
تحدّيات الخروج من أزمة الكهرباء في سورية
الإعلان عن توقيع مذكرة تفاهم لبناء خمس محطات توليد كهرباء، باستطاعة خمسة آلاف ميغاواط (تشكّل أكثر من 60% من طاقة التوليد التي كانت مركّبة في سورية سنة 2010، وقدرها نحو 8500 ميغاواط)، باستثمار أجنبي تُقدّر قيمته بنحو سبعة مليارات دولار، شكّل حدثاً، ليس اقتصاديّاً واجتماعيّاً كبيراً وحسب، لأنّ الكهرباء تشكّل عصب الحياة المنزلية وعصب الاقتصاد، بل وشكّل حدثاً سياسيّاً أيضاً، لأنّ شركات قطرية وأميركية وتركية ستُشارك معاً في المشروع، ولأنّ مراسم التوقيع قد جرت بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، والقائم بأعمال سفارة قطر في دمشق خليفة عبد الله المحمود الشريف، وسفير تركيا في دمشق السفير برهان قور أوغلو، ومبعوث واشنطن الخاص إلى دمشق توماس باراك، الذي أشاد بالخطوة، وقال: "هدفنا تمكين التجارة لا الفوضى". وسيوفّر المشروع أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة أورباكون القابضة السوري - القطري، رامز الخياط، ما يسهم في دعم سوق العمل في سورية. ويشير هذا التجمّع الى الاهتمام بدفع سورية نحو طريق التعافي، الذي يأمل السوريون أن يستمرّ، ويتكلّل برفع كامل لكل العقوبات التي فُرضت على النظام السابق، بسبب جرائمه بحقّ الشعب السوري.
المشروع ومراحله
يتكوّن المشروع من بناء أربع محطّات توليد كهرباء، بتوربينات غازية تعمل بالدورة المركبة (CCGT) التي تتيح استخدام الحرارة الناتجة عن احتراق الغاز لتشغيل توربين بخاري إضافي، ما يزيد من كفاءة استهلاك الوقود ويخفض الانبعاثات. وتقع المحطات في مناطق: تريفاوي (حمص، ولعل المقصود جندر، حيث يوجد محطة توليد من قبل)، وزيزون (حماة - سهل الغاب)، ودير الزور (وآمل أن يكون في حقل التيم، فهو الموقع الأفضل)، ومحردة (في محافظة حماة)، بسعة توليد إجمالية تقدّر بنحو أربعة آلاف ميغا، إضافة إلى محطة طاقة شمسية بسعة ألف ميغا، في وديان الربيع جنوب دمشق.
يشترك في هذا الاستثمار تحالف من أربع شركات (المستثمر): أورباكون القابضة، من خلال شركتها التابعة "يو سي سي كونسيشنز إنفستمنتس"، وهي شركة قطرية متخصّصة في امتيازات الطاقة والإنشاءات، وهي قائدة هذا التحالف. "باور إنترناشيونال يو إس إيه، ذ.م.م"، وهي شركة أميركية متخصّصة في الاستثمارات الاستراتيجية في مجال الطاقة. "كاليون جي إي إس إنرجي ياتيريميلاري"، وهي شركة تركية مستثمرة ومطوّرة لمشاريع الطاقة المتجدّدة. "جينكيز إنرجي سان. في تيك"، وهي شركة تركية متخصّصة في تطوير مشاريع الطاقة وتشغيلها.
ما تمّ مذكرة تفاهم MOU، أشبه بخطاب النيات، أي لا شيء ملزماً بها ما لم تتحوّل إلى عقد
وقد وقّع مذكرة التفاهم، مع وزير الطاقة السوري محمد البشير، كلٌّ من محمد معتز الخياط رئيس مجلس إدارة أورباكون القابضة، ومحمد جنكيز رئيس مجلس إدارة جنكيز للطاقة، وأورهان جمال كاليونجو رئيس مجلس إدارة شركة كاليون للطاقة، ومازن السبيتي الرئيس التنفيذي لشركة باور إنترناشيونال يو إس إيه.
سيبني هذا التحالف المحطات المذكورة على نفقته الخاصة، ويكون نموذج الاتفاق مع الحكومة وفق ما يعرف بنموذج BOT أو BOOT، وهي اختصار للكلمات الإنكليزية Build, Operate/own and Transfer، وتعني: ابنِ المحطات وشغلّها واستثمرها لحسابك/ امتلكها، وفق معادلة متفّق عليها ولمدّة متفق عليها مع الحكومة، ثم أعد المحطة إلى الدولة، بعد انقضاء المدّة المتفق عليها، وهي عادة بحدود 20 – 25 سنة تبدأ من يوم وضع المحطّات الجديدة في الخدمة. وعلى المستثمر أن يعيد المحطات للحكومة، وهي بحالة جيدة، بعد انتهاء مدّة الاتفاق.
