
القرصنة الإسرائيلية... تواطؤ غربي وتآكل القانون الدولي
- 7 أكتوبر: ثمن 15 عاماً من حكم نتنياهو
استيلاء البحرية الإسرائيلية بالقوة على سفينة أسطول الحرية «مادلين» في المياه الدولية - كان بمثابة قرصنة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. أما رد فعل الغرب، فكان الصمت شبه الكامل. فهذه «الغارة» انتهكت المادة 87 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي تضمن حرية الملاحة في أعالي البحار، لكن الحكومات الغربية غضت الطرف.
هذه الحادثة ليست عابرة. فعلى مدى عقود، سُمح لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي من دون عقاب. فمن القرصنة إلى الاغتيالات، ومن العقاب الجماعي إلى بناء المستوطنات، انتهاكات تُضعف كل انتهاك فكرة أن القانون ينطبق على الجميع بالتساوي.
وفي كل مرة، يُشجع صمت الغرب الانتقائي على المزيد من الانتهاكات - ليس فقط من جانب إسرائيل، بل من جانب آخرين يراقبون ازدواجية المعايير.
ويُمثل هذا الهجوم الإسرائيلي صورة مصغرة عما حدث عام 2010 على سفينة «مافي مرمرة» التي ترفع العلم التركي، إذ يعتبر أحد أوضح الأمثلة المبكرة على القرصنة الإسرائيلية، إذ كانت السفينة جزءاً من أسطول يحاول إيصال مساعدات إنسانية إلى غزة، التي كانت آنذاك تحت الحصار الإسرائيلي.
حينها صعدت قوات الكوماندوس الإسرائيلية على متن السفينة في المياه الدولية، ما أسفر عن مقتل تسعة ناشطين أتراك (توفي العاشر لاحقاً متأثراً بجروحه).
أثارت تلك الغارة غضباً عالمياً وتسببت في توتر موقت في العلاقات الإسرائيلية - التركية. ومع ذلك، لم تترتب عليها أي عواقب وخيمة.
فقد منعت الولايات المتحدة اتخاذ إجراء حاسم في مجلس الأمن الدولي، ولم تواجه إسرائيل أي مساءلة دائمة. وهكذا علّمت مذبحة «مافي مرمرة»، إسرائيل أن حتى قتل المدنيين على متن سفينة إنسانية في المياه الدولية لن يُسفر عن عواقب قانونية أو سياسية خطرة يمكن ان يتخذها الغرب.
من «كارين أ» إلى «مادلين»
يُظهر التاريخ مدى رسوخ هذا النمط. في عام 2002، اعترضت إسرائيل سفينة «كارين أ»، التي كانت تحمل أسلحة للفصائل الفلسطينية، في المياه الدولية.
وقد لاقت العملية استحسان واشنطن والعواصم الأوروبية. أما المسائل القانونية - التي تُعدّ انتهاكاً لحرية الملاحة - فقد تم تجاهلها ببساطة.
بعث هذا المثال المبكر برسالة واضحة: بالنسبة إلى إسرائيل، القانون الدولي، اختياري. وقد انتبهت الحكومات الإسرائيلية اللاحقة لذلك وشعرت بالارتياح لاعتبار العالم أنها فوق أي قانون.
فلننتقل سريعاً إلى الوقت الحاضر. نُفذت عملية اختطاف سفينة «مادلين» على مرأى من المجتمع الدولي ومسمعه. وكانت على متنها ريما حسن، عضوة البرلمان الفرنسي، التي اختطفتها القوات الإسرائيلية في المياه الدولية.
كيف كان رد فرنسا؟... محدوداً، إذ اكتفى وزير الخارجية بالقول إنه «سيفحص موقع» الاختطاف وطلب الوصول القنصلي.
لم تكن هناك إدانة قوية. ولا مطالبة بالمساءلة. ولا دفاع عن القانون الدولي. لو أن «محور الشر الجديد» (إيران أو روسيا أو الصين) ارتكب مثل هذا العمل ضد نائب أوروبي، لكان الغضب فورياً ومدوياً. وتالياً، فإن ازدواجية المعايير صارت صارخة ودوت حياء.
