
وزير الخارجية: تعزيز الحوار الاستراتيجي والتكامل الأمني والدفاعي والاقتصادي مع أميركا
وأكد وزير الخارجية، أن اللقاءات الرفيعة التي عقدها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مع الرئيس ترامب، وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وعدد من الشخصيات الاقتصادية والتجارية البارزة، فتحت آفاقًا جديدة نحو ترسيخ أواصر الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وتعزيز التعاون في مختلف المجالات الأمنية والدفاعية والاقتصادية والعلمية والتقنية، بما يخدم المصالح التنموية والاستراتيجية المشتركة، ويعزز جهود الجانبين في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأعرب الوزير عن اعتزاز مملكة البحرين بعلاقاتها التاريخية المتينة مع الولايات المتحدة الأميركية، الممتدة لأكثر من 130 عامًا على أسس راسخة من التفاهم والثقة والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى حرص البلدين على دفع مسار الشراكة الاستراتيجية نحو آفاق أرحب، من خلال تفعيل أكثر من ثلاثين اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون الثنائي، ومن أبرزها: الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار الموقعة في واشنطن بالعام 2023، واتفاقية التجارة الحرة الموقعة قبل أكثر من عقدين، وما تبعها من إنشاء منطقة التجارة الأميركية في المملكة، إلى جانب اتفاقيات ومذكرات التعاون في مجالات البنية التحتية الرقمية، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة، والتعليم، والشباب، والثقافة، وغيرها.
وثمّن وزير الخارجية تتويج الزيارة الرسمية بتوقيع اتفاقية جديدة للتعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، بما يعزز جهود المملكة في حماية البيئة، ومواجهة تحديات التغير المناخي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين في مجالات تكنولوجيا الاتصالات، والنقل الجوي، والصناعات التحويلية، والقطاع المالي، ضمن حزمة استثمارية تجاوزت قيمتها 17 مليار دولار.
وأضاف أن التوقيع الثلاثي بانضمام المملكة المتحدة الصديقة رسميًا إلى الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار، يُشكل نقلة نوعية في مسار التعاون الأمني والاقتصادي، ويعزز الجهود المشتركة في حماية المجال الجوي، وأمن الملاحة البحرية، وتأمين إمدادات الطاقة والتجارة العالمية، بما يخدم الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.
وأشار إلى أهمية الزيارة في إبراز الرؤية الدبلوماسية والإنسانية المشتركة لقيادتي وحكومتي البلدين في دعم الأمن والسلام الإقليمي والدولي، مشيدًا بجهود الرئيس ترامب ومبادراته البناءة، ومنها رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، ومساعيه الحثيثة لتسوية النزاعات الإقليمية والدولية عبر السبل السلمية، بما في ذلك العمل على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء الحروب والصراعات في أوكرانيا وإفريقيا وغيرها من مناطق العالم.
ونوه الوزير بتوافق المساعي الأميركية الحميدة مع المبادرات الإيجابية لمملكة البحرين، ومن بينها: الدعوة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، ودعم استئناف المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، وتطلعها للمساهمة الفاعلة في ترسيخ السلم والأمن الدوليين من خلال عضوية المملكة غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي للفترة 2026 - 2027، ومواصلة دورها الريادي في ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش والحوار الديني والحضاري، وسط تقدير أميركي بقيادة الرئيس ترامب للنهج الدبلوماسي الحكيم لجلالة الملك المعظم، ومكانة المملكة كدولة مؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي، وحليف استراتيجي موثوق.
