
100 ألف سيارة حديثة في سورية
شهدت السوق
السورية
تدفقاً كبيراً للسيارات المستوردة منذ سقوط نظام بشار الأسد، إذ وصل عددها إلى أكثر من 100 ألف سيارة من مختلف الموديلات والمواصفات، وذلك وفقاً لما كشفه مؤخراً مدير مديرية استيراد السيارات في وزارة النقل المهندس عبد الله شرتح. ويرى المستوردون أن السوق السورية متعطشة للسيارات بعد انقطاع دام نحو 14 عاماً، وأن التسهيلات الجمركية التي منحتها الحكومة الحالية كانت السبب الرئيس في الاستيراد بأعداد كبيرة، ما انعكس إيجابياً على تخفيض
أسعار
السيارات مقارنة بما كانت عليه سابقاً، وجاء ذلك بالتوازي مع افتتاح عشرات الشركات الجديدة ومباشرة العمل فيها بعد أسابيع قليلة من سقوط النظام.
علي حسن، مسؤول شركة لبيع واستيراد السيارات، أوضح في حديث لـ"العربي الجديد" أن الشركة تأسست عام 2019، ولها فروع في السعودية وقطر والإمارات، لكن قبل سقوط نظام الأسد لم يكن يُسمح للشركة أن تعمل داخل سورية، "أما الآن فلا قيود تعيق عملنا في البلد"، مشيراً إلى أن الشركة استوردت خلال هذه الفترة 50 سيارة، مضيفاً أن الاستيراد شمل مختلف الأنواع مع وجود تسهيلات كبيرة جداً على المعابر الحدودية، إذ إنّ قيمة جمركة السيارة الواحدة 1800 دولار.
وأوضح أنّ أسعار السيارات تبدأ من 5000 إلى 100 ألف دولار حسب نوع السيارة، وهي أرخص بـ50% عمّا كانت عليه زمن النظام السابق، موضحاً أن السيارات المستوردة كافة هي موديل 2011 - 2025، بينما موديلات ما قبل 2011 لا يُسمح لهم باستيرادها بسبب قدمها وكثرة أعطالها.
طلب على السيارات
بدوره، أشار محمد السليمان، مدير شركة أخرى، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن عمر الشركة 4 أشهر فقط، وسابقاً لم يكن يُسمح لهم بتأسيسها، وخلال هذه الفترة جرى استيراد 25 سيارة، واصفاً هذا الرقم بالجيد قياساً لعمر الشركة. من جهته، كشف عمار عسكر، مدير شركة سيارات، لـ"العربي الجديد" أن السوق السورية تحتاج إلى استيراد أكثر من مليون سيارة لسد النقص الخاص بها، لافتاً إلى أن الاستيراد ما زال في بدايته، ومن المتوقع بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية أن يشهد استيراد السيارات كثافة برسوم مقبولة جداً.
أسواق
التحديثات الحية
سورية تنعش تجارة السيارات في الأردن
وأوضح معاون وزير النقل السوري محمد رحّال في تصريح لـ"العربي الجديد" أن سبب تدفق السيارات إلى سورية بأعداد كبيرة هو إلغاء حظر الاستيراد منذ 14 عاماً، كذلك انخفاض الرسوم الجمركية مقارنةً مع السابق؛ إذ كانت الرسوم سابقاً مرتفعة جداً، أما الآن فتتراوح بين 2 و5%، إضافة إلى تحرير الاستثمار عموماً، فاليوم أصبح كل شيء متاحاً لمن أراد، وبالطريقة التي يراها مناسبة.
