
استباحة الأقصى.. حرب الألف عام!
في مقطع فيديو لرئيس الوزراء الإسرائيلي 'بنيامين نتنياهو'، بدا منتشيا، وهو يستعرض نفقا ضخما تحت المسجد الأقصى من ضمن حفائر، تبحث عن دليل، أو شبه دليل، لوجود جبل الهيكل!
أراد أن يقول لليمين الصهيوني، إنه سوف يبني جبل الهيكل الآن، أو بالغد القريب.
لم تكن تلك الحفائر ولا شبكة الأنفاق تحت المسجد الأقصى سرا مخبوءا.
منذ تسعينيات القرن الماضي، نُشرت خرائط شبه تفصيلية للحفائر الإسرائيلية.
علت أصوات تحذر من مغبتها على سلامة المسجد، وأنه قد يتعرض للتقويض، أو الهدم.
ما يحدث الآن بوقائعه ورسائله استباحة كاملة للمسجد الأقصى، لا تضع اعتبارا لأية مشاعر إسلامية، أو أي غضب محتمل.
كانت 'مسيرة الأعلام' في ذكرى سقوط القدس الشرقية منذرة هذه المرة بأجوائها ووقائعها، بما سوف يحدث تاليا.
إننا أمام تجاوز غير مسبوق لأية خطوط حمراء.
جرت صلوات يهودية داخل المسجد لا في باحاته بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست، يتقدمهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف 'إيتمار بن جفير'.
اقتحم أكثر من ألفي مستوطن باحات المسجد الأقصى احتفالا بتوحيد مدينة القدس تحت الهيمنة الإسرائيلية الكاملة إثر حرب (1967).
ترددت هتافات عنصرية ضد العرب والمسلمين والنبي الأكرم: 'الموت للعرب' و'محمد مات'.
إنها حرب دينية معلنة.
حدثت صدامات واشتباكات واعتداءات على الفلسطينيين والصحفيين تحت حماية الأمن الإسرائيلي في استباحة كاملة لكل معنى إنساني، أو قيمة حديثة.
في أجواء محمومة من موسيقى يهودية ورقص هيستيري، ربطت الهتافات ما بين غزة والقدس، بين التهجير القسري وتهويد المدينة المقدسة.
دعا 'بن جفير' المحتشدين للصلاة من أجل نجاح مهمة رئيس الشاباك الجديد المثير للجدل الجنرال 'ديفيد زيني' في اجتثاث 'أعداء إسرائيل'، قاصدا كل الفلسطينيين دون مواربة.
بنص كلامه: 'أقول لرئيس الوزراء، أيها الرئيس العزيز، يجب ألا نعطيهم مساعدات إنسانية، يجب ألا نعطيهم وقودا.. أعداؤنا لا يستحقون سوى رصاصة في الرأس'.
هكذا بالحرف.
وحشية مطلقة، نازية بلا شبهة.
لم يعد تقويض المسجد الأقصى احتمالا مستبعدا.
إنه خطر ماثل في المشهد المقدسي.
إننا أمام سيناريو حقيقي لا افتراضي لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
الضعف يغري بالاستباحة ثم المزيد من الاستباحة.
إذا افترضنا السيناريو الأسوأ.. ماذا قد يحدث؟!
إنه نفس السؤال، الذي طرحه البابا الراحل 'شنودة الثالث'، وهو يغلق جهاز التسجيل ذات حوار بيننا:
'حاشا لله أن يحدث ذلك، لكن ماذا سوف يفعل العرب والمسلمون، إذا أقدم الإسرائيليون على قصف المسجد الأقصى، ثم يقولون إن مجنونا فعلها؟'.
أجاب عن سؤاله بنفسه: 'أخشى أن يكون أقصى ما نفعله إصدار البيانات التي تشجب، وتندد وبعض المظاهرات التي تخرج ثم تتوارى بالوقت'.
كان ذلك استشرافا مبكرا لتبعات التواطؤ العربي شبه المعلن على القضية الفلسطينية.
لم تكن مصادفة أن تحمل عملية السابع من أكتوبر (2023) اسم 'طوفان الأقصى'.
استدعت تلك التسمية قوة الرموز في الوجدان العام، رغم أن العملية نفسها جرت وقائعها في غلاف غزة لا القدس.
'إن الأقصى معنى كبير قبل أن يكون معلما خالدا بالنسبة لنا جميعا، فهو الحسنيان معا، إذا جازت الاستعارة، فهو تاريخ القداسة، وهو قداسة التاريخ'- بتعبير الأستاذ 'محمد حسنين هيكل'.
