتاب الحكي عن فيثاغورس: 'وتقول الرواية اليونانية المتواترة إن فيثاغورس نفسه كشف كثيرا من النظريات الهندسية: وأهمها كلها أن مجموع الزوايا الداخلية في أي مثلث يساوي قائمتين، وأن المربع المقام على الضلع المقابل للزاوية القائمة في المثلث القائم الزاوية يساوي مجموع المربعين المقامين على الضلعين الآخرين. ويقول أبلودورس إنه لما كشف المعلم هذه النظرية ضحى بمائة ذبيحة شكراً على هذا الكشف العظيم . فإن كان قد فعل ذلك حقاً فقد ناقض المبادئ الفيثاغورية مناقضة يندى لها الجبين. وانتقل فيثاغورس من الهندسة إلى الحساب على عكس النظام المتبع في هذه الأيام. ولم يكن يقصد بالحساب وقتئذ أن يكون فناً عملياً للتعداد والإحصاء، بل كان نظرية مجردة للأعداد. ويلوح أن المدرسة الفيثاغورية هي أول من قسم الأعداد إلى فردية وزوجية، وإلى أعداد صماء وأخرى قابلة للقسمة، وقد صاغت نظرية النسبة، واستطاعت بها و 'بتطبيق المساحات' أن توجد الجبر الهندسي. ولعل دراسة النسبة هي التي أمكنت الفيثاغوريين من أن يحولوا الموسيقى إلى أعداد. ويروى أن فيثاغورس كان في يوم من الأيام ماراً بحانوت حداد، فاسترعت سمعه الفترات الصوتية الخارجة من ضربات السندان، والتي بدت كأنها فترات موسيقية منتظمة. ولما عرف أن المطارق ذات أوزان مختلفة استنتج من ذلك أن النغمات تتوقف على نسب عددية. وتقول إحدى التجارب القلائل التي سمعنا بها في علوم القدماء إنه أتى بوترين متساويين في السمك وفي التوتر، وتبين له أنه إذا كان طول أحدهما ضعفي طول الآخر أخرجا إذا جذبهما نغمة من الدرجة الأولى؛ وإذا كان أحدهما قدر الآخر مرة ونصف مرة أخرجا خمساً (دو – صول)؛ وإذا كان أحدهما قدر آخر مرة وثلث مرة، أخرجا رُبعاً (دو – فا(35))؛ وبهذه الطريقة يمكن أن تقدر كل نغمة موسيقية تقديرا رياضيا، وأن يعبر عنها تعبيرا رياضيا كذلك'. أصوات الكواكب.. ويضيف الكتاب: 'وإذ كانت كل الأجسام التي تتحرك في الفضاء تحرج أصواتا، تتوقف درجة ارتفاعها على حجم الجسم وسرعة حركته، فإن كل كوكب في فلكه حول الأرض كما يقول فيثاغورس يحدث صوتاً يتناسب مع سرعة انتقاله، وهذا الصوت يعلو أيضا كلما بعد الكوكب عن الأرض؛ ويتكون من هذه النغمات المختلفة ائتلاف في الأصوات أو 'موسيقى الأفلاك'، وهي موسيقى لا نسمعها قط لأننا نسمعها على الدوام. ويقول فيثاغورس إن العالم جرم كري حيٌّ مركزه الأرض، وإن الأرض هي الأخرى جرم كري تدور، كما تدور الكواكب، من الغرب إلى الشرق. وقد قسم الأرض، والعالم كله في الحقيقة، خمس مناطق المنطقة الباردة الشمالية، والباردة الجنوبية، ومنطقة الصيف، ومنطقة الشتاء، والمنطقة الاستوائية، وقال إن الجزء الذي نراه من القمر يكبر حجمه أو يصغر تبعا للزاوية التي يواجه بها الأرضَ نصفه المتجه نحو الشمس، وإن خسوف القمر ينشأ من وجود الأرض أو أي جرم آخر بينه وبين الشمس. ويقول ديوجنيز ليرتس إن فيثاغورس كان أول مَن قال إن الأرض مستديرة، وأول من سمى العالم