سيمرّ بناء المحطات الخمس بمراحل عدّة، تمتدّ إلى سنوات ثلاث وربما أكثر، إلى أن تصبح جاهرة لتزويد الشبكة بالكهرباء:
الأولى، التعاقد:
إبرام العقد بين المستثمرين والحكومة السورية، فما تمّ مذكرة تفاهم (MOU)، وهي أشبه بخطاب النيات، أو "الخطوبة"، أي لا شيء ملزماً بها ما لم تتحوّل إلى عقد. ... يتطلّب إبرام العقد إعداد ملفٍّ فنيٍّ ضخم، يتضمّن المواصفات الفنية العامة، والشروط التجارية والمالية، ويعدّ ملف العقد مهندسون وفنيون وماليون وتجاريون لديهم خبرات وافية، وربما يستغرق ذلك الأمر شهرين بمساعدة جهاتٍ ذات خبرة. وتالياً أهم مراحل التعاقد:
أ- تحديد نموذج الاتفاق أو ما يسمّى بالإنكليزية "Business Model"، وقد جرى اختيار نموذج BOT أو BOOT، كما ذُكر أعلاه، حيث يبني المستثمر المحطات، وتلتزم الدولة بتأمين الغاز للمحطّات الجديدة الأربع (الخامسة طاقة شمسية)، سواء من إنتاج حقول الغاز السورية أو استيراداً من تركيا أو من مصر عبر خط الغاز العربي القادم من مصر عبر العريش وخليج العقبة ثم إلى سورية عبر الأردن، وهو موجود، أو من العراق حيث توجد حقول غاز كبيرة في الأراضي العراقية قريبة من الحدود السورية، وربطها سهل من منطقة تقع الآن تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، لأنّ إنتاج الغاز واستيراده بيد الدولة ومسؤوليتها. ويتم عادة وضع معادلة لتحديد سعر بيع الغاز من الدولة إلى المستثمر بالدولار بدلالة أسعار الفيول بالدولار. وفي الوقت نفسه، تشتري الدولة الكهرباء من المستثمرين بسعر محدّد، وتتولّى توزيع الكهرباء على المستهلكين وتقبض الثمن منهم، ولا يمكن جعل المستثمرين يوزّعون الكهرباء، لأكثر من سببٍ، منها أن لدى الدولة أيضاً محطات توليد كهرباء، وأنها تملك شبكة النقل والتوزيع ومحطات التحويل، كما يجب الاتفاق على عدد سنوات الاستثمار، إذ تعود المحطّات بعد ذلك للدولة السورية (ربما 25 عاماً)، ويستردّ المستثمر رأسماله عادةً خلال خمس إلى سبع سنوات.
سيمرّ بناء المحطات الخمس بمراحل عدّة، تمتدّ إلى سنوات ثلاث وربما أكثر، إلى أن تصبح جاهرة لتزويد الشبكة بالكهرباء
ب- إصدار العقد بقانون، سيصدر الرئيس مرسوماً بتصديق القانون، (لعدم وجود مجلس شعب) ونشر العقد في الجريدة الرسمية، ويعدّ إصدار العقد بقانون أمراً ضروريّاً، كونه سينصّ على موضوعات عديدة تُخالف التشريعات النافذة الآن، مثل التشريعات الحالية الحاكمة التي تقيّد استقدام فنيين أجانب، إن لزم الأمر (هنا تضع الدولة نسبة صغيرة من إجمالي العاملين كسقف 5% مثلاً للمستثمر، وأكثر من ذلك للشركات التي تبني المحطّات لأنها تحتاج ذلك في فترة البناء)، ثم تُحدّد كيفية تسديد أجورهم وتحويلات رواتبهم، وإخضاعهم لضريبة دخل الرواتب، وإعادة تحويل الأرباح إلى خارج سورية، وإعفاء مستوردات المشروع من الرسوم الجمركية ومن قواعد الحظر والمنع، والإدخال المؤقّت للآليات والمعدّات، ووضع شرط بأن تنسحب تلك الإعفاءات على المقاولين الذين سينفذون المحطّات (متعهّد التنفيذ) وغيرها، وعلى الدولة أن تشترط تسديد الضرائب على الأرباح، من المستثمر والمقاولين العاملين معه. ويمكن الاتفاق على نسبة معينة لقاء الضريبة على الأرباح من قيمة ما يقبضه المستثمر من الدولة ثمن كهرباء (مثلاً 3% أو 4% مقطوعة من قيمة العقد، وتخصم من كل فاتورة تسدّدها الدولة إلى المستثمر)، وهذا أفضل من إجراءات التكليف والتحصيل المعتادة التي شابها فسادٌ واسعٌ وتهرّب ضريبي كبير.
ت- إلزام المستثمر بتسجيل جميع العاملين لديه في التأمينات الاجتماعية، أي عكس ما ذهب إليه وزير الاقتصاد السوري أخيراً، فحقوق العمال لا يجوز المساومة عليها، ولا يجوز تقديمها هدية مجانية للمستثمرين. ويجب أن توضع في العقد/ العقود شروط جزائية على كلّ من المستثمر والدولة، في حال الإخلال بالتزاماتهما العقدية (كأن تتوقّف المحطّات عن إنتاج الكهرباء أكثر من عدد محدد من الأيّام في السنة، منفصلة أو متصلة، وهذا يعدّ إخلالاً من المستثمر، أو أن تتأخّر الدولة بتوريد الغاز الكافي لتشغيل المحطات، ويعدّ ذلك إخلالاً من الحكومة، وهنا يحدّد مقدار التعويض عن التأخير أو طريقة حسابه. وهذا يعني أنّ على الحكومة أن تتأكّد من توفير الغاز للمحطات الخمس.