إذا لم تكن هناك إرادة مقاومة من داخل القدس المحتلة تتصدى لحرمة المسجد وباحاته بقصد تقسيمه زمانيا ومكانيا، فإن أسوأ السيناريوهات حادثة لا محالة.
الداخل الفلسطيني هو مفتاح الموقف في الصراع على مستقبل الأقصى.
كان ذلك فحوى رسالة كتبها عام (2007) إلى شيخ الأقصى 'رائد صلاح'، الذي علا صوته وقتها محذرا من انهيار مفاجئ في بنيان الأقصى جراء حفريات، اقتربت من عمقه تحت المنطقة المسماة الكأس بين المسجد وقبة الصخرة، يليها هدم غرفتين تقعان في حائط البراق طالبا دعما سياسيا من 'رمزنا الإعلامي الأكبر'.
كان من رأي 'هيكل': 'القضية تتعدى أي شخص وأي مؤتمرات صحفية قد يعقدها، فللكلمات طاقتها وحدودها، التي لا تستطيع تجاوزها إذا لم تستند إلى موقف سياسي شعبي واسع من داخل الأرض المحتلة نفسها، فقد شاءت الأقدار أن يتحملوا هم ــ قبل غيرهم وفي مقدمة الصفوف ــ عبء الدفاع عن المسجد الأقصى'.
الحقيقة الماثلة الآن، أن الفلسطينيين، في غزة بالذات، أعطوا ما فوق طاقة أي بشر على التحمل والعطاء بلا أي سند عربي يعتد به.
حاربوا وعانوا التقتيل والتجويع بمفردهم.
كان ذلك داعيا لاستباحات أخرى وصلت إلى تهديد المسجد الأقصى بالهدم، كما لم يحدث من قبل منذ سقوط القدس.
في ذلك اليوم البعيد من يونيو (1967)، الذي يحتفل به اليهود المتطرفون بمسيرات أعلام، تسب العرب والمسلمين، لخص الشاعر الفلسطيني 'محمود درويش' مشاعره ومخاوفه بقطعة نثرية، احتفظت بها ذاكرة الزمن:
'تخرج فلسطين منك بلا وداع. كنت في المخبأ معلقًا على حبل الفارق بين يومين لا يتشابهان. ليسكت الوطن قليلًا. لقد وقعت الخصومة بينك وبين الحياة ذاتها. يأخذك الزلزال ويطرحك أرضًا، عادوا إلى أورشليم: الجنرال، والكاهن، والزانية. لن نخرج من هنا إلى الأبد. نفخوا في الصور وصلوا ودقوا رؤوسهم بحجارة الحائط القديم، حتى سالت دماؤهم. لا حرب بلا دماء، ولم يخسروا دمًا كثيرًا في الحرب، فليعلنوا ثمن الحرب تطوعًا وتبرعًا لحجارة الهيكل. تسمع أصواتهم عبر الراديو. لقد وصلوا إلى الحرب عبر جثث أهلك التي لم تدافع عن نفسها. العنف مرة أخرى. العنف يعلن جدارته. وبدعاوى الحق لا تأخذ شيئاً، ولا تستطيع الاحتفاظ بشيء. أنت لا تبكي، عادة، ولكن سقوط القدس يعني سقوط الدموع. توقظك صلواتهم، ترفع ستار نافذة المخبأ، بعد يومين، فيجتاحك شلال الضوء الزاحف من حيفا التي كانت غارقة في التعتيم الكاذب… لم تر ناسًا، قبل اليوم، قادرين على الفرح الوحشي بمثل هذه الطاقة. دقات طبول وصفارات أطفال وأضواء كثيرة. لم يفرحوا بسقوط القدس والضفة وسيناء والجولان، كما يعلنون أفراحهم الآن. لقد سقط عبد الناصر'.
كان ذلك قبل حرب الاستنزاف ورفع راية التحدي مجددا.
إذا ما نالت إسرائيل من المسجد الأقصى، فإنها حرب الألف عام.
لن يبقى حجر على حجر في المنطقة بأسرها.
النظم كلها سوف تتداعى وتسقط عنها أية شرعية مفترضة.
الاغتيالات سوف تتمدد في كافة أرجاء العالم، والأثمان سوف تكون مروعة بأكثر من أي توقع.
الإدانات الإنشائية لا تصلح.
