
عبدالعزيز ناصر.. الأب المؤسس للحركة الموسيقية في قطر
في أحضان هذا النادي الاجتماعي الثقافي العريق كبرت الفرقة وكبر هو معها، وراح ينقش اسمه بثقة على جدرانه وزواياه لحناً ونغماً آسراً ممزوجاً بحب الوطن وعشق ترابه.
ولم يشأ الرجل الجميل في محياه، الأنيق في ملبسه، النبيل في أخلاقه، الرفيع في ذوقه وفنه، المتواضع في سلوكه، أن يرحل دون أن يترك للمكتبة العربية والخليجية كتاباً يروي فيه سيرته العطرة مع إهداء إلى «الحالمين بعالم أفضل».
إذ إنه رحمه الله كتب سيرته وأشرف على تدقيقها قبل وفاته، ثم طبعت في كتاب جرى إطلاقه خلال أمسية ثقافية في «سوق واقف» في مارس 2018 بحضور حشد من رجال الفكر والفن والإعلام، يتقدمهم زملاؤه وأحبابه ورفاقه في «نادي الجسرة»، ملعب فنه ومنارته الأولى.
وكانت تلك إشارة ذكية وبليغة إلى بدايات مشوار عبدالعزيز ناصر في الفن، حيث ووجهت وقتها بالرفض، ليتحول المشهد رأساً على عقب بالتقدير له كلما عُزف السلام الوطني لدولة قطر، الذي يعد أحد أبرز إنجازاته، كونه هو الذي صاغ لحن كلمات أول نشيد وطني لقطر في العام 1996 من شعر الشيخ مبارك بن سيف آل ثاني.
يقول عبدالعزيز إنه واصل تمسكه بالفن كخيار لا بديل عنه إلى أن أذعن ذووه لقراره بتشكيل فرقة الأضواء الموسيقية واقتحام دار الإذاعة بها في بدايات تأسيس الأخيرة في ستينيات القرن العشرين، حيث راح مع صحبه من أعضاء الفرقة يقدم الغناء والعزف والتمثيل عبر الأثير بشغف وحماس.
ويتابع: و«تزداد دهشتي حينما أجد التردد، من رجال العلم والمعرفة ونحن في القرن العشرين، في إدخال مادة التربية الموسيقية، كمادة دراسية، في المراحل الدراسية العامة».
غير أن الرجل فضل البقاء في مصر لسنوات أخرى امتدت إلى عام 1980 بغرض الاستفادة القصوى من الكنوز الموسيقية وإبداعات الموسيقيين في مصر.
بل إنه داوم على التردد على مصر حتى بعد عودته إلى قطر وتوليه منصب «المراقب العام للموسيقى والغناء بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون»، وذلك من أجل أن يستكمل مشروعه الفني.
هذا المشروع الذي قالت عنه الكاتبة المصرية مروة صلاح متولي في تقرير لها منشور في إحدى الصحف سنة 2022 إنه ينقسم إلى مراحل متميزة، منها مرحلة العودة إلى الجذور، المتمثلة في ألبوم (من وحي التراث القطري)، ومرحلة المحاولات الموسيقية البحتة بعيداً عن الغناء، ومرحلة التلحين للأصوات الفردية من نجوم الطرب العرب، ومرحلة الألحان الوطنية، ومرحلة تلحين الشعر.
وفي مرحلة تلحين الشعر نجده يلجأ إلى قصائد لكبار الشعراء العرب من أمثال نزار قباني ومحمود درويش وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد وغيرهم، ليتلمس في قصائدهم ما يؤرقه من هموم العرب.
وفي هذا السياق كتبت الباحثة المصرية مروة صلاح متولي قائلة: «لم يكن ذهاب عبدالعزيز ناصر إلى تراثه القطري، مجرد رغبة في العودة إلى الجذور، والحنين إلى الأصل وتعميق الارتباط به، بقدر ما كان بحثاً حقيقياً عن كيانه الذاتي الخاص، كموسيقار قطري أولاً، وموسيقار عربي بشكل عام.
وتحقيق الالتقاء والتناغم بين الهوية القطرية، والهوية العربية في الموسيقى».