ث- الاتفاق على كيفية حلّ الخلافات بين الحكومة والمستثمر، وعلى القانون الذي تخضع له اتفاقية الاستثمار والمحكمة التي تقضي بحل الخلافات.
المرحلة الثانية، بناء المحطات الخمس
: بعد تصديق العقد ونشره، تُصدر الوزارة أمر المباشرة وتسليم مواقع بناء المحطات جاهزة وخالية من أيّة عوائق، ويكون المستثمر قد قدّم كفالة حسن التنفيذ (Performance Bond)، ويستكمل المستثمر إقامة مكاتبه وطاقم العاملين في إدارة المشروع ويؤسّس مكاتبه في دمشق وفي مواقع المحطّات الخمس، ويمرّ إنشاء المحطات بالمراحل التالية:
أ- إعداد ملف فني مفصّل مع الرسومات الهندسية، وإعداد ملف مالي وتجاري للإعلان عن استدراج عروض أسعار لتنفيذ المحطات الخمس، وهذا موضوع يحتاج أسابيع من العمل، ومئات الصفحات الفنية والمالية والتجارية، وعلى المستثمر أن يختار بين إعلان واحد يشمل المحطّات الخمس، أو خمسة إعلانات متفرّقة، وبالتالي خمس شركات منفّذة، وهذا أفضل، لأنّ الإعلان الواحد يعني أنّ عدداً قليلاً جدّاً من الشركات سيتنافس على الفوز بالمشروع، وتعطى عادة مهلة ستة أشهر لتقديم الشركات الأجنبية المتخصّصة العروض، ويحتاج ثلاثة أشهر أخرى لتقييم العروض وإرساء العرض أو العروض على الشركات التي قدّمت أفضل العروض الفنية والمالية والتجارية، ويحتاج تقييم العقود وكتابة العقد إلى مختصّين من ذوي الخبرة ويقوم بها المستثمر عادة.
على المستثمر أن يعيد المحطات للحكومة، وهي بحالة جيدة، بعد انتهاء مدّة الاتفاق
ج- إبرام العقود مع الشركات الفائزة الخمس، ووضعها قيد التنفيذ وإعطاؤها أمر المباشرة، ويستغرق هذا الأمر عادة ثلاثة أشهر، وهنا توجد كفالاتٌ بنكيةٌ ابتدائية حين تقديم العروض وكفالات بنكية لحسن التنفيذ بعد إرساء العقود.
ح- يستغرق بناء المحطات قرابة السنتين من تاريخ المباشرة، لأن العنفات (The Turbine) لا تتوفّر في المستودعات، بل يُطلب تصنيعها من عدد محدود من الشركات العالمية التي تصنع العنفات/ التوربيات، ويستغرق تصنيع العنفة سنة، ثم تأتي عملية نقلها وتركيبها واختبارها، ثم التسليم والاستلام، وتبدأ المرحلة التجريبية وتكون ربما لشهر. ومن ثم ستبلغ المدة بين التعاقد وبدء إنتاج الكهرباء أكثر من ثلاث سنوات للمحطّات الأربع التقليدية المعتمدة على الغاز، أما محطّة الطاقة الشمسية، فتكون أقلّ من ذلك.
المرحلة الثالثة: التشغيل
: مع بدء تشغيل المستثمر المحطات الخمس، بعد سنوات ثلاث تقريباً، يجب أن تكون الدولة قد ضمنت توريد كمية كافية من الغاز لتشغيل المحطّات، ويضمن المستثمر تشغيل المحطات بكفاءة، وسيتم تحويل الطاقة المُنتجة إلى الشبكة، حيث تتولى شركة توزيع الكهرباء إيصالها إلى المستهلكين، من منازل ومصانع ومشاغل ومحلات تجارية ومزارع وغيرها، وستحصِّل الشركة الحكومية قيمة الكهرباء بالليرات السورية، لكنها ستسدّد قيمة الكهرباء المولّدة للمستثمر بالدولار، بعد خصم قيمة الغاز المورد وخصم الضرائب، وأي استحقاقاتٍ أخرى، أي يجب أن يكون لدى الدولة موارد كافية بالدولار، كي تستطيع الالتزام بالتسديد من دون تأخير، كي لا يفرض عليها غرامات.
يظهر من كلّ ما تقدم أن إدارة هذا الاستثمار والإيفاء باحتياجاته أمرٌ في غاية التعقيد، ويحتاج كفاءاتٍ لديها خبرات طويلة، ولكن وزارة الطاقة (أسوة ببقية الوزارات والمؤسّسات الحكومية) كانت قد صرفت أصحاب هذه الخبرات من الخدمة، فما العمل سوى إعادة هؤلاء لخدمة وطنهم.
