
عيد الغدير
يمني برس – بقلم – أحمد يحيى الديلمي
الجهل بالشيء ربما يكون مقبولاً أحياناً لأنه ناتج عن عدم فهم أو أُمية مطلقة، لكن هذه الصفة إذا كانت مسبوقة بعمليات تجهيل مسبقة تؤثر على الذاكرة فإنها معضلة، هذا ما حدث مع بعض من يدَّعون أنهم مثقفون في مقيل طويل عريض، تحدثوا طويلاً عن الغدير وقالوا: إنه بدعة ابتدعها الحوثي 'بحسب وصفهم' لم أشارك في الحوار لأنني وجدت الحاضرين كلهم على درجة عالية من الغباء، يتحدثون عن حالتين ولم يفرقوا بين مسمى واحد حولوه إلى مسميين بحسب قولهم عيد الولاية وعيد الغدير، لم يدركوا أن المسمى هو لشيء واحد إلا أن التسميات اختلفت تبعاً للحديث الذي يدور.
فالغدير يعود إلى المكان التي تمت فيه الواقعة، والولاية ناتج عن ما صدر من الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما قال: 'اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه…إلخ' هذا الحديث المتواتر الذي قال معظم من ذكره أنه استغرب من كثرة المصادر التي أوردته وأكدته، مع ذلك نجد من يقول إنه دكتور في الجامعة يتحدث عن الموضوع وكأنه مختلق أو مدسوس على الرسول وهذه هي الكارثة الكبرى.
كما قُلنا التجهيل المتعمد هو أكبر معضلة حدثت للأمة، لأنه أثرَّ على الهوية والقيم والمبادئ والأخلاق، وأصبحنا نستمد هذه المقومات الأساسية من الغرب أو من مدارس فقهية مغلوطة كما هو حال الوهابية.
وهنا لابد من إيضاح حقيقة هامة تتعلق بهذه الواقعة ، فالغدير كما نعرف واقعة تمت بعد حجة الوداع، وبعد أن حدد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين المعالم الأساسية للحياة ، بقي الجانب الأهم المتعلق بسياسة الحكم وعند عودته وقف في المكان المعروف بغدير خُم، وطلب من المسلمين التجمع امتثالاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) في المقطع الأخير من الآية دلالة على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يتهيب الموقف ويخشى من احتجاجات بعض أصحابه ، مع أن الله سبحانه وتعالى قد مهَّد للأمر بحادثة سابقة عندما كلف الإمام علي عليه السلام بالذهاب إلى مكة للتبليغ بآيات البراءة التي كان قد حملها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، إلا أن جبريل هبط إلى الرسول وأخبره أن هذه الآيات لا يبلغها إلا أنت أو أحد من أهلك، ومع أن أبا بكر سلَّم بالأمر وأعاد الرسالة إلى الإمام علي إلا أنه يأتي بعد مئات السنين شخص مثل ابن تيمية ليقول في كتابه 'منهاج السنة' (إذا كان الرسول قد عمل هذا الشيء فإنه عنصري) تصوروا أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم خير البرية من أنقذ البشرية من الضلالة عنصري في نظر ابن تيمية، لا لشيء إلا أنه حاقد على الإمام علي -كرم الله وجه-، مع أن الواقعة تقدم دليلاً واضحاً على سياسة الحكم كمهمة خاصة منوطة بالرسول أو أحد من أهله.
ثم جاء يوم الغدير ليؤكد نفس المعنى حتى أن عمر بن الخطاب خاطب الإمام علي قائلاً: 'بخٍ بخٍ يا بن أبي طالب لقد صرت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة' مع ذلك جاء من يعارض هذه الواقعة بل وينكرها في أزمنة لاحقة ، وهذا سبب ضياع الأمة وتخلفها وتحولها إلى مجرد صدى للأمم الأخرى كما هو الحال الآن ، وصندوق جباية للدول المتقدمة وعلى وجه الخصوص أمريكا، ولو أن المسلمين سلَّموا الأمر الله واتبعوا هدي رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لظلوا في نفس المكانة التي حققوها بعد الدعوة الإسلامية وأسسوا أكبر دولة في العالم، لكن هوى النفوس وتغلب المصالح والأنا ظلت محفوفة بالموروثات الجاهلية المتخلفة، وجعلت الأمور تسير باتجاه أخر وجعلت الأمة ترزح في هذه المكانة المتدنية مع ما تمتلك من ثروات زاخرة، إلا أنها للأسف تحولت إلى مصدر هدم لذاتها من خلال الانقياد لنزوات المترفين على شاكلة منظمات الإرهاب التي صنعتها أمريكا باسم الإسلام، أو القوى المتغطرسة الكبرى التي ترى في الإسلام مصدر شر.