وتحدث المطوع أيضاً عن جوانب أخرى من عبقرية فناننا فقال إنه اعتمد في تشكيل ملامح الأغنية القطرية الحديثة على مجموعة من العناصر مثل: الاهتمام بالمفردة الشعرية الحديثة، التأكيد على الهوية القطرية في العمل، وابتكار لون جديد في تقديم اللحن، والخروج على شكل الأغنية القديمة التي كانت ترتكز على تكرار الجملة الغنائية الواحدة.
وأضاف أن الراحل استخدم في أعماله اللحن البسيط، وابتعد عن التعقيد، فاستطاع أن ينقل الأغنية القطرية بأسلوب مبهر جديد إلى مسار الانتشار، وذلك بتقديمها بلون قريب من لون الأغنية العربية مع الاحتفاظ بالحس والذوق الخليجي، كما استطاع بعبقريته نقل إيقاع «الفجري»، وهو الإيقاع القطري الخليجي البحت في أوزانه وتفعيلاته، إلى العالم العربي في أغنية «آه يا بيروت» بكل سهولة وسلاسة.
كما شارك فناننا في وضع الموسيقى والألحان المرافقة لعدد من المسلسلات التلفزيونية مثل: «أحلى الأيام»، «بنات الفريج»، «الفرسان الثلاث»، «حكايات صلبوخ»، «مغامرات جاسم»، «مغامرات سعدون»، «تناتيف»، «الناس بيزات»، «صار وش كان»، والأجزاء المختلفة من مسلسل «فايز التوش».
وعلى مدى مشواره الفني الطويل، حصد العديد من الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير، ومنها: جائزة الدولة التقديرية في مجال الموسيقى عام 2006، وسام التكريم من قادة دول مجلس التعاون الخليجي في مسقط عام 1989، وسام التكريم من مهرجان الخليج السابع للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بمملكة البحرين عام 2001، ومن معهد حلب للموسيقى بسوريا عام 2002، ومن المهرجان العاشر للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بمصر عام 2004، ومن المجمع العربي للموسيقى عام 2013.
أما آخر تكريم حظي به قبل رحيله فقد كان حصوله على الجائزة الذهبية من قبل المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) أثناء توزيع جوائز النسخة الرابعة من حفل توزيع جوائز الأوسكار للأوبرا والغناء الكلاسيكي، في ديسمبر عام 2014.
وفي عام 2017 أصدر الزميل الدكتور أحمد عبدالملك كتاباً من 347 صفحة عن مسيرة الراحل وأعماله وعطاءاته الفنية بعنوان «عبدالعزيز ناصر، رحلة الحب والوفاء».
وبعد وفاته تقرر في 24 يوليو 2016 إطلاق اسمه على مسرح الريان، أكبر مسرح مغلق في قطر، والواقع بسوق واقف في العاصمة الدوحة، وذلك تقديراً لجهوده وعطائه وتخليداً لذكراه العطرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 5 ساعات
- صحيفة الخليج
وفاة الفنان الكويتي محمد المنيع عن عمر 95 عاماً
بعد صراع مع المرض، انتقل إلى رحمة الله الفنان القدير محمد المنيع، عن عمر ناهز 95 عاماً، أحد أبرز وجوه الدراما والمسرح الكويتي، بعد مسيرة حافلة بالعطاءات والإنجازات. وسيوارى جثمانه الثرى اليوم السبت بعد صلاة العشاء في مقبرة الصليبخات. مسيرة تأسيسية في المسرح الكويتي وُلد الراحل في 1 يونيو 1930، وكان من المؤسسين الأوائل لفرقة المسرح الكويتي عام 1964، بعد أن انضم قبلها إلى المسرح الشعبي عام 1961. وفي العام نفسه، تم اختياره عضوا في اللجنة الإدارية والمالية بفرقة المسرح الكويتي. أدوار قيادية ومواسم فنية بين عامي 1965 و1969، شغل المنيع عضوية مجلس إدارة الفرقة، وتولى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في موسمي 1966-1967 والموسم اللاحق، مسهما في صياغة توجهات العمل المسرحي آنذاك. إرث درامي ومسرحي شارك الراحل في العديد من الأعمال الدرامية البارزة، منها مسلسلات غصون في الوحل، وزمان الإسكافي، والداية، إلى جانب مشاركات مسرحية شكلت جزءا مهما من مسيرته وإرثه الفني.

