logo
منازل الضفة الغربية... اقتحامات وطرد وتدمير إسرائيلي ممنهج

منازل الضفة الغربية... اقتحامات وطرد وتدمير إسرائيلي ممنهج

العربي الجديدمنذ 7 ساعات

يمعن الاحتلال الإسرائيلي
بتحويل منازل الضفة الغربية إلى ثكنات عسكرية بذرائع تجعل من
الفلسطينيين
دروعاً بشرية، ويرى السكان أن هذا ترجمة عملية لسياسات السيطرة على الضفة، وإن بتكتيكٍ جديد.
تشهد مناطق عدة في الضفة الغربية المحتلة منذ نحو أسبوعين، اقتحامات متصاعدة تنفذها قوات
الاحتلال الإسرائيلي
، تطاول منازل المواطنين. وتُجبر قوات الاحتلال العائلات على مغادرة منازلها قسراً من دون إنذار، وتُحوّل البيوت إلى
ثكنات عسكرية
مؤقتة تمتد من يوم إلى خمسة، ما يخلّف آثاراً تتراوح بين تطبيع الوجود العسكري داخل الأحياء الفلسطينية، وتخريب ممنهج للممتلكات وفرض واقع جديد.
كان منزل الفلسطيني عبد الفتاح شبانة من أوائل المنازل التي طاولتها الاقتحامات الإسرائيلية الأخيرة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، بما هي إحدى مناطق الضفة الغربية التي تتعرض منازلها للاقتحام بشكل مكثف، إذ اقتحمت قوات الاحتلال العمارة السكنية المكوّنة من ستة طوابق، والواقعة في منطقة "الكرنتينا" جنوب المدينة، والمطلة على مستوطنة تل الرميدة داخل البلدة القديمة، ما جعلها هدفاً دائماً للاقتحامات والمراقبة.
ويكشف شبانة لـ"العربي الجديد"، أن قوات الاحتلال كانت تقتحم المبنى من حين إلى آخر قبل الحرب على غزة، وتصعد إلى السطح وتمكث لساعات تراقب المنطقة، لكن في 11 يونيو/حزيران 2025، وقبيل القصف المتبادل بين
إيران
والاحتلال الإسرائيلي، "اقتحمت قوة عسكرية المنزل بنحو 70 جنديّاً ترافقهم أربع آليات، مستغلين غيابنا المؤقت في بلدة العيزرية شرق القدس".
وخلال الاقتحام، كسر جنود الاحتلال الأبواب والأقفال، واعتلوا الأسطح، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية، ومنعوا السكان من الاقتراب، فيما أُبلغ الجيران أن المبنى تحوّل إلى موقع عسكري مغلق بذريعة "حدث أمني".
عاد شبانة مع عائلته في اليوم ذاته، وتمكن من دخول الطابق الثاني رغم محاولة منعه، فتعرّض للاعتداء اللفظي والجسدي، وأُجبر على البقاء في الطابق، بينما تمركزت القوات في الطوابق العليا باستخدام خيام ومعدات مراقبة. يقول: "جيش الاحتلال منحه دقيقتين لم تكفه لجمع شيء من المنزل، وسط شتائم وتهديدات، وإبلاغه صراحة بأن المكان أصبح للجيش والعَلم الإسرائيلي لن يُنزل".
قضايا وناس