كي لا ننتظر ثلاث سنوات
بالطبع، يجب عدم الانتظار ثلاث سنوات، فلدى سورية حقول إنتاج غاز ومحطّات توليد، وهي تحتاج إلى صيانة، ويمكن القيام بإجراءات عاجلة تزيد من توليد الكهرباء خلال بضعة أشهر، حتى السنة. وتعمل وزارة الطاقة الآن لتأمين زيادة ساعات وصول الكهرباء إلى أربع ساعات، ثم ست ساعات، لتصل في العام القادم إلى عشر ساعات كلّ 24 ساعة، بدلاً من ساعتين حالياً، ويمكن أن يتحقّق هذا عبر مجموعة إجراءات:
أ- صيانة حقول الغاز، ويقع معظمها غرب تدمر وجنوبها وشمالها، وقد كانت سورية تنتج نحو 25 مليون متر مربع في اليوم، سنة 2010 من كل حقول الغاز والنفط أيضاً، حيث يخرج بعض الغاز مع النفط ويسمّى الغاز المصاحب، بما يؤدّي إلى زيادة الإنتاج الحالي ليبلغ ربما نحو 40% من الكمية المنتجة 2010 من الغاز، وتأمين ما يكفي لعشر ساعات من الكهرباء يوميّاً.
ب- تخطّط الوزارة لاستكمال صيانة عدّة محطات توليد، منها محطة توليد اللاذقية (526 ميغاواط)، والمرحلة الثانية من محطة دير علي (750 ميغاواط)، ولإعادة تأهيل محطة توليد حلب (600 ميغاواط). ويمكن أن تؤدي صيانة حقول الغاز ومحطات التوليد إلى رفع إنتاج محطات التوليد إلى أربعة آلاف ميغاواط، يمكن أن تؤمن إمداد بالكهرباء لنحو 12 ساعة، في حال تنفيذها حتى العام المقبل.
ت- صيانة شبكات نقل الكهرباء التي لحق بها دمار كثير خلال سنوات الحرب.
ث- صيانة عدة محطات للتحويل وبناء محطّات تحويل جديدة.
ج- معالجة الفاقد، وأسبابه كثيرة، وهو لا يقل عن 25% من الطاقة المولدة.
ولكن هذا كله يتطلب تمويلاً يبلغ مئات ملايين الدولارات، ولا تملك الخزينة حالياً هذه المبالغ، ويمكن تأمينها عبر مساعدات أو قروض.
من جهة أخرى، تبادر تركيا لزيادة توليد الطاقة في أمد قصير عبر طريقين: أ- تزويد سورية بالغاز الطبيعي من شبكتها الداخلية، وربطها بالشبكة السورية الداخلية للغاز، وقد صرّح وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، بانتهاء ربط خط أنابيب الغاز بين كلّس التركية وحلب السورية، إذ ستبدأ أنقرة توريد مليارَي متر مكعب من الغاز سنويّاً إلى سورية، لتغذية محطات توليد الكهرباء. ب- تعمل وزارة الطاقة السورية على استكمال ربط خط كهرباء باستطاعة 400 كيلوفولت، بين تركيا وسورية، مع توقعات بدخوله الخدمة بحلول نهاية العام الجاري.
نتيجة كل هذه الجهود، ستشهد سورية تحسّناً في أوضاع الكهرباء على ثلاث مراحل: الأولى، تحسّن جزئي تدريجي خلال الشهور المقبلة وحتى نهاية العام، حيث يمكن زيادة الأوقات إلى ست إلى ثماني ساعات خلال 24 ساعة، حسب التوقعات اليوم. الثانية، تحسين ملحوظ خلال سنة 2026، إذا نجحت الحكومة بصيانة حقول الغاز، واستطاعت تأمين غاز كاف، ونجحت في صيانة محطات التوليد واستعادة الجزء الأكبر من قدرات التوليد في سورية التي كانت 2010 وقدرها ثمانية آلاف ميغا. الثالثة تبدأ بعد ثلاث سنوات، بعد تركيب الخمسة آلاف ميغاواط المعلن عنها. وقد تبلغ الطاقة المركبة حينها 13 ألف ميغاواط، وسيكون هذا كافياً لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة نتيجة الفورة التنموية المتوقّعة في سورية في حال رفع العقوبات.
الدلالات
يحمل هذا المشروع الساعي إلى استعادة قدرة سورية على تأمين احتياجاتها من الكهرباء دلالاتٍ متعدّدة، فإلى جانب الدور الذي ستلعبه زيادة إنتاج الكهرباء ووصولها إلى البيوت في تحسين نوعية الحياة، والدور الذي سيلعبه وصول الكهرباء إلى المصانع والشركات والمحلات والمزارع في زيادة الإنتاج، فهو يحمل دلالة سياسية، ولعلها الأهم، إذ تفيد بأنّ هذا التصميم الدولي حالياً على مساعدة سورية في استعادة عافيتها، قد يستمر الى حين بلوغ إزالة كل العقوبات التي فرضت على النظام القديم وما زالت مستمرة، رغم سقوطه، ومن دون إزالتها، لن تفتح أبواب التعافي أمام سورية من مختلف الجوانب.
مصلحة السوريين جميعاً في إزالة العقوبات بغضّ النظر عن مواقفهم من السلطة الحالية
يبقى احتمال إزالة العقوبات رهن الإرادة الأميركية، سواء البيت الأبيض أو الكونغرس، وقد أزيلت بعضها، وجُمدت عقوبات قانون قيصر ستة أشهر، وهي العقوبات الأشد، ومن ثمَّ من المهمّ أن يستمر الزخم الحالي لرفع العقوبات، وإذا كنّا نضمن استمرار دعم الرياض والدوحة وأنقرة، فمن الصعب ضمان دونالد ترامب بمزاجه المتقلّب، وسلوكه الاستعراضي، فهو لا يعطي شيئاً بلا مقابل، وإن كان قد قبض ثمناً باهظاً فجاء قبوله الإعلان عن رفع العقوبات ومقابلة الرئيس أحمد الشرع كهدية البائع، فمن المتداول أنه طالب الشرع بتلبية شروط كي يتلافى النقد الذي سيوجّه له في الولايات المتحدة. وإذا كان بعض تلك الشروط ممكن التنفيذ، فإن بعضها الآخر يشكّل تحديّاً للشرع لأكثر من سبب، وقد يصعب الالتزام ببعضها خلال أجل قصير.