«الموساد» وخرق القواعد بإرادته
لنأخذ حالة أخرى. نفّذ جهاز «الموساد» أخيراً عملية سرية لتخريب ما يقرب من 15 ألف جهاز استدعاء موجه لـ«حزب الله». زُوّدت الأجهزة بمتفجرات، وُضعت وصنعت في آسيا واجتازت موانئ دولية عدة، قبل أن تصل إلى لبنان.
مرة أخرى، تُعدّ هذه الأفعال انتهاكاً واضحاً للقوانين البحرية والتجارية، إلا أنها لم تُثر أي رد فعل دولي يُذكر. بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، تُعدّ الحدود والقوانين الدولية مجرد «حبر على ورق» يجب تجاوزها، وليست أطراً يجب احترامها.
لكن لائحة الانتهاكات لا تقف هنا. فعندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب، اختار العديد من القادة الأوروبيين - رغم كونهم من الموقعين على المعاهدة - تجاهلها. واستُقبل نتنياهو بترحيب على الأراضي الأوروبية، مُحصّناً من الاعتقال.
وغالباً ما يُلقي هؤلاء القادة أنفسهم محاضرات حول «سيادة القانون» و«حقوق الإنسان». ولكن عندما وُجدوا أنفسهم على محك تطبيق هذه المبادئ على زعيم إسرائيلي، اختاروا المصلحة السياسية على النزاهة القانونية.
في غضون ذلك، مازالت حرب إسرائيل المستمرة على غزة تُسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وتجويع واسع النطاق، وتدمير ممنهج للبنية التحتية - وهي كلها تُعرّف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وكانت محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل بوقف ممارسات العقاب الجماعي والاحتلال. فتجاهلت تل أبيب الحكم. ولم تبذل الحكومات الغربية جهوداً تُذكر لفرض الامتثال.
بعد أكثر من 614 يوماً من الحرب واستشهاد عشرات الآلاف من المدنيين، فرضت أخيراً المملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والنروج (اقرب حلفاء أميركا) عقوبات محدودة - ولكن فقط على وزيرين من اليمين المتطرف: إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
يخدم كلا الرجلين تحت قيادة نتنياهو، الذي يتباهى علناً بأنه «قائد السفينة» - مما يعني أنه لا يحدث أي شيء في حكومته ولا اقرار ميزانية بناء من دون موافقته. ولذا فإن فرض عقوبات على وزيرين مع الحفاظ على التواصل الكامل مع نتنياهو هو مسرحية سياسية، وليس عدالة.
7 أكتوبر
يُدرك العديد من المعلقين الإسرائيليين الآن أن هجوم 7 أكتوبر 2023، كان النتيجة المتوقعة لسياسات نتنياهو على مدى الأعوام الـ 15 الماضية. فطوال فترة حكمه، عرقل في شكل منهجي إنشاء دولة فلسطينية، في انتهاك واضح لروح اتفاقيات أوسلو. لقد رسّخ نظام الفصل العنصري وشجع على القتل العشوائي للمتظاهرين الفلسطينيين.
ومكّن رئيس الوزراء، المتطرفين داخل حكومته، ومنح بن غفير حرية إساءة معاملة السجناء الفلسطينيين وسموتريتش الضوء الأخضر لإطلاق العنان للمستوطنين لحرق المحاصيل والمنازل الفلسطينية مع توسيع المستوطنات غير القانونية. لقد تجاهل وقوّض مراراً وتكراراً قرارات الأمم المتحدة التي تهدف إلى الحد من التوسع الاستيطاني وممارسات الاحتلال غير القانوني.
وعلاوة على ذلك، استغل نتنياهو باستمرار الغطاء السياسي الذي يوفره حق النقض الأميركي في مجلس الأمن، ما سمح لإسرائيل بالإفلات من العقاب والاستمرار من دون رادع في تأجيج التحريض أيضاً: فهو لعب دوراً في تعزيز المناخ السياسي الذي أدى إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين عام 1995، بعد توقيعه اتفاقيات أوسلو.