التحديثات الحية
الاحتلال يخنق الضفة الغربية بالحواجز... عقاب جماعي
وبعد نحو 24 ساعة، انسحبت قوات الاحتلال بسبب انقطاع الكهرباء عن المنزل، لكنها طالبت العائلة بإعادة تشغيلها، وهو ما قوبل بالرفض، ثمّ غادرت تلك القوات لاحقاً بعد الاستيلاء على مقتنيات وأغراض منزلية، فيما ادّعى جندي يتحدث العربية أنهم "نظفوا المكان"، في محاولة لتقديم صورة إيجابية.
غير أن ما ينفي هذا الادعاء هو عودة قوات الاحتلال في الليلة التالية، حين غادر شبانة مجدداً إلى بلدة العيزرية، ورصدوا والدته خارج المنزل، وتم اقتحام المبنى من جديد، وأُبلغ مواطن مستأجر في المبنى أن أمامه ساعة واحدة لإخلاء الشقة، تحت تهديد مباشر بأن المنطقة "أُعلنت عسكرية مغلقة"، ومن يقترب منها سيكون عرضة
للاعتقال
، كما اقتحم الجيش محلاً تجاريّاً أسفل المبنى، واعتدى على عدد من الشبان الموجودين داخله، ما استدعى نقلهم إلى المستشفى، فيما تعرّض مارّة في محيط المبنى للرشق بالحجارة وتهديد بالسلاح من الجنود، إذ أبلغوا المواطنين بأن الاقتراب من الموقع سيُقابل بإطلاق النار.
بعد ثلاثة أيام، انسحب الجنود ودخلت العائلة المنزل لتجد زجاجات خمر، وأثاثاً محطّماً، وزجاج نوافذ مهشماً بأعقاب البنادق، مع عبارات "سنعود قريباً" مكتوبة على الجدران وملصقة بِورقٍ. ويقول شبانة إن الجهات الرسمية الفلسطينية أبلغته بأن "الوضع الأمني لا يسمح بالتدخل، وبعدم تجاوب الجانب الإسرائيلي"، في ظل ما تصفه السلطة بـ"حالة الحرب"، مشيراً إلى أن الاحتلال يوزّع نقاطه العسكرية التقليدية داخل المناطق المدنية، ما يحوّل السكان ومنازلهم إلى دروع بشرية.
ويوضح شبانة أن المبنى كان مستهدفاً حتى قبل التصعيد الأخير، إذ يقع في منطقة تصنّف H2، أي خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والمدنية الفلسطينية، لافتاً إلى أن الاحتلال كان على علم بوجود طابقين غير مرخّصين في المبنى، واستخدم ذلك ذريعة للتهديد بالاستيلاء، رغم عدم وجود صلاحية قانونية للجيش في مسائل الترخيص بهذه المنطقة. وأُبلغ شبانة من جنود الاحتلال بأن "غيابه المتكرر عن المنزل منذ عامين يشكل مبرراً للسيطرة عليه". ويؤكد أنه طلب إبراز أمر عسكري أو قضائي، لكن الجنود لم يحملوا أي وثائق بذلك، كما أن "الارتباط الفلسطيني" أبلغه بوجود محاولات لوقف السيطرة والاقتحام، لكن من دون نتائج، معتبراً أن "الضغط الإعلامي هو السبيل الوحيد" لردع هذه الانتهاكات.
الصورة
