logo
الفساد في العراق: تهديد وجودي للعدالة الاجتماعية

الفساد في العراق: تهديد وجودي للعدالة الاجتماعية

الجزيرةمنذ 2 أيام

يُعرف الفساد، في أبسط صوره، بأنه استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة، لكنه في جوهره -كما وصفه الفيلسوف اليوناني أفلاطون- "مرض يُصيب النفس السياسية للدولة"، إذ يُحوّل المؤسسات من أدوات لخدمة الصالح العام إلى وسائل لتعزيز مصالح النخب.
في العراق، يتجلى الفساد في أشكال متعددة: الرشوة، والمحسوبية، واختلاس المال العام، والتلاعب بالعقود الحكومية.. وتُشير تقارير منظمة الشفافية الدولية إلى أن العراق يحتل المرتبة 157 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، ما يعكس تفشي الفساد على مستوى النظام.
هذا الواقع ليس وليد اليوم، بل نتاج تراكمات تاريخية تشمل الحروب، والعقوبات الاقتصادية، والتحولات السياسية بعد 2003، التي خلقت بيئة خصبة لانتشار الفساد.
العدالة الاجتماعية: رؤية فلسفية وسياق عراقي
تُشكل العدالة الاجتماعية، في جوهرها، السعي نحو مجتمع يضمن المساواة في الفرص والحقوق، مع التركيز على دعم الفئات الأكثر تهميشًا.
يرى الفيلسوف جون رولز في كتابه "نظرية العدالة" أن العدالة تتطلب مبدأيْن: المساواة في الحقوق الأساسية، وتوزيع الموارد بحيث يُحقق أكبر فائدة للأقل حظًا.
في العراق، يُفترض أن تكون العدالة الاجتماعية أولوية وطنية لإعادة بناء دولة مزقتها الصراعات والانقسامات، لكن الفساد يُعيق هذا الهدف، إذ يُحوّل الموارد العامة إلى أداة لتعزيز النفوذ بدلًا من تحقيق الرفاه الجماعي.
أشار الفيلسوف العربي ابن خلدون في "المقدمة" إلى أن "الظلم يُفسد العمران"، وهو ما ينطبق على العراق، حيث يؤدي الفساد إلى تآكل العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين
أبعاد أثر الفساد على العدالة الاجتماعية
البعد الاقتصادي (نهب الموارد وتعميق التفاوت): يُعد العراق من أغنى الدول النفطية، حيث تُشكل عائدات النفط أكثر من 90% من الميزانية العامة، لكن الفساد يُحوّل هذه الثروة من أداة تنمية إلى مصدر لتكريس التفاوت. تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن العراق خسر ما يقارب 150-200 مليار دولار بين عامي 2003 و2020 بسبب الفساد، وهي مبالغ كان يمكن أن تُستخدم لتحسين البنية التحتية، وتوفير فرص عمل، أو دعم القطاعات الصحية والتعليمية.
على سبيل المثال، تُظهر الإحصاءات أن 25% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بينما تتركز الثروة في أيدي نخبة سياسية واقتصادية! هذا التفاوت يُعيق تحقيق مبدأ العدالة التوزيعية، حيث يحرم الأغلبية من الاستفادة من ثروات البلاد.
البعد السياسي (تآكل الثقة وتفكيك العقد الاجتماعي): يُعزز الفساد نظام المحسوبية والطائفية، ما يُعمّق الانقسامات الاجتماعية ويُضعف الثقة في المؤسسات. في العراق، تُوزَّع المناصب الحكومية والموارد غالبًا بناءً على الانتماءات السياسية أو العرقية، بدلًا من الكفاءة أو الحاجة.. هذا النظام، المعروف بـ"المحاصصة"، يُكرس هيمنة النخب ويُقصي الفئات المهمشة.
وكما أشار الفيلسوف العربي ابن خلدون في "المقدمة" فإن "الظلم يُفسد العمران"، وهو ما ينطبق على العراق، حيث يؤدي الفساد إلى تآكل العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين. احتجاجات "تشرين 2019″، التي اندلعت ضد الفساد وسوء الإدارة، تُظهر بوضوح هذا التصدع في العلاقة بين الشعب والسلطة.
