
الجيش اللبناني في ميزان واشنطن: دعم مشروط وشرْكة بحدود النفوذ
منذ قيام العلاقات بين الجمهورية اللبنانية والولايات المتحدة الاميركية، شكل الجزء العسكري منها مادة جدلية، خصوصا مع دخول المنطقة صراع المحاور منذ الخمسينات، واستمرار ذلك حتى يومنا هذا، حيث كانت واشنطن احد عوامل الجذب للدول الصغرى التي سعت الى الحصول على حماية ورعاية الدولة الكبرى، في ظل المتغيرات الدراماتيكية الكبيرة التي يشهدها الشرق الاوسط.
جدلية وجدت أرضا خصبة لها على الساحة اللبنانية، المنقسمة اساسا حول المحور الاساسي لازمات المنطقة، من القضية الفلسطينية بداية، الى مفهوم الحرب ضد الارهاب، وبينهما العلاقة مع واشنطن، في ظل "الازدواجية" الرسمية في التعاطي معها، نتيجة التركيبة الداخلية من جهة، والتوازنات الاقليمية والدولية التي تفرض الحاجة اليها في اكثر من ملف، من جهة أخرى.
في هذا الاطار يؤكد مصدر وزاري لبناني رافق العلاقات بين البلدين، ان الدولة اللبنانية تميز بين اكثر من مستوى على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية، حيث ثمة مجالات تفرض على بيروت نمطا محددا من العلاقة على قاعدة "مكرها اخوك لا بطل"، كما يحصل على صعيد القطاع المصرفي.
واذا كان بالامكان الحفاظ على هامش مناورة في المجال السياسي، فان القاعدة نفسها تنطبق على واقع العلاقات العسكرية وظروفها الحاكمة، حيث تؤكد المعطيات، ان المسؤولين العسكريين الاميركيين المكلفون التنسيق والتعاون مع الفريق اللبناني لم يفرضوا اي اجندة على اليرزة، رغم بعض "الطلبات المحرجة" أحيانا.
وتشير الاوساط الى ان ثمة امورا اساسية تحكم العلاقة الاميركية - اللبنانية على الصعيد العسكري، اهمها:
- اعتبار الادارة الاميركية الجيش اللبناني واحدا من اعمدة الاستقرار الاساسية في البلد، وهو ما يسمعه الزوار اللبنانيون لواشنطن، وتم التاكيد عليه خلال الجولة الاميركية الاخيرة للسفير توم براك، وهو ما يفسر الاستثمار الامني والعسكري الضخم لدولة بحجم لبنان، حيث فاق المليار ونصف دولار خلال السنوات الاخيرة.
- الدور المحوري للبنان في سياق الحرب ضد الارهاب، نتيجة موقعه الجغرافي، من واجهته البحرية كطريق للوصول الى اوروبا، وتماسه المباشر مع المناطق السورية، وتكوينه الاجتماعي خصوصا مع الوجودين السوري والفلسطيني، وما شكلاه من بيئات حاضنة للمجموعات الارهابية.
- النجاحات المتتالية التي حققها الجيش اللبناني في حربه ضد الارهاب سواء العسكرية مع انجازه تحرير الارض من الجماعات الارهابية في معركة فجر الجرود، أو الحرب الاستباقية التي ادت الى حرمان الارهابيين من الموارد المالية واللوجستية وسقوط خلاياه النائمة والمستيقظة التي خططت لعشرات العمليات سواء داخل لبنان او خارجه.
- اعجاب الاميركيين بالعسكري اللبناني لجهة كفاءته وقوة عزيمته وسرعة استيعابه للعتاد والدروس القتالية، وروح الابداع التي يتحلى بها، من خلال تطوير بعض الاسلحة التي حصل عليها، او لجهة استخدام القدرة القصوى للاسلحة الاميركية التي سلمت للجيش اللبناني.
- الدور الاساسي الذي أدّاه قادة القيادة الاميركية الوسطى من الجنرال جوزيف فوتيل، الى الجنرال مايكل كوريللا، الذي زار بيروت قبل ايام مودعا، حيث كانوا من اكثر المشجعين لرفع نسبة التعاون بين الجيشين، ومد لبنان بكل ما يحتاج اليه من اسلحة وذخائر تسمح له بتنفيذ المهمات الموكلة اليه، مشكلين لوبيا مؤثرا داخل الادارة، والذي كان له دور أساسي بوصول قائد الجيش جوزاف عون الى بعبدا.