يعلنون المنزل المُصادر موقعاً عسكريّاً، 16 إبريل 2025 (مصعب شاور/فرانس برس)
شهادة أخرى، يرويها حازم التكروري، نجل مالك منزل آخر استولى عليه الاحتلال في منطقة حي الجامعة، يؤكد فيها التكروري أن منزلهم يقع في منطقة H1 كاملة السيادة الأمنية والمدنية الفلسطينية، لكن ذلك لم يمنع الاحتلال من السيطرة على المنزل ومنزلين آخرين في الحي.
ويروي التكروري لـ"العربي الجديد": "وصلت قوات الاحتلال عند ساعات الصباح في 15 يونيو/حزيران 2025، وبدأت تطرق الأبواب بعنف، واقتحمت ساحة المنزل، ثمّ خرج شقيقي ليفتح الباب، فوجد الجنود أمامه مباشرة، وأمروه بالخروج من المنزل فوراً من دون السماح بأخذ أي شيء. جنود الاحتلال سمحوا لنا بالمكوث ثلاث دقائق فقط قبل إخلاء المنزل، ثم أجبرونا على المغادرة من دون السماح لنا بحمل أي شيء من الممتلكات. لم يُعرض علينا أي قرار رسمي أو إشعار قضائي يوضح خلفية الاقتحام، أو موعد انسحابهم. لم يُخبرونا بشيء، لا سبب، ولا جهة مخوّلة، ولا حتى إشعار محكمة. وكأن الأمر عملية طرد مباشرة".
ويؤكد أن "وجود الجنود في المنزل كان مزعجاً للغاية، إذ حوّلوا المكان إلى ما يشبه المزرعة. المنزل كان نظيفاً ومرتباً، لكنهم تركوه في حالة خراب تام، مخلفات طعام، معلّبات، وحتى سلوكيات قذرة؛ فأحد الجنود تبوّل داخل فناء المنزل. قام الجنود بتمزيق صور شقيقي الشهيد باسم التكروري، والمعلقة على الجدار منذ 20 عاماً، كما أتلفوا صوراً للشهيد محفورة على الخشب، وصادروا لافتاتٍ قديمة كانت تحمل صوراً له. وخلّفوا وراءهم مهملات وأوساخاً. تواصلنا مع الارتباط الفلسطيني للاستفسار عن سبب الاقتحام، وما يمكن فعله، لكن لم نتلق ردّاً واضحاً".
وانتشر جنود الاحتلال خلال يومَي الاقتحام داخل طرقات الحي، واعتلوا الأسطح، وخرجوا إلى الشوارع القريبة وسط المدينة، وكانت أعدادهم تزيد عن 200 جندي، وأقاموا حاجزاً وسط الطريق، وبدأوا بتفتيش المركبات والاعتداء على المارّة، في مشهد وصفه التكروري بأنه "عقاب جماعي".
ويقدم رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، قراءة أوسع لهذه التحركات، موضحاً أن الظاهرة ليست جديدة تماماً، بل تصاعدت مع موجة التصعيد الأخيرة، وهي تعكس "تنامي نفوذ قوى اليمين الإسرائيلي داخل مراكز صنع القرار، بما يعني ترجمة عملية لسياسة فرض السيطرة على الضفة الغربية المحتلة، لكن بتكتيك جديد".