السؤال الحقيقي: أين المواقف التي تخيف وتردع؟!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ ساعة واحدة
- يمرس
القرار اتُخذ..صيفٌ ساخن ورعبٌ قادم
عبثًا "يحاول العدوّ الإسرائيلي استعادة الردع، من خلال العدوان المتكرّر على المنشآت المدنية" في اليمن؛ فمهما كان حجمُ العدوان و"مهما تكرّر فلن يؤثِّرَ إطلاقًا على موقفِ شعبنا؛ لأَنَّه موقف ديني". العدوّ "أراد أن يتفرَّدَ بالشعب الفلسطيني دون أن تكون هناك ردةُ فعل من أي بلد مسلم"، وبقي العدوّ في موقفٍ ضعيف "عقب توقّف العدوان الأمريكي نتيجة فشله"؛ هكذا لخَّصَ السيدُ القائد عبدُ الملك بدر الدين الحوثي –يحفظُه الله- المشهد في محاضرةٍ له عصر اليوم الأربعاء. كلام السيد القائد الوارد في ثنايا محاضرته الأخيرة؛ وضع النقاط على الحروف، ليأتي بعدها الخطاب الرئاسي، الذي لم يكن ليقرأ بمعزلٍ عن المشهد المحلي والإقليمي والدولي. من مطار صنعاء الدولي، الذي استهدفه العدوان الصهيوني في لحظةٍ تكشف حجم انزعَاجه من الدور اليمني المتقدم؛ انطلقت رسائل الرئيس المشاط كصواريخَ حارقة، متجاوزة حدود الزمان والمكان، توجز للعالم ملامح المعركة الكبرى القادمة. المشير الركن مهدي محمد المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى جدَّدَ موقف اليمن الواضح والحاسم في دعم المقاومة الفلسطينية، واضعًا العدوّ الصهيوني وشركات الطيران العالمية في الصورة من معادلة الردع. معادلةٌ تتجاوز رد الفعل إلى الفعل المبادر، وتتجه نحو تصعيدٍ استراتيجي لا تراجع عنه حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها، وبعبارةٍ قاطعة، فتح المشاط باب "الصيف الساخن" على مصراعَيه، منذرًا بالمزيد من الرد والردع والتحدي. "الملاجئ لن تكون آمنة"، عبارة كرّرها الرئيس المشاط محذِّرًا من أسماهم ب"قُطعان الصهاينة"، ومؤكّدًا أن حكومتَهم الفاشلةَ برئاسة مجرم الحرب نتنياهو غيرُ قادرة على حمايتهم، رسالةٌ وإن جاءت بلُغة الحرب النفسية، إلا أن حقيقتَها تعيد صِياغةَ حالة الرعب وتهشِّمُ قاعدةَ الأمن الصهيونية. لكل الشركات، جاءت رسالة التحذير المباشر، لمن لا تزال تسيّر رحلاتها إلى مطار اللُّد المحتلّ (المسمَّى زيفًا "بن غوريون")، أنَّ "هذا المطار بات ضمن بنك الأهداف"، وأن كُلّ الطائرات التي تحط فيه أَو تقلع منه في دائرة الاستهداف المشروع. تحذيرٌ جاء مدعومًا بسجلٍ عملياتي يمني حافل منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، أثبت فيه اليمن قدرته على تجاوز البحار والمضائق وبلوغ الأهداف بدقة، من ميناء أم الرشراش "إيلات" إلى موانئ الاحتلال في البحر المتوسط. المشاط لم يتحدث فقط عن إمْكَانية الضرب، بل أشار إلى أن الصواريخ اليمنية"ستُصمِّمُ على الوصول لهدفها"، في إشارة ذكية إلى تجاوز مرحلة الإنذارات إلى مرحلة الإيلام المباشر. خطابُ المشاط حمل رسائلَ تقنيةً وعسكرية لافتة، وإشارتُه إلى الطائراتِ الأمريكية الشبحية من طرازF-35، والتي يستخدمُها كيان العدوّ في عدوانه على اليمن؛"ستسقط"، تصريح يشير إلى تطور نوعي في القدرات الدفاعية اليمنية ، ويدق ناقوس الخطر أمام كُلّ من يتعامل مع الكيان عسكريًّا أَو تجاريًّا. واختتم الرئيس المشاط خطابه بالتأكيد على أن "على الصهاينة انتظار صيف ساخن"، عبارةٌ تلخّص كُلّ ما سبقها من مواقف ورسائل؛ فالصيفُ لم يعد فصلًا زمنيًّا بقدر ما أصبح رمزًا استراتيجيًّا لمعركة الرد والردع والانتصار اليماني. رسائل القيادة الثورية السياسية والعسكرية اليمنية تؤكّد أن اليمن بات رقمًا يصعُبُ تجاوُزُه، عسكريًّا؛ صواريخ ومسيّرات تصل إلى أبعد مدى، وتفرض إيقاعها على شركات الطيران العالمية، شعبيًّا؛ زخم جماهيري داعم لا يُقارن، واصطفاف قبلي وشعبي نادر، سياسيًّا؛ موقف صُلب وواضح في زمن الرمادية والانبطاح. إنها معركة كسر الإرادات، لا كسر العظام، واليمنيون ، كما قال قائد الثورة، "إذا قالوا فعلوا، وَإذَا وعدوا أوفوا، وَإذَا قرّروا تقدموا"؛ فلينتظر العدوّ "صيفًا ساخنًا"، ملبدًا بالرعب والخسائر.

