أناشيدُ النَّصْرِ ديوان جماعيّ لشعراء من الوطن العربيّ
عمان
عن دار الخليج للنشر والتوزيع بعمان صدر حديثا ديوان شعريٌّ جماعيٌّ، بمشاركة شعراء من الوطن العربي، حمل عنوان «أناشيد النصر»، الديوان يقع في مئتين وعشرين صفحة من القطع الكبير، وشارك به مئة شاعر وشاعرة من شتى أقطار الوطن العربيّ، كان نصفهم من الأردنّ، كتب مقدّمة الديوان الدكتور إبراهيم طلحة، أستاذ اللسانيات في جامعة صنعاء اليمن، أعدَّ الديوان وحرَّره وأشرف عليه، الأستاذ الدكتور صلاح جرَّار والشاعر الأردنيّ سعيد يعقوب.
ويأتي هذا الديوان ضمن سلسلة من الإصدارات الشعريّة الجماعيّة، بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، سبقه ديوان رباعيات جنين، وديوان طوفان الأقصى، وديوان سلام على الشهداء، وهي دواوين تصوّر العدوان الصهيونيّ على قطاع غزة، وبشاعة حرب الإبادة والتطهير العرقيّ، ومحاولات تهجير سكان قطاع غزّة والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، والانتهاكات الصارخة للعدو الصهيونيّ، الذي ضرب عرض الحائط بكلّ الخطوط الحمر، والقوانين والمعاهدات الدولية، وحقوق الإنسان، مما أسفر عن ارتقاء ما يزيد عن خمسين ألف شهيد، جلُّهم من النساء والأطفال، وإصابة ما يزيد عن مئة ألف جريح، في ظلّ تجويع مستمر، وقطع لخطوط الماء والكهرباء، وحصار طويل للسكان المدنيين العُزَّل وعدم إدخال للمساعدات الإنسانية الأساسية، ممّا يشكل جريمة حرب مكتملة الأركان، تدينها الشرائع السماويّة والقوانين الأرضيّة، على مرأى ومسمع من العالم الذي يكيل بمكيالين.
وجاءت القصائد تحمل مضامين تصوّر بشاعة هذه الجرائم، وتتحدَّث عن الصمود البطوليّ للشّعب الفلسطينيّ على أرضه والتمسك بحقوقه، وتشيد ببطولاته في الدفاع عن أرضه وعرضه ومقدساته ووجوده، أمام آلة الحرب الصهيونيّة، وكان موقف الشعراء العرب واضحا لا لبس فيه، في انحيازهم من خلال هذه القصائد للحقّ الفلسطينيّ الصريح، ممّا يعكس وحْدَة الشّعور لدى أبناء الوطن العربيّ في ضرورة مناصرة الشعب الفلسطينيّ، والوقوف إلى جانبه، ودعمه بكلّ الوسائل والسُّبل، ولا سيما بالكلمة الشعريّة المُحَمَّلَة على جناح الفن والإبداع، ولما لهذه الكلمة من أثر في العقل والوجدان العربيّ والإنسانيّ.
ومما جاء في مقدِّمة الدكتور إبراهيم طلحة قوله: «.. كانت القضية الفلسطينية -وما تزال- قضية الأُمَّة كلها، وقضية أحرار العالم جميعًا، وقد قال فيها الشعراء ما قالوا منذ سنوات النكبة والنكسة إلى سنوات النضال والمقاومة، لكن ما قاله شعراء «أناشيد النصر»، وهو هذا الديوان الجديد الذي بين أيدينا، يأتي مكلَّلًا بشواهد البطولة والتضحية التي سطّرتها غزّة العِزّة، في مواجهة أعتى آلة حربية همجيّة شهدتها البشريّة.
إن هذا الديوان القيِّم لَيمثِّلُ بادرةً مسؤولةً من بوادر الحِراك الأدبيّ والثقافيّ، ونموذجًا منشودًا من نماذج تراصّ البنيان بين أبناء الجسد الواحد...»