ويشرح الشوبكي لـ"العربي الجديد": "ما يجري هو دفع الفلسطينيين للتكيّف مع الوجود العسكري الإسرائيلي، إلى جانب التوسع الاستيطاني. في السابق، كان دخول الجيش الإسرائيلي إلى أي منطقة فلسطينية يستدعي ردوداً شعبية واستنفاراً ميدانيّاً، أما اليوم فهناك محاولات لترسيخ هذا الوجود بشكل طبيعي، من خلال دخول المناطق المدنية والخروج منها من دون مبررات أمنية واضحة، وفي أحيان كثيرة من دون تنفيذ مهمات أمنية حقيقية".
أخبار
التحديثات الحية
الضفة الغربية | اقتحام قرى وسط تصاعد اعتداءات المستوطنين
ويؤكد أن هذا الحضور العسكري المتكرر يهدف إلى إعادة تشكيل الذهنية الفلسطينية، بحيث يصبح الوجود العسكري مألوفاً وغير مستهجن، وربما خطوة تمهيدية نحو جعله دائماً، حتى وإن لم يكن عمليّاً طوال الوقت. ويقول: "لا توجد مواجهات في الضفة الغربية تبرّر هذا التحصن، لكنه وجود محسوب في أماكن مختارة بعناية، ليُعطي انطباعاً بأن إسرائيل حاضرة في كل مكان. بدأ ذلك في الأرياف، ثم القرى الكبيرة، واليوم وصل إلى قلب المدن. ما يجري هو بثّ رسالة مباشرة للفلسطينيين: نحن موجودون، حتى من دون سبب ظاهر".
ويعتبر الشوبكي أن هذا الوجود يحافظ على حالة من اليقظة الدائمة لدى الفلسطينيين، ويوصل رسائل تحذيرية، خاصة بعد تفريغ الساحة من النشطاء القادرين على التحرك الميداني، من خلال الاعتقالات الإدارية والمحاكمات، وبالتالي "الرسالة الآن موجّهة لمن تبقى: نحن نراقب، وسنواجه أي تحرك قبل أن يبدأ". ويؤكد أن هذه السياسة لا ترتبط بالخليل وحدها، وإنما هي سلوك متكرر في أنحاء الضفة الغربية، مع فروقات في الشكل؛ ففي شمال الضفة الغربية المحتلة، يرتبط الوجود العسكري بعمليات ميدانية، بينما في الخليل، يكفي مجرد الوجود العسكري لخلق تأثير، في ظل غياب حاضنة شعبية قادرة على المواجهة.
ويخلص إلى أن ما يجري ليس مجرد خطوة أمنية، بل يحمل رسائل سياسية داخلية وخارجية. فداخليّاً، هو استرضاء لقوى اليمين الإسرائيلي وتعزيز لسياسة "فرض الوقائع على الأرض. وخارجيّاً، هي رسالة للعالم بأن لا حاجة لحل الدولتين، ولا جدوى من المؤتمرات الدولية أو المطالبات بإصلاح السلطة؛ فإسرائيل تنفذ خطوات عملية تنهي هذا المسار من أساسه".
ويختم الشوبكي: "حتى السلطة الفلسطينية تتلقى رسالة مفادها بأن دورها يجب أن يبقى محصوراً في إدارة الخدمات، كالصحة والتعليم، من دون أي سيطرة فعلية على الأرض، كما أن التنسيق الأمني لم يعد أولوية إسرائيلية كما كان سابقاً، بل تم استبداله برؤية جديدة لإدارة الضفة الغربية المحتلة، بغض النظر عن تقسيماتها الإدارية بين (أ - ب - ج)".