مصرس
منذ 5 ساعات
- مصرس
قوات الاحتلال تنفذ عمليات نسف شمالي قطاع غزة
نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، عمليات نسف لمباني ومنشآت في مناطق متفرقة من شمالي قطاع غزة، جاء ذلك حسبما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية. واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم عسكر الجديد شرق مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية. كما شنت مدفعية جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفًا استهدف بلدة القرارة الواقعة شمال شرقي مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة.شهيد ومصابون في قصف الاحتلال بني سهيلا بخان يونساستشهد مواطن فلسطيني وأصيب اثنان آخران بجروح،مساء أمس الجمعة، جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة بني سهيلا شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة.الاحتلال يسلم مقدسيًا إخطارًا بهدم منزل متنقل في سلوانسلم الاحتلال الإسرائيلي، المواطن المقدسي فخري أبو دياب إخطارًا يقضي بهدم منزل متنقل، يقيم فيه مع زوجته في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك.وأفادت محافظة القدس بأن الإخطار الجديد جاء بعد أشهر من قيام جرافات الاحتلال بهدم منزل أبو دياب السابق في نوفمبر 2024، ما اضطره إلى نصب "كرفان" مؤقت بجانب أنقاض منزله ليأوي أسرته.خمسة شهداء وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على غزة وخان يونساستشهد خمسة مواطنين فلسطينيين، وأصيب العشرات بجروح، بينهم نساء وأطفال، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت أحياء سكنية في مدينة غزة وخان يونس، جنوبي القطاع، مساء أمس الجمعة.وأفاد مراسل وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن أربعة مواطنين ارتقوا جراء قصف استهدف منزلًا قرب مدرسة الزهراء في حي الدرج شرق مدينة غزة، حيث هرعت طواقم الإسعاف والدفاع المدني إلى الموقع وسط أنباء عن وجود ضحايا تحت الأنقاض.


بوابة الأهرام
منذ 5 ساعات
- بوابة الأهرام
أرقام فلكية.. كم تبلغ تكلفة يوم واحد من القتال في الحرب الإسرائيلية على غزة؟
قال المحلل الإسرائيلي نيتسان كوهن إن نفقات الحرب على غزة بلا توقف وإن يوما واحدا من القتال يكلف دافعي الضرائب في إسرائيل نحو 425 مليون شيكل (حوالي 122 مليون دولار). موضوعات مقترحة وبحسب ما نشرته قناة «روسيا اليوم»، ذكر المحلل نيتسان كوهن في مقال نشرته "إسرائيل هيوم" العبرية الجمعة، إن الحرب وصلت إلى يومها الـ 600 وتكلفتها الاقتصادية كبيرة. وأفاد بأن "بنك إسرائيل" أجرى الحساب الأكثر شمولا وموثوقية للنفقات ويقوم بتحديث الحسابات باستمرار، مشيرا إلى أنه بعيد عن الضغوط وبوسعه إصدار الأرقام الأكثر حداثة وموثوقية. ومن أجل تقدير حجم ونطاق التكاليف، قدمت اللجنة المالية في الكنيست الأسبوع الماضي عددا لا بأس به من الأرقام حول مقدار تكلفة أيام الاحتياطي بدرجات متفاوتة من الشدة. وفي نقاش مغلق مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، برزت أرقام وحسابات مختلفة بشأن تكلفة التعبئة المكثفة للاحتياط. وأشار المحلل إلى أن شمولية الحدث المبني على بيانات واسعة النطاق تم جمعها من وزارة المالية وبنك إسرائيل وغيرهما، تكلف