
"حرب أبدية" على برنامج إيران النووي؟
كانت "مطرقة منتصف الليل"، الاسم الذي عُرف به الهجوم الأميركي على ثلاث منشآت نووية إيرانية، "لامعة تكتيكياً، لكن غير مكتملة استراتيجياً".
هذا ما نقله موقع "وايرد" الذي يعنى بشؤون التكنولوجيا عن المدير في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي ضمن "معهد ميدلبري" جيفري لويس. مختصر تحليل لويس أنه لا يزال لدى الإيرانيين مواد نووية يمكن تخصيبها إلى مستويات التسليح، في منشآت تحت الأرض، إلى جانب أنهم يتمتعون أيضاً بالقدرة على إنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي.
يتوافق ذلك بشكل كبير مع ما قاله لـ " النهار" خبير شؤون الحرب غير التقليدية في جامعة الدفاع الوطني (واشنطن) ديفيد دي روش الذي وجد صعوبة في توقع نجاح كامل لأي ضربة على منشأة فوردو، خصوصاً في الساعات الأولى. وأوضح الخميس أن ثمة احتمالاً لأن يعود الإيرانيون إلى منشآتهم لاستخراج ما تبقى من اليورانيوم المخصب، لأنه لا يتبدد بفعل الضربات، ثم تحويله إلى منشآت أخرى.
عن "القول المأثور"
وسط الغموض الحالي المحيط بمصير المنشآت النووية الإيرانية، يمكن أن يجسّد القول المأثور "تأمل الأفضل وخطط للأسوأ" الفرضية المعيارية لدى القادة العسكريين الإسرائيليين. وهذا يعني أنه تم إرجاع البرنامج النووي الإيراني أشهراً أو سنوات قليلة إلى الوراء في أفضل الأحوال. من المرجح أن يكون الإسرائيليون قد بنوا حساباتهم المستقبلية على هذه الفرضية، لا بعد القصف الأميركي وحسب، بل حتى ضمن توقعاتهم الأولية باحتمال عدم انخراط واشنطن في حربهم على البرنامج النووي الإيراني. الرد المعقول على السيناريو "السيئ" هذا هو التفكير بخوض حرب طويلة المدى، لكن متقطعة ومنخفضة الوتيرة.
يشبه ذلك إلى حد بعيد سياسة "جز العشب" التي اعتمدتها إسرائيل مع حركة "حماس" قبل 7 أكتوبر. كانت إسرائيل تكتفي بفرض الحصار على قطاع غزة وإبقاء الحركة مقيدة عسكرياً عبر حروب عابرة وقصيرة. يمكن أن يرى الإسرائيليون في تطبيق هذه الاستراتيجية على إيران أفضل حل مستقبلي متاح أمامهم. فمع اقتراب دخول الحرب مرحلة"العوائد المتناقصة" بعد ضرب معظم الأهداف النووية والعسكرية، ستستمر تكاليف العملية العسكرية الحالية في الارتفاع لكن من دون تغيير كبير في النتيجة النهائية.
من هنا يمكن فهم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه مستعد لوقف الحرب إذا أوقفت إيران إطلاق الصواريخ على إسرائيل. في مراحل لاحقة، وبما أن تل أبيب حققت تفوقاً كبيراً في الأجواء الإيرانية، يمكن أن تواصل استهداف أي تحركات "مريبة" على الأرض تهدف إلى إعادة إحياء البرنامج النووي أو الباليستي.
حتى على مستوى زعزعة الحكم في طهران، وبعدما وجهت إسرائيل ضربات قاسية إلى الحرس الثوري – عصب النظام – قد لا يتبقى أمام إسرائيل الكثير من الأهداف لضربها، بما يبرر مواصلة الحرب المكلفة اقتصادياً وبشرياً. لذلك، من المرجح ألا تطول الحرب بوتيرتها الحالية كثيراً إذا امتنعت إيران عن الرد بشكل قوي على الهجمات الأخيرة.
"حرب أبدية"
ذكّر بنجامين زالا من جامعة موناش الأسترالية بأنّ إسرائيل ضربت مفاعل تموز النووي في العراق سنة 1981 مما أرجع البرنامج سنوات إلى الوراء، لكن في نهاية العقد نفسه، كان العراق قريباً جداً من برنامج مكتمل الأركان للأسلحة النووية.