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور صلاح جرار قد أصدر مؤخرا كتابا نثريا، تضمَّن مقالاته الصحفية التي نشرها بعد أحداث غزَّة الأخيرة في كتاب وَسَمَه بـ»صرخات نازفة» وأصدر ديوانا شعريا مناصفة مع الشاعر سعيد يعقوب حمل عنوان
«ضرية القرن» أمَّا الشاعر سعيد يعقوب صاحب ديوان «غزّة تنتصر» الصادر عام 2014 فقد أصدر بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 منفردا الدواوين التالية: «من مسافة صفر» و»لِلحديث بقيَّة» و»وَكَرَّةٌ خاسِرَة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الانباط اليومية
منذ 3 أيام
- الانباط اليومية
"مبادرة نون للكتاب" على موعد مع "تدريب على الغياب" للقاص طارق عودة
الأنباط - تعقد مبادرة نون للكتاب جلستها التاسعة والعشرين في مكتبة عبد الحميد شومان بجبل عمّان، وذلك يوم السبت الموافق 31 أيار 2025، في تمام الساعة السادسة مساءً. وتستضيف الجلسة القاص طارق عودة لمناقشة مجموعته القصصية "تدريب على الغياب". تقدّم القاصة سمر السيد المشاركين الرئيسيين، ونبذة عن المجموعة القصصية، كما يقدّم الناقد والروائي مراد سارة قراءة نقدية للمجموعة، ويدير النقاش الناقد أسيد الحوتري. يشارك في الفواصل الشعرية الشاعر العراقي سعد يوسف بمجموعة من القصائد. كما يُنقل النقاش ببث حي ومباشر عبر صفحة مبادرة نون للكتاب على فيسبوك. نبذة عن المجموعة القصصية: في مجموعته "تدريب على الغياب"، يقدّم القاص طارق عودة نصوصًا قصيرة جدًا، لكنها مفعمة بكثافة المعنى وعمق الدلالة. يختصر الكاتب الواقع بلغة شفافة تُلامس جوهر التجربة دون أن تستغرق في التفاصيل. السرد لا يخضع دائمًا للتسلسل المنطقي، بل يتعمّد أحيانًا كسره لإحداث صدمة فكرية غالبا ما تتخفى خلف قناع السخرية. لا تُعنى القصص ببناء شخصيات متكاملة أو رسم مشاهد مطوّلة، بل توجّه بوصلة القارئ مباشرة نحو الفكرة. ولعل أبرز سماتها هذا التركيز المكثّف، كما في قصة "أحزان شوكة"، حيث يُختزل الألم الاجتماعي في صورة رمزية خاطفة، أو في قصة "مسالك"، التي تعرّي فقر الإنسان بلغة عارية من الزخرفة. أما العنوان الرئيس للمجموعة، "تدريب على الغياب"، فيحمل في طياته ثيمة مركزية: غيابٌ واعٍ، ربما للعقل، أو للروح، أو للقيم. لكنه ليس غيابًا عابرًا، بل حالة وجودية تدعو القارئ إلى التأمل واتخاذ موقف. تُقدّم هذه المجموعة تجربة سردية لا تراهن على الامتداد، بل على اللمعة التي تضيء ما وراء الكلام، وتعيد تشكيل الواقع بأدوات فنية تراهن على الإدراك والدهشة معًا. نبذة عن المؤلف: طارق محمود يوسف عودة، قاص وكاتب أردني، وُلِدَ في مدينة السلط في 9 نوفمبر عام 1975، ونشأ وترعرع في الأغوار الوسطى (الشونة الجنوبية والكرامة). تلقى تعليمه المدرسي في مدارسها، وأنهى دراسته الثانوية منها. درس التحاليل الطبية، وعمل بها لفترة طويلة، ثم عمل أخصائي "تطبيقات مخبرية" في مبحث الدم والتخثر في شركة طبية، مما جعله يتنقل في معظم محافظات الأردن وقراها. شارك في العديد من الأعمال التطوعية، كما نشط في العديد من نوادي القراءة مثل: 13 تحت الشمس، انكتاب، بيت الحكمة، وآوت أند أبوت (Out and About). صدر له كتابان عن دار الخليج للنشر والتوزيع: - في انتظار الضوء (نصوص وأشياء أخرى) 2025 - تدريب على الغياب (قصص قصيرة جدًا) 2025 وله كتاب قيد الطباعة بعنوان "بديل دائم"، إضافة إلى أعمال (مخطوطات) أخرى لم تُنشر بعد. وهو عضو في رابطة الكُتّاب الأردنيين، وعضو في لجنة القصة والرواية، وناشط في مبادرة نون للكتاب. يشارك في إعداد مراجعات أدبية للإصدارات المحلية والعالمية من خلال مقالات تُنشر أو مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، كما يشارك في المعارض السنوية للكتب، ويُعد ناشطا فاعلًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 1. المحور الأول: عتبات النص. 2. المحور الثاني: خصائص القصة القصيرة جدًا في "تدريب على الغياب". 3. المحور الثالث: أشكال الغياب في "تدريب على الغياب". إضافة إلى محور مفتوح يتيح للمشاركين طرح ما يشاؤون حول القاص ومجموعته القصصية.