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي- (صور وفيديو)
الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي- (صور وفيديو)

القدس العربي

timeمنذ 44 دقائق

  • القدس العربي

الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي- (صور وفيديو)

الناشط الفلسطيني محمود خليل يلوح بيده إلى جانب زوجته نور عبد الله في مطار نيوارك بعد يوم من إطلاق سراحه- نيوجيرسي 21 حزيران 2025 نيوارك (نيوجيرسي): تعهد محمود خليل باستئناف نشاطه المؤيد للفلسطينيين لدى عودته إلى نيويورك بعد يوم من إطلاق سراحه بكفالة من سجن للمهاجرين، بينما قالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنها ستواصل جهودها لترحيله من البلاد. وصل خليل (30 عاما) إلى مطار نيوارك ليبرتي الدولي في نيوجيرزي بعد ظهر اليوم السبت ليجد أصدقاءه ومؤيديه وزوجته الأمريكية في استقباله بالهتاف والتصفيق. وكانت في استقباله أيضا في المطار النائبة الديمقراطية عن نيويورك ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. وقال خليل، وفي يده باقة من الزهور، 'ليس فقط إذا هددوني بالاعتقال، حتى وإن كانوا سيقتلونني، سأظل أواصل الحديث عن فلسطين… أريد فقط أن أعود وأواصل العمل الذي كنت أقوم به بالفعل، وهو الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وهو خطاب يستحق الاحتفاء به لا المعاقبة عليه'. كان خليل، الذي تخرج حديثا من جامعة كولومبيا في مانهاتن، شخصية بارزة في حركة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة لإسرائيل والتي اجتاحت الجامعات العام الماضي. وألقى ضباط سلطات الهجرة الاتحاديون القبض عليه في بهو مقر إقامته بكولومبيا في الثامن من مارس آذار، ليصبح أول هدف لجهود ترامب لترحيل الطلاب الأجانب المؤيدين للفلسطينيين أو المناهضين لإسرائيل. ونددت أوكاسيو كورتيز، التي كانت تتحدث إلى جانب خليل في المطار، بما وصفته بإقدام إدارة ترامب على 'الاضطهاد على أساس الخطاب السياسي'. وقالت 'إلقاء القبض عليه كان خطأ. كان غير قانوني… كان إهانة لكل أمريكي'. وبينما كان يغادر المطار رفع خليل قبضته وهتف 'الحرية لفلسطين!'. وُلد خليل ونشأ في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وحصل على الإقامة الدائمة بشكل قانوني في الولايات المتحدة العام الماضي. ومع ذلك، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إنه قرر ترحيل خليل وعدد من الطلاب الأجانب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية لأن وجودهم قد يضر بمصالح السياسة الخارجية للحكومة. واستند روبيو في قراره إلى بند غامض من قانون الهجرة الاتحادي لم يُفعّل منذ أكثر من عشرين عاما. ويقول متظاهرون، ومنهم جماعات يهودية، إن الحكومة تخلط خطأ بين انتقادهم للحكومة الإسرائيلية ومعاداة السامية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أمر قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية مايكل فاربيارز في نيوجيرزي بأنه لا يحق للحكومة احتجاز أو ترحيل خليل بناء على قرار روبيو، وخلص إلى أن إدارة ترامب تنتهك حق خليل الدستوري في حرية التعبير. وأمر القاضي أمس الجمعة إدارة ترامب بالإفراج عن خليل بكفالة بينما يواصل الطعن على جهود الحكومة لترحيله، مع استمراره في دعوى قضائية يتهم فيها الحكومة باحتجازه بالمخالفة للقانون. وقال متحدث باسم ترامب في بيان عقب صدور الحكم إنه يجب ترحيل خليل بسبب 'سلوكه الذي يضر بمصالح السياسة الخارجية الأمريكية' ولأنه أغفل أو قدم معلومات غير صحيحة عن سجل عمله في استمارة طلب الإقامة الدائمة. وأكد خليل أن بياناته صحيحة وأن الاتهامات لا أساس لها من الصحة. وقضت محكمة مختصة بالهجرة في لويزيانا أمس أيضا بترحيل خليل. وسيطعن خليل الآن في القرار أمام محكمة الهجرة التابعة لوزارة العدل الأمريكية. وطعنت إدارة ترامب أمس الجمعة في الحكمين اللذين أصدرهما فاربيارز أمام الدائرة الثالثة لمحكمة الاستئناف الأمريكية. (رويترز)

"فيفا" تتلقى تقييماً قانونياً بشأن مخالفة إسرائيلية في الأراضي المحتلة
"فيفا" تتلقى تقييماً قانونياً بشأن مخالفة إسرائيلية في الأراضي المحتلة