قضى اغتيال رابين فعلياً على آخر محاولة إسرائيلية جادة للتوصل إلى سلام تفاوضي. من هنا فإن نتنياهو، بعيد كل البعد عن السعي للمصالحة، ويتفاخر منذ ذلك الحين بأنه لن يمنح الفلسطينيين حتى «1 في المئة» من الأرض.
حرب البقاء
تكمن في قلب المجزرة الحالية ضد الفلسطنيين حرب نتنياهو الشخصية للبقاء. فهدفه الرئيسي هو تمديد الصراع حتى أكتوبر 2026 على الأقل، أي إلى أن تنتهي ولايته الحالية، وذلك في محاولة مدروسة لتأخير محاكمات الفساد وتجنب المساءلة عن الإخفاقات الأمنية لحكومته في السابع من أكتوبر.
وفي اتصالات حديثة مع قادة الولايات المتحدة - بما في ذلك محادثة مع الرئيس دونالد ترامب - قاوم نتنياهو الدعوات لتهدئة الحرب، ليس لضرورة إستراتيجية لإسرائيل، بل لحماية مستقبله السياسي.
بالنسبة إليه، لم تعد إطالة أمد الحرب مسألة دفاع وطني؛ بل مسألة بقاء سياسي شخصي. في هذه العملية، تكبدت إسرائيل خسائر فادحة: فقد فقدت مكانتها الدولية، وقوّضت صدقيتها القانونية، وأهدرت الكثير من التعاطف العالمي الذي كانت تتمتع به سابقاً.
ورغم ذلك، مازال الغرب متواطئاً، ويواصل حماية نتنياهو وحكومته من المساءلة الجادة، ما يُمكّن من التآكل المستمر للقانون الدولي.
إذا كان الغرب جاداً في الحفاظ على نظام دولي قائم على المبادئ، فعليه تطبيق هذه القواعد باستمرار - حتى عندما يكون ذلك غير مريح سياسياً.
ولا يمكن تجاهل انتهاكات اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأحكام محكمة العدل الدولية، وأوامر المحكمة الجنائية الدولية في شكل انتقائي بما يُناسب التحالفات السياسية.
لذا ينبغي على الحكومات الغربية أن تتجاوز العقوبات الرمزية وأن تتخذ خطوات ملموسة للمطالبة بالامتثال الكامل للقانون الدولي.
إذا لم تفعل ذلك، فسيكون الضرر دائماً: ستستنتج دول أخرى أن القوة، وليس القانون، هي التي تُحدد ما هو مسموح به، ما يُسرّع من انهيار المعايير القانونية العالمية. لذا ستستمر صدقية القيم الغربية في التآكل، وسيضعف النظام القانوني الدولي برمته وينهار القانون على رأس الجميع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن الخليجية
منذ 2 ساعات
- الوطن الخليجية
الغارديان: إيران تهدد باستهداف القواعد العسكرية الأميركية والبريطانية والفرنسية
ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن طهران حذّرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من أن قواعدها العسكرية وسفنها الحربية ستكون أهدافًا مباشرة إذا ما شاركت في التصدي للهجمات الإيرانية على إسرائيل، في تصعيد خطير ينذر بتوسيع رقعة النزاع الذي اندلع مؤخرًا بين إسرائيل وإيران، على خلفية البرنامج النووي الإيراني. وبحسب الصحيفة، فإن إيران سعت عبر هذا التهديد إلى ردع أي دعم غربي مباشر لإسرائيل، بعد أن تم بالفعل إسقاط عدد من الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية أثناء توجهها نحو أهداف داخل الأراضي الإسرائيلية بمساعدة أمريكية وفرنسية، وفقًا لمصادر في البنتاغون والإليزيه. وقالت الغارديان إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد استعداد بلاده لدعم إسرائيل في التصدي للهجمات الجوية الإيرانية، في حين نفت الحكومة البريطانية