البعد الاجتماعي (تفكك التماسك الاجتماعي): يُفاقم الفساد الفجوة بين الطبقات، ما يُغذي الشعور بالحرمان النسبي ويُهدد التماسك الاجتماعي. في العراق، تُشير الإحصاءات إلى أن معدل البطالة بين الشباب يتجاوز 30%، بينما يعاني القطاع العام من التضخم الوظيفي لصالح المحسوبيات. هذا الوضع يُولد شعورًا بالإقصاء، خاصة بين الشباب، ما يُسهم في زيادة الجريمة، والهجرة غير الشرعية، وحتى التطرف. يُمكن النظر إلى هذا الوضع من منظور الفيلسوف توماس هوبز، الذي رأى أن غياب العدالة يُعيد المجتمع إلى "حالة الطبيعة"، حيث يسود الصراع والفوضى.
البعد الثقافي (تآكل القيم الأخلاقية): الفساد لا يقتصر على الأضرار المادية، بل يُسهم في تآكل القيم الأخلاقية والاجتماعية. في العراق، أصبح الفساد جزءًا من الثقافة اليومية في بعض القطاعات، حيث تُعتبر الرشوة أحيانًا وسيلة "طبيعية" لتسهيل المعاملات! هذا التطبيع يُضعف الإحساس بالمسؤولية الجماعية ويُقوّض القيم التي تُشكل أساس العدالة الاجتماعية، مثل التضامن والمساواة. يُمكن أن نستحضر هنا مقولة الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو: "إن الإنسان يُولد حرًّا، ولكنه في كل مكان مُقيّد بالسلاسل"، حيث تُمثل سلاسل الفساد قيدًا يمنع تحقيق المجتمع العادل.
إستراتيجيات مكافحة الفساد لتعزيز العدالة الاجتماعية
لمواجهة هذه الآفة واستعادة العدالة الاجتماعية، يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأبعاد:
إعلان
إصلاح مؤسسي شامل: تفعيل هيئات الرقابة المستقلة، مثل هيئة النزاهة، مع ضمان حماية المبلغين عن الفساد، وتطبيق عقوبات صارمة على الفاسدين.
تعزيز استقلال القضاء: إنشاء نظام قضائي مستقل يُحاسب المسؤولين بغض النظر عن نفوذهم، مع تطوير قوانين تُجرّم الفساد بشكل أكثر وضوحًا.
سياسات اقتصادية عادلة: إعادة توجيه الموارد نحو مشاريع تنموية تستهدف الفئات المهمشة، مع التركيز على التعليم والصحة كركائز للعدالة.
إصلاح التعليم والثقافة: تعزيز الوعي المدني بأهمية العدالة الاجتماعية ومخاطر الفساد من خلال المناهج التعليمية والإعلام.
مشاركة المجتمع المدني: تمكين المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لمراقبة الأداء الحكومي وتعزيز الشفافية.
يُمثل الفساد في العراق تهديدًا وجوديًا للعدالة الاجتماعية، إذ يُحوّل الموارد العامة من أداة للتنمية إلى وسيلة لتعزيز التفاوت والإقصاء، وتأثيره لا يقتصر على الاقتصاد أو السياسة، بل يمتد إلى تفكيك التماسك الاجتماعي وتآكل القيم الأخلاقية. ولتحقيق العدالة الاجتماعية، يتطلب الأمر إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات بنيوية، ومشاركة مجتمعية واسعة.
وقد قال ابن خلدون: "إذا فسدت الدولة، فلا عجب أن تنهار"، وهو تحذير ينبغي أن يُحفّز العراقيين لبناء دولة عادلة تقوم على الشفافية والمساواة، لضمان مستقبل يليق بتاريخهم وتضحياتهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جدة فرنسية تتقدم بشكوى ضد إسرائيل بتهمة مقتل حفيديها بغزة
جدة فرنسية تتقدم بشكوى ضد إسرائيل بتهمة مقتل حفيديها بغزة