ضمن هذا الوضع المعقّد، مصلحة السوريين جميعاً في إزالة العقوبات بغضّ النظر عن مواقفهم من السلطة الحالية. ويعتقد أن إزالة العقوبات ستُسهم في دفع الأوضاع نحو الاعتدال، بينما ستدفع عودة العقوبات الأوضاع نحو التشدّد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
دمية لابوبو... الرغبة حين تتحوّل إلى عرض مفتوح
في مقال منشور في موقع Aeon البريطاني، يطرح أستاذ علم النفس التنموي وصاحب كتاب "علم السعادة"، بروس هود، سؤالاً: "هل نمتلك الأشياء أم هي من تمتلكنا؟". انطلاقاً من هذا السؤال، يعالج هَوَس البشر بالممتلكات، وكيف يؤثر هذا القهر السلعي على حياتهم واتخاذ قراراتهم، إذ يسلط الضوء على ظاهرة " الاستهلاك الظاهر" التي ابتكرها الاقتصادي ثورستين فيبلين، وتشير إلى ميل الأفراد إلى شراء سلع معينة لإظهار مكانتهم الاجتماعية. امتلاك السلع في عصرنا هذا، يصبح تعبيراً عن رغبة الإنسان الحديث بالانتماء إلى مجتمع متخيل، ولعل أوضح مفهوم يشرح هذا التداخل بين الذات والسلعة هو ما سماه خبير التسويق راسل بيلك "الذات الممتدة"، ويعني أن ما نملكه لا يبقى خارجنا، بل يُصبح جزءاً من هويتنا، وهكذا تصبح هواتفنا، وملابسنا، وحساباتنا الإلكترونية، كلها أجزاء من الأنا، من هويتنا المتخيلة، لا بل إن فقدان أحد هذه العناصر، كضياع الهاتف أو حذف حساب على "إنستغرام"، قد يُشعر بعضهم بأنه فقدان جزء من الذات، وليس مجرد خسارة مادية. بهذا، يصبح الاستهلاك فعلاً وجودياً، أي نحن لا نشتري أشياء، بل نعيد تكوين ذاتنا من جديد، ونشتق من هذه السلع شعوراً بالرضا من الإعجاب الذي نعتقد أن الآخرين يكنونه لنا، ونتماهى بممتلكاتنا حتى البسيطة منها، مع شريحة اقتصادية واجتماعية قد تكون بعيدة المنال. هذا الهوس بالاقتناء تُرجم أخيراً عبر دمية لابوبو التي أشعلت موجة عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، متجاوزةً حدود المتعة العابرة، لتصبح ظاهرة اجتماعية مثيرة للاهتمام، خصوصاً لمن شاهد حشود المستهلكين أمام متاجر الألعاب في الولايات المتحدة، وهم يصرخون ويتدافعون في طوابير أمام المتاجر. أما في الصين، موطن إنتاج الدمى، فاتخذت حمى شراء "لابوبو" طابعاً أخطر، فقد صادرت الجمارك الصينية أخيراً ما لا يقل عن 462 دمية، هُرّبت بغرض إعادة بيعها. وفي مشهد سوريالي، عُرضت حقائب مليئة بالدمى في مؤتمر صحافي رسمي، وكأنها مضبوطات في عملية تهريب مخدرات. تعود جذور الدمية إلى عام 2015، حين ابتكرها الرسّام كاسينغ لونغ، الهولندي المنحدر من هونغ كونغ، ضمن سلسلة رسوم مصورة بعنوان "الوحوش". وهذه السلسلة مستوحاة من الأساطير الاسكندنافية، إلا أن العقل الاستثماري القابع خلف عملاق التجارة الصيني "بوب مارت"، استثمر نجاح هذه السلسلة، وعجل بتحويلها إلى دمية صغيرة، إذ طرحت الشركة نسخة من الدمية على شكل ميداليات مفاتيح عام 2019، واستمرت بالترويج لها حتى وصلت عائدات "بوب مارت" عام 2024 إلى نحو 1.81 مليار دولار. وسرعان ما تحولت الدمية ذات العيون اللامعة، والأنياب المسننة، والابتسامة المخيفة، والأذنين المدببتين، إلى حمى مستشرية في ثقافة البوب العالمية، لا سيما بعد التحديث الجديد من "لابوبو" التي أصبحت تباع في Blind Boxes (صندوق مغلق)، ما أثار حافزاً أكبر للشراء على أمل الحصول على ما هو نادر وغريب، مستثمرة ميل المشترين إلى المفاجأة، فالمشتري لا يعرف ما ينتظره، وكل ما يملكه هو تمنيات بأن تكون اللعبة بلون وشكل معينين، تاركاً رهانه على الحظ، فإذا تحققت أمنية المشتري الطفولية، وحصل على ما تمناه، تصيبه تلك السعادة العارمة، لا سيما مع إنتاج نموذج "سيكريت" النادر، الذي يظهر بنسبة 1.4% فقط، فيُباع في المزادات الإلكترونية بسعر 1920 دولاراً، بينما تتراوح أسعار الصناديق في المتاجر الآسيوية بين 13 و16 دولاراً فقط. وعطفاً على الذات الممتدة، فما إن نشرت كل من ريانا، وليسا (نجمة فرقة بلاك بينك) صورتيهما مع دمية لابوبو، حتى تحوّلت الدمية إلى ظاهرة عالمية، تُقتنى وتُعرض وتُروَّج هستيرياً، ربما رغبةً في التماهي مع حالة النجومية والشعبية الهائلة