البيان
منذ 5 ساعات
- البيان
بعد رحلة عطاء امتدت لـ 6عقود.. الفنان الكويتي محمد المنيّع في ذمة الله
توفي الفنان الكويتي القدير محمد المنيع مساء أمس الجمعة عن عمر يناهز الـ95 بعد مسيرة فنية وإنسانية حافلة بالعطاء امتدت لأكثر من ستة عقود في خدمة الفن والثقافة في دولة الكويت. وسيوارى جثمان الفقيد الثرى اليوم السبت بعد صلاة العشاء في مقبرة الصليبخات. وأصدرت وزارة الإعلام الكويتة بيانا ًصحفياً نعت فيه الفنان القدير مثمنة رحلته الطويلة الحافلة بالعطاء. ونقلت وزارة الإعلام في بيان صحفي تعازي وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة الكويتي لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري والعاملين في الوزارة إلى أسرة الفقيد وذويه مستذكرة بكل التقدير ما قدمه من إسهامات كبيرة أثرت الساحة الفنية الكويتية والخليجية وجعلته أحد روادها الأوائل. وأشارت الوزارة إلى أن الراحل بدأ مسيرته الفنية بانضمامه إلى فرقة المسرح الشعبي وأسهم في تأسيس فرقة المسرح الكويتي وشارك في عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي لامست قضايا المجتمع بروح صادقة وأداء متميز. وأضافت أن الفنان المنيع تميز بحضوره المؤثر وأسلوبه العفوي ووفائه لمهنته وجمهوره فكان مثالا للفنان المخلص الذي جمع بين الموهبة والالتزام وترك بصمة لا تنسى في ذاكرة الفن الكويتي والخليجي. في التلفزيون، شارك في ما يقارب 60 مسلسلًا، كان آخرها مسلسل «عبرة شارع» عام 2018، إلى جانب أعمال درامية تركت بصمة قوية مثل: مدينة الأمان، دروب الرجولة، طش ورش، حال منايير، الداية، بيت الأوهام، أحلام صغيرة، الأقدار، ساهر الليل، أسرار خلف الشمس، سليمان الطيب وفق صحيفة الرأي الكويتية. أما على خشبة المسرح، فقد شارك في أكثر من 10 مسرحيات أثّرت في تطور المسرح المحلي، إلى جانب عدة أفلام سينمائية كويتية نادرة، أُنتجت بين عامي 1963 و2015، أبرزها «الصقر» و«بس يا بحر». ويُعتبر محمد المنيع أحد المؤسسين الفعليين للحركة المسرحية الحديثة في الكويت، وقد كان من أبرز المساهمين في تأسيس فرقة المسرح الكويتي عام 1964، وهي الفرقة التي انطلقت منها أسماء بارزة أثرت المشهد الدرامي الخليجي لاحقًا.


العين الإخبارية
منذ 15 ساعات
- العين الإخبارية
أحمد عبدالعزيز عن رفضه مصافحة شاب: «لم أنتبه إليه»
أصدر الفنان المصري أحمد عبدالعزيز، مساء الجمعة، بيانا صحفيا أوضح فيه ملابسات فيديو متداول ظهر فيه وكأنه يرفض مصافحة أحد المعجبين. جرت الواقعة خلال مشاركة عبدالعزيز في المهرجان المصري-الأمريكي للسينما والفنون، في احتفالية أقيمت بمركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية. وقال عبدالعزيز، في البيان المنشور على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إن المقطع فُهم على نحو خاطئ، موضحاً: "كنت داخل الفعالية متأخراً وأسرع للحاق بعرض الفيلم، فظننت أن الشاب يقف لفتح الطريق باعتباره من المنظمين، ولم أنتبه أنه يمد يده للمصافحة". وأكد النجم المصري أنه لم يرفض يوماً السلام أو التقاط الصور مع جمهوره، مضيفاً: "محبتكم هي أكبر دعم لي، وما حدث مجرد سوء فهم، وأتمنى أن يتفهم الجميع أن هناك لحظات سريعة قد تُفسر بشكل خاطئ". وتابع أن ما جرى لم يكن عن قصد، داعيا الجميع إلى تفهّم أن هناك مواقف تحدث بسرعة وقد تُفسَّر بشكل خاطئ. واختتم أحمد عبدالعزيز البيان قائلاً: "اللي حصل كان سوء فهم، وأتمنى الناس تتفهم إن في لحظات سريعة ممكن تتفسر غلط.. أنا واحد منكم". aXA6IDE2MS4xMjMuMjIyLjE3MiA= جزيرة ام اند امز PT