الدستور
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
طبعة ثالثة من ظلال وأصداء أندلسية في الأدب المعاصر
عمان عن دار الخليج للدراسات والنشر صدرت الطبعة الثالثة من كتاب ظلال وأصداء أندلسية في الأدب المعاصر في 194 ص تتقاسمها سبعة فصول في بابين اثنين. ففي الباب الأول يتناول الكتاب بالدراسة استدعاء النموذج الأندلسي في الشّعر مشيراً إلى بعض الشعراء والنصوص التي اتكأت على الرمز التاريخي الأندلسي والإسباني مفصلاً القول فيما يتراءى للباحث والدارس من رموز في شعر محمود درويش، بدءاً بمجموعته الشعرية الأولى «أوراق الزيتون» وانتهاءً بقصيدته المطولة: «أحد عشر كوكباً على المشهد الأندلسي» وبما أن لوركا يَعُدّ نفسه أندلسياً، وبما أن في شِعْره الكثير من الملامح والعادات والتقاليد العربية الإسلامية التي تتجلى في مسرحياته بوجه خاص، فقد تناول المؤلّف في الفصل الثاني تأثير مقتله في قصائد من الشعر العربي لشعراء عدّة منهم إبراهيم نصر الله، وعبد الوهاب البياتي، وسميح القاسم، وسعدي يوسف وأدونيس ومحمد عفيفي مطر وأحمد عبد المعطي حجازي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً وعمقاً تناول المؤلف في الفصل الثالث تأثير لوركا الأندلسي في شعر محمد القيسي. وانتفع في هذا التناول من منهج الدراسات التقابلية، والمقارِنَة، معتمداً على المجموعة المختارة من أشعار لوركا Selected Poems إلى جانب ما تُرْجم من أشعاره إلى العربيّة في أزمنة متباعدة، وعواصم عربية متعددة. وعلى الرغم من أنّ «قصيدة النثر»، أو ما يوصف عادة بذلك، لا تسهم في كثير من نماذجها باستدعاء النموذج الأندلسي، فقد لفت في الفصل الرابع الانتباه إلى نصٌّ شعري لأمجد ناصر صدر عن دار النهار في بيروت (1996) بعنوان «مرتقي الأنفاس» لا لكونه قصيدة نثر بل لما فيه من توظيف تطبيقي لفكرة القناع القائمة على الإفادة من شخصية أبي عبد الله الصغير – آخر سلاطين الأندلس- وقد ظهر بعض التطابق، وبعض الاختلاف، في قصيدتي درويش «أحد عشر كوكباً» وقصيدة أمجد ناصر «مرتقى الأنفاس» مما شجّع المؤلف الباحث على تناول الظلال الأندلسية في هذا النص من غير أن يغفل عن الطبيعة الرجراجة، والإشكالية، لقصيدة النثر، سواء من حيث مغالطات التعريف، أو إشكالية البنية. أما الباب الثاني فقد أفرده المؤلف لثلاثة فصول تناولت ما في الأدب الشعبي من أصداء أندلسية وإسبانية امتزجت امتزاجاً عجيباً ومدهشاً ولظل الأندلسية في ثلاث من الروايات المتردمة لكل من أنطونيو غلالا طارق علي وأمين معلوف وهو لبناني يكتب بالفرنسية وقد ترجمت روايته ليون الأفريقي