التي تتمتع بها الفنانتان. في المقابل، فإن هذا الانتشار الهائل لا يتعلق فقط بنجومية الفنانتين، بل يكشف عن آلية أعمق تتحكم في ديناميكية المجتمع المعاصر، المتمثلة بالإنتاج والرفاه والتسليع، إذ لم تعد المنتجات تُستهلك لحاجتها الوظيفية، بل لما تحمله من رموز ضمن المجتمع المعاصر. في كتابه ?To Have or To Be، يصف إريك فروم الإنسان الاستهلاكي بأنه الرضيع الأبدي، الذي لا يكفّ عن الصياح طلباً لزجاجة الرضاعة. الاستهلاك هنا ليس مجرد فعل اقتصادي، بل هو تعبير عن حالة نفسية، تنزع إلى الاقتناء بوصفه نوعاً من إثبات الوجود. السيارات والتلفاز والسياحة والجنس… كلها رموز لهذه الرغبة النهمة التي تبتلع العالم بدل أن تفهمه أو تتفاعل معه، ويصبح المستهلك في دوامة لإعطاء إجابة ملموسة على السؤال الأزلي: من أنا؟ تنعكس هذه الثقافة في فن البوب آرت، الذي استمدّ مادته من إعلانات الشوارع، والمجلات المصورة، والمسلسلات الشعبية. في هذا الفن، تغدو السلعة بطلة المشهد. ليس الفن غاية، بل وسيلة لعرض ما هو قابل للبيع، وتفكيك ما تبقى من عمق إنساني. سوشيال ميديا التحديثات الحية غوريلا واحدة ضد 100 رجل... من ينتصر؟ إنها ثقافة السطح، إذ تسود الدعاية محل المعنى، وتستبدل معايير الذائقة الشخصية بما هو رائج. يسمّي السوسيولوجي الفرنسي، جيل ليبوفيتسكي، هذا التحوّل بـ"حضارة الرغبة". زمنٌ لم يعد فيه الاستهلاك استجابة لحاجة، بل نمط حياة قائم على الإرضاء الفوري، من موسيقى الروك إلى المجلات الملونة، من موضة الفتيات على أغلفة المجلات إلى التحرر الجنسي... كل شيء يتحوّل إلى عرض دائم، هدفه إثارة الرغبة، ليس إشباعها. في المجتمع المعاصر، لم يعد المستقبل هو ما ننشد، بل اللحظة: الآن، وفوراً. وهكذا، يُختزل الزمن في حاضر دائم من الإثارة والاستهلاك. لكن هذا الاستهلاك لم يعد عامّاً ومحايداً. نحن اليوم في عصر الاستهلاك العاطفي، أو كما يسميه بعض الباحثين "الاستهلاك ذو الطابع الحميمي". هنا، لم تعد المنتجات تُشترى لأجل وظيفتها، بل لما تمنحه من مشاعر: الطمأنينة، والانتماء، والتميز، وحتى الحب. في هذا السياق، تُسوَّق دمية لابوبو ليس بوصفها منتجاً، بل على أنّها أداة تعبير عن الذات في الفضاء الرقمي نعيد عن طريقها تشكيل صورتنا كما نرغب أن يراها الآخرون. ليست "لابوبو" مجرّد دمية لطيفة بملامح غريبة، بل هي جزء من موجة أوسع تُعرف بثقافة الكيوت الآسيوية، أو ثقافة الكاواي اليابانية، التي تتمحور حول البراءة والطفولة. وكلمة كاواي التي تعني "لطيف"، تعدت معناها اللغوي نحو اتجاه ثقافي أكبر، يشمل أشكالاً متعددة من وسائل الإعلام، والأزياء، والفن، والمنتجات الاستهلاكية، إذ أعيد إنتاج الطفولة لتصبح سلعة جذابة قابلة للاستهلاك الجماهيري. ومع تصاعد تأثير هذه الثقافة في كوريا الجنوبية واليابان والصين، ومن ثم انتشارها بين أبناء جيل زِد في كل أنحاء العالم بفعل العولمة، أصبح اقتناء دمى مثل "لابوبو" لا يعكس فقط ذائقة جمالية، بل يحمل دلالات اجتماعية مرتبطة بالتموضع الاجتماعي، والموضة، والانتماء إلى مجتمع افتراضي. استقت دمية لابوبو صفاتها من تراث الجنيات السحري، مستحضرةً الأشكال الخرافية، شبه البشرية، للجنيات الصغيرات. وهكذا، فإن "لابوبو" لا تقتصر على كونها مجرد لعبة، بل أصبحت حلقة وصل بين التراث الأسطوري القديم والتجربة الاستهلاكية الحديثة. رغم أن ملامحها لا تنتمي إلى معايير الجمال الكلاسيكي للدمى، إلا أنها تعتبر مثالاً عن الجمال الذي أنتجته الكاواي، ليُبرز فكرة القبح اللطيف أو Cute Grotesque. وهذا الأخير هو مفهوم جمالي يُعيد النظر في حدود الجاذبية، ويخلق تصادماً جمالياً، فيتجاور الظريف والمقلق في كائن واحد. "لابوبو" ليست جميلةً بالمعنى الكلاسيكي، لكنها تفعل ما يفعله الشيء اللطيف أو الكيوت؛ فتوقظ فينا نوعاً من الحنان والارتباك معاً، كما لو أننا أمام وحش صغير يحتاج إلى من يحبّه رغم مظهره غير المألوف. هذا التناقض يخلق تأثيراً نفسياً، ويمنح الشخصية عمقاً عاطفياً يجعلها أكثر تميزاً من الدمى النمطية، ويساهم بدوره بدفع عجلة الاستهلاك.