كونا'. الفلسفة.. ويواصل الكتاب: 'وقد عمل فيثاغورس بفضل بحوثه في الرياضيات والفلك أكثر مما عمله أي عالم آخر لوضع أسس العلوم الطبيعية في أوربا. ولما أن تم له ذلك انتقل إلى الفلسفة، ويبدو أن لفظ الفلسفة نفسه من وضعه هو. وقد رفض أن يستخدم كلمة سوفيا أي الحكمة لأنها ادعاء عريض لا يرضاه، ووصف سعيه لإدراك الحقائق بأنها فلسفة أي محبة الحكمة. وقد صارت كلمتا فيلسوف وفيثاغورس في القرن السادس كلمتين مترادفتين. وبينما كان طاليس وغيره من الميليتيين يبحثون عن أصل الأشياء جميعها في المادة، كان فيثاغورس يبحث عنه في الشكل، وبعد أن كشف ما في الموسيقى من علاقات ونتائج متتالية عددية منتظمة، وبعد أن افترض وجود هذه العلاقات والنتائج المتتالية في الكواكب نفسها، قفز قفزة الفلاسفة نحو الوحدة، وأعلن أن هذه العلاقات والنتائج المتتالية العددية المنتظمة توجد في كل مكان. وأن العامل الجوهري الأساسي في كل شيء هو العدد. وكما أن اسبنوزا قد قال فيما بعد إن ثمة عالمين أحدهما عالـَم الأشياء أو عالـَم الناس الذي يدركونه بالحواس والآخر عالم الفلسفة، أو عالم القوانين والثوابت الذي يدركه العقل وإن العالم الثاني وحده هو العالم الحقيقي الدائم، كذلك شعر فيثاغورس أن النواحي الأساسية الخالدة لأي شيء هي ما بين أجزائه من علاقة عددية، ولعله كان يرى أيضاً أن الصحة نفسها علاقة رياضية أو نسبة صالحة بين أجزاء الجسم أو عناصره؛ أو أن النفس كانت هي الأخرى عددا'. من مصر.. وعن أصول الفلسفة يحكي الكتاب: 'وعند هذه النقطة انطلقت صوفية فيثاغورس التي استقاها من مصر وبلاد الشرق الأدنى حرة لا تلوي على شيء. فقال إن النفس تنقسم أقساما ثلاثة: الشعور واللقانة والعقل؛ فالشعور مركزه القلب، واللقانة والعقل مركزهما المخ؛ وإن الشعور واللقانة من صفات الحيوان والإنسان على السواء ، أما العقل فيختص به الإنسان وحده، وهو خالد لا يفنى. وتمر النفس بعد الموت بفترة من التطهير في الجحيم، تعود بعدها إلى الأرض وتدخل في جسم جديد، ثم في جسم آخر، وتمر في سلسلة من التناسخ لا ينتهي إلا إذا كان صاحبها قد حَيي حياة فاضلة منزهة عن الرذائل بأجمعها. وكان فيثاغورس يدخل السرور على أتباعه، أو لعله كان يقوي عقيدتهم، بقوله لهم إن روحه قد تقمصت مرة جسم عاهر، ومرة أخرى جسم البطل يوفوربوس وإنه يذكر بوضوح مغامراته في حصار طروادة، وإنه قد تعرف في هيكلها في أرجوس على الدرع الذي كان يلبسه في تلك الحياة القديمة. وسمع مرة عواء كلب مضروب فقام من فورهِ لإنقاذه، وقال إنه قد عرف في عوائه صوت صديق له ميت. وفي وسعنا أن نتبين شيئاً من الصلات الفكرية التي كانت تربط بلاد اليونان وإفريقية وآسية في القرن السادس، إذا ذكرنا أن فكرة التناسخ هذه كانت مستحوذة في وقت واحد على خيال الهنود وعلى طقوس أورفيوس في بلاد اليونان وعلى إحدى الطوائف الفلسفية في إيطاليا. ونحن نستشف نزعة التشاؤم الهندية تمتزج في فلسفة فيثاغورس الأخلاقية بروح أفلاطون