- تاريخية العلاقة، حيث انه منذ قيام الدولة اللبنانية كان الخيار الاساسي للحكومات هو التوجه نحو الغرب للحصول على السلاح والتدريب، وبالتالي كانت الولايات المتحدة الدولة الاساسية. وبما ان خيار السلطة السياسية لم يتغير حتى الساعة، بناء لمعطيات ابرزها قدرة الجندي اللبناني على التاقلم السريع مع السلاح المحقق والتدريب، كان خيار الجيش اللبناني بالسعي لدى واشنطن للحصول على حاجياته، خصوصا في ظل عامل الوقت الضاغط.
- المصلحة الاميركية في الحفاظ على الصداقة والتحالف القائم مع الجمهورية اللبنانية في ظل الصراع الاقليمي والدولي المحتدم في المنطقة، وامكانية لبنان على هذا الصعيد من تحقيق مصالحه في الحفاظ على استقراره وامانه، بما يمكن ان تؤمنه واشنطن بوصفها لاعبا اساسيا من مظلة استقرار يقيه تداعيات الازمات المشتعلة ومخاطرها.
وتتابع الاوساط، بانه رغم متانة العلاقة، إلا أنها لا تخلو من التحديات والاعتبارات السياسية، لعل أبرزها:
- تأثير اللاعبين الإقليميين: حيث تتأثر العلاقة بالتوترات الإقليمية ودور بعض الأطراف اللبنانية غير الرسمية، مما يفرض بعض القيود والاعتبارات، كالتي دفعت بتوم براك الى التأكيد لاول مرة على أن "المستوى العسكري يتحمل تماما كما المستوى السياسي" مسؤولية الوضع في لبنان، في أحد "عشواته اللبنانية"، وهو ما اعاد رئيس مجلس النواب الاميركي التاكيد عليه قبل يومين.
- الرقابة الأميركية: حيث يخضع الجيش اللبناني لمتطلبات رقابة أميركية صارمة على استخدام المعدات، ما يجعله حذرًا في تزويد بعض الوحدات بالمعدات الأميركية في مناطق معينة.
- الكونغرس الأميركي: يواجه الكونغرس الأميركي أحيانًا انقسامات حول طبيعة المساعدات للجيش اللبناني، حيث يرى بعض النواب أن المساعدات يجب أن تكون مرتبطة بوضع سياسي معين، بينما تؤكد الإدارة الأميركية على أن الدعم للجيش هو هدف استراتيجي طويل الأمد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ ساعة واحدة
- سيدر نيوز
ترامب يؤكد تحقيق 'تقدم كبير' في المحادثات الأمريكية الروسية، ويفرض رسوماً على الهند بسبب شرائها النفط الروسي #عاجل
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن 'تقدماً كبيراً' قد أُحرز بشأن أوكرانيا خلال المحادثات التي جرت بين مبعوثه، ستيف ويتكوف، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووصف ترامب في منشور على منصته 'تروث سوشيال'، الاجتماع بأنه 'مثمر للغاية'. وكان الكرملين قد أصدر في وقت سابق بياناً غامضاً بشأن المحادثات، إذ قال مساعد السياسة الخارجية الروسي، يوري أوشاكوف، إن الجانبين تبادلا 'إشارات' في إطار محادثات 'بنّاءة' في موسكو. وأضاف أن روسيا والولايات المتحدة ناقشتا إمكانية التعاون الاستراتيجي، لكنه رفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل حتى يقدّم ويتكوف تقريره للرئيس الأمريكي. وجاء الاجتماع قبل أيام من الموعد النهائي الذي حدده ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا. وأضاف ترامب أن 'الجميع متفق على أن هذه الحرب يجب أن تنتهي، وسنعمل على تحقيق ذلك في الأيام والأسابيع المقبلة'. وفي وقت لاحق، أكد البيت الأبيض لـبي بي سي، أن الروس أعربوا عن رغبتهم في لقاء الرئيس الأمريكي، وأن ترامب 'منفتح على لقاء كل من الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي'. وقالت