وأشار إلى أن السماح جاء نتيجة غياب السيارات الحديثة عن السوق منذ سنوات، إذ إنّ السيارات المتوفرة كانت قديمة ومتأخرة من الناحية الفنية، بينما السوق حالياً تتطلب سيارات ذات جودة عالية وأنواع فارهة. ولدى السؤال عن مدى جاهزية البنى التحتية السورية لاستقبال السيارات الفارهة، كشف رحّال أنها ليست مهيأة 100%، لكنّ هناك طموحاً لتطويرها، وشوارع المدن تُعد مقبولة وليست سيئة، وهي لا تؤذي السيارة أو تتسبب في تلفها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
صفقة لـ"برزان" القطرية بـ1.3 مليار دولار لتوريد أسلحة إلى إندونيسيا
وقّعت شركة برزان القابضة، الذراع الاستثماري لوزارة الدفاع القطرية، ثلاثة عقود واتفاقيات لتوريد أسلحة وذخائر إلى الجيش الإندونيسي، بقيمة 5 مليارات ريال قطري (1.37 مليار دولار)، وذلك ضمن مشاركتها في معرض إندونيسيا للدفاع. ووصفت "برزان القابضة" هذه الاتفاقيات في بيان أصدرته، اليوم السبت، بأنها تمثل محطة مفصلية في مسار التعاون الدفاعي الثنائي بين قطر وإندونيسيا. وشملت الاتفاقيات توقيع عقد مع وزارة الدفاع الإندونيسية لتوريد البنادق والذخيرة للجيش الإندونيسي، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيتين مع مجموعة "ريبابليكورب" للتعاون في إنشاء مصنع للذخيرة في إندونيسيا من خلال مشروع مشترك. وأشار البيان إلى أن المحور الرئيسي لمشاركة "برزان القابضة" في المعرض يتمثل في شراكتها الاستراتيجية مع مجموعة تكنولوجيا أنظمة الدفاع الإندونيسية، حيث عرض الطرفان، من خلال جناح مشترك، إنتاجهما المشترك من الحلول الدفاعية المبتكرة التي تعكس متانة الشراكة الثنائية. وقدمت "برزان القابضة" خلال المعرض مجموعة واسعة من منتجاتها الدفاعية المتقدمة، شملت: أنظمة الأسلحة المعيارية، وتقنيات القيادة والسيطرة، وحلول مكافحة الطائرات المُسيّرة، والمركبات السطحية المُسيّرة، إلى جانب أنظمة رائدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي . وتُعد إندونيسيا شريكاً تجارياً مهماً لقطر، إذ سجّل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024 نمواً بنسبة 13.5%، ليبلغ 4.1 مليارات ريال، مقارنة بـ3.64 مليارات ريال في عام 2023. وكانت الدوحة قد استضافت، في إبريل/ نيسان الماضي، منتدى الأعمال القطري الإندونيسي، بحضور الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو. وأكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر، خليفة بن جاسم آل ثاني، خلال المنتدى، على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، والرؤية المشتركة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار. وشدّد على أهمية تعزيز التبادل التجاري، وتسهيل المشاريع المشتركة، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بين الشركات القطرية والإندونيسية، ودعم القطاع الخاص في البلدين لبناء شراكات استراتيجية في مختلف المجالات. اقتصاد عربي التحديثات الحية موسكو والدوحة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بعد زيارة أمير قطر يُذكر أن "برزان القابضة" تأسست رسمياً عام 2016، وهي مملوكة بالكامل لوزارة الدفاع القطرية، وتركز في عملها على ثلاث ركائز أساسية: الاستثمار في مجالات الدفاع، والبحث والتطوير، والمشتريات الاستراتيجية.