النيرة الصافية'. الفضيلة.. وعن الهدف من الحياة في فلسفته: 'والقصد من الحياة في النظام الفيثاغوري أن تخلص من التقمص، والسبيل إلى ذلك هي الفضيلة، والفضيلة هي ائتلاف الروح مع نفسها ومع الله. ومن المستطاع كسب هذا التآلف بطريقة اصطناعية. وكان الفيثاغوريون يستخدمون الموسيقى كما كان يستخدمها كهنة اليونان وأطباؤهم لشفاء الاضطرابات العصبية. وكانوا يعتقدون أن أكثر ما تحصل به النفس على التآلف هو الحكمة، وهي فهم الحقائق التي يقوم عليها هذا التآلف فهماً هادئاً؛ وذلك لأن هذه الحكمة تعلم الإنسان التواضع والاعتدال، والطريقة الوسطى الذهبية. أما الطريقة المضادة لهذه أي طريقة التنازع والتطرف، والخطيئة فتؤدي حتماً إلى المآسي والعقاب والعدالة 'عدد مربع'، وكل خطأ 'سيربع' إن عاجلا أو آجلا بالعقوبة المكافئة له. هذا هو جوهر فلسفة أفلاطون وأرسطو الأخلاقية. أما سياسة فيثاغورس فهي فلسفة أفلاطون حققها من قبل أن يدركها. ولقد كانت مدرسة فيثاغورس، حسب ما نفهمه من الروايات القديمة المتواترة، أرستقراطية شيوعية: تطلب إلى الرجال والنساء أن يجمعوا كل ما لديهم من الطيبات، وأن يتعلموا مجتمعين، وأن يُدربوا على الفضيلة والتفكير الراقي بطريق العلوم الرياضية والموسيقى، والفلسفة، وأن يتقدموا من تلقاء أنفسهم ليكونوا حكام الدولة الحارسين لها. والحق أن الجهد الذي كان يبذله فيثاغورس ليجعل مجتمعه هو نفسه حكومة مدينته العقلية، هو الذي أهلكه وأهلك أتباعه. فقد اندفع المبتدئون من أتباعه في تيار السياسة. وانحازوا إلى جانب الأشراف انحيازاً أثار عليهم حزب الشعب في كروتونا، فاندفع أفراده في ثورات غضبهم، وأحرقوا البيت الذي كان الفيثاغوريين مجتمعين منه. وقتلوا طائفة منهم، وأخرجوا الباقين من المدينة. وتقول إحدى الروايات إن فيثاغورس نفسه قد قُبض عليه وقُتل حين أبى في فراره أن يطأ بقدمه حقلاً من الفول؛ وتقول رواية أخرى إنه فر إلى متابنتم حيث امتنع عن الطعام أربعين يوماً ولعله كان يحس أنه يجب أن يكتفي من العمر بثمانين عاماً- وأمات نفسه جوعاً'. خالد.. وعن بقاء ذكراه: 'أما أثره فهو أثر خالد على مدى الأيام، ولا يزال اسمه حتى اليوم طنانا رنانا؛ كما عاش مجتمعه ثلاثمائة عام في صورة جماعات منتشرة في بلاد اليونان، يخرج منها علماء طبيعيون أمثال فيلولوس الطيبي، وحكام أمثال أركيتاس طاغية تاتاس وصديق أفلاطون. ولقد كان وردسورث في أشهر قصائده كلها فيثاغوريا من غير أن يشعر. وكان أفلاطون نفسه يهيم بصورة فيثاغورس الغامضة؛ وهو يأخذ عنه في جميع نواحي نشاطه الذهني في سخريته من الديمقراطية، وفي تلهفه على وجود أرستقراطية شيوعية من الحكام الفلاسفة، وفي اعتقاده أن الفضيلة تآلف، وفي نظرياته عن الطبيعة والنفس، وفي شغفه بالهندسة، وفي إيمانه بقوة الأعداد الخفية. وقصارى القول أن فيثاغورس على قدر ما وصل إليه علمنا هو واضع أساس العلوم الطبيعية والفلسفة في أوربا؛ وذلك عمل يكفي لتخليد اسم أي إنسان.'