وأكد وزير الخارجية أن مملكة البحرين، بقيادة ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وبدعم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حريصة على تعزيز الحوار الاستراتيجي والتكامل الأمني والدفاعي والاقتصادي مع الولايات المتحدة الأميركية، كحليف تاريخي وشريك استراتيجي وثيق، بما يحقق الخير والنماء لكلا البلدين والشعبين الصديقين، ويعزز دورهما المحوري في ترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار على المستويين الإقليمي والدولي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 7 ساعات
- البلاد البحرينية
صراعات ميانمار تحجب أفق الاقتصاد
الصراعات ليست طارئة على جسد ميانمار، بل ظلٌّ يكسو خريطة تزدحم بتناقضات مستعصية، حيث تتشابك معالم الجغرافيا بندوب التاريخ، فتبدو البلاد كمرآة قاتمة، غبار النزاعات يحجب عن الأنظار ملامح الاقتصاد، غير أن الحقيقة تبدو أكثر انكشافًا لمن يمتلك بصيرة تخترق الضباب. فخلف صدى القصف وعويل العقوبات، يتحرك اقتصاد مكبوت، ينهض من بين أنقاض الأزمات، لمن يدرك أن الفرص تنبت أحيانًا وسط الفوضى. هذه الدولة، الواقعة في جنوب شرق آسيا، لا تُقاس قيمتها بحجمها، بل بموقعها الفاصل بين ثلاثة عمالقة، الصين، الهند، وتايلاند. موقع تحوّل من جغرافيا خاملة إلى عقدة لوجستية في معادلات التجارة والطاقة. ميناء كياوكبيو المشروع الصيني العملاق على بحر أندمان، ليس مجرد مرفأ، إنه شريان بديل يحرر الصين من اختناق مضيق ملقا، ويحوّل ميانمار إلى بوابة استراتيجية نحو جنوب وغرب آسيا. وعلى رغم العواصف السياسية، تشير تقديرات البنك الدولي إلى نمو متوقع بـ 2.8 % في العام 2025. رقم يبدو هزيلا على الورق، لكنه يخفي خلفه ثروات كامنة: صادرات الغاز الطبيعي بقيمة (3.5 مليار دولار) سنويًا، واحتياطي عالمي هائل من الحجر الكريم (اليشم) بقيمة 31 مليار دولار حسب منظمة 'غلوبال ويتنيس'، فضلًا عن الذهب، والنيكل، والقصدير، والزراعة التي ما تزال العمود الفقري لـ 60 % من السكان. لكن ميانمار لا تعاني فقط نقص الاستقرار، إنها تعاني نقص الكهرباء أيضًا. تقرير البنك الآسيوي للتنمية للعام 2024 يحذر من فجوة طاقة تتطلب إضافة 4 جيجاوات بحلول 2030. هنا، تُفتح أمام رؤوس الأموال الخليجية أبواب استثمارية ضخمة في الطاقة المتجددة، من الشمس والرياح إلى الهيدروجين الأخضر، في سوق تكاد تخلو من المنافسة الغربية. الفراغ الذي خلّفه انسحاب الشركات الأمريكية والأوروبية لم يبقَ طويلًا؛ الصين وتايلاند وسنغافورة والهند سارعت لملئه. ومع ذلك، ما تزال هناك فجوات حادة في البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والصناعات الغذائية، لاسيما في قطاع الأغذية الحلال، الذي يخدم الأسواق المحلية والإقليمية من بنغلاديش إلى ماليزيا. كلما انسحب الغرب مدفوعًا بأخلاقياته السياسية، اتسعت المساحة أمام من يفكر بعقلية السوق لا بشعارات العقوبات. رأس المال الخليجي، في سعيه نحو تنويع ذكي، أمام فرصة نادرة لدخول سوق ترتبط بشبكات التجارة الصينية والهندية، وتتموضع خارج خطوط النار الجيوسياسية التقليدية. ميانمار ليست هامشًا مهملًا في دفتر آسيا، بل مرآة تعكس معادلة صلبة، فحين تحجب الصراعات أفق السياسة، يظل الاقتصاد يبحث عن ممرات ضوء خلف الجدران المتصدعة. وما يراه البعض مقامرة محفوفة بالمخاطر، قد يكون في الحقيقة استراتيجية استباقية لمن يفهم أن الاقتصاد مثل الماء لا يعترف بالحواجز، بل يبحث عن أي ثغرة لينساب منها.