العربي الجديد
منذ 13 ساعات
- العربي الجديد
دمية لابوبو... الرغبة حين تتحوّل إلى عرض مفتوح
في مقال منشور في موقع Aeon البريطاني، يطرح أستاذ علم النفس التنموي وصاحب كتاب "علم السعادة"، بروس هود، سؤالاً: "هل نمتلك الأشياء أم هي من تمتلكنا؟". انطلاقاً من هذا السؤال، يعالج هَوَس البشر بالممتلكات، وكيف يؤثر هذا القهر السلعي على حياتهم واتخاذ قراراتهم، إذ يسلط الضوء على ظاهرة " الاستهلاك الظاهر" التي ابتكرها الاقتصادي ثورستين فيبلين، وتشير إلى ميل الأفراد إلى شراء سلع معينة لإظهار مكانتهم الاجتماعية. امتلاك السلع في عصرنا هذا، يصبح تعبيراً عن رغبة الإنسان الحديث بالانتماء إلى مجتمع متخيل، ولعل أوضح مفهوم يشرح هذا التداخل بين الذات والسلعة هو ما سماه خبير التسويق راسل بيلك "الذات الممتدة"، ويعني أن ما نملكه لا يبقى خارجنا، بل يُصبح جزءاً من هويتنا، وهكذا تصبح هواتفنا، وملابسنا، وحساباتنا الإلكترونية، كلها أجزاء من الأنا، من هويتنا المتخيلة، لا بل إن فقدان أحد هذه العناصر، كضياع الهاتف أو حذف حساب على "إنستغرام"، قد يُشعر بعضهم بأنه فقدان جزء من الذات، وليس مجرد خسارة مادية. بهذا، يصبح الاستهلاك فعلاً وجودياً، أي نحن لا نشتري أشياء، بل نعيد تكوين ذاتنا من جديد، ونشتق من هذه السلع شعوراً بالرضا من الإعجاب الذي نعتقد أن الآخرين يكنونه لنا، ونتماهى بممتلكاتنا حتى البسيطة منها، مع شريحة اقتصادية واجتماعية قد تكون بعيدة المنال. هذا الهوس بالاقتناء تُرجم أخيراً عبر دمية لابوبو التي أشعلت موجة عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، متجاوزةً حدود المتعة العابرة، لتصبح ظاهرة اجتماعية مثيرة للاهتمام، خصوصاً لمن شاهد حشود المستهلكين أمام متاجر الألعاب في الولايات المتحدة، وهم يصرخون ويتدافعون في طوابير أمام المتاجر. أما في الصين، موطن إنتاج الدمى، فاتخذت حمى شراء "لابوبو" طابعاً أخطر، فقد صادرت الجمارك الصينية أخيراً ما لا يقل عن 462 دمية، هُرّبت بغرض إعادة بيعها. وفي مشهد سوريالي، عُرضت حقائب مليئة بالدمى في مؤتمر صحافي رسمي، وكأنها مضبوطات في عملية تهريب مخدرات. تعود جذور الدمية إلى عام 2015، حين ابتكرها الرسّام كاسينغ لونغ، الهولندي المنحدر من هونغ كونغ، ضمن سلسلة رسوم مصورة بعنوان "الوحوش". وهذه السلسلة مستوحاة من الأساطير الاسكندنافية، إلا أن العقل الاستثماري القابع خلف عملاق التجارة الصيني "بوب مارت"، استثمر نجاح هذه السلسلة، وعجل بتحويلها إلى دمية صغيرة، إذ طرحت الشركة نسخة من الدمية على شكل ميداليات مفاتيح عام 2019، واستمرت بالترويج لها حتى وصلت عائدات "بوب مارت" عام 2024 إلى نحو 1.81 مليار دولار. وسرعان ما تحولت الدمية ذات العيون اللامعة، والأنياب المسننة، والابتسامة المخيفة، والأذنين المدببتين، إلى حمى مستشرية في ثقافة البوب العالمية، لا سيما بعد التحديث الجديد من "لابوبو" التي أصبحت تباع في Blind Boxes (صندوق مغلق)، ما أثار حافزاً أكبر للشراء على أمل الحصول على ما هو نادر وغريب، مستثمرة ميل المشترين إلى المفاجأة، فالمشتري