شفق نيوز
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- شفق نيوز
إعادة حيوان برمائي نادر إلى موطنه الأصلي يعيد الأمل في إنقاذه من الانقراض
اكتشف العلماء أن سمندل الماء أكسولوتل المكسيكي الغريب، ذو الابتسامة الدائمة، والذي يُعدّ أحد أكثر البرمائيات المهددة بالانقراض في العالم، قد ازدهر بعد إطلاقه في أراض رطبة اصطناعية. وفي دراسة تُبشّر بمستقبل طويل الأمد لكائن كان على وشك الانقراض، أطلق العلماء 18 سمندل أكسولوتل، كانت مُرباة في معامل خاصة، في أراض رطبة اصطناعية بالقرب من مدينة مكسيكو. وزود الباحثون الحيوانات بأجهزة تتبّع لاسلكية، ووجدوا أنها "نجت وبحثت عن الطعام بنجاح في كلا الموقعين" - حتى أن وزنها زاد. وقالت المشرفة الرئيسية على البحث، الدكتورة أليخاندرا راموس من جامعة باجا كاليفورنيا المستقلة إن هذه "نتيجة مذهلة". ونُشرت النتائج في مجلة بي إل إو أس وان PLoS One، االتي تصدرها المكتبة العامة للعلوم" وهي منظمة غير ربحية تنشر مجلات مفتوحة المصدر في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطب، وتشير كما يقول الباحثون، إلى إمكانية إعادة سمندل الماء إلى موطنه الأصلي. وكانت مياه زوتشيميلكو - التي تشكلت بفعل ممارسات الزراعة التقليدية، وتتدفق منها مياه الينابيع من الجبال - تعج بهذا النوع من البرمائيات. ولكن مع نمو مدينة مكسيكو، دفع التحضر والتلوث وضغوط أخرى سمندل الماء إلى حافة الانقراض، حيث تشير بعض التقديرات إلى أنه لم يتبقَ منه سوى 50 سمندلا على قيد الحياة في البرية. وقال الباحث المشارك، الدكتور لويس زامبرانو، من الجامعة الوطنية المكسيكية "إذا فقدنا هذا النوع من السمندل المائي، فسنفقد جزءا من هويتنا المكسيكية". وليس من المبالغة وصف سمندل الماء بأنه رمز. إذ تقول أسطورة الأزتك إنه إله في هيئة سلمندر - إله النار والبرق الأزتكي، زولوتل، متنكرا في هيئة سلمندر. وأضاف الدكتور، إذا استطعنا استعادة موطنه - الأراضي الرطبة - واستعادة أعداد سمندل الأكسولوتل في مدينة يزيد عدد سكانها عن 20 مليون نسمة، فأنا "أشعر أن لدينا أملا للبشرية." وللتمهيد لإطلاق سراح الحيوانات، عمل الباحثون مع مزارعين محليين وفريق من المتطوعين لإنشاء "ملاجئ" في الأراضي الرطبة لسمندل الأكسولوتل. وركبوا أنظمة ترشيح طبيعية لتنقية المياه. ثم أطلق العلماء الحيوانات، التي رُبّيت في معامل خاصة، إلى موقعين - أحدهما في زوتشيميلكو والآخر في محجر مهجور تحوّل على مدى عقود إلى ما أسموه "أرضا رطبة اصطناعية". ووُضعت على كل حيوان جهاز تتبّع لاسلكي. وقالت الدكتورة أليخاندرا لبي بي سي "الخبر المذهل هو أنها جميعا نجت. ليس هذا فحسب، بل إن تلك التي أعدنا أخذها بعد إطلاقها بفترة اكتسبت وزنا – ما يعني أنها بدأت في الاصطياد وممارسة