مشاركتها في أي عملية عسكرية، رغم تصريحات رئيس الوزراء كير ستارمر التي شدد فيها على ضرورة تجنب التصعيد. من جهته، حذر مسؤول أمريكي رفيع في مجلس الأمن، بحسب ما أوردته الغارديان، من أن استهداف المصالح أو القواعد الأمريكية في المنطقة ستكون له 'عواقب وخيمة' على إيران. وجاء ذلك عقب تصريحات لمسؤولين أمريكيين عن تقديم دعم استخباراتي وعسكري لإسرائيل خلال الموجة الأولى من الهجمات. وتضيف الصحيفة أن طائرات إسرائيلية كثّفت، يوم السبت، غاراتها الجوية على طهران، مركزة على الدفاعات الجوية والمنشآت النووية الحساسة، وذلك في إطار عملية سمتها إسرائيل 'الأسد الصاعد'. وأشارت الغارديان إلى أن القصف طال حظائر طائرات في مطار مهرآباد، فضلاً عن منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز، مما أدى إلى دمار جزئي وتسرب إشعاعي محدود بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي السياق نفسه، نقلت الغارديان عن وسائل إعلام إيرانية أن الهجوم الإسرائيلي أسفر عن مقتل نحو 78 شخصًا بينهم عدد من كبار الضباط الإيرانيين وستة علماء نوويين، بينما أصيب أكثر من 320 شخصًا، معظمهم من المدنيين. كما أوردت الصحيفة أن إيران ردّت فجر السبت بإطلاق موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة استهدفت عمق الأراضي الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة العشرات. وأكدت الغارديان أن صافرات الإنذار دوّت في تل أبيب والضفة الغربية وشمال إسرائيل، بينما لجأ السكان إلى الملاجئ في ظل مخاوف من مزيد من الضربات. وتحدثت الصحيفة عن 'مجزرة' في الضفة الغربية، حيث قتل خمسة فلسطينيين، بينهم ثلاثة أطفال، نتيجة سقوط قذيفة يُعتقد أنها أُطلقت من اليمن بواسطة الحوثيين، الحليف الإقليمي لإيران. وأضافت الغارديان أن الهجمات تزامنت مع تصعيد عسكري إسرائيلي في غزة، حيث أطلقت القوات النار على فلسطينيين حاولوا الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء، في ظل انقطاع شبه تام للاتصالات. وأشارت الصحيفة إلى أن الغارات الإسرائيلية جاءت في وقت كان من المفترض أن تُعقد فيه جولة تفاوضية جديدة بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان، لبحث سبل كسر الجمود في ملف طهران النووي. ونقلت الغارديان عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قوله إن 'المحادثات أصبحت بلا معنى'، في ظل استمرار التصعيد العسكري. وفي تقييمها للمشهد، قالت الغارديان إن التصريحات الصادرة عن كل من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعكس نوايا متبادلة لمواصلة التصعيد، إذ تعهّد نتنياهو بمزيد من الضربات 'المدمرة'، بينما توعّد خامنئي بـ'تدمير إسرائيل'. وأوضحت الصحيفة أن قائد الحرس الثوري الجديد، محمد باكبور، الذي عُيّن بعد مقتل سلفه في القصف الإسرائيلي، توعّد بـ'فتح أبواب الجحيم' ردًا على ما وصفه بالعدوان الصهيوني على الأراضي الإيرانية. وفي ختام تقريرها، شدّدت الغارديان على التحذيرات التي أطلقها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، من 'العواقب الكارثية' لأي هجمات تطال المنشآت النووية، مشيرًا إلى أنها تمثل تهديدًا مباشرًا للسلامة الإقليمية والدولية.