المتحدثة باسم ترامب، كارولاين ليفيت، إن 'الرئيس ترامب يريد إنهاء هذه الحرب الوحشية'. من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه تحدث مع ترامب بشأن زيارة ويتكوف، وكان عدد من القادة الأوروبيين أيضاً ضمن المكالمة. وأضاف: 'يجب أن تنتهي هذه الحرب'. وكان زيلينسكي قد حذّر من أن روسيا لن تتجه بجدية نحو السلام إلا إذا بدأت تنفد أموالها. وبدا أن المحادثات التي جرت الأربعاء بين بوتين وويتكوف كانت ودّية، على الرغم من تزايد انزعاج ترامب من بطء التقدّم في المفاوضات بين موسكو وكييف. وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام روسية بوتين وويتكوف، اللذين التقيا عدة مرات من قبل، وهما يتبادلان الابتسامات ويصافحان بعضهما في قاعة فخمة داخل الكرملين. وكان ترامب قد قال إن روسيا قد تواجه عقوبات كبيرة، أو عقوبات ثانوية على كل من يتعامل معها تجارياً، إذا لم تتخذ خطوات لإنهاء الحرب. وبُعيد مغادرة ويتكوف موسكو، أعلن البيت الأبيض أن ترامب وقّع أمراً تنفيذياً بفرض تعرفة جمركية إضافية بنسبة 25 في المئة على الهند بسبب شرائها النفط من روسيا، على أن تدخل حيز التنفيذ في 27 أغسطس/ آب الجاري. واتّهم الرئيس الأمريكي الهند بعدم الاكتراث بـ'عدد الأشخاص الذين تقتلهم آلة الحرب الروسية في أوكرانيا'. ورغم تهديدات ترامب بالعقوبات، لا تزال التوقعات متواضعة بخصوص التوصل إلى اتفاق بحلول يوم الجمعة، كما أن روسيا تواصل هجماتها الجوية الواسعة على أوكرانيا. وكان ترامب قد وعد قبل توليه المنصب في يناير/ كانون الثاني أنه سيكون قادراً على إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في يوم واحد، لكنه فشل، وأصبح خطابه تجاه روسيا أكثر حدة منذ ذلك الحين. وقال الشهر الماضي: 'كنا نظن أننا توصلنا إلى حل للحرب عدة مرات، ثم يخرج الرئيس بوتين ويبدأ في إطلاق الصواريخ على مدينة مثل كييف ويقتل الكثير من الناس في دار رعاية أو شيء من هذا القبيل'. وقد فشلت ثلاث جولات من المحادثات بين أوكرانيا وروسيا في إسطنبول في تقريب الحرب من نهايتها، بعد مرور ثلاث سنوات ونصف على بدء الغزو الروسي الشامل. ولا تزال الشروط العسكرية والسياسية التي تطرحها موسكو للسلام غير مقبولة بالنسبة لكييف وشركائها الغربيين. كما أن الكرملين رفض مراراً طلبات كييف لعقد اجتماع بين زيلينسكي وبوتين. وفي غضون ذلك، وافقت الإدارة الأمريكية يوم الثلاثاء على صفقة مبيعات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار (150 مليون جنيه إسترليني)، بعد مكالمة هاتفية بين زيلينسكي وترامب، ناقش خلالها الزعيمان التعاون الدفاعي وإنتاج الطائرات المسيّرة. وقد استخدمت أوكرانيا الطائرات المسيّرة لضرب مصافي النفط والمنشآت الحيوية في روسيا، بينما ركزت موسكو هجماتها الجوية على المدن الأوكرانية. وقالت الإدارة العسكرية لمدينة كييف إن حصيلة الهجوم الذي استهدف المدينة الأسبوع الماضي ارتفعت إلى 32 قتيلاً بعد وفاة أحد الجرحى. وكان هذا الهجوم من بين أكثر الهجمات دموية على كييف منذ بداية الغزو. وفي يوم الأربعاء، أفادت السلطات الأوكرانية بأن هجوماً روسياً استهدف مخيماً صيفياً في منطقة زاباروجيا وسط البلاد، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين. وقال زيلينسكي إنه 'لا يوجد أي هدف عسكري لهذا الهجوم. إنه مجرد عمل وحشي لترهيب الناس'.