حياتها البرية." كما كشفت المراقبة عن رؤى مثيرة للاهتمام حول سلوك سمندل الأكسولوتل. وتضيف الدكتورة أليخاندرا "وجدنا أن بعضها يقضي معظم وقته مع فرد آخر، كما لو كانوا يكوّنون صداقات صغيرة". ومن المفارقات أن هذه السمندلات الجذابة تُوجد بمئات الآلاف في مختبرات العالم وأحواض الحيوانات الأليفة. وهذا النوع مثير للاهتمام من الناحية البيولوجية، إذ يتمتع بقدرة مذهلة على إعادة نمو أي جزء تالف أو مفقود من جسمه. لذا، تُجرى أبحاث لفهم إمكانية تسخير هذه القدرة طبيا. ولكن في الأراضي الرطبة الموحلة في مدينة مكسيكو، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتنظيف واستعادة هذه الموائل، ولمنح سمندل الأكسولوتل البري فرصة للتعافي. تقول الدكتورة أليخاندرا "تفقد العديد من الحيوانات موطنها حول العالم. ومشاريع الترميم ليست سهلة، ولكنها ممكنة - إنها تحتاج فقط إلى الكثير من الناس. وليس بالضرورة أن تكون عالما للمشاركة في هذه المشاريع - يمكن للجميع في العالم المساعدة".


موقع كتابات
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- موقع كتابات
قصة الحضارة (203): طبقت المساواة بين الذكور والإناث في مدرسة فيثاغورس
خاص: قراءة- سماح عادل حكي الكتاب عن فيثاغورس في الحضارة اليونانية. وعن مدرسته ومبادئه والقواعد التي وضعها لطلابه. وذلك في الحلقة الثالثة بعد المائتين من قراءة 'قصة الحضارة' الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي 'ويل ديورانت' وزوجته 'أريل ديورانت'، ويتكون من أحد عشر جزء. يحكي الكتاب عن عالم الرياضيات المعروف 'كان عمر كروتونا أطول من عمر سيبارس؛ فقد أنشئت في عام 710 ق.م. وما تزال حتى الآن تعج بالصناعة والتجارة بعد أن تغير اسمها إلى كروتون. وقد كان مرفؤها المرفأ الطبيعي الوحيد بين تاراس وصقلية، ولم تكن تعفو عن السفن التي تفرغ بضائعها في سيبارس. وقد بقي فيها من التجارة ما يكفي لكي يعيش أهلها عيشة هنيئة لينة، كما أن هزيمتهم الموفقة في الحرب، وكساد تجارتهم زمناً طويلاً، وجو بلادهم المنعش، ومزاجهم الدوري المتزمت بعض الشيء، كل هذه الظروف مجتمعة قد جعلتهم يحتفظون بنشاطهم وقوتهم رغم ثرائهم العظيم. وفي هذه المدينة نشأ الرياضيون المشهورون أمثال ميلو، كما نشأت أعظم مدرسة طبية في بلاد اليونان الكبرى ولعل اشتهار كروتونا بأنها ملجأ صحي حبب إلى فيثاغورس المجيء إليها. ومعنى فيثاغورس هو 'الناطق الفيثي' بلسان مهبط الوحي في دلفي، وكان كثيرون من أتباعه يرون أنه هو أبلو نفسه، ويدعي بعضهم أنه أبصر وميض فخذه الذهبية'. نشأته.. ويواصل الكتاب عن حياته: 'وتقول الروايات المتواترة إنه ولد في ساموس حوالي عام 580، وتتحدث عن جده في صباه. وتعزو إليه أنه صرف ثلاثين عاماً في الأسفار. ويقول عنه هرقليطس، وهو الرجل