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

"فيفا" تتلقى تقييماً قانونياً بشأن مخالفة إسرائيلية في الأراضي المحتلة

ذكرت منظمة "فاير سكواير" أن عدداً من كبار الأكاديميين، من ضمنهم العديد من أساتذة القانون الدولي، بعثوا رسالة إلى لجنة الحوكمة والتدقيق والامتثال في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، أمس الأربعاء، تتعلق بتحقيق اللجنة في شكوى تتعلق بإقامة مباريات في مستوطنات إسرائيلية، تقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأفاد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، اليوم الخميس، بأنه قدم شكواه الأولى إلى "فيفا" عام 2013، بشأن قيام فرق تابعة لدولة الاحتلال، تحت إشراف الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، بلعب مباريات في مستوطنات بالضفة الغربية، وقدم شكوى أخرى موسعة في مارس/ آذار 2024. وصرّح الاتحاد الدولي لكرة القدم، في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بأنه أوكل إلى لجنة الحوكمة والتدقيق والامتثال -وهي آلية رقابة تُعنى بمراقبة الالتزام بأنظمة الحوكمة الخاصة في "فيفا"- مهمة التحقيق في هذه القضية. وفي مايو/ أيار 2025، أشار الأمين العام لـ"فيفا" إلى أن اللجنة طلبت مؤخراً تقارير من خبراء، تشمل مواضيع متعلقة بالشأن الإقليمي، لدعم عملها. ويرى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن شكواه عالقة في "نمط احتجاز بيروقراطي عالي التسييس". وقد كُتبت رسالة الأكاديميين استجابةً لطلب لجنة الاتحاد الدولي لكرة القدم معلومات من خبراء، ووقّعها عدد من القضاة البارزين والمؤرخين وخبراء في السياسة والعلاقات الدولية، بمن في ذلك اثنان من المقررين الخاصين السابقين للأمم المتحدة، المعنيين بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وأضاف البيان أن أصل الموقّعين يعود إلى دول عدة، تشمل أستراليا وكندا وأيرلندا وإسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا والسويد وسويسرا، ومن بينهم الأساتذة ميشيل بورغيس-كاستالا وجون دوغارد وأردي إمسييس ومايكل لينك، وإيلان بابيه ونيكولا برات وويليام شاباس. وجاء في الرسالة: "نود أن نقدم للجنة تقييماً خبيراً حول ما وصفه الأمين العام لـ (فيفا) بـ(حقوق الاتحادات على أراضيها)، فيما يخص إسرائيل وفلسطين. وباختصار، فإن إسرائيل تحتل عسكرياً أراضي فلسطينية منذ عام 1967، والمستوطنات التي أنشأتها على هذه الأراضي غير شرعية، بموجب القانون الدولي، وهذه حقائق لا جدال فيها". وتوضح الرسالة أسباب عدم شرعية المستوطنات، بالإشارة إلى اتفاقية جنيف الرابعة، وقراري مجلس الأمن 446 و2334، وقرارات محكمة العدل الدولية عامي 2004 و2024. كما تقدم الرسالة توجيهات للجنة الحوكمة والتدقيق والامتثال، بشأن الأسئلة التي يجب حسمها، لتحديد ما إذا كان الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم ينتهك قوانين "فيفا"، مضيفةً: "إن اللجنة ليست مضطرة للخوض في مسألة شرعية المستوطنات الإسرائيلية، بل يكفيها النظر في مسألة ما إذا كانت الفرق الإسرائيلية لا تزال تلعب مباريات كرة قدم في مستوطنات بالضفة الغربية. وإذا كان هذا هو الحال -كما يدّعي الاتحاد الفلسطيني ولم ينكره الاتحاد الإسرائيلي- فإن الاتحاد الإسرائيلي يكون، من حيث الواقع، منتهكاً للمادة 64 (2) من قوانين فيفا، والتي تنص على أنه (لا يجوز للاتحادات الأعضاء وأنديتها أن تلعب على أراضي اتحاد عضو آخر، دون موافقة الأخير)". بعيدا عن الملاعب التحديثات الحية الاحتلال يهاجم مقرّ الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بقنابل الغاز وقد نسقت منظمة فاير سكواير إرسال الرسالة إلى رئيس لجنة الحوكمة والتدقيق والامتثال، بروس كيومنتو، ونائب الرئيس، كريس ميهم، في 25 يونيو/ حزيران الجاري. وقال المدير المشارك لـ"فاير سكواير"، نيك ماكجيهان، في تصريح نشره البيان ذاته: "لقد ظل فيفا يماطل في هذه القضية منذ 12 عاماً، رغم وجود أدلة واضحة على انتهاك صارخ وخطير جداً لقوانينه. وإذا تجاهلت لجنة الحوكمة رسالة من هذا النوع موقّعة من أكاديميين بهذا الحجم، فلن يكون لذلك سوى معنى واحد: أن اللجنة ليست مستقلة، وأن فيفا لا يهتم بالحوكمة الرشيدة". وفي يوليو/ تموز 2024، قدمت "فاير سكواير" تقريراً إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم يفيد بوجود عدة أسباب تستوجب تعليق أو طرد الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم من "فيفا". وإضافة إلى اعتماد الاتحاد الإسرائيلي مباريات تقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أشار التقرير إلى التمييز العنصري المنهجي والخطير، والتدخل السياسي، وقتل إسرائيل لاعبين فلسطينيين، والتدمير الممنهج لمنشآت الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ولم يرد "فيفا" على هذا التقرير.