لا يعرف ما ينتظره، وكل ما يملكه هو تمنيات بأن تكون اللعبة بلون وشكل معينين، تاركاً رهانه على الحظ، فإذا تحققت أمنية المشتري الطفولية، وحصل على ما تمناه، تصيبه تلك السعادة العارمة، لا سيما مع إنتاج نموذج "سيكريت" النادر، الذي يظهر بنسبة 1.4% فقط، فيُباع في المزادات الإلكترونية بسعر 1920 دولاراً، بينما تتراوح أسعار الصناديق في المتاجر الآسيوية بين 13 و16 دولاراً فقط. وعطفاً على الذات الممتدة، فما إن نشرت كل من ريانا، وليسا (نجمة فرقة بلاك بينك) صورتيهما مع دمية لابوبو، حتى تحوّلت الدمية إلى ظاهرة عالمية، تُقتنى وتُعرض وتُروَّج هستيرياً، ربما رغبةً في التماهي مع حالة النجومية والشعبية الهائلة التي تتمتع بها الفنانتان. في المقابل، فإن هذا الانتشار الهائل لا يتعلق فقط بنجومية الفنانتين، بل يكشف عن آلية أعمق تتحكم في ديناميكية المجتمع المعاصر، المتمثلة بالإنتاج والرفاه والتسليع، إذ لم تعد المنتجات تُستهلك لحاجتها الوظيفية، بل لما تحمله من رموز ضمن المجتمع المعاصر. في كتابه ?To Have or To Be، يصف إريك فروم الإنسان الاستهلاكي بأنه الرضيع الأبدي، الذي لا يكفّ عن الصياح طلباً لزجاجة الرضاعة. الاستهلاك هنا ليس مجرد فعل اقتصادي، بل هو تعبير عن حالة نفسية، تنزع إلى الاقتناء بوصفه نوعاً من إثبات الوجود. السيارات والتلفاز والسياحة والجنس… كلها رموز لهذه الرغبة النهمة التي تبتلع العالم بدل أن تفهمه أو تتفاعل معه، ويصبح المستهلك في دوامة لإعطاء إجابة ملموسة على السؤال الأزلي: من أنا؟ تنعكس هذه الثقافة في فن البوب آرت، الذي استمدّ مادته من إعلانات الشوارع، والمجلات المصورة، والمسلسلات الشعبية. في هذا الفن، تغدو السلعة بطلة المشهد. ليس الفن غاية، بل وسيلة لعرض ما هو قابل للبيع، وتفكيك ما تبقى من عمق إنساني. سوشيال ميديا التحديثات الحية غوريلا واحدة ضد 100 رجل... من ينتصر؟ إنها ثقافة السطح، إذ تسود الدعاية محل المعنى، وتستبدل معايير الذائقة الشخصية بما هو رائج. يسمّي السوسيولوجي الفرنسي، جيل ليبوفيتسكي، هذا التحوّل بـ"حضارة الرغبة". زمنٌ لم يعد فيه الاستهلاك استجابة لحاجة، بل نمط حياة قائم على الإرضاء الفوري، من موسيقى الروك إلى المجلات الملونة، من موضة الفتيات على أغلفة المجلات إلى التحرر الجنسي... كل شيء يتحوّل إلى عرض دائم، هدفه إثارة الرغبة، ليس إشباعها. في المجتمع المعاصر، لم يعد المستقبل هو ما ننشد، بل اللحظة: الآن، وفوراً. وهكذا، يُختزل الزمن في حاضر دائم من الإثارة والاستهلاك. لكن هذا الاستهلاك لم يعد عامّاً ومحايداً. نحن اليوم في عصر الاستهلاك العاطفي، أو كما يسميه بعض الباحثين "الاستهلاك ذو الطابع الحميمي". هنا، لم تعد المنتجات تُشترى لأجل وظيفتها، بل لما تمنحه من مشاعر: الطمأنينة، والانتماء، والتميز، وحتى الحب. في هذا السياق، تُسوَّق دمية لابوبو ليس بوصفها منتجاً، بل على أنّها أداة تعبير عن الذات في الفضاء الرقمي نعيد عن طريقها تشكيل صورتنا كما نرغب أن يراها الآخرون. ليست "لابوبو" مجرّد دمية لطيفة بملامح غريبة، بل هي جزء من موجة أوسع