الشديد الاقتصاد في مدحه إن 'فيثاغورس كان أكثر الباحثين مثابرة'. ويروى عنه أنه زار بلاد العرب، وسوريا، وفينيقية، وكلديا، والهند، وغالة، وعاد يلقي على الرحالة حكمة غالية جديرة بالإعجاب هي قوله: إذا كنت مسافرا في خارج بلادك فلا تلتفت وراءك إلى حدودها'، ويجب أن تكبح جماح نزواتك عند كل ثغر تدخل فيه. وما من شك في أنه زار مصر حيث درس مع الكهنة، وتعلم الكثير من علم الفلك والهندسة النظرية،. ولما عاد إلى ساموس ووجد أن طغيان بوليكراتيز يحد من طغيانه هو هجرها إلى كروتونا وكان قد جاوز الخمسين من العمر. وهنا اشتغل بالتدريس، وكانت هيبته، وغزارة علمه، واستعداده لقبول النساء والرجال في مدرسته، سبباً في إقبال الناس عليها حتى بلغ عدد من فيها بضع مئات في زمن قصير'. تكافؤ الفرص.. وعن مدرسته: 'وقد قال بمبدأ تكافؤ الفرص للذكور والإناث على السواء قبل أن ينادي بذلك أفلاطون بمائتي عام، ولم يناد به فحسب بل نفذه عملياً. على أنه مع ذلك لم يكن ينكر أن بين الجنسين فوارق طبيعية من حيث وظائف كل منهما. وكان يعلم تلميذاته الشيء الكثير من الفلسفة والآداب، ولكنه كان يعلمهن أيضا فن الأمومة والتدبير المنزلي، ومن أجل ذلك اشتهرت النساء الفيثاغوريات في الزمن القديم بأنهن 'أعلى نموذج في الأنوثة أخرجته بلاد اليونان في جميع العصور.' وقد وضع فيثاغورس لطلابه بصفة عامة قواعد تكاد تحول مدرسته إلى دير للراهبات. فقد كان من يدخلونها يقسمون يمين الولاء للأستاذ ولبعضهم بعضا. وتجمع الروايات المأثورة على أنهم كانوا يشتركون على قدم المساواة في جميع طيبات الحياة ما داموا يعيشون في هذه الجماعة الفيثاغورية. وكان اللحم والسمك والفول محرمة عليهم، أما الخمر فلم تكن محرمة؛ ولكنه كان يوصيهم بشرب الماء، وتلك وصية شديدة الخطورة في جنوبي إيطاليا في هذه الأيام. وربما كان تحريم اللحم لسبب ديني ذي صلة بعقيدة تقمص الأرواح، فإن على الناس أن يحذروا أن يأكلوا أجدادهم. والراجح أنه كان يباح للطلاب أن يخرجوا على حرفية هذه القواعد من حين إلى حين'. ويرى المؤرخون الإنجليز بنوع خاص أن من غير المعقول أن يصبح المصارع ميلو الفيثاغوري أقوى رجل في بلاد اليونان كلها دون أن يأكل لحم العجول، وإن كان العجل الذي أصبح بين ذراعيه ثورً قد شب على أكل الكلأ. وكان يحرم على أفراد هذه الجماعة أن يقتلوا أي حيوان لا يؤذي الإنسان أو أن يتلفوا شجرة مزروعة. وكان يطلب إليهم أن يلبسوا الثياب البسيطة وأن يطرحوا الكبرياء، وألا 'يندفعوا في الضحك، وألا يكونوا مع ذلك عابسين'. ولم يكن يباح لهم أن يقسموا بالآلهة لأن 'من الواجب على كل إنسان أن يعيش عيشة تجعله خليقاً بأن يصدقه الناس دون أن يلجأ إلى القسم'. وكان محرماً عليهم أن يقدموا الضحايا قرباناً، وكان في وسعهم أن يتعبدوا أمام المذابح التي لم تلوثها