لهذا السبب، قد تكون سياسة "جز العشب" حاضرة في الحسابات الإسرائيلية، كما كتب موناش، وكذلك، كما كتب روبرت كيلي، أستاذ في جامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية. لكن كيلي يضيف أنه مع تحول هذه السياسة إلى "دورات عدة من البناء والغارات"، أو إلى "حرب أبدية"، ستتكلف إسرائيل كثيراً على المستويين الاقتصادي والعسكري، ممّا يتطلّب دعماً أميركيّاً مستمرّاً قد لا تكون حتى الإدارة الجمهوريّة الموالية لإسرائيل مستعدّة لتمويله على المدى الطويل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
أستاذ علوم سياسية: الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية لـ "حفظ ماء الوجه" وليست تصعيدًا
في تصعيد جديد للتوتر بين طهران وواشنطن، أعلنت إيران تنفيذ ضربة صاروخية استهدفت قاعدة 'العديد' الأمريكية في قطر، وذلك ردًا على الهجمات الأمريكية الأخيرة التي طالت منشآت نووية إيرانية. لم تسفر الضربة عن خسائر بشرية، ولكن أثارت العملية ردود فعل واسعة وتساؤلات حول طبيعة الرد الإيراني وما إذا كانت الضربة تعد تحركًا عسكريًا أم رسالة سياسية موجّهة للداخل والخارج. قال دكتور أحمد وهبان عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، في تصريحات خاصة لصدى البلد الضربة التي شنتها إيران على القواعد الأمريكية في الخليج، وعلى رأسها قاعدة العديد في قطر، تأتي في إطار الرد الرمزي على العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة، والتي استهدفت مواقع ومنشآت نووية داخل إيران باستخدام قنابل 'بيتو' المعروفة إعلاميًا باسم 'قنابل يوم القيامة'. وأوضح دكتور أحمد أن واشنطن أعلنت أنها نجحت في تدمير المنشآت المستهدفة، في حين نفت طهران ذلك، مؤكدة أن المواقع كانت قد أُخليت مسبقًا من اليورانيوم المخصب، وبالتالي لم تُحقق الضربات الأمريكية أي نتائج فعلية. وأضاف عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية أن إيران حاولت الرد بشكل مماثل، لكن يلاحظ أن الضربة الإيرانية أيضًا استهدفت منشآت عسكرية يبدو أنها كانت خالية من الطائرات أو المعدات الأمريكية الثقيلة، خاصة بعد سحب الولايات المتحدة لطائراتها من قاعدة العديد قبل أيام قليلة. وأشار إلى أن هذا التوقيت يعزز فرضية أن الضربة الإيرانية لم تكن تصعيدًا حقيقيًا، بقدر ما كانت محاولة لـ'حفظ ماء الوجه' أمام الرأي العام المحلي، ورسالة داخلية تؤكد أن الحكومة الإيرانية ردّت على الاعتداءات الأمريكية بالمثل. ولفت إلى أن الإعلام الإيراني حرص على التأكيد على مبدأ 'الرد بالمثل'، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة استخدمت ست قنابل، بينما استخدمت إيران ستة صواريخ في ضرب قاعدة العديد، في مشهد أقرب للاستعراض الإعلامي منه إلى العمليات العسكرية ذات التأثير الفعلي. وفيما يتعلق برد الفعل الدبلوماسي، أشار المصدر إلى أن الخارجية الإيرانية شددت على أن الضربة لم تكن موجهة ضد الشعب القطري، بل استهدفت الوجود العسكري الأمريكي داخل القاعدة فقط، في محاولة لاحتواء أي توتر دبلوماسي محتمل مع الدوحة. وفي ختام تصريحاته، قال دكتور أحمد وهبان إن ما جرى لا يعدو كونه ضربة رمزية دعائية، لا يتوقع أن تغير كثيرًا في موازين القوى أو تفرض معادلة ردع جديدة، مشيرًا إلى أن الخطوة الأخطر التي قد تشعل المنطقة فعليًا، هي إذا قررت طهران إغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي من شأنه أن يشعل مواجهة شاملة أو على الأقل يوسع رقعة الصراع في الخليج.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
مسئول أمني إسرائيلي سابق: إيران ربما نقلت اليورانيوم المخصب قبل الهجوم