صدى البلد
منذ 4 ساعات
- صدى البلد
برلماني: ضبط صانعي محتوى بتهم غسيل أموال وحيازة مخدرات.. والتحقيقات مستمرة
تحدث النائب أحمد بدوي رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، عن تفاصيل جديدة في قضية ضبط عدد من صانعي المحتوى على تطبيقات التواصل الاجتماعي، والمتهمين في قضايا تتعلق بغسيل الأموال ونشر محتوى غير لائق، مؤكدًا أن الجهود الأمنية مستمرة، والتحقيقات لا تزال جارية. وأوضح أن وزارة الداخلية تقوم بدور بارز في جمع التحريات اللازمة، مشيرًا إلى أن بعض الجرائم تعود إلى شهر ونصف، ولكن تم اتخاذ الإجراءات القانونية بعد حصر المخالفات. وأضاف، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية بسمة وهبة، مقدمة برنامج "90 دقيقة"، عبر قناة "المحور"، أن من بين المتهمين من تم ضبطه وبحوزته أجهزة بث مباشر غير مصرح بها، ما يشكل مخالفة صريحة لقانون تنظيم الاتصالات. واستطرد قائلاً" إن استخدام هذه الأجهزة؛ يهدف إلى زيادة الانتشار، وتحقيق أرباح غير مشروعة من خلال محتوى مخالف، مؤكدًا أن هذه الأجهزة الفنية لا يجوز أن تكون في حيازة أفراد. وبيّن أن أحد المتهمين حقق أرباحًا تجاوزت 15 مليون جنيه، بينما تم ضبط آخر بحوزته 135 ألف دولار، وثالث بـ 22 ألف دولار، في مؤشرات واضحة على وجود عمليات مالية مشبوهة تستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المختصة. وأكد أن بعض المتهمين كان بحوزتهم مواد مخدرة وسلاح غير مرخص، ما يعكس خطورة هذه الشبكات التي تتستر خلف ستار صناعة المحتوى الرقمي. وشدد على أن قانون تقنية المعلومات يتضمن مواد واضحة، مثل المادتين 25 و26، التي تجرّم نشر المحتوى المسيء، أو الذي يُصدر حالة من الإحباط واليأس في نفوس المواطنين، أو يتعارض مع القيم والمبادئ العامة. وأوضح، أن هذه الفيديوهات غير مقبولة تمامًا، وأن الشارع المصري يشعر بصدمة كبيرة من حجم الانحرافات الأخلاقية والمالية التي تم الكشف عنها.


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
"النادي اللبناني لليخوت" في كتاب مفتوح الى الحجار: ما حصل في مُحيط النادي إنتهاك صريح لحقوقنا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وجه النادي اللبناني لليخوت كتابا مفتوحا إلى وزير الداخلية والبلديات العميد محمد الحجار، وضعه فيه في صورة ما جرى في محيط مبنى النادي بتاريخ 25 تموز 2025، إثر تنفيذ أمر إزالة صادر عن المديرية العامة لوزارة النقل. وجاء في الكتاب أن "مجموعة كبيرة من عناصر قوى الأمن الداخلي، نفذت قرار إزالة يتعلق بالمراكب غير الثابتة التابعة للنادي"، مشيرا إلى أن الإدارة تعاملت بـ"إيجابية ومسؤولية كاملة مع القرار، والتزمت بالتنفيذ". أضاف الكتاب "لكن، فوجئنا بعد انسحاب القوى الأمنية بدخول عدد من العمال من الجنسية السورية إلى المبنى المجاور للنادي، حيث قاموا بإخراج موجوداتنا الخاصة وخلع الأبواب والأسقف، في تجاوز واضح لمضمون القرار"، معتبرا أن "ما حصل جرى لصالح صاحب العقار المجاور الذي يبدو بصدد احتلال المبنى الذي نشغله منذ أكثر من عشرين عاما، خارج الأطر الرسمية". وتابع "ان إدارة النادي تُمنع حاليا من استكمال أعمال الإزالة على مسؤوليتها الخاصة، رغم أن القرار صادر باسمها"، محذرة من أن "منعنا من الاستكمال لا يؤدي فقط إلى عرقلة تنفيذ القرار الرسمي، بل يتيح لجهة خاصة الاستفادة من ممتلكاتنا، في انتهاك صريح لحقوقنا". وطالب النادي اللبناني لليخوت عبر كتابه بـ"السماح له باستكمال أعمال الإزالة، وتوفير المؤازرة الأمنية إذا أمكن، وفتح تحقيق في ما حصل بعد تنفيذ القرار"، مؤكدا "ثقته بحرص وزير الداخلية على حماية المؤسسات وتطبيق القانون واحترام الأطر الرسمية".