تُعرف بثقافة الكيوت الآسيوية، أو ثقافة الكاواي اليابانية، التي تتمحور حول البراءة والطفولة. وكلمة كاواي التي تعني "لطيف"، تعدت معناها اللغوي نحو اتجاه ثقافي أكبر، يشمل أشكالاً متعددة من وسائل الإعلام، والأزياء، والفن، والمنتجات الاستهلاكية، إذ أعيد إنتاج الطفولة لتصبح سلعة جذابة قابلة للاستهلاك الجماهيري. ومع تصاعد تأثير هذه الثقافة في كوريا الجنوبية واليابان والصين، ومن ثم انتشارها بين أبناء جيل زِد في كل أنحاء العالم بفعل العولمة، أصبح اقتناء دمى مثل "لابوبو" لا يعكس فقط ذائقة جمالية، بل يحمل دلالات اجتماعية مرتبطة بالتموضع الاجتماعي، والموضة، والانتماء إلى مجتمع افتراضي. استقت دمية لابوبو صفاتها من تراث الجنيات السحري، مستحضرةً الأشكال الخرافية، شبه البشرية، للجنيات الصغيرات. وهكذا، فإن "لابوبو" لا تقتصر على كونها مجرد لعبة، بل أصبحت حلقة وصل بين التراث الأسطوري القديم والتجربة الاستهلاكية الحديثة. رغم أن ملامحها لا تنتمي إلى معايير الجمال الكلاسيكي للدمى، إلا أنها تعتبر مثالاً عن الجمال الذي أنتجته الكاواي، ليُبرز فكرة القبح اللطيف أو Cute Grotesque. وهذا الأخير هو مفهوم جمالي يُعيد النظر في حدود الجاذبية، ويخلق تصادماً جمالياً، فيتجاور الظريف والمقلق في كائن واحد. "لابوبو" ليست جميلةً بالمعنى الكلاسيكي، لكنها تفعل ما يفعله الشيء اللطيف أو الكيوت؛ فتوقظ فينا نوعاً من الحنان والارتباك معاً، كما لو أننا أمام وحش صغير يحتاج إلى من يحبّه رغم مظهره غير المألوف. هذا التناقض يخلق تأثيراً نفسياً، ويمنح الشخصية عمقاً عاطفياً يجعلها أكثر تميزاً من الدمى النمطية، ويساهم بدوره بدفع عجلة الاستهلاك.


العربي الجديد
منذ 17 ساعات
- العربي الجديد
الاتحاد الأوروبي يخطط لاستثمار 241 مليار يورو في الطاقة النووية
كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة طموحة لتوسيع قدرات الدول الأعضاء في مجال الطاقة النووية، تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بنحو 241 مليار يورو (ما يعادل 278 مليار دولار) بحلول عام في2050، في خطوة استراتيجية تعكس طموح الاتحاد الأوروبي لتأمين مستقبل طاقوي خالٍ من الانبعاثات الكربونية، وتأتي هذه الخطة في إطار جهود التكتل لتحقيق الحياد المناخي، إذ تعتزم الدول الأعضاء رفع القدرة النووية المركبة من 98 غيغاواط حاليًا إلى 109 غيغاواط خلال العقود المقبلة، وفق ما ورد في مسودة تحليل استثماري نشرت يوم أمس الجمعة، وفقاً "لرويترز". توزيع الاستثمارات وتحديات التمويل وبحسب "رويترز"، تتوزّع الاستثمارات المتوقعة بين 205 مليارات يورو (236 مليار دولار) مخصصة لبناء مفاعلات جديدة، و36 مليار يورو (42 مليار دولار) لتمديد عمر المفاعلات القائمة. وتشدد المفوضية الأوروبية على ضرورة إشراك القطاعين العام والخاص في تمويل هذه المشاريع، مع الإشارة إلى أن تأخر التنفيذ لمدة خمس سنوات قد يضيف نحو 45 مليار يورو إلى التكلفة الإجمالية بحلول عام 2050. علماً أن الطاقة النووية ولّدت نحو 24% من كهرباء الاتحاد الأوروبي العام الماضي. وقالت