دروس من الحرب الإسرائيلية على إيران والمنطقة
دروس من الحرب الإسرائيلية على إيران والمنطقة

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

دروس من الحرب الإسرائيلية على إيران والمنطقة

"المعرفة قوة"، ولا شيء أفضل من الحرب، "أم الأشياء كلها" كما يصفها الفيلسوف اليوناني هيراقليتوس، سبراً لأغوار العدو وفهماً لتكتيكاته وتقييماً لقدراته في مقابل مصارحة أنفسنا بحقيقة إمكانياتنا ودرجة استعداداتنا ومبلغ كفاءاتنا، ولهذا تبرز الأهمية البالغة في رصد الدروس المباشرة وغير المباشرة التي تقدمها لنا حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران. أولاها توجزه مقولة "الحرب خدعة" وهي وإن بدت بديهية لكنها تحمل في طياتها عمقاً استراتيجياً، يجعل من هذا التكتيك صالحاً ومتكرراً في كل زمان ومكان، ويعمل مع صاحبه بفعالية خبرنا نجاحها ضدنا في حرب يونيو 1967، وتعلمنا منها فكانت أن عملت معنا في حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسورية ضد إسرائيل، وهي وإن تنبهت للخلل بعد تشكيل لجنة "أجرانات" للتحقيق في ما جرى وقتها وخرجت نتائجها المعلنة وتوصياتها الملقنة للجيش والمؤسسة العسكرية بالحذر حتى لا يتكرر ما وقع، لم يحل هذا بينها وتكرار السيناريو عقب خمسين عاماً في الشهر ذاته فكان العبور الفلسطيني الناجح (طوفان الأقصى) باتجاه الأراضي المحتلة في 2023. استراتيجياً برزت في هذه المعركة أهمية تكتيك الهجمات الاستباقية الفعالة ضمن مدى زمني أقل، سيما وأن تناغماً أميركياً إسرائيلياً تبدى في جولاتها، فقبل أن تبدأ بيومين، برز دونالد ترامب في ثياب الوسيط قائلاً إنه حث بنيامين نتنياهو على ضبط النفس وعدم شن هجوم على إيران وانتظار نتائج المباحثات الدبلوماسية في مسقط، ليتضح أن الرجلين نصبا "كميناً كلامياً" وقعت فيه طهران وفقدت زمام المبادرة لصالح المبادأة الإسرائيلية، فكانت الضربة الأولى محملة برسائل الصدمة والرعب المستهدفة لمنظومة القيادة والسيطرة لتنجح جزئياً في خلخلتها والتقليل من فعاليتها. يؤكد هذا أهمية التحالفات الإقليمية والدولية المتينة والصلبة، فقد تكرر الأمر للمرة الثانية دونما مساعدة أحد لطهران، فبعدما أمهلها ترامب أسبوعين انطلقت قاذفاته عقب يومين فقط لتدمر المواقع النووية الرئيسية، وربما هذه المرة لم يكن الأمر مباغتاً بقدر ما كان مربكاً، وبالتأكيد في طهران هناك من رأى مؤشرات ضربة قادمة، لكن ما باليد حيلة، وسمواتها مفتوحة وأجواؤها مكشوفة أمام الطيران المعادي، وكلها أوراق قوة لا غنى عنها لموازنة المعركة مع إسرائيل التي لا يدعمها الغرب فقط وإنما يحارب معها بكل ما يمكنه، في حين أن علاقة طهران بموسكو وبكين لا ترقى إلى تلك المنزلة. ويبدو أن الصينيين والروس اكتفوا بوضع فيتو على قتل المرشد الأعلى علي خامنئي فقط، بمعنى تطوير الهجوم باتجاه إسقاط النظام عملياً حتى لا يجدوا الأميركي من ورائهما والأوروبي أمامهما، ولا يعنيهما كثيراً البرنامج النووي، بالعكس طهران بدونه