البلاد البحرينية
منذ 9 ساعات
- البلاد البحرينية
'النووي السلمي' شراكة بحرينية أميركية نحو الحياد الكربوني
قبل فترة ليست ببعيدة أصدر ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، توجيهًا لدخول البحرين عالم الطاقة النووية السلمية، ليُمهّد الطريق لمستقبل مستدام ومزدهر. ليأتي اليوم، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ليترجم هذا التوجيه الحازم لوضع هذه الرؤية على سكة التنفيذ، معلناً بداية فصل جديد من التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية السلمية. توقيع البحرين مع الولايات المتحدة هذا الاتفاق في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والتغيرات الجيوسياسية المتسارعة، هي خطوة تعكس مستوى الشراكة البحرينية الأميركية، ومكانة المملكة الاستراتيجية في الخليج العربي. هذا الاتفاق ليس مجرد وثيقة تقنية، بل هو إقرار واضح من واشنطن بمصداقية البحرين واستقرارها السياسي، ودليل على التزام أمريكا بدعم حلفائها الإقليميين في مواجهة التحديات المتزايدة. حينما أعلنت البحرين التزامها بالوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون بحلول 2060، لم يُثر الأمر ضجيجًا في عواصم القرار. دولة صغيرة، ذات مساحة محدودة، وقاعدة صناعية متوسطة. لكن ما فات الكثيرين أن البحرين ليست في سباق أحجام، بل في سباق إرادات، وتدرك البحرين أن الطاقة النظيفة لم تعد ترفًا نخبويًا، بل ضرورة وجودية، وأن الأسواق ستلفظ في النهاية الدول الملوثة. إذًا المنامة ترى أن المفاعل السلمي المدني يعد بمثابة صكًا أخضر في محاكم العالم البيئي القادمة. وفي منطقة طالما ارتبطت ثروتها بما يخرج من جوف الأرض، تتطلع البحرين الآن إلى ما هو أكثر دقةً، وأكثر نظافةً، وأكثر استدامة: الطاقة النووية السلمية. قرار الدخول إلى النادي النووي لم يأتِ صدفة، ولم يكن رفاهية. بل هو، في عمقه، إعلان عن وعي استراتيجي جديد أن أمن الطاقة لا يُشترى، بل يُبنى. جلالة الملك المعظم حين وجه بالمضي نحو مشروع نووي سلمي، لم يكن يتحدث عن مشروع تقني فحسب، بل عن مستقبل سيادي للطاقة، يتجاوز اللحظة، ويتقاطع مع رؤية أوسع للمنطقة. فالمسألة هنا ليست 'لحاقًا' بمن سبق، بل اختيار توقيت مناسب ومبني على معطيات مدروسة، توفر للبحرين طاقة خضراء للكهرباء والتحلية والصناعات النووية الطبية.وفي ظل نمو سكاني واقتصادي متسارع، واحتياجات كهربائية متزايدة، يمثل النووي السلمي مصدرًا ثابتًا وموثوقًا للطاقة، يدعم الصناعات المحلية ويُقلل من الاعتماد على الغاز، ويمثل ركيزة محورية لتحقيق هدف الحياد الكربوني البحريني دون التفريط في التنمية الاقتصادية. إن هذا المشروع سيفتح آفاقًا واسعة لتدريب المهندسين والعلماء البحرينيين، ويدفع بالجامعات لتأسيس برامج متقدمة في الفيزياء النووية والهندسة. (اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الإلكتروني) ولا تعمل البحرين بمعزل عن جيرانها، بل تختار تجارب ناجحة لتستلهم منها نماذجها الخاصة. وقد كانت التجربة الإماراتية في 'براكة' مثالًا يُحتذى، إذ يوفر هذا المفاعل 25 % من الطلب المحلي للكهرباء، ويقلل الانبعاثات بواقع 22 مليون طن سنويًا، وأوجد نحو 3000 كادر إماراتي متخصص في المجال النووي السلمي. وترجمة توجيه جلالة الملك لدخول البحرين في الطاقة النووية السلمية الذي يهندسه وينفذه سمو ولي العهد رئيس الوزراء يعد نضج سياسي وليس طموح تقني فقط. وقد أدركت البحرين اليوم أن البيئة الدولية مهيأة والوعي المحلي مكتملا، والنماذج الناجحة واضحة المعالم.