المفوضية إن العوائق التمويلية تمثل أحد أبرز التحديات، خصوصاً في ظل تجارب أوروبية سابقة شهدت تجاوزات في الميزانيات وتأخيرات زمنية كبيرة في تنفيذ مشاريع نووية. ولهذا، تقترح المفوضية تصميم أدوات مالية جديدة تخفف من مخاطر الاستثمار، وتشجع الجهات الخاصة على الدخول في هذه المشاريع رغم التكاليف المبدئية المرتفعة. انقسام داخل الاتحاد الأوروبي الطاقة النووية لا تزال تثير الانقسام داخل أروقة الاتحاد. ففي حين تدافع فرنسا بقوة عن الطاقة النووية باعتبارها مصدرًا رئيسيًا للكهرباء، لا تزال ألمانيا على موقفها التاريخي المعارض لاستخدام هذه التكنولوجيا، ما يفسر غياب الحوافز الأوروبية المباشرة لبناء مفاعلات جديدة حتى الآن. ويعكس هذا الانقسام مدى التباين في السياسات الطاقوية بين الدول الأعضاء، حيث تعتمد بعض الدول على الطاقة النووية لتحقيق أهدافها المناخية، بينما تفضل دول أخرى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة فقط، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية. طاقة التحديثات الحية المفوضية الأوروبية: مخزونات الغاز مطمئنة رغم توقف الإمدادات من روسيا مبادرات جديدة لتعزيز الطاقة النووية رغم الجدل، تعمل المفوضية على إطلاق مبادرات تحفيزية لدعم مشاريع الطاقة النووية. فقد أعلنت، بالتعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار، عن برنامج تجريبي بقيمة 500 مليون يورو مخصص لشراء الطاقة من مشاريع تشمل الطاقة النووية، بحسب مسودة الوثيقة التي تقلتها وكالة "بلومبيرغ"، ويهدف البرنامج إلى توفير سوق مستقرة لمنتجي الطاقة النووية وتسهيل الاستثمار في هذا القطاع. وتشير توقعات المفوضية إلى أن أكثر من 90% من الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي سيكون مصدره طاقات خالية من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2040، تشمل مصادر الطاقة المتجددة إلى جانب الطاقة النووية. مشهد نووي متغير في أوروبا من أصل 27 دولة عضوًا في الاتحاد، تمتلك 12 منها مفاعلات نووية عاملة، تتصدرها فرنسا من حيث القدرة النووية المركبة. وتشهد دول مثل سلوفاكيا والمجر حاليًا إنشاء مفاعلات جديدة، بينما تستعد بولندا لبناء أول محطة طاقة نووية لديها بحلول عام 2028، ما يعكس تحولًا تدريجيًا نحو قبول أوسع لهذا المصدر الطاقوي في بعض الدول الأوروبية. وعلى المستوى العالمي، شهد قطاع الطاقة النووية انتعاشًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية (2020–2024)، إذ تجاوزت قيمة الاستثمارات العالمية فيه 300 مليار دولار، حازت أوروبا على أكثر من ثلثها، بحسب تقرير لموقع "فيجوال كابيتاليست". وفي ظل التحديات المناخية والضغوط الدولية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ، يبدو أن الطاقة النووية ستظل جزءًا أساسيًا من معادلة الطاقة الأوروبية، رغم الخلافات الداخلية حولها. ومع الدعم المؤسسي والمالي المناسب، قد تنجح الدول الأوروبية في تحويل هذه التكنولوجيا المثيرة للجدل إلى ركيزة مستقبلية لتحقيق الاستدامة الطاقوية والأمن المناخي.