الجزيرة

timeمنذ 33 دقائق

  • الجزيرة

جدة فرنسية تتقدم بشكوى ضد إسرائيل بتهمة مقتل حفيديها بغزة

قدّمت جدة فرنسية، اليوم الجمعة، شكوى أمام القضاء الفرنسي ضد مجهول تتهم إسرائيل بالقتل وارتكاب إبادة جماعية ، بعدما قُتل حفيداها الفرنسيان في قصف إسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق ما أفاد محاميها أرييه أليمي للصحافة الفرنسية. وتسعى الشكوى المكونة من 48 صفحة إلى فتح تحقيق قضائي في فرنسا بتهم القتل ومحاولة القتل وجريمة ضد الإنسانية والإبادة، إضافة إلى التواطؤ في ارتكاب هذه الجرائم، في خطوة قد تمهد الطريق لتعيين قاضي تحقيق. من جهتها، أعلنت رابطة حقوق الإنسان الفرنسية نيتها الانضمام إلى الدعوى القضائية. وتتناول القضية مقتل جنة وعبد الرحيم أبو ضاهر، وهما طفلان يحملان الجنسية الفرنسية، يبلغان من العمر 6 و9 سنوات، في قصف إسرائيلي استهدف منزلهما في شمال قطاع غزة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد 17 يوما من بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة. وجاء في الشكوى التي تقدّمت بها الجدة جاكلين ريفو، المقيمة في فرنسا: "العنف الهائل والقصف المنتظم الذي نفّذه الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر دفع العائلة إلى اللجوء إلى منزل في شمال القطاع، حيث تعرض المنزل لصاروخين أُطلقا من مقاتلة إسرائيلية من طراز إف-16". وتتهم الشكوى السلطات الإسرائيلية بوضع مخطط يستهدف "القضاء على السكان الفلسطينيين وإخضاعهم لظروف عيش من شأنها أن تؤدي إلى القضاء على جماعتهم". ورغم أن الشكوى قُدّمت "ضد مجهول"، فإنها تذكر صراحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، إضافة إلى أعضاء حكومته والجيش الإسرائيلي. من جانبها، ترفض إسرائيل بشدة أي اتهامات بالإبادة، ووصفتها بـ"الشائنة". وتُعزز الجنسية الفرنسية للضحيتين إمكانية أن ينظر القضاء الفرنسي في هذه الدعوى، بموجب الولاية القضائية الفرنسية على الجرائم المرتكبة بحق مواطنيها في الخارج. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، نحو 180 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح أغلبية سكان القطاع.

مقتل وإصابة جنود إسرائيليين بكمين للمقاومة بخان يونس
مقتل وإصابة جنود إسرائيليين بكمين للمقاومة بخان يونس

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

مقتل وإصابة جنود إسرائيليين بكمين للمقاومة بخان يونس

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الجمعة بمقتل وإصابة جنود إسرائيليين في كمين استهدف مبنى انهار عليهم بخان يونس جنوبي قطاع غزة ، في حين استشهد 52 فلسطينيا منذ فجر الخميس في قصف إسرائيلي على مناطق عدة في القطاع. وقالت مصادر إسرائيلية إن عدد من الجنود الإسرائيليين لا يزالون تحت الأنقاض وأن الحدث الأمني لم ينتهِ بعد. وكانت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أعلنت أمس الخميس تنفيذ عمليتين في خان يونس، وتنفيذ كمين مركب شرق مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، أسفر عن وقوع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح. وقالت القسام في بيان، إن الكمين نفذ الأحد الماضي في منطقة الخط الشرقي قرب موقع المبحوح، واستخدم فيه المقاتلون عبوات ناسفة وقذائف واشتباكوا بأسلحة رشاشة مع القوات الإسرائيلية. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي اعترف بمقتل 3 جنود برتبة رقيب أول في معارك بشمال قطاع غزة الاثنين الماضي، إثر استهداف عربة عسكرية من طراز هامر كانوا يستقلونها في جباليا شمال قطاع غزة، كما أصيب اثنان من رجال الإطفاء بجروح. من جهتها أكدت سرايا القدس، الجناح العسكي لحركة الجهاد الإسلامي، تفجير آلية عسكرية جنوبي مدينة خان يونس. في هذه الأثناء أعلنت مستشفيات غزة، استشهاد 52 فلسطينيا منذ فجر الخميس، بينهم أطفال وصحفيون، في قصف إسرائيلي على مناطق عدة في القطاع. ورفعت تكبيرات عيد الأضحى في القطاع بالتزامن مع دوي القصف الإسرائيلي المستمر، حيث استهدف جيش الاحتلال بغارات وقصف مدفعي وسط وشمال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وأفادت مصادر طبية باستشهاد طفل برصاص قوات الاحتلال شمال غربي مدينة خان يونس، كما تحدث مراسل الجزيرة عن تحليق منخفض للطيران الحربي الإسرائيلي وإطلاق نار كثيف على المناطق الشمالية من المدينة. وقام جيش الاحتلال الإسرائيلي بنسف منازل سكنية في القرارة، شمال شرق مدينة خان يونس، كما استهدف بقصف مدفعي شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وأفادت مصادر فلسطينية باشتعال النيران في منازل جراء قصف جيش الاحتلال المدفعي محيط جبل الصوراني والريس شرق حي التفاح شرقي مدينة غزة. واستهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية مجموعة من النازحين في محيط برج الشفاء غرب مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 5 مواطنين وإصابة عشرات، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق ما أفاد مصدر في مستشفى الشفاء. وأظهرت صور للجزيرة لحظات انتشال جثامين شهداء ومصابين في شارع الشفاء المكتظ بالنازحين الذين لجأوا إلى المنطقة هربا من القصف الإسرائيلي. وأفادت مصادر فلسطينية باستشهاد المصور الصحفي أحمد قلجة متأثرا بإصابته جراء قصف جيش الاحتلال خيمة الصحفيين بمستشفى المعمداني في غزة، ليرتفع إلى 4 الصحفيين الذين استشهدوا في قصف مُسيرة خيمة الصحفيين بساحة المستشفى مساء أمس الخميس. وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إن عدد الشهداء الصحفيين في القطاع ارتفع بذلك إلى 225 منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، نحو 180 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.