للعربية وصدرت في بيروت. ومما يلفت الأنظار ما كتبه، ودونه، الأمريكي واشنطن ارفنغ (1783- 1859) في كتابه « قصص الحمراء» Al-Hambra Tales من حكايات تلقي الضوء على العلائق الوجدانية، والثقافية، والروحية،بين مسلمي الأندلس، والإسبان، سواءٌ في زمن الحكم العربي أو بعده. لاسيما تصويره العلاقات الغرامية التي تصل بين عربيّة وإسباني، أو إسبانيّةٍ وعربيّ، أو العكس. والتنبيه على روح التسامح التي سادت العلاقات بين الفريقين حقباً طوالاً من الدهر. ويضم الباب أيضاً بحثاً عن الرواية التي تتّخذ من الأندلس – زمن السقوط وبعده - محوراً لها. وفي هذا الشأن لا بأْس من الإشارة للفصل السادس الموسوم أصداء الأندلس وظلالها في ثلاث روايات ، إذ هو دراسة نصّية لروايات تتناول شريحة تاريخية واحدة، تجري وقائعها في السنوات التي تلت سقوط غرناطة عام 1492. ومن هذا المنظور التقابلي يتّضح لنا أن وجهة النظر Point of view التي تسيطر على الكاتب تحدد المصير النهائي للأحداث، والأبطال، وتجعل المحتوى الذي ينسجم مع وجهة النظر تلك مؤثراً تأثيراً كبيراً في بِنْية العمل الأدبي، وعلاماته الدلاليّة من شخوصٍ سردية، وأزْمنة، وأماكن، وعلاقاتٍ وسرود متقاطِعة تَمْزِجُ التّاريخ –بمفهومه المجرّد- بالمتخيّل الأدبي.وأوضح الفروق بين رؤى الروائيين الثلاثة تتجلى في أن الإسباني غالا حاول تصحيح الرؤية التاريخية لسقوط الأندلس وإعادة النظر في مسؤولية أبي عبد الله الصغير عن هذا السقوط وفي هذا يلتقي مع أمجد ناصر في نمرتقى الأتنفاس وأما طارق علي فقد أبرز ما قام به الأندليون من ثورات ضد الإسبان ولا سيما ما يعرف بانتفاضة البشرات. واختلف أمين معلوف عن الاثنين باختيار حبكة سردية فتحت للنموذج الأندلس أبي الحسن الوزان أفقا كونيا ترك بصماته في التاريخ الثقافي في العالم المتمدد على شواطئ المتوسط. وغير بعيد عن هذا السياق ما يجده القارئ في الفصل السابع والأخير عن ثلاثية رضوى عاشور الموسومة «بثلاثية غرناطة» وإذا كان لابدّ من ملاحظات يذكرها المؤلف - ها هنا - عن هذه الرواية فإن فيها الكثير مما هو مستوحى من رواية طارق علي في ظلال الرمان . يذكر أن الطبعة الأولى من هذا الكتاب صدرت عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق سنة 2000 وفي سنة 2010 صدرت منه طبعة ثانية عن دار مجدلاوي بعمان، التي أضافت للعنوان الأصلي عنوانا فرعيا وهو مساهمة في الأدب المقارن. وهذه هي الطبعة الثالثة التي تختلف عن الطبعتين بمزيد من التنقيخ والتدقيق في الهوامش، إذ اتضح أن الطبعتين السابقتين لم تخلوا من بعض الأخطاء الطباعية، وبعض النقص.