أفضل لهما، أكثر خضوعاً أو اعتمادية لقلة خياراتها وحجم أعدائها. عسكرياً، يؤكد ما سبق أنه لا أمل أمام طهران كما بقية دولنا العربية والإسلامية في حماية أرضها وشعبها بدون امتلاك تقنية تصنيع الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي، والتعاون الفعال فيما بينها بدلاً من التآمر على بعضها، وصولاً إلى ابتكار ونقل التكنولوجيا وتكرار المحاولة تلو الأخرى للنهوض والإفلات من الهيمنة العسكرية الغربية التي نراها واقفة بكل صلف وراء إسرائيل، عديداً وعتاداً فرنسياً وبريطانياً وألمانياً، كما بقية دول المنظومة باستثناء من هم على الهامش، بينما الأقوى والأكثر تأثيراً يشاركون بفعالية في انتهاك ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببلداننا ولا حاجة لتكرار الأدلة على ازدواجية المعايير واحتقار المبادئ المؤسسة على أياديهم. ينقلنا هذا إلى الدروس غير المباشرة، وأخطرها ما يقوله هذا العدد الهائل من الجواسيس الإسرائيليين، ففي كل يوم من الحرب أعلنت طهران عن اعتقال العشرات حتى بلغوا 700 متهم في 12 يوماً ولا تشمل تلك الإحصاءات الرعايا الأجانب، فأين كانت الأجهزة الأمنية الإيرانية هائلة الحجم والميزانية، لماذا فشلت في مواجهة الموساد إلى هذه الدرجة؟ وقد وصلتها العديد من التحذيرات عبر عمليات عديدة تمت على أراضيها ومن أخطرها استشهاد ضيفها وقائد المقاومة الفلسطينية إسماعيل هنية بانفجار في غرفة نومه وفي مبنى تابع للحرس الثوري بعد ساعات من مشاركته في حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان. لكن وإن وقعت الواقعة، ألم يتعلموا شيئاً مما تكشف من تغلغل إسرائيلي داخل الصف الأول لحزب الله، أقوى حلفائهم في المنطقة، وليس أدل على حجم الاختراق من ذلك، ويمكن أن نعزوه لضعف مناعة المجتمع جراء التردي الاقتصادي والتفكك الاجتماعي وفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية، بل وفي الدولة، بسبب الانقسامات بين فئات المجتمع والسخط العام وفشل النظام في استيعاب مكوناته المتنوعة، وتحديداً الشباب الذين يبحثون عن أي مهرب ولو كان فيه هلاكهم، أملاً في حياة بدول الرفاه والنهضة والحريات المفقودة في بلادهم. أي أن وصفة الطائفية والتطرف والاستبداد هي عدونا الأول، لكونها تفتح ثغرات عديدة في جسد الوطن وتدمر مناعته وتسهل مهمة العدو في سرطنته ومحاولة القضاء عليه، والنفاذ إلى أعمق نقاطه، وإلا فمن أين عرفت إسرائيل غرف نوم كل هؤلاء القادة والعلماء النوويين الإيرانيين المستهدفين في الضربة الأولى وعلى مدار الأيام التالية؟ في مقابل ما يمكن وصفه بـ"العمى الإيراني" وعدم الوصول إلى هدف ثمين واحد. ومع ذلك لا بد من القول إن ما يجري منذ 2023 وحتى اليوم يؤكد أن دولة الاحتلال لم تعد قادرة على الحرب بمفردها ونزفت وداعموها من شرعيتهم وهيبتهم، وإن كان من شيء أكيد فهو أن نموذجهم قد بلغ ذروته وفقد زخمه ويبقى في انتظار من يأكل منسأته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store