الوطن الخليجية
منذ 2 ساعات
- الوطن الخليجية
تصعيد عسكري غير مسبوق بين إيران وإسرائيل يهدد بانفجار إقليمي واسع
شهدت المنطقة تطوراً خطيراً مساء الجمعة مع تنفيذ إيران هجمات صاروخية مباشرة على إسرائيل، في رد هو الأول من نوعه على ضربات جوية إسرائيلية طالت أكثر من 200 موقع عسكري ونووي داخل الأراضي الإيرانية. مع بدء الهجوم الإيراني، دوت صفارات الإنذار في مختلف أنحاء إسرائيل، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في تل أبيب، حيث دعت السلطات السكان إلى الاحتماء في الملاجئ. وبعد ساعات، خفّضت السلطات مستوى التأهب، لكنها أوصت المواطنين بالبقاء قرب أماكن الحماية. الجيش الإسرائيلي أكد أن إيران أطلقت على الأقل موجتين من الصواريخ استهدفتا 'عشرات المواقع العسكرية والبنى التحتية'، بحسب إعلان طهران. وفي المقابل، شهدت العاصمة الإيرانية طهران انفجارات قوية، وظهرت شهب حمراء في السماء، مع تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية للتصدي لما وصفته وسائل إعلام رسمية بأنه 'هجوم إسرائيلي جوي واسع'. في كلمة مصورة عقب الهجمات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تصعيد الحملة ضد إيران، مؤكداً أن الضربات الأخيرة دمّرت منشآت رئيسية لتخصيب اليورانيوم، وقضت على عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين، مشيراً إلى أن ما حدث هو مجرد بداية، وأن النظام الإيراني 'لم يعرف بعد حجم ما أصابه'. إسرائيل من جانبها أعلنت تنفيذ ضربات استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية، أبرزها قاعدة في أصفهان، وأخرى في تبريز، إلى جانب تدمير بنية فوقية لمنشأة نطنز النووية الحساسة. فيما أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تعرض موقعي فوردو ونطنز لأضرار محدودة، دون تسجيل أي تسرب إشعاعي، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. الهجمات الإسرائيلية خلفت بحسب طهران مقتل 78 شخصاً، بينهم كبار القادة مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، إلى جانب ستة علماء نوويين، وأكثر من 320 جريحاً. في المقابل، أصيب 34 شخصاً في إسرائيل، بينهم امرأة في حالة حرجة، جراء الصواريخ الإيرانية. الوضع بات ينذر بانفجار إقليمي، مع وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للهجوم الإسرائيلي بأنه 'إعلان حرب'، فيما خاطب سفير طهران لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي مطالباً بإدانة التصعيد. وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، أُعلن عن إلغاء واسع للرحلات الجوية في دول الخليج والشرق الأوسط، شمل العراق، لبنان، سوريا، وإيران، مع تعليق شركات عالمية كـ'إير فرانس' و'لوفتهانزا' رحلاتها للمنطقة. كما قفزت أسعار النفط بشكل حاد في الأسواق العالمية، في إشارة واضحة إلى القلق الدولي من امتداد النزاع. هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، قبل يومين فقط من جولة جديدة من المفاوضات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران في عمّان، والتي أصبح مصيرها الآن غامضاً، في ظل تهديدات إيرانية سابقة باستهداف قواعد أميركية في المنطقة إذا ما تطورت المواجهة. في الشارع الإيراني، علت أصوات المتظاهرين في طهران بهتافات 'الموت لإسرائيل' و'الموت لأميركا'، فيما دعا مواطنون إلى رد عسكري شامل، وسط شعور عام بالغضب الوطني. وفي المقابل، عبر إسرائيليون عن قلقهم المتزايد، ليس فقط على أمنهم الشخصي، بل على مستقبل معيشتهم اليومية. قالت فيريد سعار، طاهية في تل أبيب، إنها 'تشعر بالخوف على أولادها، وعلى الوضع الاقتصادي الذي ينهار في ظل التصعيد'. الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أجرى اتصالاً هاتفياً بنتانياهو، دعا إيران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، محذراً من أن الهجمات الإسرائيلية 'قد تصبح أكثر عنفاً' إذا لم يتم احتواء الأزمة. المواجهة الأخيرة تُعد الأخطر منذ سنوات، وتضع الشرق الأوسط على شفا نزاع واسع النطاق قد يغير موازين القوى في المنطقة بالكامل، ويدفع بالقضية النووية الإيرانية إلى قلب العاصفة مجدداً.


المدى
منذ 19 ساعات
- المدى
مندوب الصين لدى الأمم المتحدة فو تسونغ: الصين تدين اعتداء'إسرائيل' على سيادة إيران وسلامة أراضيها
The post مندوب الصين لدى الأمم المتحدة فو تسونغ: الصين تدين اعتداء'إسرائيل' على سيادة إيران وسلامة أراضيها appeared first on AlMada - أخبار لبنان والعالم.