خزينة الدولة أرقاما ضخمة. وعلى مدار العام 2024، قدر بنك إسرائيل تكلفة الحرب حتى نهاية عام 2025 بنحو 250 مليار شيكل، وتشمل هذه التكاليف أيام الاحتياطي والذخيرة والوقود وما إلى ذلك. وأوضح أن التكلفة غير المباشرة للحرب والتي تشمل الرعاية على الجبهة الداخلية، ورعاية جنود الاحتياط المصابين، وعلاج مختلف أنواع الإصابات القتالية هي مهمة طويلة الأجل ذات تكاليف لا يمكن تصورها وترهق الاقتصاد، لكن في هذه اللحظة لا يدور الحديث إلا عن كلفة الحرب وكلفة الإبقاء على غزة مثلما هي اليوم بدون حرب شديدة القوة. وحتى اليوم، تجاوزت التكلفة الإجمالية للحرب 300 مليار شيكل، وهذا يعني أنه السيناريوهات المختلفة التي أجريت في هذا التقييم المالي، فإن إسرائيل في أسوأ السيناريوهات. وبين أن هذا يعني أن يوما واحدا من الحرب المكثفة في الأسابيع الثلاثة الماضية يكلف دافعي الضرائب الإسرائيليين نحو 425 مليون شيكل. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام هي تقدير يستند إلى تحليل نفذته محافل رفيعة المستوى في الاقتصاد الإسرائيلي لكنه لا يزال قياسا كفيلا بأن يتغير، وفق الكاتب. ويتابع المحلل الإسرائيلي قائلا: "كي نفهم معنى الأمر يجدر بنا أن نراجعه إلى ما بعد كلفة تجنيد واسع للاحتياط حيث أن الكلفة الاقتصادية التي طرحت في اللجنة المالية في الكنيست تفيد بأن كلفة يوم احتياط متوسط لجندي احتياط تبلغ 1612 شيكلا وبالإجمال كلفة 50 ألف شيكل في الشهر". ويردف بالقول: "أما كلفة اعتراض صاروخ حوثي تتراوح بين 2 و6 ملايين شيكل وفقا لنوع السلاح الذي استخدموه وهل اعترض الصاروخ في المرة الأولى ولم تكن هناك حاجة لإطلاق مزيد من صواريخ الاعتراض تحقيقا للدقة. ويستطرد نيتسان كوهن قائلا: "والآن نأتي إلى السؤال الكبير.. كم يكلف دافع الضرائب الإسرائيلي الاستمرار في القتال في غزة كما يحدث اليوم بقوة تتراوح بين المنخفضة والمتوسطة وتعتمد على حجم الإمدادات الإنسانية التي تدخل غزة. وفي ذات السياق، يقول الكاتب: "الأرقام مذهلة.. يوم في غزة يكلف دافع الضرائب 42 مليون شيكل.. واذا ما اتسعت السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة فسيرتفع الثمن إذ أن المنطقة التي ستحتاج إلى معالجة إسرائيلية جارفة (جنود، اهتمام بالماء والغذاء الأساسي الذي ليس في اطار المساعدات الإنسانية الكبيرة) يزداد". وفي الوقت الحالي فإن تكلفة الحرب المكثفة التي بدأت في الأسابيع الأخيرة إذا انتهت خلال ثلاثة أشهر، تعني تكلفة إضافية تزيد على 30 مليار شيكل، وهي تشمل تكلفة القتال وتكلفة الحفاظ على غزة لمدة ثلاثة أشهر. تجدر الإشارة إلى أن كبار المسئولين الاقتصاديين الإسرائيليين يقولون إنه إذا دخلت إسرائيل والجيش في وقف لإطلاق النار في الأيام المقبلة والذي سيؤدي حتى إلى إطلاق سراح المحتجزين، فإن تكلفة الحرب سوف تنخفض بشكل كبير وسوف تبقى تل أبيب على الصيانة النشطة لقطاع غزة، والتي من المتوقع أن تكلف الحكومة مبلغا كبيرا من المال. والخلاصة هي أن الحرب المستمرة منذ 600 يوم تشكل ثقبا اقتصاديا هائلا بالنسبة لإسرائيل، وسوف يشعر الجميع بآثارها في جيوبهم في المستقبل القريب، ولكن من دون خطة واضحة لما بعد "اليوم" فإن تل أبيب سوف تظل متورطة في إنفاق يومي قدره 42 مليون شيكل على الصيانة في القطاع.