قال الجنرال يعقوب أميدرور، المستشار السابق للأمن القومي في إسرائيل، إن إيران قد تكون نقلت اليورانيوم المخصب من منشأة فوردو النووية المحصنة، وذلك استباقًا لهجوم أمريكي محتمل على الموقع. وأوضح أميدرور، في تصريحات أدلى بها للصحفيين يوم الإثنين، أن اليورانيوم المخصب الذي كان يُخزَّن في المنشأة كان على الأرجح محفوظًا داخل "أسطوانات قوية وكبيرة"، ما يعني أن هناك احتمالًا لبقائه سالمًا بعد القصف، وإمكانية استعادته من قبل الجانب الإيراني. وأضاف أن اليورانيوم الذي كان في طور التخصيب أثناء تنفيذ الضربة الجوية "من المؤكد أنه دُمّر"، إلا أنه يعتقد أن الإيرانيين "كانوا أذكى من أن يتركوا أي عملية تخصيب نشطة خلال الهجوم"، مرجحًا أن يكون كل اليورانيوم في فوردو قد تم تخزينه في الأسطوانات. وأشار أميدرور إلى أن القلق الإسرائيلي الرئيسي الآن يتمثل في الكميات من اليورانيوم المخصب التي لا تزال بحوزة إيران، وليس فقط في المنشآت التي تعرضت للهجوم. وتأتي هذه التصريحات في أعقاب ضربات جوية نفذتها الولايات المتحدة ضد مواقع إيرانية، بينها منشأة فوردو النووية، وسط تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
هل توافق إيران الجلوس على طاولة المفاوضات؟ مستشار بالمركز المصري للفكر يجيب
علّق الدكتور محمد مجاهد الزيات مستشار أكاديمي بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجيةعلى استهداف طهران لقاعدة "العديد" في قطر، في إطار ردها على الضربة الأمريكية لمُنشآتها النووية، قائلاً: "بيان قيادة الحرس الثوري الإيراني حدد أن الهدف هو ضرب قاعدة" العديد"، وذكر أن عدد الصواريخ التي أُطلقت يعادل عدد القنابل الأمريكية التي أُلقيت علينا، والرسالة معناها : خلصنا الموضوع، مع العلم أن القاعدة تم إخلاؤها منذ أربعة أيام." وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON: "تم استخدام صواريخ ليست من النوع الفرط صوتي وليست من الباليستية الخطيرة، وهذا يعكس قدرة قطر على التصدي لها. وأعتقد أن هذا مقصود حتى لا تتسبب الضربة في ضرر كبير يُحاسبون عليه." وتابع: "لم يُقتل أي جندي أمريكي داخل القاعدة، وبالتالي لم يتم تجاوز الخط الأحمر بالنسبة للرئيس الأمريكي ترامب. والبيت الأبيض أعلن منذ قليل أن الرئيس الأمريكي مستعد لعمليات عسكرية إذا لزم الأمر، وهذا يدل على أن الوضع لا يستدعي الرد حاليًا." وعن أنباء الصحافة حول علم واشنطن وقطر بالضربة عبر وسطاء، علّق: "لا نريد أن نأخذ الأمور بنظرية المؤامرة أنهم أخطروهم بشكل مباشر وقالولهم هنضربكم بعد شوية ، لكن هناك إشارات يمكن أن تُفهم، وليس بالضرورة أن تكون على شكل إخطار رسمي. مثلا الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عراقجي إلى موسكو ولقاؤه مع الرئيس بوتين ربما تم خلالها طرح نية القيام بعملية بهذا الشكل من باب الاضطرار . أو ربما بناءً على تقديرات روسية تم نقل الإشارة بعد القلاء الذي جمعهما . ومن الممكن أن قطر أخطرت و دول الخليج بوجود نية لاستهداف القواعد العسكرية الامريكية دون المساس بها وسلامة أراضيهم " واصل: "تم استخدام صواريخ سهلة الاستهداف، وبيان الحرس الثوري الإيراني يؤكد الاكتفاء بذلك، وواشنطن ستقبل بذلك، حيث تم تجميد البرنامج النووي الإيراني بعد الضربة الأمريكية. ومن ثم أدركت واشنطن أنها لم تتمكن من القضاء عليه تمامًا، والدليل أنه عندما سُئل رئيس الأركان الأمريكي عن اليورانيوم المخصب: أين ذهب؟ قال: نحتاج لأيام حتى نجده. وإسرائيل اليوم قامت بعمليات خشية من ذلك، ومن ثم وصلوا في الصراع إلى نقطة أقرب للتوازن تقبل من خلاله طهران الذهاب للتفاوض بحوافز." أكمل: "إيران تحتاج لحوافز حتى تقبل وقف إطلاق النار بينها وبين إسرائيل، ووقف الحرب في حد ذاته انتصار لطهران لأنها لم تبدأه، وسيبدأ رفع العقوبات عنها ووقف تجميد الأموال المصادرة في قطر، ومن ثم هذه حوافز يستطيع النظام الإيراني أن يروجها للداخل على أنه حقق إنجازًا."