البلاد البحرينية
منذ 15 ساعات
- البلاد البحرينية
بتوقيع ترامب.. واشنطن تمهد الطريق لنظام مالي مشفر بالكامل
في خطوة تعد الأهم في تاريخ الأصول المشفرة في الولايات المتحدة والعالم، وقّع الرئيس دونالد ترامب قانون "جينيوس" (GENIUS Act )في 18 يوليو 2025، معلنًا بذلك عن أول إطار قانوني من نوعه لتنظيم العملات المستقرة (Stablecoins)، وخاصة المرتبطة بالدولار الأميركي. قانون جينيوس ليس مجرد إصلاح تنظيمي، بل لحظة تحوّل في علاقة الناس والحكومات بالمال. إنه قانون يعيد تعريف "الثقة" في عالم رقمي، ويفتح الباب أمام جيل جديد من الأدوات المالية التي قد تكون أكثر عدالة، وأكثر كفاءة، وربما... أكثر مراقبة. في ظل هذا التحوّل غير المسبوق، سيكون على الحكومات والمستهلكين والمستثمرين أن يتكيفوا مع نظام مالي جديد، حيث لم تعد البنوك وحدها هي من تصنع المال، بل الكود البرمجي أصبح لاعب رئيسي في هذه الصناعة القديمة. كما أدى التوقيع على القانون إلى ارتفاع في القيمة السوقية للعملات المشفرة إلى أكثر من 4 تريليونات دولار، مدفوعًا بتدفقات كبيرة نحو العملات المستقرة وارتفاع البتكوين إلى 123 ألف دولار قبل أن ينخفض ليستقر عند مستويات الـ 117 ألف دولار ما هو قانون جينيوس؟ قانون "جينيوس" الذي أقرّه الكونغرس الأميركي بأغلبية كبيرة، ثم وقّعه الرئيس دونالد ترامب ليصبح ساري المفعول، يُعد أول إطار قانوني شامل للعملات المستقرة (Stablecoins)، وهي عملات رقمية مرتبطة بأصول ثابتة مثل الدولار الأميركي أو الذهب. أبرز بنود القانون: سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن الإقرار التنظيمي الذي يمنحه قانون "جينيوس" يضع العملات المستقرة على طريق يؤهلها للعب دور محوري في مستقبل المال عالميًا. ومثل تنظيم "ميكا" الأوروبي (MiCA)، يشترط القانون: أن تكون العملات المستقرة مدعومة بالكامل باحتياطيات آمنة مثل النقد أو سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل يشترط على الشركات الحصول على ترخيص من الجهات التنظيمية الفيدرالية. يخضع المصدرون لمراقبة مستمرة من قبل وزارة الخزانة الأميركية وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC). يُتيح للفيدرالي (البنك المركزي) التدخل في حال وجود تهديد للاستقرار المالي. كل هذه الإجراءات تُسهم، بدرجة ما على الأقل، في الحماية من الانتهاكات. ومن المؤكد، كما يأمل المشرّعون، أن تُسارع باعتماد العملات المستقرة المقومة بالدولار محليًا ودوليًا. ومن خلال منح العملات المستقرة موطئ قدم آمن داخل النظام المالي المنظم، تصبح الجهات الأميركية المُصدِرة في موقع الريادة للحفاظ على هيمنة الدولار في المدفوعات عبر الحدود. 1. مدفوعات أسرع... وربما أرخص القانون يمهّد الطريق أمام استخدام العملات المستقرة – وهي عملات رقمية مدعومة بأصول حقيقية كالدولار – في المعاملات اليومية، ما يعني أن التحويلات المالية بين الأفراد أو الشركات يمكن أن تتم في ثوانٍ دون الحاجة إلى وسطاء أو بنوك تقليدية. 2. نهاية زمن "الرسوم الخفية"؟ بفضل القانون، سيتعين على الجهات المُصدرة للعملات الرقمية أن تحتفظ باحتياطيات مضمونة تعادل قيمة ما تصدره من عملات، ما يعزز ثقة المستهلك ويقلل من مخاطر الانهيار أو التلاعب. هذا سيسمح للبائعين والمشترين بالتعامل بثقة أكبر ويقلل من الاعتماد على البطاقات المصرفية و"الرسوم الخفية" المرافقة لها. 3. طفرة في الابتكار... وفرص عمل جديدة من خلال ترسيخ الإطار القانوني، يفتح القانون الباب أمام شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، ما قد يؤدي إلى ظهور تطبيقات ومحافظ رقمية جديدة تسهّل التعامل بالعملات المستقرة، وتوفّر فرص عمل في مجالات البرمجة، التحليل، والأمن السيبراني. 