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
الاتحاد الأوروبي يخطط لاستثمار 241 مليار يورو في الطاقة النووية
كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة طموحة لتوسيع قدرات الدول الأعضاء في مجال الطاقة النووية، تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بنحو 241 مليار يورو (ما يعادل 278 مليار دولار) بحلول عام في2050، في خطوة استراتيجية تعكس طموح الاتحاد الأوروبي لتأمين مستقبل طاقوي خالٍ من الانبعاثات الكربونية، وتأتي هذه الخطة في إطار جهود التكتل لتحقيق الحياد المناخي، إذ تعتزم الدول الأعضاء رفع القدرة النووية المركبة من 98 غيغاواط حاليًا إلى 109 غيغاواط خلال العقود المقبلة، وفق ما ورد في مسودة تحليل استثماري نشرت يوم أمس الجمعة، وفقاً "لرويترز". توزيع الاستثمارات وتحديات التمويل وبحسب "رويترز"، تتوزّع الاستثمارات المتوقعة بين 205 مليارات يورو (236 مليار دولار) مخصصة لبناء مفاعلات جديدة، و36 مليار يورو (42 مليار دولار) لتمديد عمر المفاعلات القائمة. وتشدد المفوضية الأوروبية على ضرورة إشراك القطاعين العام والخاص في تمويل هذه المشاريع، مع الإشارة إلى أن تأخر التنفيذ لمدة خمس سنوات قد يضيف نحو 45 مليار يورو إلى التكلفة الإجمالية بحلول عام 2050. علماً أن الطاقة النووية ولّدت نحو 24% من كهرباء الاتحاد الأوروبي العام الماضي. وقالت المفوضية إن العوائق التمويلية تمثل أحد أبرز التحديات، خصوصاً في ظل تجارب أوروبية سابقة شهدت تجاوزات في الميزانيات وتأخيرات زمنية كبيرة في تنفيذ مشاريع نووية. ولهذا، تقترح المفوضية تصميم أدوات مالية جديدة تخفف من مخاطر الاستثمار، وتشجع الجهات الخاصة على الدخول في هذه المشاريع رغم التكاليف المبدئية المرتفعة. انقسام داخل الاتحاد الأوروبي الطاقة النووية لا تزال تثير الانقسام داخل أروقة الاتحاد. ففي حين تدافع فرنسا بقوة عن الطاقة النووية باعتبارها مصدرًا رئيسيًا للكهرباء، لا تزال ألمانيا على موقفها التاريخي المعارض لاستخدام هذه التكنولوجيا، ما يفسر غياب الحوافز الأوروبية المباشرة لبناء مفاعلات جديدة حتى الآن. ويعكس هذا الانقسام مدى التباين في السياسات الطاقوية بين الدول الأعضاء، حيث تعتمد بعض الدول على الطاقة النووية لتحقيق أهدافها المناخية، بينما تفضل دول أخرى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة فقط، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية. طاقة التحديثات الحية المفوضية الأوروبية: مخزونات الغاز مطمئنة رغم توقف الإمدادات من روسيا مبادرات جديدة لتعزيز الطاقة النووية رغم الجدل، تعمل المفوضية على إطلاق مبادرات تحفيزية لدعم مشاريع الطاقة النووية. فقد أعلنت، بالتعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار، عن برنامج تجريبي بقيمة 500 مليون يورو مخصص لشراء الطاقة من مشاريع تشمل الطاقة النووية، بحسب مسودة الوثيقة التي تقلتها وكالة "بلومبيرغ"، ويهدف البرنامج إلى توفير سوق مستقرة لمنتجي الطاقة النووية وتسهيل الاستثمار في هذا القطاع. وتشير توقعات المفوضية إلى أن أكثر من 90% من الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي سيكون مصدره طاقات خالية من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2040، تشمل مصادر الطاقة المتجددة إلى جانب الطاقة النووية. مشهد نووي متغير في أوروبا من أصل 27 دولة عضوًا في الاتحاد، تمتلك 12 منها مفاعلات نووية عاملة، تتصدرها فرنسا من حيث القدرة النووية المركبة. وتشهد دول مثل سلوفاكيا والمجر حاليًا إنشاء مفاعلات جديدة، بينما تستعد بولندا لبناء أول محطة طاقة نووية لديها بحلول عام 2028، ما يعكس تحولًا تدريجيًا نحو قبول أوسع لهذا المصدر الطاقوي في بعض الدول الأوروبية. وعلى المستوى العالمي، شهد قطاع الطاقة النووية انتعاشًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية (2020–2024)، إذ تجاوزت قيمة الاستثمارات العالمية فيه 300 مليار دولار، حازت أوروبا على أكثر من ثلثها، بحسب تقرير لموقع "فيجوال كابيتاليست". وفي ظل التحديات المناخية والضغوط الدولية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ، يبدو أن الطاقة النووية ستظل جزءًا أساسيًا من معادلة الطاقة الأوروبية، رغم الخلافات الداخلية حولها. ومع الدعم المؤسسي والمالي المناسب، قد تنجح الدول الأوروبية في تحويل هذه التكنولوجيا المثيرة للجدل إلى ركيزة مستقبلية لتحقيق الاستدامة الطاقوية والأمن المناخي.