المهم.. إني آليت على نفسي أن أوضح هذه الحقائق، لكي لا يظل الغباء هو السائد بعد ذلك المقيل المشؤوم، الذي شعرت فيه بالحزن على الدين والأمة والخوف على مستقبل الأجيال 'لا سمح الله'.
أكتفي بهذه النبذة لعلَّ الحليم يفهم، والله من وراء القصد..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وضوح
منذ ساعة واحدة
- وضوح
مركز أبحاث أمريكي: الإسلام الأسرع نمواً في العالم واليهود لم يبلغوا أعداد ما قبل الحرب العالمية
مركز أبحاث أمريكي: الإسلام الأسرع نمواً في العالم واليهود لم يبلغوا أعداد ما قبل الحرب العالمية عدد المسلمين ارتفع بنسبة 21% بين عامي 2010 و2020 كتب – محمد السيد راشد في تقرير عالمي جديد يرصد المشهد الديني والديموغرافي، كشف مركز 'بيو' الأمريكي للأبحاث أن الإسلام هو أسرع الأديان نموًا في العالم، فيما لم يتمكن اليهود بعد من استعادة أعدادهم التي كانوا عليها قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، رغم مرور قرابة ثمانية عقود نمو لافت في عدد المسلمين عالميًا جاء في التقرير أن عدد المسلمين ارتفع بنسبة 21% بين عامي 2010 و2020، حيث ارتفع عددهم من 1.7 مليار نسمة إلى نحو ملياري نسمة، وهو ما يضع الإسلام في صدارة الأديان من حيث معدل النمو السكاني العالمي. تراجع النمو بين اليهود وعدم استعادة ما قبل الهولوكوست في المقابل، أشار التقرير إلى أن عدد اليهود لم يزد خلال الفترة نفسها إلا بنسبة 6% فقط، حيث ارتفع من 13.9 مليون نسمة إلى نحو 14.78 مليون نسمة، وهي نسبة تقل عن متوسط النمو السكاني العالمي البالغ 12%. وبذلك، لا تزال أعداد اليهود أقل من مستويات عام 1939 التي بلغت نحو 16.6 مليونًا قبل أن تتعرض للتراجع الحاد جراء الهولوكوست النازي. مقارنة بالمسيحية أما المسيحيون، فقد شهدوا نمواً في العدد من 2.1 مليار إلى 2.3 مليار نسمة في نفس الفترة، مما يضع معدل نموهم قريباً من النمو اليهودي، ولكنه أعلى قليلاً من حيث الأرقام المطلقة. التعريفات المختلفة لليهود في الإحصاءات أوضح التقرير، نقلاً عن الخبير الديموغرافي البارز سيرجيو ديلا بيرغولا من الجامعة العبرية في القدس، أن التعريف المستخدم لليهود يؤثر بشكل كبير على الإحصاءات. ففي حين يعتمد مركز 'بيو' على تعريف ديني بحت، يقدم بيرغولا تصنيفات أوسع، تشمل: اليهود الأساسيون : 15.7 مليون شخص ممن يعرفون أنفسهم يهودًا دينيًا أو ثقافيًا أو عرقيًا. أبناء أحد الأبوين اليهود : 18.8 مليون شخص. ذوو الخلفية أو الروابط اليهودية : 21.8 مليون شخص. المؤهلون للهجرة إلى إسرائيل بموجب 'قانون العودة': 24.8 مليون شخص. التوزيع الجغرافي لليهود أظهر التقرير أن اليهود يتركزون بشكل رئيسي في إسرائيل والولايات المتحدة: 46% (نحو 6.78 مليون شخص ) يعيشون في إسرائيل. 