الدماء. وكان عليهم أن يسألوا أنفسهم في آخر كل يوم عما ارتكبوه من الذنوب، وعما أهملوه من الواجبات، وعما فعلوه من الخير'. زهد.. وبفصل الكتاب عن زهده: 'وقد أخذ فيثاغورس نفسه بهذه القواعد ورعاها أشد مما رعاها أي تلميذ من تلاميذه اللهم إلا إن كان هو ممثلاً من أبرع الممثلين. وما من شك في أن أسلوب حياته قد أكسبه من احترام طلابه وسلطانه عليهم ما جعلهم يتحملون طغيانه بلا تذمر، وما جعل الكلمة الفاصلة في كل جدال أو نظرية هي: لقد قالها هو نفسه 'Autos epha-ipsi dixit'. وقد نقل إلينا في عبارة تنم عن التعظيم وتستثير الإعجاب أن المعلم نفسه لم يشرب الخمر بالنهار أبدا، وأنه كان يعيش معظم أيامه على الخبز والعسل، وأن حلواه كانت هي الخضر، وأن ثوبه كان على الدوام ناصع البياض؛ وأنه لم يُعرف عنه قط أنه أفرط في الأكل، أو عشق، وأنه لم يغرق في الضحك، أو المزاح، أو القصص، ولم يعاقب إنسانا مطلقا ولو كان عبدا. وكان تيمن الأثيني يظنه 'مشعوذا يخادع بقول الجد، ويعمل على اصطياد الناس'، وينقض هذا القول أن زوجته ثيانو وابنته دامو كانتا من أشد أتباعه إخلاصاً له، وقد كان في وسعهما أن توازنا بين فلسفته وحياته. ويقول ديوجنيز ليرتس إنه 'عهد بتعليقاته إلى دامو وأمرها ألا تذيعها لأي إنسان في خارج البيت، وإنها لم تفرط قط في أحاديثه مع أنه كان في وسعها أن تبيعها بالمال الكثير، لأنها كانت ترى أن طاعة أوامر والدها أثمن من الذهب، ويزيد في فضلها أنها امرأة''. المجتمع الفيثاغوري.. ويتابع الكتاب: 'وكان الانضمام إلى المجتمع الفيثاغوري يتطلب، فضلا عن تطهير الجسم بالعفة وكبح الشهوات، تطهير العقل بدراسة العلم. وكان ينتظر من الطالب الجديد أن يلتزم 'الصمت الفيثاغوري' مدى خمس سنين ولعل المقصود بالصمت الفيثاغوري أن يتقبل الأوامر من غير سؤال أو مناقشة قبل أن يعترف به عضوا كاملا في الجماعة، وقبل أن يسمح له بأن 'يرى' فيثاغورس أي أن يدرس عليه. وتنفيذا لهذا النظام كان التلاميذ يقسمون إلى طلاب خارجيين وطلاب داخليين، وكان الداخليون هم الذين يحق لهم أن يعرفوا الحكمة السرية للمعلم نفسه. وكان منهج الدراسة يتألف من أربعة موضوعات: الهندسة النظرية، والحساب، والفلك، والموسيقى. وكان يبدأ بالرياضيات ولكنها لم تكن العلم العملي الذي استحالت إليه على أيدي المصريين القدامى، بل كانت علما مجردا نظريا يبحث في الكميات، ومثلا أعلى في التدريب المنطقي يجعل التفكير منظما واضحا بعرضه على محك الاستدلال الصارم والبرهان الواضح الملموس. وأضحت الهندسة النظرية من ذلك الوقت مجموعة من البديهيات، والنظريات، والبراهين. وكانت كل خطوة في القضايا المنطقية المتتالية ترفع الطالب إلى مستوى أعلى من مستواه السابق على حد قول الفيثاغوريين يستطيع منه أن يطلع أكثر من ذي قبل على بناء العالم'.