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
100 ألف سيارة حديثة في سورية
شهدت السوق السورية تدفقاً كبيراً للسيارات المستوردة منذ سقوط نظام بشار الأسد، إذ وصل عددها إلى أكثر من 100 ألف سيارة من مختلف الموديلات والمواصفات، وذلك وفقاً لما كشفه مؤخراً مدير مديرية استيراد السيارات في وزارة النقل المهندس عبد الله شرتح. ويرى المستوردون أن السوق السورية متعطشة للسيارات بعد انقطاع دام نحو 14 عاماً، وأن التسهيلات الجمركية التي منحتها الحكومة الحالية كانت السبب الرئيس في الاستيراد بأعداد كبيرة، ما انعكس إيجابياً على تخفيض أسعار السيارات مقارنة بما كانت عليه سابقاً، وجاء ذلك بالتوازي مع افتتاح عشرات الشركات الجديدة ومباشرة العمل فيها بعد أسابيع قليلة من سقوط النظام. علي حسن، مسؤول شركة لبيع واستيراد السيارات، أوضح في حديث لـ"العربي الجديد" أن الشركة تأسست عام 2019، ولها فروع في السعودية وقطر والإمارات، لكن قبل سقوط نظام الأسد لم يكن يُسمح للشركة أن تعمل داخل سورية، "أما الآن فلا قيود تعيق عملنا في البلد"، مشيراً إلى أن الشركة استوردت خلال هذه الفترة 50 سيارة، مضيفاً أن الاستيراد شمل مختلف الأنواع مع وجود تسهيلات كبيرة جداً على المعابر الحدودية، إذ إنّ قيمة جمركة السيارة الواحدة 1800 دولار. وأوضح أنّ أسعار السيارات تبدأ من 5000 إلى 100 ألف دولار حسب نوع السيارة، وهي أرخص بـ50% عمّا كانت عليه زمن النظام السابق، موضحاً أن السيارات المستوردة كافة هي موديل 2011 - 2025، بينما موديلات ما قبل 2011 لا يُسمح لهم باستيرادها بسبب قدمها وكثرة أعطالها. طلب على السيارات بدوره، أشار محمد السليمان، مدير شركة أخرى، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن عمر الشركة 4 أشهر فقط، وسابقاً لم يكن يُسمح لهم بتأسيسها، وخلال هذه الفترة جرى استيراد 25 سيارة، واصفاً هذا الرقم بالجيد قياساً لعمر الشركة. من جهته، كشف عمار عسكر، مدير شركة سيارات، لـ"العربي الجديد" أن السوق السورية تحتاج إلى استيراد أكثر من مليون سيارة لسد النقص الخاص بها، لافتاً إلى أن الاستيراد ما زال في بدايته، ومن المتوقع بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية أن يشهد استيراد السيارات كثافة برسوم مقبولة جداً. أسواق التحديثات الحية سورية تنعش تجارة السيارات في الأردن وأوضح معاون وزير النقل السوري محمد رحّال في تصريح لـ"العربي الجديد" أن سبب تدفق السيارات إلى سورية بأعداد كبيرة هو إلغاء حظر الاستيراد منذ 14 عاماً، كذلك انخفاض الرسوم الجمركية مقارنةً مع السابق؛ إذ كانت الرسوم سابقاً مرتفعة جداً، أما الآن فتتراوح بين 2 و5%، إضافة إلى تحرير الاستثمار عموماً، فاليوم أصبح كل شيء متاحاً لمن أراد، وبالطريقة التي يراها مناسبة. وأشار إلى أن السماح جاء نتيجة غياب السيارات الحديثة عن السوق منذ سنوات، إذ إنّ السيارات المتوفرة كانت قديمة ومتأخرة من الناحية الفنية، بينما السوق حالياً تتطلب سيارات ذات جودة عالية وأنواع فارهة. ولدى السؤال عن مدى جاهزية البنى التحتية السورية لاستقبال السيارات الفارهة، كشف رحّال أنها ليست مهيأة 100%، لكنّ هناك طموحاً لتطويرها، وشوارع المدن تُعد مقبولة وليست سيئة، وهي لا تؤذي السيارة أو تتسبب في تلفها.