وول ستريت جورنال: إيران تطلب من الصين مكونات صواريخ باليستية
وول ستريت جورنال: إيران تطلب من الصين مكونات صواريخ باليستية

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

وول ستريت جورنال: إيران تطلب من الصين مكونات صواريخ باليستية

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن أن إيران طلبت مؤخرا آلاف الأطنان من مكونات الصواريخ الباليستية من الصين، في خطوة تهدف إلى إعادة بناء قدراتها العسكرية بعد الضربات التي تلقتها من إسرائيل وتوسيع دعمها لحلفائها الإقليميين، وعلى رأسهم الحوثيون في اليمن وفصائل عراقية. ووفقا لمصادر مطلعة، تشمل الصفقة شحنات كبيرة من بيركلورات الأمونيوم، وهي مادة مؤكسدة تستخدم في وقود الصواريخ الصلب. وتقدّر الكمية المطلوبة بأنها تكفي لإنتاج نحو 800 صاروخ باليستي. وأكدت المصادر أن جزءا من هذه المواد قد يتم نقلها إلى فصائل متحالفة مع إيران في اليمن والعراق. كذلك، أوضح التقرير أن الصفقة وقّعت قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رغبته في إجراء محادثات نووية مع إيران أوائل مارس/آذار الماضي. وحسب الصحيفة، يأتي هذا التحرك الإيراني في أعقاب هجوم إسرائيل على طهران في أكتوبر/تشرين الأول 2024، التي دمّرت بدورها معدات خلط صواريخ رئيسية، مما عرقل مؤقتا قدرة طهران على تصنيع صواريخ جديدة تعمل بالوقود الصلب. وتقول مصادر أميركية إن إيران بدأت إصلاح تلك المعدات استعدادا لمرحلة إنتاج جديدة. شحنات سابقة وارتباطات بالحرس الثوري وحسب تقارير سابقة، نقلت سفينتان إيرانيتان هذا العام أكثر من ألف طن من بيركلورات الصوديوم –وهي مادة أولية لإنتاج بيركلورات الأمونيوم– من الصين إلى موانئ إيرانية في وقت سابق من العام الجاري، وتم تسليمها إلى إيران في فبراير/شباط ومارس/آذار. ويُعتقد أن هذه الشحنات دعمت تصنيع 260 صاروخا قصير المدى. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين عقوبات على كيانات صينية وإيرانية، متهمة إياها بشراء مكونات حساسة لصالح الحرس الثوري الإيراني وبرنامج الصواريخ الخاص به، وكذلك لتزويد الحوثيين بهذه المواد. ونقلت إيران مؤخرا صواريخ باليستية إلى فصائل شيعية عراقية، وفقا للتقرير، وهي قادرة على استهداف إسرائيل والقوات الأميركية. كما يُتوقع أن ترسل طهران بعضا من مكونات الصواريخ الصينية إلى الحوثيين في اليمن، "رغم تأثر قدراتهم مؤخرا بالضربات الأميركية والإسرائيلية". الصين تنفي علمها بالصفقة من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية إن بلاده "ليست على علم" بهذه الصفقة، مؤكدا أن بكين تفرض رقابة صارمة على المواد ذات الاستخدام المزدوج، بما يتماشى مع التزاماتها الدولية. غير أن تقرير وول ستريت جورنال يشير إلى أن شركة صينية مقرها هونغ كونغ، تدعى ليون كوموديتيز هولدينجز المحدودة، هي التي تعاقدت مع كيان إيراني يدعى بشغامان تجارات رافي نوفين كو. وأشار التقرير إلى أن " الحرس الثوري الإيراني يسعى حاليا لتجاوز القيود المفروضة على الإنتاج المحلي عبر هذه الواردات الضخمة من الصين، رغم المخاطر الكبيرة المرتبطة بتخزين هذه المواد، والتي تسببت في انفجار بميناء شهيد رجائي في أبريل/نيسان، مما أدى إلى مقتل العشرات نتيجة سوء التعامل معها من قبل وحدة تابعة ل فيلق القدس". وختم التقرير بالإشارة إلى أن إيران تواصل، رغم الضغوط والعقوبات، إعادة تفعيل شبكتها الإقليمية من الجماعات المسلحة ضمن ما يُعرف بمحور المقاومة، بما يشمل حزب الله والحوثيين والفصائل المسلحة في العراق، مستفيدة من تدفق المواد الحيوية من الخارج، في محاولة لفرض توازن جديد في المنطقة في ظل التصعيد المستمر مع إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store