4. رقابة أقوى... وخصوصية أقل؟ في المقابل، يُثير القانون مخاوف من مزيد من الرقابة الحكومية، إذ ستكون للهيئات التنظيمية مثل هيئة الأوراق المالية الأميركية سلطة أكبر في متابعة حركة الأموال الرقمية، ما قد يمس بمبدأ "الخصوصية" الذي دافعت عنه مجتمعات العملات المشفرة منذ البداية. 5. نحو عصر الدولار الرقمي؟ "قانون جينيوس" يُعد خطوة أولى نحو ما يسميه البعض "عصر الدولار الرقمي"، حيث تكتسب الأصول الرقمية الطابع الرسمي كجزء من النظام المالي الأميركي. وإذا ما تبنّت الحكومات الأخرى هذا النهج، فقد نشهد قريبًا منافسة بين عملات مستقرة وطنية، تقلب موازين التجارة العالمية. مخاطر القانون الجديد لكن التحول التكنولوجي الذي يوشك أن يضرب قطاع المدفوعات محفوف بالمخاطر. ففي حال نجاح العملات المستقرة، من المحتمل أن تقتطع من أعمال البنوك، دون أن تخضع لمستوى مماثل من الرقابة التنظيمية. ولدى الولايات المتحدة تجربة مؤلمة في هذا الصدد؛ ففي منتصف القرن التاسع عشر، وخلال فترة "البنوك الحرة" التي أعقبت الحملة الناجحة للرئيس أندرو جاكسون ضد البنك المركزي الفيدرالي الأولي، سادت حالة من الفوضى النقدية حيث كانت كل مؤسسة مصرفية تصدر عملتها الخاصة، ما أدى إلى تباين واسع في قيم صرف تلك العملات. وقد حذر بنك التسويات الدولية (BIS) من تكرار هذا السيناريو عبر إصدار عملات مستقرة خاصة تتنافس فيما بينها. وقد يُخفف قانون "جينيوس" ونظراؤه من هذا الخطر، لكن — كما هو الحال مع البنوك — لن يكون أمام الحكومة المركزية في النهاية خيار سوى الوقوف خلف القيمة الثابتة للعملة عندما تسوء الأمور. وهذا أحد الأسباب التي دفعت محاكم قضائية أخرى — مثل محاكم الاتحاد الأوروبي والصين — إلى تطوير عملات رقمية صادرة عن البنوك المركزية، تُشبه العملات المستقرة لكنها تُصدر بشكل عام. أما السبب الآخر، فهو الخشية من أن العملات المستقرة المقومة بالدولار والمستخدمة في المدفوعات الدولية قد تتسلل إلى اقتصاداتهم وتؤثر عليها. وبالتالي، فإن الاستقرار المالي الدولي سيواجه قريبًا تهديدًا من معركة ناشئة بين العملات المستقرة الخاصة التي تروج لها الولايات المتحدة — لا سيما أن الكونغرس يدرس قانونًا يحظر عملة رقمية أميركية مركزية (CBDC) — وبين اليورو الرقمي والرنمينبي الصيني. وأخيرًا، رغم الترويج للعملات المستقرة على أنها الزاوية "الأكثر احترامًا" في عالم الأصول المشفرة، فإنها تشكّل أيضًا بوابة لأنشطة أكثر خطورة. إذ إن سهولة الدخول والخروج من النظام المشفّر التي تتيحها هذه العملات تُعد من أبرز دوافع دعم القطاع لها. وفي هذا السياق، يناقش الكونغرس قانونًا ثالثًا بعنوان "قانون الوضوح" (Clarity Act) يهدف إلى تمهيد الطريق أمام الصناعة المشفرة الأميركية الأوسع. توجد اليوم تحالفات غير نزيهة خلف الدفع الأميركي باتجاه التشفير — تدمج بين المصالح الاستراتيجية في تنمية قطاع تتصدره الولايات المتحدة، والسعي لجذب تدفقات مالية عالمية، وخفض تكاليف تمويل الحكومة، وتعزيز عدد من مخططات "الثراء السريع"، بما في ذلك تلك التي يُشتبه بارتباطها بعائلة ترامب نفسها، بحسب صحيفة فاينانشال تايمز. إن رقمنة المال أصبحت أمرًا لا مفر منه. لكننا شهدنا مرارًا وتكرارًا كيف يمكن للابتكار المالي، إذا تُرك بلا ضوابط، أن يخلف دمارًا واسعًا. لقد اختارت الولايات المتحدة مسارها — وعلى الدول الأخرى أن تدرس خياراتها بعناية. "قانون جينيوس" ليس مجرد تنظيم مالي، بل هو بداية لثورة مالية صامتة ستغير كيف ندفع، وكيف ندخر أموالنا، وكيف ننظر إلى العملات ككل؟ لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات جديدة على صعيد الأمن، الخصوصية، والسيطرة النقدية.