الدستور
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
«عودة القبرات» ديوان جديد للشاعرة تفاحة بطارسه
عمانعن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع بعمّان، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية، صدر حديثا ديوان شعر جديد للشاعرة الأردنية تفاحة بطارسه، يحمل عنوان «عوْدة القبّرات» يقع الديوان في مئتين وعشر صفحاتٍ، من القطْع المتوسط، ويتضمّن أربعين قصيدةً، جاءت على نمط شعر التفعيلة، وتعبّر عن هواجس الشاعرة وجدانيا ووطنيا وإنسانيا، وتظهر مكنونات نفسها عبر لغة شعرية شفيفة حالمة، تتكئ على الخيال والمجاز والانزياح ونسج متقن للصور الشّعرية المبتكرة، التي تفتح أمام القارئ أمداء شاسعة للتحليق في سماء الإبداع.الديوان الذي كتب مقدمته الشاعر سعيد يعقوب لم يغفل الهَمَّ الوطنيّ والقوميّ وما يجري في غزّة بلغة غير مباشرة ولا أثر للتقريرية فيها، وإنما من خلال الإيحاء والترميز نلحظ ذلك في قصيدة ظافر وجواد، وقصيدة خلف الحدود، وغيرها من القصائد، وممّا جاء في مقدمة الشاعر سعيد يعقوب للديوان قوله:«... قلتُ مرارا في مواطنَ كثيرةٍ إن علامة الكتاب الجيّد وآيته هي في الرغبة في إعادة قراءته بعد الانتهاء منه، وهذا ما رغبت به بعد قراءة هذا الديوان الماتع الرائع للشاعرة الفذة تفاحة بطارسة، فما الذي دفعني لإعادة قراءته مرارا وتكرارا، وكلما قرأته تجدّدت عندي الرغبة ألا ينتهي، لأبقى مسافرا فيه برحلة مع الجمال والسمو والنقاء، محلّقا في ذرا النشوة والمتعة والجمال، وحين أسأل نفسي هذا السؤال أجد الإجابة تكمن في أني وجدت فيه صدقا نفتقده في كثير ممّا نقرأ، صدقا مع النفس، وصدقا مع الحرف، وصدقا مع المعنى، وصدقا مع التعبير عن أدق خفايا النفس وهواجسها وحنينها وشوقها، ووجدت فيه نقاء يزيل عن النفس ما يَعْتَوِرُها من كَبَد الحياة وشقائها، ففيه بلسم للجراح ودواء للهموم وترياق للآلام كلّ ذلك وجدته في هذا الديوان وأكثر، فنحن إزاء شاعرة مرهفة وشفيفة صادقة ونقيّة وصاحبة تجربة عميقة مع الحرف والكلمة والموقف، تمثّلت في عدد من الدواوين السابقة التي نشرتها، واطَّلعتُ عليها، وكان هذا رأيي في ما كتبَتْه وتعزّز إيماني بهذا الرأي في هذا الديوان الجميل، ولطالما قلتُ إن الشعر هو الشاعر نفسه وترجمان أمين على نبض روحه، وصدق إحساسه ونبل عواطفه، ولا فصل بين الشاعر وشعره، إلا إذا أمكننا الفصل بين النسيم والعطر وبين الخمرة ومذاقها والوتر والأنغام والزهرة ولونها والشعاع وبريقه، والشعر هو نعمة السماء للإنسان وهدية الطبيعة للأرواح، فهو ملاذه حين تنكدر الحياة وتسْوَدُّ آفاقها ويهدر ضجيجها ويكثر شرها، فهو القيثارة التي توضع بين يدَي الأرواح المنكسرة والقلوب المحطَّمة، والنفوس الجريحة والعقول الرافضة للظلم والهوان والقبح والذل، لتنفث عبرها ما تحس به من رضا أو غضب، ومن فرح أو حزن، ومن أمل أو ألم، وهو العالم الموازي الذي يخلقه الشاعر لواقعه المرفوض ليصنع من خلاله جنته التي يشيدها بأحلامه ورؤاه، ويوشيها بأمانيه وعواطفه، ويزنّرها بأزهاره الحالمة وورده العاطر الشذيّ، ويُجري فيها الأنهار الدافقة، ويزرعها بأشجار خياله الباسق، ويملأ أمداءَها بأناشيده المقدَّسة، وهو حين يفعل ذلك لا يسير في طريق الخلاص لنفسه فقط، وإنما يجذب إليه كلَّ المتعبين الذين يبحثون عن الخلاص ويتطلعون إليه، بل نذهب أبعد من ذلك إذا قلنا إن الشعر شفاء لِما في الصدور، ودواء للأعصاب المنهكة، وراحة لما في العقول المتعبة، وأمان للنفوس المكدودة..».ومن عناوين القصائد في الديوان نقرأ: عودة القبّرات، القربان، الشقيقان ظافر وجواد، نداء القلب، سراب، الصرخة، اغتراب، وهم واستسلام ...، ومن قصيدة بعنوان ألا تدري نقرأ: ألا تدري بأن الأسْر في عينيكَ أمنيتي/ وأن الدفء بين يديكَ محرقتي/ ونبض الشوق في جنبيكَ أوردتي/ وتلك الأحرف الحيرى على شفتيكَ مصباحي وقنديلي بليل التّيهِ إذْ أسْري لبحر التّيه في عينيكَ أغنيتي...