39% (نحو 5.7 مليون شخص ) يعيشون في الولايات المتحدة. بقية التوزيع يشمل: فرنسا: 460 ألفًا كندا: 350 ألفًا المملكة المتحدة: 300 ألف الفروق السكانية بين يهود إسرائيل ويهود الشتات أبرز التقرير وجود فروقات ديموغرافية واضحة بين يهود إسرائيل والشتات. ففي إسرائيل، تُسجل معدلات مواليد مرتفعة، خاصة بين فئة المتدينين واليهود الحريديم (أشد طوائف الأرثوذكسية محافظة)، حيث يبلغ معدل الخصوبة 3 أطفال لكل امرأة، وهو رقم استثنائي بين الدول المتقدمة. أما في الشتات، فقد ظلت معدلات الخصوبة لعقود أقل من المعدلات الوطنية للدول المضيفة، غير أن اتجاهاً معاكساً بدأ في الظهور، كما هو الحال في المملكة المتحدة، حيث بدأ عدد اليهود في الارتفاع مجددًا بفضل ارتفاع خصوبة الحريديم. تحوّل مفصلي في التوزيع العالمي لليهود توقع ديلا بيرغولا أن يشهد العقد القادم تحوّلًا كبيرًا، يتمثل في إقامة نصف يهود العالم على الأقل في إسرائيل، معتبرًا ذلك 'إنجازًا تاريخيًا'، رغم أن بعض المراقبين لا يتفقون بالضرورة مع هذه النظرة التفاؤلية.


الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".. معانٍ رائعة يكشفها علي جمعة
أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء معاني رائعة في قوله تعالى " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" وقوله تعالى "إن مع العسر يسرا "، وقوله صلى الله عليه وسلم "كان إذا خير بين أمرين.. اختار أيسرهما"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إما بعثت بالحنيفية السمحة"، و"اسمح.. يسمح لك" معقبًا: "كلها أحاديث صحيحة". وأضاف الدكتور علي جمعة خلال لقاءه ببودكاست "مع نور الدين" المذاع عبر قناة الناس، أن كل هذه الأحاديث والآيات القرآنية رسمت لنا معالم الشريعة، لافتًا إلى أن الاختيار الفقي لابد منه وإلا وقعنا في مصائب لا حصر لها"، معقبًا: "الاختيار الفقهي بدأ في الدولة العثمانية ".


الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
عاجل.. "الداخلية الليبية" تنفى وقف مسيرة الصمود: طلبنا إبراز التأشيرات من مصر ولم يقدموا شيئًا
نفت وزارة الداخلية في الحكومة الليبية، ما تم نشره عبر المواقع الإخبارية، عن وقف القافلة الجزائرية التونسية المعروفة باسم "مسيرة الصمود"، بلا سبب في سرت، مؤكدة أنها طلبت منهم إبراز تأشيرات وموافقات من مصر، ولم يُقدَّم شيء حتى الآن. وقالت وزارة الداخلية، إن الحكومة والقيادة العامة جهزتا دوريات مرافقة ونقاط استقبال في سرت وأجدابيا، وتفاجأت بعدم حيازة بعض المشاركين أي أوراق ثبوتية. وأضافت: "جوازات سفر بعض المشاركين منتهية، وأخرى على وشك الانتهاء، ولا تتيح لهم عبور أي دولة، وبعضهم لا يملك جوازات أصلًا ولا نعلم كيف سمحت حكومة الدبيبة بدخولهم من رأس أجدير بالمخالفة للقوانين الليبية بشأن سريان جوازات السفر". وتابعت: "رصدنا نبرة عدائية غير مبررة لمنظمي القافلة منذ اللحظة الأولى لوصولهم أطراف سرت وبعضهم يردد عبارات "أعداء الله وطواغيت"، وتعليماتنا هي السماح بعبور وضيافة كل من يملك تأشيرة على جواز سفر ساري المفعول، تنفيذًا للقوانين المحلية واتفاقيات عبور الأفراد بين الدول، وتفاجأنا بأن القادمين لا يملكون أيًّا من هذه المتطلبات". واختتمت وزارة الداخلية الليبية: "نحن لا نسمح بعبور مواطنينا لمصر دون إجراءات، ومصر كذلك لا تسمح بعبور مواطنيها إلينا بالمثل، والجزائريون والتونسيون ليسوا استثناءً من القوانين المنظمة لحركة الأفراد".